"الفصل الثامن والثلاثين خرجت سارة لتبحث عنه فقد تأخر فى العودة كثيرا بعدم خرج مع جاسر ولم يعد بعدها ، اتجهت للسياج الحديدى الفاصل بين بيتهما ، وجدته يجلس على السلم الامامى للفيلا ويقف أمامه جلال يتحدثان ، عندما رأاها أشارت له على الساعة فقد تعدت الحادية عشر ، فأشار لها بالدخول وأنه سينهى حديثه و سيتبعها ، ففعلت ثم أكمل حديثه مع جلال ... يعنى حضرتك شاكك ولا متأكد ؟ ...متأكد منين ياجلال، ده كله مجرد كلام ، فى رباط بين كل دول ، انا مش فاهمه، حسب خبرتي مع العيلة دى ، أهم مبيبقوش فى الحالة دى غير لما بيكونوا منتظرين أن حد هيأذيهم، واللى متأكد منه أن حالتهم المادية متسمحش بده كله ، لأنى دمرت اهم مصادر فلوسهم ومكانش عندهم رصيد كفاية، اللى عايزه منك بقى ، تقلبلى فى الموضوع ده كله وتفاصيله من كام شهر فاتو، وتتابع برده كل اللى انت شغال فيه ، متنساش حاجة ، ووظف ناس جديدة لو عايز ، عايز اعرف الفلوس دى جاتلهم منين بالظبط ، والأهم هم خايفين من ايه بالظبط ، ماشى. .. ...طبعا يافندم ... ...عملت ايه فى موضوع هشام .. ...جاهزين ومستتيين حضرتك ... ...كويس ، هطلع اغير هدومى واجيلك على طول ... ...هستنى حضرتك فى العربية ... ********************* ....ممكن أفهم اكتر انت رايح فين دلوقتى ... ...قلتلك ياسارة ، ساعة وراجع ... ...برده مفهمتش. .. ...خلاص بقى ياسارة ، مش هتأخر. .. ...ياأحمد مينفعش كدة ، انت خارج من المستشفى امبارح ، انا خايفة تتعب. .. ...متقلقيش ، انا كويس ، بس فى حاجات كتير اوى اتلخبطتت ياسارة ، ولازم تتصلح والا هخسر كتير ، وأنا مبحبش اخسر وانتى عارفة ... قبلها من رأسها وخرج ، وقفت سارة تتبعه بعينها حتى خرج والقلق يأكل قلبها ، هى تعلمه جيدا، لن يرتاح ابدا قبل أن يتحكم فى خيوط كل من حوله مجددا ، ************************** قضت هيا ليلتها مع هشام فى بيته على غير العادة ، فقد كانا دائما ما يذهب هو لها فى غرفة الفندق الذى تقيم فيه ، فهى من عشاق الفنادق ، كانا نائمين وهما عاريين تماما ، جلس هو على كرسى مقابل لسريرهما ، أشار لأحد الأشخاص فتقدم بمنديل فى يده ووضعه لثوانى على أنف كل منهما ، فبدأا يتململا فى مكانهما، هشام هو من فتح عينيه واستطاع التركيز أولا ، أصابه الذهول من الوضع الذى هو عليه أمام ابن عمه ، وفى الفترة الأخيرة الشخص الذى يمقته ويغار منه فى كل من حوله . التقت عينيه بعين أحمد المتعلقة به أكثر من النائمة بجانبه ، فهى لا تهمه أكثر من هشام ، فهو ابن عمه ، ابن عمه الذى انفصل عن العائلة فى يوم من الأيام مثله ، ابن عمه الذى أعطاه الكثير و ساعده ووقف فى وجه جده من أجله ، والآن ابن عمه الذى انتابه الفرح مما حدث له ، يتآمر ضده مع طليقته بل ويعاشرها من أجل تدعيم ما يريد . لم يستطع الحديث لثوانى وهو يواجه العين المملوءة باللوم والعتاب الممزوج بالغضب ، ، حتى فتحت عينيها هى وانتبهت لما يحدث حولها ، شدت الغطاء لتستر جسدها به وتقول ، ... احمد ؟ ! أشار أحمد للرجلين الواقفين بجانبه أن يخرجا ، فإمتثلا لأمره ، ثم التفت لها ، ...اذييك ياهيا ، تصدقى وحشتنى وساختك أوى ... ...أنت انت ، دادخلت هنا أذاى ؟ ابتسم بسخرية من سؤالها ، ...إذا مكنتيش عشتى معايا 3 سنين وبتشتغلى معايا من 5 سنين ، يعنى عارفة انا بقدر اعمل ايه كويس ، قومى البسى واتكلى على الله ، انا مش جاى عشانك انهارضة ، انتى حسابك بعدين ... حاولت لف جسدها أكثر ، فضحك بقهقهة عالية وقال ... بتدارى ايه ، انتى نسيتى أنى عجنت اللى انتى بتداريه ده قبل كدة كتير ، مش انا بس ، ده الف واحد غيرى ... ثم التفت لهشام وقال. ... وهشام رقم الف وواحد ... اغضبت كلماته هشام رغم علمه بحقيقة ما قاله أحمد بل وأكثر ، وقف أحمد ... عموما انا نازل ، البسى ياحلوة براحتك ، وتخلصى وتمشى على طول ، فى عربية برة مستنياكى برة توصلك، انا عارف انك جاية معاه فى عربيته. ... ثم التفت لهشام قائلا ...وانت كمان ، البس وحصلنى على تحت ، اصلى قرفان من منظرك كدة ... تركهم فى حالة من الذهول الكامل وخرج ، وقف هشام وبدأ يرتدى ملابسه وهو غارق فى التفكير فيما فعل أحمد وما يريده منه الآن ، اما هيا مازالت فى مكانها لم تتحرك ، ...تفتكر عرف حاجة ... ..معرفش ، ادينى هشوف ... ...تبقى مصيبة لو كان عرف .. ...وانتى خايفة ليه أن شاء الله ، اخرك هيفض المشاريع اللى بينك وبينه ، الدور والباقى عليا انا ... ثم تركها وخرج نزل السلم ، أشار له أحدهم على المكتب ، فاتجه صوبه ، كان يقف على أحد الكراسى الجانبية بعيدا عن المكتب نفسه يتحدث فى هاتفه ..... قربت اخلص ، لا مش كتير ،، خلاص بقى ،، كويس ياستى والله ،،، طيب ،، انتى بقيتى لحوحة اوى على فكرة، ههههههههه، ، 10 دقايق ، وكمان 10 للطريق ، تلت ساعة ، تمام ، ماشى ، باى. ... كان واضحا تماما لهشام مع من يتحدث ، ولم ينقصه إلا ذلك ، فهى من أهم أسباب غضب هشام من أحمد ، رغم تخليه عنها فى الفترة الأخيرة بأمر من جده ، إلا أن سارة بالنسبة له كالفاكهة الممنوعة التى أجبر على عدم أكلها من أجل شئ آخر ، وقد كانت من أهم أسباب بعده عن المستشفى أثناء غيبوبة أحمد ، حتى لا يلتقيها هناك . ...هتفضل واقف كدة كتير ، اقعد ، هم كلمتين وخلاص ... جلس هشام بهدوء ... مكانش فى داعى لكل اللى عملته ده ، كان ممكن تقوللى ببساطة انك عارف أنى مصاحبها ... ...أذاى بقى ، وافوت على نفسى المنظر الرائع ده ، متجيش ، إحمد ربنا أنى مجتش قبل ما تناموا ، على الأقل كان هيبقى المنظر مثير ، مش كان مثير برده ياهشام ، ولا ايه ... ...