"ذكريات إمرأة ...........الفصل الثلاثون برغم انطلاقهم بالسيارة من الساعة السابعة ، إلا أنهم وصلوا متأخرين عن ميعاد ابتداء مراسم الحفل فقد تقرر ابتدائه فى الساعة التاسعة ، بالطبع فاتهم كلمة البداية من سليم نورالدين ، كانت الحفلة ضخمة جداً بالمعنى المفهوم ، تم إقامتها فى المساحة الخالية بين الثلاث مصانع ، نافورة فى الوسط ، يقابلها مسرح منخفض نسبيا لفرق الغناء ، تم دعوة اهم رجال الأعمال فى مصر والوطن العربى ، وعدد كبير من الإعلاميين والفنانين ، دخل طارق ومها وتبعتهم سارة وحدها ، كانت ترتدى فستان كريمى هادئ يميل للون البنى ، وطرحة ساتان بنية اللون ، فتنته عندما رآاها من بعيد ، هل هى جميلة إلى هذا الحد أم هو من يراها دائما جميلة. لكنه غضب وشعر بغيرة عارمة عندنا رأى جاسر يقترب منها ، سلم عليها باليد ، وكل منهما يبتسم للأخر ، هو يعلم جيدا حبيبته وأيضا صاحب عمره ، لكنه كره المنظر هكذا ، لم يشعر جاسر إلا ويد أحمد تمتد ليدها وتسحبها بهدوء من يده ، قائلا ...الايد دى بتاعتى انا ، ممنوع الاقتراب أو التصوير ولثانية بسيطة تعلقت عين أحمد بعين جاسر وكأنه نوع من التحدى ، فهمه جاسر ولاحظته سارة ، انسحب جاسر مبتسما وهو يقول ...ماشى ياعم، هنيالك بالإيد وصاحبتها ، بس يارب تاخد بالك منها ... التفت لسارة وهو يقول بنغمة تحزيرية ...ممنوع حد يسلم عليكى بالايد مرة تانية ، اوكى .. ...لأ مش اوكى ، ايه إلا حصل دلوقتى ده ... ...إيه ، بغير عليكى ، مش من حقى ولا ايه ... ...غريبة ، بتغير من مين وعشان ايه ، إذا مكنتش من مجتمع مسموح فيه كل شئ ... ...متقارنيش بينك وبين المجتمع اللى انا منه ، وبعدين اغير من أى حد ومن أى حاجة براحتى .. ...احنا ناوى نتخانق ولا حاجة ... ...بالعكس الليلادى بالذات مينفعش نتخانق. .. ...اشمعنى ، هتفهمى بعدين ، اتفضلى ندخل. . ..اوكى ... لم يدرك كل منهما أن الحفل مملوء بالأعين التي راقبت ما حدث ، بداية من الجد مرورا بهشام وهيا ، وعمات أحمد وبنات عمه ، حتى جاسر الذى ابتعد عنهم ليراقب حديثهم من بعيد ، وبالطبع كل منهم يضع الكثير فى جعبته ليفرق الاثنين ، لكن هيهات ، أحمد ليس بالشخص الهين الذى يترك شيئا للظروف . وقفت سارة مع مها مرة أخرى ، واتجه أحمد لجده بعدما أشار له ليأتي ليسلم على بعض الضيوف ، ...إيه مالك ياسارة ، مكشرة كدة ليه ؟ ...مدايقة ، ياريتنى ماكنت جيت .. ..ليه بس ، دى الحفلة حلوة ، وكمان ... ...وكمان ايه ، فى ايه ؟ ...حاولى تمسكى نفسك عشان هشام جاى وراكى ... ...هشام ، كملت ، كدة خناقة رسمى ... ...مساء الخير ياجماعة ... ردت مها ...مساء النور ياهشام ، اذيك ... ...الحمد لله ، اذيك ياسارة ... ...الحمد لله ، اذيك انت ... ...تمام ، مبترديش عليا ليه فى التيليفون ... ..عادى ، بس مبتكنش الظروف سامحة ... أشارت مها بهدوء لسارة فى الاتجاه الآخر ، كان أحمد يسير باتجاههم ومعه عمها حمدى ، بالطبع لاحظ هشام ويبدوا أن الرسالة وصلته من هذا ، ...مساء الخير ... ..مساء النور ، ازييك ياعمى ، هو انت ليك فى الحفلات دى ... ...أبدا يابتى ، جاسر هو اللى جال أنى لازم اجى ، عشان اشوف شغله ، والله يابتى ما انى فاهم حاجة لحد دلوجتى. .. أجاب أحمد ..انا هفهمكم كلكم كل حاجة دلوقتى حالا ، بس بعد اذنكم سارة ثوانى ... بدون الإجابة من أحد ، مد يده وامسك بيد سارة وتحرك بها لمكان بعيد عنهم نسبيا ...فى ايه ياأحمد ، مش تفهمنى ... ...أنت ليه مستعجلة كدة ... ...مبحبش أبقى زى الأطرش فى الزفة. ... ...اطرش ههههههههه، طيب ياستى ، انا سبق قولتلك أنى حددت ميعاد الفرح ، صح ... ...وبعدين ... ...وبعدين ايه ، انهارضة فرحك ياعروسة ... ...نعم ، انت مجنون ، مينفعش ... ... مجنون بيكى ياسارة ، ومش هسمح لمخلوق يبعدك عنى تانى ، واللى مينفعش لازم ينفع ، مادام انا عايزه ينفع ... أنهى كلماته وهو يعود بظهره للخلف ويبتعد عنها ، ...ارجع يامجنون ، هتعمل ايه ... ...هو انتى لسة شفتى جنون ، هتشوفى دلوقتى جنانى على أصله ... ثم استدار وابتعد عنها ، عادت هى للوقوف مع عمها ومها وهشام وانضم لهم جاسر وطارق ، أما أحمد كان فى طريقه للاستيدج الذى يقف عليه أحد الفرق تعزف موسيقى هادئة ، عندما استوقفه جده قائلا ...احمد ، انت مش مركز مع ضيوفك الأساسيين فى الحفلة، ومركز مع ناس تانية ... ..بالعكس ياجدى ، اللى انا مركز معاهم هم الأساس الأهم ... ...يعنى إيه ؟ ...هتفهم حالا ، هى الناس كلها مستعجلة انهارضة ليه ، ولا انا اللى بارد ... أكمل طريقه للمكان الذى يريده ، تاركا جده فى حيرة من أمره . فجأة سمع الجميع صوته يصدر من مكبرات الصوت التى تملأ المكان ، ...مساء الخير ياجماعة ، شرفتونا انهارضة ، طبعا انتوا عارفين ان السبب الأساسى للحفلة دى علشان افتتاح مجمع المصانع التانى لمجموعة نور الدين ، لكن بالنسبالى انا السبب الأساسى للحفلة دى حاجة خاصة بيا انا ، وهتكون مفاجأة للكل ، بس قبل ما أقولها ، كنت عايز احكيلكم حكاية ، بصراحة، انا بعتبرها حكاية عمرى ... زاد انتباه الجميع لما سيقول ، يبدوا أن مفاجاته ستأتي بثمارها وستكون صاعقة للجميع . أما سارة فقد توقعت ما سيقوله ولكنها كذبت نفسها أكمل أحمد كلامه ... معظمكم عارف أنى كنت عايش فى اميريكا ، حياتى كانت هناك ودراستى كمان ، مرجعتش هنا غير من 5 سنين ، لما كنت فى اخر سنة فى الجامعة ، قابلت بنت ، مصرية ، كانت بتدرس هناك بمنحة من رجل أعمال ، منحة قدمها لجامعة القاهرة لمساعدة اكتر طالب متفوق فى جامعة مرموقة برة مصر ... لم تصدق سارة نفسها ، هل سيحكى حكايتها معه فعلا ، هل سيقول أنها كانت تعمل مدبرة لمنزله ، هل سيخبر الجميع عما حدث بينهما ؟ تابع أحمد روايته ... الغريب بقى أن هى متعرفش أن اللى قدملها المنحة دى هو نفسه ، سليم نورالدين اتسعت عينا سارة من المفاجأة ، وكان رد فعل جده بنفس الطريقة ، ونظر كل منهما للأخر . ...وطبعا هو كمان ميعرفش هى هتكون ايه بالنسباله بعد كدة ، المهم فى الموضوع، انى اول ما شفتها شدتنى بشكل قوى جدا ... أكمل كلامه وعينا كل منهما معلقة بالآخر ، وكأنهما منعزلين عن العالم الذى يحوطهما ، ويبدوا أن جميع الحاضرين لاحظوا عن من يتكلم من نظراته لها ، وتحوطها كل العيون تنظر لها . ...حاولت أقرب منها ، رفضتنى ، رفضت كل خطوط الاتصال بينا ، مكانش قدامى حل غير أنى اتجوزها ، وبرده وافقت بعد عذاب ، وافقت بشروطها ، رغم انه كان اتفاق عملى جدا وكأنه عقد شراكة ،رغم كدة ، سنة كاملة ، عشت فيها أجمل مشاعر ، من غير أى كلمة حب ، كل واحد فينا ملتزم باللى يخصه فى الاتفاق ده ، لكن المشكلة كانت عندى انا ، للأسف حبيتها ، غرقت فيها بشكل مقدرتش حتى اقاومه ، مبقتش قادر أبعد عنها ، واتأكدت من كدة لما نزلت إجازة مصر تزور أهلها ، قررت فى الوقت ده أن أقولها ، لكن للأسف، أول ما رجعت ، كانت محضرالى مفاجأة رائعة ، طلب طلاق ، رجعت وبدل ما تقولى وحشتنى ، قالتلى طلقنى ، وكانت مصممة تماما عليها ، وطبعا قصاد تصميمها ده مرفضتش ، طلقتها ، ومشيت ، ولما سألت عليها بعدها بيومين ، عرفت أنها اعتذرت عن منحتها ورجعت مصر ، من غير حتى ما أعرف السبب ، سنين بدور عليها ، كنت هتجنن اعرف هى فين وعايشة ازاى ، لكن للأسف مقدرتش اوصلها، حاولت أعيش ، اتجوزت مرة واتنين ، ومفيش فايدة ، دورت عليها فى كل ست عرفتها ، وقربت منها ، وبرده مفيش فايدة ، لكن فجأة وبدون أى مقدمات ، لقيتها قدامى ، تفتكروا ياجماعة ، لو أى حد منكم مكانى ، يعمل ايه ؟ رد عليه معظم الحاضرين الذين انفعلوا تماما مع حكايته .........تتجوزها طبعا .... أصاب الذهول سارة من هذا التفاعل ، وبدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، أما أحمد ابتسم وقال ...بالفعل ، هو ده اللى هعمله ، أبقى مجنون لو سبتها تروح منى تانى ... ترك المايك من يده ، ونزل من على الاستيدج، واتجه صوبها والجميع يبتعد من طريقه حتي وصل إليها ابتعد عنهم بخطوتين كل من كانوا يقفون معها ، اقترب هو منها ومد يده فى جيب سترته وأخرج علبة مخملية صغيرة ، فتحها وأخرج منها خاتم رائع صغير الحجم بفص ماسى كبير ، امتدت يده به وهو يقول ... الخاتم ده معايا من اكتر من سبع سنين ، جبتهولك يوم ما سبتينى ، كانت هدية رجوع عشان اقولك بيه وحشتينى ، دلوقتى بيه برده بقولك ،،،،،،،تتجوزينى ياسارة ،،،،،،،،، عند هذه اللحظة لم تستطع منع دموعها ، جهشت بالبكاء وهى تومئ له بالموافقة ، وتعلقت فى رقبته أمام الجميع ، حضنها ودار بها وسط تصفيق حاد من الحاضرين ، وتحت أنظار المزهولين أيضا ، حتى أنهم لم يستطيعوا رفع يدهم للتصفيق ، بالطبع منهم الجد وهشام ومعظم عائلة أحمد خاصة السيدات منهم . ...المأذون جاهز ومستنى. .. ...نعم ، دلوقتى ؟ ...طبعا دلوقتى ، كل حاجة جاهزة ... ...مينفعش ياأحمد ، انا مش جاهزة وبعدين اخواتى ... ..بس بس ، متكمليش. .. أشار بيده فظهر أخواتها من خلف الناس وهم يبتسمون لها بالموافقة ، ...اسمعى بقى ، وكيلك موجود ، عم حمدى هنا ، وشهود فرحك موجودين ، سليم باشا بنفسه .. نطق الاسم وهو ينظر له وكأنه لا يقبل منه الرفض ...والشاهد التانى جاسر ابن عمك ، اخواتك موجودين ، ومها كمان موجودة ، عايزة حد تانى غير كدة ، اؤمرى وهجيلهولك لحد عندك ... ... احمد ،،،انا ،،، ...بس وافقى ياسارة ، خلينا نبدأ نعيش ... اماءت برأسها له ، ابتسم لها ورفع يدها وقبلها ، وبدأت مراسم كتب الكتاب وسط التهانى والقبلات من بعض الأشخاص ، والكره وعدم التصديق من آخرين ، والغيرة والحقد من فئة ثالثة ، أما هى فقد كانت فى عالم آخر تماما ، لم ترتفع عينيها عنه وعن فرحته الناضحة من عيونه ، هل ستعيش ، هل آن لها الأوان لكى تحيا ، هل انتهت أيام وليالي الوحدة والبكاء على الأطلال ، لطالما عاش فى حياتها مجرد ذكرى وحلم ، هل سيتجسد الان أمام عينها ويملئ حياتها ، وللأسف كان لها كل الحق للخوف والبكاء بل والنحيب أيضا ، يبدوا أن القدر لن يحقق لها مناها ، لقد كتب عليها أن تكون امرأة الذكريات ويبدوا أنها ستبقى هكذا ، سيبقى الحب فى حياتها مجرد ذكريات ،،،،، عندما أنهوا اجرائاتهم وامضائاتهم ، اقترب منها ، اقترب من زوجته وحبيبته ، قبل يدها ورأسها ، مد يده ومسح دموعها ، سحبها من يدها لترقص معه على موسيقى لطالما عشقها الاثنان ، لطالما سمعاها ورقصا عليها ، ومارسا عليها كل مشاعر الحب والرومانسية المطلقة التى لم يعشها كل منهما إلا مع الآخر . وفى لحظتها كان خط النهاية ، بل البداية ولكن لسلسلة أحزان جديدة لامرأة الذكريات ، رصاصة ، مجرد رصاصة ، انطلقت من مسدس مجهول واتجهت أظهره مباشرة ، رصاصة دفع ثمنها الجد لتستقر فى صدرها هى ، ولكن كان لعائلتها رأى آخر ، هدم الجدار الذى احتمت به ، نهايته هو وليس هى ، لكل منهما رأيه وهدفه والنتيجة ضياعه وضياعها معه ، لا نعلم هل عاش أم مات ، هل عاشت هى الأخرى أم ماتت ، دائما ياسادة تكون الكلمة للقدر ، مسار حياة كل فرد فينا ليس بيدنا ، مهما حاولنا التحكم فيه ، فكلمة النهاية ، تكون فقط للقدر ،،،،،،،،،، كانت هذه هى نهاية الجزء الأول من رواية ذكريات ، إلى اللقاء أن شاء الله مع الجزء الثانى منها ،،،،،،،،، تحياتى لكم ،،،،،،،،،بقلمى" "إمرأة الذكريات. ................