لم يتم العثور على أي نتائج

    وسقطت بين يدي شيطان (الجزء الثاني) \قصص مصرية

    الفصل العاشر 

    - كل حاجة جاهزة؟!
    قالها جلال بهدوء ، فرد الطرف الآخر
    - متقلقش .. حملنا البضاعة في الشاحنة
    - كويس .. ابدء و اتحرك .. و اقف على الحدود من بعيد و استنى مني إشاره
    - حاضر
    - و هبعتلك ايمن و رجالته يأمنولك الطريق من بعد الحدود
    - خلاص .. اتفقنا
    بعد ان انهى جلال المكالمة ، اعاد رأسه للخلف حتى استقرت على ذراعيه و هو يتنهد براحة و يحدث نفسه بصوت مسموع
    - زمان دلوقتي الشيطان شرب السم و هيخرج ... و بعدها بساعتين يبقى السم انتشر في جسمه ، و يموت قبل ما يوصل للقرية التانية
    ومن ثم قهقه بصوت عالي وهو يقول
    - دة انا عبقري .. عبقري
    ..........................................................
    - متشربش
    قالتها و هي تجذب الفنجان من بين اصابعه ، نظر لها بحدة ، فقالت بهدوء اصطنعته
    - مش بعرف اعمل قهوة فأكيد هتبقى وحشة و مش هتعجبك .. انا هشربها و هخلي الخدامة تعملك فنجان غيره
    و من ثم التفتت دون انتظار رد فعل منه و خطت خطواتها السريعه للباب فأوقفها بصوته الأجش
    - رايحه فين؟
    بلعت ريقها بصعوبة قبل ان تلتفت له و تقول
    - هروح اقولهم يعملولك قهوة غير دي
    - مش قلتي هتشربي دي!
    قالها وهو ينظر لها بتعمق ، فنظرت له لبرهه ببلاهه و من ثم بلعت ريقها و إبتسمت بإرتباك و هي تقول
    - ايوة قلت ، هشربها فوق في الجناح
    - اشربيها هنا ... قدامي
    شعرت بالإضطراب و الحيرة ، ماذا ستفعل الآن؟! ، ارادت القاء الفنجان على الأرض و كأنه سقط منها من غير عمد ولكنها وجدت قدميها تتقدم منه و تجلس على الكرسي المقابل له ، و بدأت في شرب القهوة المسممه ... دون خوف ! ، نعم .. لقد شعرت لبرهه انها تريد ان تنهي كل شيء ... تنهي حياتها ... تنهي هذة اللعبه ، و لكنها ليست متأكده من شعورها تماما .. اهي تريد الموت حقا!
    وضعت الفنجان على الطاولة بعد ان شربته كله ، و من ثم رفعت نظراتها له و اتت ان تقول شيء و لكنها لم تقل ، في حين كان ينظر للأوراق الذي يمسكها بين كفيه بإهتمام و قبل ان ينهض وضعهم في ملف و وضعهم في احد ادراج مكتبه التي تحمل مفتاح ، وضعه فيه و اغلقه .
    إتجه للباب وهو متجاهلها تمام ، و وضع كفه على مسكه الباب و برمها و قبل ان يخطوا للخارج التفت و نظر لها ببرود و هو يقول محذرا
    - متستذكيش و تحاولي تهربي في غيابي ، عشان مش هتعرفي و هتفشلي .... و هتتعاقبي
    التفت و نظرت له و بعد ان انهى جملته إبتسمت بمرارة و قالت بسخرية
    - عقاب اية اكتر من كدة!
    إبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول بتهكم
    - بتسمي اللي انتي فية عقاب!
    اشاحت بنظراتها عنه بينما غادر هو و مازالت الإبتسامة الجانبية الساخرة على وجهه .
    ..........................................................
    - سيدنا جلال بيأمرك انك توقفي الدوة اللي بتحطيه في اكل السيدة ريحانة
    قال هذة الجملة والد زهرة عبر الهاتف ، فصمتت زهرة لثواني قبل ان تقول لوالدها
    - انا مش بحطلها الدوة اصلا
    - نعم!
    قالها والدها بغضب ، ومن ثم صرخ بها
    - عارفة لو سيدنا جلال عرف هيعمل فيكي اية!
    - و مين هيعرفه اني مش بحطه ليها! ، انت مش هتقوله اكيد فهيعرف منين!؟
    - غبية
    قالها بغيظ ، فردت بغيظ مكتوم
    - ايوة غبية لأني سمحت اني ادخل في اللعبة دي مع اني عارفة عواقبها في الأخر
    صمت والدها فأكملت
    - انت اللي ورطني يا بابا و ورطت نفسك من البداية ، بس عشان طمعت في شوية فلوس منه بعتله البنت و بعدها حاجة جرت حاجة
    - ضميري بيأنبني لوحده ، انتي كمان هتبقي عليا يا بنتي
    قالها والدها بإنكسار بينما اكمل بندم
    - كنت محتاج الفلوس عشان جواز اختك ، عارف ان دة مش عذر للي عملته ، بس....
    قاطعته زهرة
    - انا عايزه اقول للأنسة ريحانة على كل حاجة
    - اياكي
    قالها والدها بفزع ، و اكمل برجاء
    - هضيعي نفسك يا زهرة وهضيعيني و هضيعي عيلتنا كلها ، اياكي يا زهرة .. اياكي
    تنهدت زهرة بآسى قبل ان تقول
    - ماشي ... انا هقفل دلوقتي عشان ورايا شغل
    - ماشي يا بنتي ، سلام
    بعد ان انهت المكالمة ، إتجهت للمطبخ لتكمل عملها
    ..........................................................
    تطرق الباب و تدخل فتجده جالس على كرسيه المتحرك و ينظر للهاوية و كان شارد ، فقالت بطريقتها المستفزة
    - عامل اية .. يا جدو
    كانت عايدة صاحبه هذا القول ، فرفع نظراته لها و من ثم عاد كما كان ، و لم يرد
    - انت لسه زعلان مني
    قالتها وهي تتجه و تجلس على الأريكه المقابله له و تضع قدم على آخرى ، فتجاهلها مرة آخرى ولم يرد ، فتنهدت بعمق و هي تقول
    - عارفه انك زعلان لأني مش بجيلك و...
    - ياريت متجيليش خالص .. مش عايز اشوف خلقتك ، و متقوليش جدو لأنك مش حفيدي
    قاطعها بغضب ارعش يده ، فقهقهت بطريقة مستفزة و قالت بسخرية
    - براحه على نفسك يا جدو يا حبيبي ، لتتشل اكتر ما انت مشلول
    رمقها بغضب و قال بغيظ
    - عايزه اية يا عايدة ؟!
    - انت عارف
    قالتها بخبث ، فقال بهدوء
    - العقد اللي انتي عايزاه ، دة بيخص الشيطان حاليا ، لو عايزه تاخديه روحي خديه منه .. لو رضي يدهولك
    - ما هو مش راضي ، عشان كدة جايالك
    - و تتوقعي اني هقنعه عشان يدهولك! ، انا لسه بعقلي
    نظرت له بشر و قالت
    - ما عقلك هيطير قريب لو فضلت ترفض طلباتي
    صمت لدقائق قبل ان يقول
    - عايزه العقد ليه يا عايدة ؟
    نظرت امامها و قالت
    - يهمك في اية؟
    - ردي على السؤال
    - طماعه و عايزاه
    قالتها بإبتسامة مستفزة ، فإبتسم بتهكم و قال
    - طماعه زي ابوكي
    - الفخر ليا اني اطلع زي ابويا
    نظر امامه و لم يرد ، حيث نهضت هي و قالت بطريقتها المستفزة وهي تتجه للخارج
    - كفايا عليك كده النهارضة ، انا ماشيه
    - ياريت متجيش تاني
    قالها بهدوء ، فنظرت له بطرف عينيها و قالت
    - مش هتخلص مني إلا لما تديني اللي عايزاه
    و غادرت ، استنشق الهواء بعمق لعله يهدءه قليلا .. فهي قد سببت له الضيق ، اللعنه عليها .
    ..........................................................
    في سيارة الشيطان ،،،
    ضغط على زر الإجابة و من ثم وضع سماعة الهاتف على اذنه و قال بعد ان سمع ما قاله الطرف الآخر
    - نص ساعة و هكون عند الحدود
    - .....................
    - وزع الرجالة على الحدود للأمان
    - ....................
    إبتسم الشيطان بشراسه و هو يقول بثقة
    - كل دة كان متوقع ، خلاص ... نفذ
    و من ثم انهى المكالمة و وضع الهاتف على المسندة و نظر من خلف زجاج النافذة و مازالت الإبتسامة الشرسة الخبيثة على وجهه
    ..........................................................
    ظلت ريحانة جالسه في مكتبه دون حراك لمدة قاربت النصف ساعة ، فهي كانت تتذكر كل شيء .. تتذكر كل حدث مرت به من صغرها حتى الوقت الراهن ، و لم تشعر بمرور الوقت .
    - الفطور جاهز يا انسة ريحانة
    التفتت و نظرت ل زهرة التي تقف بجانبها ، لم تشعر بها ايضا ، نهضت ريحانة و قالت
    - مش عايزه اكل
    و إتجهت للباب لتخرج ، و خلفها زهرة التي قالت
    - طيب اطلعلك الفطور للجناح!
    - لا
    - مالك !؟
    قالتها زهرة بعد ان لاحظت شحوب لونها ، فألتفتت لها ريحانة و قالت
    - مفيش .. بس اطلعيلي بعد شوية و اطمني عليا
    و من ثم تركتها و إتجهت للسلالم تصعدها ، في حين شعرت زهرة بالحيرة .
    في حين كانت ريحانة تصعد .. كانت عايدة تنزل ، فتقابلوا .. فأتت ان تتخطاها ريحانة و لكن عايدة لم تسمح و عاقت طريقها ، فنظرت لها ريحانة بهدوء بينما قالت عايدة بطريقتها المستفزة
    - اهلا اهلا ب ... الخاينه
    - عايزة اية؟
    قالتها ريحانة ببرود ،فردت عايدة بتهكم
    - عايزه سلامتك يا قمر .. صحيح ، عرفت انك زعلانة من جلال .. دة صحيح
    قالت الأخيرة بخبث ، فقالت ريحانة بتساؤل
    - عرفتي منين؟
    - مش قلتلك اني بعرف كل صغيرة و كبيرة
    - هو الشيطان خلاص .. سافر!
    قالتها عايدة ، فردت رياحنة بملل
    - ايوة
    - يا خسارة .. ملحقتش اودعه
    قالتها عايدة بدلع ممزوج بالحزن المصتنع ، فتنهدت ريحانة و قالت بنفاذ صبر
    - وسعي الطريق ، عايزه اطلع
    - امم .. لا
    قالتها وهي ترفع حاجبيها بطريقة مستفزة اغاظت ريحانة ، فدفعتها ريحانة من امامها بغيظ فكادت ان تقع عايدة و لكنها لم تهتم و صعدت و إتجهت للجناح ، في حين ان عايدة تستشاط غضبا و غيظا .
    ..........................................................
    جالس على كرسي مكتبه ، يضع قدم على آخرى و يحرك اصبعة بطريقة روتينية على الطاولة و هو ينتظر اتصال احدهم ، و فجأة تعالى صوت رنين الهاتف ، فأوقف حركه اصبعه الروتينية و التقط الهاتف
    - الشاحنة قربت توصل للحدود ، رجالتك وصلت؟
    هذا ما قاله المتصل لجلال
    - لسه
    - ومستني اية؟
    - مستني الشيطان يمر من الحدود
    - ماشي .. عموما بعد ربع ساعة هنوصل و السيد بتاعنا مش عايز تأخير
    - قله يطمن ، كل حاجة ماشية حسب الأتفاق
    - هنشوف ، سلام
    - سلام
    و انهى المكالمة و من ثم اتصل ب ايمن
    ..........................................................
    - اوقف
    قالها الشيطان قبل ان يعبر من الحدود ، اوقف السائق السيارة و نزل من السيارة و التف حولها ليفتح لسيده الباب ، فترجل الشيطان من السيارة وهو يرتدي نظارته الشمسية الفاخرة ، و فور نزوله تجمع رجاله من حوله على اثر اشارته ، فقال بجمود
    - الشاحنة اللي هتيجي دلوقتي .. مش هتعدي ، و البضاعة اللي فيها ، هتتاخد ، فاهمين !
    - فاهمين
    قالها رجاله بصوت موحد ، فأكمل
    - و لو حصل و استخدموا السلاح ضدكم اقتلوهم كلهم ماعدا .. رئيسهم
    اومأوا برؤسهم قبل ان يعود كل رجل من رجاله لمقره ، وظل رئيسهم واقف .. فنظر له الشيطان نظرة يفهمها جيدا ، فأومأ برأسه و غادر ، فألتفت و صعد السيارة مرة آخرى و هو ينظر للسائق
    - اتحرك
    و من ثم التقط هاتفه و اتصل ب... عز الدين
    - ها عملت اية
    قالها عز الدين بعد ان رد على اتصال الشيطان ، فرد الشيطان
    - رجالي متوزعين على الحدود و لو المعلومات اللي جبتهالي صح و الشاحنة اللي جاية فيها سلاح ، يبقى إحنا استفدنا كتير
    - إن شاء الله تكون المعلومات صح ، عايز اقولك حاجة
    - قول
    صمت عز الدين وهو متردد في قول شيء ، فعلمه الشيطان و قال
    - مش هأذي ايمن .. بس هأدبه شوية
    - متقتلهوش
    - انت سمعتني قلت اية ، قلت هأدبه و بس
    - و دة اللي انا عايزه .. عايزه يرجع زي ما كان و يكون بعيد عن جلال و شره
    - انا عديت الحدود ، سلام
    و انهى المكالمة و من ثم امسك بسيجارته الفاخرة و اشعلها و وضعها بين شفتيه وهو يفتح زجاج النافذة قليلا .
    ..........................................................
    لم تعد تشعر بنصف جسدها ، تشعر انه توقف عن الحركه و معتدها تألمها إلى حد الموت ، و قطرات العرق تملأ جسدها ، و صوت تأوهاتها الممتلأه بالألم يكاد لا يسمع فهي ضعيفه .. جدا .
    صعدت زهرة السلالم و هي تحمل صينية بها بعض الفاكهة و تتجه إلى الجناح الخاص بالشيطان ، توقفت امامه وطرقت الباب عدة مرات ولكن لا تجيب ، فسألت الحارس
    - انسة ريحانة جوه؟
    - ايوة
    - امال لية مش بترد؟
    هز كتفه بعدم المعرفة ، فشعرت زهرة بالقلق و طرقت للمرة الأخيرة و هي تنوي بعدها ان تفتح الباب ، و فتحته .
    دخلت و اغلقت الباب و هي تنظر لريحانة المستلقيه على السرير و تلويها ظهرها ، تقدمت منها وهي تقول بقلق
    - انسة ريحانة .. انتي كويسه ؟!
    لا ترد ، فوضعت الصينية على الطاولة و اقتربت من ريحانة اكثر و وقفت خلفها و مالت قليلا و هي تمرر يدها على ذراع ريحانة و تحركها في حين كانت تقول
    - انسة ريحانة! ، انسة ر....
    شهقت بفزع فور رؤيتها لحاله ريحانة
    - انسة ريحانة
    قالتها زهرة بخوف ، ففتحت ريحانة عينيها بصعوبة و قطرات العرق تسيل على وجهها ، فتحت فمها و اخرجت حروفها بصعوبة شديدة
    - زهرة
    جلست زهرة على حافة السرير بجانب ريحانة و قالت بخوف عليها
    - انتي شكلك كدة لية؟ ، اية اللي حصل
    وضعت ريحانة كفها على كف زهرة و إبتسمت بضعف و قالت بصوت يكاد يسمع
    - متخفيش عليا ، انا كويسة
    - اية اللي حصل؟
    - جلال طلب مني احط السم للشيطان و انا بدل ما اسمم الشيطان و اشربه السم ، شربته انا
    نظرت لها زهرة غير مصدقة و قالت بعدم تصديق
    - و انتي مستغنيه عن حياتك عشان تشربيه! ، لية متخلصتيش من السم ، لية عملتي ك....
    قاطعتها ريحانة بضعف و صوت متقطع
    - خلاص يا زهرة .. اللي حصل حصل
    قالتها وهي تغمض عينيها بإستسلام ، فهتفت زهرة بخفوت مملوء بالخوف و عينيها تمتلأ بالدموع
    - انسة ريحانة !
    و من ثم نهضت من جانبها بفزع و إتجهت للباب و فتحته و هتفت صارخه
    - جيبوا الحكيم بسرعة ... بسرعة
    ..........................................................
    توقفت الشاحنة على الحدود و بدأوا الرجال في إنزال البضائع و ايمن و رجاله يقفون و هم يؤمنون المكان و البضائع و كانوا مسلحين .
    - وقف اللي بتعمله
    قالها رئيس رجال الشيطان " ممدوح " ، فتوقف جميع الرجال الذين ينزلون البضائع و نظروا له بإستغراب في حين تقدم سائق الشاحنة و قال
    - لية نوقف؟
    - سيدنا الشيطان مدي اوامر ان الشاحنة دي مش هتعدي و البضاعه هتتاخد
    نظر سائق الشاحنة لأيمن في حين كان ايمن يتقدم منهم ، و من ثم قال
    - في اية؟
    نظر له ممدوح و كرر قوله ، فإبتسم ايمن و قال بمرح
    - فكك من اوامر الشيطان دلوقتي ، اية رأيك تيجي تشرب كباية شاي تستاهل بؤك
    - لا .. و يلا اتسهل انت ورجالك من هنا ، و انتوا " اكمل وهو يشير للرجال الذين يحملون البضائع " نزلوا بقية البضاعه و سوبوها
    - انت بتحلم
    قالها ايمن و قد تحولت قسمات وجهه للصلابه في حين كان يخرج مسدسه و يوجهه بإتجاه ممدوح ، فإبتسم الأخير بسخرية و قال بتحذير
    - انت اللي بتبدأ
    - البضاعه دي لينا و مش هسمح ليك و لا لسيدك انك تاخدوها
    و من ثم إبتسم بإنتصار و اكمل
    - و اتسهل يلا .. بدل ما تندم على روحك اللي هطير دلوقتي
    نظر ممدوح حوله فوجدهم جميعا يوجهون له المسدس فقهقه ممدوح بسخرية و قال بتهكم
    - فاكر نفسك ذكي؟
    و من ثم اشار لأحدهم من بعيد ، فظهر جميع رجال الشيطان و هم مسلحين ، و حاوطوا رجال ايمن و البقية ، فأعاد ممدوح نظراته له و رفع حاجبة بطريقة مستفزة و قال
    - ها .. اية رأيك؟
    قهقه ايمن بغيظ و من ثم ضغط على زناد المسدس بإتجاه السماء و بعدها بدأ ضرب النار ينتشر في المكان من الطرفين
    ..........................................................
    - نعم؟
    صرخ بها جلال بصدمة ممزوجة بالصدمة ، بينما قال الطرف الآخر بغضب
    - انا هدفعك اللي خسرته بسبب صفقتك الزفت
    و من ثم اكمل بتهديد
    - لو واحد بي من رجالي مات ... روحك هتطير يا جلال .. بية
    - اقفل دلوقتي
    قالها جلال و هو مازال تحت اثر صدمته ... و اغلق الخط دون انتظار رده ، و من ثم مرر انامله من بين حصلات شعره بغضب و قال
    - ازاي يحصل دة ... ازاي
    صرخ بالأخيرة بغضب جامح و هو يزيح كل شيء موجود على مكتبه .
    ..........................................................
    أسدل الليل ستائره
