لم يتم العثور على أي نتائج

    وسقطت بين يدي شيطان (الجزء الثالث) \قصص مصرية

    الفصل الواحد و العشرون 

    كانت نظراته باردة في البداية و لكن بعد قولها الأخير شعرت بإضطراب حدقتيه و ذهولها بعض الشيء ، فأكملت و هي تحدق في حدقتيه اكثر
    - ايوة .. انا حبيتك ، مش مهم امتى و ازاي عشان انا نفسي معرفش ، بس اللي اعرفه اني وقعت خلاص فهتلحقني قبل ما اقع اكتر ولا؟
    قالت الأخيرة بمزاح و هي تبتسم إبتسامة جذابة ، فصمت لبرهه قبل ان يقول بجمود يخفي خلفه اضطراب مشاعره
    - مش ملاحظه انك بتتخطي الحدود ؟
    - مفيش حدود ما بينا
    قالت جملتها و هي تمرر اناملها على لحيته الخفيفة و تكمل
    - و لو فيه انا هتخطاها .. اصل مش بأيدي الموضوع دة
    رفع كفه لكفها الموضوع على وجنته و امسك به و ابعده ببطئ و هو يقول
    - الأحسن انك متحاوليش تتخطيها تا...
    قاطعته بقولها المتحدي
    - هتعمل اية يعني؟ ، انا مبقتش اخاف منك
    احتدت نظراته في حين ضغط على كفها بقوة ، فقضبت حاجبيها بإستنكار و هي تقول بضيق و عتاب
    - هتضربني تاني ؟
    - ريحانة
    قالها و هو يجز على اسنانه ، و اكمل و هو يضيق عينيه
    - عايزه توصلي لأية بظبط ، اية غرضك من حركاتك دي؟
    - مليش غرض ، هو الحب الأيام دي بقى ليه غرض معين؟!
    قالت الأخيرة بضيق ، فترك كفها و قال بطريقة احزنتها
    - في .. مثلا عايزه تحمي نفسك و حياتك
    - انت لية دايما بتفهم و بتحلل غلط !
    قالتها بعتاب و حزن ، فرد بإستخفاف
    - يعني عايزه تقنعيني انك فجأة كدة حسيتي بالكلام دة !
    - لا مش فجأة حسيت بكدة ، انا كنت حاسه بحاجة من نحيتك من فترة بس مكنتش متأكدة او بمعنى اصح كنت متشتته من بين مشاعري
    - و اية اللي خلاكي تتأكدي من مشاعرك!
    - حاجات كتير
    - زي؟
    - زي شعوري لما بكون جمبك ، بحس براحة و أمان و ...
    قاطعها بتهكم بارد
    - كلام افلام
    اغتاظت من قوله ، فرمقته بضيق و هي تقول بإستنكار
    - كلام افلام! ... على فكرة ردودك مستفزة و بضايق
    قالت الأخيرة بإنفعال و تلقائية ، فإبتسم إبتسامة جانبية مستفزة و هو يقول
    - دة انا
    - لا دة مش انت ، دة الشخص اللي انت بتصتنعة
    نظر لها نظرة عابرة و هو يتخطاها و يقول
    - بترغي كتير و بتتفلسفي ، و انا مش فاضي لفلسفتك
    التفتت و نظرت له بغيظ و من ثم هتفت بإنفعال
    - على فكرة .. انت رخم
    توقف قبل ان يصل للباب بخطوتين و نظر لها من فوق كتفه ببرود و هو يلويها ظهره ، و من ثم قال بجدية
    - جهزي نفسك، هرجعك لجلال
    ..........................................................
    - جلال الكلب اتهجم علينا يا زهرة
    قالتها والده زهرة بغضب و هي تبكي ، و اكملت
    - عشان عرف ان ريحانة عرفت حقيقته
    شهقت زهرة بفزع و قالت
    - و هو عرف منين انها عرفت؟
    - معرفش يا زهرة ، معرفش
    - طيب بابا كويس؟ اتأذى اوي؟ و انتي؟
    قالتها زهرة بقلق و خوف على والديها ، فردت والدتها لتطمأنها
    - إحنا كويسين
    - اكيد؟
    - اكيد يا بنتي ، هكدب عليكي لية !
    - طيب خليني اكلم بابا ، عايزه اطمن عليه
    - ماشي ، هوديله التليفون
    - ماشي
    بعد ثوان سمعت زهرة صوت والدها الضعيف
    - ايوة يا زهرة
    - بابا حبيبي ، انت كويس دلوقتي؟ ، حاجة وجعاك ؟
    - رقبتي ملوحه بس
    - سلامتك يا بابا ، انا اسفه بجد
    - بتتأسفي على اية يا بنتي؟
    - عشان اللي حصل بسببي
    - متتأسفيش .. لأنه مش ذنبك يا زهرة
    صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول
    - قولي يا بابا حصل اية بظبط
    - هقولك ، انا و امك كنا قاعدين في الصالة عادي ، فجأة لقينا حد بيخبط على الباب بطريقة جنونية لدرجة اني حسيت انه هيتكسر ، فأمك قلقت فقمت و فتحت ، و اول ما فتحت لقيت السيد جلال بيتهجم عليا و كان باين عليه العصبية ،قالي اني خاين و انه هيدفعني الدمن عشان قلنا للأنسه ريحانة الحقيقة و لما قلتله ان مش إحنا مصدقنيش و قالي ان مفيش حد يعرف بكل حاجة إلا انا
    - ربنا ينتقم منه ، يارب نخلص منه بقى
    قالتها والدتة زهرة بقهر ، فنظر لها والد زهرة بصرامة ، فصمتت ، بينما قالت زهرة
    - طيب هتعمل اية دلوقتي يا بابا؟
    - مش هعمل ، هو بأيدي اية اعمله ؟
    تنهدت زهرة بحزن و قالت بأسف
    - انا اسفه بجد ، كل دة حصل بسبب غبائي ، بس انا لساني في وقتها فلت و مقدرتش استحمل ان الأنسه ريحانة تحبه للدرجة دي و هو ميستاهلش
    - انتي مغلطيش يا زهرة ، انتي اللي عملتيه صح ، اتأكدي
    إبتسمت براحة بعض الشيء و من ثم قالت
    - بكرة هاجي اطمن عليكم
    - لا ، متجيش
    قالها والدها بسرعة ، فقالت زهرة بإستغراب
    - لية؟ ، في حاجة؟
    - للأحتياط يا بنتي ، متجيش احسن
    - لا هاجي ، انا عايزه اجي اطمن عليك و على ماما
    - قلت متجيش
    قالها والدها بصرامة، فتنهدت زهرة بآسى و قالت
    - ماشي يا بابا
    - هقفل دلوقتي يا بنتي عشان امك تدهنلي المرهم على رقبتي
    - ماشي يا بابا ، انتبه على نفسك و على ماما .. سلام
    بعد ان انهت المكالمة، وضعت كفيها على وجهها و اصبحت تبكي و هي تتمتم بقهر و آسى
    - امتى هنخلص من كل دة بقى .. امتى؟
    ..........................................................
    إتسعت مقلتيها بصدمة ، لم تتوقع انه سيعيدها لجلال بعد رفضه للأمر ، لما غير رأيه ؟ ، هزت رأسها بالرفض و هي تتمتم
    - لا ، مش عايزه ارجعله
    و من ثم اقتربت منه بخطوات سريعة حتى توقفت خلفه و قالت برجاء
    - مش عايزه ارجعله يا بيجاد ، مترجعنيش ليه
    شعر بالحيرة من رفضها للرجوع ، التفت ببطئ و نظر لها فوجد حدقتيها تلمع بالدموع بجانب نظراتها الراجية ، فقال بهدوء
    - لية مش عايزه ترجعيله؟ ، مش دة حبيبك؟
    - بطل تقول الكلمة دي بقى
    قالتها بإنفعال و اكملت
    - هو مينفعش يكون كدة ، الشخص اللي خدعني و استغلني و اذاني...مينفعش القبه بالأسم دة ابدا
    قضب حاجبية و نظر لها بتعمق ، فقالت بصدق
    - ايوة انا مش بحبه ، انا بكرهه ، انا بكره جلال ... سامعني
    قالت الأخيرة بحدة و مع قولها نزلت دمعة على وجنتها ، فمسحتها بكفها و اكملت بإنفعال
    - انت لسه قايلي انك هتعذبني و هتخليني جمبك و انك مش هتسلمني ليه ، لية غيرت رأيك ها؟
    ظل يحدق بها لبرهه قبل ان يقول ببرود
    - مزاجي
    - يعني اية مز...
    قاطعها بحدة
    - انا قلت اللي عندي ، جهزي نفسك .. خلال يومين او يوم هسلمك ليه
    انهى جملته و التفت و وضع كفه على قبضة الباب و قبل ان يبرمها سمعها تقول له بخفوت و هي تترجاه بصوت متحجرج
    - بيجاد .. متسلمنيش ليه ، ارجوك
    ظل واقفا في مكانه لوهله و هو يشعر بالتردد في رده فعله الذي يجب ان يفعلها الآن .. هل يتجاهلها؟ ، اتخذ قراراه ... برم قبضة الباب و غادر ، فأنخفضت تدريجيا حتى جلست على الأرض -نصف جلسة- و هي تزداد في البكاء ، نعم هي تبكي لأنها لا تريد العودة لمن كسر قلبها و اذاه ، و ايضا لرغبتها في البقاء بجانبه .. بجانب من احبته .. من تعهدت بأنها لن تتركه و بأنها ستساعده.
    ..........................................................
    في احدى الأماكن المهجورة

    كان جلال جالس على الأرض بإهمال و هو ممسك بكأس الخمر بأحدى يديه و باليد الآخرى كان ممسك بصورة ريحانة كان ينظر لصورتها بصرامة و هو يحدثها بصوت ثمل
    - ريحانة ، انتي ليا .. انتي ملكي ، ها سامعة ، مش هسمح للشيطان يبعدنا .. مش هسمح لأي حاجة تبعدنا ، انتي بتكرهيني؟ .. لا ، مستحيل تكرهيني اساسا لأنك بتحبيني ، انتي هتفضلي جمبي و هتفضلي ليا ، سامعه
    قال الأخيرة بصريخ قبل ان يلقي بالصورة بعيدا .. بغضب ، مسح وجهه بكفيه و هو يتمتم
    - ريحانة ليا ، ريحانة ملكي
    استلقى على الأرض و هو مازال يتمتم بتلك الكلمات ، و اغمض عينيه و نام سريعا .
    ..........................................................
    " الساعة الحادية عشر مساءا "

    خرج الشيطان من الحمام و هو يجفف شعره بالمنشفة ، تقدم من السرير و توقف امامه في حين كان يلقي بالمنشفة على الكومود ، اعتلى السرير و اراح جسده في مكانه ، لم ينظر لها ولم تحن منه إلتفاته حتى ، وضع ذراعه على جبينه و اغمض عينيه بهدوء و ما لبث ان فتحهما عندما شعر بها و هي تضع رأسها على صدره و تقول بهدوء
    - بم ان النهاردة اخر يوم لينا ، خليني نايمه في حضنك
    بعد ان انهت جملتها مررت ذراعها لكتفه حتى استقر كفها عليه ، و اكملت بخفوت حزين
    - لآخر مرة
    بعد قولها ساد الصمت ، حيث اغمضت ريحانة عينيها لتنعم بلحظاتها معه ، بينما هو ... ظل ينظر لها من فوق لبرهه قبل ان ينقل نظراته للهاوية بجمود و شرد
    - جلال ... ازاي اذاكي و استغلك ؟
    قالها الشيطان فجأة ، ففتحت عينيها ببطئ و ظلت صامته لبرهه قبل ان تقول بهدوء
    - لية بتسأل؟
    - عادي
    قالها بجمود ، فصمتت لبرهه قبل ان تقول بمرارة و ألم
    - مش هينفع
    مرت دقائق و لم تسمع منه اي رد على قولها ، فرفعت نظراتها له فوجدته مغمض العينين ، فتنهدت قبل ان تبتسم بحزن و تعيد نظراتها امامها و تقول بألم
    - سرقني .. بدون ما احس و استغلني ، و كدب عليا كتير لدرجة ان كدبه وصل لأنه يخليني عاقره ، بعد ما قتل ابني
    قالت الأخيرة بحرقه في حين سالت دموعها على وجنتيها حتى استقرت على سترته ، و اكملت
    - دة المختصر و يعتبر هوامش بس ، فقولي .. ازاي عايزني ارجعله بعد اللي عمله فيا؟ ، انا لو رجعت لجلال يبقى ريحانة خلاص راحت ، لأني هبقى عايشه معاه غصب .. عايشه معاه بدون روح ، هبقى حاجة ملكه بيتصرف فيها زي ما هو عايز ... زي ما كان بيحصل في السنتين اللي كنت عايشاهم معاه ، كنت مخدوعه فكنت ماشيه وراه و موافقاه في كل حاجة ، حتى مكنتش بعترض على حاجة
    تنهدت بعمق و هي تمسح دموعها بكفها و تبتسم بحزن و تقول بهمس
    - بس عادي ، هستحمل .. عشان جدو يرجع سليم
    انهت جملتها بدمعة حارة سالت من جفونها ، فمسحتها و من ثم اغمضت عينيها لتنام ، بينما في الناحية الآخرى فهو كان مستيقظ و كان قد سمع اقوالها التي اشعرته بالغضب .. الغيظ .. الألم .. الحزن .. الشفقة ، نعم هو شعر بكل ذلك من اجلها ، فتح عينيه و نظر لها من فوق بنظرات متداخله و هو صامت ، ظل على هذا الحال لفترة وجيزة ، و من ثم ابعد نظراته عنها و هو يتنهد بضيق قبل ان يعود و ينظر لها و هو يمرر كفه على ظهرها حتى استقر على شعرها و بدأ يمسح عليه برفق و حنان ، و من ثم اغمض عينيه بهدوء لينام هو ايضا .
    ..........................................................
    اشرقت شمس يوم جديد

    داعبت اشعة الشمس وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج و هي ترفع كفها و تضعه على وجهها و مرت دقائق و ابعدته و هي ترفع نظراتها له ، مازال نائم ، فأصبحت تتأمله و هي ترسم على وجهها إبتسامة عاشقة جذابة ، و فجأة تبدلت إبتسامتها إلى إبتسامة حزينة ، فقد تذكرت انه سيعيدها لجلال و انها ستتركه ، تنهدت بعمق قبل ان ترفع جسدها و تبتعد عنه و تنزل من على السرير لتتجة للحمام .
    ..........................................................
    في احدى الأماكن المهجورة

    فتح جلال عينيه بتثاقل و مررها حوله بتشتت قبل ان يسند جسده ليعتدل و يصبح في وضع الجلوس ، كان يشعر بألم في انحاء جسده و الصداع كان يتملكه ، فصرخ ب
    - هاتولي ميه و قهوة ، بسرعة
    بعد ان انهى جملته امسك برأسه و اصبح يدلكها و من ثم نزل لرقبته و فعل المثل ، فأصبح يخرج تأوهات في حين كان ينظر حوله باحثا عن هاتفه فوجده ، مد ذراعه و التقطه بكفه قبل ان ينهض و يتجة لخارج الغرفة بخطوات غير متزنة حتى توقف امام الأريكة المتهالكة و القى بجسده عليها و هو يهتف بحدة
    - فين القهوة؟
    بعد ثوان خرج الحارس و هو يحمل صينيه بها كوب ماء و فنجان قهوة ، و تقدم من سيده و قدمها له ، فأخذها الأخير و بدأ في شرب القهوة و بعد ان انهاها امسك بكوب الماء و سكب منه البعض في راحة كفه ليغسل بها وجهه ، و من ثم قال بعد ان اعاد ظهره للخلف
    - ها ، اية الأخبار مع عبد الخالق؟
    - حالته زي ما هي
    قالها الحارس لجلال ، فأومأ الأخير برأسه قبل ان يشير بيده للحارس بأن ينصرف ، و من ثم امسك بهاتفه و اصبح يقلب فيه بشرود ، فقد كان يفكر ب .. ماذا قرر الشيطان؟ ، هل سيعطيه ريحانة مقابل عبد الخالق ام لا؟ ، وضع الهاتف بجانبه و نهض و إتجة للغرفة الذي يحتجز فيها عبد الخالق .
    ..........................................................
    خرجت من الحمام و توقفت و هي تقضب جبينها في حين كانت تنقل نظراتها حولها باحثا عنه ، اين ذهب؟ ، تقدمت من السرير و هي مازالت تنقل نظراتها حولها و توقفت امامه و هي تزيل المنشفة التي تضعها على شعرها و تلقيها على السرير قبل ان تتجة للمرأة و تبدأ في تمشيط شعرها المجعد ، و بعد ان انتهت غادرت الجناح و سارت في الممر و هي تنوي ان تتجة لغرفة الطعام خاصا بعد ان سألت الحارس عنه ، و لكنها قبل ان تنزل السلم رأت عايدة وهي تنزل من فوق ، فألتفتت ريحانة و اعاقت طريق عايدة و هي تنظر للأخيرة بنظرات شرسة في حين رسمت على وجهها إبتسامة خبيثة و هي تقول
    - عايدة ، ازيك يا حلوة ؟
    توقفت عايدة و نظرت لريحانة ببرود و قالت
    - احسن منك
    - مفيش حد احسن مني هنا ، صحيح ... مش هتقوليلي مبروك لأني خرجت من السجن .. و بالسرعة دي
    - لا مش هقول لأنك هتدخليه تاني
    - تؤ تؤ ، مش انا اللي هدخله تاني ، دة انتي اللي هتدخليه فخلي بالك ، نصيحة من اختك
    - اختي!
    قالتها عايدة بإستنكار و هي تنظر لريحانة بطرف عينيها ، و اكملت
    - ميشرفنيش يكون ليا اخت زيك
    - لا انا اللي يشرفني
    قالتها ريحانة بسخرية و إستخفاف قبل ان تلتفت و تغادر و هي تشعر ببعض من الراحة .
    دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها و هي تنظر له فقد كان يقرأ الصحيفة ، لاحظ انها تنظر له فرفع نظراته لها فأبتسمت ، لم يهتم حيث اعاد نظراته للصحيفة مرة آخرى ببرود ، فشعرت بالضيق من تجاهله ، فرمقتة بغيظ قبل ان تمسك برغيف من الخبز لتأكلها .
    - هتكاليه لوحدة؟
    قالها بهدوء دون ان ينظر لها ، فنظرت له بطرف عينيها و تجاهلته حيث وضعت الرغيف في فمها و قطمت منه و لم ترد ، طوق الصحيفة و وضعها بجانبه و هو ينظر لها بطرف عينيه في حين اشار للخادمة بأن تتقدم لتقدم الطعام .. و فعلت ، فبدأ في تناول طعامه بهدوء
    - ريحانة
    قالها بهدوء و هو يرفع نظراته لها ، فنظر له .. فأكمل
    - قوليلي .. انتي فعلا هربتي من القاهرة؟
    - ايوة.. بتسأل لية؟
    - طيب ازاي وصلتي للقرية دي؟
    - بتسأل لية؟
    - مفيش حاجة اسمها لية ... انا اسأل براحتي و انتي تجاوبي
    قالها ببرود و هو يضع قطعة من الجبن في فمه ، فرمقتة بضيق و اجابت
    - معرفش ازاي وصلتلها ، انا فتحت عيني لقيت نفسي فيها
    غمغم و سأل
    - و لية هربتي من القاهرة ؟
    نظرت له و تنهدت قبل ان تقول
    - هربت عشان زهقت من حياتي ، حياتي اللي كانت عبارة عن فضايح امي و جوزها و مرمطي في شغلي و كلام الناس علينا
    - و ابوكي فين؟
    بعد سؤاله ...ظهرت سحابة حزن في عينيها ، في حين قالت بخفوت حزين
    - بابا مات من و انا صغيرة
    بعد قولها اخفضت رأسها ، فحدق بها بتعمق قبل ان يقول بخفوت
    - وحشك؟
    رفعت نظراتها التي تلمع بالدموع و هي تومأ برأسها بالإيجاب و تهمس
    - اكيد وحشني
    و اكملت بحزن
    - اصل بعد ما راح كل حاجة في حياتي اتقلبت و اتغيرت
    ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يبعد نظراته عنها و يكمل طعامة بهدوء يظهره ، و فعلت هي المثل
    - ازاي وصلتي لجلال؟
    قالها بهدوء بعد تردد كبير ، فنظرت له لبرهه و قالت
    - واحد خدني و وداني ليه ، او بمعنى اصح باعني ليه
    رفع الشيطان نظراته لها و إبتسم بسخرية و قال بجمود
    - كان لازم اتوقع انه اشتراكي
    نظرت له بإستغراب فأكمل
    - جلال بيشتري البنات و بيتسلى بيهم و بعدها بيرميهم ، بس انتي مرمكيش
    - فعلا ..
    قالتها بمرارة و اكملت
    - مرمنيش بس اذاني بضمير ، و انت هترميني للي اذاني
    تبادلوا النظرات لدقائق بعد قولها ، و من ثم ابعد نظراته عنها و اكمل تناول طعامه ، فساد الصمت .
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    - قررت اية؟
    قالها جلال للشيطان عبر الهاتف ، فرد الأخير
    - هنتقابل فين ؟
    إبتسم جلال بإنتصار و قال
    - عند الحدود
    - ماشي ، بعد ساعتين هبقى هناك ، هستناك انت و جدو
    - اتفقنا ، و انت جيبها معاك
    ابعد الشيطان الهاتف من على اذنه و وضعه في جيبه قبل ان يسير بخطوات هادئة إتجاة السلم و يصعده حتى وصل للطابق الثاني .. فإتجة لجناحه و قبل ان يصل له توقف و التفت عندما سمع نداء عايدة ، تقتدمت منه و قالت
    - هتعمل اية مع جدو؟ امتى هيرجعلنا بالسلامة؟
    - النهاردة
    قالها ببرود ، فقالت بسعادة مصتنعة
    - بجد! .. اخيرا جدو هيرجعلنا بالسلامة
    نظر لها نظرة عابرة باردة قبل ان يلتفت و يتجة لجناحه .

    دخل جناحه و سار فيه حتى توقف امام السرير و هو ينظر لها بإستغراب فقد كانت تمسك بنديل من القماش و تظرزه بأدوات التطريز فهتف ب
    - بتعملي اية؟
    رفعت رأسها و نظرت له و إبتسمت و هي تقول
    - انت شايف اية؟
    رمقها بضيق و سأل
    - جبتي الحاجات دي منين؟
    - طلبتها من واحدة من الخدم فجبتهالي
    غمغم بهدوء قبل ان يلتفت و يتجة للخزانة ، في حين عادت هي لما كانت تفعله .. و ساد الصمت حتى قطعه و هو يلتفت و يبدأ في خلع قميصه
    - يلى قومي و اجهزي
    رفعت نظراتها له و قالت بتساؤل
    - اجهز لية؟ ، هنروح في حته؟
    - نسيتي اني هرجعك النهاردة لجلال!
    صمتت لبرهه و هي تنظر له قبل ان تقول
    - لا منستش ، بس مكنتش اتوقع ان بالسرعة دي ، شكلك عايز تخلص مني بدري بدري
    قالت الأخيرة بمزاح ممزوج بالحزن ، فقال بجمود
    - لخصي و قومي
    - طيب استنى اخلص اللي بعمله ، عشر دقايق بس
    بعد ان انهت قولها شهقت بخجل و هي تهتف بذهول ممزوج بالإحراج
    - انت بتقلع قدامي!
    اغلق سحاب جاكيته و من ثم نظر لها ببرود قبل ان يلتفت و يتجة للحمام و يدخله .

    بعد مرور عشرون دقيقة ،،،،
    خرجت ريحانة من الحمام بعد ان ارتدت ملابسها ، إتجهت للمرأة حتى توقفت امامها و بدأت في تمشيط شعرها و بعد ان فعلت ، التفتت له ، فقال و هو ينهض من على الأريكة
    - يلى؟
    - ايوة، بس ثانية
    بعد ان انهت جملتها إتجهت للسرير سريعا و اخذت ذلك المنديل القماشي التي كانت تطرزه و عادت و توقفت امامه و قالت بحماس
    - بيجاد ، دة ليك .. اتفضل
    قالت كلمتها الأخيرة و هي تمد كفها الممسك بالمنديل و تقدمه له ، فنظر للأخير و من ثم نظر لها و قال
    - بمناسبة اية دة ؟
    - وداعنا
    قالتها و هي تبتسم بحزن في حين لمعت عينيها بالدموع ، فظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينظر للمنديل و يأخذه منها ، فقالت
    - تبقى تفتكرني بيه ، هو شكله مش حلو اوي بس ماشي حاله ، و لا اية ؟!
    نظر لها مرة آخرى فلمحها تسجن دموعها تحت اجفانها قبل ان تخفض رأسها و هي تطبق جفونها للحظات ثم تعود لتفتحهما و ترسم إبتسامة هادئة و هي تقول
    - يلى
    انهت قولها و التفتت و إتجهت لباب الجناح في حين ظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينقل نظراته للمنديل الذي يمسكه بين كفه ، وضعه في جيبه و سار خلفها .
    ..........................................................
    - الشيطان و ريحانة مشيوا من القصر ، هما جاينلك
    قالتها عايدة لجلال عبر الهاتف ، فقال الأخير
    - ماشي
    - انت اتحركت؟
    - لسه
    - طيب تبقى تقولي على اللي هيحصل
    - ماشي
    - هستنى إتصالك
    - سلام
    قالها جلال بنفاذ صبر قبل ان يغلق الخط ، و من ثم التفت و نظر لحارسه و قال
    - يلى هنتحرك ، فهاتوا عبد الخالق للعربية
    - حاضر يا سيدنا
    قالها اثنين من حراسه قبل ان يذهبوا ليجلبوا عبد الخالق ، في حين ذهب الباقي خلف سيدهم .
    ..........................................................
    في الموعد المحدد

    ترجل الشيطان من سيارته بعد ان فتح له الحارس الباب ، تقدم من جلال الذي كان يتقدم ، توقفوا مقابل بعضهما .
    - فينها؟
    قالها جلال و هو ينظر لسيارة الشيطان ، فقال الأخير
    - سلمني عبد الخالق الأول
    ضحك جلال بإستخفاف و قال
    - اسلمهولك عشان تاخده و تهرب!
    - انا مش زيك عشان اهرب بعد ما اخد اللي عايزه
    نظر له جلال بغيظ و قال بجمود
    - خلاص ، سلم و استلم في نفس الوقت
    اومأ الشيطان برأسه قبل ان يشير بكفه لأحدى حراسه لكي يخرج ريحانة من السيارة ، في حين نقل جلال نظراته لسيارة الشيطان و ظل ينظر للأخيرة و هو ينتظر ظهور ريحانة ، فقال الشيطان بصرامة
    - هتفضل واقف كدة!؟
    نظر له جلال بضيق قبل ان يشير لحراسه بإشارة يعرفها حراسه جيدا .
    ترجلت ريحانة من السيارة و هي تنظر لهم من بعيد ، تقدمت منهم و هي تسمع صوت دقات قلبها السريعة ، فهي تشعر بالخوف.. القلق و التوتر .. الغضب! ، توقفت على بعد امتار منهم و هي تركز نظراتها على جلال الذي كان ينظر لها بلهفة و اشتياق و قلق .
    - ريحانة .. وحشتيني يا حبيبتي
    قالها جلال و هو يتقدم منها و لكن الشيطان اوقفه عندما امسك بذراع جلال ، فنظر الأخير له ، فقال الشيطان بجمود
    - لسه ، مش دلوقتي
    قضب جلال حاجبيه بضيق و هو يسحب ذراعه من قبضة الشيطان و يتراجع للخلف حتى توقف خلف كرسي عبد الخالق المتحرك و قال
    - اهو جدك .. خده
    اشار الشيطان لآحدى حراسه بالتقدم ، ففعل ، فقال الشيطان
    - خده للسيارة بس براحة
    اومأ الحارس برأسه و إتجة لعبد الخالق و امسك بكرسيه و بدأ في جره حتى وصل للسيارة ، فقال جلال
    - اهو انت خدته ، اديني ريحانة
    - سايبهالك
    قالها الشيطان ببرود و هو يلتفت و يسير بخطواته الهادئة إتجاة سيارته فسار من جانبها و توقف عندما سمعها تناديه بخفوت
    - بيجاد
    لم يلتفت لها و لكنه كان يعلم انها تنظر له بنظرات حزينة مودعة او راجية ، اكمل طريقة قبل ان تقول شيء و صعد سيارته و غادر ، في حين تقدم جلال من ريحانة بخطوات سريعة و احتضنها من الخلف و هو يقول
    - و اخيرا رجعتيلي ، خلاص مفيش حاجة هتقدر تفرقنا
    كانت نظراتها الحزينة تتابع حركة سيارة الشيطان و هي تبتعد عنهم شيئا فشيء ، تنهدت بآسى و ألم عندما اختفت السيارة من امام عينيها تمام و اخفضت رأسها و هي تمسح عينيها من الدموع في حين ابتعد جلال عنها و ادارها ليصبح وجهها مقابلا له و اكمل
    - تعرفي قد اية كنت قلقان عليكي و انتي هناك خاصا و انتي معاه
    نظرت له بجمود و قالت
    - ممكن نمشي من هنا؟
    - اكيد ، يلى
    قالها و هو يمسك بكفها و يسحبها خلفه للسيارة .
    ..........................................................
    في سيارة الشيطان

    بعد ان انهى الشيطان مكالمته مع الحكيم وضع الهاتف بجانبه و نقل نظراته لتلك الصحراء من خلف الزجاج و شرد فيها .. في نظراتها ، في صوتها و هي تناديه ، في كل شيء يخصها ، فجأة هكذا شعر بأنه يفتقدها و بهذه السرعة ! ، اخفض رأسه و هو ينظر للمنديل الذي يخرجه من جيبه ، هذا المنديل الذي اعطته له ، ظل ينظر له لدقائق و يتلمسه قبل ان يقربه لأنفه و يشمه .
    - وقف العربية و ارجع للحدود 

    الفصل الثاني و العشرون 

    ادار السائق السيارة للعودة لطريق الحدود و ما لبث ان عاد لإتجاهه السابق عندما امره الشيطان ب
    - خلاص ، كمل طريقك ... للقصر
    انهى جملته و نظر من خلف زجاج النافذة بضيق في حين كان يطبق على المنديل الذي يمسكه بين كفه بقوة .
    ..........................................................
    بعد مرور اسبوع
    في قصر جلال
    كانت ريحانة جالسة على سريرها تضم قدميها لصدرها و تنظر امامها بشرود ، كانت ملامحه شاحبة و عينيها يسكن فيهما الحزن و الخيبة و جسدها اصبح هزيل بسبب قلة تناولها للطعام ، هذة كانت حالتها منذ عودتها لجلال .
    طرق جلال على باب جناحها و من ثم دخل ، تقدم منها و هو يحمل صينية بها طعام .
    - يلى عشان تاكلي
    قالها جلال و هو يضع الصينية على الكومود و يجلس بجانبها على السرير ، و من ثم هتف بأسمها في حين كان يحتضن كفها بين كفه .
    - ريحانة
    رفعت نظراتها له بجمود و من ثم سحبت كفها من بين كفه ، فقال
    - هتفضلي كدة لأمتى؟
    ظلت تنظر له دون ان تجيب ، فأكمل
    - لأمتى مش هتكلميني و لأمتى هتفضلي ماخده جنب مني؟ ، دة انا جوزك يا ريحانة... و حبيبك
    قال كلماته الأخيرة برقة ، فتحولت نظراتها للجدية و هي تقول بشراسة
    - كان زمان الكلام دة ، دلوقتي انا مش بعتبرك جوزي و لا حبيبي و لا اي حاجة ، انت بالنسبالي و لا حاجة
    بعد ان انهت جملتها نقلت نظراتها امامها بحدة ، فتهد بضيق و قال بحدة
    - إحنا بقالنا اسبوع على الحال دة ، و انا مش هقدر استحملك و استحمل تجنبك ليا اكتر من كدة ، اصل انا مستحقش دة منك
    التفتت له بحدة و قالت بإستنكار
    - متستحقش! ، امال انت تستحق اية ؟
    - استحق انك تعامليني كويس و تحبيني و تهتمي بيا زي الأول
    - اها عايزني احبك و اهتم بيك بعد اللي عملته ، بعد ما خدعتني و كدبت عليا و قتلت ابني!
    - عملت كل دة عشان احميكي و احافظ عليكي
    - قصدك عشان تحمي نفسك
    قالتها بتهكم و مرارة في حين نهضت من على السرير و اكملت بإستحقار و هي تنظر له ببغض
    - عارف .. انت واحد اناني و حقير لكونك تستغل واحده زيي مكانتش تعرف اي حاجة في اي حاجة في الدنيا دي ، واحده جاهله اول مرة تعجب بحد و تحبه و للسبب دة سلمت نفسها ليه ، لا .. بس دة طبعا بعد ما سرقت منها برائتها بدون ما تحس و لا تعرف .
    - انسي اللي راح يا ريحانة ، كل دة كان ماضي
    - فعلا كان ماضي و انت جزء من الماضي دة ، فهنساك .. و لا لا انا مش محتاجه انساك عشان انا خلاص نسيتك و كرهتك ، فاهم كلامي!
    قالت كلماتها الأخيرة من بين انفاسها الغاضبة و نظراتها التي تحتقره بها ، فنهض بحدة و امسك بذراعها بقوة و قالت بهدوء مخيف
    - هعمل نفسي مسمعتش كلامك الأخير دة ، و هفكرك ، انا جوزك و حبيبك و انتي ملكي .. فاهمه انتي كلامي! ، اكيد فهماه ترك ذراعها و تراجع للخلف و هو يشير لصينية الطعام الموضوعه على الكومود و قال بحزم
    - لو الأكل دة متكلش ، هوريكي حاجة مش هتعجبك
    انهى جملته و التفت و إتجة للباب و قبل ان يفتحه التفت و نظر لها و قال
    - النهاردة حفلتنا ، فهبعتلك البنات يجهزوكي ، مش عايزك تتعبيهم
    و من ثم ابتسم و اكمل
    - و عايزك تبقي قمر .. كالعادة
    - مش هحضر
    - مش بمزاجك
    قالها بجمود قبل ان يلتفت و يبرم قبضة الباب ، نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و من ثم .. غادر ، بينما القت بجسدها على السرير و اصبحت تبكي بقهر .
    ..........................................................
    في قصر الشيطان ، خاصا في الطابق الثالث .. غرفة " عبد الخالق "

    - متعرفش اي حاجة عن ريحانة؟
    قالها عبد الخالق للشيطان الذي اجاب عليه بيرود مصتنع
    - لا
    - و مش عايز تعرف؟
    - لا
    - مش حاسس ب...
    قاطعه الشيطان بنفاذ صبر
    - قلت لا
    - كداب
    قالها عبد الخالق بتلقائية و اكمل بضيق
    - انت لأمتى هتفضل كدة؟ ، لأمتى هتفضل تكدب على نفسك و على اللي حوليك ؟ ، انت مش ناوي تغير الطبع اللي فيك دة؟
    ابعد الشيطان نظراته عن عبد الخالق ببرود في حين اجاب ب
    - لأ ... مش ناوي
    رمقه عبد الخالق بضيق و قال
    - مدام مش ناوي استحمل اللي هيحصلك في المستقبل بسبب طبعك دة ، عشان بأسلوبك هتخسر كل الناس اللي حواليك و...
    قاطعه الشيطان بتهكم
    - اي ناس دول اللي حواليا؟ ، قصدك على الناس اللي واقفه في صفي عشان خايفه مني و لا الناس اللي واقفه في صفي عشان تسرقني و تاخد فلوس ؟!
    صمت عبد الخالق لبرهه قبل ان يقول بهدوء
    - اقولك .. انت اللي اديتهم الخيارين دول ، انت اللي مسمحتش لحد يقرب منك او يحبك حتى ، و بأسلوبك دة هتفضل كدة لأخر حياتك ، و هتتعب صدقني
    - مفرقتش
    قالها الشيطان و هو ينهض و يتجة للباب ، و لكنه توقف و نظر لجده من فوق كتفه و هو يلويه ظهره عندما قال الأخير
    - على فكرة انا عارف انك مراقبها من بعيد و ان بتوصلك كل صغيرة و كبيرة عن ريحانة، فمتمثلش انك بارد و ان ريحانة مش هماك
    لم يتفوه الشيطان بأي كلمة حيث نظر امامه و فتح الباب و غادر .
    ..........................................................
    مساءا