كفاية كدة ياأحمد ... ...أيه ، دايقك كلامى ، عموما هم كلمتين جاى اقولهوملك عشان ملومش انا نفسى فى اللى هعمله فيك بعد كدة ، عشان انا لسة باقى عليك ، مهما كان اللى انت ناوى عليه مع هيا ، انهيه فورا ، هيا متفرقش معايا كتير ، انت اللى تهمنى ... ...بتهددنى ياأحمد. ... ...لو شايف أنى كدة بهددك تبقى غبي، انت عارف كويس انك متقدرش تتحدانى أو تعادينى، فاحسنلك تبقى معايا مش ضدى ، أو على الأقل خليك حيادى تماما ، متدخلش نفسك فى الدايرة دى ياهشام، لأنى مش هرحم حد فى الفترة اللى جاية ، وأنا مش عايزة اأذيك .... وقف أحمد وهو ينهى كلامه ... صحيح انا معرفش انت بتعمل ايه بالظبط ، لكن مهما كان اوقفه حالا ، وهعدى اللى حصل، لكن لو كملت فى اللى انت ماشى فيه ، وأنا عرفته، مش هيبقى ليك دية عندى ياهشام ، وهضيعك بجد ، سلام ياابن عمى .... خرج أحمد وتبعه بعض رجاله ، وكان جلال ينتظره فى الخارج مع الآخرين ، وهو فى اتجاهه للخارج أخرج تيليفونه واتصل بأحد الأرقام ... حلاوتك كدة وانت فى البيت من المغرب ... ...ههههههههه ، على أساس انك فى الشارع، ما خلاص ،دخلت القفص انت كمان ... ...لا وحياة امك فى الشارع ... ...بتتكلم جد ، لحد دلوقتى ، ازاى ياابنى انت لسة تعبان ... ...والنبى متتكلمش زييها ، هستناك بكرة فى المجموعة، عايز ضروري. .. ... ماشى ، بس يلا روح لو سمحت، دلوقتى. . ... متبقاش خنيق انت كمان يامازن والنبى. .. ... أنا عارف انك مش هتسمع الكلام ، وليا كلام تانى مع سارة لما اشوفها. .. ..تصدق انا غلطان أنى كلمتك ، مستنيك بكرة ، سلام ... ************************* أصاب الإرهاق جسده بشكل كامل ، حتى أنه غير ملابسه بصعوبة ، ساعدته حتى استلقى على السرير واغمض عينيه ، اتجهت هى للحمام لتغير ملابسها ، عندما خرجت كانت ترتدى منامة قطنية بيضاء من قطعة واحدة بدون أكمام وتصل لأعلى من ركبتيها، تحدد ملامح جسدها بوضوح رغم اتساعها النسبى ، فهى تظن أن مثل هذه الملابس سوف تدارى جسدها عنه ، فبالتالي تناسب الموقف الحالى . اخذ يتبعها بعينيه دون أن تلاحظ ، أخذت تجفف شعرها المبتل ، ثم مشطته ، واتجهت للسرير، فوجئت به مازال مستيقظا وعلى وجهه ملامح جادة جدا وهو يقول ...أنتى هتنامى جمبى كدة ... انقبض قلبها من كلامه ظنا منها أن مظهرها سيئا بما ترتديه ، أكمل هو بنفس التعبير على وجهه ...عارفة ياسارة ، انا محتاج قدرة قد ايه عشان اسيطر على نفسى ، وأقدر اعدى الشهر إلى انتى محددهولى انتى والدكاترة بتوعك ، واحمدى ربنا أنى عندى مشاكل كتير فى الشغل ، شاغلة دماغى والا والله ماكنت هقدر على أسبوع واحد منهم ، تقومى حضرتك بكل دم بارد ، تلبسى كدة ، وعايزة تنامى جمبى عادى ، ومطلوب منى أنى ميكونش ليا رد فعل على الموضوع ده .... أخيرا فهمت ما يرمى إليه بكلامه ، تنفست الصعداء، وابتسمت وهى تضربه بخفة على كتفه ، ...خضتنى ، انا قلت انا لابسة شوال ولا ايه ... ...تصدقى والله فكرة كويسة ، انا عايزك تلبسى شوال فعلا ، مع انك هتكونى برده زى القمر ... رفعت الغطاء واندست تحته وعدلت زراعيه ونامت على كتفه وهى تقول ... عقابا ليك ، هنام كدة ، وفى حضنك برده ، وانت هتنامى مؤدب ومش هتعمل حاجة ... ...بذمتك والنبى ده عدل ... ...أنا ذمتى تراك خيل على فكرة .. ...هههههههههههههههه، حرام عليكى ... ...أنا راضية اشيل الذنب ياسيدى ، ولا أقوم انام فى حتة تانية ... لف ذراعه حولها وهو يقول ... لأ وعلى ايه ، احسن من مفيش خالص .... ...هههههههههههههههه ، ناس مبتجيش غير بالعين الحمرا ، المهم ، مش هتقوللى مشاكل ايه ... ...متسغليش بالك ، أفهم انا بس الأول وبعدين أبقى اقولك ... اغمض عينيه وهو يفكر فى العشرة أيام ، مجرد عشرة أيام افلتت زمام كل خيوط مملكة قد وضع أساسها وبدأ فى بنائها، لكن يكاد يضع طوبة واحدة إلا ويجد الف يد تزيلها مرة أخرى ، يتبع" "ذكريات إمرأة ............ الفصل التاسع والثلاثون ... وبعدين ياأحمد ، ده كدة هيضيع نفسه ... ... أنت بتسألنى انا ، أمال انا بعتلك ليه ؟ ... منا مش عارف ، وانت عارف هشام اصلا ، يبان طيب ، لكن الحقيقة أنه عنيد جدا ، وبعدين فى الفترة الأخيرة دى وتصرفاته مبقتش تعجبنى ولما حاولت اتكلم معاه بدأ يبعد عنى ... ... يعنى من الاخر يامازن ، مفيش حل ، يعنى أتصرف انا ... ...لأ لا تتصرف انت ايه ، سيبنى أتكلم معاه الأول ، يمكن يرجع ، بس انت لسة مش متأكد هو ناوى على ايه ... ... معرفش ، بس حاول تبعده عنى فى الوقت الحالى يامازن ، انا على أخرى اليومين دول ، واللى هيقف قدامى هأذيه مهما كان هو مين ... ... إن شاء الله هتصرف ... خرج مازن من مكتب أحمد وهو لا يعلم حتى ما سيفعله مع هشام ، كل ما يعلمه انه لابد أن يبتعد هشام فى الوقت الحالى عن احمد تماما وان لا يستفذه بأى شكل حتى لا تتطور الأمور بينهما . انحنى أحمد للأمام وسند بيده على مكتبه ، وأخذ ينقر بقلم فى يده على زجاج المكتب وهو يفكر لثوانى، وضع القلم من يده وامسك بهاتفه وبحث عن أحد الأرقام وضغط زر الإتصال ووضع الهاتف على أذنه ، ثوانى وانفتح الخط ، .... Hi Mady how are you now ?. .. ... fine ,I need you her Gena ... (احتاجك هنا ) ... in Egypt ... ( فى مصر ) .. yea, but hurry up , you have two days to prepare yourself ... ( ايوة ، بس بسرعة ، ادامك يومين تجهزى فيهم نفسك ) اتم جملته واغلق الهاتف دون إلقاء اى تحية وألقى بالهاتف أمامه على السطح الزجاجى للمكتب ، كانت هذه جينا روبينسون ، مديرة أعماله فى