"ذكريات إمرأة .......... . الفصل الثانى والعشرون استمر أحمد فى سرد تفاصيل علاقته بعائلة والدها ، وصداقته بإبن عمها الذى لم تكن تعلم عنه شيئا . ....فى الوقت ده كنت بدأت اشتاقلك جدا ، وحبيت اعرف انت عايشة فين وإذاى ، كل اللى عندى عنك كان اسمك اللى فى عقد الجواز مش اكتر ،جبت اسم الجامعة اللى كنتى بتدرسى فيها هنا من الجامعة فى كاليفورنيا ، واتصلت برجالتى هنا واديتهم اللى وصلتله وطلبت منهم يعرفولى كل حاجة عنك ، طبعا عرفوا عنوانك اللى كنتى عايشة فيه وراحوله ، عرفوا انك اتجوزتى وخدتى أمك واخواتك البنات ومشيتى مع جوزك ، وطبعا سبتى ابوكى ، لكن محدش يعرف انتى رحتى فين ولا حتى ابوكى نفسه ، لحد ماهو مات ، وانقطعت بموته كل الخيوط اللى ممكن اوصلك بيها ، إلا خيط واحد ،،، اسم ابوكى بالكامل ،،، محمد عبد الهادى الدهان ،،، فى الاول افتكروا انه تشابه أسماء ، خاصة أن اسمك فى بطاقتك سارة محمد عبد الهادى ، وبس ، فجأة لقيتهم اتصلوا بيا وقالولى أنك من نفس العيلة اللى بعتهم يقلبوا وراها من فترة ، وأنك تبقى بنت عم جاسر ، وطبعا قالولي تفاصيل علاقتهم بأبوكى وأمك ، وأسباب طردهم لأبوكى من العيلة ، ،،طبعا جاسر ميعرفش أن انا على علم بكل الكلام ده ، لحد يوم حفلة افتتاح المنتجع ، ...هو جاسر كان فى الحفلة ؟ ...طبعا ، ده مهندس الديكور اللى عمل المنتج كله ... ...مهندس ديكور ! ..أيوة ، و مشروعه اللى اللى عملتهوله كان مكتب هندسى كبير ، وبصراحة هو عمل صدى واسع ، وهو طلع محترف ومميز فى شغله اوى ، واتشهر بسرعة ، المهم كان اخوه معاه فى الحفلة ، وهو ده اللى عرفك اول ما شافك لما كنتى واقفة معايا على البحر ، وتانى يوم سألنى ، وقتها قلتله ان فى مشروع خطوبة بينك وبين هشام ، كنت عايز أجيب آخره فى الكلام ، وحصل اللى انا عايزه ، قاللى انك بنت عمه ، وعايشة لوحدك فى مصر انتى وأمك واخواتك البنات ، وأهله عرفوا انك غنية ومصممين يوصلوا للى عندك ، وبدأوا بالفعل يجهزوا نفسهم لتنفيذ ده ، لكن هو ميعرفش أى تفاصيل ، وطلب منى أن أنبه هشام لو كان يهمه أمرك فعلا ، فى اللحظة دى بس قلتله على حكايتى معاكى ، وأنك هتكونى ليا مش لهشام ولا لأى حد تانى ، وأنا اللى هحميكى مش حد تانى ، بعدها بأسبوع قاللى أن أبوه وعمه جم من البلد وقعدوا عنده فى البيت ، وجاى معاهم ناس تانية ، وحجزولهم فى فندق قريب ، طبعا بدأت أجهزة نفسى للموضوع ، وبعت ناس يراقبوهم ، ويوميها قررت انك اعملك حراسة حتى لو من غير متعرفى ، وكمان اخواتك وابنك ، وقررت كمان أنى أنا كمان لازم أكون قريب منك معظم الوقت ، عشان كدة اشتريت البيت اللى جمبك ، وجهزت نفسى أنى هتنقل فيه فى أقرب فرصة ، لكن وفاة والدتك عجل بكل حاجة ، حتى ردود أفعالهم ، وباقى الحكاية بقى انتى تعرفيها ، اللى متعرفهوش أن جاسر كان بيحكيلى اول بأول كل اللى بيعملوه معاكى ، لكن اللى خلاني اعجل برجوعى أن اتصل بيا وقاللى أن لازم ارجع حالا ، لأنه سمع عمك سعيد بيتخانق مع عمك حمدى بسبب طردك ليهم من بيتك لما جولك هنا ، إنه فهم من كلام عمك انه ناوى يردهالك جامد ويعلمك الأدب على حد كلامه ، وده طبعا معناه انهم قرروا يأذوكى ، لدرجة ان عمك حمدى طلب من جاسر ان يتجوزك عشان يحميكى منهم ، وده طبعا انت مقولتيهوش ، بتبصيلى كدة ليه ؟ ...ولا حاجة ، ليه مقولتيليش انك تعرف كل ده ... ...كنت هقولك طبعا ، بس كنت مستنى أحس انك بدأتى تثقى فيا ، كنت بتمنى تيجى انتى وتحكيلى الأول ، كان نفسى تختارينى انا بالذات من كل اللى حواليكى ، وكنت واثق أن ده هيحصل ، بس هياخد وقته ، عشان كدة مفرضتش عليكى نفسى ... لم تحيد عينها عنه للحظة ، ظلت تسأل نفسها ،،، هل هو مهتم بها لهذه الدرجة ؟ ....رحتى فين ؟ ...أنت عايزنى أعمل ايه دلوقتى ؟ ...وهتنفذى ؟ ... بتهرج ! ، بعد كل اللى عملته عشانى حتى من غير ما أعرف ،،، بتسألى هنفذ ولا لا ؟ ...عايزك تسيبى البيت هنا لفترة مؤقتة ، لحد ما أنهى الموضوع ده .. ...أنت قلقان حاجة معينة؟ ...مش بالظبط ، بس من دراستى لعقول الناس دى مع علمى بتفاصيل اللى عملوه فى ناس تانية ، خلاني اقول انهم هيحاولوا يعملوا حاجة ، لأن التدخل هيكون منى انا شخصيا ، فطبيعى انهم يردوا عشان يثبتوا انهم أقوى ، ومش عايز الرد ده يكون فيكى انتى أو ابنك أو حد من اخواتك ، يكون فى حاجة تانية مش مشكلة ... ....وهنختفى قد ايه ؟ ...بالكتير أسبوع ... ...هنخرج برة مصر ؟ ...مفيش داعى ،يكون فى مكان ميتوقعهوش، ،، بصى ، انا عندى مزرعة فى الفيوم ، روحي هناك ، على الأقل اخواتك يغيروا جو وفى نفس الوقت نبعدهم عن اللى بيحصل ... ...اوكى ، انا موافقة ، بس ... ...بس ايه ؟ ...افتتاح المركز ، الناس بدأت الحجز فعلا ، ومكنتش عايزة أغير الميعاد ... ....مش هنغيره ، وكل حاجة هتمشى زى ما انتى مجهزالها، وهبعت ناس يشرفوا على الافتتاح ... بدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، فقد حاولت مرارا التحكم فيها ، ولكن هيهات بعد كل ما تم وما قال ...