    خرجت ريحانة من الحمام و فور خروجها نهضت زهرة و اسندتها حتى اجلستها على السرير بطريقة مريحة و من ثم إتجهت و حملت الصينية و عادت له و وضعت الصينية على قدميها قالت
    - يلا اشربي الشربة دي .. هتفيديك اوي و هتديكي مناعه
    - مش قادرة
    قالتها ريحانة بضعف شديد ، فإبتسمت زهرة و قالت
    - انتي اتسممتي يا انسة ريحانة و السم اللي خديه كان هيموتك لأنه قوي بس الحمدالله الحكيم عمل شغله كويس و عملك غسيل معدة و خلص دوره ، و دلوقتي دورنا .. لازم تاكلي اكلات فيها فيتامينات و حديد عشان يبقى عندك مناعة قوية زي الأول " اكملت مشجعه " ها يلا كلي
    تنهدت ريحانة و من ثم امسكت بالمعلقة و بدأت في شرب الشوربا ، فقالت زهرة
    - و كلي الفراخ اللي في الشربة ، مفيدة جدا
    نظرت لها ريحانة و إبتسمت بإمتنان و هي تقول
    - شكرا
    إبتسمت ريحانة و اومأت برأسها و من ثم نهضت و قالت
    - انا هنزل اكمل شعلي و شوية و هاجي اطمن عليكي
    اومأت ريحانة برأسها و نظرت لطعامها ، فأتجهت زهرة للباب و قبل ان تغادر اوقفتها ريحانة بقولها
    - متقولوش للشيطان
    التفتت زهرة و قالت بأسف
    - هو احتمال انه عرف .. لأن السيدة عايدة جت و عرفت اللي حصل
    قاطعتها ريحانة بغيظ
    - يبقى اكيد هتقوله
    اومأت زهرة برأسها بينما نظرت لها ريحانة بخيبة امل و قالت بحيرة
    - طب لو سألني .. هقول اية؟
    تنهدت زهرة و قالت
    - نبقى نفكر بعدين ، يلا كملي اكلك
    اومأت ريحانة برأسها و اكملت طعامها و هي شارده ، في حين غادرت زهرة
    ..........................................................
    كان رجال الشيطان واقفين على الحدود ينظرون لتلك الجثث المنتشرة على ارض الحدود و الدماء الذي ملأ الأرض و امتصطه الرمال ، كان ممدوح يلف قماشة حول قدمة اليمنى -اسفل الركبة- فقد اصاب بسبب الطلقة التي وجهها له ايمن في وقت الحرب ، بينما كان ايمن جالس على الأرض يضع ذراعيه خلف رأسه و يحيطونه خمسة رجال مسلحين من رجال الشيطان فأمرهم ممدوح بأن يأخذوه للسيارة و من ثم نظر للرجال الآخرين الذين يحملون البضاعة و يضعونها في الشاحنة فأمرهم بالإسراع و من ثم تنهد و اخرج هاتفه و اتصل بالشيطان ليخبره ما حدث
    ..........................................................
    كان يقف في الشرفة ينظر للهاية و هو شارد في حين يمسك سيجارته بين اصبعيه و يخرج الدخان من انفه بهدوء ، ايقظه صوت رنين هاتفه من شروده ، فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة فكان " ممدوح " فضغط على زر الإجابة و وضع الهاتف على اذنه و هو يسمع اقوال ممدوح له حيث يسرد له ما حدث تماما ، بعد ان انهى ممدوح سرد ما حدث .. ساد الصمت لدقائق و من ثم قال الشيطان
    - و جلال مبنش!
    - ولا لمحته
    - خد ايمن للسجن عقبال ما ارجع
    - حاضر ، اي اوامر تانية؟
    - ابعت ل عز الدين خبر ان صفقتي تمت
    - حاضر يا سيدنا
    انهى الشيطان المكالمة و اعاد الهاتف في جيب بنطاله و من ثم وضع السيجارة من بين شفتيه و اظلمت عينيه و هو يبتسم بإنتصار .
    ..........................................................
    اعادت رأسها للخلف بعد ان وضعت الصينيه على الكومود و اغمضت عينيها و هي تحاول ان تتذكر الحلم الذي حلمت به وهي فاقده الوعي بعد ان شربت السم ، كان قد اتى والدها لها في الحلم و حدثها .. ولكنها لا تتذكر ما قاله ابدا و هذا يغضبها و يحزنها ايضا .
    - ادخل
    قالتها بعد ان سمعت صوت طرقات احدهم على الباب و كانت زهرة ، تلفت زهرة لداخل الجناح و هي تقول
    - خلصتي الشربةو الفراخ اللي في الصينية؟
    - اه
    قالتها ريحانة و هي مازال مغمضة العينين ، فتقدمت زهرة و حملت الصينية و قالت
    - طيب محتاجه حاجة مني؟
    - لا
    - طيب لو حسيتي بأي تعب اخرجي للحارس وهو هيساعدك و هيطلبلك الحكيم و انا هبقى عندك
    - ماشي
    - اخدتي الدوة؟
    - اة
    - ماشي ... تصبحي على خير
    - و انتي من اهله
    و بعدها غادرت زهرة ، فأراحت ريحانة جسدها على السرير و رفعت الغطاء للأعلى حيث يغطي جسدها بأكمله و وجهها ايضا ، و من ثم اصبحت تبكي .. دون سبب !
    ..........................................................
    اليوم التالي ،،
    فتحت عينيها بتعب و من ثم نظرت حولها و هي تشعر بألم في معدتها .. فأدارت جسدها و انزلت قدميها لتلامس اصابعها الأرض و نهضت و هي تشعر بأن الألم يتزايد فخطت خطواتها ببطئ و تعب شديد بإتجاه الحمام و قبل ان تدخله وقعت على الأرض فاقده الوعي .
    ،،،،،،،،،،،،،،،،
    اخذت زهرة صينيه تحمل عليها كوب ماء و شطيرة و إتجهت بها لجناح سيدها و الذي تقيم فيه ريحانة، صعدت السلالم و وصلت امام الجناح و طرقت الباب ولكنها لا ترد فشعرت بالقلق ولم تنتظر كثيرا بل فتحت الباب و مررت نظراتها في اركان الجناح وحتى توقفت على ريحانة الساقطه على الأرضة ، فأسرعت للداخل في حين تقول للحارس
    - تعالى معايا .. بسرعة
    و وضعت الصينية على الطاولة و تقدمت من ريحانة وهو خلفها ، جثت على ركبتيها وهي تمسك برأس ريحانة و تحاول ان تفيقها ولكنها لا تستجيب
    - شيلها
    قالتها للحارس ، فتقدم و حملها و وضعها على السرير في حين إتجهت زهرة و اخذت كوب الماء و عادت لريحانة و جلست على السرير بجانبها و بدأت في رش الماء على وجهها فبدأت ريحانة تفيق ، فتمتمت زهرة براحة
    - الحمداللة الحمداللة
    بدأت ريحانة بفتح عينيها و من ثم رفعت كفها و وضعته على رأسها و اصبحت تدلكها بألم و هي تنظر ل زهرة ، فنهضت زهرة و قالت و هي تتجه لتحمل الصينية و تعود بها لريحانة
    - يلا كلي عشان تاخدي الدوة
    - مش قادرة .. بطني وجعاني
    قالتها ريحانة بألم وهي تعتدل لوضع الجلوس ، فقالت زهرة و هي تعطيها الشطيرة
    - ما هو الدوة هيخففلك وجع بطنك ، كلي عشان تاخديه
    اومأت ريحانة برأسه واخذت منها الشطيرة و اكلت منها القليل و من ثم شربت الدواء الذي اشعرها ببعض من الراحة -بعد وقت قصير- و من ثم نهضت وهي تقول
    - هدخل استحمه
    اومأت زهرة برأسها و نهضت و غادرت في حين اتجهت ريحانة للخزانة و اخذت ملابسها و عادت و إتجهت للحمام
    ..........................................................
    يقف امام المرآة يظبط ياقة بدلته السوداءو من ثم التفت و التقط جاكيت البدلة و ارتداه و بدأ في ترتيب خصلات شعره بأنامله ، في حين كان يحدث نفسه بصوت مسموع
    - نخلص الشغل الأساسي اللي جاي هنا عشانه ... قربت يا جلال ، قربت
    قال الأخيرة و على وجهه إبتسامة جانبية واثقة .
    ..........................................................
    جالسة في حوض الأستحمام و المياة تدفق على جسدها ، كانت تنظر امامها بهدوء تام و كان يبدو عليها انها في عالم آخر ، و بالفعل هي كانت كذلك فهي قد تذكرت ما قاله لها والدها في ذلك الحلم و ما قاله قد سبب لها حيرة كبيرة و جعلها تتخبط و تضيع !
    وضعت رأسها تحت المياة المتدفقه لعلها تساعده في فهم ما قاله .
    خرجت من حوض الإستحمام و هي تضع منشفة حول جسدها و بدأت في ارتداء ملابسها . خرجت و جلست امام المرآة و بدأت في تمشيط شعرها المبلل ، و بعد ان انتهت ظلت تنظر لوجهها .. لملامحها ، إن ملامحها باهته و لونها شاحب و يكسوها التعب و الحزن! ، تنهدت بعمق قبل ان تنهض و تتجه للسرير و تريح جسدها عليه ، و تنام .. لإهي تشعر بالخمول الشديد !
    ..........................................................
    - هعوضك على كل الرجالة اللي ماتوا و كل الخسائر
    قالها جلال وهو يحاول ان يهدأ الطرف الآخر
    - .........
    - بس المبلغ دة كبير ، مش معايا
    - ........
    صمت جلال لبرهه قبل ان يوافق
    - ماشي ، مليون و نص هيبقوا عندك
    و بعد ان انهى المكالمة القى هاتفه بغضب و هو يقول بغيظ
    - كل دة منك يا شيطان ، كل دة بيحصل بسببك ، حسابنا بيكتر و كل ما بيكتر يبقى موت اسرع ، صدقني
    و من ثم نهض و غادر
    ..........................................................
    مساءا ،،،،
    نهض الشيطان وعلى وجهه إبتسامة خبيثه و مد يده في حين نهض الآخر و صافح الشيطان بحرارة و هو يقول
    - اتفقنا على كل حاجة ، و انا دلوقتي معاك
    اومأ الشيطان برأسه و من ثم التفت و حطى خطواته للخارج في حين إرتسمت على وجهه إبتسامة شيطانية اظهرت انيابه ، فتح السائق باب السيارة .. فصعد و غادر .
    امسك بهاتفه فوجد خمسة عشر اتصال من عايدة ، هي تتصل به من الأمس و هو متجاهلا اياها ، وضع الهاتف بجانبه و نظر من خلف زجاج النافذة للطريق و ما لبث عاد و التقط الهاتف عندما تعالى صوت رنينه و كانت ... عايدة ، فضغط على زر الإجابة و انتظر سماع صوتها
    - حبيبي .. عامل اية؟
    قالتها عايدة بدلع ، فرد بهدوء غاضب
    - عايزه اية ؟
    - براحة عليا عشان انا حساساه
    و من ثم قهقهت بدلع و اكملت بجدية
    - متصله بيك عشان حاجة مهمة ، حصلت في القصر
    - اية اللي حصل؟
    قالها بجمود ، فقالت
    - عشيقتك ..
    و صمتت لتثير غيظه و هو يعلم ذلك ، فلم يتحدث ، فأكملت بعد صمت دام لدقائق
    - اتسممت
    ساد الصمت منه ، فقالت
    - الوو
    وجدت الخط اغلق ، فنظرت للشاشة بغيظ و غضب .
    - هنرجع القرية
    قالها الشيطان للسائق ، فنظر له بإستغراب ، فأعاد قوله بحدة
    - هنرجع القرية .. دلوقتي ، مش سامع!
    أومأ السائق برأسه ببعض من الخوف و سار بطريق العوده للقرية .
    ..........................................................
    كانت زهرة جالسة بجانب ريحانة التي كانت تتألم و تبكي من شدة الألم ...
    - اشربي دة طيب
    - مش عايزة.. مش هيفدني
    قالتها ريحانة من بين شهقاتها ، فنظرت لها زهرة بشفقة ، فهي لا تعلم كيف ستساعدها ، فقالت
    - طيب اية اللي واجعك؟
    - كل حاجة .. كل حته في جسمي وجعاني
    مسحت زهرة على شعر ريحانة و قالت
    - طيب انتي خدي الدوة غير المرة اللي اتديهالك ؟
    - خدت تلاته
    شهقت زهرة بعد ما قالته ريحانة و قالت
    - حرام عليكي ، غلط على جسمك
    مسحت ريحانة دموعها التي غرقت وجهها بيدها المرتجفه و قالت
    - كنت موجوعه اوي
    - استني بقى اتصل بالحكيم و اشوف هيقولي اية
    قالتها زهرة و هي تنهض و تغادر الجناح في حين ضمت ريحانة قدميها لصدرها و هي مازالت مستلقيه على السرير و دموعها لا تتوقف .
    ..........................................................
    مع بداية اشراق الشمس وصل الشيطان لقريته خاصا .. قصره
    وضع يده على قبضة الباب و برمها و تلف للجناح و اغلق الباب ببطئ و من ثم التفت و نظر لها من بعيد ، اقترب ببطئ و هو يخلع جاكيت بدلته و وضعه على الأريكة ، توقف امام السرير و هو ينظر لها بتأمل .. لونها شاحب ، ملامحها متعبه و حزينه ، و اثار دموعها مازالت على وجنتيها ، مال قليلا فسمع صوت تأوهاتها الخافت ، مرر يديه على وجنتيها ليمسح اثار دموعها و شعور غريب يراوده ، وجدها تفتح عينيها العسليتين و يبدو انها في مرحلة ما بين النوم و اليقظة
    - بيجاد !
    قالتها بخفوت يملأه اللهفة ، نظر ليدها التي ترتفع و تمسك بيده الموضوعه على وجنتيها و تجذبه لها بضعف ، فجلس على حافة السرير و من ثم استلقى على السرير بجانبها و نظراته معلقه بها ، فأقتربت منه و دفنت رأسها و جسدها الضئيل في صدره و هي تستنشق رائحته التي جعلتها تغفو مرة آخرى ، بينما كان هو ... بارد ! .. هادئ! .. لا احد يعرف!
    ..........................................................
    صباحا ،،،
    فتحت عينيها العسليتين بهدوء و من ثم حدقت به ، متى اتى؟ ، شعرت بالسعادة ، بالسعادة! ، لاحظت اقترابها الشديد منه ، ولكنها لم تبتعد .. ظلت محدقه به دون وعي و على وجهها إبتسامة صغيرة ، و من ثم ابتعدت عنه بإرتباك عندما وجدته يفتح عينيه ببطئ ، نظر لها بجمود و هو يمسح وجهه بيده و يعتدل قليلا و هو يقول
    - مالك؟
    مررت نظراتها حولها بإرتباك بعيدا عنه و هي تقول
    - مفيش
    دقق بها قبل ان يلتفت و ينهض و هو يقول
    - اخر حاجة كلتيها اية يوم الخميس قبل ما تتسممي ؟
    - نعم!
    - مش اتسممتي
    قالها و هو يفتح الخزانة و يخرج ملابس له ، فبلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول انا تفكر بأي شيء تقوله .
    ..........................................................
    - مش بترد لية
    قالها جلال بغضب ، فرد الطرف الآخر
    - مش عايز ارد ، براحتي
    - يعني اية براحتك ، انا بتصل بيك عشان حاجة مهمه و حضرتك مش بترد
    - كنت مشغول
    استنشق الهواء بعمق ليهدء و قال بهدوء
    - طيب .. هطلب منك طلب
    - خير
    - عايز مليون و نص ... و هبقى ارجع...
    - لا
    - لية .. مش انا شريكك
    قالها جلال بغيظ ، فرد الآخر
    - شراكتنا انتهت
    - نعم؟!
    هتف بها بعدم فهم ، فقال الآخر
    - انا بقيت شريك ... الشيطان
    قهقه جلال بسخرية و قال بغضب يخفيه
    - انت بتهزر .. صح ؟
    - لا
    احمر وجه جلال من كثرة غضبه و من ثم نهض و نزل السلالم بسرعة و هو يلهث من شدة غضبه ، فهو يكاد ان ينفجر بأحدهم ، إتجه لغرفة مكتبه و دخلها بعد ان صفق الباب بقوة كادت تكسره ، إتجه لمكتبه و بدأ يعبث في ادراج مكتبه وهو يبحث عن شيء ، فوجد ما اراد ، اخرج المسدس و امسكه و عينيه تشع شرا و غضبا ، و من ثم نهض و غادر سريعا و امر السائق
    - روح لقصر الشيطان
    ..........................................................
    نظر لها بطرف عينيه و هو يتجه للحمام و يقول
    - لما اخرج هنكمل كلام
    تنفست الصعداء و من ثم نهضت بسرعة فشعرت بالألم ولكنها تحملته و إتجهت للباب و فتحته و قالت للحارس
    - ناديلي زهرة... حالا
    اومأ برأسه و ذهب ، بينما عادت ريحانةللداخل و جلست على الأريكة و هي تنتظر زهرة
    بعد مرور خمس دقائق كانت زهرة في الجناح مع ريحانة و كانوا يتحدثون بهمس
    - مش هينفع نقله اي حاجة من اللي قلتيها
    قالتها زهرة بعد ان اقترحت لها ريحانة الكثير ، فقالت ريحانة بملل
    - لية
    - عشان هيسأل الحكيم
    ضربت جبينها و قالت بقلق
    - طب هنقول اية؟ هنقول اية؟
    - سيبي الموضوع دة عليا ، انا هتصرف
    - طيب هيسألني
    - اتهربي من السؤال
    اومأت ريحانة برأسها و هي مازالت تشعر بالقلق و التوتر ، فنظرت ريحانة ل زهرة و قالت بحرج
    - في حمام تاني؟
    إبتسمت زهرة و قالت
    - تعالي معايا
    - طب ثواني
    قالتها ريحانة و هي تتجه للخزانة و اخرجت ملابسها سريعا و ذهبت مع زهرة
    ..........................................................
    في غرفة الطعام
    قدمت الخدامه الطعام و من ثم غادرت ، نظر لها الشيطان و قال
    - مستني الإجابة
    بلعت الطعام الموجود في فمها بصعوبة و قالت وهي تنظر له
    - إجابة اية؟
    نظر لها بتعمق و إبتسم إبتسامة جانبية و كاد ان يقول شيء و لكن ذلك الصوت الغاضب الذي هتف بصوت عالي اعاقه ، التفت و نظر للباب و هو ينهض بهدوء ،
    - يا شيطان ... تعالالي يا***
    نهضت ريحانة ايضا و هي تشعر بالخوف ، خرجوا من غرفة الطعام ، فصدمت عندما رأت ان جلال هو صاحب تلك الجملة ، بينما إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية مستفزة و هو يضع احدى يديه في جيب بنطاله ، و قد ادرك سبب مجيء جلال ، اشار الشيطان للحراس الذين يقفون خلف جلال بأن يغادروا ، فنفذوا اوامره .
    - انت زودها معايا اوي يا شيطان، وقت الحساب جه
    قال جملته بغضب و شر في حين يخرج مسدسه و بوجهه بإتجاه الشيطان ، فشهقت ريحانة بفزع و هي تنظر لهم . 