    جالسة ريحانة امام المرآة تنظر لصورتها المنعكسه بشرود في حين انهت المصففه عملها ، فقالت الأخيرة و هي تبتسم
    - اية رأيك بقى؟
    استيقظت ريحانة من شرودها و نظرت لهيئتها و صمتت ، فقالت المصففة بحنان
    - إبتسمي مفيش حاجة مستاهلة حزنك دة .. صدقيني
    تنهدت ريحانة بعمق و هي تخفض رأسها ، فمالت المصففة قليلا و وضعت إبهام يدها و السبابة على زاويتي فم ريحانة و رسمت عليه إبتسامة صغيرة ، و من ثم نظرت لصورة ريحانة المنعكسة على المرآة و قالت
    - كدة احلى
    إبتسمت ريحانة بحزن ، في حين ابتعدت المصففة و بدأت في جمع ادواتها لتغادر ، و بعد ان انتهت ،قالت
    - عن اذنك
    و من ثم حملت حقيبتها و التفتت و إتجهت للباب و فتحته فوجدت سيدها "جلال" كان على وشك الدخول ، فأخفضت رأسها و قالت
    - انا خلصت ، تسمحلي امشي؟
    - امشي
    قالها بهدوء ، فأومأت برأسها و غادرت بينما تقدم جلال للداخل و هو يحدق بها بإعجاب ،‎‏ ‏و توقف امامها و هو يتمعن في النظر اليها .. متفحصا جسدها و مفاتنه الذي يظهره فستانها ذات اللون السكري .
    - طالعه زي القمر يا قلبي
    قالها و هو يوقفها ، فنظرت له ببرود و لم تجب ، فأقترب منها اكثر و مد يده لخصرها و لكنها ابتعدت قبل ان يصل كفه لخصرها و قالت بحدة
    - خلي في حدود ما بينا
    - حدود !
    قالها بإستنكار ، فقالت بحزم
    - ايوة
    فإبتسم بسخرية و قال و هو يجز على اسنانة
    - انتي بتزوديها و انا معنديش طاقة للتحمل ، فلمي الدور يا ريحانة احسن
    - و لو ملمتهوش ، هتعملي اية !؟
    قالتها بعناد و جدية ، فأمسك برسخها و ضغط عليه بقوة فتألمت و لكنها حاولت ان لا تظهر المها ، و قال بهدوء مخيف
    - مش هقولك هعمل اية عشان انا بحب اعمل الفعل علطول ، فخافي و اتعاملي معايا كويس .. دة الأحسن ليكي
    و من ثم ترك رسخها و احتضن وجهها بكفه و قال بصرامة و حدة اخافتها بعض الشيء
    - مش يلا بقى ، المعازيم مستنيانا
    نظرت له بغيظ و هي تبلع كلماتها بقهر و بعض من الخوف .
    ..........................................................
    ضبط الشيطان ربطة عنقه و من ثم نظر لصورته المنعكسة على المرآة و إبتسم بثقة قبل ان يلتفت و يغادر القصر ليذهب لحفل .. جلال .
    ..........................................................
    اثناء الحفل...
    كانت ريحانة جالسة في احدى الطاولات الموجودة في الوسط ، فتقدم منها جلال و امسك بكفها و انهضها برقة و قال
    - تعالي عشان اعرفك على حد
    نظرت له بضيق و اتت ان ترفض ولكنه قالت بحزم خافت
    - و لا كلمة
    انهى جملته و سحبها خلفه ، فسارت معه عنوه ، توقف و قدمها امامه و وضع كفه على خصرها و هو يقول
    - دي مراتي الحلوة ، اية رأيك؟
    نظر له الرجل و إبتسم بسماحة و قال
    - بسم الله ماشاء الله ، قمر .. يا حسن اختيارك
    إبتسم جلال بفخر و قال
    - عشان تعرف انا مش بختار اي حاجة برضه
    نظرت له ريحانة بغيظ من فوق كتفها و من ثم نظرت امامها و إبتسمت كمجاملة عندما قال الرجل
    - اكيد ، الحلو اختار الحلوة
    - تشرب اية ؟
    قالها جلال للرجل و هو يشير للنادل الذي يقدم المشروبات بالتقدم ، فتقدم النادل و هو يحمل صينية بها مشروبات ، فمد جلال يده و اخذ كأسين ، قدم كأس للرجل و الآخر لريحانة التي رفضت فقال جلال
    - دة عصير فراولة
    نظرت له بشك قبل ان تمد كفه و تأخذه بتردد ، فقال الرجل
    - هي مراتك مش بتشرب؟
    - لا
    قالها جلال و هو يبتسم ، فقال الرجل
    - حاجة حلوة ، خليكي كدة
    نظرت له و إبتسمت مرة آخرى كمجاملة و هي تومأ برأسها قبل ان تستأذن منهم لتعود لمقعدها .
    ..........................................................
    وصلت سيارة الشيطان امام قصر جلال ، فترجل السائق و التف حول السيارة ليفتح لسيده الباب ، فترجل الأخير من السيارة و توقف لبرهه و هو ينظر لقصر جلال قبل ان يتقدم و يدخله .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    تنهدت ريحانة بضجر و هي تنقل نظراتها حولها بملل في حين كانت تحتسي القليل من العصير ، توقف العصير في منتصف حلقها و تسارعت دقات قلبها عندما رأت الشيطان يتلف لداخل القصر ، اغلقت جفونها و فتحتهم سريعا لعلها تتخيل و لكنها ادركت انها لا تتخيل ، التقطت بعض المنديل من على الطاولة في حين كانت نظراتها معلقه به ، بصقت ما في فهمها في المنديل و بلعت لعابها بجزع عندما تقابلت نظراتها بنظراته ، نهضت بتلقائية و إبتسمت بإضطراب و سريعا تلاشت إبتسامتها عندما تجاهلها حيث ابعد نظراته عنها و اصبح يتحدث مع احد الرجال ، جلست في مقعدها و هي تشعر بالخيبة و الحزن من تصرفه ، اخفضت رأسها لتخفي عينيها التي لمعت بالدموع في حين كان هناك الكثير من الأسئلة تدور في رأسها و التي منهم... لم يشتاق لها؟ ، لم يشعر بأي تغير في حياته من بعدها؟ ، هل هي حقا لا تهمه؟ ، رفعت نظراتها و نظرت له و إبتسمت بسخرية و مرارة فما يبدو عليه انها لا تهمه ابدا ، فهو لم يلتفت لينظر لها مرة آخرى .
    - اية دة اية دة .. الشيطان بنفسه هنا!
    قالها جلال و هو يتقدم من الشيطان ، فألتفت الشيطان و نظر لجلال الذي اكمل
    - نورت حفلتي .. انا و ريحانة
    قال الأخيرة بخبث ، فرد الشيطان بثقة
    - اكيد
    - عن اذنك بقى عشان هروح لمراتي شوية
    - اذنك معاك
    قالها الشيطان ببرود قبل ان يلتفت و يكمل حديثه مع الرجل ، بينما تقدم جلال من ريحانة و جلس في الكرسي المقابل لها و قال
    - شوفتي مين اللي جه ؟
    نظرت له و قالت ببرود مصتنع
    - مين؟
    - الشيطان
    - جاي تقولي لية ؟
    - عشان تعرفي انه هنا ، متخفيش منه مدام ان...
    قاطعته بإستنكار
    - مين قالك اني خايفه منه؟
    نظر لها لبرهه و من ثم غير الموضوع بقوله
    - طيب مش يلا ؟
    - يلا!
    قالتها بعدم فهم ، فقال
    - نفتتح الحفلة بقى
    فهمت فقالت بلامبالاة
    - زي ما انت عايز
    إبتسم و امسك بكفها و نهض و انهضها معه و سار بها للمنتصف و من ثم توقف و اشار للنادل بأشارة يعرفها .
    - لوسمحتم
    قالها جلال بصوت مرتفع لينتبة له الجميع ، و اكمل
    - زي ما كلكم عارفين اني عامل الحفلة دي بصحة حبيبتي... ريحانة
    قال الأخيرة و هو ينظر لها و يقبل ظهر كفها قبل ان يقربها منه و يطوق خصرها بذراعه ، و يكمل
    - - هي مش حبيبتي بس .. هي امي و اختي و صحبتي و مراتي ، ايوة مراتي ، النهاردة حابب اعلن قدام الكل ان ريحانة... مراتي
    تبادل الجميع النظرات المتسائلة في حين صفق الشيطان لهم ، فنظر له جلال و إبتسم إبتسامة جانبية بينما نظرت له ريحانة بعتاب عندما قال الشيطان بطريقة مستفزة
    - مبروك عليك ، طلعت بتعرف تختار
    - اكيد
    - مبروك يا مدام ريحانة ، يا زين ما اخترتي
    قالها الشيطان ببرود و هو ينظر لريحانة التي زاد اضطرابها فأخفضت رأسها ، فقال جلال
    - عقبالك انت بقى
    - قريب جدا
    قالها الشيطان و هو ينظر لريحانة التي صدمت من قول الأخير ، بينما اكمل جلال قوله
    - يلا نقطع التورتة ، اتمنولنا السعادة
    إبتسم الجميع و بدأوا في التصفيق بينما إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية باردة و هو ينظر لهم .
    ..........................................................
    سارت عايدة في ممر الطابق الرئيسي بحذر حتى توقفت امام غرفة مكتب الشيطان ، نظرت حولها بترقب قبل ان تضع كفها على قبضة الباب و تبرمه و تدخل ، تقدمت من المكتب بخطوات سريعة حتى وصلت للأخيرة و من ثم جلست على الكرسي و اصبحت تعبث في الأدراج لعلها تجد ما تريد و لكنها لم تجد شيء ، فتأففت بضيق و ظلت تفكر ، نهضت سريعا و هي تهتف ب
    - الخزنة ، اكيد العقد موجود في الخزنة بس... هي فين الخزنة؟
    نقلت نظراتها حولها بحثا عن الخزنة و لكنها لم تجدها ، فحدثت نفسها بإستغراب
    - مستحيل الشيطان معنهوش حزنة
    حكت رأسها بحيرة و من ثم توقفت عن حك رأسها و إبتسمت بخبث و قالت
    - عز الدين اكيد عارف مكان العقد بظبط بس هو مش هيقولي بس انا هعرف عن طريق ... ايمن
    اسرعت و غادرت غرفة المكتب و إتجهت لجناحها .
    ..........................................................
    اظلمت عيني الشيطان عندما اقترب جلال من ريحانة و قبلها شفتيها امام الجميع بعد ان اطعمها من قالب الحلوى ، ارادت ريحانة ان ترفع نظراتها للشيطان لترى تعابير وجهه بعد قبلتها مع جلال و لكنها لم تستطع بسبب خجلها و إحراجها و خوفها! .
    - سيدنا الشيطان
    قالها احد الرجال ، فألتفت الشيطان و نظر للرجل ، فأكمل الرجل
    - عايز اعرفك على بنتي... زينب
    نقل الشيطان نظراته لزينب التي قالت بمياعة
    - ازيك يا حلو
    نظر لها والدها و إبتسم و قال
    - اسبكم مع بعض
    و من ثم غادر ، فتقدمت زينب منه و قالت بخفوت
    - تعرف انك عاجبني من اول ما دخلت للقصر
    ظلت نظراته جامدة و هو يقول ببرود
    - ملاحظ
    - طيب مدام ملاحظ ما .. يلا
    و غمزت له ، فإبتسم بتهكم وهو يقترب منها و يقول
    - يلا اية؟
    - انت فاهم
    ضحك بشراسة و قال
    - انتم الستات مش سهلين ابدا
    - اول مرة تعرف!
    - لا
    قالها في حين اقتربت منه حتى اصبحت ملاصقة به .
    كانت ريحانة تتابع ما يحدث بغيرة و غيظ و غضب ، صعدت الدماء لعروقها و هي ترى الفتاة تقبله ، فأندفعت بتلقائية و هتفت بحدة
    - مينفعش اللي بتعمولة دة
    إبتعد الشيطان عن زينب و نقل نظراته لريحانة ببرود فهو كان يعلم انها تتابعه ، بينما قالت زينب
    - و انتي مالك !
    نظرت لها ريحانة بغيظ و قالت
    - اية اللي انا مالي ، مش شايقة اللي بتعمولة قدام الناس!
    - و انتي مش شايفة نفسك انتي و جوزك و انتوا بتعملوا اللي بنعمله إحنا!
    قالها الشيطان و هو ينظر لريحانة بخبث ، فصمتت ريحانة و لم تعرف بماذا تجيب ، فتدخل جلال
    - ريحانة مش قصدها بس هي مش متعوده انها تشوف الحاجات دي
    - اقنعتني
    قالها الشيطان بتهكم ، فقالت زينب
    - تعالى نمشي من هنا
    نظر لها الشيطان و اومأ برأسه و من ثم نقل نظراته لريحانة و جلال و قال بهدوء
    - عن اذنكم ، و مبروك مرة تانية
    و من ثم التفت و إتجة لباب القصر و قبل ان يصل للأخير توقف بسبب قولها
    - هضيع وقتك مع دي!
    التفتت زينب و نظرت لها بغضب و اتت ان ترد ولكن الشيطان سبقها بقوله اللذع
    - ايوة، هضيع وقتي معاها زي ما ضيعته مع اللي قبلها
    كلماته اللذعة آلمتها و احزنتها ، فشحب وجهها و لمعت عينيها بالدموع و هي تنظر له بإنكسار ، بينما إبتسمت زينب بشماتة قبل ان تلتفت معه و تغادر .
    ..........................................................
    - ايمن .. عامل اية ؟
    قالتها عايدة برقة ، فأجاب الأخر بهيام
    - كويس بعد ما سمعت صوتك
    - بقالنا فترة طويلة متكلمناش
    - فعلا
    - صحيح ، حمدالله على السلامة
    - الله يسلمك
    - خالو عامل اية؟
    - كويس
    - انت فاضي؟ ، يعني انا عطلتك عن حاجة؟
    - لا ابدا
    - طيب عايزاك في موضوع مهم
    - موضوع اية؟
    - هقولك .. بس هتساعدني
    - اكيد
    ..........................................................
    بعد ان غادر الشيطان اقترب جلال من ريحانة و قال بلوم
    - انتي اللي بتجيبي الكلام لنفسك
    نظرت له بطرف عينيها قبل ان تتركه و تصعد لجناحها ، فأتى ان يلحقها و لكن احد الرجال ناداه ، فأنشغل معه .
    دخلت جناحها و صفقت الباب و اوصدته من خلفها و استندت عليه و فردت ذراعيها عليه و ظلت تشهق بصوت مرتفع ، لم تعد تتحمل و ليس لها القدرة على ذلك ، القت بجسدها على الأرض -في وضع الجلوس- و اصبحت تضرب الأرض بقبضتها و هي تهتف بقهر
    - لية بتعذب كدة؟ ، انا عملت اية عشان اتعذب و اتألم للدرجة دي! ، حرام انا مش قادره استحمل ، قلبي واجعني .. واجعني اوي و هو .. هو مش هامة ، هو مع واحدة تانية دلوقتي ، هو قاصد يعمل كدة ، هو قاصد يغيظني ، انا بكرهك يا بيجاد .. بكرهك ، انا بحبك
    قالت الأخيرة بضعف و هي تزداد في بكائها و ترتفع اصوات شهقاتها .
    ..........................................................
    - رايحة فين؟
    قالها الشيطان ببرود ، فنظرت له زينب و قالت
    - رايحة معاك
    - انتي صدقتي اني هاخدك!
    - يعني؟
    اخرج الشيطان محفظته و اخرج بعض النقود منها و اعطاها لها و هو يقول
    - خدي دول و امشي
    نظرت للنقوده التي تمسكها بيدها و من ثم نظرت له بإستنكار و قالت
    - انت فاكرني اية؟ ... انا مش محتاجة فلوسك
    - باين
    قالها بسخرية قبل ان يلتفت و يتجة لسيارته ، فقالت بغضب
    - خد فلوسك انا مش عايزاها
    و من ثم القتها على الأرض ، فنظر لها بجمود من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و من ثم صعد السيارة و غادر .
    ..........................................................
    لما هي ضعيفة؟ لماذا لا تفعل شيء إلا البكاء؟! ، لماذا لا تصبح قوية ؟ ، إلى متى ستظل هكذا ! ، لماذا تترك كل ما هو ملكها لغيرها؟ ، لماذا هي لا تتحكم بما تريد فعله و بمن تريده بجانبها ؟ ، هل ستظل مجبرة في حياتها دائما ! ، توقفت عن البكاء و مسحت دموعها بكفيها و هي تنوي على فعل شيء ، نهضت و اعدلت هندامها قبل ان تغادر جناحها ، لا تعلم من اين اتت لها تلك الشجاعة التي دفعتها لمغادرة قصر جلال لتذهب للشيطان! .
    ..........................................................
    - العقد مع جلال
    قالها ايمن ل عايدة التي ذهلت و قالت
    - انت متأكد؟
    - ايوة
    - بس ازاي مع جلال؟
    - الشيطان ادهوله
    - مستحيل
    قالتها بحدة ، و اكملت
    - الشيطان اداه لجلال! ، مصدقش
    - دة اللي بابا قالهولي
    - اقفل دلوقتي
    انهت عايدة المكالمة دون ان تنتظر رد ايمن و من ثم القت الهاتف على السرير بغضب و هي تهتف
    - ماشي يا جلال الكلب .. ماشي
    ،،،،،،،،،،،،،
    كان جلال يتحدث مع الرجل بخصوص صفقة جديدة ، و اثناء حديثه مع الأخر اتاه إتصال من عايدة ، فلم يجيب عليها ، فأتصلت مرة آخرى فأغلق الهاتف بأكمله ، و من ثم اكمل حديثه مع الرجل .
    ..........................................................
    - استناني هنا
    قالتها ريحانة لسائق سيارة الأجرة ، و من ثم ترجلت من السيارة و دخلت لقصر الشيطان ، سارت في الممر فقابلت زهرة التي حين رأتها ركضت و احضتنتها بإشتياق
    - وحشتيني اوي اوي يا انسه ريحانة
    قالتها زهرة قبل ان تبتعد و تكمل
    - عاملة اية مع السيد جلال؟ ، انتي كويسة معاه؟
    - اهو ماشي الحال
    - مش باين انه ماشي الحال ، وشك باهت و عنيكي دبلانين
    - فترة و هتعدي
    اومأت زهرة برأسها و هي تتمتم
    - إن شاء الله ، صحيح ، انتي جاية هنا لية؟
    - جيت عشان اقابل الشيطان ، هو جه؟
    - على ما اعتقد جه
    - كان معاه واحدة؟
    - معرفش
    - ماشي
    قالتها و هي تتجة للسلم و قبل ان تصعده قالت زهرة
    - ازاي خرجتي من قصر السيد جلال؟
    التفتت ريحانة لها و قالت و هي تبتسم بخبث
    - بطريقتي الخاصة
    ضحكت زهرة و قالت بمزاح
    - و بقى ليكي طرق خاصة كمان
    اومأت ريحانة برأسها و قالت بجدية
    - من هنا ورايح هيبقى ليا طرقي الخاصة
    انهت جملتها و التفتت و صعدت السلالم حتى وصلت للطابق الثاني و سارت في الممر حتى انحرفت يمينا لتقف امام باب جناحه ، فأتت ان تفتح الأخير و لكن اوقفها الحارس بقوله
    - سيدنا مش عايز حد يزعجه
    نظرت له بطرف عينيها بشراسة و قالت
    - و انا مش هزعجه ، متخفش
    انهت جملتها و برمت قبضة الباب و دخلت ، توقفت بعد ان اغلقت الباب خلفها و نظرت له ، كان مستلقي على السرير و ينظر لها بجمود .
    - هي فين؟
    قالتها بهدوء مصتنع ، فرفع حاجبيه و قال بعدم فهم مصتنع
    - قصدك على مين؟
    - انت عارف
    - لا معرفش
    تقدمت حتى توقفت امامه و نظرت له من فوق بنفاذ صبر
    - متعملش نفسك انك مش فاهم انا بتكلم على مين
    ابعد نظراتها عنها ببرود ، فرمقتة بغيظ قبل ان تلتفت و تتجة للشرفة تنظر فيها و من ثم تتجة للحمام و تفتحه و تدخله و تنظر فيه ايضا ، فلم تجدها ، فخرجت من الحمام بخطوات غاضبة و توقفت امامه و هتفت
    - مخبيها فين؟
    نظر لها بهدوء و قال بإستنكار
    - مخبيها!
    - هي فين يا بيجاد
    قالتها و هي تجز على اسنانها ، فضيق عينيه و قال
    - انتي جيالي لية؟
    - جيالك عشان امنعك من اللي انت كنت هتعمله مع البنت دي
    - و لية تمنعيني؟
    - عشان انت ليا
    قالتها بإنفعال تلقائي ، و اكملت و هي تجلس بجانبة على السرير
    - مينفعش تعمل اي علاقة تانية مدام انا موجودة
    لمعت عينيها العسليتين لشراستها و هي تكمل
    - انا مش هسمحلك
    إبتسم إبتسامة جانبية و هو يعتدل قليلا و يقول
    - و انتي مين عشان متسمحليش؟!
    اقتربت منه و قالت بخفوت
    - انا اللي بتحبك
    ضحك بسخرية و قال
    - عارفه انك دلوقتي بتخوني جوزك !
    - متقولش جوزي
    قالتها بحدة ، و من ثم نهضت و هي تقول
    - انت مجبتهاش معاك صح؟ ، انت كنت عايز تغيظني و بس
    نهض من على السرير و توقف امامها و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله و قال ببرود
    - و اغيظك لية! ، انتي مين عشان....
    قاطعته ب
    - انا ريحانة اللي كانت عشيقتك
    - مفتخره اوي و انتي بتقوليها!
    قالها بتهكم ، فشعرت بالإحرج ، ظلت تنظر له و هي صامته ، بينما اكمل بقسوة و لهجة لذعة على قلبها
    - عارفه يعني اية عشيقه بالنسبالي ، يعني واحدة اقضي معاها يومين ،اسبوع ،شهر و ارميها ، انتي كدة زيهم .. نرميهم فيرجعوا
    امتلأت عينيها بالدموع و هي تقول بصوت قريب للبكاء
    - انا مش زيهم
    - مش شايف اختلاف مبينكم
    قالها ببرود ، فسالت دموعها على وجنتيها و لكنها مسحتهم سريعا و قالت بثبات
    - مش لازم تشوف ، كفايا انا شايفة نفسي و عارفه اني مش زيهم
    انهت جملتها و اقتربت منه اكثر حتى اصبحت تشعر بأنفاسه ، قالت بهمس و هي تنظر لحدقتيه السوداتين بتعمق
    - تعرف... انا احترت معاك ، من كلامك بيبان انك قاسي بس لما ببص في عنيك بشوف العكس ، انت اية بظبط؟ ، قولي و متسبنيش محتارة اكتر من كدة
    صمتت لبرهه لتتعمق في النظر لحدقتيه اكثر ، و تكمل
    - تعرف .. ممكن اكون انا شيفاك العكس عشان بحبك ، اصل اللي بيحب بيشوف الجوانب الإيجابية اللي في حبيبه ، و لو حتى في اي جانب سلبي بيبقى اعمى عنه او بيشوفه ميزة في حبيبة
    - انتي مش بتحبيني يا ريحانة، انتي بتحاولي تقنعي نفسك انك بتحبيني عشان جرحك يطيب بسرعة
    قالها بجمود ، فهزت رأسها نفيا و قالت
    - لا ، مش بقنع نفسي عشان جرحي يطيب بسرعة ، انا فعلا بحبك
    - انا شخص مبيتحبش ، انا الشيطان
    - انا حبيت الشيطان اللي مبيتحبش
    تعمق في النظر لحدقتيها اكثر ، في حين احضتنت وجنته بكفها الناعم و اكملت
    - الناس مسمينك شيطان عشان شايفينك من برة بس انت مش شيطان ابدا ، انت إنسان .. طفل ، انا بشوفك كدة ، بشوف جواك الطفل اللي محتاج الحنان اللي محسش بيه في صغرة ، اللي محتاج الحضن الدافي اللي مخدش منه كفايته ، انت محتاج شخص واحد بس يحسسك بدة و لما هتحسه ..علطول هيظهر الطفل اللي جواك
    - حفظالك الكلمتين دول منين!
    تجاهلت قوله المتهكم و اكملت
    - انت كمان محتاج حاجة واحدة ، محتاج انك تنسي انتقامك من الناس اللي قتلوا امك ان...
    قاطعها ب
    - عرفتي منين؟
    - انا عارفه كل حاجة
    امسك بكفها التي تحضتن به وجنته و ابعده و هو يضغط عليه بقوة و يقول بحدة
    - مين اداكي الحق انك تعرفي؟ ، مكنش لازم تعرفي
    - لا .. كان لازم اعرف عشان افهمك و...
    قاطعها بصوته الغاضب
    - قصدك عشان تشفقي عليا
    هزت رأسها نفيا و قالت بصدق خافت
    - لا
    ترك كفها و ابتعد و هو يضحك بخشونة و تهكم قبل ان يتجمد وجهه و هو يقول
    - اهاا عشان كدة الحب نزل على قلبك فجأة
    - لا مش فجأة ، كان موجود من قبل ما اعرف اي حاجة عن انتقامك
    انهت جملتها و تقدمت منه حتى توقفت امامه مباشرا و قالت
    - و اللي يثبت اني حبي ليك مش بدافع الشفقة اني لما عرفت اتألمت عشانك ، حسيت بعذابك و انت صغير ، تعرف... انا و انت زي بعض ، بس انت الحياة كانت معاك قاسية بزيادة
    احضتنت وجهه بكفيها بحنان و اكملت
    - فعشان كدة انا مش هلموك على شخصيتك اللي انت عليها دلوقتي ، و مش هلموك على رغبتك و إصرارك في الأنتقام ، انت حقك تنتقم بس مش من حقك انك تضيع عمرك كله في الإنتقام و مش من حقك انك تبعد كل اللي بيحبوك عنك
    انهت جملتها و اقتربت منة اكثر و اكملت قولها امام شفتيه
    - فمن حقي اني اساعدك و امنعك و اقاومك لما تبقى عايز تبعدني عنك بأي طريقة ، انت بعتني لجلال عشان ابقى بعيدة عنك .. عارفه ، و بتسمعني كلام قاسي عشان اتجرح و ابعد .. عارفه دة برضوا ، فهقولك حاجة متعرفهاش " اكملت بهمس " مهما عملت مش هتقدر تبعدني عنك ، انا زي اللبانة ، بلصق و مبطلعش
    قالت كلمتها الأخيرة و هي تطبق شفتيها على شفتيه بطريقة ساحرة و اغمضت عينيها و هي تبدأ في تقبيله بحنان و رقة ، في حين شعور الرغبة بدأ يتملكه ، اغمض عينيه و استسلم لقبلتها ، مرر ذراعيه حول خصرها و قربها منه اكثر حتى اصبحت ملاصقة له .
    ..........................................................
    دخلت عايدة لقصر جلال بخطوات سريعة و من ثم توقفت و هي تنقل نظراتها حولها بحثا عن جلال ، فوجدته ، تقدمت حتى توقفت خلفه و هتفت
    - جلال
    التفت و نظر لها بإستغراب في حين قال
    - عايدة!
    - قاقل موبايلك لية ؟
    تحولت نظراته للبرود و قال
    - عشان محدش يزعجني
    رمقتة بغيظ قبل ان تقول
    - تعالى لمكتبك ، في موضوع مهم لازم نتكلم فيه
    انهت جملتها و إتجهت لمكتبه ، فسار خلفها .
    دخلت مكتبه و جلست على الأريكة فجلس على الأريكة المقابل لها و قال
    - ها .. اية الموضوع؟
    - العقد
    - ماله؟
    - عايزاه
    - مش معايا
    قالها جلال بكذب ، فإبتسمت عايدة بسخرية و قالت
    - فاكرني هصدق انه مش معاك! " اكملت بخشونة " انه عارفه انه معاك لأن الشيطان ادهولك
    نظر لها جلال لبرهه قبل ان يقول ببرود
    - ايوة.. العقد معايا بس مش هدهوليك
    - العقد دة مش بتاعك و مش من حقك تاخده
    - و لا من حقك
    - لا العقد دة من حقي
    ابعد نظراته عنها وهو يقول بإستخفاف
    - انتي جاية الطريق دة كله عشان تسألي عن العقد ؟!
    - لا ، جاية الطريق دة كله عشان اخد العقد ، ادهوني
    - في احلامك
    قالها جلال قبل ان ينهض ، فنهضت هي ايضا و قالت بتهديد
    - هتدهولي يا جلال ، عشان لو متدهوليش بالذوق هتدهولي بالعافيه
    نظر لها بإستخفاف و قال بتحدي
    - وريني اللي عندك
    لمعت عينيها بالشر و هي تقول
    - متستهونش بيا ، انا ممكن اقتلك بدون ما اخاف
    - مش هتقدري
    قالها بثقة ، و اكمل
    - انتي عايدة ، انتي بوء و بس
    نظرت له بغيظ و غضب قبل ان تتقدم منه و تقف امامه و تقول بتلقائية و بطريقة مخيفه
    - ممكن اموتك دلوقتي زي ما موت ابوك بهجت
    إتسعت حدقتيه بصدمة و هو يقول
    - ا... ان..تي؟
    - ايوة انا ، انا قتلت بهجت .. أنا قتلت ابو...
    قاطعها عندما انقض بكفه على رقبتها بقسوة و هو يقول بصدمة
    - انتي... انتي ازاي تقتلي ابوكي ؟ ، انتي..
    قاطعته ببرود سحقه
    - عادي ، انا بعمل اي حاجة عشان الفلوس
    هز رأسه بعنف و هو يتركها ، كان يحاول ان يستوعب ما قالته و ما تقوله
    - انا قتلته عشان طلبت منه ورثي و نصيبي من فلوسه .. بس هو رفض فقتلته هو يستاهل الموت .
    نظر لها جلال بغضب و تقدم منها كالمجنون و طوق عنقها بكفه بقوة و هو يقول بغضب
    - انتي مجنونة ، ازاي تقتليه ، ازاي تقتلي اللي رباكي و اللي صرف عليكي و اللي حماكي و اللي خلى ليكي قيمة من بين اهل القرية
    سقطت على الأريكة و هو فوقها في حين مازال يطوق عنقها بكفه بقوة فبدأت تختنق فأصبحت تحاول إبعاده و لكن امام محاولاتها كان يزيد من قوة قبضته على عنقها و هو يهتف بها بعدم وعي و صوت مرتفع نسبيا
    - انتي لازم تموتي ، انتي واحدة حقيرة ، انتي موتي ابويا فلازم تموتي ، لازم .... لازم
    توقف عن ما كان يفعله ، و نظر لها و هو يلهث ، ضرب وجنتيها بكفيه بخفة و هو يهتف بأسمها بخفوت
    - عايدة ، عايدة
    انتفض من مكانه بعد ان ادرك انه قتلها ، ظل ينظر لها من بعيد بصدمة ، مرر انامله من بين خصلات شعره بإضطراب و هو يجول بنظراته حوله في حين يتمتم بخوف
    - اية اللي عملته دة؟ اية اللي عملته! ، انا قتلتها
    ..........................................................
    ابتعدت عنه لتلتقط انفاسها ، نظرت له بحب و سعادة و هي تهمس امام شفتيه ببطئ
    - انت ... بتحبني 

    الفصل الثالث و العشرون 

    نظر لحدقتيها نظرة سحرتها و هو يقول بخفوت
    - و عرفتي ازاي؟
    - بيبان
    - ازاي؟
    رسمت على شفتيها إبتسامة جذابة و من ثم وضعت كفها على صدره ناحية قلبه و قالت
    - دة .. قلبك و دقاته
    رفعت كفها و وضعته على عنقه و اكملت و هي تنظر لحدقتيه
    - توترك
    سارت بكفها على طول عنقه حتى وصلت لوجنته فأحتضنتها بكفها و اكملت
    - عينيك ... شفايفك ، كل حاجة فيك بتبينلي
    حدق بها بتمعن فلمحت نظرة لم تألفها منه من قبل ، ابعد نظراته عنها و ابتعد و من ثم لواها ظهره و هو يسير في إتجاة النافذة و يقف امامها و اصبح ينظر للهاوية من خلف الزجاج ، كان يشعر بالضيق لشعوره الذي تملكه خاصا بعد ان ايقن بأنه يحمل بداخله مشاعر لها .
    - عارفه ان صعب عليك تعترف بحاجة زي دي ، بس هستنى
    قالتها بدفئ و هي تقف خلفه و تضع كفها على كتفه ، فنظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و ظل صامتا ، فقالت
    - انا همشي بقى عشان التاكسي مستنيني و عشان جلال ميلا....
    - روحيله
    قالها بتلقائية و إنفعال ندم عليه ، فلمعت عينيها بسعادة و هي تبتسم و تقول بنبرة بها عتاب بعض الشيء
    - مش هروحله لحبي فيه ، هروحله عشان مضطره ، هروحله عشان في واحد...
    قاطعها ببرود مصتنع
    - مش لازم تبرري ، انتي مش هماني اصلا
    إتسعت و إبتسامتها و تقدمت منه و ارتفعت قليلا بجسدها و همست في اذنه بخبث
    - باين الصراحة
    التفت و نظر لها بإنزعاج ، فتنهدت و تراجعت للخلف و قالت
    - سلام
    انهت جملتها و التفتت و إتجهت للباب و برمت قبضته و قبل ان تخرج التفتت و نظرت له و ابتسمت و هي ترفع كفها و تلوح به لتودعه ، و من ثم خرجت و اغلقت الباب خلفها .
    ...........................................................
    تقدم جلال من جسد عايدة الذي فارقه الروح و مال بجسده قليلا و مد يده ليمسك برسخها ، اغمض عينيه و هو ينتظر ان يشعر بنبض عروقها و لكنه لم يشعر بأي نبض ، فأبتعد عنها و جلس على الأريكة المقابلة لها و بدأ في فرك رأسه بحدة و هو يتمتم
    - هعمل اية؟ ، لازم اخفيها، لازم اتصرف
    ظل يفكر لمدة قاربت الخمسة عشر دقيقة حتى توصل لفعل شيء ، نهض و اعدل هندامه قبل ان يتقدم من الباب و يقف امامه ليأخذ نفسا عميق ليهدأه و من ثم وضع كفه على قبضة الباب و برمها و خرج .
    - لوسمحتم
    قالها جلال بصوت مرتفع للمدعوون لكي ينتبهوا له ، و اكمل
    - اسف بس مضطر انهي الحفلة بدري ، بتمنى تكونوا استمتعتم معانا ، و اسف مرة تانية
    إنفض المدعوون بالمغادرة ، بينما ظل جلال واقفا حتى غادر الجميع .
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،
    دخلت ريحانة من الباب الخلفي لقصر جلال ، و سارت في الممر المظلم حتى وصلت للسلم الرئيسي ، فألتفت حوله و قبل ان تصعده توقفت بفزع غندما سمعت صوته
    - ريحانة !
    بلعت لعابها بتوتر قبل ان تلتفت و تنظر له بإضطراب ، فأكملت
    - جاية من هنا لية؟ ، كنتي فين ؟
    تلعثمت في البداية و من ثم اكملت بثبات
    - ا .. انا كن..ت ، انا كنت في المطبخ
    - كنتي محتاجة اية من المطبخ؟
    - كنت عطشانه
    اومأ برأسه و قال
    - ماشي ، المهم .. انا كنت هطلعلك عشان اقولك اني مش هبقى في القصر النهاردة
    نظرت له بلامبالاة قبل ان تلتفت و تصعد السلالم بهدوء و هي تقول
    - ماشي
    ..........................................................
    بعد منتصف الليل

    يقف جلال امام هاوية الجبل و هو ممسك بجثمان عايدة ، كان ينظر لها و هو متردد من القائها ، اغمض عينيه و هو يتمتم بكلمات غير مفهومة في حين بدأ يترك جثمانها و ما لبث ان امسكه مرة آخرى و هو يأخذ نفسا عميقا ، فتح عينيه و حدث نفسه بصوت مسموع متقطع
    - هتعملها يا جلال ، هتعملها عشان لو معملتهاش انت هتروح في داهية ، يلا .. يلاااا
    قال جملته الأخيرة و هو يدفع جثمانها في الهاوية ، فسقطت للأعماق ، تراجع للخلف و هو ينظر للأسفل في حين كان يلهث ، مسح جبينه بكفه و التفت و صعد سيارته و غادر سريعا .
    ..........................................................
    في قصر الشيطان

    لم يستطع الشيطان النوم ، فنهض و غادر جناحه ليذهب لمكتبه ، دخل مكتبه و تقدم فيه حتى وصل لكرسي مكتبه فجلس عليه و اشعل ضوء خافت بجانبة ، اعاد ظهره للخلف و هو ينظر امامه بجمود و من ثم مد يده للدرج و فتحه و اخرج منه سجائره و اشعل واحده و وضعها بين شفتيه و شرد في ما حدث اليوم و حديثه مع ريحانة و ادراكه لمشاعره ، الآن هو يعترف امام نفسه و هذا يكفيه حاليا لأن من الصعب عليه ان يفصح لها او لأحد عن مشاعره ، هو لديه سبب لعدم اخبرها فهو يريد ان ينهي انتقامه لكي يبدأ معها حياة جديدة بعيدة عن الأنتقام ، هذا ما قرره في النهاية ، سينهي انتقامه اولا .
    ..........................................................
    اليوم التالي