احمد ... ...نعم ... ....أنا ، انا مش عارفة اقولك ايه ... اتجه إلى الكرسى القريب منها ، جلس عليه ثم انحنى قليلا باتجاهها ...مش عايزك تقولى حاجة ، عايزك بس تاخدى بالك من نفسك ، انا ما صدقت أنى لقيتك بعد كل السنين دى ، ومش هسمح لمخلوق يقربلك ، لازم تبقى واثقة من ده .... أمائت له بالموافقة ، وبعدها أكمل هو كلامه ...بكرة يومك يكون عادى ، عشان محدش ياخد باله ، وفى نفس الوقت تكون حاجتكم جاهزة ، هنمشى بكرة بعد نص الليل ، انا هروح معاكم ، هوصلكم وهرجع ، اوكى .. ...اوكى .. ...هسيبك دلوقتى ، الوقت اتأخر ، حاولى تنامى شوية ، بكرة يومك طويل اوى ، يلا ، تصبحى على خير ... ...وانت من اهله ... وقبل أن يصل للباب ، سمع ندائها عليه بطريقة كان يعشقها ، كانت تناديه بصوت جدا وكأنها لا تريده أن يسمعها ، بصوت مملوء بمشاعر لم يفهمها إلا بعدما غادرت حياته ....أحمد. .. التفت لها بهدوء ، وظل واقفا عن الباب ، حتى أنه لم يرد ...لو فعلا ليا فى قلبك المكان ده كله ، ليه سبتنى أمشى ، ليه طلقتنى بسهولة اول ما طلبت ، انت حتى مسألتنيش عايزة تطلقى ليه ، مودعتنيش ، وأنا ماسكة شنطنى وماشية ، كلمتنى وانتى بتبص فى ورق على مكتبك ، سنين وانا بقول لنفسى أنى مكانش ليا مكان جواك اصلا ، بسبب رد فعلك على طلبى وقتها ، ليه ، ليه ياأحمد ؟ فوجئت به يبتسم كرد فعل من كلامها ، واسند ظهره للحائط ...إيه ، سؤالى يضحك ؟ ...لا ابدا ، اصلى فضلت فترة طويلة اسأل نفسى نفس السؤال بس بعتاب ، كنت كل ما توحشينى اوى ، ألوم نفسى ، وسألها ، كان ليه اصلا من الأول ؟ ، ليه سبتها ؟ اتجوزتها 8 شهور وطلقتها بمجرد ما طلبت ، وده كله ومتعرفش عنها أى حاجة ، بس صدقينى ، وقتها ، كنت افتقدتك اوى فى الفترة اللى جيتى فيها تزورى اهلك فى مصر ، حاجات كتير مكانش ليها طعم وانتى مش موجودة ، عشان كدة كنت مجهزلك حاجات كتير اوى اول ما ترجعى ، رحلة للباهامز ، وكمان جبتلك هدية ، لدرجة أنى فضلت ايام أتخيل لحظة ما اشوفك هيكون شكلها ايه ، قلت لنفسى أنك اكيد مفتقدانى اوى ، وأول ما هتشفينى هتجرى عليا ، تحضنينى ، وتبوسينى ، تعيشينى فى الجنان اللى اتعودته منك ، لكن فجأة لقيت شكلك غريب ، واقفة وشنطتك جمبك ، وبتقوليلى أن الاتفاق اللى بينا مبقاش يناسبك ، وأنك عايزة تنهى العقد ده ،،، أحمد ، لو سمحت طلقنى ، حطى نفسك مكانى ، وليكى تتخيلى رد الفعل ، محستش بنفسى غير وانا بقولك ،،انتى طالق ،، وعرفت بعدها بأسبوع انك نهيتى منحتك ورجعتى مصر ... ثم اقترب منها ببطئ ،وجثى على ركبتيه أمامها وقال ...سامحينى ، سامحينى ياسارة ، مكنتش اعرف اللى انتى فيه ، وده طبعا غلطى انا ، ادينى اعوضك اللى عيشتيه بعيد عنى ، واعوض نفسى معاكى حرمانى منك سنين ... تركته يتشبث بيدها ويقبلها ، فقد احتاجت أن تسمع منه هذه الكلمات لتحيا بها من جديد ، فقد كانت تعيش فقط كالميت الذى يتنفس طوال السنين التى عاشتها بدونه ، لم يستطع أى رجل أن يحتل مكانه فى قلبها ،،،،لكن المهم الآن أنه عاد عاد اليها مرة أخرى ،، وهى تكتفى به عن الدنيا ولا تريد شيئا آخر يتبع" "ذكريات إمرأة. . . . . . . . . . . . . الفصل الثالث والعشرون غادر الجميع الساعة الثانية عشر فى منتصف الليل ، كان أحمد هو من قاد السيارة التى استقلتها سارة وأخواتها ، وكان يتبعهما سيارة أخرى بها مجموعة من رجال الأمن . ظنت سارة فى البداية انهم سيسافرون بالسيارة ، لكنها وجدته يتجه للمطار ، وبنظرة استفسار له ، رد عليها بكلمات موجزة ...أنتى كنتى متخيلة أن احنا هنروح الفيوم بالعربية ، عندك استعداد تقضى اكتر من 6 ساعات فى الطريق ؟ كانت سيارة أخرى تنتظرهم فى الممر ، بعد 10 دقائق وصلوا أمام طائرة ، أقل وصف لها أنها رائعة ، كانت صغيرة فى الحجم بالمقارنة بالطائرات العادية ، فرحت بها الفتاتان بشكل لا يوصف ، لكن روعة ما بداخلها اكثر بكثير من خارجها ، كانت وكأنها صالة رائعة تحتوى على كل شئ ، ومطبخ تحضيرى بسيط ، وغرفة نوم صغيرة ، وحمامين ، أحدهم فى مقدمة الطائرة ، والآخر فى نهايتها ، حتى نور رغم صغر سنه الذى يجب أن يشعره بالخوف من هذه الأشياء التى يراها لأول مرة ، لكنه أخذ يجرى هنا وهناك ، ويحاول اكتشاف كل مكان على الطائرة . عندما جلس الجميع وربطوا الأحزمة ، أقلعت الطائرة بهم . كانت سارة تجلس بالقرب من أحمد ، ظلت تنظر له وفى داخلها تساؤلات لا تنتهي ، كانت تعلم أنه غنى ، ولكن ليس لهذه الدرجة التى تمكنه من امتلاك طائرة خاصة . ...بتبصيلى كدة ليه ... ... كنت عارفة انك انسان غامض اوى ، ووراك كتير اوى معرفتوش ولا هعرفة ،،، بس ...... ...بس ايه ؟ ...مش عارفة ... ...كل ده عشان الطيارة دى ، على فكرة دى اشتريتها من سنتين بس ، يعنى مكانتش عندى وقت ما كنتى تعرفينى ، كنت مقضيها على طيارة جدى ... ...هو كمان عنده طيارة ؟ ....طبعا ، ده سليم نورالدين ... ...بالمناسبة ، هو هيوافق على جوازك منى ؟ ...اكيد مش بسهولة ، بس انا أحمد ياسارة ، مش أى حد تانى .. تجمدت ملامح سارة من تلميحه ، ماذا يقصد ؟ هل يقصد هشام ؟ هل اجبره سليم نورالدين على التراجع عن فكرة الزواج منى ؟ وهل وافقه هشام على ذلك ونفذ له رغبته بهذه السهولة ؟ لم يبدوا لها انه ممن يجبرون على شئ كهذا ، فقد كان يبدوا مستقلا وشديد الاعتزاز لشخصيته وقوتها . استمرا فى النظر لبعضهما وكأن كل منهما يسمع أفكار الآخر ....هو ده بقى اللى حصل .. ...هو ايه ؟ ...أنت فاهم انا أقصد ايه ... ...سألتك قبل كدة وبس ألم تانى ، يفرق معاكى اللى حصل معاه ياسارة ؟ ...وأنا جاوبتك قبل كدة وبجاوبك تانى وبنفس الإجابة ، انا أعرفه من اكتر من سنتين ، معملش معايا حاجة وحشة ، يعز عليا لو عمل فيا كدة ... ...بس كدة ... ...تقصد ايه ؟ شاكك فى اتجاه مشاعرى ... ... لا طبعا ، ولا واحد فى المية حتى... ....أمال تقصد إيه ؟ ....ولا حاجة ، هو انتى قولتى ايه للبنات عن الرحلة دى ... ....قولتهم أنهم مكتئبين بعد وفاة ماما ومش عارفين يذاكروا ، لازم يغيروا جو عشان يقدروا يكملوا ... ...كويس د سبب مقنع ، وفعلا هتغيروا جوا ، هناك الجو تحفة ... بعد أكثر من ساعة ونصف ، هبطت الطائرة فى مكان وجهتها ، عندما خرجت من الطائرة وجدت نفسها فى مكان هبوط للطائرة بكم صغير ، كل هذا وسط امتداد بصرى من المساحات الخضراء ...احنا فين ؟ ...فى المزرعة ... ...نعم ، المزرعة فيها مكان لهبوط الطيارة، هى كبيرة اوى كدة ... ...احكمى بنفسك ... وجدت سيارة كبيرة تنتظرهم ، وجو من الترحيب العارم من الموظفين بصاحب المكان ، شقت السيارة طريقها وسط هذا الكم الهائل من الجمال ، وصلوا لمبنى رائع ، رغم حجمه الكبير يبدوا بسيطا فى التنسيق كبيت ريفى جميل ، ...يظهر أن احنا هنستمتع بجد ... ...فعلا ... ...أنت واقف كدة ليه ، مش هتدخل معانا ولا ايه ؟ ...لا ، انا هرجع دلوقتى عندى شغل وحاجات كتير لازم تجهز عشان موضوع اهلك ده ، انا كدة اطمنت عليكى ، اكتشفى المزرعة براحتك ، وعيشى يومين بهدوء ، بعيد عن المشاكل اللى فى حياتك كلها .... ظهرت سيدة تبدوا فى نهاية الأربعينات ، كانت ترتدى عباءة بسيطة ، ...دى زينب ، مسؤولة عن البيت هنا ، هتكون تحت أمرك فى اى حاجة تطلبيها ، سلميلى على ريم ورغد وبوسيلى نور ... ثم تركها وذهب لأول مرة تكتشف أن عقلها بهذا الحجم ، صغير جدا لدرجة أنه لا يتحمل كل ما يحدث لها ، ارتعبت من صوت زينب الذى قفز فى اذنها مرة واحدة ...تأمرى بحاجة ياست سارة ... ...هم راحوا فين ... ...بيتفرجوا على البيت ... ...ممكن تعمليلى قهوة بعد اذنك ، هعمل تيليفون بسرعة كدة وهاجى ... اتصلت سارة بمها التى وجدت منها أكثر من خمس مكالمات فائتة ...إيه ياسارة ، مبترديش ليه ، كنت عايزة أطمن انكوا وصلتوا. . .. وصلنا من شوية ، بس أحمد رجع تانى ... ...على طول كدة .. ..بيقول عنده شغل .. ...مش مشكلة، هبقى أحاول اجى اقضى معاكوا يوم ... ...اوك ، انا هقفل عشان الشوف الليلة دى هترسى على ايه ... ...خدى بالك من نفسك ياسارة ... ...هنا ، مين هيأذينى هنا ؟ دا انا فى قارة تانية يابنتى ... ...ههههههههه، والفضل لواحد صاحبنا ، قصدى حبيبنا ... ...اتلمى يامها ، و روحى شوفيلك حاجة اعمليها ... ...ماشى ، سلام ... ...سلام ... مر أكثر من ثلاثة أيام ، لم يحدث فيهم الكثير ، قضتهم سارة فى التأمل فى الهدوء والجمال الموجود حولها ، وريم ورغد ونور استمتعوا بالمكان جدا وقضوا وقتهم فى التجول والجرى مع الخيول . أما عن مكالمات أحمد مع سارة لتسأله عما يحدث ، فكانت الإجابة بسيطة وموجزة ...لا شئ جديد ... وفى اليوم الرابع حضرت مها ومعها تالا على نفس الطائرة لقضاء يومين معهم ، وكان لوجودها أثر جيد على سارة ، فطالما كانت مها جليس جيد لسارة ، فهى تحبها وتفضى لها بما فى داخلها بلا حرج أو خوف . فى اليوم السادس ليلا ، اتصلت سارة بأحمد لتخبره أنها تريد العودة لمتابعة عملها ، ليس جيدا ان تترك المراكز بدون متابعة كل هذا الوقت ، لكنه رفض عودتها الآن وطلب منها أن تبقى فى المزرعة لفترة ، رجوعها الآن غير آمن عليهم ، فالصراع على أشده بينه وبين هؤلاء الأغبياء ، ولكنه لم يفسر لها ما يحدث بالتفصيل ، اكتفى باخبارها بخطوط عريضة عن الموضوع حتى لا يقلقها . ورغم كل ذلك فهو يحاول فى كل مكالمة بينهما أن يبعدها عن الموضوع بشتى الطرق ، بالحديث عن ذكرى بينهم ، أو عن موضوع معين فى العمل ، وما أشد ما يسعدها ذلك ، فقد ادمنت مكالماته كما ادمنها هو الأخر ، فهو يطلبها على مدار الساعة تقريبا ، قبل وبعد كل إجتماع ، وهو فى سيارته ، فى الاسانيير ، وبالطبع قبل نومهم ، فأصبح ينام كل منهما على صوت الآخر ، ويبقى الخط مفتوح . فى أحد المكالمات ، دخل جده المكتب دون أن يشعر به ، فقد كان مستغرقا تماما فى كلامه معها ، مستديرا بكرسيه وظهره للمكتب وبالطبع الباب ، وكان فى يده بعض الأوراق يقوم بامضائها ، ويتحدث معها بسماعة بلوتوث معلقة فى أذنه . التفت ليضع الأوراق من يده ، وجد جده أمامه يجلس بأريحية تامة ويضع ساق فوق الأخرى وكأنه فى وضعه هكذا من فترة ، التقت الأعين فى صمت استمر لثوانى ، وغضب واضح من جهة جده ..