الولايات المتحدة والمسؤولة الأساسية هناك عن كل القرارات فى غيابه ، جينا امرأة أربعينية من أم مصرية وأب أمريكى مسلم ، تتحدث المصرية جيدا جدا وكأنها قضت حياتها فى مصر رغم أن وجودها فى مصر قليل متمثل فى زيارات قليلة لوالدتها، كانت سكرتيرة لجدته فى بداية توظيفها ، ومع الوقت نالت ثقة جدته بكاملها ، بل أوصت أحمد أن يثق هو الآخر بها ، وبالفعل بل وأكثر ، وبمرور الزمن تزداد ثقته بها ، فهى مخلصة تماما له ولعملها ، والأكثر انها تمتلك درجة عالية جدا من الذكاء الاحترافي يمكنها وبسهولة إيجاد أكثر من حل للمشكلة التى تقف أمامها ، وجد أحمد انه من الأفضل أن تعمل جينا لديه بنسبة من الأرباح وليس بمرتب ثابت ، وذلك من أجل التشجيع ورضاء نفسها ، والأهم ايفاء منه على وصية جدته . يحتاجها هنا الآن من أجل حل مشكلة المصانع والمشاريع التى اوقفها بسبب تغيير جده والمجموعة فى شروط تشغيل هذه المشاريع بعد استغلال حادثته وفترة غيبوبته ، فللأسف لم يعد يثق فى احد الآن فى المجموعة بالكامل ليساعده فى اتخاذ القرار . &&&&&&&&&& دخل طلعت بعدما طرق الباب ، كان أحمد مستندا بظهره ورأسه على الكرسى ومغمضا عينيه من شدة الإرهاق والألم الذى يهاجمه الآن ، .. احمد بيه ... رد دون أن يتحرك أو يفتح عينيه ... إيه ياجلال ... .. حضرتك كويس ... ... أه كويس ، انده نادية من برة ... ... حاضر يافندم ... كانت نادية هى السكرتيرة الثانية لمكتبه ، وبالنسبة له كانت نادية أهم من الأخرى ، تحدث معها أحمد وهو على نفس وضعه ومغمضا لعينيه، فالألم بدأ يزداد . ... أيوة يافندم. .. ... المواعيد اللى عندك ايه انهارضة ... . ..حضرتك كنت مفضى نفسك انهارضة للمرور على المصانع ، والساعة 5 اجتماع مع مديرين المشروعات الجديدة ... ... أنا همشى دلوقتى ، وابعتيلى المديرين كلهم على البيت ... ... بيت نورالدين ... ... لأ ، التجمع ، عليكى تبلغيهم وبس وملكيش دعوة بالباقي. .. .. حاضر يافندم ... ...اتفضلى انتى ... ... بعد إذن حضرتك. .. حاول أحمد رفع رأسه ، لكنه أحس بصداع ودوخة شديدة، هذا بالإضافة للألم الموجود فى صدره ، اقترب منه جلال ليساعده ، وقف أحمد وبصعوبة حاول الحركة ، وخلفه جلال فقد توقع سقوطه فى أى لحظة ، خرج أحمد من مكتبه باتجاه الاسانسير ، وقبل أن يدخله ناداه هشام بعدما حاول اللحاق به ، ... احمد ، لو سمحت ، عايزك فى كلمتين ... رد أحمد دون أن يلتفت له ... بعدين ياهشام ... وتركه ودخل الاسانسير وخلفه جلال ، فلم يكن يريد اى شخص أن يلاحظ ما بدا واضحا على وجهه من إرهاق وألم، لكن هشام فهم تصرفه بشكل آخر ، فهم أن أحمد قد علم ما يهم هشام بعمله عن طريق هيا ، وانه يكن له عداوة وغضب شديدين ، ولديه النية فى الانتقام منه، بالطبع هذا زاد من قلقه واضطرابه الذى بدى واضحا لمن حوله . وصل المنزل ، رأت سارة السيارة تدخل من الباب الحديدى نزلت لتستقبله وعلى وجهها ابتسامة سرعان ما انمحت فور رؤيتها له ، ساعدته ليصل لغرفته ، وأيضا فى خلع ملابسه ، أعطته بعض أدوية الطوارئ التى أوصى بها الطبيب له ، حالته لا تطمئن ابدا ، فهو غير قادر حتى على الكلام ، وجهه شاحب وحاجباه معقودان وكأنه يتألم . اتصلت بالمستشفى فورا واخبرت الطبيب المسؤول عن حالته ، وفى خلال ربع ساعة كان يقف أمامه يجرى الكشف عليه ، ومعه أحد الممرضات ، وبعدما انتهى ، أعطاه حقنتين وغير له بعض الأدوية ، نام أحمد بعدهما بدقائق. . خرجت سارة خلف الطبيب لتسأله عن الحالة ... خير يادكتور ... ... خير منين يادكتورة ، اذاى يرهق نفسه كدة ، انتو شايفة ان الموضوع سهل كدة ... ...ابدا والله ، بس انا مقدرتش امنعه ، وقاللى انه مش هيتعب نفسه زيادة عن اللزوم ... ... مجرد الخروج غلط يادكتورة ، أرجوكى خدى بالك ، إحنا فى غنى عن مضاعفات ممكن تحصل لمجرد الإهمال فى الراحة او فى أى ضغط عصبى. .. ... إن شاء الله مش هيحصل ... ... بعد اللى تم ده ، على الأقل أسبوع فى البيت ميخرجش ، مفيش إجهاد ، مفيش زعل ، أى حاجة ممكن تعمل لوود على القلب ممنوعة تماما ، وطمنينى بالتليفون ، وهجيله بعد بكرة ان شاء الله عشان اشوفه .... &&&&&&&&&&&&& لم يستيقظ أحمد من نومه إلى بعد 14 ساعة بفعل الأدوية التى أعطاها له طبيبه ، كانت الساعة وقتها الثالثة والربع قبل الفجر ، كان يتململ فى نومه ويحرك رأسه يمينا ويسارا وهو يردد بضعف ... آدم ، آدم ... انتفضت سارة من نومها بجانبه على حركته وتأوهه ، حاولت ايقاظه بهدوء ، انتفض فجأة ، واعتدل جالسا ، وأنفاسه تتلاحق ووجهه وجسده غارق فى العرق ، سحبت بضع مناديل من العلبة بجانبها وأخذت تجفف عرقه بها وهى تطمئنه انه مجرد كابوس لا أكثر ، بدأ يهدأ بعدها بثوانى من تأثير لمسة يدها الحانية على وجهه ويدها الأخرى خلف ظهره ، مجرد قرب أنفاسها التى يشعر بها بجانبه وقريبة منه بهذا الشكل جعلته يهدأ ، رفعت إحدى الوسائد خلف ظهره وجعلته يستند عليها ليكون فى وضع نصف جالس ، اغمض عينيه مرة أخرى ، فقالت له وهى تقوم من جانبه ... هروح اجبلك كوباية لمون تشربها ولا اقولك خليها لبن دافى ، انت مكلتش حاجة من أول اليوم .. ثم قبلته من جبهته وخرجت من الغرفة ، عادت بعدها بدقائق وفى يدها كوب من اللبن ، قبل أن تدخل الغرفة لمحت شيئا فى يده ، اخفاه تحت الوسادة بمجرد أن شعر بها قادمة . لم تشعره انها رأت ذلك ، وتجاهلت الموقف ، شرب كوب اللبن وساعدته ليدخل الحمام واحضرت له ملابس ليستحم ، طلب منها أن تتركه ليستحم وحده ، وكانت فرصة لترى ما اخفاه منها تحت الوسادة ، كانت صورة ابنه آدم الذى توفى وهو فى غيبوبته وسافرت سارة لاستلام جثمانه بدلا من أحمد . أعادت الصورة مكانها مرة أخرى ولم تخبره انها رأتها ، خرج من الحمام وكان قد بدا عليه التحسن بعض الشئ ، ولكنه لم يجدها فى الغرفة ، عاد لمكانه على السرير وانتظرها ، أحضرت له بعض الحساء ، شرب جزء منه ثم أعطته ادويته التى أوصى بها الطبيب ، سند رأسه للخلف وقال ... هو جلال مشى امتى ... ... بعد ما اطمن عليك ... ...