    استيقظت ريحانة و هي تشعر بالسعادة و الراحة ، نهضت من على السرير بنشاط و إتجهت للخزانة و فتحتها لتأخذ ملابس لترتديها و بعد ان فعلت اغلقتها و التفتت لتتجة للحمام و لكنها توقفت عندما طرق احدهم على الباب .
    - ادخل
    قالتها ريحانة للطارق ، فدخلت الخادمة و هي تحمل صينية بها طعام و تقدمت للطاولة و وضعت الصينية عليها و قالت و هي مخفضة الرأس
    - سيدنا جلال عايز حضرتك تاكلي الفطور كله
    - هو لسه مرجعش؟
    - لا
    - احسن
    تمتمت بها ريحانة بسعادة و من ثم اومأت برأسها و قالت
    - ماشي ، انا هاكل ، تقدري تمشي
    - عن اذنك
    قالتها الخادمة قبل ان تلتفت و تتجة للباب و تغادر ، بينما مدت ريحانة يدها و اخذت قطعة من الجبن قبل ان تذهب للحمام لتغتسل .
    ..........................................................
    في قصر الشيطان

    خرج الشيطان من جناحه و إتجة للسلم و قبل ان ينزله نظر للأعلى عندما نادته الخادمة و قالت
    - السيد عبد الخالق عايزك يا سيدنا
    اومأ برأسه و غير وجهته حيث صعد السلم و إتجة لغرفة جدة و دخلها .
    - عامل اية النهاردة ؟
    قالها الشيطان و هو يجلس على الكرسي الموضوع بجانب السرير ، فنظر له عبد الخالق و قال بخبث
    - كويس بعد ما الأخبار وصلتلي
    - اخبار اية؟
    - هو صحيح ريحانة جت هنا؟
    قالها عبد الخالق ، فنظر له الشيطان لبرهه قبل ان يقول بجمود
    - اة
    - بجد! .. جت لية؟
    - عرفت منين انها جت؟
    - مصادري الخاصة
    قالها عبد الخالق بمزاح ، فإبتسم الشيطان بتهكم و قال
    - شكلك اتعديت من عايدة
    ضحك عبد الخالق و قال
    - جيب سيرة عدلة طيب
    إبتسم الشيطان بصدق و هو يجول بنظراته حوله حتى توقفت عند صورة والدته الموضوعة على الكومود ، ظل ينظر للصورة من بعيد لبرهه قبل ان يمد ذراعة و يلتقطها و هو يتمعن في النظر إليها ، كان عبد الخالق يتابعه بصمت .
    - عارف ، انا قررت حاجة
    قالها الشيطان بعد صمت ، فقال عبد الخالق بهدوء
    - قررت اية ؟
    - هنهي انتقامي
    إبتسم عبد الخالق بسعادة و قال
    - اخيرا
    و من ثم اردف بخبث
    - و دة بقى تأثير ريحانة!
    رفع الشيطان نظراته لجدة بإنزعاج ، فضحك الأخير بخفة و قال
    - خلاص دة مش تأثيرها ، المهم ... هتنهيه ازاي؟ ، يعني هتسيب جل...
    قاطعه الشيطان ب
    - طبعا لا
    - طب يعني...
    - يعني وقت تصفية الحسابات جة
    نظر له عبد الخالق بخيبة آمل و قال بآسى
    - شكلك مش هتنهي انتقامك على خير ابدا ، فأنا مهما قلت انا عارف انك هدخل كلامي من ودن و هتخرجه من الودن التانية
    - بظبط
    شعر عبد الخالق بالضيق من برود و وقاحه رد الآخر ، فأندفع و قال بحدة
    - هو انت بتعتبرني جدك؟ ، بتعتبري الراجل اللي رباك ؟ ، دي مش معاملة تعاملني بيها ، انا راجل كبير و عجوز فلازم تحترمني مش تقولي بظبط و تقل مني
    نظر له الشيطان بجمود و قال
    - دة اسلوبي
    - دة اسلوب نيلة
    قالها عبد الخالق بغضب و من ثم اصبح يسعل ، ففزع الشيطان عليه ، فنهض سريعا و اخذ كوب الماء الموضوع على الكومود و اقترب من عبد الخالق و اصبح يمسح على ظهره برفق ، فبعد ان هدأ قليلا اشربه الماء ، نظر عبد الخالق للشيطان بضيق و قال من بين انفاسه المتقطعة
    - انت هتموتني قريب ، انت مش عايز تتعدل بقى ، نفسي اشوفك بيجاد بتاع زمان قبل ما اروح من الدنيا دي
    قال الأخيرة بتمني ، فتنفس الشيطان بعمق و هو ينهض و يقول
    - انت فطرت؟ ، هخليهم يجيبولك الفطور
    انهى جملته و إتجة للباب و غادر ، في حين كان عبد الخالق يرمقة بنظراته الحزينة .
    ..........................................................
    دخل جلال قصره و هو يتحدث في الهاتف ، إتجة للسلم و صعده حتى وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه و هو يقول للطرف الآخر
    - هجبلك كل الورق اللي عندي اللي بيخص صفقات السلاح
    صمت جلال ليستمع لرد الآخر ، و من ثم قال
    - ايوة، ما انا رجعت كل ورقي من الشيطان و الورق اللي معايا اصلي
    صمت مرة آخرى ليسمع رد الآخر ، و من ثم رد
    - متقلقش مش هرجع و اقولك رجعلي السلاح اللي اتدهولك ، انا اصلا مش محتاجة و مش هحتاجة عشان معايا اللي مكفيني من السلاح و اللي هدهولك دة زيادة عندي
    وضع جلال كفه على قبضة الباب و برها و دخل و هو يقول
    - خلاص اتفقنا ، انا النهاردة هخرج من القرية عشان اجيلك ، سلام
    انهى المكالمة و اعاد هاتفه لجيبه و هو يفتح الخزانة و يخرج منها حقيبة و يضع على الأرض و من ثم بدأ في وضع الأوراق الذي اعادها من الشيطان في الحقيبة و من ثم وضع عليهم القليل من ملابسه و اغلقها ، نهض و حمل الحقيبة و إتجة بها لخارج الجناح و بعد ان خرج انحرف يسارا لينزل السلم و لكنه تراجع حيث التفت و إتجة لجناح ريحانة و توقف امام بابها ، وضع الحقيبة على الأرض و من ثم طرق على الباب و دخل دون ان ينتظر سماع اذنها لدخوله ، نقل نظراته في ارجاء الجناح الذي كان فارغ ، فقضب جبينه و هو يحدث نفسه
    - راحت فين؟
    التفت و خرج من الجناح و حمل حقيبته و إتجة للسلم و نزله حتى وصل للطابق الرئيسي و سأل احدى الخادمات
    - فين ريحانة؟
    - المدام ريحانة في الصالة
    اومأ جلال برأسه و إتجة للصالون و دخله و توقف امامها و هو يقول
    - و اخيرا خرجتي من اوضتك؟ ، فرحتيني
    رفعت نظراتها له و قالت بجمود
    - لو كنت اعرف ان نزولي هيفرحك مكنتش نزلت
    رمقها بعتاب قبل ان يضع حقيبته على الأرض و يتقدم منها و يجلس على الأريكة التي تجلس عليها و يقول
    - امتى هترجعي لريحانة بتاعتي؟
    نظرت له بثبات و قالت
    - ريحانة بتاعتك مش هترجع لأنها مبقتش موجودة
    ساد الصمت بعد قولها في حين اصبحوا يتبادلوا النظرات ، تنفس بعمق و هو يبعد نظراته عنها و هو يقول بهدوء
    - عموما ... كنت جاي اقولك اني هخرج من القرية النهاردة و هرجع بعد يومين
    - بتقولي لية! ، انت اصلا مش هاممني
    - حبيت اقولك بس
    قالها و هو ينهض و اكمل
    - خلي بالك من نفسك و كلي كويس
    لم تنظر له و لم ترد ، فألتقط حقيبته من على الأرض و غادر .
    ..........................................................
    في مكتب الشيطان

    - كنت عايزني يا سيدنا؟
    قالتها زهرة و هي تقف امام الشيطان الذي كان جالس على كرسي مكتبه
    - ايوة
    قالها الشيطان وهو يرفع نظراته لها ، و اكمل و هو يمسك بالظرف الذي يضعه امامه و يمد يده لها لتأخذه
    - خدي
    تقدمت و اخذت الظرف و هي تقول بتساؤل
    - اية دة ؟
    - افتحيه
    اومأت برأسها و فتحته فوجدت بداخله نقود ، فرفعت نظراتها له و قالت
    - فلوس! ، لية بتديني فلوس؟
    - حسابك
    قضبت حاجبيها بإستغراب و قالت
    - مش فاهمة
    - خديه و خلاص
    - بس...
    قاطعها بنظراته الصارمة ، فأخفضت رأسها و قالت
    - شكرا يا سيدنا
    - تقدري تمشي
    اومأت برأسها و التفتت و ما لبثت ان عادت و نظرت له عندما قال
    - استني
    ظل صامتا بعد قوله في حين كانت زهرة تنتظر سماع ما يريد قوله
    - هتروحي لقصر جلال
    قالها بثبات بعد تردد كبير ، فنظرت له بإستغراب و قالت
    - انا يا سيدنا!
    - ايوة ، هتروحي هناك عشان هتجيبيلي شوية معلومات
    - معلومات! ، عن مين؟
    - ريحانة
    - الانسه ريحانة! ، طيب ازاي؟
    - منها
    قضبت زهرة حاجبيها بحيرة ، بينما اكمل
    - المعلومات اللي هتجيبهالي هتكون عن ريحانة و جلال ، فهمتي!
    قالها و هو يبعد نظراته عن زهرة التي نظرت له و قد فهمت ما يقصده و هذا ما زاد من حيرتها اكثر ، لماذا يريد ان يعرف ذلك؟ .
    - انا طلبت منك انتي بذات عشان مجربك قبل كدة و واثق فيكي
    اومأت برأسها بتفهم و قالت
    - حاجة تانية؟
    - لا
    - عن اذنك يا سيدنا
    و من ثم التفتت و إتجهت للباب و وضعت كفها على قبضة الباب و قبل ان تبرمها التفتت و نظرت للشيطان الذي قال
    - هتروحيلها بس بدون ما تقوليلها اني انا اللي باعتك ، فاهمة!؟
    - فاهمة
    قالتها و غادرت
    ..........................................................
    بعد مرور الوقت

    دخلت زهرة لقصر جلال و إتجهت للصالون مع الخادمة و جلست على الأريكة و هي تنتظر قدوم ريحانة ، بعد مرور دقائق ، دخلت ريحانة للصالون و هي تشعر بالحيرة و القلق ، فمن الذي سيأتي لقصر جلال و يطلب رؤيتها؟ ، و لكن فور رؤيتها لزهرة ذهب قلقها و حل محله الذهول و الدهشة .
    - زهرة!
    نهضت زهرة و هي تبتسم و تقول
    - ازيك يا انسه ريحانة
    تقدمت ريحانة من زهرة و احضتنتها و هي تقول
    - كويسة بعد ما شفتك
    بادلتها زهرة العناق و من ثم ابتعدوا عن بعض و جلسوا على الأريكة .
    - اسفة لأني جيت من غير ما استأذن
    قالتها زهرة و هي تشعر بالإحراج ، فقالت ريحانة بإستنكار
    - اية اللي بتقوليه دة ! ، استأذان اية بس، انتي مش غريبه عشان تستأذيني
    - انا الصراحة مكنتش عايزه اجي عشان كنت خايفه من رد فعل السيد جلال معايا بس انا كنت عايزه اشوفك اوي و اطمن عليكي فجيت و قلت يحصل اللي يحصل بقى
    امسكت ريحانة بكف زهرة و قالت
    - انتي تيجي في الوقت اللي انتي عايزاه ، و هو مش هيقدر يعملك حاجة
    إبتسمت زهرة و قالت
    - ماشي
    و من ثم اردفت بتساؤل
    - صحيح ، عاملة اية معاة؟
    - و لا حاجة
    - و لا حاجة!
    قالتها زهرة بعدم فهم ، فتنهدت ريحانة و قالت
    - ايوة و لا حاجة ، يعني هبقى عاملة اية معاة بعد اللي عرفته عنه؟
    - واجهتيه؟
    - اه
    - و كان رده اية؟
    إبتسمت ريحانة بمرارة و قالت بتهكم
    - كان رده انه عمل كل دة عشان يحميني و يحافظ عليا
    و من ثم ضحكت بسخرية و اكملت بإنزعاج
    - عايزني اصدق الكلمتين دول ، فاكرني الغبية اللي كانت بتصدق اي كلمة بيقولها
    - لا انتي مكنتيش غبية ، انتي كنتي بتحبيه عشان كدة كنتي بتصدقي كل كلمة بيقولها
    - كلامك صح ، بس خلاص انا فوقت دلوقتي و مبقتش اصدقه ، و مبقتش احبه ، اصلا مش عارف ازاي حبيته!
    ساد الصمت لبرهه قبل ان تكمل
    - تعرفي ... انا حطيت حدود ما بينا ، خدت جناح لوحدي .. جناح بعيد عنه
    - بجد !
    اومأت ريحانة برأسها ، فإبتسمت زهرة و قالت لتشجعها
    - ايوة خليكي كدة ، خليكي قوية
    إبتسمت ريحانة و قالت بجدية و حماس
    - هبقى كدة من هنا و رايح
    ..........................................................
    في قصر عز الدين

    - هسلمك انت الصفقة دي يا ايمن
    قالها الشيطان لأيمن الذي ذهل من قول الآخر ، فقال
    - انا!
    - ايوة انت ، و لا مش عايز؟
    - لا .. لا عايز
    - ماشي ، على كدة هجربك و هسلمك صفقة السلاح دي ، لازم توصلها لقرية الشيخ حامد عشان محتاجينها
    - قرية الشيخ حامد !
    - ايوة
    هز ايمن رأسه و هو يشعر بالحيرة ، فقال
    - انت هتبعتلهم السلاح عشان تساعدهم!
    - ايوة
    - بجد! ، هو انت دايما بتبعتلهم ؟
    - ايوة
    - طيب لية جلال كان بيقول انك بتشتري السلاح عشان تقتل ال...
    قاطعة عز الدين ب
    - جلال كان بيقول كدة عشان يبين الشيطان انه وحش ، فهمت
    - اهاا ، يا ابن اللذينة يا جلال ، دة خلى القرية كلها تصدق
    - خلونا في موضوعنا دلوقتي
    قالها الشيطان بجمود ، فنظر له ايمن و عز الدين ، بينما أكمل الشيطان
    - مش عايز اي غلطة يا ايمن ، عايز شاحنة السلاح دي توصل لقرية الشيخ حامد خلال يومين
    - متقلقش ، هتوصل ، ثق فيا
    - لسه ، هتكسب ثقتي بعد ما تخلص المهمة دي
    اومأ ايمن برأسه و قال بعزم
    - هكسبها صدقني
    نهض الشيطان و قال
    - انا ماشي
    انهى جملته و غادر
    ..........................................................
    نهضت زهرة و قالت
    - انا لازم ارجع للقصر
    نهضت ريحانة و قالت
    - خليكي قاعدة معايا شوية
    - معلش لازم ارجع للقصر عشان ورايا شغل
    اومأت ريحانة برأسها بتفهم بينما اكملت زهرة
    - هبقى استأذن من سيدنا و ابقى اجيلك
    - ماشي ، هستناكي
    اقتربت زهرة و عانقت ريحانة و هي تودعها و من ثم غادرت
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره

    دخل الشيطان القصر و سار في الممر حتى توقف امام غرفة مكتبه و نظر لحارسه و قال
    - ابعتلي زهرة
    انهى جملته و دخل غرفة مكتبه ، جلس على كرسي مكتبه و وضع قدم على آخرى و اصبح ينتظر قدوم زهرة ، بعد دقائق دخلت الأخيرة لمكتب الشيطان و جلست على الكرسي المقابل للأخير بعد امره بذلك .
    - ها ، سامعك
    قالها الشيطان بهدوء يخفي خلفه ما يشعر به من فضول و توتر ، فقالت زهرة
    - رحت للأنسه ريحانة و كلمتها عادي جدا ، فاللي عرفته انها ماخده جنب من السيد جلال و انها حاطة حدود ما بينهم و كمان الانسه ريحانة ماخده جناح منفصل عن السيد جلال.......
    بعد ان سمع الشيطان قولها الأخير إرتسمت على شفتيه إبتسامة صغيرة جذابة دون ان يشعر و تلاشت سريعا عندما لاحظ ان زهرة توقفت عن إكمال حديثها و اصبحت تحدق به ببلاهة و ذهول ، فهي لا تصدق ان سيدها يبتسم! ، همهم بخشونة و قال
    - كملي
    انتبهت بأنها تحدق به فشعرت بالإحراج و اخفضت رأسها و هي تقول
    - بس ، معرفتش اكتر ، دة اللي قالتهولي الانسه ريحانة
    اومأ برأسه و قال
    - ماشي ، تقدري ترجعي على شغلك
    اومأت زهرة برأسها و نهضت و غادرت ، بينما عاد الشيطان بظهره للخلف و هو يتنهد براحة ! .
    ..........................................................
    ترجل جلال من سيارته بعد ان فتح له السائق الباب ، تقدم جلال لداخل الفندق .
    - انا وصلت ، انت فين ؟
    قالها جلال للطرف الآخر عبر الهاتف في حين كان ينقل نظراته حوله باحثا عن ذلك الشخص ، فوجده .. فقال و هو يلوح بكفه
    - شفتك
    ابعد الهاتف من على اذنه و اقترب من الشخص الذي يريد مقابلته حتى توقف امامه ، فمد كفه ليصافح الآخر و هو يقول
    - و اخيرا هنشتغل مع بعض
    إبتسم الآخر و هو يصافحه و يقول
    - اخيرا ، اتفصل اقعد
    بعد ان جلسوا اصبحوا يتحدثوان عن امور عدة فرعية ، حتى قال جلال
    - مش نشتغل بقى؟
    - هنشتغل هنشتغل ، بس انت مستعجل لية؟
    - مش مستعجل و لا حاجة
    إبتسم الآخر و قال
    - ماشي ، اتفضل ابدأ
    اومأ جلال برأسه و اتى ان يتحدث ولكن قاطعه رنين هاتف الآخر ، فأعتذر الآخير و نهض ليجيب و بعد ان انهى المكالمة عاد لجلال و قال بعجلة
    - اسف ، لازم امشي ، بكرة نتقابل و نتكلم على كل حاجة
    نهض جلال و قال
    - خلاص و لا يهمك
    - اسف مرة تانية
    قالها الآخر و هو يغادر ، بينما التف جلال حول نفسة و هو يشعر بالضيق ، كان يريد ان ينهي كل شيء سريعا ، مرر انامله بين خصلات شعره و إتجة لموظقة الإستقبال و قال لها
    - عايز اوضة
    - كام يوم ؟
    - يومين
    ..........................................................
    دخل الحارس لمكتب الشيطان بعد ان سمع اذن الأخير ، توقف امام سيده و قال
    - الظرف دة ليك يا سيدنا
    نظر له الشيطان و مد يده و اخذ الظرف و نظر له لبرهه قبل ان يشير للحارس بالمغادرة ، فغادر الأخير بينما فتح الشيطان الظرف و اخرج الورقة التي بداخله و بدأ بقراءتها .
    " انا مسافرة ، حابة ارتاحلي شوية و ابعد عن القرية ، عارفة ان انت ملاحظتش اني مش في القصر و عارفة ان انت مش هامك لو عرفت اني سافرت او لا بس انا عملت اللي عليا بكونك جوزي المستقبلي ، هتوحشني
    من: عايدة "
    وضع الشيطان الورقة على المكتب و هو يشعر بالغرابة بشأن هذة الرسالة ، نهض و غادر غرفة مكتبه و هو ينوي الإتجاة لجناح عايدة .
    - الرسالة وصلت للشيطان يا سيد جلال
    قالتها بخفوت احدى الخادمات التي كانت تقف في الزواية بتخفي ، فأجابها جلال
    - كويس جدا ، شغلك خلص معايا ، و الرسالة انسيها خالص ، فاهمة؟
    - حاضر يا سيد جلال
    قالت جملتها و انهت المكالمة و عادت لعملها .
    وصل الشيطان للطابق الثالث و إتجة لجناح عايدة و دخله ، توقف و مرر نظراته حوله و من ثم تقدم و إتجة للخزانة و فتحها فلم يجد ملابس لها .
    - سيدنا
    قالتها الخادمة بصوت باكي ، فألتفت الشيطان و نظر لها و قضب جبينه بإستغراب عندما رآى هيئتها فقد كانت تبكي ، فقال
    - في اية؟
    - السيد عبد الخالق .. مات
    انهت الخادمة جملتها و ازدات في بكائها ، بينما ظل الشيطان يقف في مكانه يحاول ان يفسر ما قالته ، ففجأة وجد صعوبة في فهمها ، ظل على حالته لبرهه قبل ان يسرع لخارج جناح عايدة و يتجة بخطواط سريعة لغرفة عبد الخالق و يدخلها‎ ‎‏، تباطئت خطواته فور رؤيته لجده الذي كان مغطى بالغطاء الأبيض ، توقف امام سرير جده و مد يده و ابعد الغطاء من على وجه الأخير و حدق به بدون اي تعبير ظاهر على وجهه
    - اخرجوا برة
    قالها الشيطان بجمود ، فخرج الجميع و فور خروجهم جثى على ركبتيه و امسك بيد جده في حين لمعت عينيه بالحزن و الألم و هو يبتسم بمرارة و يقول
    - و انت كمان رحت! ، شكلكم كلكم حالفين انكم تسبوني و تعيشوني لوحدي ، كان ممكن تستنى شوية كنت هحققلك اللي بتتمناه ، بس انت رحت ، براحتك .. روح .. روحوا كلكم ، اقدر اعيش لوحدي .
    أنهى جملته و نهض و وضع الغطاء على وجه جده و التفت و خرج من الغرفة و هو يقول للحارس الذي يقف امام الغرفة
    - جهزوا كل حاجة عشان ندفنه
    اومأ الحارس برأسه و غادر لينفذ ما طلبه منه سيده .
    ..........................................................
    قبل حلول منتصف الليل بقليل

    كان الشيطان يقف امام قبر عبد الخالق و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله ، كان ينظر للقبر بجمود برغم حزنه الذي لم يظهره ابدا ، التفت و سار بخطوات هادئة لإتجاة سيارته في حين كان يتذكر لحظاته مع جده ، فتح السائق الباب لسيده فصعدها الأخير و غادر .
    ..........................................................
    في قصر جلال

    وضعت ريحانة شالها على رأسها بعناية و من ثم نظرت لصورتها المنعكسة على المرأة و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
    - انا عارفه ان اللي بعمله غلط بس...
    لم تكمل جملتها ، هزت رأسها بعنف و من ثم التفتت و غادرت من القصر بالتخفي .
    ...........................................................
    في جناح الشيطان

    كان جالس على الأرض بجانبة زجاجة ممتلأة بالخمر ، كان ينظر امامه بشرود في حين كان يحتسي الخمر بشراها ، هو ليس من عاداته ان يشرب الخمر و لكنه ليتغلب على حزنة و شعورة بالضعف و الإنكسار يحتسيه ، نعم هو يشعر بالحزن الشديد ، فالشخص الأخير من عائلته .. رحل ، الشخص الذي كان في مكانة والده .. رحل ، نعم كان يعامله بجفاء بعض الشيء و لكن هذا لا يدل على عدم حبه له ، نظر للكوب الذي احتساه بالكامل ، و من ثم امسك بزجاجة الخمر و فتحها و ملأ الكوب بالأخير و عاد يحتسيه ، حرك رأسه و هو يبتسم بسخرية و يحدث نفسه بصوت مسموع
    - الدنيا بتحبني اوي ، بتحبني لدرجة انها بتاخد مني كل حاجة يمكن تكون حلوة في حياتي ، خدت مني الوالد ،و بعدين الوالده ، و بعدين .. الجد ، خدت مني التلاته اللي ليا في الدنيا دي
    اخفض رأسه و ملأ الكوب مرة الآخرى بالخمر و احتسى منه القليل و من ثم تمتم
    - برفوا عليكي يا دنيا ، برافو
    ..........................................................
    وصلت ريحانة لقصر الشيطان و اتت ان تدخل من البوابة ولكن الحراس رفضوا ، فأبعدت الشال من على وجهها و هي تقول
    - انا ريحانة
    - اسف ، اتفضلي
    قالها الحارس و من ثم اتاح لها الطريق ، فدخلت ، سارت في الممر و هي تشعر بالإرتباك ، اتت ان تصعد السلم و لكن اوقفها صوت زهرة المتسائل
    - انتي مين ؟
    التفتت ريحانة لها و قالت و هي تبتسم
    - دي انا
    قضبت زهرة حاجبيها و من ثم تقدمت من ريحانة بخطوات سريعة و قالت بخفوت قلق
    - انسه ريحانة! ، جيتي ازاي هنا؟ ، حصل حاجة؟
    - مالك؟ ، اهدي محصلش حاجة ، جيت اشوف الشيطان .. بس
    اومأت زهرة برأسها و قالت بهدوء
    - ماشي
    التفتت ريحانة و اتت ان تصعد و لكن اوقفتها زهرة مرة آخرى بقولها
    - عايزه اقولك حاجة يا انسه ريحانة
    - اية؟
    - السيد عبد الخالق
    قضبت ريحانة حاجبيها و قالت
    - انتي تعرفيه؟
    - ايوة ، اعرفه
    - امم ، طيب .. ماله؟
    بلعت زهرة لعابها و قالت بحزن
    - مات ، السيد عبد الخالق مات
    إتسعت مقلتي ريحانة بصدمة و من ثم امتلأت حدقتيها بالدموع و هي تقول ببطء و عدم تصديق
    - م..مات بج...د!
    أومأت زهرة بأسف ، فسالت دموع ريحانة على وجنتيها و هي تقول بصوت اوشك على البكاء
    - فينه؟
    - دفنوه
    - فين الشيطان؟
    - في جناحه
    التفتت ريحانة سريعا و صعدت السلم حتى وصلت للطابق الثاني ، فتوجهت إلى جناحه بخطوات سريعة و سرعان ما تباطئت امام جناحه و هي تفتحه ببطء ، توقفت و هي تنظر له بحزن و ألم فرؤيتها له بتلك الحالة تألمها ، تقدمت منه بخطوات بطيئة حتى توقفت امامه ، جثت على ركبتيها و هي تنظر له بحزن ، و من ثم قالت بخفوت
    - كفاية شرب
    انتبه لوجودها ، فألتفت برأسه و نظر لها لوهله قبل ان يعود و ينظر امامه و يحتسي الخمر ، فمدت كفها و اخذت الكوب منه و قالت بحزن
    - انا عرفت ، زعلت جدا و....
    قاطعها بقوله العدواني
    - اخرجي برة ، و هاتي دي
    قال الأخيرة و هو يأخذ الكوب منها و يحتسيه ، فرمقته بضيق و قالت بإنزعاج
    - على فكرة غلط اللي بتعمله دة ، مينفعش تشرب عشان تنسى ، المفروض...
    قاطعها ببرود
    - ملكيش دعوة بيا ، مش انتي اللي هتقوليلي اعم...
    قاطعته بحنان و هي تنظر لحدقتيه
    - لا انا اللي هقولك ، و انا اللي هواسيك مش اللي بتشربه دة
    بعد ان انهت جملتها احاطته بذراعها و ضمته بحنان و هي تهمس في اذنه بدفئ
    - عارفه انك زعلان ، فمش لازم تخبي ، عيط لو عايز ، عيط
    مسحت على ظهره بكفها بحنان ، فضمها بقوة و هو يخفي وجهه في عنقها ، و من ثم شعرت بدموعه الساخنة تجري على عنقها . 

    الفصل الرابع و العشرون 

    سالت دموعها على وجنتيها لأجله ، فهي لأول مرة تراه متألم لدرجة البكاء ، تتمنى لو تستطيع ان تنتزع حزنه و ألمه الذي يشعر به الآن ، تريد ان تراه كما كان ، فهذا بالنسبة لها افضل من ان تراه ضعيف هكذا . مسحت دموعها بكفها و قالت بصوت متحشرج حنون ، دافئ
    - انا جمبك ، انا هفضل جمبك علطول و مش هسيبك ، وعد
    سمعت صوته الباكي
    - كنت هحققله اللي بيتمناه ، بس هو راح .. راح
    - راح لمكان احسن .. صدقني
    تنفست بعمق و هي تطبق جفونها و تفتحهم و تقول
    - جدو كان طيب ، حقك تتعلق بيه زي ما انا اتعلقت بيه ، كنت بعتبره جدي
    إبتسمت بحزن و قالت
    - تعرف .. لو شافك دلوقتي و في حالتك دي كان هيفرح ، هيفرح مش شماته ، هيفرح عشان عرف انك بتحبه .. انك كنت بتعتبره حاجة كبيره في حياتك ، اكيد هو عارف انك بتحبه .. ما هو اللي رباك
    ازداد في بكائه ، فمررت اناملها من بين خصلات شعره بحنان و هي تهمس له بصوت باكي
    - كفاية ، متعيطش .. مش قادره اشوفك كدة ، بتوجع ، كفاية
    توقف عن البكاء و رفع رأسه و نظر لها نظرة ممتلئه بالكثير من العواطف المتناقضة ، و من ثم همس لها بإحتياج
    - ريحانة .. واسيني
    مدت انامها و مسحت دموعه و من ثم إبتسمت بدفئ و فتحت ذراعيها له و قالت بهمس مماثل له
    - تعالى
    ضمها و نهض و انهضها معه و هما مازالا متعانقين ، و لفرق الطول اصبحت قدميها لا تلامس الأرض ، سار بها للسرير ، شعرت بأنفاسه الحارة على عنقها و من ثم شعرت بشفتيه التي تقبل عنقها ، فأنكمشت بين ذراعيه في حين وضعها على السرير و اصبح فوقها ، فهمست بجوار اذنه بجزع
    - بيجاد
    شعرت بيديه التي ترفع سترتها ، فهتفت بخوف
    - لا .. بيجاد .. لا
    ابعدت يده و من ثم حاولت ان تبعده عنها و لكنها فشلت ، رفع رأسه و نظر لها بطريقة اشعرتها بالقلق و الخوف من نواياه ، فهمست له برجاء
    - بيجاد ، لوسمحت ابعد
    بدى لها انه تحت تأثير الخمر الذي شربه عندما قال
    - قلتلك واسيني ، وانتي وافقتي
    - مينف...
    قاطعها بقبلته التي لم تطل حيث ابتعد و قال امام شفتيها
    - انتي عشيقتي ، لغاية دلوقتي مشتغلتيش شغلتك
    لمعت عينيها بالدموع و هي تقول
    - بيجاد .. فوو...
    انقض على شفتيها يقبلهما بقسوة فلم تكمل قولها ، حاولت ابعاده بضربه بقبضتها على صدره فأمسك بذراعيها و احكم امساكهما فوق رأسها ، فسالت دموعها على وجنتيها فشعر بهما على وجنتيه ، ففتح عينيه و نظر لحدقتيها العسليتين الامعتين و من ثم اغلقهما مرة آخرى بينما أصبحت قبلته ناعمة .. رقيقة ، فأذابتها تدريجيا حتى استجابت معه كليا ، كان هناك صوت بداخلها يحاول ان يمنعها عن ارتكاب ما ستفعله ، ولكنها تجاهلت ذلك الصوت .. و استاجبت لشيطانها ، تعلم انها ستندم على ما تفعله و سوف تنعت نفسها بأنها "خائنه" و لكنها هي الآن ضعيفة .. لا تستطيع الإبتعاد او إبعاده ، فأغمضت عينيها بإستسلام تام ، بينما ترك ذراعيها لتذهب لمسارهما على كتفه ، مررت انامها بين خصلات شعره بطريقة اشعلته .
    ...........................................................
    اليوم التالي
    في مكتب الشيطان

    جاب الشيطان الغرفة ذهابا و ايابا و هو لا يفهم.. كيف فعل ذلك ؟ ، كيف كان ضعيف لهذة الدرجة؟، كيف اظهر ضعفه لها؟ كيف بكى امامها؟ ، جلس على الأريكة بغضب و هو يتذكر ما حدث في اللية الماضية ، فأشتعل غضبا ، نعم هو غاضب من نفسه .. و منها ، لما لم تمنعه؟ ، لما لم تجعله يفيق ؟ ، كيف فعل ذلك؟ ، التقط كوب من الزجاج و القاه بغضب على الحائط ، فتحطم ، نهض و إتجة لمكتبه بخطوات سريعة و ازاح كل ما عليه بغضب في حين كان يهتف بغضب جامح
    - ازاي وصلت للحقارة دي ! ، غبي
    ،،،،،،،،،،
    بينما في الناحية الآخرى

    كانت جالسه على السرير تضم قدميها لصدرها و يحيطها الغطاء ، كانت تنظر امامها بشرود و هي تتمتم لنفسها بأنها "خائنه" و انها اصبحت مثل والدتها ، هي لم ترتكب مثل خيانة والدتها لوالدها المتوفي .. هي ارتكبت الأقبح فقد خانت زوجها و هو على قيد الحياة بعكس والدتها ، نعم هو زوجها و إن حتى لم ترد ذلك .
    تخيلت ملامح وجه والدها بجانب نظراته لها نظرة تمتزج بالحزن و العتاب و الغضب و الحسرة على ما فعلته ، فبكت.. وضعت كفيها على وجهها و هي تبكي بندم ، ازدادت شهقاتها و هي تتمتم ب
    - اسفه يا بابا ، اسفه
    ..........................................................
    خارج القرية .. في الفندق