الفصل الواحد والثلاثين اعتقدت خطأ أن أيام الألم والحزن التى عاشتها قد انتهت ، وأن السحابة السوداء التى حجبت عن قلبها النور بدأت تنقشع ، وأنها سترى الدنيا من نافذة الحب والحياة مرة أخرى . حبه ، اهتمامه، حمايته لها من قريب أو بعيد جعلتها تبدأ فى إعطاء الدنيا الأمان من جديد ، فقدانها للأمل فى حياة خاصة بها قد تعودت عليه ، قررت الإمضاء فى حياتها من أجل ابنها واخواتها الاتى لم يعرفن سندا فى حياتهما غيرها ، أما هى كأنثى قد ماتت فيها كل المشاعر التى قد تعيشها مع رجل تعشقه ، مات فيها كل إحساس قد يثيره رجل بكلمة أو لمسة أو حتى مجرد نظرة منه لها ، احتضر القلب بعد فقدانه كل مقومات الحياة . لكنه عاد لها ، عاد من أجلها ، بحث عنها ووجدها ، وتمسك بها ، عاد بعد غياب طويل ليحيى ما قد مات فيها ، عاد ليقولها ويجهر بها أمام الجميع ،،، ..انتى حبيبتى ، قلبك ملكى ولن يكون لاحد غيرى .. عاد بعد ست سنوات ، زاقت فيهم كل أنواع الحرمان العاطفى ، شاهدت الموت البطئ لمشاعرها على يد زوج سادى عنيف وذكراه السيئة من بعده ، عاشت تقطات على ذكريات جميلة عاشتها معه بعيدا عن عالمها وضغطه عليها ، وعندما قررت الاقتران برجل آخر ، هاجمتها ذكرياتها معه بكل قوة ، ليلا ونهارا وفى كل دقيقة ومع كل موقف ، وكأن عقلها وقلبها يحاولون أخبارها بأنه لا يوجد مكان لغيره داخلهما. وقف للجميع من أجلها ، ظلها بحمايته ورعايته ، ولم ولن يترك مخلوق يقترب منه ، فقط شعرت بالأمان فى وجوده وان كان بعيدا ، فقط عاشت معه العشق الذى لم تجده من أحد غيره ، لكن الآن ، الآن قررت الحياة أن تجعله يغيب ، أن تغيب شمس سطعت لتنير طريقها الذى أظلم منذ سنين ، الأن هو ممدد على فراش الموت كما يطلقون عليه ، متصل به أسلاك من جميع الاجهزة التى عرفتها طوال حياتها الطبية ، مغمض العينين ، فاقد لكل معنى من معانى الحياة ، تقف هى خلف الحاجز الزجاجى ومازالت بفسانها الذى يغطى بدمائه وقت إصابته ، تقف مذهولة من رؤيته هكذا بعدما كانت بين يديه يرقصان أمام الجميع بعد عقد قرانهما ، هو الآن بين يدى الله ، ولن ينقذه ويعيده اليها غيره ، رفعت رأسها للسماء وعينيها تمتلئ بالدموع، وقلبها يصرخ بالنداء .....يارب ، يارب .... ************************** أما عن الجد ،، سليم نورالدين ،، فقد فقد قواه تماما وانهار واقعا على الأرض بعد رؤية حفيده الأهم غارقا فى دمه ، حفيده وريث حكم مملكة نور الدين ، الذى اختاره من بين أربعة أبناء وسبعة أحفاد ذكور ليحظى بمكانه من بعده ، ارتفع ضغط دمه وسقط مغشيا عليه بعدما كان كالجبل الشامخ، لم يصبه مرض طوال حياته ، تم وضعه فى العناية المتوسطة منذ أمس لحين استعادة وعيه ومراقبة ضغطه ، بيده قتل حفيده ، بمساعدته تم الدخول ، بماله تم الصرف على التخطيط والتنفيذ ، كانت هى الهدف ، خيب الله هدفه وأصاب آخر ما أراده لها ، أصابه هو ، أصاب امتداده ، واصابه فى مقتل . *************************** ....سارة ، ردى عليا ارجوكى ، تعالى غيرى هدومك دى ، انا جبتلك هدوم تانية ، مينفعش كدة ياسارة ، انتى على نفس الوقفة دى من امبارح ... لم ترد سارة على مها واستمرت على وقفتها أمام الحاجز الزجاجى ، تراقبه من بعيد . ألقت نظرة لطارق زوجها وهى تهز كتفها بقلة حيلة ، فلم تقابل كل محاولاتها مع سارة بأى نتيجة ، ونظرة أخرى من طارق لجاسر ابن عم سارة والصاحب الأقرب لأحمد ، الذى بدوره تقدم من سارة ،وقال : ...سارة ، أحمد نفسه مستحيل يكون سعيد بوقفتك دى ولا بشكلك ده ، روحى مع مها ، غيرى هدومك وارجعيله تانى ، انتى مش هتبعدى ، الحمام أهو ، يلا ياسارة ... رفعت عينيها له بشئ من الاستسلام والضعف ، وضع يديه على كتفيها وحركها بشئ من الاجبار وهو يومئ برأسه ليشجعها على الحركة ، تقدمت منها مها وسندتها ، واتجها للحمام تحت أنظار عائلة نورالدين بالكامل ، بالإضافة إلى كل المساهمين فى الحدث والمجاملين وبعض رجال الأعمال . فقد امتلئت المستشفى منذ ليلة أمس بكل هؤلاء ، لا يرحل جزء منهم إلا ويحضر آخرون ، أما عن هشام الذى لم يتحدث منذ وقتها ، هو يحب أحمد ، هو بالنسبة له صاحبه وابن عمه وسنده الذى واجه معه الجميع خاصة جده ، لكن بعد مواقفه مع سارة التى لم يكن يعلم بها إلا مؤخرا ، بدأ يتغير تجاهه خاصة عندما أعتقد أن أحمد هو من غير سارة عليه ليقرب منها ، حتى بعدما اتضحت له بعض الأمور ليلة أمس بعد حديث أحمد وقصه حكايته مع سارة أمام الجميع إلا أن موقفه لم يتغير من ناحية أحمد ، خاصة بعد إعلان جده للجميع تولي أحمد إدارة المجموعة معه ، وتمتعه بكافة الصلاحيات التى يتمتع بها جده ، والغريب انه من داخله لا يعلم أن كان حزينا أو سعيد بما حدث لأحمد ، *************************** أما عن هيا ، الزوجة المتروكة من أجل سارة ، فهى ليست حزينة مطلقا لما حدث لأحمد ، وشماتتها فى سارة ، وغير مهتمة على الإطلاق إلا غضبها بسبب طلاقها قبل أيام لما حدث الآن ، وبعدها زواجه من سارة ، فبهذا ترث سارة أكثر من نصف تركته ، فى الوقت الذى حرمت فيه من أى ايرث منه ، غافلة عن أن سارة لا تشعر بوجودها مطلقا ولا ما تفكر فيه ، فهى الآن مغلفة بكبسولة حزنها على ضياعه منها . ************************* خرجت سارة ، مرتدية ما احضرته لها مها وهو بنطلون جينز اسود وفست زهرى غامق وضيق وطوله حتى الركبة وفوقه جاكت اسود مع حجاب وجزمة بلون الفست ، دخلت بها مها إحدى الاستراحات القريبة ، ساعدتها على الجلوس ، ...