مقالش حاجة ... ...لأ ، ليه ؟ ...كان المفروض جايلى فى موضوع مهم بس كنت تعبان ومقدرتش أتكلم ، هاتى تيليفونى واكتبيله رسالة يجيلى بدرى ... ...لأ ... ... نعم ... ...نعم الله عليك ، جلال بالذات لأ ، مش هتقابله قبل يومين على الأقل ... ...سارة ، انا مبهزرش. .. ...ولا انا على فكرة ... ... سارة ... وقفت سارة بمواجهته وتنهدت وهى تطيل النظر له ثم اقتربت منه وجلست بجانبه على حافة السرير ، ... وبعدين ياأحمد ، وبعدين ، عملية صعبة مبيتحملهاش حد وكمان فضلت فى غيبوبة أسبوع وفقت منها من 6 أيام بس ، انت شايف نفسك تتحمل اللى انت بتعمله ده ... هدأ غضبه وانخفضت نبرة صوته وامسك بيدها وادار وجهها له وهو يقول ... سارة ، انا عندى مصايب ، لو اتهاونت فيها ممكن تضيعنى .... ...هى دى المشكلة .. ... انت شايفة ان الموضوع سهل كدة ، وأن مفيش مشكلة ... ... مقلتش كدة ، انت مشكلتك انك محسس نفسك انك بتضيع ، دخلت نفسك دايرة هلاك انت اللى عملتها بايدك ، مش حد تانى ... ...أنا ... ... ايوة انت ، ومش حد تانى ، واضح ان فى حاجات كتير اتغيرت فى السبع سنين اللى فاتوا ، فاكر زمان ، أيام ما كنت معاك ، فاكر نفسك اذاى كنت بتتصرف مع المشاكل اللى بتقابلك ، انا فاكرة مرة انك حبست نفسك 3 أيام عشان كنت عايز تفكر فى حاجة معينة وتلاقيلها حل ، كنت بتحاول تهدا وتصفى ذهنك على قد ما تقدر ، وأوقات كنت بتخرج تجرى بعد الساعة 3 الفجر لو عندك حاجة بتفكر فيها ، لكن دلوقتى ، بص لنفسك ، انت تعبان ، تعبان اوى ياأحمد ، ومرهق اوى ، دا غير الصدمات اللى اكتشفتها من وقت ما فقت ... ... صدمات ؟ ! ... ايوة صدمات ، وصدمات جامدة اوى كمان ، هو أن فاكر عشان مبتحكليش ، يبقى انا مش عارفة ولا فاهمة اللى بيحصل ليك ، انا مبفكرش غير فيك طول الوقت ، موت ابنك واللى محضرتش حتى دفنه ، خيانة معظم اهلك وعدم اهتمام حد فيهم باللى حصلك ، كلهم بدأوا يتصرفوا على أنك مت وكل واحد فيهم عايز يلحق حتة من التورتة ، حتى جدك نفسه ، ده غير الحادثة ومحاولة القتل دى ، اللى انا متأكدة أن انت مش هتعديها ابدا ، تفكر صح فى كل ده ازاى وانت تعبان ، مستحيل تقدر تواجه كل ده مرة واحدة .... كان يستمع لها وهو صامت وعينيه متعلقة بها ، كان يعلم تماما انها على حق فى كل كلمة قالتها . تلئلئت عينيها بالدموع واقتربت منه ، واحاطت وجهه بكفيها وهى تقول ، ... عشان خاطرى انا ، أمسك نفسك تانى ، وخد بالك من صحتك ، أقف على رجلك وبعدين اعمل كل اللى انت عايزه ، لا همنعك ولا هقولك حاجة ، أحمد ،، ابوس ايدك ، انا مبقاش ليا حد غيرك ، انت سندى الوحيد فى الدنيا دى ، خد بالك من نفسك .... امتلأت عينيه بالدموع هو الاخر وتعالت انفاسه ولم يعد قادرا على منع نفسه عنها بعد هذه الكلمات التى اخترقت كل حصونه ووصلت بأسهم خارقة لقلبه , بل ولعن مرضه الذى يمنعه أن يفعل ما يتمناه الآن بعدما سمعه منها ، مد يده وجذبها من ظهرها حتى الصقها به ودفن وجهه فى رقبتها واغمض عينيه ، وفعلت هى بالمثل وكأنها تنفث عن قلقها عليه وغضبها منه فى ذات الوقت ، تحرك ووجهه مازال يلامس وجهها واقترب بشفتيه حتى الصقها بشفتيها ، قبلة كانت كرسالة بينهما ، هى تعيد فيها كل ما قالتها ، وهو يوافق على كل كلمة بل وسينفذ ما تريد ، ابتعدت هى عنه حتى لا ترهقه أكثر وهو تقبل ذلك ، سند جبهته لجبهتها وقال ، ... أنا مقصدش أدايقك اوى كدة ، لو كنت أنا دلوقتى سندك زى ما بتقولى ، فانتى بقيتى كل حياتى ، ماضى ومستقبل ياسارة ، وكل كلمة قولتيها بنفسك بتأكد ده ، كل الحكاية انى فجأة لقيت كل حاجة اتغيرت ، وكل النفوس اللى حواليا اتغيرت ، حاسس انى روحى بتطلع منى ياسارة .... ... أنا معاك وموجودة ومش هسيبك ، ومبقولش انك تتصرف فى كل ده ، بس ارتاح عشان تقدر تفكر احسن ، وتتصرف احسن .... ... حاضر ياسارة ، هرتاح ... ... تفضل هنا كام يوم ومتخرجش ، وإللى انت عايز منه حاجة يجيلك هنا ... ... ماشى أمرك ياستى ... ... ربنا يخليكى ليا وميحرمنيش منك ابدا ... لم تسمح له أن يتحرك من الفراش إلا فى اليوم التالى ، حتى يكون قد استعاد جزء كبير من قدرته على الحركة ، وفى اليوم التالى سمحت له بأن يتحرك فى الغرفة فقط ، كان يجلس فى الشرفة ونور يجلس معه يشاكسه ، دخلت سارة وفى يدها كوبين من الشاى ، ... كفاية يانور ، تعبت عمو ... رد أحمد عليها ... ملكيش دعوة انتى ، يبقى لا خروج ولا حتى نور ، وبعدين إيه ده ... ...شاى ... ... شاى ايه بس ، أنا عايز قهوة ... ... ممنوع ... ... مليش دعوة ، انا عايز قهوة ... ... أنت هتعمل زى العيال ولا ايه ... دخلت سناء بعدما تركت الباب وقالت ، ... صباح الخير ياأحمد بيه ، ازى حضرتك دلوقتى ... ... صباح الخير ياسناء ، الحمد لله ، ... ... أنا آسفة ، بس البشمهندس جاسر تحت ومستنى حضرتك ... ... قوليله جاى حالا .. وقف أحمد ، وألقى نظرة على الشاى وابتسم لها وقال ، اشربى انتى الشاى وابعتيلنا قهوة بقى . وتركها وخرج ، اضطربت سارة من وجود جاسر وفى الصباح المبكر هكذا ، ولا تعلم لماذا كل هذا القلق من جلال وجاسر بالذات . يتبع"