إيه ياسليم باشا ، بتبصلى كدة ليه ؟ ...بتكلم مين ؟ ... إيه السؤال الغريب ده ... ....مين اللى كنت بتكلمها ياأحمد ؟ ...واحدة .. ...منا عارف ، هى مين ، بنت مين ... ...هو فى مشكلة .. ...سمعتك بتقولها ، مش هيقدروا يقربولك لما تبقى حرم أحمد نورالدين ، انت ناوى تتجوز ؟ ...وافرض ، ايه المشكلة ؟ ...المشكلة انك ناوى تبلغنى زى الأغرب ، ولا يمكن هتبعتلى دعوة للفرح ... ...ههههههههه ، لا مش للدرجة دى ، آمال مين هيشهد على عقد جوازى .. ...من غير حتى ما أعرف هى مين ... ...أولا انت تعرفها ، ثانيا ، ه تفرق فى ايه معاك ، كدة كدة هتجوزها ، وحضرتك عارف ان مبغيرش رأيي والمفروض أن فى اتفاق بينا من زمان على الموضوع ده ... ...اتفقنا أنى اعرف ب جوازك صدفة ، وأنك تخبى عنى مين هى .. ...اهدى ياباشا ، الهدوء احسن فى المواضيع دى قطع كلامهم طرقات على الباب وتبعه دخول السكرتيرة ...الاجتماع جاهز ياأحمد بيه ، والمديرين كلهم موجودين .، وتوزع عليهم الأوراق زى ما حضرتك طلبت .... ...طيب يانيرة ، سيبيهم ربع ساعة لحد ما اشرب القهوة مع سليم باشا ، ونديهم فرصة يقروا اللى فيه عشان نتفرج على ردود أفعالهم عليه ، وابعتيلنا القهوة لو سمحتى... ...حاضر يافندم ... خرجت مغلقة الباب خلفها ...شوف ياجدى ، سبق واتفقنا أن ليك جوازة واحدة معايا ، وخلاص تمت ، بمشورتك واختيارك ، وأظن انت عشت معايا الموضوع من أوله ، لحد ما اكدتلك استحالة العيشة معاها ، وانتهينا من الموضوع ده ... ...أنت اللى كنت عايز كدة ... ...وايه المشكلة ، انا واحد عايز الزوجة هى الحبيبة والهدوء والسكن اللى أجرى عليه ، وهيا مكانتش اكتر من مجرد آلة مادية متحركة ، ولا المفروض أنى أعيش زييكم ، الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ... ....تعرف ياأحمد ، من يوم ما بدأ عقلك يشوف الدنيا وانا سعيد بيك جدا من وانت صغير كان واضح عليك انك بتشبهنى اوى ، طموح وتحكمك فى أمور حياتك ، وقدرتك على تحمل الصدمات ، وكمان تحويلها لصالحك ، كنت بتتعامل مع كل شئ باحترافية تامة ، عشان كدة نجحت ، ووصلت بسرعة ، حققت مكاسب خيالية فى وقت قصير جدا ، كان فعلا واضح انك هتكون ماتادور عيلة نورالدين فعلا ، عشان كدة كنت حريص أنى ماأخصركش ابدا ، بل بالعكس احميك وأنمى مهاراتك . لكن للأسف الحلو ميكملش ... ...ليه بس كدة ... ...الصفة الوحيدة اللى اخدتها من جدتك ،، قلبك ،، عايز الحب ،،وبتحاول تفرق بين الحب والشغل ، دى ليه وقته ومجاله ، وده ليه وقته ومجاله ... ...والله ياجدى ، أن على حد معلوماتى أن دى ميزة مش عيب ... ...ميزة لكل الناس ، عيب لينا احنا ، أقرب مثل ليك ،،،جدتك ،،، كان عندها ذكاء وسدادة رأى ملهاش حل وكان عندها الأساس المادى اللى سابهولها أبوها ، كان ممكن تعمل بيه معجزات ، بالرغم من كدة ، كل اللى قدرت تعمله شوية مطاعم بمزرعتين عشان يوردوا للمطاعم وبس ، وكله بسبب العيب ده ، لم حبتنى، سابت كل حاجة عشانى لدرجة أنها جت معايا وعاشت هنا فى مصر ، وقبلت تكون زوجة تانية ، وليها الجزء الأقل من حياتى ... ....يعنى إيه ؟ دلوقتى بتلومها عشان عملت عشانك كل ده ... ...لا طبعا ، يمكن كانت هى من اجمل الحاجات اللى حصلت فى حياتى ، وكنت فعلا بميزها فى كل حاجة ، وكانت دايما تقول كفاية عليا قلبك ، لكن فى فرق ياأحمد ، هى ست ، مكانش مطلوب منها أى شئ ، العيب ده خلاها حبت راجل واكتفت بيه عن الدنيا ، لدرجة أن مبقاش عندها طموح فى حياتها إلا أنها تخليه سعيد وبس ، لكن انت ، بطموحك وذكائك ، عملت من شوية مطاعم اللى سبتهم لك الثروة دى كلها ، فلو فجأة ظهر العيب ده فى حياتك ، ممكن ينهيك ياأحمد ، ويقتل طموحك ، وأنا مش هسمح بكدة ... ...يعنى انت عايزنى اتحول لشخص يشبهك تماما ، معتقدش ، وصدقنى عندى القدرة أنى اصل ده عن ده ... ...لا ياأحمد ، حاجة من اتنين ، يااما العيب ده يستمر وساعتها هيحصل اللى بقولك عليه ، يااما هدوق اللى انت عايز تعيشه وبعدين هتكون زى ما انا عايز ، ويكون عندك الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ، وهفكرك لو كنت عايش ، ولو كنت ميت بقى ، هتفتكرنى لوحدك وقتها ،، ويلا بقى عشان الاجتماع ولا هتبدأ تأثر من دلوقتى ... ادار أحمد كرسيه مرة أخرى واسند ظهره عليه ، واغمض عينيه وأخذ يحدث نفسه ...معقول ، ممكن اعملها ، ممكن اسيبها أو حتى مجرد أنى اجرحها بالشكل ده ، لأ ، صعب ، لأ مش صعب ، ده مستحيل ، انا بحبها فعلا ، ومتأكد من ده ، انا بحتاج قدرة من حديد عشان اقدر اسيطر على نفسى وهى قدامى ، مجرد صوتها بس ولو بالتيليفون ، بيزيد ضربات قلبى ، انا فضلت ادور عليها سنين ، بس خلاص هى معايا ، مش مهم بعدين هيحصل ايه ، أعيش دلوقتى ، واسيب الزمن يحدد اللى هيحصل .... يتبع"