ثانية واحدة ، هجبلك عصير واجى حالا ... ...تعالى يامها ، مش عايزة حاجة ، مليش نفس ، انا هقوم اروح للدكتور أطمن على أحمد ... ...استنى بس ، تروحى فين ، انا مردتش اقولك أكل ، عشان عارفة انك هترفضى ، قلت عصير وخلاص ، ثانية واحدة وهاجى على طول .... جلست سارة ثوانى وحدها ،قل إن تفاجئ بمن جلس أمامها دون دعوة ، ...سارة ، عاملة ايه دلوقتى ؟ ...الحمد لله ، اخبار جدك ايه ؟ ...الحمد لله ، بيقولو لو استمر الحال على كدة ، هيخرجوه اوضة عادية انهارضة. .. ...الحمد لله ... ساد الصمت بينهما لثوانى ، ثم قال ليقطع صمتهما ...ليه مقولتليش انك كنتى متجوزة أحمد قبل كدة ... رفعت رأسها مندهشة من عدم مناسبة الوقت والموقف لهذا الحديث ، لكنها غير قادرة على عتاب أو ملامة أحد ، خاصة بعدما تذكرت تهربه منها فى وقت كانت فيه فى أشد حاجتها إليه . ردت عليه باقتطاب ...ادعيله ، ادعيله يقوم بالسلامة ا الأول .... غادرت المكان ، وتابعها بعينه حتى أبتعدت ، واستدار يلعن نفسه على تهوره بسؤاله هذا . ********************************* انطلقت سارة متجهة لغرفة الطبيب لتسأل عن حالة أحمد ، لكن بالطبع زادت حزن على حزنها نتيجة لكلامه ، جراحة القلب المفتوح التى أجراها أحمد بسبب الرصاصة التى استقرت فى قلبه، لم تكن محمودة النتائج ، لكنها كانت الخيار الأمثل فى حالته. أصبحت كالمغيبة عن الوعى لكنها تتحرك على قدميها، ، خرجت من المستشفى تحاول الوصول للهواء لتتنفس لصعوبة قدرتها على التنفس داخل المستشفى وكأنه لا يوجد بها هواء ، كانت تمشى بلا وجهة محددة ، فقط تمشى حتى أبتعدت قليلة ، دخلت منطقة تكسوها الخضرة ومملوئة بالأشجار ، يبدوا أنها حديقة يحوطون المستشفى بها ، غافلة عن زوجين من الأعين التى شاهدت دخولها هذه المنطقة ، أحدهما جاسر الذى تتبعها من لحظة خروجها من غرفة الطبيب لقلقه عليها ، والزوج الآخر كان لهيا التى كانت تستقل سيارتها وفى اتجاهها للمستشفى ولمحت جاسر أولا ، فهى تعرفه جيدا ، وللاسف حاولت اغوائه من قبل وفى عز تناغم علاقتها بأحمد ، انا سارة فهى لا تعرفها جيدا، فلم ترها من أيام الجامعة ، وبالطبع لن تتعرف عليها بسهولة بعد الحجاب ، لكن حين اقتربت تبينت ملامحها جيدا ، كان هدفها جاسر الذى رفضها من قبل ، فوجدت ما هو أكثر وأهم من ذلك بالنسبة لها ، وقغت سارة أمام أحد أحواض الورد ، ومستندة بظهرها على جزع شجرة عالية ، تذكرت أحد مواقفها معه ، كانت فى المزرعة ، مكان ما إخفاء هى واسرتها عن المهددون بقتلها، كانا يمشيان فى الحديقة وحدهما بعد العشاء ، ووقفا أمام حوض زهور يشبه الذى تقف أمامه الآن ، جلس أحمد على أحد أطرافه ومد يده لها لتجلس وفعلت ، ...أنتى رافضة فكرة الموت ، بس دى الحقيقة الوحيدة في حياتنا واللى مفيش مخلوق هيهرب منها ... ...أنا مش رافضة الفكرة ، بس انا تعبت من كل الحزن اللى عدى عليا ، والموت بالنسبالى مصدر أساسى للحزن ... ...ولو أنا اللى مت ، هتعملى ... انتفضت سارة وهى تلتفت إليه ، وضعت يدها على فمه لتمنعه أن يكمل ، تلئلئت الدموع فى عينيها، وهى تومئ رأسها له بالنفى ، تستجديه أن يبعد الفكرة اصلا ، فلن تتحمل ، مد يده وضعها فوق يدها التى تغطى فمه وقبل راحتها ، وبحركة تلقائية منها اقتربت ودخلت فى ااحضانه ومد يديه واحاطها ، فقد أراد هذا منذ زمن بعيد ، والآن يحدث ، هى بين يديه ، وكان هذه ثانى مرة تفعلها بعد اول لقاء بينهما فى الغردقة . أبعد رأسها، وهم بتقبيلها ، لكنها أدارت رأسها للجانب وابعدت يديها عنه ، وقفت وتحركت بظهرها بعيدا وهى تومئ بالسلب، خيط بيده على حائط الحوض وهو يقول بصوت عالى ...كدة صعب ، والله صعب ، طب يارب اموت ... تجمدت مكانها ، وتحولت ابتسامتها لتكشيرة من دعائه ، وقف واقترب منها ، وامسك بوجهها بين يديه ،وقال ...وافقى تتجوزينى أول ما نرجع وانا مقولش كدة تانى ... فكت يديه ، وجرت من أمامه وصوت ضحكتها العالية يغطى المكان . لم تعد تتحمل حتى الذكرى بينهما وهو غائب عن الدنيا هكذا ، انهارت ، وارتفع صوت بكائها ، وهى تنزل بجسدها مستندة للشجرة ، حتى جلست على الأرض وهى تبكى بهيستيريا. راقب جاسر كل هذا ، ولم يعد يتحمل انهيارها بهذه الطريقة ، اقترب منها نزل على ركبتيه أمامها ، أمسك رأسها وشدها تجاهه ، استندت على صدره وزاد نحيبها، ولكن اقترابها من صدره بهذه الطريقة ، ذكرها بحضن حبيبها ، فلفت يديها حول خسره وهى تقترب منه حتى التصقت بصدره ومازالت تبكى ، بملامستها له بهذه الطريقة ، فقد كل قدرته على السيطرة على نفسه ، احاطها بزراعيه وضمها بقوة وكأنه يزرعها بين ضلوعه حتى لا تبتعد مرة أخرى ، لم ينتبها للواقفة تشاهد وتستمتع بالاحداث أمامها ، وبالنسبة لها هذا مشهد حب رائع بين حبيبين ، انتفض كل منهما على صوتها وهى تقول