"الفصل الثامن والثلاثين خرجت سارة لتبحث عنه فقد تأخر فى العودة كثيرا بعدم خرج مع جاسر ولم يعد بعدها ، اتجهت للسياج الحديدى الفاصل بين بيتهما ، وجدته يجلس على السلم الامامى للفيلا ويقف أمامه جلال يتحدثان ، عندما رأاها أشارت له على الساعة فقد تعدت الحادية عشر ، فأشار لها بالدخول وأنه سينهى حديثه و سيتبعها ، ففعلت ثم أكمل حديثه مع جلال ... يعنى حضرتك شاكك ولا متأكد ؟ ...متأكد منين ياجلال، ده كله مجرد كلام ، فى رباط بين كل دول ، انا مش فاهمه، حسب خبرتي مع العيلة دى ، أهم مبيبقوش فى الحالة دى غير لما بيكونوا منتظرين أن حد هيأذيهم، واللى متأكد منه أن حالتهم المادية متسمحش بده كله ، لأنى دمرت اهم مصادر فلوسهم ومكانش عندهم رصيد كفاية، اللى عايزه منك بقى ، تقلبلى فى الموضوع ده كله وتفاصيله من كام شهر فاتو، وتتابع برده كل اللى انت شغال فيه ، متنساش حاجة ، ووظف ناس جديدة لو عايز ، عايز اعرف الفلوس دى جاتلهم منين بالظبط ، والأهم هم خايفين من ايه بالظبط ، ماشى. .. ...طبعا يافندم ... ...عملت ايه فى موضوع هشام .. ...جاهزين ومستتيين حضرتك ... ...كويس ، هطلع اغير هدومى واجيلك على طول ... ...هستنى حضرتك فى العربية ... ********************* ....ممكن أفهم اكتر انت رايح فين دلوقتى ... ...قلتلك ياسارة ، ساعة وراجع ... ...برده مفهمتش. .. ...خلاص بقى ياسارة ، مش هتأخر. .. ...ياأحمد مينفعش كدة ، انت خارج من المستشفى امبارح ، انا خايفة تتعب. .. ...متقلقيش ، انا كويس ، بس فى حاجات كتير اوى اتلخبطتت ياسارة ، ولازم تتصلح والا هخسر كتير ، وأنا مبحبش اخسر وانتى عارفة ... قبلها من رأسها وخرج ، وقفت سارة تتبعه بعينها حتى خرج والقلق يأكل قلبها ، هى تعلمه جيدا، لن يرتاح ابدا قبل أن يتحكم فى خيوط كل من حوله مجددا ، ************************** قضت هيا ليلتها مع هشام فى بيته على غير العادة ، فقد كانا دائما ما يذهب هو لها فى غرفة الفندق الذى تقيم فيه ، فهى من عشاق الفنادق ، كانا نائمين وهما عاريين تماما ، جلس هو على كرسى مقابل لسريرهما ، أشار لأحد الأشخاص فتقدم بمنديل فى يده ووضعه لثوانى على أنف كل منهما ، فبدأا يتململا فى مكانهما، هشام هو من فتح عينيه واستطاع التركيز أولا ، أصابه الذهول من الوضع الذى هو عليه أمام ابن عمه ، وفى الفترة الأخيرة الشخص الذى يمقته ويغار منه فى كل من حوله . التقت عينيه بعين أحمد المتعلقة به أكثر من النائمة بجانبه ، فهى لا تهمه أكثر من هشام ، فهو ابن عمه ، ابن عمه الذى انفصل عن العائلة فى يوم من الأيام مثله ، ابن عمه الذى أعطاه الكثير و ساعده ووقف فى وجه جده من أجله ، والآن ابن عمه الذى انتابه الفرح مما حدث له ، يتآمر ضده مع طليقته بل ويعاشرها من أجل تدعيم ما يريد . لم يستطع الحديث لثوانى وهو يواجه العين المملوءة باللوم والعتاب الممزوج بالغضب ، ، حتى فتحت عينيها هى وانتبهت لما يحدث حولها ، شدت الغطاء لتستر جسدها به وتقول ، ... احمد ؟ ! أشار أحمد للرجلين الواقفين بجانبه أن يخرجا ، فإمتثلا لأمره ، ثم التفت لها ، ...اذييك ياهيا ، تصدقى وحشتنى وساختك أوى ... ...أنت انت ، دادخلت هنا أذاى ؟ ابتسم بسخرية من سؤالها ، ...إذا مكنتيش عشتى معايا 3 سنين وبتشتغلى معايا من 5 سنين ، يعنى عارفة انا بقدر اعمل ايه كويس ، قومى البسى واتكلى على الله ، انا مش جاى عشانك انهارضة ، انتى حسابك بعدين ... حاولت لف جسدها أكثر ، فضحك بقهقهة عالية وقال ... بتدارى ايه ، انتى نسيتى أنى عجنت اللى انتى بتداريه ده قبل كدة كتير ، مش انا بس ، ده الف واحد غيرى ... ثم التفت لهشام وقال. ... وهشام رقم الف وواحد ... اغضبت كلماته هشام رغم علمه بحقيقة ما قاله أحمد بل وأكثر ، وقف أحمد ... عموما انا نازل ، البسى ياحلوة براحتك ، وتخلصى وتمشى على طول ، فى عربية برة مستنياكى برة توصلك، انا عارف انك جاية معاه فى عربيته. ... ثم التفت لهشام قائلا ...وانت كمان ، البس وحصلنى على تحت ، اصلى قرفان من منظرك كدة ... تركهم فى حالة من الذهول الكامل وخرج ، وقف هشام وبدأ يرتدى ملابسه وهو غارق فى التفكير فيما فعل أحمد وما يريده منه الآن ، اما هيا مازالت فى مكانها لم تتحرك ، ...تفتكر عرف حاجة ... ..معرفش ، ادينى هشوف ... ...تبقى مصيبة لو كان عرف .. ...وانتى خايفة ليه أن شاء الله ، اخرك هيفض المشاريع اللى بينك وبينه ، الدور والباقى عليا انا ... ثم تركها وخرج نزل السلم ، أشار له أحدهم على المكتب ، فاتجه صوبه ، كان يقف على أحد الكراسى الجانبية بعيدا عن المكتب نفسه يتحدث فى هاتفه ..... قربت اخلص ، لا مش كتير ،، خلاص بقى ،، كويس ياستى والله ،،، طيب ،، انتى بقيتى لحوحة اوى على فكرة، ههههههههه، ، 10 دقايق ، وكمان 10 للطريق ، تلت ساعة ، تمام ، ماشى ، باى. ... كان واضحا تماما لهشام مع من يتحدث ، ولم ينقصه إلا ذلك ، فهى من أهم أسباب غضب هشام من أحمد ، رغم تخليه عنها فى الفترة الأخيرة بأمر من جده ، إلا أن سارة بالنسبة له كالفاكهة الممنوعة التى أجبر على عدم أكلها من أجل شئ آخر ، وقد كانت من أهم أسباب بعده عن المستشفى أثناء غيبوبة أحمد ، حتى لا يلتقيها هناك . ...هتفضل واقف كدة كتير ، اقعد ، هم كلمتين وخلاص ... جلس هشام بهدوء ... مكانش فى داعى لكل اللى عملته ده ، كان ممكن تقوللى ببساطة انك عارف أنى مصاحبها ... ...أذاى بقى ، وافوت على نفسى المنظر الرائع ده ، متجيش ، إحمد ربنا أنى مجتش قبل ما تناموا ، على الأقل كان هيبقى المنظر مثير ، مش كان مثير برده ياهشام ، ولا ايه ... ...