"ذكريات إمرأة .......... . الفصل الثانى والعشرون استمر أحمد فى سرد تفاصيل علاقته بعائلة والدها ، وصداقته بإبن عمها الذى لم تكن تعلم عنه شيئا . ....فى الوقت ده كنت بدأت اشتاقلك جدا ، وحبيت اعرف انت عايشة فين وإذاى ، كل اللى عندى عنك كان اسمك اللى فى عقد الجواز مش اكتر ،جبت اسم الجامعة اللى كنتى بتدرسى فيها هنا من الجامعة فى كاليفورنيا ، واتصلت برجالتى هنا واديتهم اللى وصلتله وطلبت منهم يعرفولى كل حاجة عنك ، طبعا عرفوا عنوانك اللى كنتى عايشة فيه وراحوله ، عرفوا انك اتجوزتى وخدتى أمك واخواتك البنات ومشيتى مع جوزك ، وطبعا سبتى ابوكى ، لكن محدش يعرف انتى رحتى فين ولا حتى ابوكى نفسه ، لحد ماهو مات ، وانقطعت بموته كل الخيوط اللى ممكن اوصلك بيها ، إلا خيط واحد ،،، اسم ابوكى بالكامل ،،، محمد عبد الهادى الدهان ،،، فى الاول افتكروا انه تشابه أسماء ، خاصة أن اسمك فى بطاقتك سارة محمد عبد الهادى ، وبس ، فجأة لقيتهم اتصلوا بيا وقالولى أنك من نفس العيلة اللى بعتهم يقلبوا وراها من فترة ، وأنك تبقى بنت عم جاسر ، وطبعا قالولي تفاصيل علاقتهم بأبوكى وأمك ، وأسباب طردهم لأبوكى من العيلة ، ،،طبعا جاسر ميعرفش أن انا على علم بكل الكلام ده ، لحد يوم حفلة افتتاح المنتجع ، ...هو جاسر كان فى الحفلة ؟ ...طبعا ، ده مهندس الديكور اللى عمل المنتج كله ... ...مهندس ديكور ! ..أيوة ، و مشروعه اللى اللى عملتهوله كان مكتب هندسى كبير ، وبصراحة هو عمل صدى واسع ، وهو طلع محترف ومميز فى شغله اوى ، واتشهر بسرعة ، المهم كان اخوه معاه فى الحفلة ، وهو ده اللى عرفك اول ما شافك لما كنتى واقفة معايا على البحر ، وتانى يوم سألنى ، وقتها قلتله ان فى مشروع خطوبة بينك وبين هشام ، كنت عايز أجيب آخره فى الكلام ، وحصل اللى انا عايزه ، قاللى انك بنت عمه ، وعايشة لوحدك فى مصر انتى وأمك واخواتك البنات ، وأهله عرفوا انك غنية ومصممين يوصلوا للى عندك ، وبدأوا بالفعل يجهزوا نفسهم لتنفيذ ده ، لكن هو ميعرفش أى تفاصيل ، وطلب منى أن أنبه هشام لو كان يهمه أمرك فعلا ، فى اللحظة دى بس قلتله على حكايتى معاكى ، وأنك هتكونى ليا مش لهشام ولا لأى حد تانى ، وأنا اللى هحميكى مش حد تانى ، بعدها بأسبوع قاللى أن أبوه وعمه جم من البلد وقعدوا عنده فى البيت ، وجاى معاهم ناس تانية ، وحجزولهم فى فندق قريب ، طبعا بدأت أجهزة نفسى للموضوع ، وبعت ناس يراقبوهم ، ويوميها قررت انك اعملك حراسة حتى لو من غير متعرفى ، وكمان اخواتك وابنك ، وقررت كمان أنى أنا كمان لازم أكون قريب منك معظم الوقت ، عشان كدة اشتريت البيت اللى جمبك ، وجهزت نفسى أنى هتنقل فيه فى أقرب فرصة ، لكن وفاة والدتك عجل بكل حاجة ، حتى ردود أفعالهم ، وباقى الحكاية بقى انتى تعرفيها ، اللى متعرفهوش أن جاسر كان بيحكيلى اول بأول كل اللى بيعملوه معاكى ، لكن اللى خلاني اعجل برجوعى أن اتصل بيا وقاللى أن لازم ارجع حالا ، لأنه سمع عمك سعيد بيتخانق مع عمك حمدى بسبب طردك ليهم من بيتك لما جولك هنا ، إنه فهم من كلام عمك انه ناوى يردهالك جامد ويعلمك الأدب على حد كلامه ، وده طبعا معناه انهم قرروا يأذوكى ، لدرجة ان عمك حمدى طلب من جاسر ان يتجوزك عشان يحميكى منهم ، وده طبعا انت مقولتيهوش ، بتبصيلى كدة ليه ؟ ...ولا حاجة ، ليه مقولتيليش انك تعرف كل ده ... ...كنت هقولك طبعا ، بس كنت مستنى أحس انك بدأتى تثقى فيا ، كنت بتمنى تيجى انتى وتحكيلى الأول ، كان نفسى تختارينى انا بالذات من كل اللى حواليكى ، وكنت واثق أن ده هيحصل ، بس هياخد وقته ، عشان كدة مفرضتش عليكى نفسى ... لم تحيد عينها عنه للحظة ، ظلت تسأل نفسها ،،، هل هو مهتم بها لهذه الدرجة ؟ ....رحتى فين ؟ ...أنت عايزنى أعمل ايه دلوقتى ؟ ...وهتنفذى ؟ ... بتهرج ! ، بعد كل اللى عملته عشانى حتى من غير ما أعرف ،،، بتسألى هنفذ ولا لا ؟ ...عايزك تسيبى البيت هنا لفترة مؤقتة ، لحد ما أنهى الموضوع ده .. ...أنت قلقان حاجة معينة؟ ...مش بالظبط ، بس من دراستى لعقول الناس دى مع علمى بتفاصيل اللى عملوه فى ناس تانية ، خلاني اقول انهم هيحاولوا يعملوا حاجة ، لأن التدخل هيكون منى انا شخصيا ، فطبيعى انهم يردوا عشان يثبتوا انهم أقوى ، ومش عايز الرد ده يكون فيكى انتى أو ابنك أو حد من اخواتك ، يكون فى حاجة تانية مش مشكلة ... ....وهنختفى قد ايه ؟ ...بالكتير أسبوع ... ...هنخرج برة مصر ؟ ...مفيش داعى ،يكون فى مكان ميتوقعهوش، ،، بصى ، انا عندى مزرعة فى الفيوم ، روحي هناك ، على الأقل اخواتك يغيروا جو وفى نفس الوقت نبعدهم عن اللى بيحصل ... ...اوكى ، انا موافقة ، بس ... ...بس ايه ؟ ...افتتاح المركز ، الناس بدأت الحجز فعلا ، ومكنتش عايزة أغير الميعاد ... ....مش هنغيره ، وكل حاجة هتمشى زى ما انتى مجهزالها، وهبعت ناس يشرفوا على الافتتاح ... بدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، فقد حاولت مرارا التحكم فيها ، ولكن هيهات بعد كل ما تم وما قال ...