    - شكلك مستعجل على الشغل
    قالها الطرف الآخر لجلال الذي اجاب ب
    - مش مستعجل ، بس مدام انا فاضي احب استغل وقتي في حاجة مفيدة
    إبتسم الطرف الآخر و هو يقول
    - حاجة كويسه انك تستغل وقتك في حاجة مفيدة زي الشغل ، يلا نبدأ
    اخرج جلال اوراقه من حقيبته و قدمها للآخر الذي التقطها و بدأ في تفحصها ، و قال بعد دقائق
    - ثواني و هرجعلك
    - في اية؟
    نهض الآخر و اجاب ب
    - هتعرف لما ارجع
    و من ثم غادر و هو تارك جلال يشعر بالحيرة ، بعد مرور خمسة عشر دقيقة عاد الآخر ، فقال جلال
    - ها... في اية ؟
    وضع الآخر الأوراق على الطاولة امام جلال بضيق و من ثم جلس و هو يقول
    - الورق دة .. مزور
    حدق به جلال بذهول و صدمة و هو يهتف
    - ازاي يعني مزورة؟
    - يعني الختم مزور ، فمدام الختم مزور يبقى الورق غير صالح
    التقط جلال الأوراق من على الطاولة بسرعة و اخذ يفحصها و هو يهتف ب
    - مستحيل .. مستحيل تكون مزورة
    و من ثم رفع جلال نظراته للآخر و قال بإستنكار
    - اكيد في غلط
    - لا مفيش غلط ، انا شكيت في الأول انها مزورة ، ف رحت لواحد خبرة في المواضيع دي و اكدلي انها مزورة
    و من ثم اردف بشك
    - هو انت متعرفش ان الورق مزور ؟!
    - لا طبعا
    قالها جلال و هو يعيد نظراته للأوراق ، فساد الصمت منه و احتدت ملامحه و هو يتمتم بغضب مكبوت
    - الشيطان ، مفيش غيره
    قضب الآخر جبينه و قال
    - بتقول اية؟
    نقل جلال نظراته للآخر و قال بغيظ
    - شكلي اتخدعت ، ادوني ورق مزور بدل الأصل
    غمغم الآخر و نهض وقال بآسف
    - على كدة الصفقة للأسف .. مش هتم ، كان لازم يكون ورق الأصل معاك
    نهض جلال بسرعة و قال
    - لا استنى...
    قاطعه الآخر
    - مش هقدر استنى ، عشان ورايا موعد تاني كنت مأجله عشانك ، بس مدام صفقتنا اتلغت لازم اروح للموعد التاني ، عن اذنك
    انهى جملته و غادر ، فألقى جلال بالأوراق على الطاولة بغضب و من ثم سار في إتجاة المصعد و هو يكور قبضته ، و قبل ان يصل للأخير توقف و التفت و غير وجهته للخارج ، صعد سيارته و قال للسائق
    - إرجع للقرية
    نظر له السائق من المرآة و قال بتساؤل
    - قرية الشيطان؟
    - ايوة، قرية الزفت
    قالها بكره ، فأومأ السائق برأسه .
    ..........................................................
    نهضت ريحانة من على السرير و هي تلف الغطاء حول جسدها ، سارت بضع خطوات و توقفت لتميل و تلتقط ملابسها و تتجة بها للحمام و دخلته و اوصدت الباب خلفها .
    فتحت صنبور المياة ، فتدفقت المياة على جسدها لتمحي تلك الآثار ، سالت دموعها على وجنتيها مرة آخرى ، فمسحتها بكفيها و هي تتنفس بعمق ، لعلها ترتاح .
    ،،،،،،،،،،
    خرج الشيطان من مكتبه و إتجة للسلم و صعده حتى وصل للطابق الثاني ، سار في ممره و توقف امام بابا جناحها و هو يشعر بالتردد ، وضع كفه على قبضه الباب و برمها ، تقدم للداخل بخطوات متردده ، مرر نظراته في الارجاء و لم يجدها و لكنه سمع صوت تدفق المياة فعلم انها بداخل الحمام ، فألتفت و اتى ان يغادر و لكنه توقف و هو ينظر للسرير في حين كان يتذكر ما حدث في الليلة الماضية ، فأغمض عينيه و هو يطبق جفونه و يكور قبضته بشدة ، تنفس بخشونة و هو يزيد من قوة قبضته ، فتح عينيه و التفت سريعا و سار للباب و قبل ان يصل للأخير توقف لسماع صوت سقوط شيء حاد بداخل الحمام .
    ..........................................................
    - عامل اية يا بابا ، واحشني
    قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف ، فأجاب الأخير
    - ماشي الحال يا بنتي
    - لسه زعلان عشان طردك السيد جلال؟!
    - لا
    - اكيد!
    - زهرة
    قالها والدها بضيق و نفاذ صبر ، فقالت
    - ماشي ماشي ، المهم ماما عامله اية و اختي؟
    - كويسين ، بيسلموا عليكي
    - الله يسلمهم ، صحيح هي البت اختي هتقعد قد اية عندكم؟
    - مش عارف ، بتسألي لية ؟
    - عشان على اخر الأسبوع هاجيلكم فعايزه اعرف هتبقى موجودة و هشوفها ولا لا
    - تعالي .. هتلاقيها موجودة
    - ماشي ، جايه
    قالت الأخيرة بصوت مرتفع لرئيسه الخدم التي نادتها ، و من ثم اردفت لوالدها
    - هقفل دلوقتي يا بابا عشان بينادوني
    - ماشي يا بنتي ، سلام
    - سلام
    ..........................................................
    اسرع الشيطان للحمام و هو يشعر بالخوف و القلق عليها ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها و لكن الباب لم يفتح ، فحاول مرة آخرى وهو يهتف بأسمها بقلق
    - ريحانة ، ريحانة
    اصبح يطرق على الباب بقوة و هو يهتف
    - افتحي يا ريحانة ، ا...
    توقف عن اكمال جملته و عن الطرق على الباب عندما سمع صوتها
    - عايز اية ؟
    - انتي كويسة؟
    نظرت للدماء التي تسيل من رسغها و من ثم قالت بصوت متألم
    - امشي
    - افتحي
    قالها بصرامة ، و اكمل بتحذير
    - لو مفتحتيش هدخل و...
    قاطعته ب
    - ثواني
    نهضت و ارتدت سترتها بصعوبة و من ثم سارت للباب و فتحته ببطئ و هي مخفضة الرأس ، فتقدم منها بلهفة و قال
    - انتي كويسة؟ " اكمل و هو يتفحصها بنظراته " اية الصوت اللي سمعته جو..
    لم يكمل جملته لرؤيته لرسغها المجروح ، ففزع و أسرع و امسك بيدها بحذر و هو يقول بحدة
    - كنتي بتحاولي تعملي اية في نفسك ؟ ، ها !
    سحبت يدها من بين كفه و قالت بجمود و هي مازلت مخفضة الرأس
    - كنت بموت نفسي ، عندك مانع؟!
    نقل نظراته لأرضية الحمام فوجد تلك الأداة الحادة الملقاه ، فأعاد نظراته لها و هتف ب
    - انتي مجنونة!
    و من ثم امسكها من ذراعها و اخرجها من الحمام ، حاولت ان تتملص من قبضته ولكنها لم تستيطع ، سار بها للأريكة و اجلسها عليها ، فأتت ان تنهض ولكنه نظر لها بصرامة قبل ان يلتفت و يتجة للكومود و يفتح احدى ادراجه ليخرج منه صندوق الأسعافات الأولية ، عاد لها و جلس بجانبها و هو يضع الأخير بجانبه ، امسك برسغها المجروح و نظر له لبرهه قبل ان يفتح صندوق الاسعافات ليلتقط زجاجه مطهر الجروح و القطن الطبي ليبدأ في مداواة جرحها .
    - كويس ان الجرح سطحي
    قالها بنبرة مرتاحة بعض الشيء في حين لامس المطهر جرحها فتأوهت ، فنظر لها و قال بهدوء
    - شفتي اخرة تهورك!
    ظلت صامته و هي مخفضة الرأس ، بينما اكمل
    - لية كنتي عايزة تموتي نفسك؟
    لم تجيب ، فنقل نظراته لجرحها و اكمل مداواته .
    - مش هتجاوبي؟
    قالها و هو يلف رسغها بالضماد ، فلم تجيب و تجاهل ذلك ، بعد ان انتهى اسرعت و نهضت و إتجهت للباب لتغادر و لكنه اوقفها سريعا عندما نهض و لحقها ليمسكها من ذراعها ، فحاولت التملص منه و لكنها لم تستيطع فغضبت ، فألتفتت و اندفعت نحوه و هي تضربه بيدها السليمة على صدره و هي تهتف بحدة
    - ابعد عني بقى ، مش مكفيك اللي حصل ، ابعد
    صدم من رد فعلها ، فترك ذراعها و تراجع للخلف بينما اكملت بإستحقار بجانب نبرتها الحادة
    - انت واحد حقير ، واحد ماشي ورا رغباته ، مكنتش فكراك كدة ، انت ..
    صمتت و لم تكمل جملتها ، اخفضت رأسها في حين امتلئت حدقتيها بالدموع و هي تقول بألم و صوت متحشرج
    - انا بقيت خاينة دلوقتي ، كل دة بسببك ، بسببك انت
    - بسببي!
    قالها يإستنكار بعد صمت و اكمل بحدة و خشونة و هو يقترب منها
    - ماشي ، هعتبره بسببي ، انتي ليه ممنعتنيش ها؟ ، لية مضربتنيش؟ ، لية معورتنيش و هربتي؟ ، مبتعرفيش!
    قال الأخيرة بسخرية و قسوة جرحتها ، فلمح صدمتها و شحوب لونها و هي ترمقه بإنكسار ، ونظرات اللوم تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي لم تستطيع حبسها فسالت على وجنتيها قبل ان تبتسم بمرارة و تقول بألم
    - عشان ضعفت ، عش ....
    قاطعها بقسوة
    - خلاص ، مدام ضعفتي اتحملي عواقب ضعفك
    سالت دموعها الحارة على وجنتيها بغزارة ، و ارتفع صوت شهقاتها و هي تتمتم بقهر
    - انا غبية ، انا استاهل ، دايما بمشي ورا احاسيسي اللي بيجبني لورا
    طبقت جفونها بقوة و هي تضع كفيها على وجهها و تقول بصوت باكي بجانب حسرتها
    - انت زيه ، انت مش احسن منه زي ما كنت فاكره ، انت زي جلال
    تراجعت للخلف و هي مازالت على حالتها ، بينما كانت تتمتم بخفوت من بين شهقاتها المرتفعه
    - انت زيه ، كلكم واحد ، انا بكرهك ، انت متستاهلش حبي
    كان ينظر لها بضياع فهو لا يعلم كيف يتصرف ، إنها تبكي و بكائها هذا يؤلمه! ، مرر انامله من بين خصلات شعره بإرتباك و سريعا تقدم منها و التقطها من خصرها قبل ان تسقط ، فأصبحت بين ذراعيه ، ابعدت احدى كفيها من على وجهها و وضعتها على صدره و بدأ بضربه بقبضتها الضعيفة .
    - بكرهك يا بيجاد ، بكرهك
    قالتها ببكاء قبل ان تسند جبينها على صدره و يزداد نحيبها
    ..........................................................
    - شهلوا شوية عشان لسه ورانا شغل كتير
    قالها ايمن للعمال الذين ينقلون الصناديق التي بداخلها السلاح في الشاحنة ، و من ثم التفت و اخرج هاتفه من جيبه و هو يحدث نفسه
    - هتصل بالشيطان و هقوله على اننا هنتحرك خلاص
    و اتصل بالشيطان
    ..........................................................
    تعالى رنين هاتف الشيطان في جيبه ، فأبتعدت ريحانة عنه و جعلت بينهم مسافة تقرب المتر ، مسحت دموعها بكفيها بينما اخرج الشيطان هاتفه من جيبه في حين كانت نظراته متعلقه بها قبل ان ينقلها للشاشة و يجيب ، فألتفتت هي و إتجهت للباب و فتحته و غادرت .
    سارت ريحانة في ممر الطابق الرئيسي ، فأوقفتها زهرة عندما رأتها ، فألتفتت ريحانة لها فشهقت زهرة عندما رأت ملامح وجه ريحانة الحزينة الباهتة ، و قالت بقلق
    - مالك يا انسه ريحانة؟ ، وشك عامل كدة لية؟ ، كتي بتعيطي؟
    لم تعطيها زهرة مجال للإيجاب حيث اردفت بتفهم
    - اكيد زعلانه على موت السيد عبد الخالق
    نظرت لها ريحانة و اومأت برأسه ، فقالت زهرة لتواسيها
    - متزعليش ، ادعيله و بلاش تعيطي
    اومأت ريحانة برأسها مرة آخرى ، و من ثم قالت بوهن
    - ممكن توقفيلي حاجة اركبها ، عايزة ارجع لقصر جلال
    اومأت زهرة برأسها و قالت
    - حاضر ، تعالي معايا
    ..........................................................
    قطع جلال نصف الطريق للقرية ، و برغم كل ذلك الوقت الذي مضى إلا ان غضبه لم ينطفئ ابدا ، كان يتوعد للشيطان بكل ثانية تمر ، كان ينتظر وصوله للقرية بأحر من الجمر لكي يفرغ غضبه على الشيطان .
    - مش قلتلك شغلك خلص ، بتتصلي لية ؟!
    قالها جلال بحدة لتلك الخادمة التي جعلها تعمل لديه لأيام ، فأجابت الأخيرة
    - عارفة انه خلص ، بس في حاجة مهمة لازم تعرفها
    - خير
    - المدام بتاعتك
    - ريحانة؟
    - ايوة، على ما اعتقد دي
    - مالها؟
    قالها بقلق ، فقالت الآخرى
    - لسه ماشية حالا من قصر الشيطان
    - نعم! ، ازاي يعني؟
    - معرفش ، بس انا لسه شيفاها دلوقتي و هي خارجه من القصر
    - اقفلي
    قالها بعجلة و من ثم انهى المكالمة دون انتظار رد الآخرى ليتصل بأحدى حراس قصره
    - ريحانة في القصر عندك؟
    - ايوة يا سيد جلال
    - اتأكدلي
    - حاضر
    - مش انت اللي تتأكد شوفلي اي خدامة تتأكد و تقولك
    - حاضر يا سيد جلال
    سار الحارس في الممر فقابل خادمة ريحانة ، فأوقفها و سألها
    - المدام ريحانة فوق؟
    قنظرت له لبرهه قبل ان تومأ برأسها و تقول كذبا
    - ايوة ، المدام ريحانة في جناحها
    - موجودة يا سيد جلال
    قالها الحارس لسيده ، فقال جلال
    - خلاص اقفل
    - عن اذنك
    قالتها الخادمة قبل ان تلتفت و تعود لعملها و هي تتمنى الا تكشف كذبتها .
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    وصلت ريحانة لقصر جلال و دخلته من الباب الخلفي بتخفي و حذر ، وصلت للسلم و صعدته و توقفت في منتصفه عندما نادتها خادمتها
    - مدام ريحانة
    التفتت و نظرت للخادمة التي صعدت السلالم المتبقيه بعجلة حتى توقف امام سيدتها و قالت براحة
    - اخيرا رجعتي ، دة السيد جلال سأل عليكي
    - هو رجع؟
    - لا ، بس بعت واحد من حراسه يسأل حد من الخدم عنك ، فلحسن الحظ سألني انا و انا كدبت عليه و قلت انك فوق
    اومأت ريحانة برأسها و قال بإمتنان
    - شكرا لأنك عملتي كدة
    إبتسمت الآخرى و قالت
    - العفو
    التفتت ريحانة و اكملت صعودها ، فلحقتها الآخرى و سألتها بتردد
    - هو في حاجة حصلت؟
    توقفت ريحانة و نظرت للآخرى من فوق كتفها ، فأردفت الآخر
    - بسأل عشان شكلك زعلانه و باين عليكي انك كنتي بتعيطي
    - مفيش حاجة
    قالتها ريحانة بوهن و هي تنقل نظراتها امامها و تكمل صعودها ، بينما توقفت الخادمة و هي تنظر لريحانة بحيرة ، وصلت الأخيرة للطابق العلوي و انحرفت يمينا لتسير في الممر ، دخلت جناحها و جلست على الأريكة و هي تتنهد بآسى ، مالت بجسدها قليلا و اسندت مرفقيها على فخذيها و هي تضع وجهها بين كفيها لتبدأ في البكاء .. بصمت .
    ..........................................................
    قبل غروب الشمس بقليل

    توقفت سيارة جلال امام قصره ، فترجل منها و دخل القصر .
    - ريحانة فوق؟
    قالها لأحدى الخدمات التي اجابت
    - ايوة يا سيدنا ، المدام فوق
    صعد السلم حتى وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليسير في الممر ، توقف امام جناحها لبرهه قبل ان يطرق على بابه و يدخل ، كان الجناح مظلم ، فسار ببطئ و مد يده للحائط و اشعل ضوء خافت ، فوقعت نظراتها عليها و هي نائمة ، فتقدم لناحيتها و هو يتأملها بإشتياق ، جلس على حافة السرير و هو مازال يتأملها ، مد كفه و ازاح خصلاتها من على وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج ، فوجدته ، فأعتدلت سريعا و هي تهتف ب
    - جلال!
    - وحشتيني
    قالها بإشتياق و اكمل
    - موحشتكيش؟
    - رجعت امتى؟
    - لسه راجع
    اومأت برأسها ، بينما اكمل
    - و جيتلك علطول
    نظرت له لبرهه قبل ان تشيح بوجهها بعيدا و هي تقول بإقتضاب
    - مكنش ليه داعي انك تجيلي ، روح لجناحك
    إبتسم و قال
    - بس انا عايز اجي هنا ، اجي ليكي
    شعرت بالذنب من كلماته ، و تذكرت ما فعلته هي ، فقالت بصوت مضطرب بعض الشيء و هي ترفع ذراعها و تمرر اناملها من بين خصلات شعرها
    - ممكن تخرج
    - اية دة؟
    قالها بإستغراب ، و من ثم امسك بذراعها و لمس رسغها الملتف بالضماد و قال بقلق صادق
    - اية اللي حصل؟ ، ازاي اتعورتي؟
    شعرت بالإرتباك و هي تنظر لرسغها و من ثم له ، فبلعت لعابها بتوتر و قالت بتلعثم خفيف
    - ا .. اتعورت من ، من... الأزاز ، وقعت عليه
    - شوفتي الدكتور طيب؟ ، الجرح ع....
    قاطعته و هي تسحب ذراعها من بين كفيه و تقول
    - متقلقش ، الجرح سطحي
    رمقها بعتاب و قال
    - تبقي تنتبهي
    اومأت برأسها ، و من ثم ساد الصمت فقد كان ينظر لها بهيام ، فتضايقت و اخفضت رأسها ، شعرت بإقترابه منها ، فقالت
    - انا تعبانه ، عايزه انام
    مازال يقترب ، فرفعت نظراتها له و قالت
    - ممكن تسبني ارتاح ، لوسمحت
    نظر لحدقتيها و تنهد بآسى و قال
    - ريحانة
    - لوسمحت
    قالتها برجاء ، فرمقها بآسى قبل ان ينهض و يغادر الجناح ، فعادت بظهرها للخلف و هي تتنهد بحزن و الم .
    ..........................................................
    كان ايمن مستلقي على سريرة و هو ينظر للهاوية و هو شارد ، كان يشعر بالحيرة بشأن الشيطان ، فقد كان شاردا طيلة الوقت ، فماذا به؟
    - ممكن ادخل
    قالها عز الدين الذي كان يقف عند الباب ، فأستيقظ ايمن من شروده و اعتدل سريعا و هو يقول
    - اكيد
    دخل عز الدين و جلس بجانب ايمن على السرير و قال
    - مالك؟ ، كنت بتفكر في اية؟
    - مفيش
    - اكيد كنت بتفكر في واحدة
    ضحك ايمن و قال بإستنكار
    - لا طبعا
    و من ثم تنهد و اردف
    - كنت بفكر في الشيطان ، كان فيه حاجة غريبة النهاردة
    قضب عز الدين حاجبيه و قال
    - اية الغريب؟
    - كان سرحان طول الوقت و مكنش معانا خالص ، يعني على ما اعتقد هو مش النوع دة ، خاصا انه بيهتم بشغله جدا
    - اكيد في حاجة شغلاه ، خلاص هبقى اروحله بكرة و اشوفه
    اومأ ايمن برأسه ، فقال عز الدين
    - صحيح ، حصل اية في السلاح ، وصل لقرية الشيخ حامد ؟
    - لا لسه ، بكرة الصبح هيوصل لقرية الشيخ حامد
    ..........................................................
    ترجل الشيطان من سيارته و إتجة لباب القصر و قبل ان يصل للأخير اوقفه احدى حراسه
    - سيدنا
    نظر له الشيطان ، فأكمل الحارس
    - السيد جلال جه للقصرو سأل عنك
    - جلال !
    قالها الشيطان بإستغراب ، فأومأ الحارس برأسه و هو يقول
    - ايوة، و كان متعصب
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول
    - اكيد كان جي يتخانق
    انهى جملته و اكمل طريقة لداخل القصر ، صعد الشيطان السلم حتى وصل للطابق الثاني و توقف لبرهه قبل ان يكمل الصعود للطابق الثالث و يتجة لغرفة جده ، فقد شعر بالرغبة في الذهاب لغرفته .
    توقف امام غرفة جده و هو يشعر بالتردد ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها ببطئ ، تقدم للداخل بخطوات مترددة حتى توقف امام سريره ، فإبتسم بحزن ، اكمل خطواته للسرير و جلس على حافته و مد كفه لوسادة جده و هو يتنفس بعمق ، سحب كفه و نظر امامه و هو يتذكر اخر حديث كان بينه و بين جده ، فأظلمت عينيه خاصا عند تذكره لجملته تلك " هو انت بتعتبرني جدك؟ ، بتعتبري الراجل اللي رباك ؟ ، دي مش معاملة تعاملني بيها ، انا راجل كبير و عجوز فلازم تحترمني مش تقولي بظبط و تقل مني " ، تنهد الشيطان بألم و هو يقول بخفوت
    - مكنتش بقل منك بس انا طبعي كدة، مبعرفش اتصرف مع الناس اللي بحبهم بالطريقة اللي هما عايزنها
    مسح وجهه بكفه و اكمل
    - انا عارف انك مت و انت زعلان مني ، زعلان من تصرفاتي ، انت من يومك و انت ضد تصرفاتي عامة ، تعرف " إبتسم الشيطان بحزن و اكمل " كلامك انت الوحيد اللي كنت بدخلة من ودن مبخرجهوش من الودن التانية ، بس كنت بظهرلك العكس
    تنفس بعمق اكبر و هو يريح جسده على السرير و يغمض عينيه ليسود الصمت في الغرفة لدقائق قبل ان يقطعه بخفوت شارد
    - قولي اعمل اية؟ ، مش عارف اتصرف؟ ، لأول مرة احس اني مش عارف اتصرف ، لأول مرة احس اني تاية .. تاية ما بين مشاعري ، حاسس .. مش عارف حتى انا حاسس بأية بظبط
    اغمض عينيه و تنفس بخشونة و من ثم استقرت انفاسه ، فأتت كلماتها على خاطرة فجأة .. فأزعجته ، فتح عينيه و نظر للهاوية بثبات لبرهه قبل ان يتمتم بشرود
    - كانت متوقعة اكون اية؟!
    اغمض عينيه مرة آخرى بهدوء فتذكرها عندما كانت تبكي و تقول " بكرهك يا بيجاد ، بكرهك " كلماتها تلك اصبحت تتردد في اذنيه دون توقف .
    ..........................................................
    بعد مرور اسبوع

    - انا همشي بقى يا بابا
    قالتها زهرة لوالداها ، فهتفت والدتها ب
    - لية يا بنتي ، اقعديلك شوية
    التفتت لها زهرة و قالت
    - ورايا مشوار عايزه اروحه ، فعايزه الحق قبل ما تضلم
    - مشوار اية يا زهرة؟
    قالها والدها ، فألتفتت له و قالت
    - هروح للانسه ريحانة
    - لا متروحيش، عايزه السيد جلال يشوفك عنده في القصر ، دة مش هيسيبك
    قالتها والدتها بزعر و خوف على ابنتها ، بينما قال والدها
    - لية هتروحيلها؟
    - هطمن عليها يا بابا
    و من ثم التفتت لوالدتها وقالت لتطمئنها
    - متخافيش يا ماما مش هيعملي حاجة
    و من ثم نظرت لشقيقتها وقالت و هي تبتسم
    - خلي بالك على نفسك و على اللي في بطنك ، و سلميلي على جوزك
    - الله يسلمك يا حبيبتي
    التفتت زهرة و إتجهت للباب و هي تقول
    - مع السلامة بقى
    و من ثم غادرت ، فهتفت والدتها لوالدها بحدة
    - انت هتخليها تروح لقصر جلال كدة عادي؟!
    ..........................................................
    في قصر جلال

    نهضت ريحانة بصعوبة من على السرير و سارت بخطوات متعرجة للطاولة ، التقطت كوب الماء و شربت منه القليل ، انحنت لتضعه على الطاولة و لكن بدل ذلك سقط على الأرض اثر فزعها الذي سببه جلال بدخوله الهمجي عليها ، نظرت له بخوف و هي تتراجع للخلف في حين تقدم منها بخطوات هادئة و على وجهه إبتسامة باردة و هو يقول
    - عاملة اية النهاردة يا ريحانتي ؟
    بلعت لعابها بجزع و من ثم شهقت بفزع عندما امسك بذراعها و جذبها له بخشونة و هو يطوقها بذراعيه .
    - مالك؟ ، خايفة لية اوي كدة؟ ، مش هعملك حاجة النهاردة
    قال الأخيرة بخفوت ، فنظرت له و حاولت إخفاء خوفها و هي تقول بصوت حاولت ان تجعلة ثابتا
    - ابعد
    طأطأ بتحذير و قال
    - بلاش الكلمة دي يا ريحانتي ، بتعصبني
    - بكرهك ، ابعد عني
    قالتها و هي تضربه بقبضتها على صدره ، فأمسك بقبضتها بقوة المتها و قال
    - و دي كمان بتعصبني
    و من ثم اقترب منها ، فأبتعدت برأسها ، فأمسك بذقنها بقسوة و اكمل بهدوء مخيف
    - و انتي مجربة ، لما بتعصب بتغير مية و تمنين درجة
    - انت حقير
    قالتها بقهر ، فقسى على ذقنها اكثر حتى ادمعت عينيها ، و قال بخفوت غاضب
    - مش ناوية تتلمي ؟ ، لسة متعلمتيش؟ ، عايزاني اضربك؟
    و من ثم جذبها و سار بها لأمام المرآة و قال و هو ينظر لصورتها المنعكسة
    - شايفة وشك! .. عايزاني اشوهولك خالص؟ ، شايقة جسمك! .. عايزاني اشوهه هو كمان بالضرب؟ ، لو مش عايزه .. حسني تصرفاتك معايا ، ارجعي زي الأول ، و بطلي عناد و إلا .. هتخسري نفسك
    و من ثم تركها و ابتعد و قال بهدوء
    - فكري في كلامي و شوفي مصلحتك ، ومتهيألي انه باين ان مصلحتك فين
    و من ثم التفت و إتجة للباب و هو يقول
    - جهزي نفسك بليل ، هتبقى ليلتنا يا ريحانتي
    و من ثم خرج و اغلق الباب خلفة ، بينما ظلت ريحانة تنظر لصورتها المنعكسة المشوهة ، تلك الجروح التي غيرت ملامح وجهها بعض الشيء ، و تلك الكدمات التي تملأ جسدها ، سالت دموعها على وجنتيها بغزارة ، فهي تشعر بالشفقة على نفسها و روحها التي تنزف .
    ..........................................................
    اسدل الليل ستائره

    طرقت الخادمة على الباب و من ثم دخلت ، نظرت لريحانة التي تجلس على السرير و شعرت بالشفقة عليها عندما لاحظت دموعها التي تسيل على وجنتيها بصمت
    - مدام ريحانة
    مسحت ريحانة دموعها و نظرت للخادمة ، فأكملت الأخيرة
    - في واحدة عايزة تشوفك و تطمن عليكي ، الحراس مكنوش عايزين يدخلوها.. فأنا خدتها و دخلتها بالخباثة
    - مين؟
    قالتها ريحانة بوهن ، فدخلت زهرة و هي تبتسم و ما لبثت ان تلاشت إبتسامتها عندما رأت ريحانة و هيئتها تلك ، فشهقت و اسرعت لها و قالت بفزع
    - اية دة؟ ، اية اللي حصلك؟ ، مين اللي عمل فيكي كدة؟
    نظرت لها ريحانة بحزن و سالت دموعها مرة آخرى على وجنتيها ، فقالت الخادمة
    - هخرج انا
    و غادرت ، بينما احضتنت زهرة ريحانة و ربتت على ظهرها بحنان ، و هي تهمس لها
    - اية اللي حصل؟ ، قوليلي
    ابتعدت ريحانة عن زهرة و قالت بصوت باكي
    - هقولك اية ولا اية
    - قوليلي كل حاجة ، هحاول اساعدك
    صمتت ريحانة و اكتفت بالبكاء ، فأمسكت زهرة بكف ريحانة و ضغطت عليه بخفة لتشجعها على الحديث ، فنظرت لها ريحانة و بدأت في سرد ما حدث
    *********************
    بعد يومين من عودة جلال للقرية

    عاد جلال بعد منتصف الليل للقصر و كان ثمل ، صعد السلالم بخطوات متأرجحة و هو يهتف بأسمها
    - ريحانة .. يا ريحانتي
    وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليسير في الممر ، اقتحم الغرفة بطريقة افزعتها و ايقظتها من نومها ، نظرت له و هو يتقدم منها و على وجهة إبتسامة اشعرتها بالقلق
    - جلال ... مالك؟
    جلس على حافة السرير و قال و هو ينظر لها بتفحص و رغبة
    - وحشتيني ، و حشتيني اوي يا ريحانة
    و اقترب منها ، فأبتعدت سريعا و نهضت ، فنهض و نظر لها و طأطأ و قال
    - مش هسمحلك النهاردة
    و من ثم اقترب منها بخطوات سريعة ، فأتت ان تهرب ولكنه كان اسرع و امسكها و القاها على السرير ، رفعت رأسها و نظرت له بخوف و قالت
    - جلال ، لا ، لوسمحت
    - مش النهاردة يا ريحانة ، مش هسمحلك تبعديني عنك زي ما عملتي إمبارح
    - جل...
    لم تكمل جملتها فقد انتفضت للخلف عندما صعد السرير ، مد يده و امسك بذراعها بقوة عندما قاومته ، فهتفت برجاء
    - جلال ، لا .. أبعد عني
    اقترب منها اكثر و كاد ان ينقض عليها ، فصرخت به و هي تصفعة ليستيقظ
    - فوق ، فوق يا جلال
    احمر وجهه و نظر لها بغضب ، فأرتجف جسدها من الخوف فتراجعت للخلف حتى سقطت من على السرير للأرض ، لم تهتم ب ألم جسدها التي شعرت به من سقوطها فقد كان خوفها منه اكبر ، تمتمت بصوت مرتجف
    - اسفة، عملت كدة عشان تفوق ، و...
    قاطعها و هو يجز على اسنانه بغضب
    - هربيكي
    انهى جملته و انقض عليها بالضرب ، كان يضربها بقسوة .. لم يكن يشعر بنفسة و لم يكن يسمع صوت صراخها المتألم ، فقد اعماه غضبه .
    *********************
    مسحت ريحانة دموعها من على وجنتيها و اكملت
    - جالي اليوم اللي وراة و اعتذرلي عن اللي عمله ، و في نفس اليوم بليل عاد اللي عمله ، ضربني و كان سكران ، و اليوم اللي وراة مجاش و اعتذرلي .. لا دة جالي و فضل يحذرني اني لو فضلت ابعده عني هيعاقبني و هيضربني و فعلا عمل كدة، انا حاولت اني اتغير ، اني اتقبله بس...
    و هنا طغى البكاء عليها و عاقها عن الاستمرار ، فربتت زهرة على كتفها بحنان و قالت
    - فهماكي ، انتي مش قادره تقبليه بعد اللي عمله ، حقك الصراحة
    و من ثم تنهدت زهرة بعمق و قالت
    - اهربي يا انسه ريحانة، اهربي
    نظرت لها ريحانة و قالت بصوتها الباكي
    - صعب ، هو انتي مش شايفة ازاي عازلني عن الناس ، دة مش بيخليني اخرج لحديقة القصر حتى ، فأزاي ههرب؟ !
    صمتت زهرة لتفكر في طريقة لإخراج ريحانة من قصر جلال ، فهتفت فجأة ب
    - سيدنا الشيطان
    قضبت ريحانة حاجبيها و قالت بإستغراب
    - ماله؟
    - هطلب منه يساعدك
    - مش هيهتم
    قالتها ريحانة بحزن و مرارة ، فقالت زهرة
    - لا ... هيهتم ، يعني ممكن ، في احتمال
    تنهدت ريحانة بعمق وهي تمسح دموعها قبل ان تقول لزهرة
    - امشي يا زهرة من هنا يلا ، عشان لو جلال عرف انك هنا مش هيسيبك
    اومأت زهرة برأسها و نهضت و قالت
    - خلي بالك من نفسك
    إبتسمت ريحانة بسخرية و مرارة ، فأردفت زهرة
    - يعني حاولي
    اومأت ريحانة برأسها ، فألتفتت زهرة و غادرت جناح ريحانة ، و من ثم غادرت القصر بالخفاء بمساعدة خادمة ريحانة
    ..........................................................
    طرقت زهرة على باب مكتب الشيطان بتردد ، و من ثم دخلت بعد ان سمعت اذنه ، تقدمت و توقفت امامه و صمتت ، فهي تشعر بالحيرة و التردد الكبير ، هل تقول له عن ريحانة و ما حدث لها؟ ... هل سيهتم ؟
    - سامعك
    قالها الشيطان بهدوء و هو ينظر لها ، فبلعت لعابها بتوتر و قالت
    - في حاجة مهمة عايزة اقولها ليك يا سيدنا ، بس مش عارفة هي هتهمك ولا...
    قاطعها ب
    - قولي و انا هبقى احدد انها بتهمني ولا لا
    اومأت برأسها و من ثم صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - الانسة ريحانة
    لمعت حدقتيه عندما سمع اسمها ، فقال بثبات اتقنه
    - مالها ؟!
    قصت له زهرة ما حدث و ما رأته و ما قالته لها ريحانة ، و بعد ان انتهت صمتت و هي تترقب ملامحه التي ظهر عليها التغير ! .
    ..........................................................
    دخل الشيطان لقصر جلال بخطوات غاضبة ، و سار فيه حتى توقف و سأل احدى الخادمات
    - فين جلال؟
    - السيد جلال فوق
    إتجة للسلم و صعده بخطوات سريعة حتى وصل للطابق العلوي و سار في الممر و هو ينظر حوله .
    - مش عيب تدخل قصري و تسرح فيه كدة !
    قالها جلال و هو يخرج من احدى الغرف الصغيرة المجاورة ، فألتفت الشيطان و نظر لجلال و قال بجمود
    - لا مش عيب
    تقدم منه جلال بخطوات هادئة ، و قال
    - جي هنا لية؟
    - جي اخد حاجة تخصني
    قالها الشيطان و هو يتقدم من الآخر المسافة المتبقية ، فرفع جلال حاجبيه بدهشة و هو يقول بتهكم
    - حاجة تخصك؟ و عندي؟
    - ايوة
    - اية الحاجة دي؟
    - ريحانة
    قالها الشيطان و هو يتوقف امام جلال ، فرفع الأخير حاجبيه ببلاهه و من ثم قهقه بسخرية و قال
    - ريحانة! ، من امتى ريحانة تخصك؟
    - مش مهم من امتى
    - شكلك ناسي انها مراتي!
    قالها جلال بحدة ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية مستفزة و قال ليغيظ الآخر
    - شكلي نسيت
    فإبتسم جلال بغيظ و قال بهدوء مصتنع
    - مدام نسيت انا بفكرك ، ريحانة مراتي
    نظر له الشيطان نظرة عابرة قبل ان يتخطاه و هو يقول
    - اي واحد جناحها؟
    التفت جلال بحدة و نظر للشيطان بضيق و غيظ و هو يقول
    - عايز تعرف اني جناحها لية؟
    - عشان عايزها
    قالها الشيطان و هو يضع كفه على قبضة احدة الأبواب ، فأسرع جلال و امسك بكفه بغضب و قال و هو يجز على اسنانه
    - اخرج من قصري
    نظر له الشيطان ببرود و قال
    - هخرج ، بس بعد ما اخدها
    - يعني اية هتاخدها ، انت اتجننت؟
    هتف بها جلال بصوت مرتفع غاضب سمعته ريحانة التي نهضت من على سريرها ، بينما اكمل جلال
    - دي مراتي و انا جوزها ، يعني مش هخليك تاخدها
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال بطريقة مستفزة
    - جوزها ! ، معتقدش انها بتعتبرك كدة اساسا
    امسكه جلال من ياقته بغضب و صرخ به
    - اخرج برة
    طأطأ الشيطان بسخرية و قال
    - اهدى على نفسك ليطألك عرق
    صرخ به جلال مرة آخري
    - اخرج برة قلت ، يلاا
    و من ثم جذب جلال الشيطان من ياقته ، و فجأة تهاوى جلال على الأرض على اثر لكمة الشيطان القاسية القوية ، و في نفس الحين فتحت ريحانة باب جناحها ببطئ و هتفت بأسمه بهمس
    - بيجاد
    التفت و هو يلهث .. فوقعت نظراته عليها ، فتبادلوا النظرات المليئة بالمشاعر المتناقضة . 