"ذكريات إمرأة ...........الفصل الثلاثون برغم انطلاقهم بالسيارة من الساعة السابعة ، إلا أنهم وصلوا متأخرين عن ميعاد ابتداء مراسم الحفل فقد تقرر ابتدائه فى الساعة التاسعة ، بالطبع فاتهم كلمة البداية من سليم نورالدين ، كانت الحفلة ضخمة جداً بالمعنى المفهوم ، تم إقامتها فى المساحة الخالية بين الثلاث مصانع ، نافورة فى الوسط ، يقابلها مسرح منخفض نسبيا لفرق الغناء ، تم دعوة اهم رجال الأعمال فى مصر والوطن العربى ، وعدد كبير من الإعلاميين والفنانين ، دخل طارق ومها وتبعتهم سارة وحدها ، كانت ترتدى فستان كريمى هادئ يميل للون البنى ، وطرحة ساتان بنية اللون ، فتنته عندما رآاها من بعيد ، هل هى جميلة إلى هذا الحد أم هو من يراها دائما جميلة. لكنه غضب وشعر بغيرة عارمة عندنا رأى جاسر يقترب منها ، سلم عليها باليد ، وكل منهما يبتسم للأخر ، هو يعلم جيدا حبيبته وأيضا صاحب عمره ، لكنه كره المنظر هكذا ، لم يشعر جاسر إلا ويد أحمد تمتد ليدها وتسحبها بهدوء من يده ، قائلا ...الايد دى بتاعتى انا ، ممنوع الاقتراب أو التصوير ولثانية بسيطة تعلقت عين أحمد بعين جاسر وكأنه نوع من التحدى ، فهمه جاسر ولاحظته سارة ، انسحب جاسر مبتسما وهو يقول ...ماشى ياعم، هنيالك بالإيد وصاحبتها ، بس يارب تاخد بالك منها ... التفت لسارة وهو يقول بنغمة تحزيرية ...ممنوع حد يسلم عليكى بالايد مرة تانية ، اوكى .. ...لأ مش اوكى ، ايه إلا حصل دلوقتى ده ... ...إيه ، بغير عليكى ، مش من حقى ولا ايه ... ...غريبة ، بتغير من مين وعشان ايه ، إذا مكنتش من مجتمع مسموح فيه كل شئ ... ...متقارنيش بينك وبين المجتمع اللى انا منه ، وبعدين اغير من أى حد ومن أى حاجة براحتى .. ...احنا ناوى نتخانق ولا حاجة ... ...بالعكس الليلادى بالذات مينفعش نتخانق. .. ...اشمعنى ، هتفهمى بعدين ، اتفضلى ندخل. . ..اوكى ... لم يدرك كل منهما أن الحفل مملوء بالأعين التي راقبت ما حدث ، بداية من الجد مرورا بهشام وهيا ، وعمات أحمد وبنات عمه ، حتى جاسر الذى ابتعد عنهم ليراقب حديثهم من بعيد ، وبالطبع كل منهم يضع الكثير فى جعبته ليفرق الاثنين ، لكن هيهات ، أحمد ليس بالشخص الهين الذى يترك شيئا للظروف . وقفت سارة مع مها مرة أخرى ، واتجه أحمد لجده بعدما أشار له ليأتي ليسلم على بعض الضيوف ، ...إيه مالك ياسارة ، مكشرة كدة ليه ؟ ...مدايقة ، ياريتنى ماكنت جيت .. ..ليه بس ، دى الحفلة حلوة ، وكمان ... ...وكمان ايه ، فى ايه ؟ ...حاولى تمسكى نفسك عشان هشام جاى وراكى ... ...هشام ، كملت ، كدة خناقة رسمى ... ...مساء الخير ياجماعة ... ردت مها ...مساء النور ياهشام ، اذيك ... ...الحمد لله ، اذيك ياسارة ... ...الحمد لله ، اذيك انت ... ...تمام ، مبترديش عليا ليه فى التيليفون ... ..عادى ، بس مبتكنش الظروف سامحة ... أشارت مها بهدوء لسارة فى الاتجاه الآخر ، كان أحمد يسير باتجاههم ومعه عمها حمدى ، بالطبع لاحظ هشام ويبدوا أن الرسالة وصلته من هذا ، ...مساء الخير ... ..مساء النور ، ازييك ياعمى ، هو انت ليك فى الحفلات دى ... ...أبدا يابتى ، جاسر هو اللى جال أنى لازم اجى ، عشان اشوف شغله ، والله يابتى ما انى فاهم حاجة لحد دلوجتى. .. أجاب أحمد ..انا هفهمكم كلكم كل حاجة دلوقتى حالا ، بس بعد اذنكم سارة ثوانى ... بدون الإجابة من أحد ، مد يده وامسك بيد سارة وتحرك بها لمكان بعيد عنهم نسبيا ...فى ايه ياأحمد ، مش تفهمنى ... ...أنت ليه مستعجلة كدة ... ...مبحبش أبقى زى الأطرش فى الزفة. ... ...اطرش ههههههههه، طيب ياستى ، انا سبق قولتلك أنى حددت ميعاد الفرح ، صح ... ...وبعدين ... ...وبعدين ايه ، انهارضة فرحك ياعروسة ... ...نعم ، انت مجنون ، مينفعش ... ... مجنون بيكى ياسارة ، ومش هسمح لمخلوق يبعدك عنى تانى ، واللى مينفعش لازم ينفع ، مادام انا عايزه ينفع ... أنهى كلماته وهو يعود بظهره للخلف ويبتعد عنها ، ...ارجع يامجنون ، هتعمل ايه ... ...هو انتى لسة شفتى جنون ، هتشوفى دلوقتى جنانى على أصله ... ثم استدار وابتعد عنها ، عادت هى للوقوف مع عمها ومها وهشام وانضم لهم جاسر وطارق ، أما أحمد كان فى طريقه للاستيدج الذى يقف عليه أحد الفرق تعزف موسيقى هادئة ، عندما استوقفه جده قائلا ...احمد ، انت مش مركز مع ضيوفك الأساسيين فى الحفلة، ومركز مع ناس تانية ... ..بالعكس ياجدى ، اللى انا مركز معاهم هم الأساس الأهم ... ...يعنى إيه ؟ ...هتفهم حالا ، هى الناس كلها مستعجلة انهارضة ليه ، ولا انا اللى بارد ... أكمل طريقه للمكان الذى يريده ، تاركا جده فى حيرة من أمره . فجأة سمع الجميع صوته يصدر من مكبرات الصوت التى تملأ المكان ، ...مساء الخير ياجماعة ، شرفتونا انهارضة ، طبعا انتوا عارفين ان السبب الأساسى للحفلة دى علشان افتتاح مجمع المصانع التانى لمجموعة نور الدين ، لكن بالنسبالى انا السبب الأساسى للحفلة دى حاجة خاصة بيا انا ، وهتكون مفاجأة للكل ، بس قبل ما أقولها ، كنت عايز احكيلكم حكاية ، بصراحة، انا بعتبرها حكاية عمرى ... زاد انتباه الجميع لما سيقول ، يبدوا أن مفاجاته ستأتي بثمارها وستكون صاعقة للجميع . أما سارة فقد توقعت ما سيقوله ولكنها كذبت نفسها أكمل أحمد كلامه ... معظمكم عارف أنى كنت عايش فى اميريكا ، حياتى كانت هناك ودراستى كمان ، مرجعتش هنا غير من 5 سنين ، لما كنت فى اخر سنة فى الجامعة ، قابلت بنت ، مصرية ، كانت بتدرس هناك بمنحة من رجل أعمال ، منحة قدمها لجامعة القاهرة لمساعدة اكتر طالب متفوق فى جامعة مرموقة برة مصر ... لم تصدق سارة نفسها ، هل سيحكى حكايتها معه فعلا ، هل سيقول أنها كانت تعمل مدبرة لمنزله ، هل سيخبر الجميع عما حدث بينهما ؟ تابع أحمد روايته ... الغريب بقى أن هى متعرفش أن اللى قدملها المنحة دى هو نفسه ، سليم نورالدين اتسعت عينا سارة من المفاجأة ، وكان رد فعل جده بنفس الطريقة ، ونظر كل منهما للأخر . ...وطبعا هو كمان ميعرفش هى هتكون ايه بالنسباله بعد كدة ، المهم فى الموضوع، انى اول ما شفتها شدتنى بشكل قوى جدا ... أكمل كلامه وعينا كل منهما معلقة بالآخر ، وكأنهما منعزلين عن العالم الذى يحوطهما ، ويبدوا أن جميع الحاضرين لاحظوا عن من يتكلم من نظراته لها ، وتحوطها كل العيون تنظر لها . ...حاولت أقرب منها ، رفضتنى ، رفضت كل خطوط الاتصال بينا ، مكانش قدامى حل غير أنى اتجوزها ، وبرده وافقت بعد عذاب ، وافقت بشروطها ، رغم انه كان اتفاق عملى جدا وكأنه عقد شراكة ،رغم كدة ، سنة كاملة ، عشت فيها أجمل مشاعر ، من غير أى كلمة حب ، كل واحد فينا ملتزم باللى يخصه فى الاتفاق ده ، لكن المشكلة كانت عندى انا ، للأسف حبيتها ، غرقت فيها بشكل مقدرتش حتى اقاومه ، مبقتش قادر أبعد عنها ، واتأكدت من كدة لما نزلت إجازة مصر تزور أهلها ، قررت فى الوقت ده أن أقولها ، لكن للأسف، أول ما رجعت ، كانت محضرالى مفاجأة رائعة ، طلب طلاق ، رجعت وبدل ما تقولى وحشتنى ، قالتلى طلقنى ، وكانت مصممة تماما عليها ، وطبعا قصاد تصميمها ده مرفضتش ، طلقتها ، ومشيت ، ولما سألت عليها بعدها بيومين ، عرفت أنها اعتذرت عن منحتها ورجعت مصر ، من غير حتى ما أعرف السبب ، سنين بدور عليها ، كنت هتجنن اعرف هى فين وعايشة ازاى ، لكن للأسف مقدرتش اوصلها، حاولت أعيش ، اتجوزت مرة واتنين ، ومفيش فايدة ، دورت عليها فى كل ست عرفتها ، وقربت منها ، وبرده مفيش فايدة ، لكن فجأة وبدون أى مقدمات ، لقيتها قدامى ، تفتكروا ياجماعة ، لو أى حد منكم مكانى ، يعمل ايه ؟ رد عليه معظم الحاضرين الذين انفعلوا تماما مع حكايته .........تتجوزها طبعا .... أصاب الذهول سارة من هذا التفاعل ، وبدأت عيناها تمتلئ بالدموع ، أما أحمد ابتسم وقال ...بالفعل ، هو ده اللى هعمله ، أبقى مجنون لو سبتها تروح منى تانى ... ترك المايك من يده ، ونزل من على الاستيدج، واتجه صوبها والجميع يبتعد من طريقه حتي وصل إليها ابتعد عنهم بخطوتين كل من كانوا يقفون معها ، اقترب هو منها ومد يده فى جيب سترته وأخرج علبة مخملية صغيرة ، فتحها وأخرج منها خاتم رائع صغير الحجم بفص ماسى كبير ، امتدت يده به وهو يقول ... الخاتم ده معايا من اكتر من سبع سنين ، جبتهولك يوم ما سبتينى ، كانت هدية رجوع عشان اقولك بيه وحشتينى ، دلوقتى بيه برده بقولك ،،،،،،،تتجوزينى ياسارة ،،،،،،،،، عند هذه اللحظة لم تستطع منع دموعها ، جهشت بالبكاء وهى تومئ له بالموافقة ، وتعلقت فى رقبته أمام الجميع ، حضنها ودار بها وسط تصفيق حاد من الحاضرين ، وتحت أنظار المزهولين أيضا ، حتى أنهم لم يستطيعوا رفع يدهم للتصفيق ، بالطبع منهم الجد وهشام ومعظم عائلة أحمد خاصة السيدات منهم . ...المأذون جاهز ومستنى. .. ...نعم ، دلوقتى ؟ ...طبعا دلوقتى ، كل حاجة جاهزة ... ...مينفعش ياأحمد ، انا مش جاهزة وبعدين اخواتى ... ..بس بس ، متكمليش. .. أشار بيده فظهر أخواتها من خلف الناس وهم يبتسمون لها بالموافقة ، ...اسمعى بقى ، وكيلك موجود ، عم حمدى هنا ، وشهود فرحك موجودين ، سليم باشا بنفسه .. نطق الاسم وهو ينظر له وكأنه لا يقبل منه الرفض ...والشاهد التانى جاسر ابن عمك ، اخواتك موجودين ، ومها كمان موجودة ، عايزة حد تانى غير كدة ، اؤمرى وهجيلهولك لحد عندك ... ... احمد ،،،انا ،،، ...بس وافقى ياسارة ، خلينا نبدأ نعيش ... اماءت برأسها له ، ابتسم لها ورفع يدها وقبلها ، وبدأت مراسم كتب الكتاب وسط التهانى والقبلات من بعض الأشخاص ، والكره وعدم التصديق من آخرين ، والغيرة والحقد من فئة ثالثة ، أما هى فقد كانت فى عالم آخر تماما ، لم ترتفع عينيها عنه وعن فرحته الناضحة من عيونه ، هل ستعيش ، هل آن لها الأوان لكى تحيا ، هل انتهت أيام وليالي الوحدة والبكاء على الأطلال ، لطالما عاش فى حياتها مجرد ذكرى وحلم ، هل سيتجسد الان أمام عينها ويملئ حياتها ، وللأسف كان لها كل الحق للخوف والبكاء بل والنحيب أيضا ، يبدوا أن القدر لن يحقق لها مناها ، لقد كتب عليها أن تكون امرأة الذكريات ويبدوا أنها ستبقى هكذا ، سيبقى الحب فى حياتها مجرد ذكريات ،،،،، عندما أنهوا اجرائاتهم وامضائاتهم ، اقترب منها ، اقترب من زوجته وحبيبته ، قبل يدها ورأسها ، مد يده ومسح دموعها ، سحبها من يدها لترقص معه على موسيقى لطالما عشقها الاثنان ، لطالما سمعاها ورقصا عليها ، ومارسا عليها كل مشاعر الحب والرومانسية المطلقة التى لم يعشها كل منهما إلا مع الآخر . وفى لحظتها كان خط النهاية ، بل البداية ولكن لسلسلة أحزان جديدة لامرأة الذكريات ، رصاصة ، مجرد رصاصة ، انطلقت من مسدس مجهول واتجهت أظهره مباشرة ، رصاصة دفع ثمنها الجد لتستقر فى صدرها هى ، ولكن كان لعائلتها رأى آخر ، هدم الجدار الذى احتمت به ، نهايته هو وليس هى ، لكل منهما رأيه وهدفه والنتيجة ضياعه وضياعها معه ، لا نعلم هل عاش أم مات ، هل عاشت هى الأخرى أم ماتت ، دائما ياسادة تكون الكلمة للقدر ، مسار حياة كل فرد فينا ليس بيدنا ، مهما حاولنا التحكم فيه ، فكلمة النهاية ، تكون فقط للقدر ،،،،،،،،،، كانت هذه هى نهاية الجزء الأول من رواية ذكريات ، إلى اللقاء أن شاء الله مع الجزء الثانى منها ،،،،،،،،، تحياتى لكم ،،،،،،،،،بقلمى" "إمرأة الذكريات. ................