    الفصل الحادي عشر 

    - بجد!
    قالها الشيطان بإستخفاف و هو يتقدم من جلال في حين ريحانة تنظر لما يحدث و هي مازالت تحت تأثير الصدمة .
    - خايف!
    قالها جلال بتهكم و على وجهه إبتسامة غاضبه ، و هو مازال على وضعه ، في حين وقف الشيطان مقابلا له حيث اصبحت سباطة المسدس ملاصقة لصدرة ، وقال بسخرية
    -و انت فاكرني اني بالمسدس دة هخاف!
    -ايوة لازم تخاف لأن روحك هتطلع دلوقتي
    قهقه الشيطان بإستمتاع و من ثم نظر لجلال ببرود و هو يقول
    - اخر حاجة اخاف منها .. الموت
    - هنشوف
    قالها جلال و هو يسحب المطرقة بأصبعه للخلف فيصبح المسدس جاهز للإطلاق .
    - خليك شجاع لمرة و اقف و واجهني بدون ما تستخبى ورا سلاحك
    قالها الشيطان بطريقة مستفزة وهو ينظر لجلال بتهكم ، فأغتاظ جلال ولكنه اكظم غيظه‎ ‎، فأكمل بتهكم ممزوج بالجمود
    - مش هتقدر صح ! ، شكلك خايف
    و ما لبث انا انهى جملته حتى كور قبضته و لكم جلال في وجهه بقوة .. فأرتد على اثرها جلال للوراء و سقط منه المسدس .. و نزف انفه و لكنه لم يهتم بل ثبت نفسه بقوة و تقدم بخطوات غاضبة و هو يرد اللكمة بأخرى اصابت الشيطان .. الذي لم يهتم بضربته.. و بادله الشيطان اللكمة بآخرى اقوى.. اسقطت جلال على الأرض ، بينما خرجت صرخة خافتة من ريحانة تلقائيا لما حدث و هي تعود بخطواتها السريعة للخلف.. فأصبحت تنظر لما يحدث من بعيد .. بخوف و ترقب و انفاس متسارعه.
    رفع جلال نظراته للشيطان بغضب و هو يتلمس انفه و يرى الدماء ، فنهض بسرعة و حدة و هو يقول بحزم غاضب
    - النهارضة نهاية حد فينا
    و تقدم بخطوات سريعة إتجاه الشيطان و هو يكور قبضته ليلكمه ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال بثقة
    - لسه الوقت مجاش
    و من ثم صدى لكمه جلال التي كانت موجهه له حيث امسك بقبضه جلال بين كفه ، و قال بثقة
    - انت مش ادي يا جلال ..
    فور انتهائه من قول جملته ، لكم جلال لكمة حادة في وجهه ثم يوازيها بركله من قدمه اطاحت برأس جلال .. فيرتد بسرعة و بعدم توازن و يسقط جسده على الأرض
    - جاي تموتني!
    قالها الشيطان بتهكم شديد و هو يقترب بخطوات ثابتة منه و اكمل ببرود
    - مهما حاولت يا جلال .. مش هتقدر تموتني ، مش انت اللي هتاخد روح الشيطان منه "اكمل بإبتسامة شرسة" بس ببساطة ممكن اخد روحك
    و من ثم قام بحركة سريعة حيث التقط مسدس جلال بقدمه و وجه السباطة بإتجاه الأخير و هو يكمل بشراسة و على وجهه إبتسامة جانبية
    - ها اية رأيك؟!
    كان جلال يستمع لكل ما يقوله الشيطان و هو يلهث من شدة غضبة و مازال على وضعه .
    حرك ذراعه حيث وضع كفه على الأرض و بدأ برفع جسده ببطئ و نظراته الحاده معلقه بنصف جسد الشيطان و لبرهه توقف عندما لمح ريحانة التي تقف على بعد امتار خلف الشيطان فنقل نظراته لها و هو يقف على قدميه و نظراته حادة كما هي .
    - سامحني
    قالها جلال بعجز و هو يخفض رأسه امام الشيطان ، فإرتسمت إبتسامه جانبيه ساخرة على وجه الأخير بينما كانت هي تنظر لجلال بحزن وشفقة ! ، فحانت التفاته من جلال لها ... فإبتسم بداخله عندما رأى نظراتها تلك ،فهو قد اخطأ و تسرع في رد فعل غضبه ، لم يكن يجدر به ان يأتي و يفعل كل هذا .. هذا ليس لصالحه ، فهو لا يريد ان يخسر ريحانة بأي طريقة .. و لذلك استسلم ، و هذا لصالحه الآن .
    القى الشيطان بالمسدس على الأرض بإهمال و هو يقول بتهكم شديد
    - طالع جبان .. زي ابوك
    انهى جملته و التفت بهدوء بارد ليغادر في حين رفع جلال نظراته الحادة الغاضبة إتجاهه و هو يكور قبضته و يضغط عليها بقوة ليكظم غضبه و غيظه ولكنه لم يستطع فبقول الأخير اشعل نيران الغضب بداخل جلال مرة آخرى ، فتجولت نظراته حوله باحثا عن شيء حاد ، فوجد سكين حاد -لتقطيع الفاكهه- فخطى خطواته الغاضبه السريعة و التقطها من على الطاولة الصغيرة و إتجه بخطوات سريعة إتجاه الشيطان .
    - حااسب
    قالتها ريحانة بفزع .. تلقائيا ، وهي تنظر للشيطان و في نظراتها يكمن الخوف الحقيقي .. عليه! ، فألتفت الشيطان سريعا و امسك بذراع جلال الممسكه بالسكين بعد ان لامست ظهره فمزقت سترته من الخلف و جرحته جرح طفيف .
    كانت نظرات الشيطان لجلال مظلمه هادئه بعكس قوة قبضته على ذراع جلال الذي شعر بالألم .. و بشده ، من ثم رفع الشيطان قدمه و ركله بعنف ناحيه بطنه .. ارجعته للخلف بقوة حتى اصطدم بقسوة بأجساد قوية و كانوا حراس الشيطان، فأمسكوه من ذراعه و القوه خارج القصر بعد إشاره سيدهم لهم.

    التفت الشيطان و نظر لها بجمود فبادلته بنظراتها البريئه التي يكمن بداخلها الخوف و الفزع ، فألتفت و نظر امامه و صعد السلالم بهدوء متجها لجناحه .. بينما كانت نظراتها تتبعه حتى اختفى من امامها ، فألتفتت بنظراتها حولها بتشتت و هي تتذكر ما حدث منذ دقائق ، فأغمضت عينيها بقوة و هي تمرر يديها على صدرها الذي يعلو و يهبط من سرعه تنفسها ، فهي كانت خائفه جدا عليه ، على من؟ .. على الشيطان ام جلال! ، فتحت عينيها و الحيرة و الضياع تكمن فيهما ، على من كانت خائفه؟! ، ليس لديها جواب على هذا السؤال .
    ..........................................................
    دخل جناحه بخطواته الواثقة ، فتح ازرار سترته و هو يتجه للسرير ، خلع سترته و القاه بإهمال على السرير و من ثم جلس على طرفه ، اسند كفه على فخذه و هو يتنفس بعمق و يغمض عينيه ليسترخي ..فقفزت في مخيلته صورة والدته لحظة موتها ، فشعر بالنيران تتدفق بداخله ..فقبض على كفه بقوة في حين صوت صريخها يتردد في اذنه دون توقف .
    دخلت لجناحه بتردد و اغلقت الباب بهدوء ، فلم يشعر بها ، التفتت و نظرت له حيث كان يلويها ظهره فقبل ان تتقدم بخطوه واحدة وقفت مذهوله .. مما رأته ، اقتربت بخطوات بطيئة و هي تدقق النظر .. كان ندب كبير و الذي يصل لخط طويل على ظهره ، كانت تتسائل عن سبب ذلك الندب العميق ، توقفت على يمينه و هي مازالت خلفه ، اخفضت رأسها بعد ان بلعت ريقها و تنهدت بعمق و بصوت مرتفع ... فشعر بها ، ففتح عينيه المظلمتين و نظر لها من فوق كتفه و تجاهلها و عاد كما كان ، فرفعت نظراتها له و تقدمت بخطواتها المترددة إتجاه الكومود و اخرجت من احد ادراجه -صندوق الأسعافات الأولية- و من ثم التفتت و نظرت له فوجدته مغمض العينين و كأنه يسترخي ، فتقدمت و التفتت حول السرير و صعدته و جلست خلفه حيث اصبح ظهره امامها فحدقت به لبرهه و من ثم اخفضت نظراتها لصندوق الإسعافات الأولية و هي تفتح الأخير و تخرج منه زجاجه مطهر الجروح و القطن الطبي و من ثم فتحت زجاجه المطهر و وضعت القليل منه على القطن و من ثم اعادت نظراتها لظهره و هي تضع الأخير على ظهره ففتح عينيه بإنزعاج و نظر لها من فوق كتفه فهالها نظراته المظلمة و تنفسه الخشن و همسه الخشن
    - بتعملي اية؟
    بلعت ريقها بإرتباك و هي تنظر لنصف وجهه و تقول بهدوء اتقنته
    - السكينة جرحتك ...
    اعاد نظراته امامه فعادت هي لما كانت تفعله ، فساد الصمت إلى حد اصبحت تسمع صوت تنفسه الخشن .