    الفصل الخامس و العشرون

    تفحصها الشيطان بنظراته التي اظلمت ، و تقدم منها بخطوات ثابتة و امسكها من ذراعها و اخرجها من جناحها و سار بها في إتجاة السلم و لكنه توقف قبل ان يصل للأخير بسبب توقفها ، فألتفت و نظر لها فوجد جلال ممسك بذراعها الآخرى ، فنظر للأخير بإنزعاج ، بينما قال الأخير و هو يجز على اسنانه بغضب
    - قلتلك دي مراتي و مش هخليك تاخدها
    تنفس الشيطان بخشونة و قال بنفاذ صبر
    - جلال ... معنديش خلق اتخانق معاك
    فإبتسم جلال بغيظ و هو يقول بتهكم
    - و لما حضرتك ملكش خلق ، جيت هنا لية!
    - جيت عشان اخدها و امشي
    - وانت فاكرني هسبهالك بالساهل !
    - انا مش مستنى انك تسبهالي ، انا هاخدها اساسا
    انهى جملته و هو يجذبها له بقوة ألمتها ، و خبئها خلفه ، بينما ذهل جلال من حركة الشيطان السريعة ، فبعد ان ادرك تقدم من الأخير و هو يكور قبضته بحنق و غضب جامح ، و وجهها لوجة الشيطان الذي التقط قبضته بكفه بمهارة و ضغط عليها بقسوة و هو يطأطأ و يقول بهدوء مخيف .. محذر
    - بلاش تلعب في عداد عمرك الأخير
    و من ثم ترك قبضته و التفت و هو يمسك برسغها و يسير بها في بقية الممر ليصل للسلم و ينزله بثبات ، خرج من قصر جلال تحت انظار الحراس المتسائلة ، اصعدها السيارة و من ثم صعد هو في المقعد الأمامي ليقودها ، فهو قد جاء بمفردة دون حراسه او سائقه .
    فور اختفائهم من امام ناظري جلال ، اخرج الأخير غضبه في تكسير كل شيء من حوله .
    ..........................................................
    - اتصلي بزهرة ، عايزة اطمن عليها
    قالتها والده زهرة بقلق ، فنظر لها زوجها و اومأ برأسه و من ثم امسك بالهاتف و اتصل بزهرة التي اجابت
    - الو يا بابا
    - رجعتي من عند المدام ريحانة؟
    - ايوة يا بابا
    - مفيش حاجة حصلت؟ ، يعني السيد جلال...
    قاطعته زهرة ب
    - لا مكنش موجود
    - هات زهرة ، عايزة اكلمها
    قالتها والدتها ، فتنفس الآخر بعمق و هو يقول بنفاذ صبر
    - خدي كلمي امك عشان دوشتني
    - ماشي
    اخذت والدتها الهاتف و قالت بلهفة
    - زهرة يا بنتي ، انتي كويسة؟
    - متخافيش يا ماما ، انا كويسة
    تنهدت والدتها براحة و من ثم قالت بعتاب
    - خلتيني اقلق عليكي
    - اسفة يا ماما
    إبتسمت والدتها و قالت بهدوء
    - المدام ريحانة عاملة اية عند جلال؟
    - متبهدلة يا ماما ، انتي لو تشوفيها... هتصعب عليكي
    - لية ؟ ، مالها ؟
    - هقولك اللي حصل
    و من ثم بدأت في قص ما رأته و ما قيل لها من ريحانة ، فطأطأت والدتها بأسف و قالت
    - حرام عليه ، ازاي يعمل كدة فيها؟
    - واحد حقير
    قالتها زهرة بإستحقار ، فقالت والدتها
    - طيب و انتي عملتي اية؟
    - طلبت المساعدة من سيدنا الشيطان؟
    - الشيطان!
    قالتها والدتها بإستغراب ، فغمغمت زهرة ب
    - اه
    - و عمل اية؟
    - معرفش ، بس هو خرج علطول بعد ما قلتله
    صمتت والدتها لبرهه قبل ان تسأل
    - و انتي طلبتي منه المساعدة هو بذات لية يا زهرة؟
    - الصراحة لسببين ، السبب الأول ان الشيطان هو الوحيد اللي يقدر يساعدها
    - و السبب التاني؟
    صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول بشرود
    - السبب التاني .. اني حاسة ان سيدنا الشيطان مهتم بالانسة ريحانة شوية
    - ماما معلش عايزة التليفون عشان اكلم جوزي
    قالتها شقيقة زهرة لوالدتها التي قالت لزهرة
    - هقفل دلوقتي يا زهرة عشان اختك عايزة تكلم جوزها
    - ماشي يا ماما ، سلام
    - سلام
    ..........................................................
    دخلت ريحانة القصر خلف الشيطان الذي سبقها ببضع خطوات .
    - بيجاد
    قالتها بخفوت ، و اردفت
    - استنى
    توقف و التفت لها ، فتقدمت بخطوات متعرجة حتى توقفت امامه ، نظرت له و قالت بأمتنان
    - شكرا
    نظر لها بجمود و هو يهز رأسه بخفة و يلتفت و لكن قبل ان يخطوا خطواته قالت
    - كنت فكراك مش هتساعدني
    نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره ، فأكملت
    - افتكرت انك هتسبني......آآه
    تأوهت بها بألم ، فقد شعرت فجأة بألم يخترق ظهرها ، فألتفت بجسده و ظل ينظر لها ، نعم لقد شعر بالقلق ولكنه لم يظهر ذلك ، زاد قلقه عندما رأى على ملامح وجهها الألم و هي تطبق اجفانها بقوة ، فتقدم منها و توقف امامها وقبل ان يسألها قالت بخفوت ممتلئ بنبرة الألم
    - طهري ، واجعني جدا .. آآه
    تأوهت مرة آخرى بألم ، فتقدم بضع خطوات ليقف بجانبها و يحاوط خصرها بذراعه ، فنظرت له .. فقال بإقتضاب
    - شكلك محتاجة الحكيم
    سار بها للسلم ، فصعدت اول درجاته ببطئ شديد بسبب ألم ظهرها و تعرج قدمها . فتوقف فجأة ، فنظرت له بإستغراب قبل ان تشهق بفزع و ألم عندما حملها بين ذراعيه ، فهتفت ب
    - بتعمل اية؟
    لم يجيبها و اكمل صعود السلم بخطواته الثابتة حتى وصل للطابق الثاني ، سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه ، فتقدم الحارس و فتح الباب لهم عندما امره الشيطان بذلك عبر نظراته ، تقدم للداخل و وضعها على السرير برفق و من ثم التفت و إتجة للباب و هو يقول
    - هطلبلك الحكيم و هجبلك زهرة
    لم يترك لها مجال الرد فقد غادر سريعا .
    ..........................................................
    كان جلال جالس على كرسي مكتبه و هو يتنفس بخشونة بجانب الغضب الذي يكمن في حدقتيه مع حركة اصبعه الروتينية على الطاولة ، لا يستطيع ان يفهم .. كيف تجرئ الشيطان على اخذ زوجته ؟ ، و كيف سمح له ان يأخذها! .. كان يجب ان يمنعه من اخذها حتى و إن كانت هذة نهايته ، طبق جفونة بقوة و هو يتذكر استسلامها للشيطان .. اكانت تنتظره؟ ، تصاعدت الدماء بحرارة إلى رأسه لتلك الفكرة ، فتح عينيه و هو يهز رأسه بعنف و يتمتم كالمجنون
    - ريحانة ليا .. ليا و بس
    ..........................................................
    تلف الشيطان لجناحه و تقدم منهم ، فنهض الحكيم و التفت للشيطان و انحنى للأخير احتراما له ، فقال الشيطان
    - ها ، مالها؟
    - اللي باين انها اوقعت على طهرها او اضربت عليه فورم ، عشان كدة طهرها بيوجعها ، فأنا اديتها ابرة تخفف علهيا الألم دة ، بس من بكرة هنبدأ ندهنلها كريم و اسمه اديته لزهرة
    اومأ الشيطان برأسه و هو ينقل نظراته لريحانة التي بدأت تغفو ، فقال الحكيم
    - عن اذنك
    و من ثم غادر ، فنهضت زهرة و قالت
    - هروح اجيب الكريم يا سيدنا
    اومأ برأسه ، فأردفت قبل ان تغادر
    - عن اذنك
    و غادرت ، فتقدم الشيطان ببضع خطوات من ريحانة ، ظل ينظر لها بطريقة لم تستطيع تميزها فقد كانت رؤيتها له متداخلة قبل ان تغفو تماما ، فألتفت و غادر .
    ..........................................................
    اشرقت شمس يوم جديد

    - هو اتصل بيك؟ .. و طلب منك انك تساعده! ، طيب انا مش فاهم ، انت ازاي هتساعده؟ .. ازاي هتساعد جلال!
    قالها ايمن بعدم إستيعاب ، فألتفت له عز الدين و قال بهدوء
    - مش هساعده يا ايمن ، انا بس هروح معاه للشيطان و هتكلم مع الشيطان في موضوع ريحانة، اصل مينفعش اللي عمله الشيطان ، ازاي يروح و ياخد ريحانة اللي هي مرات جلال قدامه كدة! ، عيب .. عيب اللي عمله
    - معاك حق ان اللي عمله الشيطان عيب بس ممكن يكون عنده سبب
    - مهما كان السبب ملهوش الحق انه يعمل حاجة زي دي
    طرق الخادم على باب جناح عز الدين و دخل عندما سمع اذن الأخير
    - السيد جلال وصل
    - ماشي ، نازله دلوقتي
    قالها عز الدين للخادم قبل ان يقول لأيمن
    - انا همشي
    اومأ ايمن برأسه و غادر عز الدين.
    ..........................................................
    فتحت ريحانة جفونها بتثاقل و من ثم اغلقتهما مرة آخرى و ما لبثت ان فتحتهم لتنقل نظراتها حولها ، اين هي؟ ، اعتدلت لوضع الجلوس و حكت رأسها و هي تتذكر ما حدث ، فتنفست بعمق فشعرت ببعض الألم في ظهرها ، نهضت من على السرير بحذر و قبل ان تخطوا خطواتها طرق احدهم على الباب ، فهتفت ب
    - ادخل
    دخلت زهرة و هي تحمل صينيه بها طعام الفطور و قالت بنشاط
    - صباح الخير انسة ريحانة
    إبتسمت ريحانة بوهن و قالت
    - صباح النور
    - يلا عشان تفطري
    قالتها زهرة و هي تضع الصينية على الطاولة ، فقالت ريحانة
    - مليش نفس
    - لا مينفعش ، انتي لازم تاكلي
    حكت ريحانة جبينها و قالت
    - ماشي بس هدخل اغسل وشي الأول
    - حاضر
    و من ثم إتجهت ريحانة للحمام و دخلته ، و بعد خمس دقائق خرجت الأخيرة من الحمام و إتجهت للطاولة و جلست على الأريكة المقابلة للطاولة و قالت لزهرة
    - اقعدي افطري معايا
    - شكرا ، فطرت
    - طيب ممكن تقعدي معايا بدل ما اقعد لوحدي
    اومأت زهرة برأسها و جلست ، بينما مدت ريحانة يدها و اخذت واحد من التوست و وضعت عليه القليل من الجبن و بدأت في تناوله
    - فين الشيطان ؟
    قالتها ريحانة بعد ان بلعت الطعام الموجود في فمها ، فأجابت زهرة
    - سيدنا الشيطان في مكتبه من إمبارح
    - من إمبارح!
    هزت زهرة رأسها بالإيماء ، فشردت ريحانة لتفكر به .. هل قضى كل الليل في مكتبه؟ .. لماذا؟ اهو لا يريد رؤيتها ؟ ، إن ذلك... فلماذا ساعدها! ، قطمت قطعة من التوست و من ثم قالت بشرود
    - زهرة ، قوليلي
    - اية؟
    - لما قلتي للشيطان عني و عن حالتي ، قالك اية؟
    - مقالش
    نظرت لها ريحانة بخيبة امل و قالت
    - طيب تعابير وشه؟
    صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول و هي تتذكر
    - لما قلتله تعابير وشه اتغيرت ، بس مش عارفه اميزها بظبط
    تنهدت ريحانة بآسى و قالت
    - ماشي
    اكملت ريحانة تناول فطورها و انهته ، فنهضت زهرة و هي تحمل الصينية و قالت
    - هروح ارجع الصينية للمطبخ و بعدها هاجي عشان ادهنلك الكريم ،صحيح .. اخبار طهرك اية؟ واجعك؟
    - واجعني بس مش اوي
    - دلوقتي هنحطله الكريم و هيختفى الوجع
    هزت ريحانة رأسها بالإيماء و قالت
    - طيب انا هدخل استحمى عقبال ما ترجعي
    - ماشي
    ..........................................................
    خرج الشيطان من الغرفة الموجودة في مكتبه و إتجة للمكتب و جلس على كرسيه و من ثم التقط كوب الماء و شربه قبل ان يعود بظهره للخلف و هو يتنهد بضيق ، فهو لم ينم جيدا بسبب كثرة تفكيره الذي اصبح يزعجه مؤخرا .
    طرق الحارس على الباب و دخل بعد سماعه اذن سيده ، تقدم للداخل و اخفض رأسها و هو يقول
    - السيد عز الدين و السيد جلال برة ، عايزين يقابلوك يا سيدنا
    رفع الشيطان حواجبه بذهول و هو يقول بإستغراب
    - جلال و عز الدين!
    و من ثم اردف بهدوء
    - دخلهم
    اومأ الحارس برأسه و غادر ليخبر عز الدين و جلال بموافقة سيده لمقابلتهم ، فبعد ثواني دخل عز الدين للمكتب و خلفه جلال ، جلس عز الدين على الكرسي المقابل لمكتب الشيطان و بجانبه جلال الذي كان ينظر للشيطان بثبات مصتنع يخفي خلفه غيظه .
    - خير؟ ، اية اللي لم الشامي على المغربي !
    قالها الشيطان بتهكم و هو ينظر لجلال ، تجاهل عز الدين تهكم الشيطان و قال
    - الاول ، عامل اية؟
    - في احسن حال
    - كنت جاي اتكلم معاك في موضوع مهم
    صمت الشيطان بينما اكمل عز الدين
    - جلال قالي على كل حاجة ، مينفعش اللي عملته يا شيطان ، ريحانة مرات جلال فمينفعش تروح تاخدها كدة و كأن ملهاش جوز تستأذن منه
    كان الشيطان يستمع لأقوال خاله " عز الدين " بلامبالاة ، و من ثم رسم على شفتيه إبتسامة جانبية و هو ينظر لجلال ببرود و يقول بطريقة مستفزة
    - و هو الجوز دة مش قادر يرجعها لوحده! .. شكله خايف
    - شيطان
    قالها عز الدين بحدة و اكمل
    - عيب اللي بتعمله ، مش انت اللي تطلع منك التصرفات دي ، انت كبير و المفروض انك بتفهم في الأصول ، و المفروض انك عارف انها مراته ...
    قاطعه الشيطان ببرود
    - مراته اللي متجوزها عرفي
    كان جلال صامتا طيلة الوقت لكي لا تفشل خطته في إعادة ريحانة له بدون اي مجازفة و لكنه لم يستطيع الصموت اكثر ، فأندفع بقوله الحاد
    - اسمه جواز و اسمها مراتي فملكش دعوة يبقى جواز عرفي ولا لا
    و من ثم اردف بصوت مرتفع نسبيا
    - و ريحانة هاخدها يعني هاخدها
    - وريني ازاي
    قالها الشيطان ببرود استفز جلال ، فنهض الأخير بغضب و لكن عز الدين اجلسه مرة آخرى و قال
    - اهدوا مش كدة " و اكمل و هو ينظر لجلال " هخليك تاخد ريحانة ، فأهدى و متدخلش
    تنفس جلال بخشونة و هو ينقل نظراته امامه بعيدا عن الشيطان ، بينما نظر عز الدين للشيطان و قال بنفاذ صبر
    - اسمعني ...
    قاطعه الشيطان بجدية
    - انت اللي اسمعني ، انت عارف اني بحترمك، فلوسمحت متدخلش في الموضوع دة بذات عشان احترامي ليك ميتبخرش
    شعر عز الدين بالضيق من كلمات الشيطان ، فقال بحدة
    - انا اكبر منك ، ازاي تكلمني كدة ها! ، يعني انا جاي عشان احل الموضوع دة فتيجي انت و تقولي كدة ، تعرف.. انت بكلامك دة قليت مني مش لسه هتقل
    تنفس بعنف و اكمل
    - تعرف انا غلطان لأني جيت هنا ، لأني جيت عشان انصحك لأني خايف عليك من اي فضيحة تمسك بسبب موضوع زي دة و بسبب بنت زي دي.....
    كان الشيطان صامت ، ينظر امامه بجمود بينما كان يضغط على قبضته بشدة و هو يستمع لكلمات عز الدين التي بدأت تغضبه .
    - عارف انها كانت عشيقتك بس هي مش ملكك هي ملك جوزها..
    - و جوزها هو انا
    قاطعه الشيطان بها بجدية ، فإتسعت مقلتي عز الدين بذهول و تشتت ، بينما التفت و نظر له جلال بصدمة و عدم إستيعاب قبل ان يقهقه بسخرية ممزوجة بالشراسة و يقول بإستخفاف
    - مراتك ازاي إن شاء الله!
    مد الشيطان ذراعه لأحد الأدراج الموصدة في مكتبه ليفتحها و يخرج ملف به ورقه و يقدمها لهم ، اتى ان يلتقطه عز الدين و لكن سبقه جلال و التقطه و فتحه بعنف ، فأتسعت مقلتيه في صدمة .. فهو زوجها ولكن كيف؟ ، و هذا توقيعها .. ريحانة وافقت على هذا الزواج! كيف؟ ، رفع نظراته للشيطان وقال و هو تحت تأثير الصدمة
    - اكيد الورق دة مزور
    نظر له الشيطان بطرف عينيه و قال
    - و هو انا زيك عشان الجأ للطرق دي!
    عاد جلال للنظر في الورقة فتصاعدت الدماء لرأسه بعنف و هو ينهض من مكانه بغضب و يضرب مكتب الشيطان بكفه و هو يهتف
    - قولي ازاي مراتك ها؟ ، ازاي ريحانة مراتك و هي مراتي اساسا
    - و مين قالك انها مراتك اساسا
    قالها الشيطان و هو يرسم إبتسامة جانبية مستفزة على وجهه .
    - قصدك اية؟
    قالها جلال و هو يتراجع للخلف ببضع خطوات ، بينما سأل عز الدين
    - ازاي مراتك ؟
    نظر الشيطان لعز الدين و اجاب
    - عادي اتجوزتها زي اي اتنين بيتجوزا ، في شهود و مأذون و توقيع العروسه
    - ازاي يعني عادي ، في ورقة بيني و بين ريحانة تمنعك انك تكون جوزها
    هتف بها جلال بغضب جامح ، فنظر له الشيطان ببرود و قال بخبث
    - اي ورقة؟ .. قصدك ورقة جوازكم العرفي اللي حرقتها!
    - نعم! ... حرقتها!
    هتف بها جلال بعدم تصديق ، فأجاب الشيطان ببرود
    - ايوة حرقتها من زمان
    التف جلال حول المكتب بخطوات غاضبة و امسك بالشيطان من ياقته لينهضه بعنف و هو يهتف
    - انت مجنون .. ازاي تعمل كدة ، ازاي تحرقها
    نظر الشيطان ليدي جلال الممسكه بياقته ببرود و من ثم نقل نظراته له و قال بهدوء شرس
    - شكلك مصر انك تلعب في عداد عمرك الأخير
    و من ثم امسك بيدي جلال بقوة و دفعهم بعيدا عنه بعنف و جلس على كرسيه مرة آخرى و وضع قدم على آخرى ببرود و قال
    - استحمل عمايلك يا جلال ، فانت بدأت اللعبة دي ، و انا اللي هنهيها
    - هتنهيها بس بعيد عن ريحانة
    - انا اللي اقرر ان كنت هنهيها بعيد عنها ولا لا
    اتى ان ينقض جلال على الشيطان ولكن اوقفه عز الدين بقوله
    - كفاية اللي بتعملوه دة ، تعالى معايا يا جلال
    - مش همشي بدون ريحانة
    - على كدة خليك واقف للصيح
    قالها الشيطان ليستفز جلال و نجح ، فأتى ان ينقض عليه جلال مرة آخرى ولكن عز الدين امسكه و سحبه بعيدا عن الشيطان و سار به للباب ، فهتف جلال بحزم
    - مش هسيب ريحانة ، مش هسبها
    اخرج عز الدين جلال من غرفة المكتب و قبل ان يخرج عز الدين نظر للشيطان بضيق و من ثم غادر .
    ..........................................................
    طرقت زهرة على باب جناح الشيطان ، فنهضت ريحانة و فتحت الباب و قالت لزهرة
    - كل دة تأخير يا زهرة! ، لية اتأخرتي؟
    تلفت زهرة للداخل و هي شاردة ، بينما اكملت ريحانة
    - طهري واجعني اوي يا زهرة ، جبتي الكريم؟ ... زهرة !
    قالت الأخيرة بصوت مرتفح لتجذب انتباة زهرة الشاردة ، فتأسفت زهرة و اكملت و هي تخرج العبوة من جيبها
    - جبت الكريم ، اهو
    إتجهت ريحانة للسرير و جلست عليه و خلفها زهرة التي رفعت سترة ريحانة و بدأت في دهن الكريم على ظهر الأخيرة .
    بعد ان انتهت زهرة ، اعدلت ريحانة سترتها و هي تتنهد بعمق لتسأل زهرة بشرود
    - زهرة .. هو انا اللي عملته غلط؟
    نظرت لها زهرة و قالت بتساؤل
    - على اية؟
    - على اني جيت مع الشيطان و سبت جلال
    - انا مش شايفة ان اللي عملتيه غلط
    - يعني انا مش خاينة؟
    - خاينة! ، لية؟
    قالتها زهرة بإستغراب ، فنظرت لها ريحانة و قالت بشرود
    - عشان سبت جوزي و روحت مع واحد تاني ، اخترت واحد غير جوزي ، حبيت واحد غير جوزي .. كل الحاجات دي بدل اني خاينة صح! ، انا مش عايزة ابقى كدة
    قالت الأخيرة بآسى و اكملت
    - مش عايزة ابقى خاينة بس في نفس الوقت مش قادرة ابقى مع جلال
    اخفضت ريحانة رأسها و اكملت بحزن و قد لمعت عينيها بالدموع
    - مش عارفة اعمل اية ، قوليلي يا زهرة اعمل اية
    نظرت زهرة لريحانة بضياع ، اتخبرها بما سمعته؟
    - انسة ريحانة ، في حاجة سمعتها عايزة اقولهالك
    مسحت ريحانة عينيها بكفها و من ثم رفعت رأسها و نظرت لزهرة التي اتت ان تكمل و لكن قاطعها دخول الشيطان ، فتراجعت للخلف و هي تخفض رأسها قبل ان تقول
    - عن اذنكم
    و من ثم سارت بخطوات سريعة في إتجاة الباب لتغادر .. و غادرت ، فتقدم الشيطان للداخل و هو ينظر امامه بجمود و يقول
    - عاملة اية النهاردة ؟
    كانت نظراتها معلقة به و هي تجيب
    - كويسة
    بعد قولها ساد الصمت ، فقد اتجة الشيطان للشرفة و دخلها بينما ظلت ريحانة جالسة في مكانها تنظر لظله المنعكس على الأرض و انتقلت نظراتها له عندما خرج من الشرفة و هو يحمل حزام السرج الخاص بالجواد و يتجة به لباب الجناح و لكنها اوقفته بسؤالها التلقائي
    - هتروح تركب الحصان؟
    نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهرها ، فأكملت بحماس
    - لو هتروح عايزه اجي معاك
    التفت بجسده و قال بجمود
    - لا
    - لية؟ ، انا عايزة اركبه
    - عايزة تركبية بعد ما وقعتي من عليه من قبل!
    قالها بتهكم ، فأندفعت بقولها
    - انت اللي سبتني في وقتها عشان كدة وقعت
    التفت و لاواها ظهره و هو يكمل سيره للباب
    - عموما مش هاخدك عشان غلط تركبية و انتي طهرك تاعبك
    اسرعت و نهضت بطريقة خاطئة جعلت ظهرها يؤلمها ولكنها تجاهلت المها لتسرع و تلحقه لتسير خلفه و هي تقول
    - خايف عليا ؟
    توقف و نظر لها بطرف عينيه و من ثم اكمل سيره ، فلحقته و هي صامتة .
    توقف امام الاسطبل و نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره
    - استني هنا
    اومأت برأسها ، و دخل هو ، و بعد مرور دقائق خرج و معه جواده ، فتراجعت للخلف فقد بدأت تشعر بالخوف و لكنها تجاهلت شعورها و تقدمت منه و توقفت على بعد متر ، فنظر لها بسخرية و قال
    - خايفة!
    - لا
    قالتها و هي تنظر له بحزم ، و من ثم تقدمت المسافة المتبقية بخطوات مترددة ، نظرت للجواد لبرهه قبل ان تمد كفها لتضعه على رأسه بتردد ، فحرك الجواد رأسه بنعومة فأرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة و بدأت تملس على رأسه بحنان .
    - عايزة اسألك سؤال
    قالتها بهدوء .. فنظر لها ، فأكملت بتردد
    - لما قالتلك زهرة عني ، حسيت بأية؟
    حدق بها لبرهه قبل ان ينقل نظراته امامه بجمود ، فنظرت له و قالت بوهن
    - اجابة السؤال دة تهمني
    - محستش بحاجة
    قالها بجمود ، فظهرت سحابة حزن في عينيها و هي تقول
    - هعتبر ان دي اجابة صادقة
    - اعتبريها ، ما هي دي الحقيقة
    قالها بلامبالاة قبل ان يسير بجواده و يتركها ، فأخفضت رأسها و هي تبتسم بسخرية و شفقة على حالتها ، فهي قد لجأت لشخص لا يحبها .. هل كانت تتوهم انه احبها؟ .. هي الآن اصبحت متخبطة بشأنه ان كانت تهمه ام لا ! ، مسحت عينيها من الدموع التي ملئت مقلتيها و تنهدت بعمق قبل ان تعود للقصر .
    ..........................................................
    " - عارف انها كانت عشيقتك بس هي مش ملكك هي ملك جوزها..
    - و جوزها هو انا "
    كانت زهرة تتذكر تلك الكلمات التي صدمتها عندما سمعتها دون قصد ، فقد كانت تسير في الممر و هي تنوي ان تذهب للشيطان لتطلب منه ان تذهب لوالديها غدا لأن شقيقتها ستعود مع زوجها فتريد ان تودعها ، فتوقفت امام مكتبه ولكنها لم تدخله بل ظلت واقفة امام الباب مذهولة مما سمعته و غير مصدقة ، احقا الشيطان تزوج ريحانة؟ ، اتعلم ريحانة ؟، تذكرت كلمات ريحانة
    " - عشان سبت جوزي و روحت مع واحد تاني ، اخترت واحد غير جوزي ، حبيت واحد غير جوزي .. كل الحاجات دي بدل اني خاينة "
    ما يبدو ان ريحانة لا تعرف انها زوجة الشيطان ، فالآن هل تخبرها؟ .
    ..........................................................
    دخل جلال قصره بخطوات غاضبة بعد ان طرد نصف حراسة ، دخل مكتبة و صفق بابه بعنف ، جلس على كرسي مكتبه و تنفس بخشونة قبل ان يضرب المكتب بقبضتة مرات متتالية و هو يهتف
    - ازاي عمل كدة؟ ، ازاي دخل قصري و خد الورقة وانا مش حاسس ؟ ، ازاي استغفلني! ... ازااي
    هتف بالأخيرة بغضب جامح و هو يزيح كل ما على مكتبه بيده .
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره

    دخل الشيطان لغرفة مكتبه و هو ممسك بملف بين يديه يقرأ فيه ، تقدم للداخل و جلس على كرسي مكتبه دون ان يشعر بريحانة التي تجلس على الكرسي المقابل له
    - مشغول لدرجة مش شايفني؟
    قالتها بضيق و هي تنظر له ، ابعد الملف من امامه و نظر لها بذهول و هو يهتف
    - انتي هنا من امتى ؟
    - من بدري ، مستنياك
    - لية؟
    - عشان همشي
    - هتمشي !
    قالها بإستغراب ، فقالت
    - ايوة همشي
    - لفين؟
    - لجلال
    قالتها بهدوء ، فهتف بها بحدة
    - انتي اتجننتي؟
    - لا
    القى بالملف على المكتب و قال بغضب
    - مدام هترجعيله لية جيتي معايا من الأول؟
    - غلطت
    تنفس بخشونة و هو يرمقها بغضب ، قبل ان يعود بظهره للخلف و يقول بأنفاس غاضبة
    - ماشي ، روحي... بس متتوقعيش مني اني اساعدك مرة تانية
    منعت دموعها من النزول بصعوبة و هي تنهض و تومأ برأسها و تلتفت سريعا لتغادر ، و فور مغادرتها لغرفة مكتبه امسك بتمثال صغير من الزجاج و القاه بغضب و قسوة و من ثم تمتم بغيظ و هو يكور قبضته
    - غبية .. غبية
    ،،،،،،،،،،،،،،
    سارت ريحانة في الممر و هي مازالت تقاوم دموعها ، لم يمنعها ابدا و لم يحاول و هذا احزنها و اثبت لها انها لا تهمه ، توقفت عن السير و التفتت عندما نادتها زهرة
    - انسة ريحانة! ، رايحة فين؟
    قالتها زهرة بتساؤل ، فقالت ريحانة بحزن
    - هرجع لجلال
    - نعم!
    هتفت بها زهرة بذهول ، و من ثم اردفت
    - لية هترجعي؟
    تنهدت ريحانة و قالت
    - دة الصح اني ارجع
    - لا
    هتفت بها زهرة بأعتراض و اكملت
    - اياكي ترجعيله ، اصلا مينفعش ترجعيله
    - لا ينفع
    سحبتها زهرة من ذراعها لأحد الأركان البعيدة عن الأنظار و قالت بصوت منخفض
    - انتي هترجعيلة عشان بتعتبري نفسك خاينة؟
    اخفضت ريحانة رأسها ، فأكملت زهرة بتلقائية
    - لو من الناحية دي متقلقيش ، انتي مش خاينة لأن سيدنا الشيطان...
    صمتت لبرهه لتبلع لعابها و تكمل
    - جوزك
    رفعت ريحانة رأسها لزهرة و اتسعت مقلتيها بصدمة و هي لا تستوعب ما قالته زهرة ، فهمست
    - بتقولي اية؟
    - اللي سمعتيه ، سيدنا الشيطان متجوزك ، انا سمعته النهاردة
    هزت ريحانة رأسها بعدم تصديق و هي تتمتم
    - الشيطان.. جوزي! ، طب جلال؟
    - معرفش ، بس سمعت سيدنا الشيطان بيقول انه حرقها
    شردت ريحانة لدقائق لتتذكر ملامح وجهه عندما قالت للشيطان انها ستعود لجلال ، هو غضب .. نعم غضب و هذا ظهر على ملامح وجهه بوضوح ولكنها لم تلاحظ ذلك إلا الآن ، ارتسمت على شفتيها إبتسامة مشرقة ، فقالت زهرة
    - هترجعي للسيد جلال؟
    نظرت لها ريحانة وهزت رأسها بلا ، فإبتسمت زهرة بإرتياح و قالت
    - كويس
    و من ثم اردفت بإستفسار
    - هتعملي اية؟ هتقولي لسيدنا الشيطان انك عرفتي؟
    نقلت ريحانة نظراتها بعيدا عن زهرة و قالت بخبث
    - لا
    - ناوية على اية؟
    - انا همشي دلوقتي
    - لفين؟
    - هخرج للحديقة شوية ، محتاجة اكون لوحدي
    انهت جملتها و التفتت و إتجهت للحديقة دون انتظار رد زهرة التي ظلت واقفة في مكانها تفكر .
    ..........................................................
    قبل حلول منتصف الليل بقليل

    صعدت ريحانة السلالم حتى وصلت للطابق الثاني ، إتجهت لجناح الشيطان و دخلته بهدوء ، خلعت الجاكيت التي ترتديه و وضعته على الأريكة قبل ان تلتفت و تتقدم من السرير و تقف امامه و هي تنظر للشيطان و هو نائم ، صعدت للسرير و استلقت بجانبه ، وضعت كفيها اسفل رأسها و من ثم اصبحت تحدق به و هي تفكر ، لماذا تزوجها؟ ايحبها؟ .. اذا لماذا لم يخبرها؟ ، ابعدت نظراتها عنه و هي تتذكر تلك الورقة الذي جعلها توقعها عنوة ، اتلك الورقة كانت ورقة عقد زواجهم؟ ، اعادت نظراتها له و تنهدت و همست له بعتاب
    - مخليني اتعذب كل دة و في الآخر تكون جوزي؟
    مدت كفها لتضعه على جبينه بحنان و تمرر إبهامها على لحيته الخفيفة برقة و تعود لتتأمله بحدقتين تشع عشقا له ، كم شعرت بالسعادة بأنها له قانونا ، و ما اسعدها اكثر انها ليست بخائنة ، تتمنى الآن ان تعلمه بأنها سعيدة و لكنها قررت انها لن تظهر سعادتها تلك ولن تعلمه بأنها علمت بأنه زوجها فقد قررت ان تعطية درس صغير ، إتسعت إبتسامتها و هي تقترب برأسها و جسدها منه و تهمس امام شفتيه بخبث
    - هتشوف مني ايام سودة يا شيطاني ، استنى عليا
    انهت جملتها و دفنت وجهها في عنقه لتشم رائحته التي اشتاقت لها . 