كفاية كدة ياأحمد ... ...أيه ، دايقك كلامى ، عموما هم كلمتين جاى اقولهوملك عشان ملومش انا نفسى فى اللى هعمله فيك بعد كدة ، عشان انا لسة باقى عليك ، مهما كان اللى انت ناوى عليه مع هيا ، انهيه فورا ، هيا متفرقش معايا كتير ، انت اللى تهمنى ... ...بتهددنى ياأحمد. ... ...لو شايف أنى كدة بهددك تبقى غبي، انت عارف كويس انك متقدرش تتحدانى أو تعادينى، فاحسنلك تبقى معايا مش ضدى ، أو على الأقل خليك حيادى تماما ، متدخلش نفسك فى الدايرة دى ياهشام، لأنى مش هرحم حد فى الفترة اللى جاية ، وأنا مش عايزة اأذيك .... وقف أحمد وهو ينهى كلامه ... صحيح انا معرفش انت بتعمل ايه بالظبط ، لكن مهما كان اوقفه حالا ، وهعدى اللى حصل، لكن لو كملت فى اللى انت ماشى فيه ، وأنا عرفته، مش هيبقى ليك دية عندى ياهشام ، وهضيعك بجد ، سلام ياابن عمى .... خرج أحمد وتبعه بعض رجاله ، وكان جلال ينتظره فى الخارج مع الآخرين ، وهو فى اتجاهه للخارج أخرج تيليفونه واتصل بأحد الأرقام ... حلاوتك كدة وانت فى البيت من المغرب ... ...ههههههههه ، على أساس انك فى الشارع، ما خلاص ،دخلت القفص انت كمان ... ...لا وحياة امك فى الشارع ... ...بتتكلم جد ، لحد دلوقتى ، ازاى ياابنى انت لسة تعبان ... ...والنبى متتكلمش زييها ، هستناك بكرة فى المجموعة، عايز ضروري. .. ... ماشى ، بس يلا روح لو سمحت، دلوقتى. . ... متبقاش خنيق انت كمان يامازن والنبى. .. ... أنا عارف انك مش هتسمع الكلام ، وليا كلام تانى مع سارة لما اشوفها. .. ..تصدق انا غلطان أنى كلمتك ، مستنيك بكرة ، سلام ... ************************* أصاب الإرهاق جسده بشكل كامل ، حتى أنه غير ملابسه بصعوبة ، ساعدته حتى استلقى على السرير واغمض عينيه ، اتجهت هى للحمام لتغير ملابسها ، عندما خرجت كانت ترتدى منامة قطنية بيضاء من قطعة واحدة بدون أكمام وتصل لأعلى من ركبتيها، تحدد ملامح جسدها بوضوح رغم اتساعها النسبى ، فهى تظن أن مثل هذه الملابس سوف تدارى جسدها عنه ، فبالتالي تناسب الموقف الحالى . اخذ يتبعها بعينيه دون أن تلاحظ ، أخذت تجفف شعرها المبتل ، ثم مشطته ، واتجهت للسرير، فوجئت به مازال مستيقظا وعلى وجهه ملامح جادة جدا وهو يقول ...أنتى هتنامى جمبى كدة ... انقبض قلبها من كلامه ظنا منها أن مظهرها سيئا بما ترتديه ، أكمل هو بنفس التعبير على وجهه ...عارفة ياسارة ، انا محتاج قدرة قد ايه عشان اسيطر على نفسى ، وأقدر اعدى الشهر إلى انتى محددهولى انتى والدكاترة بتوعك ، واحمدى ربنا أنى عندى مشاكل كتير فى الشغل ، شاغلة دماغى والا والله ماكنت هقدر على أسبوع واحد منهم ، تقومى حضرتك بكل دم بارد ، تلبسى كدة ، وعايزة تنامى جمبى عادى ، ومطلوب منى أنى ميكونش ليا رد فعل على الموضوع ده .... أخيرا فهمت ما يرمى إليه بكلامه ، تنفست الصعداء، وابتسمت وهى تضربه بخفة على كتفه ، ...خضتنى ، انا قلت انا لابسة شوال ولا ايه ... ...تصدقى والله فكرة كويسة ، انا عايزك تلبسى شوال فعلا ، مع انك هتكونى برده زى القمر ... رفعت الغطاء واندست تحته وعدلت زراعيه ونامت على كتفه وهى تقول ... عقابا ليك ، هنام كدة ، وفى حضنك برده ، وانت هتنامى مؤدب ومش هتعمل حاجة ... ...بذمتك والنبى ده عدل ... ...أنا ذمتى تراك خيل على فكرة .. ...هههههههههههههههه، حرام عليكى ... ...أنا راضية اشيل الذنب ياسيدى ، ولا أقوم انام فى حتة تانية ... لف ذراعه حولها وهو يقول ... لأ وعلى ايه ، احسن من مفيش خالص .... ...هههههههههههههههه ، ناس مبتجيش غير بالعين الحمرا ، المهم ، مش هتقوللى مشاكل ايه ... ...متسغليش بالك ، أفهم انا بس الأول وبعدين أبقى اقولك ... اغمض عينيه وهو يفكر فى العشرة أيام ، مجرد عشرة أيام افلتت زمام كل خيوط مملكة قد وضع أساسها وبدأ فى بنائها، لكن يكاد يضع طوبة واحدة إلا ويجد الف يد تزيلها مرة أخرى ، يتبع" "ذكريات إمرأة ............ الفصل التاسع والثلاثون ... وبعدين ياأحمد ، ده كدة هيضيع نفسه ... ... أنت بتسألنى انا ، أمال انا بعتلك ليه ؟ ... منا مش عارف ، وانت عارف هشام اصلا ، يبان طيب ، لكن الحقيقة أنه عنيد جدا ، وبعدين فى الفترة الأخيرة دى وتصرفاته مبقتش تعجبنى ولما حاولت اتكلم معاه بدأ يبعد عنى ... ... يعنى من الاخر يامازن ، مفيش حل ، يعنى أتصرف انا ... ...لأ لا تتصرف انت ايه ، سيبنى أتكلم معاه الأول ، يمكن يرجع ، بس انت لسة مش متأكد هو ناوى على ايه ... ... معرفش ، بس حاول تبعده عنى فى الوقت الحالى يامازن ، انا على أخرى اليومين دول ، واللى هيقف قدامى هأذيه مهما كان هو مين ... ... إن شاء الله هتصرف ... خرج مازن من مكتب أحمد وهو لا يعلم حتى ما سيفعله مع هشام ، كل ما يعلمه انه لابد أن يبتعد هشام فى الوقت الحالى عن احمد تماما وان لا يستفذه بأى شكل حتى لا تتطور الأمور بينهما . انحنى أحمد للأمام وسند بيده على مكتبه ، وأخذ ينقر بقلم فى يده على زجاج المكتب وهو يفكر لثوانى، وضع القلم من يده وامسك بهاتفه وبحث عن أحد الأرقام وضغط زر الإتصال ووضع الهاتف على أذنه ، ثوانى وانفتح الخط ، .... Hi Mady how are you now ?. .. ... fine ,I need you her Gena ... (احتاجك هنا ) ... in Egypt ... ( فى مصر ) .. yea, but hurry up , you have two days to prepare yourself ... ( ايوة ، بس بسرعة ، ادامك يومين تجهزى فيهم نفسك ) اتم جملته واغلق الهاتف دون إلقاء اى تحية وألقى بالهاتف أمامه على السطح الزجاجى للمكتب ، كانت هذه جينا روبينسون ، مديرة أعماله فى