الفصل الواحد والثلاثين اعتقدت خطأ أن أيام الألم والحزن التى عاشتها قد انتهت ، وأن السحابة السوداء التى حجبت عن قلبها النور بدأت تنقشع ، وأنها سترى الدنيا من نافذة الحب والحياة مرة أخرى . حبه ، اهتمامه، حمايته لها من قريب أو بعيد جعلتها تبدأ فى إعطاء الدنيا الأمان من جديد ، فقدانها للأمل فى حياة خاصة بها قد تعودت عليه ، قررت الإمضاء فى حياتها من أجل ابنها واخواتها الاتى لم يعرفن سندا فى حياتهما غيرها ، أما هى كأنثى قد ماتت فيها كل المشاعر التى قد تعيشها مع رجل تعشقه ، مات فيها كل إحساس قد يثيره رجل بكلمة أو لمسة أو حتى مجرد نظرة منه لها ، احتضر القلب بعد فقدانه كل مقومات الحياة . لكنه عاد لها ، عاد من أجلها ، بحث عنها ووجدها ، وتمسك بها ، عاد بعد غياب طويل ليحيى ما قد مات فيها ، عاد ليقولها ويجهر بها أمام الجميع ،،، ..انتى حبيبتى ، قلبك ملكى ولن يكون لاحد غيرى .. عاد بعد ست سنوات ، زاقت فيهم كل أنواع الحرمان العاطفى ، شاهدت الموت البطئ لمشاعرها على يد زوج سادى عنيف وذكراه السيئة من بعده ، عاشت تقطات على ذكريات جميلة عاشتها معه بعيدا عن عالمها وضغطه عليها ، وعندما قررت الاقتران برجل آخر ، هاجمتها ذكرياتها معه بكل قوة ، ليلا ونهارا وفى كل دقيقة ومع كل موقف ، وكأن عقلها وقلبها يحاولون أخبارها بأنه لا يوجد مكان لغيره داخلهما. وقف للجميع من أجلها ، ظلها بحمايته ورعايته ، ولم ولن يترك مخلوق يقترب منه ، فقط شعرت بالأمان فى وجوده وان كان بعيدا ، فقط عاشت معه العشق الذى لم تجده من أحد غيره ، لكن الآن ، الآن قررت الحياة أن تجعله يغيب ، أن تغيب شمس سطعت لتنير طريقها الذى أظلم منذ سنين ، الأن هو ممدد على فراش الموت كما يطلقون عليه ، متصل به أسلاك من جميع الاجهزة التى عرفتها طوال حياتها الطبية ، مغمض العينين ، فاقد لكل معنى من معانى الحياة ، تقف هى خلف الحاجز الزجاجى ومازالت بفسانها الذى يغطى بدمائه وقت إصابته ، تقف مذهولة من رؤيته هكذا بعدما كانت بين يديه يرقصان أمام الجميع بعد عقد قرانهما ، هو الآن بين يدى الله ، ولن ينقذه ويعيده اليها غيره ، رفعت رأسها للسماء وعينيها تمتلئ بالدموع، وقلبها يصرخ بالنداء .....يارب ، يارب .... ************************** أما عن الجد ،، سليم نورالدين ،، فقد فقد قواه تماما وانهار واقعا على الأرض بعد رؤية حفيده الأهم غارقا فى دمه ، حفيده وريث حكم مملكة نور الدين ، الذى اختاره من بين أربعة أبناء وسبعة أحفاد ذكور ليحظى بمكانه من بعده ، ارتفع ضغط دمه وسقط مغشيا عليه بعدما كان كالجبل الشامخ، لم يصبه مرض طوال حياته ، تم وضعه فى العناية المتوسطة منذ أمس لحين استعادة وعيه ومراقبة ضغطه ، بيده قتل حفيده ، بمساعدته تم الدخول ، بماله تم الصرف على التخطيط والتنفيذ ، كانت هى الهدف ، خيب الله هدفه وأصاب آخر ما أراده لها ، أصابه هو ، أصاب امتداده ، واصابه فى مقتل . *************************** ....سارة ، ردى عليا ارجوكى ، تعالى غيرى هدومك دى ، انا جبتلك هدوم تانية ، مينفعش كدة ياسارة ، انتى على نفس الوقفة دى من امبارح ... لم ترد سارة على مها واستمرت على وقفتها أمام الحاجز الزجاجى ، تراقبه من بعيد . ألقت نظرة لطارق زوجها وهى تهز كتفها بقلة حيلة ، فلم تقابل كل محاولاتها مع سارة بأى نتيجة ، ونظرة أخرى من طارق لجاسر ابن عم سارة والصاحب الأقرب لأحمد ، الذى بدوره تقدم من سارة ،وقال : ...سارة ، أحمد نفسه مستحيل يكون سعيد بوقفتك دى ولا بشكلك ده ، روحى مع مها ، غيرى هدومك وارجعيله تانى ، انتى مش هتبعدى ، الحمام أهو ، يلا ياسارة ... رفعت عينيها له بشئ من الاستسلام والضعف ، وضع يديه على كتفيها وحركها بشئ من الاجبار وهو يومئ برأسه ليشجعها على الحركة ، تقدمت منها مها وسندتها ، واتجها للحمام تحت أنظار عائلة نورالدين بالكامل ، بالإضافة إلى كل المساهمين فى الحدث والمجاملين وبعض رجال الأعمال . فقد امتلئت المستشفى منذ ليلة أمس بكل هؤلاء ، لا يرحل جزء منهم إلا ويحضر آخرون ، أما عن هشام الذى لم يتحدث منذ وقتها ، هو يحب أحمد ، هو بالنسبة له صاحبه وابن عمه وسنده الذى واجه معه الجميع خاصة جده ، لكن بعد مواقفه مع سارة التى لم يكن يعلم بها إلا مؤخرا ، بدأ يتغير تجاهه خاصة عندما أعتقد أن أحمد هو من غير سارة عليه ليقرب منها ، حتى بعدما اتضحت له بعض الأمور ليلة أمس بعد حديث أحمد وقصه حكايته مع سارة أمام الجميع إلا أن موقفه لم يتغير من ناحية أحمد ، خاصة بعد إعلان جده للجميع تولي أحمد إدارة المجموعة معه ، وتمتعه بكافة الصلاحيات التى يتمتع بها جده ، والغريب انه من داخله لا يعلم أن كان حزينا أو سعيد بما حدث لأحمد ، *************************** أما عن هيا ، الزوجة المتروكة من أجل سارة ، فهى ليست حزينة مطلقا لما حدث لأحمد ، وشماتتها فى سارة ، وغير مهتمة على الإطلاق إلا غضبها بسبب طلاقها قبل أيام لما حدث الآن ، وبعدها زواجه من سارة ، فبهذا ترث سارة أكثر من نصف تركته ، فى الوقت الذى حرمت فيه من أى ايرث منه ، غافلة عن أن سارة لا تشعر بوجودها مطلقا ولا ما تفكر فيه ، فهى الآن مغلفة بكبسولة حزنها على ضياعه منها . ************************* خرجت سارة ، مرتدية ما احضرته لها مها وهو بنطلون جينز اسود وفست زهرى غامق وضيق وطوله حتى الركبة وفوقه جاكت اسود مع حجاب وجزمة بلون الفست ، دخلت بها مها إحدى الاستراحات القريبة ، ساعدتها على الجلوس ، ...