    - شكل الجرح دة قديم
    قالتها بصوت خافت و هي تنظر لندبه الكبير بعد ان انتهت من تطهير جرحه ، و اكملت بحيرة
    - بس اثره واضح اوي ، وكأنه جرح جديد ....
    و من ثم مررت اناملها الرفيعة الناعمة على طول ندبه الكبير و هي تكمل بتخمين
    - شكلك اتجرحت بحاجة حادة ، و عن قصد
    نظر لها من فوق كتفه بجمود ، فرفعت نظراتها له و تأملته و هي تكمل
    - امتى اتجرحت؟ و ازاي؟
    و من ثم تنهدت بعمق قبل ان تصمت لبرهه و من ثم همست له
    - في حاجات كتير ليها نفس السؤال في حياتك ، و نضيف ليهم .. انت لية بقيت كدة؟ ، برغم ان ممكن يكون جواك واحد تاني يعكس اللي انت عليه دلوقتي .
    و من ثم ابعدت اناملها من على ندبه و اكملت بسؤال تريد معرفه إجابته
    - لية بقيت شيطان ؟
    لا تعلم لما قالت كل ذلك و لكن بداخلها رغبه كبيرة لمعرفته و استكشافه فرغبتها هي من دفعتها لقول ذلك و تشجيعها على سؤاله ، فقالت ما رغبت به و الآن .. هي تنتظر إجابته !
    اعدل رأسه و نظر امامه ببرود و الصمت ساد في المكان لبرهه
    - بتسألي اسأله كبيرة ...
    قالها بهدوء بارد ، فأخفضت رأسها بينما اكمل
    - و انتي عايزه تعرفي الإجابة ، بس انتي مش قد الإجابة و لا السؤال حتى
    رفعت نظراتها له بحيرة و هتفت بخفوت
    - لية؟
    نظر لها من فوق كتفه و على وجهه إبتسامة جانبية و هو يقول
    - لية دي .. هتتكرر كتير ، عشان كل ما هيتجاوب على سؤال هيطلع سؤال غيره .
    - عشان حياتك معقدة الصراحة
    قالتها بتلقائية دون تفكير ، فأتسعت إبتسامته و تحولت للشراسة و هو يلتفت و يصبح وجهه مقابلا لها
    - ما انتي جزء من حياتي المعقدة ..
    قالها بغموض شرس .. لم تفهمه ، فنظرت لعينيه بضياع في حين جملته تتردد على مسامعها ، فساد الصمت منها لدقائق و عندما استدركت ما قاله ، فكرت في ان تسأله عن ما يقصده بقوله .. فقبل ان تخرج حروفها وجدته يلتفت و ينهض من امامها و يتجه للحمام ، فقبل ان يدخل الأخير .. نادته
    - بيجاد .. استنى ، لسه مك...
    تجاهلها و دخل و صفق الباب بقسوة افزعتها.
    نهضت و غادرت جناحه .
    ..........................................................
    دخل جلال لجناحه و هو يترنجح ، القى بجسده على سريره ، كان يبدو على ملامحه التعب عكس نظراته التي تشتعل بنيران الغضب ، اخرج تنهيدة عميقة من داخله لعلها تهدأ ذلك النار المشتعل بداخله ، رفع رأسه قليلا وهو ينظر لهيأته التي اصبحت غير مرتبه ابدا ، فساند جسده و نهض من على سريره و إتجه للحمام .. ليأخذ حماما ساخنا .
    ..........................................................
    خرج من الحمام و هو عاري الصدر ، توقف لبرهه و هو يمرر نظراته في المكان ، لم يجدها فلم يبالي بل إتجه للخزانة و اخرج سترة بدون اكمام و ارتداها على بنطاله الأسود الذي كان يرتديه ، و من ثم اغلق الخزانة و التفت و غادر جناحه و إتجه للسلالم و نزلها و من ثم إتجه إلى الأسطبل .
    ..........................................................
    كانت جالسه على العشب الأخضر في حديقة القصر ، كانت شارده تحاول ان تنظم افكارها و ذاتها ايضا .. ماذا يحدث معها؟ لم تعد تفهم شيء! ، مؤخرا اصبحت تشعر بالتخبط من مشاعرها المشتته .. ايعقل ان قلبها احب اثنين في آن واحد! ، هزت رأسها بعنف .. ما هذا الهراء الذي تفكر فيه ، فهذه خيانه لجلال ، و ايضا هي ليست بغبيه لتقع في حب الشيطان ... لا يوجد شيء فيه يدعي للحب .. انه قاسي ، بارد المشاعر ، يعاملها و كأنها جارية لديه ، يأمر فتنفذ دون اي اعتراض منها ، هي تكره ذلك النوع .. فكيف ستحبه!؟ ، هذا ما قالته لنفسها او حاولت ان تقنع نفسها به ! ... لأن حبه شيء جنوني لا يستوعبه سلامة عقلها .
    ،،،،،،،،،،،،،
    اخرج جواده الأسود من الأسطبل إلى الأرض الخضراء الواسعة ، فتعالى صهيل الجواد بسعادة ، فإبتسم الشيطان بمسالمه و هو يملس على شعره الأسود الطويل و هو يقول
    - وحشتك اوي كدة؟
    تعالى صهيل الجواد ، فإبتسم هو بصدق و هو يكمل
    - طب تعالى ناخدلنا جوله
    حرك الجواد رأسه ، فأحتضن الشيطان رأس جواده الأسود بحنان و هو يملس عليه ، و من ثم امسك باللجام و سار به و من ثم اعتلاه و انطلق به بحرية .
    ..........................................................
    عادت عايدة للقصر و فور دخولها سألت عنه
    - فين الشيطان؟
    هزت الخادمة كتفيها بعدم المعرفة ، فقالت عايدة بضيق
    - يعني اية مش عارفة ، هو في القصر و لا لا؟
    اخفضت الخادمة رأسها و قالت بهدوء
    - في حديقة القصر ، رمقتها عايدة بحدة و إتجهت للسلالم و صعدتها حتى وصلت لجناحها ، و دخلته و إتجهت للخزانة و فتحتها و ظلت تنظر لثيابها بحيرة وهي تقول
    - لازم استغل الفرصة و ابقى مع الشيطان ، فألبس اية ؟
    و ظلت واقفه امام الخزانة لمدة قاربت العشر دقائق ، و من ثم قررت ما سترتديه ، فأخذته بسعادة و إتجهت للحمام لتأخذ حماما ساخنا قبل ان ترتديه .
    ..........................................................
    بينما هي كانت جالسه سمعت صوت صهيل الجواد ، فنظرت حولها فوجدت الشيطان يعتليه و يتقدم منها من بعيد ، فنهضت بهدوء و هي تنظر له .. و من ثم وضعت يدها على صدرها ناحية قلبها عندما شعرت بدقات قلبها تسرع كلما يقترب اكثر ،فشعرت بالحيرة و الضياع .. و الارتباك ، اوقف الجواد بالقرب منها و نظر لها بجمود لبرهه و من ثم قال بهدوء
    - تركبي
    هزت رأسها رافضه و هي تقول
    - لا .. مش عايزه
    ارتسمت على وجهه إبتسامة جانبية ساخرة وهو يقول
    - بمزاجك مثلا !
    رفعت حاجبيها ببلاهه و من ثم تراجعت ببضع خطوات للخلف و هي تراه يترجل من على ظهر الجواد و يقترب منها ، هتفت بثبات حاولت إتقانه
    - مش هركب قلت .. هتجبرني مثلا!
    اظلمت عينيه و قال ببرود
    - جاي على بالي اني اركبك .. فهتركبي
    - جاي على بالي اني اركبك .. فهتركبي
    قلدته ريحانة بطريقة ساخرة ، فتقدم منها بخطواته الواثقة و هو يقول بشراسة
    - لسانك طويل .. عايز يتقص
    فور ان انهى جملته جذبها من ذراعها بقسوة فأختل توازنها و ارتطمت بجسده بقوة فتأوهت ، فلم يبالي حيث سحبها خلفه و جعلها تعتلي على ظهر الجواد عنوه و قد تجاهل تذمرها و تأوهاتها ، و من ثم اعتلاه خلفها و امسك باللجام ، فنظرت له و قد ظهر الخوف في حتقديها العسليتين و هي تقول بخفوت خائف
    - طب نزلني و هقص لساني
    نظر لها من فوق بسخرية و من ثم نقل نظراته امامه و ضرب الجواد بخفه باللجام ، فبدأ بالركض البطيء ، فتسارعت دقات قلبها و بدأ الخوف يتملكها رويدا رويدا ، فتمسكت بسترته .. في حين اسرع الجواد في الركض فتمسكت به بقوة و هي تغمض عينيها و تدفن و جهها في صدره ، فنظر لها من فوق بإستمتاع و من ثم نظر امامها و هو يمرر انامله القوية على خصرها و يقربها منه ، و إبتسامة صغيرة صادقة على وجهه .
    - افتحي عنيكي
    قالها الشيطان بهدوء ، فلم تستجيب ، فأعاد قوله بحدة خفيفة
    - قلت .. أفتحي عنيكي ، و بصيلي
    فتحت عينيها ببطئ و نظرت له .. فنظر لها و قال أمرا اياها
    - بصي قدامك .. للطريق
    خضعت و نظرت امامها ، فأقترب من اذنها و همس
    - خوفك ملهوش داعي .. حاولي تستمتعي ، هتحسي بشعور تاني .. يلى جربي .
    نظرت له بطرف عينيها و من ثم اعادتها للطريق و هي تتنفس بعمق ، نظرت حولها للطبيعة و بدأ خوفها يتلاشى شيئا فشيئا ، و اصبحت تشعر السعادة و الإستمتاع و هذا ظهر في حدقتيها العسليتين ، فظهرت على شفتيه شبه إبتسامة عندما لاحظ ذلك
    - كان عندك حق .. ركوب الحصان ممتع اوي ، مكنش لية داعي اني اخاف اوي كدة .. مش عارفة انا كنت خايفه لية !
    قالت ذلك بهدوء وهي تنظر امها و انهت قولها بضحكه خفيفه ، و من ثم اكملت
    - اول مرة اركب فيها حصان كانت معاك
    و نظرت له من طرف عينيها و قالت بتساؤل حائر
    - في سؤال محيرني ، يعني هو انت لما جيت تشتري حصان ملقتش غير اللون الأسود ؟!
    - لوني المفضل
    - لونك المفضل!
    قالتها بإستنكار فقال
    - مالك
    - بكره اللون دة
    - هتحبيه
    نظرت له و قالت بعدم فهم
    - نعم؟
    نقل نظراته من على الطريق لحدقتيها العسليتين و قد لمعت عينيه ببريق خبيث و هو ينقل نظراته لشفتيها الورديتين . لاحظت نظراته فأبعدت نظراتها عنه و التفتت بوجهها بعيدا عنه و قالت بخفوت
    - عايزه ارجع القصر
    - هنرجع
    قالها بهدوء و هو يوجه الجواد إلى طريق العودة لحديقة القصر الرئيسية
    ..........................................................
    جالس على كرسي مكتبة و هو يتلمس جرح وجهه الذي سببه له الشيطان ، و باليد الآخرى يمسك بهاتفه الذي يضعه على اذنه ليسمع اقوال الطرف الآخر ، و خلال حديثه مع الآخير كانت ملامح وجهه غاضبة و متضايقة.
    انهى المكالمة و القى بالهاتف على المكتب بإهمال و هو يجول بنظراته حوله حيث عقله يفكر ، ماذا سيفعل الآن ، جميع خططه تفشل .. و هذا كله بسبب الشيطان اللعين ، كم يكرهه و يتمنى ان يقضي عليه سريعا ، و لكن هذا صعب في الوقت الحالي .. أنه يفكر في ان يوقف كل هذا لوقت قصير ، حيث يطفئ ما اشعله من نيران و حيث يجمع شتاته و شتات من حوله و يفكر في كيفيه دفع المبلغ المطلوب للتعويض عن خسارة الصفقة الأخيرة ، ولكن ماذا سيفعل بريحانة؟ هل سيتركها مع الشيطان اكثر ام سيعيدها له؟ .
    نهض و إتجه للأريكه و استلقى عليها و اغمض عينيه ليسترخي قليلا ، ولكن عقله لم يكف عن التفكير و التخطيط .
    ..........................................................
    ترجل من على جواده و من ثم التفت و مد ذراعيه لخصرها و حملها و انزلها و من ثم اقترب من جواده و ملس على جسده بحنان و هو يشير للسائس بأن يأخذه و يعيده للأسطبل ، فأتى السائس و اخذ الجواد ، فألتفت الشيطان ليراها و لكنه لم يجدها فقد سبقته و عادت للقصر ، فتقدم بخطواته الواثقة و دخل قصره و إتجه لمكتبه .
    ،،،،،،،،،،،،
    دخلت من باب القصر الرئيسي و سارت في ممره و صعدت السلالم و اثناء صعودها قابلت عايدة التي عاقت طريقها ، فنظرت لها ريحانة بضيق في حين قالت عايدة بطريقتها المستفزة
    - فين الشيطان يا انتي
    - اولا اسمي ريحانة مش انتي ، ثانيا لو عايزه تعرفي الشيطان فين روحي اسألي حد غيري
    - لية مسألكيش! ، مش انتي عشيقته
    ضايقتها كلمتها الأخيرة ولكنها لم تظهر ذلك حيث قالت لتغيظها و لكنها فشلت
    - كان معايا ، و اتبسطنا اوي ، عايزه حاجة؟
    فقهقهت عايدة بسخرية و قالت
    - اتبسطي براحتك يا حلوة قبل ما يرميكي زي العشيقات اللي قبلك
    و من ثم اقتربت منها و اكملت هامسه بخبث في اذنها
    - و لا انتي مش عشيقه ، انتي جاسوسة خاينة، اخرتك الموت
    دفعتها ريحانة بغيظ فأختل توازن عايدة قليلا و لكنها ثبتت نفسها و قالت بطريقة مستفزه
    - مالك يا حلوة؟ ، خايفة؟
    رمقتها ريحانة بغضب و من ثم التفتت فتبدلت ملامحها للخوف فهي كانت تدعي الغضب لتخفي خوفها ، صعدت بقيه السلالم بصعوبة فجميع اواصلها ترتجف ، فهي كلما تفكر في الأمر يتملكها الخوف ، حيث تشعر انها تريد البكاء ، مثل رغبتها الآن .
    ..........................................................
    مساءا
    لم تراه بقيه اليوم ابدا فهو قد غادر لينهي بعض الأعمال و الصفقات ، لم تهتم كثيرا بمعرفه التفاصيل ، فكل ما يهمها انه بعيد عنها .
    إتجهت للسرير و اراحت جسدها عليه و اغمضت عينيها لترتاح قليلا ، فهي تشعر بالتعب و النعاس ، ولكنها بدلا من ان تنام سريعا اصيبت بالأرق بسببه ، فهي تفكر فيه .. في ماضيه ، تفكر و تتسائل عن سبب ذلك الندب ، هل عاش حياة قاسية في صغره؟ ولذلك اصبح على هذا النحو الآن؟ ، فتحت عينيها و هي تعتدل في حين تتأفف
    - مالي انا ومال ماضيه ، بفكر لية ، نامي بقى يا ريحانة
    قالت ذلك لنفسها بصوت مسموع ، و من ثم اعادت رأسها على وسادتها بحدة ، و ظلت تنظر للهاويه لبرهه ، من ثم التفتت و نظرت لوسادته الخالية ، فأخذتها بتردد و قربتها من انفها لتستنشق رائحته .. وفعلت ، فقفزت في مخيلتها صورته عندما لمحت إبتسامته هذا اليوم ، فإبتسمت ببلاهه و اغمضت عينيها فداعب النوم جفونها .
    ..........................................................
    اليوم التالي
    دخلت غرفة الطعام و جلست في مكانها ، كان مكانه خالي ، فسألت الخادمة
    - الشيطان لسه مرجعش؟
    - لسه
    قالتها الخادمة و هي تقدم الطعام لها ، فأومأت ريحانة برأسها و بدأت في تناول الطعام . و بعد ان انتهت من تناول طعامها نهضت و إتجهت للسلالم و صعدت للطابق الثالث دون ان يراها احد و دخلت لغرفه جده .
    - عامل اية النهارضة
    نظر لها و إبتسم
    - جيتي!
    اومأت برأسها و قالت
    - كل ما بتجيلي الفرصة اجيلك .. باجي
    - كتر خيرك يا بنتي
    نظرت له و إبتسمت ،كانت تريد ان تسأله عن شيء و لكنها متردده فلاحظ ذلك و قال
    - قولي عايزه تسألي على اية
    إتسعت إبتسامتها و قالت
    - بس هتجاوبني ولا زي كل مرة؟
    - حسب السؤال
    - اثر الجرح اللي في ظهر الشيطان ، اية سببه ؟
    نظر لها لبرهه و قال بمزاح
    - بتجيبي الأسئلة دي منين ؟!
    - اصل شفت الجرح دة
    - شفتيه! .. شفتيه ازاي؟
    قالها بذهول و من ثم قهقه على سؤاله الغبي فضحكت بخفة هي ايضا و من ثم ساد الصمت الذي قطعته هي
    - هتجاوبني؟
    - اسأليه هو
    - مش بيجاوبني
    - خلاص
    - مش خلاص ، انا عايزه اعرف
    قالتها بحزن مصتنع ، فإبتسم و قال
    - عايزه تعرفي السبب؟
    اومأت برأسها و الفضول ظاهر في عينيها ، فقال
    - هو اللي جرح نفسه
    - نعم!
    قالتها بعدم تصديق و هي تكمل
    - ازاي هو اللي جرح نفسة ؟ ازاي يجرح نفسة جرح كبير زي دة
    نظر عبد الخالق لها بشرود و قال
    - دي كانت البداية
    رفعت حاجبيها ببلاهه ، لم تفهم شيء ، فتحت فمها لتقول شيء و لكن قبل ان تخرج حروفها قال هو
    - متسأليش اكتر ، عشان مش هجاوب
    نظرت له بخيبة آمل و لم تسأل عن شيء آخر ، ولكنها تمتمت
    - شكل الشيطان دة مجنون !
    ظلت ريحانة تتحدث معه عن امور عدة و من ثم نهضت و استأذنت للمغادرة .
    خرجت و اغلقت الباب خلفها و إتجهت للسلالم و نزلتها
    - بتعملي اية عندك؟
    توقفت بصدمة و نظرت لمصدر الصوت و كان الشيطان ، فبلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر له ، صعد السلالم و وقف امامها
    - كنتي بتعملي اية فوق؟
    - مش بعمل
    خرجت منها كلماتها بصعوبة و جزع ، فقال بصرامة
    - كنتي بتعملي اية فوق؟
    - كانت معايا
    قالتها عايدة التي تقف في بداية السلم من الأعلى ، فألتفتت ريحانة لها بإستغراب ، بينما اكملت عايدة
    - انت متعرفش اني قابلتها قبل كدة ولا اية؟
    نظر لها و قال
    - كنتوا بتعموا اية مع بعض
    نزلت عايدة بضع السلالم لتصل لريحانة وتقف بجانبها و تقول بإبتسامة مصتنعة وهي تنظر لها
    - كلام بنات ، عايز تعرفه
    - عايدة
    قالها بصرامة و حدة ، فنظرت له و ضحكت بخفة و قالت
    - بهزر
    رمقها بحدة و هو يقول لريحانة
    - تعالي ورايا
    و من ثم التفت و إتجه لجناحه ، في حين اومأت ريحانة برأسها و هي تنظر لعايدة و همست لها
    - ساعدتيني لية؟
    نظرت لها عايدة ببرود و قالت
    - ليا اسبابي ، بس صحيح .. كنتي بتعملي اية هنا في الدور؟
    نظرت لها ريحانة و قالت
    - مكنتش بعمل حاجة
    و نزلت بقية السلالم و هي تتنفس الصعداء بينما دخلت عايدة لجناحها