    الفصل السادس و العشرون

    اشرقت شمس يوم جديد 
    فتح الشيطان عينيه بإنزعاج عندما شعر بأنامل خفيفة تسير على وجنته ، إتسعت مقلتيه في ذهول عندما رأها مستلقيه بجانبه تنظر له و هي تبتسم و تقول بنعومة
    - صباح الخير
    - ريحانة!
    همس بها بذهول و من ثم مسح عينيه بكفيه بقوة ، فإبتسمت بعذوبة و قالت
    - لا مش بتحلم ، انا هنا
    ابعد كفيه من على عينيه و نظر لها لبرهه قبل ان يعتدل لوضع الجلوس و يقول بخفوت
    - بتعملي اية هنا؟
    - شايف اية؟
    قالتها و هي تعتدل لوضع الجلوس مثله ، فنظر امامه و هو يدرك الأمر ، فقال بجمود
    - مروحتيش لجلال لية؟
    - مزاجي
    قالتها و هي تحرك كتفيها بلامبالاة ، فنظر لها بطرف عينيه و من ثم نهض و قال
    - لا.. مش بمزاجك تخرجي و ترجعي لقصري
    رفعت نظراتها له باستنكار و من ثم نهضت و التفت حول السرير لتقف امامه و تقترب منه لتهمس بشراسة بجانب اذنه و هي تتخطاه
    - لا بمزاجي
    انهت جملتها و دخلت للحمام و هي تبتسم بخبث ، بينما ظل الشيطان واقفا في مكانه و هو يشعر بالإنزعاج .. منها خاصا بعد ان لمح إبتسامتها تلك التي جعلته يشعر بأن هناك شيء غريب .
    ..........................................................
    دخلت ريحانة غرفة الطعام و هي تهتف بضيق مصتنع
    - مش المفروض تستناني!
    قالتها للشيطان الذي تجاهلها تماما و هذا ضايقها ، تقدمت و جلست في مقعدها فأقتربت الخادمة و قدمت الطعام لريحانة التي بدأت في تناول طعامها في صمت ، فقد كانت مشغولة في تنظيم افكارها و ما ستفعله .. الآن . رفعت نظراتها له و هي تلمع بخبث ، قربت يدها بخفة من كوب الشاي الخاص به و دفعته ليسقط على الأرض فنهضت بسرعة و هي تتأسف و تقول بأسف مزيف
    - مش عارفة ايدي ازاي خبطته ، انا اسفة بجد
    نظر لها بطرف عينيه بضيق ، فأردفت
    - هصبلك غيره
    انهت جملتها و امسكت بكوب اخر و وضعته امامه و من ثم التقطت الأبريق و سكبت له الشاي في الكوب و بعد ان انهت ذلك إبتسمت و قالت بصوت ناعم
    - اتفضل
    رمقها بتهكم و هو يقول
    - هشربه بدون سكر مثلا!
    - صحيح ، هحطلك دلوقتي
    التقطت السكرية و سألته
    - كام معلقة؟
    - اربعة
    - اربعة!
    هتفت بها بذهول ، فرمقها بنفاذ صبر فأومأت برأسها و وضعت له الكمية الذي طلبها و من ثم قالت
    - اهو ، اتفضل
    نهض و قال ببرود و هو ينظر لها
    - اشربيه انتي بقى
    انهى جملته و التفت و هو يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية ساخرة ، في حين ضغطت ريحانة على قبضتها بغضب و هي تنظر له بغيظ .
    ..........................................................
    في قصر جلال

    دخل جلال لغرفة مكتبه بهدوء و جلس على كرسي مكتبه و وضع قدم على آخرى قبل ان يمسك بأحدى الملفات الموضوعة على مكتبه و يفتحها ليبدأ في نقل نظراته على الأوراق التي بداخلها بهدوء ، بعد دقائق.. مد يدة للهاتف و التقطه و اتصل بأحدهم و قال عندما سمع اجابة الطرف الآخر
    - عايز اقترحات غير دي
    - ماشي ، هبعتلك
    - عايزها بعيدة عن القرية
    - معنديش
    قالها الطرف الآخر بهدوء ، فأمره جلال ب
    - دورلي
    - صعب
    - هستناك تجبلي اللي طلبته .. بليل او بكرة بالكتير
    قالها جلال بجمود و من ثم اغلق الخط دون ان ينتظر رد الآخر ، و من ثم عاد بظهره للخلف و هو يرسم على شفتيه إبتسامة عريضة قبل ان يطبق جفونه للحظات ليرسم صورتها في مخيلته و يقول بثبات ممزوج بالاصرار
    - يومين و هرجعك ، يومين بظبط و هتبقي معايا ... هتبقي معايا في يوم عيدميلادك يا ريحانتي
    ..........................................................
    في مكتب الشيطان

    - جايلك النهاردة عشان اعاتبك على اللي عملته معايا ، مكنتش متوقع انك تقل مني قدام جلال او غيره ..مكنتش متوقع دة منك
    قالها عز الدين بحزن ممزوج بالعتاب ، فنظر له الشيطان و قال بهدوء فيه نبرة اسف
    - اسف .. مكنتش اقصد ، انفعلت شوية
    - مش مبرر
    قالها عز الدين و هو ينقل نظراته امامه بضيق ، و من ثم صمت لبرهه ليكمل بهدوء
    - مش عايز تقول حاجة؟
    - عايزني اقول اية ؟
    - تقولي عن جلال
    - بلاش نتكلم عنه
    قالها الشيطان بهدوء و هو يمد يده و يمسك بأوراقه و ينظر فيها ، فرفع عز الدين نظراته للشيطان و قال
    - طب و ريحانة..؟
    - مالها؟
    - مش هتفهمني موضوعها !
    صمت الشيطان و لم يرفع نظراته من على الأوراق ، فأكمل عز الدين
    - قولي.... ازاي وقعت ورقة جواز جلال و ريحانة العرفي تحت ايديك و كمان... ازاي ريحانة وافقت على جوازها منك ؟

    ظل الشيطان صامتا ، فقال عز الدين بضيق
    - مش هتجاوب؟
    رفع الشيطان نظراته لعز الدين و قال بهدوء
    - اجرت خدامه من الخدامين اللي بيشتغلوا عند جلال في القصر ، خليتها تجبهالي
    - ازاي عرفت تجبهالك؟
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول
    - الفلوس بتخلي الواحد يعمل المستحيل بذات لو محتاج ، وانا اخترت واحدة محتاجة ، شربأتها بالفلوس و جابتلي الورق خلال يومين بطريقتها
    هز عز الدين رأسه و سأل
    - و انت عملت كدة لية؟
    اعاد الشيطان نظراته للأوراق و هو يقول بلامبالاة
    - عادي
    - عادي !
    قالها عز الدين بأستنكار و اكمل و هو يضيق عينيه
    - مستحيل تعمل حاجة زي دي يا شيطان بدون سبب او هدف
    نظر له الشيطان بطرف عينيه لوهله و من ثم اعاد نظراته للأوراق في حين هتف عز الدين بتفكير
    - لتكون حبيتها؟!
    تجمدت حدقتي الشيطان لبرهه قبل ان يرفع رأسه و نظراته لعز الدين و يرسم إبتسامة جانبية شرسة ساخرة ، فأكمل عز الدين و هو يكمل تفكيره
    - او اعجبت بيها! ، انا بفكر بصوت عالي بس
    قال الأخيرة بمزاح عندما لمح ضيق الشيطان من كلماته ، و من ثم ساد الصمت لدقائق ليقول الشيطان بثبات
    - عايز تعرف عملت كدة لية؟ ... عملت كدة عشان اقهر جلال و.....
    قاطعه دخول ريحانة المفاجئ عن اكمال جملته ، و كانت تهتف بإنفعال
    - انت ازاي تع.....
    توقفت عن اكمال جملتها و اتسعت مقلتيها بصدمة و ذهول عندما ادركت ان الشيطان ليس بمفرده ، فتوردت وجنتيها بخجل و أخفضت رأسها بإحراج و هي تتمتم بتلعثم ممزوج بالإحراج
    - انت معاك حد! ، مكنتش اعرف .. اسفة
    ضحك عز الدين و قال و هو يشير لها بالإقتراب
    - تعالي تعالي
    رفعت نظراته لعز الدين و من ثم نقلتها للشيطان الذي كان يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية شامتة ، اقتربت و هي تعيد نظراتها لعز الدين و تدقق في النظر اليه ، تشعر بأنها تعرفه .. هل قابلته من قبل؟ ، نهض عز الدين في حين توقفت امامه ، فقال
    - فكراني؟
    هزت رأسها بلا و سألته
    - اتقابلنا قبل كدة؟
    - اتقابلنا في...
    قاطعته عندما تذكرت
    - في الحفلة صح؟
    اومأ برأسه و هو يبتسم و يقول
    - بظبط
    إبتسمت ، فأكمل
    - بس في وقتها معرفتكيش بنفسي كويس بسبب واحد
    قال الأخيرة بمزاح و هو ينظر بطرف عينيه للشيطان و اكمل
    - انا خاله ... عز الدين
    هزت رأسها و قالت
    - إتشرفت بمعرفتك
    - انا اكتر يا عرو...
    - مش هتمشي بقى
    قاطعه الشيطان بها بسرعة لكي لا يكشف عز الدين الأمر ، فنظر له الأخير فبادله الشيطان بنظرات تحذيرية ، ففهم الآخر ان ريحانة لا تعلم بالأمر فأومأ برأسه و قال بهدوء
    - انا همشي بقى عشان ورايا مشوار مهم
    رمقت ريحانة الشيطان بضيق ، فكيف يعامله هكذا؟ ، فقابل الشيطان نظراتها بنظراته الباردة قبل ان ينقل نظراته لعز الدين الذي إتجة للباب بخطوات هادئة حتى وصل إلى الأخير و غادر ، فهتفت ريحانة بغيظ
    - انت ازاي تعامله كدة و تطردة؟ ، مش عيب! ، مش اكبرمنك
    لم يهتم بكلماتها و بدأ في قراءة بقية اوراقه ، بينما جلست هي على الكرسي المقابل لمكتبه و اكملت بإنفعال
    - انا لو مكانه كنت ربيتك ، كنت علمتك الأدب ، كنت ....
    توقفت عن إكمال جملتها لبرهه فقال بطريقة مستفزة
    - خلصتي!
    رمقته بطرف عينيها و اتت ان تكمل قولها و لكنه قاطعها بجمود
    - جيالي لية؟
    - صح
    هتفت بها قبل ان تعتدل في جلستها لتصبح مقابلة له تماما ، تنهدت بعمق قبل ان تقول بهدوء
    - عايزه اطلب منك طلب
    - خير
    - عايزة الف في القرية
    رفع نظراته لها ، فأكملت
    - نفسي اشوف قريتك ، مشفتهاش خالص من لما جيتها
    وضع الاوراق على المكتب و عاد بظهره للخلف مرة الآخرى و ظل صامتا ، فصمتت هي الآخرى لثواني قبل ان تسأله
    - موافق؟ ، هتاخدني؟
    - لا
    - لية؟
    قالتها بحزن و ضيق ، فأجابها ببرود
    - مش فاضيلك
    - مليش دعوة ، هتفضالي
    قالتها بحدة ، فرمقها بإستخفاف ، فقالت
    - لو مخدنيش هروح لوحدي
    - ماشي ، روحي لوحدك
    قالها و هو ينهض ، فنهضت هي الآخرى بحدة و قالت بغيظ
    - يعني كدة!
    تجاهلها حيث تخطاها و إتجة للباب و غادر ، فضربت الأرض بأحدى قدميها بضيق و غيظ و هي تسبه و تلعنه بداخلها .
    خرجت ريحانة من القصر و هي تشتعل غيظا ، سارت بخطوات غاضبة لخارج بوابة القصر لتوقف احدى عربات الكارو .
    - لفين ؟
    قالها الرجل الذي يجلس في المقدمة و هو يمسك باللجام ، فأجابت
    - عايزاك تلففني في القرية
    التفت برأسه لها و قال
    - معاكي فلوس؟
    - فلوسك عند الشيطان
    قضب جبينه بعدم فهم فقالت
    - يعني لففني في القرية و الفلوس اللي عايزها هيدهالك الشيطان بنفسه
    - و هو انتي تقربيله؟
    اومأت برأسها و من ثم نظرت امامها ، بينما التفت الرجل و نظر للطريق و قد لمعت عينيه بالطمع .
    ..........................................................
    دخلت زهرة للمطبخ و هي تتأسف من رئيسة الخدم عن تأخرها على موعد العمل بسبب محادثتها مع والدتها ، فوبختها رئيسة الخدم قبل ان تقول لها بحدة
    - مواعيد الشغل لازم تلتزمي بيها ، و مش اي وقت تكلمي اهلك ... في مواعيد للحاجات دي
    صمتت لبرهه ، فقالت زهرة بإحراج
    - اسفة
    فأكملت الآخرى
    - شكلي اتساهلت معاكي فأنتي بدأتي تهملي شغلك ، و لو فضلتي على الحال دة هضرك يا زهرة
    اومأت زهرة برأسها ، فأكملت الآخرى بنبرة آمرة و هي تأخذ الصينية التي بها كوب القهوة من احدى الخادمات و تعطيها لزهرة
    - خدي دة و وديه لسيدنا الشيطان في مكتبه و ارجعي بسرعة عشان وراكي تنضيف المطبخ كله
    اومأت زهرة برأسها و هي تأخذ الصينية من رئيسة الخدم لتلتفت و تغادر المطبخ لتتجة لمكتب الشيطان .
    طرقت زهرة على باب غرفة مكتب الشيطان و دخلت بعد انتظار دام لدقائق و لكنها لم تجده ، فغادرت و سارت في الممر و هي تنظر امامها فلمحت ريحانة التي كانت تخرج من القصر ، فأسرعت بخطواتها لتلحقها ولكنها لم تنجح ، فتوقفت و هي تفكر .. إلى اين سوف تذهب ريحانة؟ ، هل ستترك القصر؟ ، حكت رأسها و هي تشعر بالحيرة الممزوجة بالقلق ، التفتت و عادت للمطبخ لتقوم بإنجاز عملها بعقل شارد .
    ..........................................................
    - وقف هنا
    قالتها ريحانة للرجل الذي نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
    - في اية؟
    - هي اية التجهيزات دي كلها ؟ ، هو في مناسبة او حاجة !
    قالتها و هي تنقل نظراتها للمكان الذي حولها فقد كان هناك مجموعة من الناس تقوم بتزيين هذا المكان ، فرد الرجل
    - لا مفيش مناسبة ، بس احنا الناس عملنا لنفسنا يوم نحتفل فيه و نهيص فيه شوية عشان نخرج نفسنا من جو الشغل
    اومأت برأسها بفهم و قالت و هي تبتسم
    - طب ينفع احضر معاكم الحفلة اللي عملينها ؟
    اومأ برأسه و قال
    - اكيد
    إتسعت إبتسامتها و قالت
    - طب هي بتبدأ امتى ؟
    - بليل
    - حلو ..طيب قولي انتم بتعملوا فيها اية بقى؟
    بدأ الرجل يقص لها كل ما يفعلوه في مثل هذا اليوم و هو يكمل تجوله بها في القرية .
    ..........................................................
    دخل الشيطان لغرفة مكتبه و خلفه حارسه ، جلس الشيطان على كرسي مكتبه بينما توقف الآخر امامه و هو يقول
    - لحقناها و هي بأمان
    - خلوكم وراها ، مش عايزها تغيب عن عنيكم ، و لو اي حاجة حصلت قولولي
    اومأ الحارس برأسه و قال
    - حاضر يا سيدنا ، حاجة تانية ؟
    - لا
    - عن اذنك
    و من ثم التفت و غادر ، فأمسك الشيطان هاتفه و اتصل ب
    - ايمن ، في مهمة جديدة عايزك فيها
    - مهمة اية؟
    ..........................................................
    مساءا

    نزلت ريحانة من عربة الكارو و هي تنظر للمكان الذي زين بطريقة اعجبتها ، تقدمت و هي تنظر حولها بإعجاب و سعادة ، نقلت نظراتها للناس الذين بدأوا في الغناء و الرقص ، فأرتسمت على وجهها إبتسامة سعيدة لرؤيتها لذلك ، فهي منذ زمن لم ترى اشياء كهذه ، بدأت في التصفيق لهذا الفتى الصغير الذي بدأ في الرقص.. كان يرقص بطريقة اذهلتها و بعد ان انتهى اشارت له بالمجيء فأتى ، فأنخفضت لتصبح على مستواه و قالت بصوت عذب
    - اسمك اية؟
    - يحيى
    - تعرف ان رقصك حلو
    - شكرا
    قالها بخجل ، فضحكت على خجله و قالت
    - انت قمور اوي يا يحيى و انت مكسوف
    - و انتي كمان
    قالها بخفوت ، و من ثم قال بحماس بعد سماعه لغناء الجميع بأغنية اخرى
    - تعالي ارقصي معانا
    و من ثم امسك بيدها فنهضت و سارت خلفه لتصبح بين الناس ، و بدء الفتى بالرقص و هو يحرك يديها معه ، فأندمجت بالأجواء و بدأت في الرقص مع الجميع و هي تشعر بالسعادة و الاستمتاع .
    فجأة شعرت بيد تطبق على رسغها ليجذبها و يخرجها من بين ذلك التجمع ، حاولت التخلص من قبضة ذلك الشخص الذي لا ترى وجهه و لكنها لم تستطع ، اصبحت بعيده عن ذلك التجمع بأمتار ، فنظرت للشخص الذي اخرجها بحدة و قالت
    - انت مين؟ ، ازاي تخرجني كدة؟
    التفت الآخر و امسك بطرف قبعته و ابعدها قليلا من على وجهه لتراه ... فرأته ، فهمست
    - بيجاد!
    أعاد قبعته كما كانت و قال
    - بتعملي اية هنا ؟
    - مش المفروض انا اللي اسألك السؤال دة !
    قالتها بتهكم ، و من ثم ساد الصمت لدقائق ، فقاطعته هي بقولها الساخر
    - هو انت جيت هنا عشان تسألني السؤال دة بس!
    - لا
    تجاهلت قوله و التفتت و قالت
    - عموما انا راجعة ، عايزة اتبسط شوية
    اوقفها عندما امسكها من رسغها و جذبها له و قال بحدة
    - تتبسطي بالرقص قدام كل دول!
    حاولت التخلص من قبضته و هي تقول
    - ملكش دعوة ، سيب ايدي
    قبض على رسغها اكثر و هو يقول بهدوء
    - تعرفي هيسموكي اية ؟
    - ملكش دعوة
    - يبقى عارفة
    - مش لوحدي برقص ، مش شايف دي و دي و دي
    قالتها و هي تشير للنساء الذين يرقصون ، فقال بخفوت
    - برضوا
    جذبت يدها من قبضته بحدة و رمقته بضيق قبل ان تقول بنبرة متهكمة بعض الشيء
    - مش وراك شغل ، روح شغلك و سبني اعمل اللي اعمله ، يلا
    تنفس بنفاذ صبر عندما تركته و التفتت لتعود بين التجمع ، ولكن قبل ان تدخل اسرع و جذبها من يدها بغضب ، فتأوهت و التفتت و نظرت له بضيق و هتفت ب
    - انت رخم لية ؟!
    تجاهل قولها و تقدم منها و حملها بين ذراعيه ، فشهقت و قالت
    - بتعمل اية؟
    - ورايا شغل مخلصتوش ، فمش ناقص عنادك
    التفت و سار بها لإتجاة سيارته ، بينما كانت تقول بضيق و نفاذ صبر
    - نزلني ، هصوت .. نزلني بقى
    بدأت تضرب الهواء بقدميها و هي تتمتم بنفس كلماتها ، فأنزلها و لكن عندما وصل امام سيارته ، فتح لها الباب ، فرمقته بضيق شديد قبل ان تصعدها ، فألتف حول السيارة ليصعدها .
    ..........................................................
    أمسك جلال بهاتفه و اجاب على المتصل
    - ها ؟
    - جبتلك البيت ، هو في قرية بني سعيد
    - بعيدة جدا
    - ملقتش غيرها
    - خلاص ماشي
    - هي محتاجة تتظبط شوية
    - يعني التظبيط دة هياخد قد اية ؟
    - مش كتير ، يومين كدة
    - حاضر
    ..........................................................
    كانت ريحانة جالسة تنظر من خلف زجاج نافذة السيارة بحزن و ضيق ، فهي بعد ان وجدت شيء يسعدها انتزعه هو منها ، تنهدت بعمق قبل ان تعود برأسها للخلف و تشرد ، كان يتابعها من المرآة الامامية الداخلية للسيارة ، كان يشعر ببعض الغضب منها ، فهيكيف ترقص امام الجميع هكذا! ، نظر للطريق ، و بعد دقائق سمع صوتها الخافت
    - تعرف .. اهل القرية كلهم شايفينك اية؟ ، شايفينك وحش و شيطان معندوش رحمة ، انت لية مخليهم يرسموا الصورة دي عنك؟ ، لية متحسنش من صورتك في عنيهم
    نظر لصورتها المنعكسة في المرآة الأمامية و من ثم عاد و نظر للطريق ، فأكملت
    - انت مش وحش للدرجة دي ، مش وحش للدرجة اللي هما شايفينك بيها ، اتفق معاهم انك قاسي شوية بس برضوا فيك حاجات حلوة كتير بس مش بتبينها
    التفتت و نظرت له و اكملت
    - حاول تحسن من صورتك في عنيهم ، اتعامل معاهم و انت بيجاد مش الشيطان ، و شيل القناع بقى
    اوقف السيارة فجأة ، فأندفعت للأمام ، فنظرت له بحدة و هي تهتف
    - اية دة؟
    - انزلي
    قالها بجمود و هو ينظر امامه ، فنظرت حولها فوجدت القصر ، فقالت
    - و انت مش هتنزل
    لم يجيبها و ترجل من السيارة ، فترجلت هي ايضا و سارت خلفه .
    ..........................................................
    في جناح الشيطان

    كان الشيطان مستلقي على السرير بجانبها ، ينظر امامة بشرود ، فهو يتذكر كلماتها التي قالتها له في العربة ، التفت برأسه و نظر لها و قال بصوت خافت
    - القناع دة عاش معايا كتير ، صعب اشيله بعد الوقت دة كله
    اعدل جسده ليصبح مقابلا لها ، مد كفه ليمسك بكفها بخفة و يكمل
    - بس ممكن احاول اشيله... بس بعد ما انهي اللي بدأته
    انهى جملته و طبق جفونه لينام هو الآخر .
    ..........................................................
    اليوم التالي

    فتح عينيه و نظر بجانبه و لكنه لم يجدها ، اعتدل و هو يمسح وجهه بكفيه ، نهض من على السرير و سار بخطوات هادئة إتجاة الحمام و لكنه توقف عندما وجدها تخرج من الأخير و حدق بها بذهول عندما رأها تضع منشفة كبيرة حول جسدها ، بينما هي كانت تجفف شعرها بمنشفى صغيرة و لم تنتبه له ، تقدمت و توقفت عندما لمحته ، فرفعت نظراتها وشهقت بفزع و هي تقول
    - اية دة؟
    و من ثم وضعت يدها حول جسدها بخجل و إحراج ، و هتفت به
    - بتبص على اية! .. لف
    تقدم منها و توقف امامها و قال بهدوء
    - انتي خارجة كدة ازاي؟
    - نسيت لبسي
    قالتها بإحراج ، فصمت و هو ينقل نظراته لعنقها ليحدق بعظمة رقبتها البارزة ، شعر برغبة في ان يلمسها ، فمد يده ليلمس عظمة رقبتها بأبهامة و يمرره عليها ، فتوردت وجنتيها و تسارعت دقات قلبها و هي تقول
    - بتعمل اية؟
    رفع نظراته لها و اقترب منها فتراجعت للخلف ، فتوقف و إبتسم إبتسامة جانبية قبل ان يضع يده بجانبة و يتخطاها ليدخل الحمام ، فألتفتت و نظرت للباب المغلق و تنهدت بعمق .
    بينما توقف هو امام المرآة و نظر لصورته المنعكسة و هو يحدث نفسة
    - اية اللي انا عملته و اللي كنت هعمله دة ؟
    فتح صنبور المياة و غسل وجهه بعنف .
    ..........................................................
    دخل الحارس لغرفة مكتب الشيطان بعد ان سمع اذن الأخير ، تقدم الحارس و توقف امام مكتب سيده و قال
    - السيد ايمن برة
    - دخله
    اومأ الحارس برأسه و من ثم التفت ليغادر و ليخبر ايمن بموافقة سيدة بالدخول له ، دخل ايمن و القى تحية و هو يجلس على الكرسي المقابل للشيطان .
    - ها عملت اية؟
    قالها الشيطان لأيمن الذي اجاب
    - مفيش اي تحركات من جلال ابدا
    - ابدا !
    - ابدا
    حك الشيطان جبينه و هو يقول بشك
    - في حاجة غريبة ، اكيد
    ..........................................................
    - إمبارح روحتي فين؟
    قالتها زهرة لريحانة ، فأجابت ريحانة
    - كنت بتفسح في القرية
    - بجد!
    اومأت ريحانة برأسها و هي تربط شعرها المجعد ، فقالت زهرة
    - و لوحدك!
    - ايوة
    - ازاي؟
    - عادي
    - و الشيط...
    قاطعتها ريحانة
    - انا روحت طلبت منه انه يلففني في القرية عشان اشوفها بس هو موافقش و قالي اروح لوحدي فروحت
    هزت زهرة رأسها بدهشة ، بينما مدت ريحانة يدها لتأخذ شطيرة من الجبن و تأكلها و هي تتجه للباب و خلفها زهرة .
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    خرج الشيطان من غرفة مكتبة و سار في الممر ليصل للسلم و يصعده ، وصل للطابق الثالث و إتجة لغرفة عبد الخالق و فتحها ببطئ و هو يتذكر لحظاته مع جدة ، تقدم للداخل بخطوات بطيئة و هو ينقل نظراته حوله و كأنه يبحث عن جده الذي افتقده .
    - بتعملي اية هنا ؟
    قالها لريحانة التي رأها تجلس على سرير عبد الخالق ، فرفعت الأخيرة نظراتها له و مسحت دموعها من على وجنتيها و قالت
    - مبعملش ، بس جيت عشان جدو وحشني
    ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يتقدم و يجلس على الأريكة و هو يتنهد ، فنقلت نظراتها له و حدقت به لبرهه و من ثم سألته بخفوت
    - وحشك ؟
    اومأ برأسه دون ان يرفع نظراتها له ، فقالت بصوت متحشرج
    - وانا كمان ، وحشني اوي
    ساد الصمت لوهلة لتقطعة هي بشرود
    - تعرف .. جدو كان عندو امنية
    لم يرفع نظراته لها ، فأكملت
    - امنيته كانت ا...
    قاطعها بخفوت
    - اني ارجع بيجاد ، اني ارجع زي الأول
    نظرت له و ابتسمت و هي تومأ برأسها و تقول
    - مش ناوي تحققله امنيته؟
    صمت ، فنهضت و تقدمت منه و جثت على ركبتيها لتصبح قريبة منه و همست
    - ها؟ ... مش ناوي؟
    نظر لها و سند مرفقيه على فخذيه و هو يحدق في حدقتيها اكثر و يقول
    - لا
    - لية ؟
    همست بها بحزن ، فصمت ، فقالت
    - عشان ماضيك و لا عشان انتقامك؟
    - مش هتفهمي
    قالها بفتور و هو يعود بظهره للخلف ، فنهضت و جلست بجانبة على الأريكة و قالت
    - لا هفهم ، جرب تقولي ... و هفهم صدقني ، جرب تفتحلي قلبك و لو لمرة
    التفت برأسه و نظر لعينيها التي تلمع بالدموع ، فمدت هي كفها و احتضنت وجنته بحنان و نظرت له بالتشجيع ، فأغمض عينيه و هو يتذكر كلمات جميع من حوله في هذا الأمر ، فتنفس بخشونة .. جميعهم لا يفهمونه ، فتح عينيه و نهض بحدة و التفت و نظر لها و قال بإندفاع و كأنه يخرج ما خبئه بداخله لسنوات
    - واحد معاشش طفولته ، ازاي بتطلبوا منه يرجع طبيعي؟ ، واحد شاف في صغرة كل انواع القسوة و الكرة .. مستنين منه اية؟ .. مستنين يبقى طيب مثلا ؟!
    قال الأخيرة بخشونة ممزوجة بالسخرية
    - بس انت فعلا طيب
    قالتها بهدوء ، فتقدم منها بخطوات غاضبة و امسكها من ذراعيها بقسوة و هتف بها
    - انا مش طيب .. انا شيطان و الشيطان عمرة ما يكون طيب ، فاهمة
    - و مين قلك انك شيطان؟
    قالتها بهدوء و اكملت
    - انت اللي اديت لنفسك اللقب دة و الناس ، فمش عشان لقبك كدة يبقى...
    قاطعها بحدة
    - بس
    و من ثم دفعها بعيدا عنه فتراجعت للخلف و كادت ان تسقط و لكنها تمالكت نفسها ، نظرت له بعتاب و حزن و قالت
    - مش عارفة انت بتحاول تهرب من اية؟ ، انت عارف الحقيقة و عارف انت مين بس بتهرب و بتستخبى من نفسك ، و دة الضعف بذاته
    قالت الأخيرة بشفقة مصتنعة و من ثم تقدمت و تخطته و غادرت ، فأمسك هو بمزهرية من الزجاج و القها على الأرض بقسوة ليخرج كل ما بدخله من غضب و عجز! .
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره

    في مكتب جلال

    - ها جهزت البيت؟
    قالها جلال عبر الهاتف للطرف الآخر الذي اجاب
    - لسه
    - طيب ناقصلكم كتير؟
    - لا ، بس على الموعد اللي انت قلته هتلاقيها خلصت
    - ماشي ، بقولك .. متنساش الورد الجوري الأحمر تحطه في البيت
    - متقلقش ، فاكر
    - ماشي ، هقفل انا و كمل شغلك
    - سلام
    انهى جلال المكالمة و من ثم القى بهاتفه على المكتب لينهض و يتجة للأريكة و يلقي بجسده عليها و يمد كفه ليلتقط احدى وردات الجوري الموضوعة بداخل المزهرية و يقربها من انفه و يشمها بهيام و هو يتمتم
    - هانت يا ريحانتي هانت
    ..........................................................
    في قصر الشيطان

    كانت ريحانة جالسه على السرير تنظر امامها بشرود ، تتذكر كلماتها التي قالتها ، هل اخطأت؟ ، تنهدت بعمق و هي تستلقي على السرير و لكن ما لبث ان عادت و جلست عندما رأته يدخل للجناح و يتجة للخزانة فتابعته بنظراتها ، اخرج قميص من الخزانة و بدأ في خلع سترته ليرتديه ، فوضعت ريحانة كفيها على عينيها و هي تهتف بإستنكار
    - انا هنا على فكرى
    تجاهل قولها تماما و اكمل ارتداء قميصه و بعد ان انتهى تعالى صوت هاتفه ، فرد
    - نعم
    صمت ليسمع الطرف الآخر و من ثم قال
    - ماشي ، انا جاي حالا
    انهى المكالمة و إتجة للباب فأوقفته بقولها
    - رايح فين؟
    نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و يقول بجمود
    - بتسألي اسأله مينفعش تسأليها
    - لية؟
    قالتها بتساؤل ، فنظر امامه و غادر ، فشعرت بالضيق .
    ..........................................................
    أليوم التالي

    فتحت ريحانة عينيها بإنزعاج بسبب طرقات الباب ، فهتفت بحدة
    - مين؟
    - انا زهرة يا مدام ريحانة
    اعتدلت ريحانة و قالت
    - ادخلي
    دخلت زهرة و قالت
    - صباح الخير
    - صباح النور
    - هتفطري هنا و لا تحت؟
    - هو الشيطان رجع؟
    - لا
    - خلاص .. هفطر هنا
    - حاضر
    قالتها زهرة و من ثم التلفتت و إتجهت للباب و ما لبثت ان عادت و التفتت لتنظر لريحانة و تقول
    - صحيح ، كل سنة و انتي طيبة يا مدلم ريحانة
    قضبت ريحانة حواجبها بإستغراب و صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - هو النهاردة كام ؟
    - عشرين مارس
    - بجد!
    هتفت بها ريحانة و اكملت بحماس
    - دة النهاردة عيد ميلادي
    إبتسمت زهرة و قالت
    - ايوة، النهاردة عيدميلادك
    نهضت ريحانة من على السرير و هي تقول
    - وا نتي عرفتي ازاي ان اليوم عيدميلادي؟
    - من بابا ، اصل هو اللي كان بيجيب حاجات عيدميلادك للسيد جلال
    اومأت برأسها و قالت
    - اهاا
    - هنزل اعمل لحضرتك الفطار
    قالتها زهرة ، فأومأت ريحانة برأسها و من ثم إتجهت للخزانة و اخذت ملابس لترتديها و من ثم إتجهت للحمام .
    ..........................................................
    مع غروب الشمس عاد الشيطان للقصر

    سار في الممر و امر احد الخدم ب
    - حضرولي الأكل
    - حاضر يا سيدنا
    صعد السلالم حتى وصل للطابق الثاني و سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها و دخل ، وجد الأجواء هادئة و الظلام يعم المكان ، تقدم للداخل فلمحها تحت ضوء الشمس الذي يكتسي بحمرة الخجل و هي نائمة على السرير ، اكمل تقدمه و فتح الخزانة و اخرج ملابس ليرتديها و يتجة بها للحمام .
    بعد ان دخل ابعدت الغطاء من على جسدها و نهضت سريعا من على السرير لتضيء الأنوار ، فظهرت تلك الشموع التي تملأ المكان و الزينة الراقية الهادئة ، اسرعت و اشعلت الشمع و بعد ان انتهت اسرعت لأمام المرآة لتتأكد من حسن مظهر فستانها الذي يتميز باللون السكري و الذي يظهر كامل ظهرها ، رتبت خصلات شعرها سريعا و من ثم إتجهت للفونوغراف -جهاز قديم استخدم لتشغيل الموسيقى- و شغلته على موسيقى هادئة و من ثم تقدمت بخطوات متوترة للحمام ، و طرقت على الأخير بعد تردد .
    خلع الشيطان قميصه فأصبح عاري الصدر ، تقدم من حوض الأستحمام ليفتح صنبور المياة ، ففتحه و ما لبث ان اغلقه عندما سمع طرقات احدهم على الباب ، فتقدم و فتحه فوجدها تقف امامه ،قضب حاجبيه و هو ينظر لهيئتها ، بينما ظلت ريحانة واقفة و هي تشعر بالإرتباك ، و اخيرا استجمعت نفسها و مدت كفها و هي تبلع ريقها و تقول بشجاعة مصتنعة
    - تسمحلي بالرقصة دي
    - نعم!
    هتف بها ببلاهه ، فأمسكت بيده و سارت به لخارج الحمام لتقف مقابلة له في منتصف الجناح ، اقتربت منه و وضعت ذراعيه حول خصرها و وضعت ذراعيها على كتفيه و بدأت في التمايل معه .
    - مش عايز تسأل عاملة كل دة لية؟
    كان ينظر لها كالمتغيب .. فهو لأول مرة يشعر بأنه عاجز امامها ، فهو الآن مسلوب العقل و الإرادة
    - النهاردة عيدميلادي ، فحبيت اشارك عيدميلادي مع جوزي
    قالتها و هي ترسم على شفتيها إبتسامة جذابة ، بينما تجمدت ملامح وجة الآخر . 

    لفصل السابع و العشرون

    تجمدت ملامح وجهه و ظل صامتا قبل ان يقول بخفوت جامد
    - قولتي اية؟
    نظرت لحدقتيه بتمعن و هي تقول
    - قلت.. النهاردة عيدميلادي ، فحبيت اشارك عيدميلادي مع جوزي .. عندك مانع؟
    قالت الأخيرة برقة ، فرسم على شفتيه ببطئ إبتسامة جانبية مستخفة و هو يقول
    - لا معنديش مانع ، بس عايز اعرف هو مين جوزك اللي هتشاركية عي...
    قاطعته بهدوء
    - انت .. انت جوزي
    حدق بها لبرهه قبل ان يقهقه بسخرية هو يبتعد عنها و يقول
    - انا! ، منين جبتي الكلام دة!
    توقفت تنظر له بذهول من تصرفه ، بينما اكمل بسخرية
    - شكل حبك ليا خلاكي تتخيلي حاجات وهمية
    - بس زهرة سمعتك
    هتفت بها سريعا ، و اكملت و هي تقترب منه و تقف مقابلة له
    - هي سمعتك لما قلت اني مراتك و انك حرقت ورقتي انا و جلال
    قهقه مرة آخرى قبل ان يلتفت و يتجة للخزانة و هو يقول
    - ايوة ، قلت كدة بس الكلام دة مش حقيقي
    حدقت به و هي لا تصدق ما يقوله ، فضحكت بإستخفاف و هي تقول بإستنكار
    - مش حقيقي!
    فتح الخزانة و اخرج منها سترة ليرتديها ، و فعل و هو يقول بهدوء
    - ايوة
    - انت كداب ، انت لية بتحاول تكدب الموضوع و تخبيه!
    انهى ارتداء سترته و إتجة للطاولة ، فلحقته و و اعاقته قبل ان يصل للأخيرة و اكملت بهدوء و هي ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة
    - على فكرة انا مش معترضة ، انت عارف اني بحبك ، و موافقة اني اكون مراتك
    نظر لها بجمود قبل ان يتخطاها ليصل للطاولة و يطفئ جميع نيران الشمع ، فهتفت بإستنكار
    - بتعمل اية؟ ، متطفهمش
    نظر لها بطرف عينيه و سار للكومود ليطفئ الباقي ، فأسرعت و اعاقته و قالت بحزن
    - النهاردة عيدميلادي ، متعملش كدة
    لم ينظر لها و اتى ان يتخطاها ولكنها امسكت بذراعه و عادت لتقف امامه و قالت برجاء
    - لوسمحت
    و من ثم اقتربت منه اكثر و مدت كفها لوجنته لتحتضنها و تهمس له بعيون تلمع بالدموع
    - لمرة واحدة بس عاملني كويس ، مرة بس
    حدق بحدقتيها التي تترجاه فشعر بالضيق لأنها تترجاة لأمر هو يريد فعله و لكنه لا يستطيع فعله .. لماذ؟ ..لا يعلم! .
    امسك بكفها الموضوع على وجنته و ابعده بهدوء و تخطاها ليطفئ نيران الشمع و فعل ، كانت تنظر له بخيبة امل و حزن بجانب افكارها التي تضارب في عقلها مع ذكرياتها معه .. ذكرياتها التي هاجمتها و اوصلتها إلى شعور الحسرة .
    - خلصت! ، ارتحت !
    قالتها بضيق ممزوج بالحزن ، بينما جلس هو على حافة السرير بهدوء ، فظلت تنظر له لبرهه .. تنظر لبرودة و لامبالاته لتندفع بقولها
    - انت لية كدة ؟ ، لية بتعاملني بالطريقة دي ، لية مش بتحسسني اني مهمة بالنسبالك او على الأقل تقدرني ، النهاردة عيدميلادي و شوف انت عملت اية ، النهادة كنت عايزة يبقى يوم مميز .. يوم مميز معاك انت مع الشخص اللي حبيته
    تنفست بعمق قبل ان تكمل بحزن و صوت متحشرج
    - عايزة اعرف... انت لية مصر تهدم كل لحظة حلوة بحاول اعملها لينا ، انت بتهدم كل حاجة ببرودك
    تقدمت منه و هي تكمل
    - تعرف ان برودك دة بيدمرني .. بيخليني ايأس اني اوصلك
    - محدش قالك توصليلي
    قالها بثبات و هو يرفع نظراته لها ، فتوقفت في مكانها و حدقت به لبرهه قبل ان تخفض رأسها و تبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و تقول بخفوت
    - قلبي قالي ، و للأسف... مشيت وراه
    - للأسف
    قالها بتهكم و هو ينهض ليتخاطاها و لكنها اوقفته عندما امسكت بذراعه و هي مخفضة الرأس ، فنظر لها فقالت بصوت متحشرج
    - لآخر مرة هسألك ، وعايزاك تجاوبني التفتت برأسها و نظرت له و اكملت
    - شعورك ناحيتي اية ؟ ... مش بتكنلي اي مشاعر حتى لو لواحد في المية؟
    تعمق في النظر لحدقتيها التي تنظر له بقلق و خوف من رده الذي سيجرحها ، فتح شفتيه و قبل ان يخرج حروفه اسرعت بقولها
    - فكر في اجابتك لأني... هعتبر اجابتك الكرت الأخضر اللي يسمحلي بأني اكمل او الكرت الاحمر اللي بيقولي فوقي من وهمك
    ضغط على قبضته بقوة و هو ينقل نظراته امامة قبل ان يقول اجابته ، فأغمضت ريحانة جفونها و قطعت انفاسها و هي تشعر بالخوف من اجابته المتوقعة .
    - لا... مش بكنلك اي مشاعر ، و لا حتى لواحد في المية
    سالت دموعها على وجنتيها و هي تفتح جفونها و تنظر له بألم قبل ان تعود لتلتقط انفاسها و تبلع لعابها و تقول و هي تحاول التماسك
    - يعني اجابتك الكرت الاحمر
    التفت و نظر لها ، فتركت ذراعه و هي ترسم على شفتيها إبتسامة حزينة لتكمل بصوت لم تستطيع جعلة طبيعيا
    - شكرا على هديتك لعيدميلادي
    انهت جملتها لتلتفت و تتجة للباب و تغادر ، بينما ظل الشيطان ينظر لها حتى اختفت خلف ذلك الباب و من ثم همس بألم و هو يتراجع للخلف
    - اسف
    خرجت ريحانة من جناحه و دموعها تنهمر على وجنتيها دون توقف ، و شعورها بالحسرة و الخيبة و الشفقة على حالها يمتلكها ، فقد ايقنت انه لا يحبها و ان كل ما شعرت به كان وهم منها ، نزلت السلالم و هي تزداد في نحيبها ، لم تلاحظ ذلك الهدوء المخيف ، فقد كان القصر خاليا من الحراس و هي تخرج منه ، توقفت بعد ان خرجت من بوابة القصر و التفتت لترفع رأسها و تنظر للأعلى حيث نوافذ جناح الشيطان فوجدته ينظر لها من خلف زجاج نافذته ، فهمست بقهرو هي تنظر له
    - بكرهك يا بيجاد
    بعد ان انهت جملتها وجدته يتراجع للخلف راكضا ، فقضبت جبينها بإستغراب و من ثم شهقت عندما وضع احدهم يده على انفها من خلفها، حاولت التملص ولكنها فشلت فقد شعرت بالدوار و خلال ثواني سقطت بين ذراعي ذلك الشخص فاقدة الوعي لاثر المخدر .
    نزل الشيطان السلالم بسرعة و هو يتمتم بأسمها و هو يشعر بالخوف عليها .. بالخوف من ان يفقدها ، ركض في الممر بأكثر سرعة لديه و خرج من بوابة القصر ، حاول ان يزيد من سرعته ليلحق تلك السيارة التي اخذت ريحانة و لكنه فشل .
    ..........................................................
    - روحتوا فين؟ ، ازاي تسيبوا القصر بدون حراسة
    قالها الشيطان بغضب جامح لحراسه الذين يقفون امامة و هم مخفضون الرأس ، لا يعرفون بما يجيبونه ، فصرخ بهم مرة آخرى
    - حد يجاوني
    تنحنح احد الحراس و قال بصوت مرتجف بعض الشيء
    - احنا جتلنا اوامر من حضرتك اننا ناخد استراحه و....
    قاطعه الشيطان بصراخه الغاضب - و انتوا ازاي تصدقوا حاجة زي دي! ، انا من امتى بدي استراحه .
    قال حارس آخر بندم
    - اسفين يا سيدنا
    فال آخر
    - اسفين .. مكنش لازم ننخدع
    التف الشيطان حول المكتب و جلس على الكرسي وهو يتنفس بغضب ، قال بصوت مرتفع شرس
    - دورولي على جلال ، اعرفولي المكان اللي اخد فيه ريحانة
    - حاضر يا سيدنا
    - و انت يا صبري ، انشر في القرية خبر ان اللي يشوف جلال او يعرف مكانه يجي يخبر و ليه جايزة
    قالها الشيطان لصبري " احد حراسه " ، فأومأ برأسه و من ثم انصرفوا جميعا ، فسند الشيطان مرفقيه على طاولة المكتب و وضع وجهه بين كفيه و هو يتنفس بخشونة و يتمتم بغضب و قهر
    - انا غلطان .. انا غبي ، انا اللي سبتها
    و من ثم بدا في ضرب طاولة المكتب بقبضته .
    ..........................................................
    بعد منتصف الليل