احمد ... ...نعم ... ....أنا ، انا مش عارفة اقولك ايه ... اتجه إلى الكرسى القريب منها ، جلس عليه ثم انحنى قليلا باتجاهها ...مش عايزك تقولى حاجة ، عايزك بس تاخدى بالك من نفسك ، انا ما صدقت أنى لقيتك بعد كل السنين دى ، ومش هسمح لمخلوق يقربلك ، لازم تبقى واثقة من ده .... أمائت له بالموافقة ، وبعدها أكمل هو كلامه ...بكرة يومك يكون عادى ، عشان محدش ياخد باله ، وفى نفس الوقت تكون حاجتكم جاهزة ، هنمشى بكرة بعد نص الليل ، انا هروح معاكم ، هوصلكم وهرجع ، اوكى .. ...اوكى .. ...هسيبك دلوقتى ، الوقت اتأخر ، حاولى تنامى شوية ، بكرة يومك طويل اوى ، يلا ، تصبحى على خير ... ...وانت من اهله ... وقبل أن يصل للباب ، سمع ندائها عليه بطريقة كان يعشقها ، كانت تناديه بصوت جدا وكأنها لا تريده أن يسمعها ، بصوت مملوء بمشاعر لم يفهمها إلا بعدما غادرت حياته ....أحمد. .. التفت لها بهدوء ، وظل واقفا عن الباب ، حتى أنه لم يرد ...لو فعلا ليا فى قلبك المكان ده كله ، ليه سبتنى أمشى ، ليه طلقتنى بسهولة اول ما طلبت ، انت حتى مسألتنيش عايزة تطلقى ليه ، مودعتنيش ، وأنا ماسكة شنطنى وماشية ، كلمتنى وانتى بتبص فى ورق على مكتبك ، سنين وانا بقول لنفسى أنى مكانش ليا مكان جواك اصلا ، بسبب رد فعلك على طلبى وقتها ، ليه ، ليه ياأحمد ؟ فوجئت به يبتسم كرد فعل من كلامها ، واسند ظهره للحائط ...إيه ، سؤالى يضحك ؟ ...لا ابدا ، اصلى فضلت فترة طويلة اسأل نفسى نفس السؤال بس بعتاب ، كنت كل ما توحشينى اوى ، ألوم نفسى ، وسألها ، كان ليه اصلا من الأول ؟ ، ليه سبتها ؟ اتجوزتها 8 شهور وطلقتها بمجرد ما طلبت ، وده كله ومتعرفش عنها أى حاجة ، بس صدقينى ، وقتها ، كنت افتقدتك اوى فى الفترة اللى جيتى فيها تزورى اهلك فى مصر ، حاجات كتير مكانش ليها طعم وانتى مش موجودة ، عشان كدة كنت مجهزلك حاجات كتير اوى اول ما ترجعى ، رحلة للباهامز ، وكمان جبتلك هدية ، لدرجة أنى فضلت ايام أتخيل لحظة ما اشوفك هيكون شكلها ايه ، قلت لنفسى أنك اكيد مفتقدانى اوى ، وأول ما هتشفينى هتجرى عليا ، تحضنينى ، وتبوسينى ، تعيشينى فى الجنان اللى اتعودته منك ، لكن فجأة لقيت شكلك غريب ، واقفة وشنطتك جمبك ، وبتقوليلى أن الاتفاق اللى بينا مبقاش يناسبك ، وأنك عايزة تنهى العقد ده ،،، أحمد ، لو سمحت طلقنى ، حطى نفسك مكانى ، وليكى تتخيلى رد الفعل ، محستش بنفسى غير وانا بقولك ،،انتى طالق ،، وعرفت بعدها بأسبوع انك نهيتى منحتك ورجعتى مصر ... ثم اقترب منها ببطئ ،وجثى على ركبتيه أمامها وقال ...سامحينى ، سامحينى ياسارة ، مكنتش اعرف اللى انتى فيه ، وده طبعا غلطى انا ، ادينى اعوضك اللى عيشتيه بعيد عنى ، واعوض نفسى معاكى حرمانى منك سنين ... تركته يتشبث بيدها ويقبلها ، فقد احتاجت أن تسمع منه هذه الكلمات لتحيا بها من جديد ، فقد كانت تعيش فقط كالميت الذى يتنفس طوال السنين التى عاشتها بدونه ، لم يستطع أى رجل أن يحتل مكانه فى قلبها ،،،،لكن المهم الآن أنه عاد عاد اليها مرة أخرى ،، وهى تكتفى به عن الدنيا ولا تريد شيئا آخر يتبع" "ذكريات إمرأة. . . . . . . . . . . . . الفصل الثالث والعشرون غادر الجميع الساعة الثانية عشر فى منتصف الليل ، كان أحمد هو من قاد السيارة التى استقلتها سارة وأخواتها ، وكان يتبعهما سيارة أخرى بها مجموعة من رجال الأمن . ظنت سارة فى البداية انهم سيسافرون بالسيارة ، لكنها وجدته يتجه للمطار ، وبنظرة استفسار له ، رد عليها بكلمات موجزة ...أنتى كنتى متخيلة أن احنا هنروح الفيوم بالعربية ، عندك استعداد تقضى اكتر من 6 ساعات فى الطريق ؟ كانت سيارة أخرى تنتظرهم فى الممر ، بعد 10 دقائق وصلوا أمام طائرة ، أقل وصف لها أنها رائعة ، كانت صغيرة فى الحجم بالمقارنة بالطائرات العادية ، فرحت بها الفتاتان بشكل لا يوصف ، لكن روعة ما بداخلها اكثر بكثير من خارجها ، كانت وكأنها صالة رائعة تحتوى على كل شئ ، ومطبخ تحضيرى بسيط ، وغرفة نوم صغيرة ، وحمامين ، أحدهم فى مقدمة الطائرة ، والآخر فى نهايتها ، حتى نور رغم صغر سنه الذى يجب أن يشعره بالخوف من هذه الأشياء التى يراها لأول مرة ، لكنه أخذ يجرى هنا وهناك ، ويحاول اكتشاف كل مكان على الطائرة . عندما جلس الجميع وربطوا الأحزمة ، أقلعت الطائرة بهم . كانت سارة تجلس بالقرب من أحمد ، ظلت تنظر له وفى داخلها تساؤلات لا تنتهي ، كانت تعلم أنه غنى ، ولكن ليس لهذه الدرجة التى تمكنه من امتلاك طائرة خاصة . ...بتبصيلى كدة ليه ... ... كنت عارفة انك انسان غامض اوى ، ووراك كتير اوى معرفتوش ولا هعرفة ،،، بس ...... ...بس ايه ؟ ...مش عارفة ... ...كل ده عشان الطيارة دى ، على فكرة دى اشتريتها من سنتين بس ، يعنى مكانتش عندى وقت ما كنتى تعرفينى ، كنت مقضيها على طيارة جدى ... ...هو كمان عنده طيارة ؟ ....طبعا ، ده سليم نورالدين ... ...بالمناسبة ، هو هيوافق على جوازك منى ؟ ...اكيد مش بسهولة ، بس انا أحمد ياسارة ، مش أى حد تانى .. تجمدت ملامح سارة من تلميحه ، ماذا يقصد ؟ هل يقصد هشام ؟ هل اجبره سليم نورالدين على التراجع عن فكرة الزواج منى ؟ وهل وافقه هشام على ذلك ونفذ له رغبته بهذه السهولة ؟ لم يبدوا لها انه ممن يجبرون على شئ كهذا ، فقد كان يبدوا مستقلا وشديد الاعتزاز لشخصيته وقوتها . استمرا فى النظر لبعضهما وكأن كل منهما يسمع أفكار الآخر ....هو ده بقى اللى حصل .. ...هو ايه ؟ ...أنت فاهم انا أقصد ايه ... ...سألتك قبل كدة وبس ألم تانى ، يفرق معاكى اللى حصل معاه ياسارة ؟ ...وأنا جاوبتك قبل كدة وبجاوبك تانى وبنفس الإجابة ، انا أعرفه من اكتر من سنتين ، معملش معايا حاجة وحشة ، يعز عليا لو عمل فيا كدة ... ...بس كدة ... ...تقصد ايه ؟ شاكك فى اتجاه مشاعرى ... ... لا طبعا ، ولا واحد فى المية حتى... ....أمال تقصد إيه ؟ ....ولا حاجة ، هو انتى قولتى ايه للبنات عن الرحلة دى ... ....قولتهم أنهم مكتئبين بعد وفاة ماما ومش عارفين يذاكروا ، لازم يغيروا جو عشان يقدروا يكملوا ... ...كويس د سبب مقنع ، وفعلا هتغيروا جوا ، هناك الجو تحفة ... بعد أكثر من ساعة ونصف ، هبطت الطائرة فى مكان وجهتها ، عندما خرجت من الطائرة وجدت نفسها فى مكان هبوط للطائرة بكم صغير ، كل هذا وسط امتداد بصرى من المساحات الخضراء ...احنا فين ؟ ...فى المزرعة ... ...نعم ، المزرعة فيها مكان لهبوط الطيارة، هى كبيرة اوى كدة ... ...احكمى بنفسك ... وجدت سيارة كبيرة تنتظرهم ، وجو من الترحيب العارم من الموظفين بصاحب المكان ، شقت السيارة طريقها وسط هذا الكم الهائل من الجمال ، وصلوا لمبنى رائع ، رغم حجمه الكبير يبدوا بسيطا فى التنسيق كبيت ريفى جميل ، ...يظهر أن احنا هنستمتع بجد ... ...فعلا ... ...أنت واقف كدة ليه ، مش هتدخل معانا ولا ايه ؟ ...لا ، انا هرجع دلوقتى عندى شغل وحاجات كتير لازم تجهز عشان موضوع اهلك ده ، انا كدة اطمنت عليكى ، اكتشفى المزرعة براحتك ، وعيشى يومين بهدوء ، بعيد عن المشاكل اللى فى حياتك كلها .... ظهرت سيدة تبدوا فى نهاية الأربعينات ، كانت ترتدى عباءة بسيطة ، ...دى زينب ، مسؤولة عن البيت هنا ، هتكون تحت أمرك فى اى حاجة تطلبيها ، سلميلى على ريم ورغد وبوسيلى نور ... ثم تركها وذهب لأول مرة تكتشف أن عقلها بهذا الحجم ، صغير جدا لدرجة أنه لا يتحمل كل ما يحدث لها ، ارتعبت من صوت زينب الذى قفز فى اذنها مرة واحدة ...تأمرى بحاجة ياست سارة ... ...هم راحوا فين ... ...بيتفرجوا على البيت ... ...ممكن تعمليلى قهوة بعد اذنك ، هعمل تيليفون بسرعة كدة وهاجى ... اتصلت سارة بمها التى وجدت منها أكثر من خمس مكالمات فائتة ...إيه ياسارة ، مبترديش ليه ، كنت عايزة أطمن انكوا وصلتوا. . .. وصلنا من شوية ، بس أحمد رجع تانى ... ...على طول كدة .. ..بيقول عنده شغل .. ...مش مشكلة، هبقى أحاول اجى اقضى معاكوا يوم ... ...اوك ، انا هقفل عشان الشوف الليلة دى هترسى على ايه ... ...خدى بالك من نفسك ياسارة ... ...هنا ، مين هيأذينى هنا ؟ دا انا فى قارة تانية يابنتى ... ...ههههههههه، والفضل لواحد صاحبنا ، قصدى حبيبنا ... ...اتلمى يامها ، و روحى شوفيلك حاجة اعمليها ... ...ماشى ، سلام ... ...سلام ... مر أكثر من ثلاثة أيام ، لم يحدث فيهم الكثير ، قضتهم سارة فى التأمل فى الهدوء والجمال الموجود حولها ، وريم ورغد ونور استمتعوا بالمكان جدا وقضوا وقتهم فى التجول والجرى مع الخيول . أما عن مكالمات أحمد مع سارة لتسأله عما يحدث ، فكانت الإجابة بسيطة وموجزة ...لا شئ جديد ... وفى اليوم الرابع حضرت مها ومعها تالا على نفس الطائرة لقضاء يومين معهم ، وكان لوجودها أثر جيد على سارة ، فطالما كانت مها جليس جيد لسارة ، فهى تحبها وتفضى لها بما فى داخلها بلا حرج أو خوف . فى اليوم السادس ليلا ، اتصلت سارة بأحمد لتخبره أنها تريد العودة لمتابعة عملها ، ليس جيدا ان تترك المراكز بدون متابعة كل هذا الوقت ، لكنه رفض عودتها الآن وطلب منها أن تبقى فى المزرعة لفترة ، رجوعها الآن غير آمن عليهم ، فالصراع على أشده بينه وبين هؤلاء الأغبياء ، ولكنه لم يفسر لها ما يحدث بالتفصيل ، اكتفى باخبارها بخطوط عريضة عن الموضوع حتى لا يقلقها . ورغم كل ذلك فهو يحاول فى كل مكالمة بينهما أن يبعدها عن الموضوع بشتى الطرق ، بالحديث عن ذكرى بينهم ، أو عن موضوع معين فى العمل ، وما أشد ما يسعدها ذلك ، فقد ادمنت مكالماته كما ادمنها هو الأخر ، فهو يطلبها على مدار الساعة تقريبا ، قبل وبعد كل إجتماع ، وهو فى سيارته ، فى الاسانيير ، وبالطبع قبل نومهم ، فأصبح ينام كل منهما على صوت الآخر ، ويبقى الخط مفتوح . فى أحد المكالمات ، دخل جده المكتب دون أن يشعر به ، فقد كان مستغرقا تماما فى كلامه معها ، مستديرا بكرسيه وظهره للمكتب وبالطبع الباب ، وكان فى يده بعض الأوراق يقوم بامضائها ، ويتحدث معها بسماعة بلوتوث معلقة فى أذنه . التفت ليضع الأوراق من يده ، وجد جده أمامه يجلس بأريحية تامة ويضع ساق فوق الأخرى وكأنه فى وضعه هكذا من فترة ، التقت الأعين فى صمت استمر لثوانى ، وغضب واضح من جهة جده ..