    دخلت خلفه و إتجهت للأريكة و جلست عليها و هي تتابعه بعينيها حيث كان يقف امام الخزانة و بيده اوراق يقرأها
    - كنت عايزني ليه؟
    قالتها بهدوء ، فنظر لها من فوق كتفه و من ثم اعاد نظراته للأوراق ، فتنهدت بضيق و انتظرته حتى ينتهي مما يفعله
    ..........................................................
    - خلاص اتفقنا
    قالها جلال للطرف الآخر الذي يحدثه على الهاتف و من ثم انهى المكالمة و هو يتنهد براحة و يحدث نفسه
    - كدة اتصرفت في نص مليون ، ناقصلي مليون .. هجبها منين؟
    ظل يفكر كثيرا حتى قاطعة اتصال آخر فرد
    - قررت ابقى معاك
    قالها الطرف الآخر ، فرد جلال بذهول
    - نعم!
    - .......................
    إبتسم جلال بإنتصار و قال بعد ان انهى الطرف الآخر حديثه
    - بتلف و بترجعلي ، عرفت ان ملكش غيري
    - .............
    - كويس اوي ، دلوقتي عايزك تساعدني
    - .........
    - محتاج مليون جنية
    - ...........
    - نزورهم !
    - .............
    - خلاص موافق ، هنزورهم
    ..........................................................
    اغلق الخزانة و التفت لها و قال
    - كنتي بتتكلمي مع عايدة في اية؟
    نظرت له و قالت بهدوء
    - ما هي قالتلك
    - و انا هصدق!
    - ايوة صدق ، تحب اقولك كلام البنات ؟
    قالتها ببرود ساخر ، فتقدم منها ببطئ و توقف امامها وفجأة جذبها من شعرها فصرخت بفزع و هي تتألم ، بينما قال هو بهدوء مخيف
    - قلتلك اني هأذيكي لو طولتي لسانك ، مش خايفة؟
    وضعت يدها على يده الممسكه بشعرها و حاولت ان تفلت شعرها من قبضته ، ولكنها فشلت ، فنزلت دموعها و قالت بألم
    - لية بتعاملني كدة ، حرام عليك
    - ما انتي مش بتسمعي الكلام ، فهتتعاقبي
    - انت حقير .. شيطان حقير معندكش قلب .. أبعد....
    خرجت كلماتها منها بطريقة هستريه ، فهي قد سأمت من هذه المعاملة و هذا الإجبار ، و لكنها لم تكمل جملتها حيث صرخت عندما وجدته يدفعها على السرير بقوة و قسوة ، فرفعت رأسها و نظرت له و الخوف و الرعب يسكنان بحدقتيها ، فهو كان يتقدم منها وهو يخلع سترته و كانت نظراته مظلمة ، قاسية ، شيطانية . 

    الفصل الثاني عشر

    - هتعمل اية؟
    هتفت بها بخوف و صوت مرتجف وهي تراقبه حيث يتقدم منها ببطئ و يصعد على السرير ، فبدأت دموعها تسيل على وجنتيها و هي تزحف للخلف و تقول
    - انت مش هتعملي حاجة .. مش هتقدر ، ابعد عني.......
    و قبل ان تكمل جملتها صرخت عندما قبض على قدمها و جذبها له بقوة فأصبحت اسفله ، فزادت في البكاء و هي تضربه بقبضتها المرتجفة على صدره و تركله بقدمها لكي يبتعد فأعاق حركة قدميها عندما ثبتها بقدميه .
    - بيجاد .. ابعد عني .. ابوس ايدك ، ابعد....
    قالتها من بين شهقات بكائها الهستيري ، فكان جسدها يرتجف بقوة من كثرة خوفها ، فأقترب منها و نظراته الشيطانية المظلمة ساكنه في عينيه و همس في اذنها بتلذذ
    - شايفه شكلك عامل ازاي! ... هتموتي من الخوف ، طب مدام انتي مش قد عواقب طول لسانك بطوليه لية ؟! ، و انا حذرتك
    و من ثم ابتعد بوجهه قليلا و نظر لحدقتيها العسليتين و هو يمرر انامله ببطئ على وجنتها و إرتسمت على شفتيه إبتسامة جانبية و اكمل بأسف ساخر
    - بس انتي مش بتسمعي الكلام ... فأستحملي العواقب
    - بيجاد .. ابعد عني
    قالتها بضعف و رجاء و هي مازالت تحاول دفعه بعيدا عنها برغم إدراكها انها ضعيفه امامه حيث اصبحت قوة دفعها له ضعيفة جدا ، فأمام نبرتها الضعيفة الراجية تغيرت نظراته القاسية المظلمة إلى نظرة غربية .. دافئة! ، و لكنها لم تلاحظ ذلك التغيير بسبب دموعها التي اعاقت رؤيتها الواضحة ، إبتعد عنها فأعتدلت سريعا و عادت للخلف حتى التصق ظهرها بخشبة السرير ، فضمت قدميها لصدرها و دموعها لا تتوقف و إرتجاف جسدها يزداد في حين قفزت في مخيلتها تلك الصور و المشاهد المتتالية التي عانت منها كثيرا منذ صغرها و ايضا صوت صريخ والدتها الذي يتردد في اذنيها دون توقف فوضعت يديها المرتجفتين على اذنيها و هي تضغط عليهما بقوة لعل ذلك الصوت يتوقف
    - انسي يا ريحانة.. دة ماضي .. ريحانة اهدي .. انسي
    همست بها لنفسها لعلها تهدأ .
    كان يتابعها بعيون مترقبة و هو يقف بعيدا و يضع كفيه في جيوب بنطاله ببرود ، و من ثم التفت بهدوء و خطى خطواته لإتجاة الحمام ... و دخله ، فرفعت نظراتها لإتجاه الحمام و هي تتذكر ما حدث منذ دقائق فأصبح كل شيء متداخل امامها ، ذكريات ماضيها و ما حدث الآن ، فبدأت تفقد وعيها ببطئ ، حتى لم تعد تشعر بشيء .
    ..........................................................
    في الطابق الثالث ... تحديدا غرفة "عبد الخالق"

    كان جالس على كرسيه المتحرك و هو يمسك بصورة بين انامله و ملامحة حزينة و الدموع متحجرة في جفونه ، كانت الخادمة تنظر له بشفقة و حزن على حاله ... فهو في كل فترة يفعل ذلك و ينظر لصورة ابنته التي قتلت فتصبح حالته كهذة التي تراها الآن ، هي تعلم قدر المعاناه الذي يعيشها هذا العجوز .. و لذلك تشعر بالشفقة عليه .
    - هاتي مية
    قالها بخفوت ، فأومأت الخادمة برأسها و إتجهت للكومود و اخذت كوب الماء و عادت له و اسقته ، و من ثم اعادت الكوب مكانه و قبل ان تعود له قال
    - سيبيني لوحدي شوية
    نظرت له و قالت
    - حاضر ، ولو احتجت حاجة .....
    قاطعها بضيق
    - ماشي
    فأومأت برأسها و غادرت ، فأعاد نظراته لصورة ابنته و شرد و هو يتذكر ما حدث في الماضي ، فتنهد بعمق قبل ان يصمت لبرهه و من ثم حدث صورتها بعتاب
    - لو كنتي سمعتي كلامي يا فيروز مكناش وصلنا للي إحنا فيه دلوقتي و كنا اتجنبنا حاجات كتير و اولهم كنا إتجنبنا شر بهجت ، فاكره لما قلتلك بلاش تتجوزيه و حذرتك بس انتي اصريتي انك تتجوزيه ، انا كنت عارف نيتك و هدفك من انك تتجوزيه و انتي كسبتي كتير و حققتي كتير من اهدافك معاه بس في الآخر خسرتي كل حاجة بس قبل ما تخسري كل اللي عملتيه كنتي خسرتي اهم حاجة ... خسرتي ابنك لما اذيتيه ، لما فضلتي جلال عليه عشان ترضي بهجت .. لما كنتي شايفاه بيتعذب من بهجت و بيضرب و كنتي ساكته .. و اللي خلص عليه انتي يا فيروز ، لما بدأتي تعامليه زي جوزك .. تعامليه كأنه واحد فقير من الشارع او كأنه عاله عليكي
    توقف لبرهه وهو يشعر بألم في صدره ، فتنهد بعمق ممتلأ بالألم و من ثم اكمل بندم
    - الغلط مش عليكي لوحدك .. الغلط عليا انا كمان عشان منبهتكيش ، محاولتش انصحك و ارشدك للطريق الصح ، بس الغلط اللي هيفضل برقبتك لوحدك .... هو ابنك اللي حولتيه من طفل لوحش .. لشيطان ملهوش قلب هدفه الانتقام و بس "إبتسم بمرارة و هو يكمل " عارفه الانتقام اللي بينتقمه دة لمين؟ ... دة ليكي ، لأنهم قتلوكي ... شفتي يا فيروز ، شفتي ابنك اللي انتي اذيتيه و اتخليتي عنه عايز يجيب حقك ازاي ، مش ندامنه ؟
    كانت دموعه تسيل على وجنتيه ، فهو يشعر بالألم الشديد في صدره .. يشعر بالإختناق .. لم يعد يتحمل الكتمان ، هو يتمنى ان يعود به الزمن للوراء لكي يغير كل هذا الواقع الأليم و يصلحه .
    - ياريت اقدر ارجع في الوقت لورة عشان اصلح كل دة ، يارتني كنت اقدر اقولك الكلام دة زمان ... مكنش هيبقى دة حالنا
    قالها بتمنى حزين و من ثم صمت لبرهه قبل ان يتنهد ، و قال بآسى
    - عارفه اية اللي متحسر عليه ، عارفه مين اللي خسر في الآخر ؟ ... اللي خسر انتي و بيجاد بس ، تعرفي ... ان محدش بقى بيناديه بأسمه و دة طلب منه لأنه بيفتكرك ، ابنك لسه بيحبك بس مجروح منك .. تعالى شوفيه ازاي بيظهر البرود و عدم المبالاة للناس كلها بس انا الوحيد اللي عارف ان جواه بيموت ، ابنك بيعاني من صغره لغاية اللحظة دي! .
    اخفضت رأسه و دمعه حارقه نزلت من عينيه و هو يتمتم بخفوت
    - ربنا يسامحك ... ربنا يرحمك .
    ..........................................................
    يقف في الحمام امام المرآة ينظر لصورته المنعكسه من بين البخار ، كانت نظراته حادة غاضبة ... غاضب من ذلك الشعور الذي اجتاحه لبرهه ، يكرة ذلك الشعور .. هو شخص بارد لا يوجد لديه قلب ليشعر به ، فلا يحق له ان يشعر بأي شعور تافة يغيره .
    ارتدى سترته و من ثم التفت و إتجه للباب و وضع كفه على قبضة الباب و قبل ان يبرم الأخير جعل نظراته هادئة باردة تخفي ما يشعر به ، برم قبضة الباب و خطى خطواته للخارج ، رفع نظراته لها فوجدها فاقده الوعي .. شعر بالفزع فأتى ان يقترب و لكنه تراجع و هو يتخلص من ذلك الشعور و من ثم تقدم بهدوء و إتجه للطاولة و التقط كوب ماء و إتجه لها و قبل ان يجلس بجانبها وضع الأخير على الكومود و جلس و حدق بها لبرهه قبل ان يعدل وضعيتها ، مرر انامله على وجنتها و مسح دموعها و من ثم التفت و التقط كوب الماء و سكب القليل منه في كفه و من ثم مسح وجهها به و اعاد الكرة مرتين فبدأت تفتح عينيها ببطئ و تعب ، مررت نظراتها الزائغة حولها حتى توقفت عليه ، ففزعت ... فأعتدلت سريعا و هي تبتعد بخوف ، وضعت قبضتها على صدرها و هي تفرك عليه فهي تتنفس بصعوبة ، فنهض و إتجه للباب و هو يقول بصوته الاجش
    - لما تهدي انزلي عشان نتغدا ، متتأخريش
    و من ثم خرج ، فأغمضت عينيها و هي تريح جسدها على السرير و اصبحت دموعها تسيل على وجنتيها بهدوء .
    ،،،،،،،،،،،،،،،
    بعد ان خرج من جناحه امر الحارس ب
    - ابعت زهرة ل ريحانة
    - حاضر يا سيدنا
    و من ثم إتجه الشيطان للسلالم و صعدها حتى وصل لأخر طابق موجود في القصر ، و من ثم سار بمرره الطويل و هو ينظر بجمود للسجناء الذين يقفون خلف القضبان الحديدية .