    فتحت ريحانة جفونها بصعوبة و نقلت نظراتها حولها بتشتت فقد كانت رؤيتها غير واضجة ، فقالت بوهن
    - انا فين؟
    - ريحانتي ، انتي معايا يا قلبي
    قالها جلال ، فنظرت له و همست
    - جلال!
    و من ثم فقدت الوعي مرة آخرى
    ..........................................................
    اليوم التالي

    - يعني اية ملهمش اثر في القرية ، جبهولي من تحت الأرض
    صرخ بها الشيطان ، فأومأ الحارس برأسه بخوف ، فأكمل الشيطان
    - و دوروا في القرى اللي جمبنا و على الحدود
    - حاضر يا سيدنا
    و من ثم انصرف ، فجلس الشيطان على الأركية و هو يتمتم بتوعد
    - مش هتفلت مني يا جلال ، مش هسيبك
    ..........................................................
    اعتدلت ريحانة و هي تمسك برأسها الذي يؤلمها ، نقلت نظراتها حولها بعدم إدراك و نهضت من على السرير و إتجهت بخطوات بطيئة للنافذة و توقفت امامها لتنظر من خلف الزجاج على هذا المكان الغريب التي لا تعرفه ، نظرت للجبال القريبة بعض الشيء من مقرها ، فقضبت حاجبيها بإستغراب و هي تتسأل ... من اتى بها لهذا المكان؟ ، الشيطان؟! .
    - صحيتي اخيرا ، صباح الخير... ريحانتي
    قالها جلال و هو يدخل لغرفتها ، فأتسعت مقلتيها و التفتت سريعا بعد ان ادركت ان هذا صوت جلال ، و هتفت بصدمة
    - جلال! ، انت...
    قاطعها و هو يتقدم
    - ايوة انا ، وحشتك صح؟
    طبقت جفونها للحظات فلعلها تتخيل و لكنها ادركت انه امامها بالفعل بعد ان فتحت جفونها و وجدته ، فقالت بخفوت
    - انا بعمل اية هنا ... معاك؟
    وضع الصنية التي كان يحملها على الكومود و تجاهل سؤالها و قال بهدوء
    - تعالي افطري... يلا
    تقدمت منه و قالت بحدة
    - جاوبني ، انا ازاي هنا ؟ و معاك؟
    - انا جبتك
    تذكرت ما حدث بالليلة الماضية ، فقالت
    - قصدك خطفتني
    - الاتنين واحد
    قالها بهدوء و من ثم امسك برغيف الخبز و وضع فيه الكثير من الجبن و قدمه لها ، فأزاحت يده بحدة و قالت
    - انا عايزة امشي من هنا ، مش عايزة ابقى معاك
    نظر لرغيف الخبر الملقي على الأرض بهدوء و من ثم نقل نظراته لها و قال
    - مش كدة عيب؟
    إتجهت للباب بخطوات غاضبة و هي تقول
    - انا همشي
    نظر امامه و إبتسم و قال
    - امشي .. و هجيبك تاني
    فتحت الباب و غادرت ، فنهض و سار بهدوء خلفها ، نزلت السلالم سريعا و من ثم سارت في الممر و قبل ان تخرج من الباب الرئيسي صرخت بألم عندما امسك بشعرها بقسوة و جذبه له ليسير بها للداخل ، فهتفت بألم
    - سيبني ، عايزة امشي
    سحبها للأعلى و ادخلها غرفتها مرة آخرى و القاها على السرير بقسوة فتألمت ، قال بهدوء
    - هتمشي و هتروحي فين؟ ، انتي مكانك هنا .. جمبي
    رفعت رأسها ونظرت له و هي تبعد خصلات شعرها من على وجهها و قالت بحدة
    - انا مكاني مش هنا
    - امال مكانك فين؟ ، عند الشيطان!
    قال الأخيرة بإستخفاف و اكمل بحزم
    - انتي مكانك هنا.. جمبي ، حتى لو انا مش جوزك... فانتي ليا
    انهى جملته و إتجة للباب ، فهتفت
    - انا مش ليك
    توقف امام الباب و نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهرها و قال بثبات
    - مدام انتي مش ليا ، يبقى انتي مش لحد غيري
    انهى جملته و غادر ، فأمسكت هي بالوسادة و القتها بحدة على الباب و من ثم بكت بقهر .
    ..........................................................
    - سيدنا ، في واحد من اهل القرية عايز يقابلك
    قالها الحارس للشيطان الذي قال
    - مش عايز اقابل حد
    اومأ الحارس برأسه و غادر ليخبر الآخر بما قاله سيده ، و بعد دقائق عاد الحارس و دخل للشيطان و قال
    - سيدنا.. الراجل بيقول ان ليه فلوس عند حضرتك
    - عندي!
    - ايوة، بيقول انه وصل الانسة ...
    قاطعة الشيطان بنفاذ صبر
    - قله بعدين
    اومأ الحارس برأسه و غادر ، بينما عاد الشيطان برأسها للخلف و هو يتنهد بعمق ، بعد دقائق دخل الحارس مرة آخرى ، فهتف الشيطان بغضب
    - اية تاني؟
    بلع الحارس لعابه بتوتر و قال
    - السيد عز الدين برة
    - دخله
    بعد ثواني ، دخل عز الدين و جلس و هو يقول
    - هو في اية ؟ ، لية رجالتك منتشرين في القرية كلها ؟ نظر له الشيطان و قال بوهن
    - ريحانة اتخطفت
    - نعم!
    هتف بها عز الدين بصدمة و اكمل
    - مين خطفها ؟
    - جلال
    - جلال يا ابن ال***
    طيق الشيطان جفونة و تنفس بعمق ، بينما حدق به عز الدين و سأله بهدوء
    - انت قلقان عليها؟
    اومأ الشيطان برأسه ، فقال عز الدين
    - باين عليك
    فتح الشيطان و اقترب من طاولة المكتب ليسند عليها بمرفقيه و يقول لعز الدين
    - ساعدني ، دور معايا عليها و اسألي ايمن على الاماكن اللي بتاعت جلال ، اكيد هو هيعرف لأنه كان من رجالة جلال
    - حاضر
    قالها عز الدين قبل ان ينهض و يتجة للباب و لكنه توقف في المنتصف ليلتفت للشيطان و يقول و هو يبتسم
    - على فكرة... انا بدأت اشك فيك
    قضب الشيطان جبينه بعدم فهم ، بينما التفت عز الدين و غادر
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    دخل جلال غرفة ريحانة فوجدها جالسة على الأريكة تضم قدميها لصدرها و هي تنظر من خلف زجاج النافذة بشرود ، فتقدم و هو يحمل علبة مجوهرات مسطحة يخفيها خلف ظهره ، و جلس خلفها على الأريكة و فتح شفتيه ليخرج حروفه و لكنها سبقته و قالت بجمود
    - عايز اية
    إبتسم و قال
    -بصيلي ، عايز اديكي حاجة
    - مش عايزاها
    - هديكي هدية عيدميلادك
    - قلت مش عايزة
    تنفس بعمق قبل ان ينهض و يقف امامها و يجث على ركبتيه ، فنظرت له بضيق فأظهر العلبة و وضعها امامها و قال
    - افتحيها
    تجاهلته و ابعدت نظراتها عنه ، فمد يده و امسك بالعلبة و فتحها فظهر العقد المزيف الذي يخص الشيطان .
    - جربيه ، اكيد هيبقى حلو عليكي
    قالها جلال و هو يمسك بالعقد و يقدمه لها ، فأزاحت يده بحدة و قالت بشراسة
    - مش هجرب حاجة و مش عايزة حاجة منك ، ابعد عني بقى
    التفت برأسه و نظر للعقد الملقي على الأرض بهدوء و رسم على شفتيه إبتسامة جانبية غاضبة قبل ان يمد يده و يقبض على ذقنها بقسوة ، فصرخت بفزع و ألم فقال بهدوء مخيف
    - بصي يا حبيبتي ، عشان نبقي عايشين مرتاحين لازم تبقي عارفه انك لو هتعامليني كويس هعاملك ملكة، و لو هتعاملين بطريقتك دي هعاملك بطريقتي و انتي جربتيها قبل كدة
    انهى جملته و ترك ذقنها و نهض ليسير بضع خطوات ليأخذ العقد من على الأرض و يعود لها و يقول
    - يلى .. جربيه
    تجاهلته ، فألتف حول الأريكة ليقف خلفها و يطوق العقد حول عنقها ، فأمسكت بالعقد و القته على الارض مرة آخرى ، فطوق عنقها من الخلف بيده بعنف فتأوهت حتى ادمعت عينيها ، بينما اقترب من اذنها و همس
    - حاولي تتأقلمي معايا خلال يومين عشان بعدها مش هتساهل معاكي يا... ريحانتي
    ابتعد و سار للباب ولكنها اوقفته بقولها
    - ومين قالك اني هبقى معاك ليومين كمان
    نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
    - لية مش هتبقي؟ ، لتكوني متوقعة ان الشيطان هيجي لهنا عشان ياخدك !
    قال الأخيرة بإستخفاف قبل ان بنقل نظراته امامه و يغادر .
    نهضت من على الأريكة و إتجهت للسرير و استلقت عليه لتدثر جسدها تحت الغطاء و تضمه لها و هي تطبق جفونها و تهمس بحزن
    - عارفة ، هو مش هيجي
    ..........................................................
    صعد الشيطان السلالم حتى وصل للطابق الثاني و سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها بتردد ، تقدم للداخل بخطوات بطيئة و هو ينقل نظراته حوله ، توقف في المنتصف و هو يشعر بأنها حوله ، رائحتها تملئ المكان و صوت ضحكاتها و صراخها و تمردها يسمعه ، إرتسمت على شفتيه إبتسامة عندما تخيلها تتقدم منه و تهمس له بأسمه ، اكمل تقدمه و إتجة للسرير و جلس على حافته و ظل صامتا لبرهه ، مد يده و التقط وسادتها لينظر لها لبرهه قبل ان يقربها من انفه و يشم رائحتها و هو يضم الوسادة إليه و كأنها هي ، ضمها اكثر عندما قفزت في عقله فكرة انه سيفقدها و للأبد ، فهذة الفكرة تشعره بالخوف! .
    ..........................................................
    - لو حد سألك عني قله معرفش عنه حاجة و اياك تجيب سيرة عن البيت اللي جبتهولي دة
    قالها جلال للطرف الآخر الذي قال
    - حاضر ، بس لية؟
    - اعمل اللي بقولك عليه و بس
    - حاضر
    - بقولك ، هو انت عرفت حد اني هنا؟
    - لا
    - كويس ، و متعرفش حد
    - حاضر
    قالها الآخر بنفاذ صبر و اكمل
    - سلام ورايا شعل
    و من ثم انهى المكالمة ، فنهض جلال و خرج من غرفته و نزل السلالم و هو يضع قبعة على رأسه و كمامة سوداء على انفه ليخرج من الباب الرئيسي و يقول للحارس
    - انا هغيب شوية ، خلي بالك من ريحانة و حاسب لتهرب
    - حاضر يا سيد جلال
    اكمل جلال طريقة للخارج
    ..........................................................
    مساءا

    دخل الشيطان لغرفة مكتبه و جلس على كرسي مكتبه ، فقال عز الدين الذي يجلس على الكرسي المقابل للشيطان
    - ها عرفت حاجة .. وصلت لمكانها؟
    - لا
    قالها الشيطان بضيق ، فقال عز الدين
    - طب انا عرفتلك
    - بجد
    قالها الشيطان بلهفة و اكمل
    - فينها؟ ، فين اخدها؟
    - قرية بني سعيد
    - قرية... بني سعيد!
    قالها الشيطان بإستغراب و اكمل
    - و عرفت منين ان دة المكان اللي فيه ريحانة؟
    - بص انا مش متأكد انه اخدها لهناك بس الخدامة بتاعت ريحانة اللي كانت في قصر جلال قالت انها سمعت ان جلال بيجهز بيت في قرية بني سعيد ، فأنا اتوقعت انه اخدها هناك مدام حراسك ملقوهوش في القرية
    نظر له الشيطان لبرهه قبل ان يمسك بهاتفه و يضغط على بضعة ارقام ليتصل بحاكم قرية بني سعيد
    - بتتصل بمين؟
    قالها عز الديك فأجابه الشيطان
    - سعيد
    و بعد محاولات كثيرة القى الشيطان بالهاتف على طاولة المكتب بغضب و قال
    - مش بيرد
    و من ثم نهض و قال
    - انا هروح
    - هتروح فين؟
    - لقرية بني سعيد
    - انت اتجننت! ، ازاي هتروح و انت مش متأكد انها هناك
    - ايوة مش متأكد بس احتمال كبير تكون هناك
    - طب اتأكد على الاقل
    - هتأكد متقلقش
    اخذ الشيطان هاتفه و غادر و هو يتصل بالشخص الوحيد الذي سيتمكن من معرفة مكان البيت الذي اخذه جلال في قرية بني سعيد .
    ...........................................................
    صعد جلال السلالم و هو يحمل صينية بها طعام ، إتجة لغرفة ريحانة و طرق على الباب بخفة و من ثم دخل و هو يقول
    - ريحانتي ... حبيبتي ، يلا ت...
    توقف جلال عن إكمال جملته عندما لم يجدها ، نقل نظراته حوله و هو يقول
    - ريحانة ، انتي فين؟
    تقدم و وضع الصينية على الكومود .
    كانت ريحانة تختبئ خلف الباب و هي تمسك بمزهرية ، تقدمت منه من الخلف بخفة و هي ترفع يدها الممسكة بالزهرية و هي تنوي ضربه بها و قبل ان تفعل وجدته يلتفت و يمسك بيدها ، فأتسعت مقلتيها في صدمة ، فإبتسم و اخذ منها المزهرية و هو يطأطأ و يقول
    - بقيتي عنيفة جدا
    انهى جملته و دفعها على السرير و قال هو يضع المزهرية على الأرض و يتجة للباب
    - عايز لما ارجع الاقيكي ماكله الأكل دة كله
    و من ثم غادر ، فرفعت رأسها و ابعدت خصلات شعرها من على وجهها بعنف و هي تقول بصوت مرتفع
    - مش هاكل حاجة ، انا همشي من هنا يا جلال ، همشي
    قالت الأخيرة بصوت متحشرج و من ثم اخفضت رأسها و سالت دموعها على وجنتيها لشعورها بالعجز .
    ..........................................................
    بعد منتصف الليل

    في قرية مجاورة لقرية الشيطان

    صعد الشيطان سيارته و هو يشعر بالسعادة فهو تأكد ان ريحانة في ذلك البيت الموجود في قرية بني سعيد و اصبح معه الآن العنوان ، قبل ان يتحرك بسيارته سأله حارسه
    - سيدنا ، نعمل اية في دة
    و اشار للرجل الذي اعطى لجلال هذا البيت ، فقال الشيطان
    - سيبوه
    اومأ الحارس برأسه ، فغادر الشيطان و خلفه سيارة يقودها حارسه .
    امسك الشيطان بهاتفه و اتصل بأيمن الذي جعله يذهب لقرية بني سعيد
    - ها وصلت للقرية؟
    - وصلت لحدودها
    - ماشي ، روح للعنوان دة و راقب التحركات اللي هناك و خبرني
    - حاضر ، هات العنوان
    اعطاه الشيطان العنوان و انهى المكالمة ليضع الهاتف بجانبه و ينظر للطريق و هو يتمتم بتوعد
    - نهايتك هتبقى النهاردة يا جلال
    ..........................................................
    اليوم التالي

    - انا اسف ، الشيطان عرف مكانك
    قالها الرجل لجلال الذي هتف بصدمة و غضب
    - ازاي عرف ، مين قاله؟
    - هو جالي لغاية بيتي و كان هيموتني لو مقلتلهوش على مكانك
    قالها الآخر بتلعثم ، فصرخ الآخر بغضب
    - جبان ، مش انا منبهك
    - نبهتني بس اعمل اية كان هيموتني
    - اقفل
    قالها جلال بغضب قبل ان يغلق الخط و يلقي بهاتفه على الأرض ليخرج من غرفته سريعا و يتجة لغرفة ريحانة و يقتحمها فتنهض هي بفزع
    - يلا قومي ، هنمشي
    قالها جلال بسرعة و هو يتقدم منها ، فقالت
    - هنمشي!
    امسك بيدها و جذبها لتنهض ، فسحبت يدها و نهضت بمفردها و قالت بهدوء مصتنع
    - في اية؟ ، مالك متلهوج لية؟
    - مش وقت اسئلة
    قالها و هو يمسك بيدها و يسير بها للخارج ، حاولت ان تستعيد يدها ولكنه لم يسمح لها .
    ..........................................................
    - جلال خارج من البيت و معاه ريحانة، شكله عرف انك عرفت مكانه قالها ايمن للشيطان عبر الهاتف ، فهتف الشيطان
    - حاول تلهيه ، متخلهوش يمشي ، متخلهوش ياخدها
    - ماشي ، بس انت فين؟
    - انا خلاص عند الحدود
    - شيطان
    - نعم
    صمت ايمن لبرهه قبل ان يقول بتردد
    - بتضرب ، جلال بيضربها
    كور الشيطان قبضته بغضب قبل ان يلقي بالهاتف على المقعد المجاور له
    - جلال ، مش هرحمك
    قالها من بين اسنانه و من ثم ضغط على دواسة الوقود بقوة وكأنه يفرغ غضبه فيها ، فأزدادت سرعة السيارة بخطورة و لفحت نسمات الهواء وجهه .. لتهدأ من حرارة الدماء المتصاعدة بغضب إلى رأسه .
    ..........................................................
    كانت ريحانة ترفض صعود سيارة جلال ، ف فقد جلال سيطرته و ضربها فهو لم يعد يتحمل عنادها و من ثم جعلها تصعد السيارة عنوه ، اعادت ريحانة رأسها للخلف و هي تلتقط انفاسها بصعوبة فآلام ظهرها عادت ، صعد بجانبها و قال للسائق
    - يلا امشي
    اومأ السائق برأسه و قبل ان يضغط على دواسة الوقود وجد احدهم يعوق الطريق ، فقال السائق
    - سيد جلال
    نظر جلال للسائق و من ثم نقل نظراته لأيمن فهو الذي اعاق الطريق ، فقضب جلال حاجبيه و قال بإستغراب
    - ايمن!
    ترجل جلال من السيارة و تقدم من ايمن و توقف امامه و قال
    - بتعمل اية هنا يا ايمن؟
    - كويس انك لسه فاكرني يا... جلال
    - هو انت تتنسي!
    قالها جلال بتهكم ، فإبتسم ايمن قبل ان ينقل نظراته لداخل السيارة و يقول بخبث
    - اممم ، مين اللي معاك في العربية؟ ، واحدة جديدة !
    - مش لازم تعرف مين دي
    طأطأ ايمن و قال بحزن مصتنع
    - ازاي مش لازم اعرف ، دة انا صحبك برضه
    - جاي هنا لية؟
    قالها جلال بثبات ، فقال ايمن
    - عندي شوية شغل هنا
    - كويس انك لقيتلك شغل ، تبقي تتلهي بيه بقى
    - عنيا
    رمقه جلال ببرود قبل ان يلتفت و يعود للسيارة و يصعدها ، بينما ظل ايمن واقفا في مكانه فأشار له جلال بأن يبتعد فهز ايمن رأسه بالرفض ، فقال جلال للسائق
    - انزل و انا هسوق
    ترجل جلال من السيارة و صعد في المقعد الأمامي بعد ان ترجل السائق و وقف جانبا ، كانت ريحانة في حالة لا يرثى لها فقد تملكها الألم .
    فتح جلال زجاج النافذة و قال بصوت مرتفع
    - ابعد يا ايمن عشان اعدي
    تجاهله ايمن و ظل واقفا ، فهتف جلال مرة آخرى
    - هدوسك و مش هيهمني
    انهى جملته و ضغط على دواسة الوقود لتبدأ السيارة بالحركة بسرعة خطيرة ، فتنحى ايمن جانبا قبل ان تصدمه السيارة ، و هتف بحدة
    - مش هتعرف تهرب
    بعد دقائق وصل الشيطان و توقف امام ايمن الذي تقدم و قال
    - لسه ماشي ، الحقه
    نظر الشيطان للطريق و قال
    - قول للحراس يستنوا هنا
    - حاضر
    ،،،،،،،،،
    - وقف العربية
    قالتها ريحانة بتعب لجلال ، فنظر لها من المرآة الأمامية الداخلية و قال
    - مالك؟
    - تعبانة ، وقف العربية
    تعمق في النظر لها و من ثم نظر امامة و اتى ان يوقفها ولكنه لمح سيارة الشيطان خلفه ، فدقق في النظر في المرآة الأمامية الخارجة فتأكد انه الشيطان فزاد من سرعة السيارة ، فهتفت ريحانة بتعب
    - بقولك تعبانة، طهري
    - مش هقدر اوقفها
    نظرت له لبرهه و من ثم التفتت برأسها و نظرت للخلف فوجدت سيارة تلاحقهم ، فسألته
    - عربية مين دي اللي بتلحقنا؟
    نظر لها من المرآة و قال
    - متقلقيش ، مش هخليه ياخدك مني
    نظرت له بطرف عينيها و من ثم عادت بنظراتها للسيارة التي تلاحقهم و دققت في النظر فإتسعت مقلتيها بعدم تصديق و هي تهمس
    - بيجاد!
    و من ثم لمعت عينيها بالسعادة و هي تكمل بسعادة
    - انت جيت
    كان جلال يزيد من سرعة السيارة و يدخل في اماكن ضيقة و منعزلة ليضل الشيطان و لكنه فشل في تضليله.
    اوقف جلال السيارة عندما ادرك ان هذا الطريق نهايته الهاوية ، و ترجل من السيارة سريعا و التف حولها ليخرج ريحانة منها ، حاولت ريحانة ان تجعل حركتها بطيئة لكي يستطيع الشيطان المجئ لإنقاذها ولكن جلال فهم سبب بطئها فأصبح يجرها على الأرض و هي تتأوه بألم ، وصل الشيطان و اوقف سيارته و ترجل منها سريعا و ركض ليلحقهم ، التفت جلال برأسه و نظر خلفه فوجد الشيطان يقترب منهم ، فأسرع و من ثم توقف عندما اصبح من المستحيل تقدمهم فهم اصبحوا على قمة الجبل .
    - جلال
    قالها الشيطان و هو يلهث ، فإبتسمت ريحانة بإطمئنان ، بينما امسكها جلال بإحكام و هو يلتفت ليصبح مقابلا للشيطان ، فأكمل الأخير
    - هتهرب فين تاني؟
    - مش هتاخدها مني
    قالها جلال بصوت مرتفع شرس ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و اتى ان يتقدم و لكنه تراجع عندما هدده جلال ب
    - لو قربت هرميها من على الجبل ، و انت شايف مفيش خطوتين و نبقى انا و هي ... بح
    نظر الشيطان لريحانة بقلق و من عاد و نظر لجلال و قال
    - عايز اية و تسيبها
    - عايزها
    - بس هي مش ليك
    - و لا ليك
    - لا ليا ، هي مراتي
    قالها الشيطان و ينظر لريحانة التي نظرت له بسعادة ، فأبعدت نظراته عنها بتوتر ، فهتف جلال بغضب
    - بس هي كانت مراتي و انت سرقتها مني ، انت دايما بتسرق مني كل حاجة بحبها ، كل حاجة ملكي انت بتاخدها ، فالمرة دي مش هسمح بكدة ... مش هسمحلك تاخدها
    - جلال ، سبني
    قالتها ريحانة برجاء لجلال ، فنظر لها و قال بحزن
    - مقدرش اسيبك يا ريحانتي ، انا لو سبتك ... هموت
    - جلال...
    قاطعها ب
    - انتي عايزة تسيبيني عشان تروحيله ، اسف ... مش هسمحلك تكوني معاه ، مش هرضى اشوفك مبسوطة مع حد غيري خاصا ... معاه هو
    - انت مريض
    قالتها و هي تحاول ان تفلت من قبضته ، فزاد من قوة قبضته على خصرها فتأوهت بألم فقال
    - مريض بحبك يا ريحانتي
    - قلتلك متقربش
    صرخ بها جلال عندما رفع نظراته للشيطان الذي كاد يقترب منهم ، و اكمل بحزم
    - لو هتقرب هرميها ، و انا مجنون و اعملها
    - هتموت اللي بتقول انك بتحبها !
    - اه هموت اللي قلت اني بحبها زي ما موتت اختي اللي من لحمي و دمي
    نظرت له ريحانة بصدمة و كذلك الشيطان الذي هتف بصدمة
    - عايدة!
    - ايوة، عايدة .. تعرف موتها ازاي
    رسم على شفتيه إبتسامة مقززة على وجهه و اكمل
    - خنقتها ، تعرف لية؟ ... عشان هي اللي موتت ابويا
    و من ثم نظر لريحانة و اكمل
    - هي تستاهل ، هي موتت ابويا و انا موتها و رمتها من الجبل ، اية رأيك نلحقها؟
    - ابعد عني يا مجنون
    قالتها ريحانة و هي تبكي و تحاول تبعده عنها ، فقهقه و قال بطريقة اخافتها
    - هوريكي المجنون هيعمل اية دلوقتي
    تراجع بها للخلف ، بينما ظلت تحاول الإبتعاد ، فهتف الشيطان بخوف عليها
    - اثبتي يا ريحانة، اثبتي
    توقفت عما تفعله و نظرت للشيطان و قالت ببكاء
    - بيجاد ، خليه يسيبني
    - هسيبك
    قالها و هو يتراجع بها للخلف فأصبحت نصف قدمة لا تلامس الأرض ، و اكمل
    - سلام يا... بيجاد
    إتسعت مقلتي الشيطان بصدمة و خوف ، وتسارعت دقات قلبه و انقطعت انفاسه و هو يراها تسقط من على الجبل . 

    الفصل الثامن و العشرون " الأخير "

    انهى جلال جملته و هو يترك خصر ريحانة ببطئ ، فركض الشيطان سريعا بعد ان ادرك نوايا جلال الأخيرة ، فهتف الأخير بحدة
    - لآخر مرة هقولك.. اياك تقرب
    توقف الشيطان على بعد مترين منهم و ظهر الخوف و القلق على ملامح وجهه ، فإبتسم جلال و رفع ذراعيه للأعلى و هو يقول بهدوء
    - اهو سيبتك ، روحي
    لم تستطيع ريحانة ان تخطو خطوة واحدة فخوفها جعل جسدها جامد غير قادر على الحركة ، فصرخ بها الشيطان ليحثها على التقدم منه
    - تعالي يا ريحانة ، تعالي
    وضعت ريحانة كفها المرتجف على وجهها و زادت في البكاء ، فضحك جلال بهستيرية و هتف
    - شفت ، سبتها و لسه جمبي .. مش عايزه تسبني ف.. قول سلام بقى
    قال الأخيرة كإنذار جعل الشيطان ينتفض من مكانه ليقطع المسافة التي بينهم في حين تراجع جلال فسقط و قد امسك بقدم ريحانة قبل اختفائه ، فصرخت ريحانة .
    إتسعت مقلتي الشيطان بصدمة و خوف ، وتسارعت دقات قلبه و انقطعت انفاسه و هو يراها تسقط من على الجبل فأسرع بذعر لحافة الجبل و القى بجسده على الأرض ليلتقط يدها بأعجوبة ، رفعت نظراتها له و هتفت بخوف و صوت باكي
    - بيجاد
    - متخفيش ، مش هسيبك .. متخفيش
    قالها من بين انفاسه اللاهثة ليطمأنها ، و من ثم بدأ في محاولته برفعها له ، كانت تنظر للأسفل فيرتعد قلبها خوفا فتبكي و تتمتم بأسمه ، لم يكن اقل منها خوفا ، فخوفه عليها تملكه حتى النخاع ، و فكرة انه سيفقدها للأبد تكاد تقتل خلايا عقله ، هو لا يقبل بخسارتها ابدا .
    - هموت ... بيجاد هموت
    قالتها بذعر و هي تنظر للأسفل و تزداد في نحيبها ، فهتف بخوف و رفض لتوقع هذة الفكرة
    - متقوليش كدة ، مش هتموتي.. مش هسمح بكدة
    رفعت نظراتها له فلمحت دموعه التي يحتجزها اسفل جفونه .
    - امسكي ايدي بأيديكي الاتنين ، يلا
    امرها بذلك ففعلت فأستجمع جميع قوته ليرفعها و نجح.
    اعتدل سريعا و نظر لها ليمد يده حولها و يرفع ظهرها من على الأرض و يسنده لذراعه ، كان يتفحصها بعينه بقلق و خوف و راحة ، احتضن وجهها بين كفه بلهفة و هو يقول من بين انفاسه المتقطعة
    - ريحانة ، افتحي عنيكي
    فتحت عينيها ببطئ و نظرت له بتعب و همست
    - بيجاد
    - انا معاكي
    طبقت جفونها للحظات و من ثم فتحتهم لتعود و تنظر له بعدم تصديق و تنقل نظراتها للهاوية حيث سقط جلال ، فأرتجف جسدها فضمها له و همس
    - متخفيش ، كل حاجة خلصت و انتهت
    عادت و نظرت له لدقيقة كاملة قبل ان تبتسم بتعب و تهمس
    - انت خوفت عليا.. صح؟
    صمت لبرهه و هو ينظر لحدقتيها بتعمق و من ثم قال بخفوت صادق كان له آثر عليها
    - مخفتش بس ، دة انا كنت هموت لو حصلك حاجة
    إمتلأت عينيها بالدموع و سالت على وجنتيها فمسح دموعها بإبهامه بحنان و من ثم امسك بيديها و ضغط عليهم بخفة ليطمأنها و ليوقف ارتجاف يدها و هو يقول
    - انا معاكي ، متخافيش
    - احضني
    قالتها بهمس قبل ان تدفن وجهها في صدره لتشعر بالأمان ، فمد يده و ملس على شعرها بحنان قبل ان يحملها لينهض بها ، فأخرجت من بين شفتيها تأويهه خفيفة تظهر ألمها ، فنظر لها و قال بقلق
    - مالك؟ ، في حاجة وجعاكي؟
    - طهري
    قالتها بألم ، فسار بها لسيارته و هو يقول
    - حاولي تستحملي
    اومأت برأسها و هي تمرر ذراعها حول عنقه لتدفن وجهها اكثر في صدره و تقول بصوت ضعيف
    - كنت فكراك مش هتيجي
    - بس جيت
    شعر بدموعها تبلل قميصه و هي تهمس
    - كويس انك جيت
    نظر لها من فوق و قال بصوت دافئ
    - خلاص كفايا عياط ، كل حاجة خلصت و انا جمبك دلوقتي
    لم تستطيع ان توقف سيل دموعها برغم سعادتها انه بجانبها .
    ،،،،،،،،،،،
    ترجل الشيطان من السيارة و التف حولها ليفتح لها الباب ، كانت نائمة فحملها و دخل بها لأحدى المباني الفاخرة نسبيا ، توقف امام احد الشقق الموجودة في الطابق الأول و طرق عليه بقدمه ففتح ايمن الباب فدخل الشيطان و هو يقول
    - ايمن ، جبلي اي حكيم .. بسرعة
    - مالها؟ ، اتأذت؟
    نظر له الشيطان بطرف عينيه فقال ايمن بإرتباك
    - حاضر هجيب حكيم ... حالا
    و من ثم التفت و غادر سريعا ، بينما سار الشيطان في الممر القصير ليصل للغرفة المقابلة و يدخلها و يضع ريحانة على السرير بلطف و حذر ، ابتعد قليلا و ظل يحدق بملامح وجهها الذي ظهر عليها التعب ، تنفس بعمق قبل ان يلتفت و يخرج من الغرفة ليغلق الباب خلفه و يسير في الممر القصير ليخرج للصالون و يجلس على الأريكة الصغيرة الموضوعة على جانب الباب ، عاد بظهره للخلف و هو يتنهد براحة ، مسح وجهه بكفيه و هو يحمدالله على ان لم يصيبها اي مكروه ، لا يعلم ماذا كان سيفعل ان حدث لها شيء ، اطبق جفونه ليسترخي و لكن عقله آبى ذلك ليعرض له كل ما حدث كعرض سينمائي سريع ، فتسارعت انفاسه و اضطربت دقات قلبه في لحظة تذكره لسقوطها... كم كانت هذة اللحظة صعبة عليه فقد شعر ان قلبه سقط معها ، فتح جفونه و نظر امامه بشرود و هو يفكر ب ... هل حان الوقت بأن يكشف عن نفسه و مشاعره ؟
    ..........................................................
    بعد مرور نصف ساعة

    دخل الشيطان لريحانة بعد ان غادر الحكيم ، تقدم منها حتى توقف امامها و قال بهدوء
    - حاسة بتحسن؟
    رفعت نظراتها له و اومأت برأسها ، فإبتسم و قال
    - طب يلا ، هنرجع للقرية
    حدقت به ببلاهه .. فهي لا تصدق انه يبتسم لها! ، فسألها
    - مالك؟ ، بتبصيلي كدة لية؟
    - هاه.. لا مفيش
    قالتها و هي تخفض رأسها ، فأومأ برأسه و من ثم مال ليحملها بين ذراعيه بحذر ، فنظرت له و قالت
    - بتعمل اية؟ ، هقدر امشي لوحدي
    - عارف انك تقدري تمشي لوحدك
    - طب نزلني
    سار بها لخارج الغرفة و هو يقول
    - مش دلوقتي
    قابل ايمن على باب الشقة فقال له
    - جبت اللي قلتلك عليه
    - ايوة ، و حطيته في عربيتك
    هز الشيطان رأسه و من ثم سار بضع خطوات و توقف ليلتفت لأيمن و يقول
    - شكرا يا ايمن على اللي عملته النهاردة
    ذهل ايمن من شكر الشيطان له ، فقال بعدم تصديق
    - انت بتشكرني انا؟!
    إبتسم الشيطان و قال
    - ايوة ، مفيش هنا ايمن غيرك
    و من ثم التفت و غادر ليترك ايمن في ذهوله ، كانت حالة ريحانة كحالة ايمن بظبط .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    في السيارة