إيه ياسليم باشا ، بتبصلى كدة ليه ؟ ...بتكلم مين ؟ ... إيه السؤال الغريب ده ... ....مين اللى كنت بتكلمها ياأحمد ؟ ...واحدة .. ...منا عارف ، هى مين ، بنت مين ... ...هو فى مشكلة .. ...سمعتك بتقولها ، مش هيقدروا يقربولك لما تبقى حرم أحمد نورالدين ، انت ناوى تتجوز ؟ ...وافرض ، ايه المشكلة ؟ ...المشكلة انك ناوى تبلغنى زى الأغرب ، ولا يمكن هتبعتلى دعوة للفرح ... ...ههههههههه ، لا مش للدرجة دى ، آمال مين هيشهد على عقد جوازى .. ...من غير حتى ما أعرف هى مين ... ...أولا انت تعرفها ، ثانيا ، ه تفرق فى ايه معاك ، كدة كدة هتجوزها ، وحضرتك عارف ان مبغيرش رأيي والمفروض أن فى اتفاق بينا من زمان على الموضوع ده ... ...اتفقنا أنى اعرف ب جوازك صدفة ، وأنك تخبى عنى مين هى .. ...اهدى ياباشا ، الهدوء احسن فى المواضيع دى قطع كلامهم طرقات على الباب وتبعه دخول السكرتيرة ...الاجتماع جاهز ياأحمد بيه ، والمديرين كلهم موجودين .، وتوزع عليهم الأوراق زى ما حضرتك طلبت .... ...طيب يانيرة ، سيبيهم ربع ساعة لحد ما اشرب القهوة مع سليم باشا ، ونديهم فرصة يقروا اللى فيه عشان نتفرج على ردود أفعالهم عليه ، وابعتيلنا القهوة لو سمحتى... ...حاضر يافندم ... خرجت مغلقة الباب خلفها ...شوف ياجدى ، سبق واتفقنا أن ليك جوازة واحدة معايا ، وخلاص تمت ، بمشورتك واختيارك ، وأظن انت عشت معايا الموضوع من أوله ، لحد ما اكدتلك استحالة العيشة معاها ، وانتهينا من الموضوع ده ... ...أنت اللى كنت عايز كدة ... ...وايه المشكلة ، انا واحد عايز الزوجة هى الحبيبة والهدوء والسكن اللى أجرى عليه ، وهيا مكانتش اكتر من مجرد آلة مادية متحركة ، ولا المفروض أنى أعيش زييكم ، الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ... ....تعرف ياأحمد ، من يوم ما بدأ عقلك يشوف الدنيا وانا سعيد بيك جدا من وانت صغير كان واضح عليك انك بتشبهنى اوى ، طموح وتحكمك فى أمور حياتك ، وقدرتك على تحمل الصدمات ، وكمان تحويلها لصالحك ، كنت بتتعامل مع كل شئ باحترافية تامة ، عشان كدة نجحت ، ووصلت بسرعة ، حققت مكاسب خيالية فى وقت قصير جدا ، كان فعلا واضح انك هتكون ماتادور عيلة نورالدين فعلا ، عشان كدة كنت حريص أنى ماأخصركش ابدا ، بل بالعكس احميك وأنمى مهاراتك . لكن للأسف الحلو ميكملش ... ...ليه بس كدة ... ...الصفة الوحيدة اللى اخدتها من جدتك ،، قلبك ،، عايز الحب ،،وبتحاول تفرق بين الحب والشغل ، دى ليه وقته ومجاله ، وده ليه وقته ومجاله ... ...والله ياجدى ، أن على حد معلوماتى أن دى ميزة مش عيب ... ...ميزة لكل الناس ، عيب لينا احنا ، أقرب مثل ليك ،،،جدتك ،،، كان عندها ذكاء وسدادة رأى ملهاش حل وكان عندها الأساس المادى اللى سابهولها أبوها ، كان ممكن تعمل بيه معجزات ، بالرغم من كدة ، كل اللى قدرت تعمله شوية مطاعم بمزرعتين عشان يوردوا للمطاعم وبس ، وكله بسبب العيب ده ، لم حبتنى، سابت كل حاجة عشانى لدرجة أنها جت معايا وعاشت هنا فى مصر ، وقبلت تكون زوجة تانية ، وليها الجزء الأقل من حياتى ... ....يعنى إيه ؟ دلوقتى بتلومها عشان عملت عشانك كل ده ... ...لا طبعا ، يمكن كانت هى من اجمل الحاجات اللى حصلت فى حياتى ، وكنت فعلا بميزها فى كل حاجة ، وكانت دايما تقول كفاية عليا قلبك ، لكن فى فرق ياأحمد ، هى ست ، مكانش مطلوب منها أى شئ ، العيب ده خلاها حبت راجل واكتفت بيه عن الدنيا ، لدرجة أن مبقاش عندها طموح فى حياتها إلا أنها تخليه سعيد وبس ، لكن انت ، بطموحك وذكائك ، عملت من شوية مطاعم اللى سبتهم لك الثروة دى كلها ، فلو فجأة ظهر العيب ده فى حياتك ، ممكن ينهيك ياأحمد ، ويقتل طموحك ، وأنا مش هسمح بكدة ... ...يعنى انت عايزنى اتحول لشخص يشبهك تماما ، معتقدش ، وصدقنى عندى القدرة أنى اصل ده عن ده ... ...لا ياأحمد ، حاجة من اتنين ، يااما العيب ده يستمر وساعتها هيحصل اللى بقولك عليه ، يااما هدوق اللى انت عايز تعيشه وبعدين هتكون زى ما انا عايز ، ويكون عندك الزوجة حاجة والعشيقة حاجة تانية ، وهفكرك لو كنت عايش ، ولو كنت ميت بقى ، هتفتكرنى لوحدك وقتها ،، ويلا بقى عشان الاجتماع ولا هتبدأ تأثر من دلوقتى ... ادار أحمد كرسيه مرة أخرى واسند ظهره عليه ، واغمض عينيه وأخذ يحدث نفسه ...معقول ، ممكن اعملها ، ممكن اسيبها أو حتى مجرد أنى اجرحها بالشكل ده ، لأ ، صعب ، لأ مش صعب ، ده مستحيل ، انا بحبها فعلا ، ومتأكد من ده ، انا بحتاج قدرة من حديد عشان اقدر اسيطر على نفسى وهى قدامى ، مجرد صوتها بس ولو بالتيليفون ، بيزيد ضربات قلبى ، انا فضلت ادور عليها سنين ، بس خلاص هى معايا ، مش مهم بعدين هيحصل ايه ، أعيش دلوقتى ، واسيب الزمن يحدد اللى هيحصل .... يتبع"