    ..........................................................

    - ماشي يا بابا ، هقولها
    قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف ، و من ثم صمتت لتسمع اقواله و قبل ان ترد عليه ، اتت خادمة و قاطعتها بقولها
    - سيدنا الشيطان بيأمرك انك تطلعي للأنسة ريحانة يا زهرة
    - حاضر
    قالتها زهرة و من ثم قالت لوالدها
    - سلام دلوقتي يا بابا ، ورايا شغل
    و انهت المكالمة و من ثم نهضت و إتجهت لجناح الشيطان و بعد ان صعدت السلالم ، وقفت امام جناحه و طرقت الباب و من ثم دخلت
    - انسه ريحانة!
    قالتها زهرة بهدوء و هي تتقدم من ريحانة ، ففتحت ريحانة عينيها و قالت بلهفة وهي تعتدل لوضع الجلوس
    - زهرة
    وقفت زهرة امامها فجذبتها ريحانة من ذراعها لتجلسها و قالت
    - زهرة ... عايزاكي تساعديني
    - اساعدك؟
    - ايوة
    - في اية
    صمتت ريحانة لبرهه قبل ان تقول ببطئ خافت
    - عايزه اهرب من هنا
    - نعم!
    هتفت بها زهرة بعدم تصديق ، فقالت ريحانة بمرارة
    - زي ما سمعتي ، انا عايزه اهرب ... عشان انا مبقدش مستحمله .. انا عايزه امشي من هنا .. انا تعبت ، انا لو طلبت من جلال انه ياخدني مش هيرضى و.....
    قاطعتها زهرة بإبتسامة و هي تقول
    - على فكرة سيد جلال ناوي يرجعك
    - بجد!
    قالتها ريحانة بعدم تصديق ممزوج بالسعادة ، فأكملت زهرة
    - لسه جيالي مكالمة و عرفت ان سيد جلال عايز يهربك من هنا و يرجعك ليه ، بس مش دلوقتي
    - لية؟
    قالتها ريحانة بخيبه امل و حزن ، فردت زهرة
    - لأن هو مش هيبقى موجود في القرية الفترة دي
    - هيروح فين؟
    - معنديش معلومات كتير .. بس اللي عرفته ان عنده شغل برة القرية
    اومأت ريحانة برأسها و هي تخفضها ، فأمسكت زهرة بيدها بتردد و قالت بتساؤل
    - انتي بجد عايزه ترجعي للسيد جلال؟
    رفعت ريحانة رأسها و قالت
    - اكيد
    تنهدت زهرة بآسى بينما ريحانة سألتها
    - لية بتسألي؟
    - ولا حاجة
    ساد الصمت لبرهه قبل ان تقطعه ريحانة بقولها
    - هو جلال هيطول في الغيبة؟
    - لا .. لمدة اسبوع او كام يوم
    اومأت ريحانة برأسها وقالت بمرارة
    - يعني انا لازم استحمل تصرفات الشيطان لغاية ما يرجع جلال و ياخدني
    بعد ان انهت جملتها نهضت بتعب و إتجهت للخزانة و فتحتها و اخذت بعض من الملابس لترتديها و من ثم التفتت لزهرة و قالت
    - لازم استحمل .. صح!
    فقالت زهرة بإبتسامة
    - هانت
    اومأت ريحانة برأسها وهي ترسم إبتسامة صغيرة على شفتيها و من ثم إتجهت للحمام .
    ..........................................................
    دخل داخل الزنزانة الذي يوجد بداخلها ايمن ، وقف بجمود و نظرات باردة تجتاح عينيه و هو ينظر ل ايمن الذي ينظر له بإرتباك .
    - بقالك فترة طويلة مشرفتش زنزانتي يا ايمن بيه ، ها اية رأيك بالإستضافة؟!
    قالها الشيطان ببرود و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله ، و من ثم اكمل بتهكم
    - شكل الاستضافة مش عجباك خالص
    اخفض ايمن رأسه في حين عاد الشيطان للخلف و جلس على الكرسي الذي جلبه له الحارس ، وضع قدم على آخر و قال بهدوء
    - انت اكيد كنت عارف ان اللي بتعمله هيوصلك لهنا
    - لا
    قالها ايمن بخفوت ، و اكمل
    - جلال كان مطمني و قال انه مظبط كل حاجة و ان انا في امان
    - و انت سمعت كلامه و اطمنت !
    اومأ ايمن برأسه ، فقال الشيطان
    - تعرف انك غبي !
    رفع ايمن نظراته للشيطان ، بينما اكمل الأخير
    - انك تشارك جلال و تتفق معاه تضدي ، دة اسمه غباء " اكمل بتهكم " ملقتش غير جلال تثق فيه يا ايمن !
    - مفكرتش غير في الفلوس اللي كان هيديهالي جلال
    - و ادهالك؟
    - لا
    - صدقت انك غبي
    صمت ايمن لبرهه و من ثم قال بصدق
    - مش هعمل كدة تاني ... اوعدك
    قهقه الشيطان و قال
    - انت فاكرني غبي زيك عشان اصدق وعدك؟
    - خرجني من هنا .. مش قادر استحمل
    قالها ايمن برجاء ، فقال الشيطان بتهكم
    - لسه العقاب مبدأش عشان متقدرش تستحمل
    - اوعدك اني هبقى معاك و مش هكون مع جلال تاني .. بس خرجني
    - مش محتاجك معايا
    قالها الشيطان وهو ينهض ، و قبل ان يلتفت و يغادر اشار للحراس لبدأ العقاب ، فأومؤا برأسهم و بدأوا بالأقتراب منه و هم ممسكين بعصيان حديدية ، فخرج الشيطان من الزنزانه و سار في الممر و هو يسمع صوت ايمن الذي يترجاه بأن يخرجه .. ولكنه لم يهتم .
    ..........................................................
    سارت في الممر حتى وصلت لغرفة الطعام و دخلتها بخطوات متردده و إتجهت لمقعدها و سحبت الكرسي لتجلس عليه فحانت منها التفاته حذرة لناحيته بطرف عينيها و من ثم جلست وهي تنظر لطبقها ، اتت الخادمة و بدأت في تقديم الطعام فطوى الجريدة و وضعها بجانبة و بدأ في تناول طعامه بهدوء و هي ايضا ، اثناء هو يتناول طعامه حانت منه نظرة عابره لها .
    ..........................................................
    في مكتب جلال
    - في ورق مهم ليا مع الشيطان لازم يكون معايا ، هقولك التفاصيل عشان تقولها لبنتك و توصلها لريحانة
    قالها جلال بهدوء ، فأومأ الرجل المسن برأسه بينما اكمل جلال امرا
    - و كل حاجة بتحصل لازم توصلي اول بأول
    - حاضر يا سيدنا
    - صحيح ... بنتك وصلت كلامي ل ريحانة
    - وصلته و الانسه ريحانة فرحت
    - اسمها المدام مش الآنسه
    قالها جلال بحدة ، فتأسف الرجل المسن و ردد
    - المدام ريحانة
    رمقة جلال بحدة و من ثم اشار له بأصبعه للمغادرة ، فأخفض الرجل المسن رأسه و غادر ، فعاد جلال برأسه للخلف و هو يقهقه و يقول بتهكم
    - انسه ريحانة قال
    ..........................................................
    أثناء كان يتناول الشيطان معامه ، اتت الخادمة و على وجهها ملامح الفزع و هي تقول
    - الحق يا سيدنا الحق
    نظر لها و قال بهدوء
    - في اية؟
    - السيد عبد الخالق اتعرض لأزمة قلبية
    نهض بسرعة و قال
    - اتصلوا بالحكيم
    اومأت الخادمة برأسها و ركضت للخارج لتنفذ ما طلبه منها سيدها بينما هو إتجه مسرعا للطابق الثالث خاصا لغرفة جده ، كانت ريحانة تتابع ما يحدث بأنفاس منحسرة ، نهضت بسرعة و هي تشعر بالفزع ... إتجهت للباب و قبل ان تخطو اي خطوة للخارج تذكرت ان الشيطان لا يعلم بأنها تقابل جده و إن صعدت او اظهرت خوفها عليه ستكشف نفسها ، فتنهدت بآسى و عادت لمقعدها .
    ..........................................................
    بدء الليل يسدل ستائره
    في الطابق الثالث تحديدا غرفة "عبد الخالق"

    تلفت عايدة لغرفته و تقدمت منه و هي تقول بلهفة مصتنعة
    - جدو ... سلامتك يا حبيبي ، خوفتني عليك
    إبتسم بتعب و قال
    - الله يسلمك يا عايدة
    - اية اللي حصلك ؟ تعبت ازاي؟
    - اقعدي يا عايدة و متتعبيهوش في الكلام
    قالها الشيطان بجمود ، فنظرت له عايدة وقالت
    - ماشي
    و من ثم إتجهت للشيطان و جلست بجانبه قصدا و سألت
    - الحكيم قالكم اية؟
    - هيهمك في اية!
    - مش دة جدي برضه
    نظر لها و قال ببرود
    - لا مش جدك
    - لا جدي .. صح يا جدو ؟
    قالتها بحزن مصتنع ، نظر لها عبد الخالق بضيق ، فقال الشيطان و هو ينهض و يقترب من عبد الخالق
    - سيبينا لوحدنا
    - لا .. هقعد معاكم
    نظر لها الشيطان بصرامة ، فإبتسمت بغيظ و قالت
    - ماشي ، هسبكم لوحدكم
    و نهضت و غادرت و هي تشعر بالغيظ و الغضب .
    جلس الشيطان على حافة السرير و من ثم نظر للكومود حيث موضوع عليه صورة والدته ، فتنهد و نظر لعبد الخالق و قال
    - لسه بتعاتبها!
    نظر له عبد الخالق بحزن و قال بخفوت
    - لسه
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال بهدوء
    - بطل تعاتبها زي ما انا بطلت من زمان
    - انت بطلت! .. بتضحك على مين ، عليا و لا على نفسك
    نظر الشيطان امامه بينما اكمل عبد الخالق
    - انت لسه بتاعتبها لغاية الحظة دي
    إبتسم الشيطان بسخرية و هو ينظر له ، وقال
    - و انت جبت الكلام دة منين!
    - انا عارفك و حافظك من صغرك
    - يبقى انت مش عارفني ، عشان انا اتغيرت
    - انت متغيرتش ، انت لسه جواك الطيبة .. لسه جواك الطفل اللي معاشش طفولته صح ، انت بتخبي ضعفك و احتياجك و ألمك ورا قسوتك و برودك
    - كلامك مش منطقي
    قالها ببرود و هو ينهض
    - كلامي منطقي و انت عارف ان كل كلمة قلتها صح بس بتنكر
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول بتهكم
    - شكلك متأثر بأفلام زمان ، سلام
    انهى جملته و إتجه للباب و قبل ان يخرج من الغرفة قال عبد الخالق
    - انت محتاج حاجة واحدة بس ، محتاج حد يساعدك في انه يخرجك من دايرة الماضي و الانتقام و هيساعدك في انه يرجعك لشخصيتك الحقيقية ، صدقني هتلاقي الشخص دة و هيساعدك بدون ما تحس
    - كلام تافه
    هتف بها الشيطان قبل ان يخرج من غرفة عبد الخالق
    ..........................................................
    كانت جالسه على السرير و هي تفكر ... كيف حاله جده الآن؟ هل اصبح بخير؟ هي تشعر بالقلق عليه .
    رفعت نظراتها لباب الجناح الذي يفتح فوجدته يتلف للجناح ، نظر لها ببرود و هو يتجه للأريكة و يجلس عليها ، ظلت تنظر له بشرود فهي الآن تفكر في طريقة لمعرفة اي شيء عن حالة عبد الخالق .
    - مالك
    قالها بصوته الاجش ، فزاغت نظراته بعيدا عنه و هي تقول بتلعثم
    - ممكن اسألك سؤال
    ظل ينظر لها و لم يرد ، فسألته
    - هو مين السيد عبد الخالق؟
    - بتسألي لية!
    - عادي
    قالتها بتلعثم في حين ابعد نظراته عنها وهو يتجاهلها و ينهض و يتجه للخزانة ، فأغتاظت و قالت
    - مش هترد !
    - مش هرد
    - لية؟
    - عشان حاجة متخصكيش
    صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - طب هو كويس؟
    نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
    - مهتمه بالموضوع لية؟
    بلعت ريقها بصعوبة و هي تفكر في رد مناسب ، فوجدت و ردت
    - انا طبيعتي كدة ، بحب اطمن على اي حد اعرفه
    التفت و نظر لها وقال
    - تعرفيه!
    توترت من قوله الأخير فتلعثمت و هي تقول
    - مش قصدي .. هو يعني...
    قاطعها بنفاذ صبر
    - مش عايز اسمع قصدن
    نظرت له بغيظ و قالت
    - في حاجة اسمها اداب الحديث على فكرة يعني....
    - بس
    صرخ بها بغضب فأنتفضت بفزع ، اغلق الخزانة بغضب و هو ينظر لريحانة و من ثم تقدم منها بخطوات بطيئة و وقف امام السريرمقايلا اياه حيث هي تراجعت للخلف بخوف .
    - لو سمعت صوتك هموتك .. سامعه
    قالها بهدوء مخيف ، فأومأت برأسها بخوف و خضوع ، فألتفت و إتجه للحمام و صفق بابه بقسوة و غضب ... كادت تكسره .
    ،،،،،،،،،،،،،،،
    استلقت على السرير سريعا و وضعت الغطاء على جسدها بالكامل و اغمضت عينيها و مثلت النوم .
    خرج من الحمام و هو يضع منشفة صغيرة على رقبته ، نظر لها نظرة عابره و هو يتجه للأريكة و يجلس عليها ، ازاح المنشفة من على رقبته و وضعها على شعره ليجففه و بعد ان انهى تجفيف شعره القاها على الأريكة بإهمال و نهض و إتجه للسرير و نام مكانه ، التفت برأسه و نظر لها .. كانت تلويه ظهرها فمرر انامله ببطئ على خصلات شعرها المتناثرة على وسادتها ،و من ثم اقترب برأسه ليشم رائحه شعرها الجذابة فأغمض عينيه بإستمتاع و من ثم اعتدل بجسده لناحيتها و مرر ذراعه على خصرها و جذبها له فأصبحت بين احضانه . كانت تشعر في البداية ببعض من الخوف عندما جذبها له ، و فجأة تلاشى شعورها بالخوف و اصبحت تشعر بدقات قلبها المتسارعة لقربه منها و ذلك الشعور التي لا تعرف معناه تملكها .
    - عارف انك صاحيه ، تصبحي على خير
    قالها بهمس في اذنيها وهو مازال يشم رائحة شعرها ، فإرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة . 