    بعد مرور خمسة عشر دقيقة من محاولته لإطعامها و اخيرا نجح ، تنفس بعمق و قال بضيق
    - انتي عنيدة جدا
    نظرت له بطرف عينيها بتوعد و هي تحدث نفسها
    - هو انت شفت حاجة
    نقل نظراته امامه و اعاد رأسه للخلف ليطبق جفونه للحظات و هو يشعر بالضيق ، كان يريد ان يبثها بحنانه و عطفه كمرحلة اولى و لكنها بعنادها افسدت ما كان يحاول فعله .
    ..........................................................
    اليوم التالي

    فتحت ريحانة عينيها بتثاقل فقابلتها اشعه الشمس التي تسللت عبر النافذة لتجبرها على اغلاقهما مجددا .. و ما لبثت ان فتحتهم مرة آخرى و هي تنقل نظراتها حولها الآن هي في جناح الشيطان ، متى عادت؟ لم تشعر بشيء فقد خفوت في الطريق لشدة تعبها و حاجتها للنوم ، خرج الشيطان من الحمام فنظرت له و سألته و هو يتقدم
    - احنا امتى رجعنا؟
    - على عشرة بليل
    - انا محستش بحاجة
    - لأنك كنتي نايمه
    - ما انا عارفة اني كنت نايمه
    قالتها و هي تنظر لها بطرف عينها و من ثم نهضت لتتجة للخزانة و تخرج منها ملابس لترديها ، بينما جلس هو على حافة السرير و هو يجفف شعره بمنشفة صغيرة و نظراته تتابعها .
    ..........................................................
    - دة طلع مجنون يا بابا
    قالها ايمن لوالده "عز الدين" الذي قال بإرتياح
    - يلى كويس انه مات و خلصنا منه و من مشاكله و جنونه
    هز ايمن رأسه بالموافقة و قال بعد صمت
    - تعرف انا حاسس بحاجة
    نظر له عز الدين و قال
    - اية؟
    - ان الشيطان بيحب ريحانة ، تصرفاته و خوفه بيبن كدة ، يعني هو لو مش بيحبها مكنش انقذها من جلال... صح؟
    نقل عز الدين نظراته امامه بشرود و قال بهدوء
    - ياريت يكون فعلا بيحبها
    انهى جملته و نهض فقال ايمن
    - مخلصتش فطورك
    - شبعت
    - طيب هتخرج و لا هتطلع تستريح؟
    - هخروح ، هروح للشيطان
    - لية؟
    نظر له عز الدين بطرف عينيه قبل ان يقول
    - بعدين
    و من ثم غادر
    ..........................................................
    خرجت ريحانة من الحمام و هي تجفف شعرها بالمنشفة ، توقفت فجأة و هي تنظر للشيطان الذي مازال في الجناح ، لما لم يسبقها كعادته؟ .. اهو ينتظرها؟! ، رفع نظراته لها و قال
    -يلا.. انا مستنيكي عشان ننزل نفطر سوا
    اعتلتها الدهشة ولكنها اخفتها سريعا و نظرت له ببرود لتبدأ في تطبيق ما قررت فعله
    - حاضر
    اكملت طريقها لتتوقف امام المرآه و تبدأ في تمشيط شعرها و هي تختلس النظرات السريعة الخفية له .
    ،،،،،،،،،،،،
    في غرفة الطعام

    كان الشيطان يحرك الملعقة داخل فنجان القهوة دون توقف ، فقد كان شارد
    - هتفضل تقلب كتير؟
    قالتها بجمود و هي تنظر لطعامها ، فرفع نظراته لها و هو يخرج الملعقة من الفنجان و يضعها على جنب ليمسك بالفنجان و يشرب منه القليل و يعيده لينهض و يخرج من غرفة الطعام و هو يشعر بالتوتر و الإرتباك ، مهما حاول لا يستطيع فعلها .. ابدا! .
    بعد خروجه القت ريحانة بملعقتها بضيق و ضجر .
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    - مش ناوي تعترف بقى؟
    قالها عز الدين بنفاذ صبر للشيطان و اكمل بتكرير سؤاله للمرة الثالثة
    - مش ناوي تقولي انت عملت كل دة من الأول لية؟ ، لية اتجوزتها و لية عملت كل دة عشان تنقذها؟
    تنهد الشيطان بعمق و هو ينظر لعز الدين بأسى و يقول
    - شكلك مصر تعرف
    اومأ عز الدين برأسه ، فساد الصمت لدقائق منه .. فهو يحتاج إلى الشجاعة لكي يكشف عن اسبابه ، نعم هو يشعر بأنه جبان و ضعيف لأول مرة في حياته .
    - هقولك.. كانت خطتي في الأول اني اتجوزها عشان اقهر جلال بطريقة اني اخدت حاجة ملكه و هي مراته
    قالها الشيطان بهدوء فتمتم عز الدين ليكمل الآخر بصعوبة و هو يتحاشى النظر
    - بعدين .. بعدين بدأت احس اني ، بدأت احس بمشاعر جديدة و غريبة عليا ناحيتها ، مكنتش عارف معنى مشاعري اية في الأول لأني عمري ما حسيت بمشاعر زي دي بس الشعور الوحيد اللي كنت عارف معناه هو اني... اني كنت حاسس بإنجذاب ليها
    صمت الشيطان لبرهه ليلتقط انفاسه التي انقطعت بسبب توتره و هو يسرد ما شعر به و اسبابه لفعل ذلك ، اعاد نظراته لعز الدين و اكمل بهدوء مصتنع
    - و سبب انقاذي ليها اعتقد انك هتقدر تستنتجه من كلامي اللي قلته من دقايق
    هز عز الدين رأسه و من ثم قال بهدوء و هو يبتسم
    - استنتجت انك بتحبها عشان كدة خفت عليها و انقذتها
    اضطربت حدقتيه .. فأخفض رأسه ليمثل انه ينظر للكتاب الذي يمسكه بين يديه ، فإبتسم عز الدين عندما لاحظ ذلك و لكنه لم يستسلم و سأل
    - طب مدام انت بتحبها لية رجعتها لجلال؟

    - اهدى بقى مش عارفة اسمع كويس منك
    همست بها ريحانة بضيق و حدة للحارس الذي فشل في محاولته لإيقافها عن التصنت امام باب غرفة مكتب سيده الشيطان ، فقال لآخر مرة محذرا اياها
    - حضرتك لو ممشيتيش دلوقتي هدخل و اقول لسيدنا الشيطان عنك
    استدارت له بجسدها و نظرت له بضيق و غضب قبل ان تلتفت و تغادر لتتغير ملامح وجهها و تظهر راحتها و شعورها بالسعادة .

    لم يستطيع الشيطان ان يخبره الحقيقة كاملة بسبب ان خاله لم يكن يعلم بأن والده "عبد الخالق" كان حي و لذلك قال
    - عملت كدة عشان اثبت لنفسي ببعدها انها مش شخص مهم في حياتي و ان ملهاش مكان في قلبي و ان كل مشاعري اللي بحسها معاها اوهام ، هتسألني لية عايز اثبت لنفسي كدة هقولك... لأن كانت مشاعري بضايقني و فكرة اني هرجع لبيجاد قبل ما انهي انتقامي كنت رافضها
    السبب الذي اعطاه الشيطان لعز الدين كان صحيحا فهو كان قادر على انقاذ جده دون ان يعيدها لجلال و لكنه اراد ان يبعدها عنه ... لم يكن يريد ان يتغير و تغيره اكثر و هو مازال لم ينهي انتقامه .
    - طيب اهو انتقامك خلص .. هترضى تتقبل فكرة تغيرك و رجوعك لبيجاد؟
    - بحاول
    قالها الشيطان ، فإبتسم عز الدين برضا و نهض و هو يقول
    - خليها تساعدك ، اعترفلها بحبك و هي هتساعدك ، و على فكرة فرحت اوي ان الحب عرف طريقه لقلبك
    إبتسم الشيطان ، فقال عز الدين بسعادة
    - و اخيرا يا عبد الصمت شفت ابتسامتك
    تلاشت ابتسامه الشيطان عندما تذكر شيء ، فقال
    - صحيح.. في حاجة عايز اقولهالك ، حاجة مهمة
    نظر له عز الدين بتعمق و قال
    - خير؟
    - عايدة
    - مالها؟
    - جلال موتها
    - نعم!
    هتف بها عز الدين بصدمة و من ثم عاد و جلس في مقعده عندما اكمل الشيطان
    - طلعت هي اللي موتت بهجت .. ابوها ، فقتلها جلال لما عرف و رماها من على الجبل
    إتسعت مقلتي عز الدين و هتف
    - دة مجنون
    هز الشيطان رأسه موافقا .
    ..........................................................
    خرج الشيطان من غرفة مكتبه بعد مغادرة عز الدين بفترة وجيزة ، سار في الممر ليصل للسلالم و يصعدها ولكن اوقفته احدى الخادمات لتخبره ب
    - سيدنا ، المدام ريحانة مستنيه حضرتك عند الاسبطل
    - اية اللي وداها هناك؟
    هزت الخادمة كتفيها بعدم معرفتها .
    وصل الشيطان للأسطبل و لكنه لم يجدها و لم يجد جواده ففزع لفكرة انها اخذته ، فهي لن تستطيع السيطرة على جواده ابدا ، التفت سريعا ليركض و يبحث عنها و لكنها فاجأته تعتلي جواده الذي يقف على بعد امتار منه ، فتقدم سريعا ، فهتفت ليسمعها
    - كويس انك جيت و متأخرتش
    - ازاي طلعتي عليه؟
    قالها بحدة صادرة من قلقه ، فقالت بهدوء
    - طلعت لوحدي
    - كدابه
    قالها بيقين و اكمل
    - السايس هو اللي طلعك صح؟
    نظرت له لبرهه قبل ان تومأ برأسها و هي تبتسم ببراءة ، فرمقها بإنزعاج قبل ان ينقل نظراته حوله بحثا عن السائس فقالت ببرود
    - بدور عليه! ، عموما مش هتلاقيه هنا عشان انا قلتله يمشي
    التفت و نظر لها مطولا ، فقالت
    - بتبصلي لية؟
    تنفس بعمق و هو ينقل نظراته لجواده و يمد كفه لرأسه ليداعبه فيخرج الجواد صهيل يظهر مدى تآلفه مع سيده ، قالت بهدوء
    - مش عايز تعرف انا طلبتك هنا لية؟
    نظر لها نظرة عابرة ، فأكملت بحماس
    - عموما هقولك طلبتك لية ، اولا كنت عايزه اتكلم معاك شوية ، ثانيا كنت عايزاك تركب معايا الحصان ، ثالثا و اخرا كنت عايز...
    قاطعها ببرود تلقائي ندم عليه
    - اللي يشوفك ميقولش انك كنتي على وش الموت إمبارح ، لو حد غيرك كان زمانه نايم على السرير بيرتعش من الخوف
    تغيرت نظراتها للحزن و هي تقول بخفوت
    - عندك حق لو حد غيري كان هيعمل كدة "إبتسمت بإستخفاف و اكملت بطريقة مستفزة" بس انا لا ، انا واحدة جبله .. معلش
    نظر لها بطرف عينيه ، فضحكت و قالت
    - اكمل... ثالثا و اخرا عايزاك تعوضني عن عيدميلادي اللي انت خربته عليا
    ترك جواده و تقدم منها ليعتليه خلفها ، اخذ اللجام من يدها ليقوده ، فتتنهدت بعمق لترسم على شفتيها إبتسامة حاولت جعلها سعيده ، فهي تفعل كل هذا لكي تمحي ما حدث من ذاكرتها و لو مؤقتا ، اغمضت عينيها لتستمتع بالنسيم الذي يلحف وجهها بنعومه.
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره

    دخلت ريحانة الجناح بخطوات بطيئة و جلست على السرير بإهمال ، ظلت جامدة تنظر امامها بشرود ثابت بعكس ملامحها التي تظهر مدى حزنها ، عادت بظهرها للخلف لتريحه على السرير الناعم و اغمضت عينيها لتمنع دموعها من استحواز مكان فيهما ولكنها فشلت ، فسالت دموعها على و جنتيها بهدوء قاتل ، فهي تشعر بالوحدة .. لم تكن تشعر بهذا الشعور من قبل كثيرا و لكن الآن ذلك الشعور تملكها خاصا بعد ان اجرت حديث مع زهرة التي عادت من منزل عائلتها لتقص لريحانة عن سعادتها بأهلها ، لم تقصد زهرة ان تسبب هذا الحزن لريحانة .
    دخل الشيطان لجناحه فشعرت به و فتحت عينيها و اعتدلت لوضع الجلوس لتنظر له ، توقف للحظات عن التقدم عندما لاحظ انها تبكي ، في حين نهضت هي و ظلت تحدق به و دموعها لا تتوقف ، فتفدم.. فأسرعت لتلقي بنفسها بين احضانه ، ذهل في البداية و من ثم احاطها بذراعيه بحنان ليهمس لها بدفئ
    - مالك؟ .. بتعيطي لية ؟
    دفنت وجهها في صدره و هي تحاول إخفاء نفسها به ، فربت على ظهرها بحنان و همس مرة آخرى
    - هتقلقيني
    سار بها للأريكة و جلس عليها ليجلسها بجانبه و هي مازالت تدفن وجهها في صدره ، فقال بمزاح
    - شكلي حسدك
    لم تمنحه رد فعل.. ايا كان ، فتنهد بأسى و هو يملس على شعرها بكفه ليبث فيها الطمأنيه و الحنان .
    ،،،،،،،،،،،
    - بعد ما خلصت عدت ماما ..اتجوزت علطول ، انا كنت رافضة جوازها بس هي مهتمتش برفضي و كملت اجراءات جوازتها ، كنت زعلانه منها و من الوضع اللي حطتني فيه
    كانت ريحانة تسرد ذلك للشيطان بشرود و هي بين احضانه في ذلك الظلام .. لم يكن هناك شيء ينير لهم إلا ضوء القمر الساحر ، اكملت و هي ترفع نظراتها له
    - تعرف هي كانت بتحاول تخليني اتأقلم مع الوضع و مع جوزها .. كانت عايزاني اعتبره زي بابا ، بس .. كان صعب عليا اعمل كدة لأني كنت متعلقه ب بابا اوي
    طبقت جفونها و هي تتنفس بعمق لتكمل بصعوبة
    - و كان صعب عليا لسبب تاني ، و هو ان بسببه و بسببها جاتلي عقدة من صغري ، كنت بخاف من اي راجل و من اي صوت صريخ ، انا... انا شفتهم و هما.. شفتهم و سمعتهم في او..ل يوم ، جواز ليهم
    تهدج صوتها و تقطعت كلماتها الأخيرة و هي تذرف الدموع ، شدت قبضتها على قميصه بقوة و خوف و هي تكمل باكية
    - مكنتش عايزه اسمع ، كان في وقتها نفسي الأرض تنشق و تبلعني عشان مسمعش صوت صويتها .
    فتحت جفونها فظهر الخوف الذي يتلألأ في حدقتيها العسليتين بجانب دموعها و ارتجاف جسدها الذي جعله يضمها له اكثر ليشعرها بالأمان ، بينما اكملت
    - انا خبيت نفسي تحت البطانية عشان مشفش حاجة بس الصوت.. الصوت مكنش عايز يوقف .. ألصوت كان بيتردد في ودني كل يوم و كل لحظة ، كبرت و العقدة معايا .. و الذكرى دي ملحقاني .. في الآخر كرهت نفسي و كرهت حياتي .. حتى كرهتهم هما و فكرت انتحر مرة بس انقذوني
    إبتسمت بمرارة و اكملت بإستخفاف بنبرتها الباكية
    - انقذوني عشان انا اللي بشتغل و بجبلهم فلوس
    تنفست بألم و هي تهمس بحسرة
    - تعرف.. كان نفسي يبقى عندي عيلة كويسة زي عيلة زهرة
    تنفست مرة آخرى بألم قبل ان ترفع رأسها لتدفن وجهها في عنقه و هي تطبق جفونها بهدوء ، فنظر له من فوق بتأثر و من ثم صمت لبرهه ليقول بعدها
    - لسة العقدة عندك؟
    - معتقدش
    همست بها بوهن ، فتنهد و قال بهمس دافئ لمس قلبها
    - عموما... انا جمبك ، انا هبقى اهلك .. هبقى كل حاجة في حياتيك ، ابوكي و امك و حبيبك ... و جوزك
    حركت كفها على صدره حتى استقر فوق جانبه الأيسر لتشعر بنبضات قلبه ، شعر بحركة شفتيها التي رسمت إبتسامة صغيرة ، فإبتسم و اغمض عينيه .
    ..........................................................
    أشرقت شمس يوم جديد

    فتحت ريحانة عينيها بتثاقل ، نقلت نظراتها حولها عندما لاحظت انه ليس بجانبها .. فأعتدلت إلى وضع الجلوس و هي تحك في شعرها بتكاسل و ببطئ تسللت لشفتيها إبتسامة خجولة .. سعيدة عندما تذكرت كلماته الدافئة الذي قالها لها ، نهضت من على السرير بهدوء لتتجة للحمام و تدخله .
    ..........................................................
    في قصر عز الدين

    دخل عز الدين لجناح ايمن الذي كان مستلقي على السرير.. ينظر للفراغ بشرود
    - انت صاحي! ، غريبة
    استيقظ ايمن من شروده على صوت والده "عز الدين" و اعتدل سريعا لوضع الجلوس ، فجلس الأخير على الأريكة و اكمل
    - مالك؟ ، كنت سرحان في اية ؟
    تنهد ايمن و قال بحزن
    - مش مصدق ان عايدة ماتت.. و بالطريقة البشعة دي
    هز عز الدين رأسه بأسف و قال
    - مكتوبلها تموت كدة ، مش بايدينا
    اخفض ايمن رأسه بحزن و من ثم ساد الصمت لدقائق ، فقطعه عز الدين بقوله
    - ايمن ، عايزك في مهمة
    رفع ايمن نظراته لعز الدين و قال بهدوء
    - انا! ، مهمة اية؟
    - عايزك تكشف الحقيقة
    - الحقيقة!
    قالها ايمن و هو يقضب جبينه بحيرة ، فنظر عز الدين امامه و قال بخبث
    - حقيقة الشيطان
    ..........................................................
    دخلت ريحانة لغرفة مكتب الشيطان بعد ان علمت انه هناك ، قضبت حاجبيها بحيرة عندما لم تجده ، التفتت و سارت في إتجاة الباب لتغادر ولكنها توقفت فجأة و التفتت برأسها لتنظر للحائط في الجانب الأيمن ، التفتت بجسدها و تقدمت بخطوات هادئة لهناك .. ابعدت السيتارة ليظهر الباب ، مدت يدها لتضعها على المقبض و تبرمه ببطء ، تقدمت للداخل و اغلقت الباب خلفها ، لم يشعر بدخولها فقد كان غارق في ذكرياته و هو يحدق في صورة والدته ، كان يتحدث معها و يخبرها عن ما حدث بالكامل و انه قد انهى انتقامه .. اخيرا .
    - مامتك صح!
    قالتها ريحانة بخفوت و هي تجلس بجانبه على الأرض ، فرفع نظراته لها بهدوء و من ثم اعادها للصورة و هو يومأ برأسه ، فإبتسمت و هي تنظر لصورة والدته و قالت
    - تعرف انك حلو زي مامتك
    إبتسم و قال
    - عارف
    ساد الصمت لبرهه لتقطعة هي بقولها
    - كنت بتكلمها؟
    اومأ برأسه ، فقالت
    - عن اية؟
    لم تلقى منه إجابة لثواني ، فنظرت له .. فقال بخفوت
    - عن انتقامي ، كنت بقولها انها ترتاح لأني مضيعتش حقها ، خدت من كل واحد ساهم في موتها روحه
    لمعت عين ريحانة بالدموع و همست
    - و انت مرتاح؟
    إبتسم بإستخفاف و قال بلامبالاة
    - مش مهم ابقى مرتاح ولا لا
    مدت كفيها لتمسك بوجنتيه و تجعله ينظر لها ، و قالت بحنان
    - لا مهم ، قول.. مرتاح ولا لا
    تنفس بعمق و هو يشيح بوجهه ، فتنهدت و وضعت يديها بجانبها لتنظر امامها بهدوء .
    - كلمتها عني؟
    قالتها بعد صمت طويل ، فهز رأسه بلا ، فرمقته بحزن مصتنع و هي تقول برقة
    - اخس عليك ، ازاي متعرفهاش على.. مراتك
    قالت الأخيرة بخجل ، فنظر لها بطرف عينيه ، فمدت يدها و اخذت الصورة من بين يديه و حدثتها بحماس
    - ازيك يا طنط ، انا ريحانة.. مرات ابنك ، ارجوكي وصيه عليا اصله بيعاملني وحش خالص
    قالت الأخيرة بحزن ممزوج بالدلع و هي تنظر له بطرف عينيها ، فلمحت إبتسامته التي تعشقها ، اخذ منها الصورة و وضعها على الكومود لينهض و ينهضها معه و يتجة بها للخارج و لكنها توقفت قبل ان تخرج من الباب فأضطر ان يقف ليلتفت لها ، فقالت
    - عايزة اسألك سؤال
    ترك يدها ، فأكملت
    - هي الأوضة دي عاملها لية ؟
    - عايزة تعرفي لية ؟
    - فضول
    صمت لثواني قبل ان يمد ذراعيه ليمسك بكتفيها و يديرها لتنظر للغرفة ، و همس بالقرب من اذنها
    - بصي و هتفهمي
    نقلت نظراتها حولها ، كانت الغرفة ممتلئة بالصور المعلقة على الحائط .. خمنت ان معظم صور الطفل .. صوره هو ، فتمتم
    - انت.. كنت بتيجي هنا و بتفتكر ايام طفولتك ؟
    - معنديش ايام طفولة عشان افتكرها اساسا
    قالها بنبرة ألم ، تقدمت و مدت اناملها لتلمس احدى الصور و تشير للشخصين الذين معه و هي تسأله
    - دي مامتك و دة باباك.. صح؟
    غمغم مؤيدا لتخمينها ، فألتفتت له و إبتسمت و قالت
    - و انت بتيجي هنا عشان تفتكرهم
    اومأ برأسه ، فألتفتت برأسها و نظرت للصورة التي تجمعه بوالديه و قالت
    - وحشوك؟
    لم تلقى منه إيجابة ، فإبتسمت بأسف قبل ان تلتفت و تنظر له فرأت الحزن الذي يكسوه ، فتنهدت بعمق و قالت بحزن
    - اكيد وحشوك زي ما بابا وحشني
    بلعت ريقها بصعوبة ، رسمت على شفتيها إبتسامة قبل ان تستنشق الكثير من الهواء لتقول بحيوية و هي تتقدم منه بخطوات رشيقة
    - عموما بم ان انا و انت اهلنا مش موجودين ، فإحنا هنبقى لبعض كل حاجة ، بمعنى
    توقفت امامه و هي تكمل برقة
    - انا هبقى مامتك.. باباك.. حبيبتك.. مراتك ، زي ما انت هتبقى ليا كل حاجة .
    كان ينظر لها بطريقة اشعرتها بالخجل فتوردت وجنتيها و هي تخفض رأسها ، فمد يده ليمسك بذقنها و يرفعه بخفة لتنظر له ، فنظرت له بإضطراب ، فناداها بإسمها بخفوت ساحر
    - ريحانة..
    - اية
    اخرجت حروفها بصوت يكاد يسمع و من ثم قطعت انفاسها عندما بدأ يخرج حروفه ، فقد شعرت بأنه سيعترف لها بحبه و لذلك شعرت بالتوتر و الإضطراب
    - انا عايز .. عايز اقولك ، استنيني .. اصبري عليا
    قضبت جبينها بإستغراب و عدم فهم ، بينما بلع ريقه ليكمل بتلعثم و هو يجول بنظراته حوله ليتحاشى النظر إليها
    - يعني ، انا بطيء في.. في مواضيع الح...
    توقف عن إكمال جملته ليقول بسرعة
    - بصي ، انسي
    انهى جملته و غادر سريعا ليتركها واقفه في مكانها مذهولة .. قاضبة حاجبيها بدهشة و ملامحها تظهر خيبة املها .
    ..........................................................
    - ها عملت اية يا ايمن؟
    قالها عز الدين لأيمن عبر الهاتف ، فأجاب الأخير بضيق
    - هو انا بدأت يا بابا عشان تسألني عملت اية
    - ماشي ، حاول تخلص المهمة قبل بليل
    - عنيا ، حاجة تاني؟
    - لا
    - سلام
    ..........................................................
    اسدل الليل ستائره
    في مكتب الشيطان

    - انت ازاي تعمل كدة يا ايمن
    هتف بها الشيطان بغضب و هو ينظر لأيمن الذي كان يجلس مقابلا له ، قال ايمن بهدوء
    - و فيه اية اللي عملته يا شيطان؟ ، انا بس عرفت الناس الحقيقة ، عرفتهم انك واحد كويس و انك مكنتش بتأذي غير الناس اللي اذتك في موت امك ، و ان الناس البريئة اللي كنت بتسجنها كانت اكيد عملت حاجة غلط عشان كدة كنت بتعاقبها ، و ان اللقب اللي طلعوه عليك مكنش المفروض يكون ليك ..كان المفروض يكون لجلال ، اصله هو الشيطان الحقيقي اللي كان في القرية ، هو اللي كان بيستعمل السلاح في إتجاة غلط مش انت ، و حاجات كتيره
    - وانت تعمل كدة لية ها؟ ، مين سمحلك تكشف كل دة للناس!
    هتف بها الشيطان بغضب جامح ، فأجابه ايمن بهدوءه
    - اللي سمحلي .. بابا ، و هو اللي طلب مني اعمل كدة عشان كان عايزك تبدأ حياة جديدة بعد ما خلصت انتقامك ، دي وجه نظره
    جلس الشيطان و هو يتنفس بخشونة ، ضغط على قبضته بغضب ليقول بغضب مكبوت
    - طب مش كان المفروض يرجعلي في الموضوع دة ؟!
    - كلمه و عاتبه
    قالها ايمن بلامبالاة ، و من ثم نهض و صمت لبرهه ليقول رأيه بهدوء قبل ان يغادر
    - اقولك بصراحة، كدة احسن .. خلي الناس تعرفك ، خليهم يتقربوا منك و تتقرب منهم ، انت لازم تغير وجة نظرهم فيك لأنك هتحتاجهم في يوم من الأيام
    ..........................................................
    دخل الشيطان جناحه بخطوات هادئة ، جلس على الأريكة و هو ينظر امامه بشرود .. يفكر بما فعله ايمن و بما قاله ، و بعد تفكيره الطويل شعر بأن ايمن محق برأيه و ما فعله لم يكن بستحق كل ذلك الغضب .. فقد يكون ما فعله ايمن صحيحا و مفيدا له .. بل بالتأكيد .
    مال بجسده ليخلع حذائه و من ثم نهض و إتجة للخزانة و هو يخلع سترته ، فتح الخزانة ليخرج سترة اخرى و يرتديها ، التفت برأسه ليلقي نظرة على السرير لعلها تكون مستيقظه .. فبعد آخر حديث دار بينهم اصبحت تتجاهله فلم تتناول طعام الغداء معه و عندما سأل عنها اخبروه بأنها نائمة .. هو متأكد انها لم تكن كذلك ، انتهى من ارتداء سترته و هو يغلق الخزانة بإهمال ليتقدم من السرير و يجلس عليه و هو ينظر لجسدها الذي لا يظهر منه شيء بسبب الغطاء الذي تضعه عليها ، مد يده ليبعد الغطاء من على وجهها فيظهر ، إبتسم عندما لاحظ حركة رموشها و اضطراب جفونها .. فهي تمثل النوم الآن ، استلقى بجابنها و وضع احدى يديه اسفل رأسه و الآخرى مدها لتحضتن وجنتها بحنان ، اخذ ينظر لوجهها الملائكي لفترة وجيزة .
    - هتفضل تبصلي كتير!
    قالتها ريحانة و هي مغمضة العينين ، فإرتسمت على شفتيه إبتسامة صغيرة في حين فتحت ريحانة عينيها و نظرت له و قالت بثبات اتقنته
    - لو هتفضل مش هعرف انام
    - يعني؟
    - يعني قوم
    رفع حاجبيه بإستنكار ، فأكملت و هي تستدير بجسدها ليصبح ظهرها له
    - و اقفل النور وراك
    تقدم منها و حاوطها بذراعيه من الخلف و همس بخبث بالقرب من اذنها
    - مش هقوم ، بس ممكن اقفلك النور
    نظرت له بطرف عينيها ببرود مصتنع و هي تحاول منع رسم إبتسامة على شفتيها ، ارتعش قلبها فجأة عندما طبع قبلة حانية اسفل اذنها ، انتفضت من مكانها واقفه عندما طبع قبلة آخرى على رقبتها و هتفت بحدة
    - انسى
    قضب جبينه بعدم فهم ، بينما اكملت بنرة ساخرة
    - استنى عليا .. اصبر
    ادرك انها تقلده ، فقال بهدوء
    - حاسس انك بتقلديني .. صح!
    لم تعطه اي إجابه فقط حاشت بنظراها عنه ، فنهض و التف حول السرير ليقف خلفها و يقول بخفوت
    - بتقلديني صح!
    التفتت له بحدة و هتفت
    - اه بقلدك
    إبتسم إبتسامة جانبية و قال بهدوء
    - لية؟
    - مزاجي
    قالتها بطريقة مستفزة لتغيظه ، فغمغم و قال ببرود
    - ماشي
    تخطاها ليريح جسده على السرير ، بينما ظلت ريحانة واقفة تشتعل غيظا حتى شعرت انها ستنفجر ، فألتفتت له و هتفت بغضب
    - تعرف انك واحد بارد ، رخم ، مش عارفة ازاي حبيتك ، انا غلطانة ..انا و احدة غيبة و مجنونة لأني حبيتك
    - صح
    قالها بجمود و هو يغمض عينيه ، فشعرت بأنها ستبكي من شدة غيظها و لكنها لن تسمح بذلك ، لمحت كوب الماء الموضوع على الكومود المجاور للسرير.. فتقدمت و التقطته لتسكبه عليه دون تردد ، فأنتفض بفزع و نظر لهيئته و من ثم نظر لها بحدة و قال
    - اية اللي عملتيه دة
    هزت كتفيها بلامبالاة و هي تبتسم بإنتصار ، فتقدم منها و امسكها من ذراعيها و اتى ان يقول شيء و لكنه تراجع ، فقالت هي لتشعله غضبا
    - تستاهل يا بار...آآآه
    صرخت بألم عندما قبض على ذراعها بقوة و هو يقول بتحذير
    - لمي لسانك
    - سيب دراعي
    قالتها و هي تحاول ان تتملص من قبضته ، فقال و هو يجز على اسنانه بغضب
    - مش معنى اني ساكتلك يبقى ...
    لمعت عينيها بشراسة و هي تقاطعه بتحدي
    - يبقى اية ها .. و هتعمل اية ليا مثلا!
    قلل من قوة قبضته و هو يقول
    - هعمل حاجة مش هتعجبك
    - اية عرفك انها مش هتعجبني؟ ، انا كل حاجة منك و فيك بتعجبني
    قالتها بتلقائية ، فرفع حاجبيه بذهول ، فأستدركت ما قالته فشعرت بالإحراج ، فأسرعت و قالت بتلعثم
    - قصدي مش هتقدر تعملي حاجة
    لمعت عينيه بخبث و هو يومأ برأسه و يتمتم
    - كل حاجة بتعجبك
    - لاا
    هتفت بها بسرعة و اكملت لتبرر موقفها السخيف
    - اتلخبطت ب..
    لم يسمح لها بأن تكمل جملتها فقد قطع السنتيمترات التي بينهم بسرعة ليعانق شفتيها بقبلة محمومة حملت كل شوقه و حبه الذي يخفيه عنها ، لا يستطيع ان يبوح بحبه لها و لكنه يستطيع ان يعبر فقط ، بادلته قبلته بشوق و إستسلام .
    ،،،،،،،،،،،
    مستلقيه على السرير بجانبه .. تضع رأسها على صدره العاري و هي تحاوطه بذراعيها بينما كان هو يحاوطها من خصرها .
    - اية سبب الجرح اللي في طهرك يا بيجاد ؟ ، قبل كدة سألت جدو الله يرحمه قالي انك انت اللي عورت نفسك الكلام دة صح!
    قالتها ريحانة بهدوء ، فنظر لها من فوق بهدوء قبل ان يومأ برأسه ، فهتفت بإندفاع
    - انت مجنون صح!
    وضعت يدها على فمها بسرعه و تمتم بأسف
    - اسفة
    نظر لها نظرة عابرة قبل ينقل نظراته للسقف و يقول بشرود
    - فعلا كنت مجنون لدرجة اني كنت عايز اتحدى نفسي ، كنت عايز اجرح نفسي جرح كبير .. جرح بيوجع .. بيموت عشان لما اتجرح اي جرح بسيط ميوجعنيش ، و فعلا كان اكبر وجع بعد وجع حادث امي كان الجرح اللي عملته في طهري و بعدها كان اي جرح بيحصلي بيبقى بسيط .. تافهه مبيوجعنيش
    رفعت رأسها و نظرت له بتأثر ، ظلت تنظر له لمدة دقيقة كاملة ، فنظر لها و قال بلطف
    - بتبصيلي لية؟
    إبتسمت و همست له
    - بحبك اوي
    قبل جبينها و من ثم اغمض عينيه ، فدفنت بدورها وجهها في عنقه لتنام و هي تستنشق رائحته .
    ..........................................................
    بعد مرور شهر

    - مش قادرة يا زهرة ، اطلبيلي الحكيم ، حاسة ان روحي بتطلع
    قالتها ريحانة بتعب من بين انفاسها المتقطعة و هي تمسك بمنشفة بين يديها ، فقالت زهرة بقلق
    - حاضر ، بس خليني اساعدك و ادخلك جوه
    كانت ريحانة جالسه على ارضية الحمام امام البيدية ، هزت ريحانة رأسها بالرفض و قالت برجاء
    - زهرة ، اعملي اللي قلتلك عليه
    اومأت زهرة برأسها و التفتت سريعا لتنفذ ما طلبته منها ريحانة ، بينما حاولت ريحانة ان تنهض و لكنها عادت و تقيأت .
    ،،،،،،،،،،،
    بعد مرور ساعة

    صعد بيجاد السلالم بسرعة و قلق ، ركض في الممر ليصل لجناحه و يدخله ، توقف عندما وقعت نظراته على ريحانة التي كانت تبكي .
    - ريحانة!
    همس بها بقلق و هو يسرع لها و يجلس امامها على السرير ، احتضن وجهها بكفيه بلهفة و قلق و هو يقول بنبرة تظهر قلقه
    - مالك يا ريحانة؟ ، في اية؟ ، لية بتعيطي؟
    نظرت له و ازدادت في نحيبها ، فضمها له و حاول تهدأتها و هو يهمس لها
    - اهدي ، اهدي يا ريحانة
    ابتعدت عنه و فتحت شفتيها لتخرج حروفها بصوتها الباكي
    - انا.... انا
    نظر لها بلهفة ممزوجة بالاضطراب و هو يتمتم
    - ها .. أنتي اية؟
    - انا حامل يا بيجاد
    قالتها و هي تبكي بحرقة ، فإتسعت مقلتيه بصدمة ليستدرك بعدها و يبتسم بسعادة و لكن إبتسامته تلاشت سريعا و هو ينظر لها ، لماذا تبكي؟ ، بلع ريقة و قال بحزن
    - انتي زعلانه لأنك حامل .. مني!
    مسحت دموعها ولكنها لم تتوقف عن البكاء ، هزت رأسها بلا و هي تتمتم بصوتها الباكي السعيد
    - انا فرحانة ، فرحانة اوي
    إبتسم بسعادة حقيقية و ضمها له و هو يهتف بسعادة
    - بحبك يا ريحانة.. بحبك
    امتزجت ضحكاتها بدموعها التي عادت تسيل مرة آخرى بغزارة و هي تزيد من ضمه لها ، فقد اعترف اخيرا . 

    إرسال تعليق

    أحدث أقدم

    نموذج الاتصال