ثانية واحدة ، هجبلك عصير واجى حالا ... ...تعالى يامها ، مش عايزة حاجة ، مليش نفس ، انا هقوم اروح للدكتور أطمن على أحمد ... ...استنى بس ، تروحى فين ، انا مردتش اقولك أكل ، عشان عارفة انك هترفضى ، قلت عصير وخلاص ، ثانية واحدة وهاجى على طول .... جلست سارة ثوانى وحدها ،قل إن تفاجئ بمن جلس أمامها دون دعوة ، ...سارة ، عاملة ايه دلوقتى ؟ ...الحمد لله ، اخبار جدك ايه ؟ ...الحمد لله ، بيقولو لو استمر الحال على كدة ، هيخرجوه اوضة عادية انهارضة. .. ...الحمد لله ... ساد الصمت بينهما لثوانى ، ثم قال ليقطع صمتهما ...ليه مقولتليش انك كنتى متجوزة أحمد قبل كدة ... رفعت رأسها مندهشة من عدم مناسبة الوقت والموقف لهذا الحديث ، لكنها غير قادرة على عتاب أو ملامة أحد ، خاصة بعدما تذكرت تهربه منها فى وقت كانت فيه فى أشد حاجتها إليه . ردت عليه باقتطاب ...ادعيله ، ادعيله يقوم بالسلامة ا الأول .... غادرت المكان ، وتابعها بعينه حتى أبتعدت ، واستدار يلعن نفسه على تهوره بسؤاله هذا . ********************************* انطلقت سارة متجهة لغرفة الطبيب لتسأل عن حالة أحمد ، لكن بالطبع زادت حزن على حزنها نتيجة لكلامه ، جراحة القلب المفتوح التى أجراها أحمد بسبب الرصاصة التى استقرت فى قلبه، لم تكن محمودة النتائج ، لكنها كانت الخيار الأمثل فى حالته. أصبحت كالمغيبة عن الوعى لكنها تتحرك على قدميها، ، خرجت من المستشفى تحاول الوصول للهواء لتتنفس لصعوبة قدرتها على التنفس داخل المستشفى وكأنه لا يوجد بها هواء ، كانت تمشى بلا وجهة محددة ، فقط تمشى حتى أبتعدت قليلة ، دخلت منطقة تكسوها الخضرة ومملوئة بالأشجار ، يبدوا أنها حديقة يحوطون المستشفى بها ، غافلة عن زوجين من الأعين التى شاهدت دخولها هذه المنطقة ، أحدهما جاسر الذى تتبعها من لحظة خروجها من غرفة الطبيب لقلقه عليها ، والزوج الآخر كان لهيا التى كانت تستقل سيارتها وفى اتجاهها للمستشفى ولمحت جاسر أولا ، فهى تعرفه جيدا ، وللاسف حاولت اغوائه من قبل وفى عز تناغم علاقتها بأحمد ، انا سارة فهى لا تعرفها جيدا، فلم ترها من أيام الجامعة ، وبالطبع لن تتعرف عليها بسهولة بعد الحجاب ، لكن حين اقتربت تبينت ملامحها جيدا ، كان هدفها جاسر الذى رفضها من قبل ، فوجدت ما هو أكثر وأهم من ذلك بالنسبة لها ، وقغت سارة أمام أحد أحواض الورد ، ومستندة بظهرها على جزع شجرة عالية ، تذكرت أحد مواقفها معه ، كانت فى المزرعة ، مكان ما إخفاء هى واسرتها عن المهددون بقتلها، كانا يمشيان فى الحديقة وحدهما بعد العشاء ، ووقفا أمام حوض زهور يشبه الذى تقف أمامه الآن ، جلس أحمد على أحد أطرافه ومد يده لها لتجلس وفعلت ، ...أنتى رافضة فكرة الموت ، بس دى الحقيقة الوحيدة في حياتنا واللى مفيش مخلوق هيهرب منها ... ...أنا مش رافضة الفكرة ، بس انا تعبت من كل الحزن اللى عدى عليا ، والموت بالنسبالى مصدر أساسى للحزن ... ...ولو أنا اللى مت ، هتعملى ... انتفضت سارة وهى تلتفت إليه ، وضعت يدها على فمه لتمنعه أن يكمل ، تلئلئت الدموع فى عينيها، وهى تومئ رأسها له بالنفى ، تستجديه أن يبعد الفكرة اصلا ، فلن تتحمل ، مد يده وضعها فوق يدها التى تغطى فمه وقبل راحتها ، وبحركة تلقائية منها اقتربت ودخلت فى ااحضانه ومد يديه واحاطها ، فقد أراد هذا منذ زمن بعيد ، والآن يحدث ، هى بين يديه ، وكان هذه ثانى مرة تفعلها بعد اول لقاء بينهما فى الغردقة . أبعد رأسها، وهم بتقبيلها ، لكنها أدارت رأسها للجانب وابعدت يديها عنه ، وقفت وتحركت بظهرها بعيدا وهى تومئ بالسلب، خيط بيده على حائط الحوض وهو يقول بصوت عالى ...كدة صعب ، والله صعب ، طب يارب اموت ... تجمدت مكانها ، وتحولت ابتسامتها لتكشيرة من دعائه ، وقف واقترب منها ، وامسك بوجهها بين يديه ،وقال ...وافقى تتجوزينى أول ما نرجع وانا مقولش كدة تانى ... فكت يديه ، وجرت من أمامه وصوت ضحكتها العالية يغطى المكان . لم تعد تتحمل حتى الذكرى بينهما وهو غائب عن الدنيا هكذا ، انهارت ، وارتفع صوت بكائها ، وهى تنزل بجسدها مستندة للشجرة ، حتى جلست على الأرض وهى تبكى بهيستيريا. راقب جاسر كل هذا ، ولم يعد يتحمل انهيارها بهذه الطريقة ، اقترب منها نزل على ركبتيه أمامها ، أمسك رأسها وشدها تجاهه ، استندت على صدره وزاد نحيبها، ولكن اقترابها من صدره بهذه الطريقة ، ذكرها بحضن حبيبها ، فلفت يديها حول خسره وهى تقترب منه حتى التصقت بصدره ومازالت تبكى ، بملامستها له بهذه الطريقة ، فقد كل قدرته على السيطرة على نفسه ، احاطها بزراعيه وضمها بقوة وكأنه يزرعها بين ضلوعه حتى لا تبتعد مرة أخرى ، لم ينتبها للواقفة تشاهد وتستمتع بالاحداث أمامها ، وبالنسبة لها هذا مشهد حب رائع بين حبيبين ، انتفض كل منهما على صوتها وهى تقول