    لفصل الثالث عشر

    اشرقت شمس يوم جديد
    فتحت ريحانة عينيها ببطئ و نظرت لمكانه و من ثم اغلقتهما بنعاس و ما لبثت ان فتحتهم مرة آخرى و نظرت لمكانه و لم تجده .. فأعتدلت إلى وضع الجلوس و هي تمرر نظراتها حولها باحثه عنه .. فلم تجده ايضا ، فتنهدت و هي تمسح وجهها بكفها و من ثم اقتربت من حافة السرير و انزلت قدميها حتى لامست اصابعها الارض و قبل ان تنهض سمعت طرقات احدهم على الباب فأذنت له بالدخول
    - صباح الخير انسة ريحانة
    قالتها زهرة و على وجهها إبتسامة مشرقة ، فبادلتها ريحانة الإبتسامة و هي تقول
    - صباح النور
    - في حاجة عايزه اقولهالك
    - ماشي ، بس استنيني .. هدخل الحمام و ارجعلك
    قالتها ريحانة و هي تنهض من على السرير ، فأومأت زهرة برأسها و هي تقول
    - حاضر
    إتجهت ريحانة للحمام و دخلته ، بينما جلست زهرة لتنتظرها
    ..........................................................
    كان الشيطان يعتلي جواده الاسود و هو يتجول في الأراضي الخضراء الواسعة ، كان يتابع بنظراته الحادة العاميلن الذين يعملون في هذة الأرض .. كانوا يعملون بجد و هذا اعجبه ، فأوقف جواده و قال بصوت مرتفع
    - ليكم مكافأة على شغلكم ... هزودكم في الرواتب الشهر دة ، ولو فضلتم تشتغلوا بجد هكافأكم اكتر
    ساد الصمت بعد قوله و تعالت الدهشة على وجوه العاملين ، فألتفت بجواده ببطئ و من ثم ضرب الجواد باللجام فركض .
    ..........................................................
    - حاولي تجيبي الورق دة بأي طريقه عشان مهم للسيد جلال
    قالتها زهرة لريحان بعد ان خرجت من الحمام ، و اكملت
    - الورق دة يبقى معاكي قبل ما تهربي من هنا ، انا قلتلك التفاصيل اللي موجوده في الورق ، حاولي تلاقيهم
    اومأت ريحانة برأسها بشرود و من ثم سألت
    - عندي سؤال
    - اتفضلي
    - القصر اللي جلال عايز ورقه ، قصر مين ؟
    نظرت لها زهرة و قالت
    - القصر بتاع السيد بهجت الله يرحمه او بالأصح القصر بتاع اجداد الشيطان و السيد جلال
    - الشيطان و جلال!
    قالتها ريحانة بإستغراب في حين اومأت زهرة برأسها ، فأكملت ريحانة
    - وهو فين القصر دة؟
    - دة القصر .. اللي انتي عايشه فيه دلوقتي
    نظرت لها ريحانة ببلاهه و قالت
    - انا مش فاهمه حاجة
    - مش فاهمه اية؟
    - انتي بتقولي ان القصر دة بتاع اجداد جلال و الشيطان ... ازاي؟ ، مش دة قصر الشيطان بس! ... فأية اللي دخل جلال و ....
    و من ثم صمتت لبرهه و هي تفكر ، و من ثم اتسعت مقلتيها في ذهول و هي تقول
    - هو في قرابه ما بين الشيطان و جلال؟
    ساد الصمت لدقائق حيث قطعته ريحانة
    - مش بتردي عليا لية؟
    تنهدت زهرة و قالت
    - في حاجات كتير متعرفهاش و منهم ان السيد جلال و الشيطان .... اخوات
    انفجرت شفتيها في ذهول و صدمة مما سمعت .
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها ، نظرت لمقعده الخالي و تنهدت في حين اتت الخادمة و قالت بخفوت
    - تحبي احط لحضرتك الفطور و لا هتستني سيدنا ؟
    نظرت لها ريحانة بشرود و صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - هستناه
    اومأت الخادمة برأسها و عادت للوراء ، بينما ظلت ريحانة تنظر للهاوية بشرود و ضياع !
    ..........................................................
    خرج جلال من قصره و إتجه لسيارته فأسرع السائق و فتح باب السيارة لسيده "جلال" ... فصعدها و اغلق السائق الباب ، امسك جلال بهاتفه و ضغط على عدة ارقام و من ثم وضع الهاتف على اذنه و هو ينتظر رد الطرف الآخر
    - كل دة عقبال ما ترد يا عجوز انت
    قالها جلال بغضب بعد ان رد الطرف الآخر ، فتأسف الطرف الآخر و قال
    - معلش يا سيد جلال .. سمعي على قدي و...
    قاطعه جلال
    - مش وقت سمعك دلوقتي ، ها .. وصلت الكلام اللي قلتهولك لريحانة؟
    - ايوة
    - كويس ، تبقى تعرفني بكل جديد ، و حاول تخلي ريحانة تجبلنا الورق اسرع
    - حاضر يا سيدنا
    اغلق جلال الخط دون ان يرد و من ثم نظر من خلف زجاج النافذة و هو يقول للسائق
    - سرع
    - حاضر
    قالها السائق و من ثم زاد من سرعه السيارة
    ..........................................................
    تلف لغرفة الطعام بهدوء و جلس في مقعده ، فأقتربت الخادمة و بدأت في تقديم الطعام بينما كانت ريحانة تحدق به بشرود و ضياع .. احقا جلال و الشيطان اشقاء؟ لا يوجد اي تشابه بينهم سواء شكلا او شخصية ! ، و ما يحيرها ان جلال لم يخبرها عن هذا ابدا .. فلماذا لم يخبرها؟ و ما سبب تلك العدواة التي تشتعل بينهم؟ ، لاحظ الشيطان تحديقها به ... فنظر لها بطرف عينيه ببرود و من ثم نظر امامه و بدأ في تناول طعامه ، فهزت رأسها و هي تتنهد و تنقل نظراتها لطبقها و من ثم مددت يدها و امسكت بقطعة خبز و غمزتها بالمربة و وضعتها في فمها و هي مازالت تفكر ... فهناك اسئلة كثيرة تريد ان تعرف اجابتها .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    بعد ان انهى طعامه ، نهض و نظر لها نظرة عابرة قبل ان يخرج من غرفة الطعام و يتجه لمكتبه ، بينما كانت ريحانة تتابعه و فور خروجه القت بالملعقة على الطاولة بإهمال و عادت بظهرها للخلف و هي تدلك رأسها بضيق في حين تتأفف و تحدث نفسها بضيق
    - هتجنن من كتر التفكير .. هتجنن
    و من ثم نهضت و خرجت من غرفة الطعام و سارت في الممر و صعدت السلالم و توقف في الطابق الذي يوجد فيه جناحه ولكنها تذكرت جده "عبد الخالق" فنظرت حولها و من ثم صعدت للطابق الثالث بحذر و إتجهت لغرفته و دخلتها بعد ان طرقت الباب بخفوت ، اقتربت منه ببطئ و هي تنظر له فهو كان نائم و من ثم توقفت و اللتفتت و إتجهت للباب مرة آخرى لتغادر و لكنها
    - جايه تزعجيني لية
    قالها بمزاج و هو مغمض العينين ، فتوقفت و قد شعرت بالفزع لوهله و لكن سريعا عادت لطبيعتها و إرتسمت على شفتيها إبتسامة و هي تلتفت له و تقول و هي تقترب
    - انت صاحي! .. افتكرتك نايم
    - كنت نايم .. بس صحيت لما دخلتي و ازعجتيني
    - اسفه على ازعاجك بس جيت اطمن عليك
    قالتها و هي تجلس على الكرسي الذي يوضع بجانب السرير ، فإبتسم لها بسماحة و قال
    - انا كويس ، شكرا لأنك جيتي و اطمنتي عليا
    إبتسمت له و قالت بعد صمت
    - ممكن اطلب منك طلب
    - اطلبي
    - ممكن اناديك ب .. جدو
    قالتها بخفوت و خجل وهي تخفض رأسها ، فإبتسم بحنان و قال
    - اكيد ، انا بعتبرك حفيدتي
    إتسعت إبتسامتها و هي ترفع رأسها و تنظر له و تقول بسعادة
    - شكرا يا جدو
    نظر لها وقال بجدية مصتنعه
    - بس في شرط
    نظرت له بإستغراب فأكمل
    - متبقيش مزعجه يا حفيدتي و متتعبيش جدك ... مفهوم ؟
    اومأت برأسها و هي تقول
    - انا حفيده مطيعه .. مش هتعبك ، متخفش ... بس " اكملت بجمود مصتنع " انا كمان عندي شرط
    رفع حاجبه و قال
    - مستغله ، قولي
    - تجاوب على اسألتي ... كلها و بدون كدب
    قهقه و قال
    - يا سوسه ، عشان كدة عايزاني ابقى جدك !
    ضحكت بخفة و قالت
    - لا طبعا ، انا عايزاك تكون جدي
    - مش مصدقك
    قالها بمزاح ، فنهضت و قالت
    - عشان تصدق .. هسيبك عشان ترتاح ، اهو انا حفيده مطيعه
    إبتسم و قال
    - ماشي ، حاسبي ليشفوك الشيطان وانتي خارجه من هنا
    اومأت برأسها و قالت
    - متقلقش ، سلام
    و من ثم إتجهت للباب و فتحته و خرجت و اغلقت الباب بهدوء و من ثم تقدمت من السلم و نزلت بضع خطوات و من ثم توقفت و هي تتنفس بعمق و تجلس على احدى السلالم و شردت .
    استيقظت من شرودها على صوت زهرة التي قالت بقلق
    - انتي كويسه؟ ... قاعده هنا لية؟
    نقلت نظراتها لزهرة التي كانت تحمل صينية و قالت
    - عادي
    اومأت زهرة برأسها و قالت
    - الدوا .. يلى خديه
    مددت ريحانة ذراعها و اخذت كوب الماء و قرص الدواء و شربته ، و قالت
    - شكرا
    إبتسمت زهرة و عادت للخلف ببضع خطوات بينما نهضت ريحانة و قالت
    - فين الشيطان؟
    - في مكتبة
    ..........................................................
    - وصلت للحدود؟
    قالتها عايدة للطرف الآخر الذي تحدثه عبر الهاتف ، فرد الطرف الآخر و الذي كان جلال
    - عايزه تعرفي لية؟
    - مش انت اخويا .. يعني لازم اطمن عليك
    قالتها عايدة بخبث ، فرد جلال بتهكم
    - عشان تطمني عليا و لا عشان توصلي المعلومات للشيطان !
    - اخس عليك .. بتقول على اختك الوحيدة كدة
    - انا معنديش اخوات ... ماتوا
    - لاه لاه .. هتموتني و انا لسه عايشه ... للدرجة دي بتكرهني
    قالتها بحزن مصتنع ، فقال بنفاذ صبر
    - عايزه اية يا عايدة .... انجزي
    - عرفت انك عايز ورق القصر .. عايز الورق لية ؟
    - عرفتي منين؟
    قالها بحدة ، فقهقهت و قالت بتباهي
    - كل صغيرة و كبيرة بتحصل بعرفها من مصادري الخاصة ، ها.... انت مردتش على سؤالي
    - انتي عارفه جوابي
    - اممم .. بس انا مش هسمحلك تاخد القصر دة يا اخويا
    - نعم!
    - انت عارف اني بخطط عشان اتجوز الشيطان .. و القصر دة هيبقى بتاعي لأني هبقى مراته و....
    - انتي خيالك واسع
    قاطعها جلال بتهكم و اكمل
    - عمر ما الشيطان فكر فيكي و لا عمره هيتجوزك عشان هو عارف دماغك و عارف انتي عايزه توصلي لأية
    اغاظها قوله و اشعرها بالغضب فقالت بحزم
    - استنى عليا .. انا هتجوزه و اصبر و شوف
    - هستنى و اشوف
    قالها ببرود قبل ان يغلق الخط ، بينما هي القت بالهاتف على السرير بغضب و هي تتمتم
    - هتشوف يا جلال ... هتشوف
    ..........................................................
    طرقت ريحانة بقبضتها على باب مكتبه و من ثم دخلت بعد سماع اذنه لدخولها ، تقدمت منه ببطئ و هي تشعر بالإرتباك و التردد ، رفع نظراته لها و تابعها حتى جلست على المقعد المقابل لمكتبه ، ظلت صامته و هي تبحث عن بداية لحديثها و لكنها لم تجد .
    - لو هتقولي حاجة قولي لو مش هتقولي اخرجي
    قالها بجمود و هو يعيد انظاره الباردة إلى الكتاب الذي يمسكه بين يديه ، فرفعت نظراتها له و قالت بتلعثم
    - هو انا ... كنت عايزه ... اطلب .. قصدي اسألك عن حاجة
    ظل صامتا ، فأرتبكت اكثر فشابكت اناملها ببعضهم بتوتر و هي تقول بجزع
    - انا عارفه ان السؤال ميخصنيش و مليش اسأل فيه بس هو سؤال محيرني ، المهم ..
    - ايوة .. المهم
    قالها بنفاذ صبر و هو يرفع نظراته لها ، فأبتلعت ريقها بصعوبة و قبل ان تخرج حروفها التفتت للباب بعد ان سمعت طرقات احدهم عليه
    - ادخل
    قالها الشيطان امرا ، فدخلت عايدة و توقفت عندما رأت ريحانة معه ، فشعرت بالضيق و لكنها لم تظهر ضيقها حيث تقدمت و جلست على المقعد المقابل ل ريحانة و وضعت قدم على آخرى
    - جيتي لية؟
    قالها الشيطان بجمود ، فإبتسمت عايدة و هي تنقل نظراتها له و تقول بدلع مصتنع
    - كنت جايه اطمن عليك و اشوفك ، اصلك وحشتني
    - عايدة
    قالها بصرامة و هو يضع الكتاب على مكتبه ، فإتسعت إبتسامتها و قالت بوقاحه ممزوجة بالدلع
    - يا عيون عايدة
    نظرت لها ريحانة بإستحقار لأسلوبها الوقح ، بينما كور الشيطان قبضته بنفاذ صبر و قال
    - عايدة .. قولي عايزه اية ، مش فاضيلك
    - يعني مش فاضيلي و فاضلها !
    قالتها بحزن مصتنع ، فتحولت نظراته للحدة و اتى ان ينهض فسبقته عايدة بقولها و هي تضحك
    - خلاص هقول .. بس متتعبش نفسك و تقوملي
    رمقها بغضب فقالت و هي تنظر لريحانة
    - عايزه نتكلم لوحدنا .. اطلعي برة
    نظرت لها ريحانة بإحراج و من ثم نقلت نظراتها له و نهضت و قبل ان تخطوا خطوة واحدة قال الشيطان بجمود
    - اقعدي
    نظرت له ريحانة ببلاهه و ظلت واقفه ، فأعاد ما قال بحدة
    - قلت اقعدي ، مش سامعه!
    جلست و هي تنظر له بجزع ، بينما نظرت له عايدة بغيظ و قالت ببرود مصتنع
    - خلاص ، عايزها تسمع اللي هقوله .. براحتك
    و صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - مش عايز تحقق امنية امك بقى و تتجوز ... اصل انا عندي واحدة هتعجبك
    نظر لها ببرود و قال بجمود
    - بتتخطي حدودك
    - مفيش حدود بين الأخوات
    - اخوات!
    قالها بتهكم ، فصمتت عايدة لبرهه قبل ان تقول بجدية
    - بص ... بدون لف و دوران ، انت عارف اني بحبك و عايزه اتجوزك و...
    اتسعت مقلتي ريحانة في ذهول مما قالته عايدة ، بينما قاطعها الشيطان عندما قهقه بسخرية و هو يقول
    - مش كنا اخوات من دقيقة!
    - انت عارف ان انا و انت مش اخوات إلا اسما ، لأني انا اتولدت من ام و اب غير امك و ابوك
    - مش حاسه بالإحراج من نفسك! .. مش مكسوفه!
    - لا مش حاسة بأي احراج او كسوف عشان...
    قاطعها
    - عشان الفلوس و الثروة هتعملي اي حاجة
    - لا ... عشان بحبك
    - عليا يا عايدة ، دة انتي بنت بهجت بيه
    - بنت بهجت في الدم بس تربيه امك
    اظلمت عينيه فجأة و لاحظت ريحانة ذلك ، بينما اكملت عايدة بطريقة مستفزة
    - فبالتالي انا طالعة بجحة ومش بتكسف زي امك فهي اللي مربياني ، و زي ما بيقول المثل اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها
    - عايدة
    نادها بهدوء مخيف ، بينما اكملت عايدة بلا مبالاة
    - فاللأسف انا طالعة لأمك في طباعها السيئة كلها ، اصلا معتقدش ان في اي صفة حلوة فيها
    - عايدة ، حاسبي على كلامك
    قالها بحدة و هو يكور قبضته ببطئ و الغضب بدأ يتملكه ، فإرتسمت إبتسامة جانبية متسلية على وجه عايدة و هي تقول ببرائة مصتنعة
    - مالك ؟ ... هو انا بقول حاجة غلط او بتبلى عليها مثلا!
    و من ثم نظرت امامها ببرود و اكملت بطريقتها المستفزة
    - و اصلا انت عارف ان كلامي صح ، و لا عايزني افكرك بالماضي اللي مضى !
    - برة يا عايدة
    قالها بهدوء غاضب ، في حين كانت ريحانة تتابعة بنظراتها المترقبة لتعابير وجهه و نظراته الغريبة الذي يحاول أخفائها خلف نظراته الحادة الغاضبة ، انتفضت بفزع عندما هتف بغضب جامح
    - اطلعي برة يا عايدة
    شعرت عايدة بالخوف و نهضت و غادرت سريعا ، بينما ظلت ريحانة جالسة في مكانها و هي مخفضة الرأس .
    - ريحانة
    قالها من بين تنفسه الخشن ، فرفعت نظراتها له ببطئ في حين تسارعت دقات قلبها و تملكها ذلك الشعور مرة آخرى .
    - اطلعي برة
    - نعم!
    قالتها ببلاهه ، فضرب المكتب بقبضته و هو يقول بغضب
    - بقول اطلعي برة
    نهضت بسرعة و هي تشعر بالخوف و إتجهت للباب بخطوات سريعة و وضعت كفها المرتجف على قبضة الباب و برمتها وخرجت و اغلقت الباب بهدوء و وقفت امام باب مكتبه ، فسمعت صوت إرتطام زجاج على الأرض .. فتراجعت للخلف بدهشة و صعدت السلالم بسرعة .