الولايات المتحدة والمسؤولة الأساسية هناك عن كل القرارات فى غيابه ، جينا امرأة أربعينية من أم مصرية وأب أمريكى مسلم ، تتحدث المصرية جيدا جدا وكأنها قضت حياتها فى مصر رغم أن وجودها فى مصر قليل متمثل فى زيارات قليلة لوالدتها، كانت سكرتيرة لجدته فى بداية توظيفها ، ومع الوقت نالت ثقة جدته بكاملها ، بل أوصت أحمد أن يثق هو الآخر بها ، وبالفعل بل وأكثر ، وبمرور الزمن تزداد ثقته بها ، فهى مخلصة تماما له ولعملها ، والأكثر انها تمتلك درجة عالية جدا من الذكاء الاحترافي يمكنها وبسهولة إيجاد أكثر من حل للمشكلة التى تقف أمامها ، وجد أحمد انه من الأفضل أن تعمل جينا لديه بنسبة من الأرباح وليس بمرتب ثابت ، وذلك من أجل التشجيع ورضاء نفسها ، والأهم ايفاء منه على وصية جدته . يحتاجها هنا الآن من أجل حل مشكلة المصانع والمشاريع التى اوقفها بسبب تغيير جده والمجموعة فى شروط تشغيل هذه المشاريع بعد استغلال حادثته وفترة غيبوبته ، فللأسف لم يعد يثق فى احد الآن فى المجموعة بالكامل ليساعده فى اتخاذ القرار . &&&&&&&&&& دخل طلعت بعدما طرق الباب ، كان أحمد مستندا بظهره ورأسه على الكرسى ومغمضا عينيه من شدة الإرهاق والألم الذى يهاجمه الآن ، .. احمد بيه ... رد دون أن يتحرك أو يفتح عينيه ... إيه ياجلال ... .. حضرتك كويس ... ... أه كويس ، انده نادية من برة ... ... حاضر يافندم ... كانت نادية هى السكرتيرة الثانية لمكتبه ، وبالنسبة له كانت نادية أهم من الأخرى ، تحدث معها أحمد وهو على نفس وضعه ومغمضا لعينيه، فالألم بدأ يزداد . ... أيوة يافندم. .. ... المواعيد اللى عندك ايه انهارضة ... . ..حضرتك كنت مفضى نفسك انهارضة للمرور على المصانع ، والساعة 5 اجتماع مع مديرين المشروعات الجديدة ... ... أنا همشى دلوقتى ، وابعتيلى المديرين كلهم على البيت ... ... بيت نورالدين ... ... لأ ، التجمع ، عليكى تبلغيهم وبس وملكيش دعوة بالباقي. .. .. حاضر يافندم ... ...اتفضلى انتى ... ... بعد إذن حضرتك. .. حاول أحمد رفع رأسه ، لكنه أحس بصداع ودوخة شديدة، هذا بالإضافة للألم الموجود فى صدره ، اقترب منه جلال ليساعده ، وقف أحمد وبصعوبة حاول الحركة ، وخلفه جلال فقد توقع سقوطه فى أى لحظة ، خرج أحمد من مكتبه باتجاه الاسانسير ، وقبل أن يدخله ناداه هشام بعدما حاول اللحاق به ، ... احمد ، لو سمحت ، عايزك فى كلمتين ... رد أحمد دون أن يلتفت له ... بعدين ياهشام ... وتركه ودخل الاسانسير وخلفه جلال ، فلم يكن يريد اى شخص أن يلاحظ ما بدا واضحا على وجهه من إرهاق وألم، لكن هشام فهم تصرفه بشكل آخر ، فهم أن أحمد قد علم ما يهم هشام بعمله عن طريق هيا ، وانه يكن له عداوة وغضب شديدين ، ولديه النية فى الانتقام منه، بالطبع هذا زاد من قلقه واضطرابه الذى بدى واضحا لمن حوله . وصل المنزل ، رأت سارة السيارة تدخل من الباب الحديدى نزلت لتستقبله وعلى وجهها ابتسامة سرعان ما انمحت فور رؤيتها له ، ساعدته ليصل لغرفته ، وأيضا فى خلع ملابسه ، أعطته بعض أدوية الطوارئ التى أوصى بها الطبيب له ، حالته لا تطمئن ابدا ، فهو غير قادر حتى على الكلام ، وجهه شاحب وحاجباه معقودان وكأنه يتألم . اتصلت بالمستشفى فورا واخبرت الطبيب المسؤول عن حالته ، وفى خلال ربع ساعة كان يقف أمامه يجرى الكشف عليه ، ومعه أحد الممرضات ، وبعدما انتهى ، أعطاه حقنتين وغير له بعض الأدوية ، نام أحمد بعدهما بدقائق. . خرجت سارة خلف الطبيب لتسأله عن الحالة ... خير يادكتور ... ... خير منين يادكتورة ، اذاى يرهق نفسه كدة ، انتو شايفة ان الموضوع سهل كدة ... ...ابدا والله ، بس انا مقدرتش امنعه ، وقاللى انه مش هيتعب نفسه زيادة عن اللزوم ... ... مجرد الخروج غلط يادكتورة ، أرجوكى خدى بالك ، إحنا فى غنى عن مضاعفات ممكن تحصل لمجرد الإهمال فى الراحة او فى أى ضغط عصبى. .. ... إن شاء الله مش هيحصل ... ... بعد اللى تم ده ، على الأقل أسبوع فى البيت ميخرجش ، مفيش إجهاد ، مفيش زعل ، أى حاجة ممكن تعمل لوود على القلب ممنوعة تماما ، وطمنينى بالتليفون ، وهجيله بعد بكرة ان شاء الله عشان اشوفه .... &&&&&&&&&&&&& لم يستيقظ أحمد من نومه إلى بعد 14 ساعة بفعل الأدوية التى أعطاها له طبيبه ، كانت الساعة وقتها الثالثة والربع قبل الفجر ، كان يتململ فى نومه ويحرك رأسه يمينا ويسارا وهو يردد بضعف ... آدم ، آدم ... انتفضت سارة من نومها بجانبه على حركته وتأوهه ، حاولت ايقاظه بهدوء ، انتفض فجأة ، واعتدل جالسا ، وأنفاسه تتلاحق ووجهه وجسده غارق فى العرق ، سحبت بضع مناديل من العلبة بجانبها وأخذت تجفف عرقه بها وهى تطمئنه انه مجرد كابوس لا أكثر ، بدأ يهدأ بعدها بثوانى من تأثير لمسة يدها الحانية على وجهه ويدها الأخرى خلف ظهره ، مجرد قرب أنفاسها التى يشعر بها بجانبه وقريبة منه بهذا الشكل جعلته يهدأ ، رفعت إحدى الوسائد خلف ظهره وجعلته يستند عليها ليكون فى وضع نصف جالس ، اغمض عينيه مرة أخرى ، فقالت له وهى تقوم من جانبه ... هروح اجبلك كوباية لمون تشربها ولا اقولك خليها لبن دافى ، انت مكلتش حاجة من أول اليوم .. ثم قبلته من جبهته وخرجت من الغرفة ، عادت بعدها بدقائق وفى يدها كوب من اللبن ، قبل أن تدخل الغرفة لمحت شيئا فى يده ، اخفاه تحت الوسادة بمجرد أن شعر بها قادمة . لم تشعره انها رأت ذلك ، وتجاهلت الموقف ، شرب كوب اللبن وساعدته ليدخل الحمام واحضرت له ملابس ليستحم ، طلب منها أن تتركه ليستحم وحده ، وكانت فرصة لترى ما اخفاه منها تحت الوسادة ، كانت صورة ابنه آدم الذى توفى وهو فى غيبوبته وسافرت سارة لاستلام جثمانه بدلا من أحمد . أعادت الصورة مكانها مرة أخرى ولم تخبره انها رأتها ، خرج من الحمام وكان قد بدا عليه التحسن بعض الشئ ، ولكنه لم يجدها فى الغرفة ، عاد لمكانه على السرير وانتظرها ، أحضرت له بعض الحساء ، شرب جزء منه ثم أعطته ادويته التى أوصى بها الطبيب ، سند رأسه للخلف وقال ... هو جلال مشى امتى ... ... بعد ما اطمن عليك ... ...مقالش حاجة ... ...لأ ، ليه ؟ ...كان المفروض جايلى فى موضوع مهم بس كنت تعبان ومقدرتش أتكلم ، هاتى تيليفونى واكتبيله رسالة يجيلى بدرى ... ...لأ ... ... نعم ... ...نعم الله عليك ، جلال بالذات لأ ، مش هتقابله قبل يومين على الأقل ... ...سارة ، انا مبهزرش. .. ...ولا انا على فكرة ... ... سارة ... وقفت سارة بمواجهته وتنهدت وهى تطيل النظر له ثم اقتربت منه وجلست بجانبه على حافة السرير ، ... وبعدين ياأحمد ، وبعدين ، عملية صعبة مبيتحملهاش حد وكمان فضلت فى غيبوبة أسبوع وفقت منها من 6 أيام بس ، انت شايف نفسك تتحمل اللى انت بتعمله ده ... هدأ غضبه وانخفضت نبرة صوته وامسك بيدها وادار وجهها له وهو يقول ... سارة ، انا عندى مصايب ، لو اتهاونت فيها ممكن تضيعنى .... ...هى دى المشكلة .. ... انت شايفة ان الموضوع سهل كدة ، وأن مفيش مشكلة ... ... مقلتش كدة ، انت مشكلتك انك محسس نفسك انك بتضيع ، دخلت نفسك دايرة هلاك انت اللى عملتها بايدك ، مش حد تانى ... ...أنا ... ... ايوة انت ، ومش حد تانى ، واضح ان فى حاجات كتير اتغيرت فى السبع سنين اللى فاتوا ، فاكر زمان ، أيام ما كنت معاك ، فاكر نفسك اذاى كنت بتتصرف مع المشاكل اللى بتقابلك ، انا فاكرة مرة انك حبست نفسك 3 أيام عشان كنت عايز تفكر فى حاجة معينة وتلاقيلها حل ، كنت بتحاول تهدا وتصفى ذهنك على قد ما تقدر ، وأوقات كنت بتخرج تجرى بعد الساعة 3 الفجر لو عندك حاجة بتفكر فيها ، لكن دلوقتى ، بص لنفسك ، انت تعبان ، تعبان اوى ياأحمد ، ومرهق اوى ، دا غير الصدمات اللى اكتشفتها من وقت ما فقت ... ... صدمات ؟ ! ... ايوة صدمات ، وصدمات جامدة اوى كمان ، هو أن فاكر عشان مبتحكليش ، يبقى انا مش عارفة ولا فاهمة اللى بيحصل ليك ، انا مبفكرش غير فيك طول الوقت ، موت ابنك واللى محضرتش حتى دفنه ، خيانة معظم اهلك وعدم اهتمام حد فيهم باللى حصلك ، كلهم بدأوا يتصرفوا على أنك مت وكل واحد فيهم عايز يلحق حتة من التورتة ، حتى جدك نفسه ، ده غير الحادثة ومحاولة القتل دى ، اللى انا متأكدة أن انت مش هتعديها ابدا ، تفكر صح فى كل ده ازاى وانت تعبان ، مستحيل تقدر تواجه كل ده مرة واحدة .... كان يستمع لها وهو صامت وعينيه متعلقة بها ، كان يعلم تماما انها على حق فى كل كلمة قالتها . تلئلئت عينيها بالدموع واقتربت منه ، واحاطت وجهه بكفيها وهى تقول ، ... عشان خاطرى انا ، أمسك نفسك تانى ، وخد بالك من صحتك ، أقف على رجلك وبعدين اعمل كل اللى انت عايزه ، لا همنعك ولا هقولك حاجة ، أحمد ،، ابوس ايدك ، انا مبقاش ليا حد غيرك ، انت سندى الوحيد فى الدنيا دى ، خد بالك من نفسك .... امتلأت عينيه بالدموع هو الاخر وتعالت انفاسه ولم يعد قادرا على منع نفسه عنها بعد هذه الكلمات التى اخترقت كل حصونه ووصلت بأسهم خارقة لقلبه , بل ولعن مرضه الذى يمنعه أن يفعل ما يتمناه الآن بعدما سمعه منها ، مد يده وجذبها من ظهرها حتى الصقها به ودفن وجهه فى رقبتها واغمض عينيه ، وفعلت هى بالمثل وكأنها تنفث عن قلقها عليه وغضبها منه فى ذات الوقت ، تحرك ووجهه مازال يلامس وجهها واقترب بشفتيه حتى الصقها بشفتيها ، قبلة كانت كرسالة بينهما ، هى تعيد فيها كل ما قالتها ، وهو يوافق على كل كلمة بل وسينفذ ما تريد ، ابتعدت هى عنه حتى لا ترهقه أكثر وهو تقبل ذلك ، سند جبهته لجبهتها وقال ، ... أنا مقصدش أدايقك اوى كدة ، لو كنت أنا دلوقتى سندك زى ما بتقولى ، فانتى بقيتى كل حياتى ، ماضى ومستقبل ياسارة ، وكل كلمة قولتيها بنفسك بتأكد ده ، كل الحكاية انى فجأة لقيت كل حاجة اتغيرت ، وكل النفوس اللى حواليا اتغيرت ، حاسس انى روحى بتطلع منى ياسارة .... ... أنا معاك وموجودة ومش هسيبك ، ومبقولش انك تتصرف فى كل ده ، بس ارتاح عشان تقدر تفكر احسن ، وتتصرف احسن .... ... حاضر ياسارة ، هرتاح ... ... تفضل هنا كام يوم ومتخرجش ، وإللى انت عايز منه حاجة يجيلك هنا ... ... ماشى أمرك ياستى ... ... ربنا يخليكى ليا وميحرمنيش منك ابدا ... لم تسمح له أن يتحرك من الفراش إلا فى اليوم التالى ، حتى يكون قد استعاد جزء كبير من قدرته على الحركة ، وفى اليوم التالى سمحت له بأن يتحرك فى الغرفة فقط ، كان يجلس فى الشرفة ونور يجلس معه يشاكسه ، دخلت سارة وفى يدها كوبين من الشاى ، ... كفاية يانور ، تعبت عمو ... رد أحمد عليها ... ملكيش دعوة انتى ، يبقى لا خروج ولا حتى نور ، وبعدين إيه ده ... ...شاى ... ... شاى ايه بس ، أنا عايز قهوة ... ... ممنوع ... ... مليش دعوة ، انا عايز قهوة ... ... أنت هتعمل زى العيال ولا ايه ... دخلت سناء بعدما تركت الباب وقالت ، ... صباح الخير ياأحمد بيه ، ازى حضرتك دلوقتى ... ... صباح الخير ياسناء ، الحمد لله ، ... ... أنا آسفة ، بس البشمهندس جاسر تحت ومستنى حضرتك ... ... قوليله جاى حالا .. وقف أحمد ، وألقى نظرة على الشاى وابتسم لها وقال ، اشربى انتى الشاى وابعتيلنا قهوة بقى . وتركها وخرج ، اضطربت سارة من وجود جاسر وفى الصباح المبكر هكذا ، ولا تعلم لماذا كل هذا القلق من جلال وجاسر بالذات . يتبع"