    كان صدره يعلو و يهبط من سرعة تنفسه الخشن ، و عيناه مظلمة كسواد الليل و كلمات عايدة السيئة عن والدته تتردد في اذنه .. فهو لا يتحمل سماع اي كلمة عنها لذلك هو غاضب ، امسك بسيجارته الفاخرة و اشعلها و وضعها بين شفتيه و من ثم ابعدها و نفث دخانها بغضب .
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره
    مستلقيه على السرير و هي تنظر للهاوية و كانت شارده ... حيث كانت تفكر في امور عدة و منهم "الشيطان و عايدة" ، كيف لعايدة ان تحب شقيقها! ، تذكرت كلمات عايدة ** انت عارف ان انا و انت مش اخوات إلا اسما ، لأني انا اتولدت من ام و اب غير امك و ابوك ** ، اعادت تكرار هذة الكلمات حتى فهمت ما علاقتهم ببعض ، فأعدلت إلى وضع الجلوس و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
    - يعني اللي فهمته ان الشيطان و عايدة مش اخوات ، و لما قالت انها جت من ام و اب غير امه وابوه يعني مفيش غير حاجتين ، يا اما امه اتجوزت ابوها او ابوه اتجوز امها و بقوا اخوات بالأسم بس
    و من ثم صمتت لبرهه و هي تتعمق في التفكير
    - هي قالت ان امه ربته ... و دة معناه ان ام الشيطان اتجوزت ابو عايدة ، فبالتالي امه ربتها
    تنهدت بضيق و هي تحك جبينها و تكمل
    - بس هي لية قالت عليها الكلام دة؟ ، اكيد في سبب
    عادت برأسها لوسادتها و صمتت لدقائق قبل ان تضيق عينيها قليلا و تقول بتساؤل
    - اممم هو ممكن تكون حالة الشيطان اللي عليها دلوقتي بسبب امه ؟!
    هزت رأسها بعنف و هي تتأفف
    - و انا اية دخلي .. مش لازم اعرف السبب ورا اي حاجة بتحصل او حصلت ، انا ههرب من هنا و مش هرجع فمش هستفاد لو عرفت
    و بعد ان انهت جملتها اعتدلت و قالت بآسى
    - بس المشكلة ... عندي فضول اعرف
    مسحت وجهها بعنف و هي تنهض و تتجه للحمام و قبل ان تصل للأخير توقفت و سألت نفسها بحيرة
    - طب هو جلال جه منين؟
    ..........................................................
    امسك جلال بهاتفه و نظر للأسم الذي يتصل به و على وجهه إبتسامة خبيثة و قال
    - كنت مستني اتصالك
    و من ثم وضع الهاتف على اذنه و قال
    - عز الدين بيه بيتصل بنفسه ، واحشني يا خال
    - فين الورق يا جلال
    قالها عز الدين بحدة بعد ان تجاهل قول جلال ، فرد الأخير بعدم فهم مصتنع
    - ورق اية يا خال؟
    - الورق اللي خليت ابني يسرقه
    - انت قولت .. أبنك اللي سرق ، فأسئله وداه فين
    - الورق معاك يا جلال ، و انا عارف
    - انت بتظلمني
    - مش بظلمك ، الورق معاك لأن ايمن سرقه من عندي و ادهولك
    - طب المطلوب؟
    - رجع الورق
    - اممم و المقابل
    - المقابل!
    - ايوة
    - الورق دة ميخصكش يا جلال ، رجعه
    - ما انا عارف انه ميخصنيش ، فعشان كدة اخدته ، ولو عايزه ... أنت عارف بقى
    - عايز كام يا جلال
    - مش عايز فلوس
    - نعم!
    - عايز العقد
    - نعم!
    قالها عز الدين بصدمة و هو يسعل ، بينما اكمل
    - اي عقد ؟
    - بتاع فيروز هانم .. الله يرحمها
    - مش معايا
    - ما انا عارف انه مش معاك ، بس هتقدر تطلبه من الشيطان
    - مستحيل اطلبه
    - خلاص ، قول سلام على ورق صفقتك اللي حطيت فيها كل فلوسك و ثروتك
    و فور انتهائه من قول جملته اغلق الخط و نظر من خلف زجاج الشرفة بإنتصار و قال
    - و من هنا ... هنبدأ اللعب صح
    و من ثم التفت و إتجه للأريكة و جلس ، فأعلن هاتفه عن وصول رسالة ، ففتحها و قرأها فتحولت ملامح وجهه للغضب
    ..........................................................
    خرجت ريحانة من الحمام على اثر سماعها لضجة كبيرة في الخارج ، فتقدمت من الباب و فتحته و خرجت و توقفت لبرهه و من ثم تقدمت و إتجهت للسلم في حين كانت عايدة تنزل ، فأوقفتها ريحانة و سألتها
    - هي اية الدوشة اللي تحت دي ؟
    نظرت لها عايدة ببرود و قالت
    - معرفش ، انا هنزل و اشوف
    و من ثم تركتها و نزلت فتبعتها ريحانة و هي تشعر بالقلق .
    - في اية؟
    قالتها عايدة و هي تنظر لذلك الرجل الذي يركع على الأرض امام الشيطان و يبدو انه نال الكثير من الضرب ، في حين رفع الشيطان نظراته الحادة لناحيتها و من ثم اعادها للرجل و قال بغضب
    - و لأخر مرة هسألك .. مين اللي باعتك كجاسوس لهنا ، قول
    نظر له الرجل بخوف و لم يرد ، فتنفس الشيطان بخشونة و من ثم قال بهدوء غاضب
    - شكلك مش خايف و حابب تموت ، ماشي
    فتقدم الحارس و مد كفه الممسك بالمسدس لسيده ، فأخذه الشيطان و وضع سباطة المسدس على رأس الرجل ، فبكى الرجل و هو يترجاه بقوله
    - لا ... لا يا سيدنا ، متموتنيش ، انا عندي عيال و عايز اربيهم ، ابوس ايدك
    و امسك الرجل بيده و اصبح يقبلها فدفعه الشيطان بقوة فوقع الرجل على الأرض بينما قال الشيطان
    - اخر فرصة ، هتقول و لا
    ظل الرجل صامتا ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال
    - براحتك .. أنت اللي اخترت مصيرك
    و بعد ان انهى جملته سحب المطرقة بأصبعه للخلف فأصبح المسدس جاهز للإطلاق .
    كانت ريحانة تتابع ما يحدث و هي تشعر بالشفقة على الرجل ، فتقدمت من الشيطان و وقفت امامه قبل ان يضغط على الزناد ، فنظر لها بقسوة بينما قالت هي بشجاعة لم تدرك من اين اتت بها
    - متقتلهوش .. حرام
    - ابعدي
    - حرام يا بيجاد تقتله ، هو مأجرمش
    - قلت ابعدي
    صرخ بها ، فقالت بعناد
    - مش هبعد ... حرام تموت الناس
    - دة خاين ، و الخاين نهايته القتل بالنسبة ليا
    ارتجف جسدها لكلماته و شعرت ببعض من الخوف ولكنها تخلصت من شعورها الأخير و قالت برجاء
    - سامحه ، سامحه عشان عياله ، حرام يكبروا من غير ابوهم
    إبتسم الشيطان بتهكم و قال
    - اسامحه! ... مفيش حاجة اسمها مسامحة عندي
    - خلاص ... اقتلني قبله
    قالتها بحزم ، فنظر لها ببرود و قال
    - هقتلك قبله
    و وضع اصبعه على الزناد ، فأغمضت عينيها بخوف
    - خلاص ... هقول كل حاجة
    قالها الرجل قبل ان يضغط الشيطان على زناد المسدس ، فنظر له الشيطان بينما اكمل الرجل بتردد
    - السيد جلال .. هو اللي باعتني ، و مش لوحدي
    فتحت ريحانة عينيها بسرعة و التفتت و نظرت للرجل ، بينما قال الشيطان
    - مش لوحدك!
    نظر الرجل لريحانة بطريقة غريبة و صمت ، فقال الشيطان
    - كمل
    فنظرت ريحانة للرجل برجاء و خوف قبل ان ينقل الرجل نظراته للشيطان . 

    الفصل الرابع عشر

    نقل الرجل نظراته بين ريحانة و الشيطان و من ثم رفع اصبعه ببطئ لناحية ريحانة و قبل ان يشير عليها انطلقت رصاصة غدر مرت برأسه ، فصرخت ريحانة بفزع و هي تنظر للرجل بصدمة بعد ان رأت الرصاصة تخرج من جبينه ، في حين التفتوا الحراس و نظروا لمصدر انطلاق الرصاصة فلمحوا احدهم و هو يهرب .
    - وراه
    هتف بها الشيطان امرا ، فنفذ الحراس اوامر سيدهم ، في حين اقترب الشيطان من جثة الرجل و جثى على ركبته و مد يده و امسك بمعصمه و من ثم القاه بغضب و قال
    - قتلوه
    كانت عايدة تتابع ما يحدث ببرود حيث كانت ملامحها خاليه من اي تعبير بعكس ريحانة الذي ظاهر على ملامحها الصدمة و الفزع مما حدث .
    ساد الصمت في القصر قبل ان يتعالى صوت الطلقات النارية خارج القصر ، فأنتفضت ريحانة بخوف و عادت للوراء بخطوات مرتجفه و هي تشعر بأصوات طلقات النار تقترب ، و اثناء تراجعها وقعت على الأرض في حين دخل المسلحين لداخل القصر و هم حاملين اسلحتهم و يوجهوها لناحيه الشيطان فرفعت نظراتها التي تلمع بالدموع له ، بينما كان ينظر لهم ببرود .
    - ارمي السلاح و إلا هموتك
    قالها قائدهم للشيطان ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و القى بسلاحه على الأرض و قال بهدوء مخيف
    - حابب تلعب في عداد موتك
    بعد ان انهى جملته رفع احدى ذراعيه و اشار بحركة معينة فظهر حراسه من خلفه في حين التقط سلاحه الذي القاه و نهض و هو يوجهه سباطة المسدس لناحية قائدهم و قال
    - مين اللي باعتك
    لم يجبه على سؤاله بل امره ب
    - نزل سلاحك انت و حراسك
    - مدام الاسلحة طلعت يعني مش هتنزل إلا بعد موت حد من الطرفين
    قالها الشيطان بجمود و قد لمعت عينيه ببريق شيطاني مخيف و من ثم ضغط على زناد المسدس فأنطلقت رصاصة و استقرت في صدر قائدهم .. فبدأ الحرب بين الطرفين ، فزحفت ريحانة للخلف حتى اختبئت في الزاوية و زادت في بكائها و ازداد إرتجاف جسدها و هي تضع كفيها على اذنيها بقوة و تغمض عينيها ، بينما صعدت عايدة السلالم بسرعة لتختبئ .
    دام إطلاق النيران -الحرب- لفترة قصيرة و إنتهى على قتل جميع الرجال المسلحين و إصابه بعض من حراس الشيطان .
    القى الشيطان بسلاحه على الأرض و هو يلهث و من ثم مرر نظراته الهادئة لكل تلك الجثث الراقدة على الأرض ، و من ثم التفتت و تقدم بخطوات ثابتة لمكتبه و ما لبث ان توقف و التفت برأسه و نظر للزاوية فوجدها على حالتها تلك فأسرع لها و جثى على ركبتيه و هو يمسكها من كتفيها و يسألها بلهفة
    - انتي كويسة؟
    نظرت له بخوف و دموعها تسيل على وجنتيها في حين مددت يديها المرتجفتين و امسكته من قميصه و قالت
    - انا خايفه
    ظل ينظر لها لبرهه و من ثم إبتسم بدفئ و قال بهمس
    - متخفيش ، انا معاكي ... تعالي
    اومأت برأسها ، فنهض و امسك بكفها بين كفه و ساعدها على النهوض ؛ فوقفت على قدميها و نظرت له ببرائه عيونها اللامعة بالدموع و قالت بصوت مرتجف
    - متسبنيش
    وضع يده الآخرى على خصرها و سار بها لإتجاة السلم و اثناء سيرها كانت تتجنب النظر للجثث و الدماء ولكن عينيها خانتها و نظرت لهم فأغمضت عينيها بقوة و تشيثت به بيدها المرتجفة فشعر بإرتجافها فنظر لها من فوق و من ثم مال قليلا و حملها بين ذراعيه و اكمل السير ، فنظرت له لبرهه قبل ان تسند رأسها على كتفه و هي مازالت متشبثه به .
    ..........................................................
    - موتناه
    قالها احدهم لجلال عبر الهاتف ، فإبتسم جلال بينما اكمل الآخر
    - بس خسرنا العشر رجالة اللي بعتناهم
    - مش مهم اللي ماتوا ، اهم حاجة ان حقيقة ريحانة متكشفتش
    قالها جلال بجمود ، فرد الآخر بتساؤل
    - لية مش عايز تكشف حقيقة ريحانة ؟
    - مش دة الوقت الصح عشان اكشف حقيقتها
    - يعني انت ناوي تكشف حقيقتها ؟
    قالها الآخر بتساؤل ، فلمعت عيني جلال بغموض و هو يقول ببرود
    - متسألش في اللي ملكش فيه ، سلام
    و بعد ان انهى جملته اغلق الخط و وضع الهاتف على الكومود و هو يريح جسده على السرير.
    ..........................................................
    اجلسها على السرير بحنان و جلس بجانبها و هو ينظر لها ، بينما ضمت ريحانة كفيها و ضغطت عليهما لتوقف ارتجافهما فلاحظ ذلك ، فمد كفه و وضعه على كفيها فنظرت له ، في حين سألها
    - لسه خايفه ؟
    - شوية
    - الموضوع خلص فالخوف ملهوش لازمة
    اومأت برأسها و هي تخفض نظراتها و من ثم ساد الصمت لبرهه قبل ان تصعد على السرير و تنام في مكانها بينما هو نهض و إتجه للخزانة و اخذ ملابس ليرتديها و من ثم إتجة للحمام .
    ..........................................................
    اشرقت شمس يوم جديد

    فتح عينيه و هو يشعر بأنفاسها على رقبته فنظر لها من فوق ... فهي كانت نائمه في احضانه حيث كانت تدفن وجهها في رقبته لتستنشق رائحته و كانت تضع احدى كفيها على صدره و هي ممسكه بقميصه بخفة .. و الآخرى خلف اذنه ، فنظر للهاوية و هو يتذكر ما حدث بالأمس بعد ان خرج من الحمام بفترة
    *********************
    بعد ان خرج من الحمام لم ينم بل إتجه و جلس على الأريكة و اصبح يحدق بها بشرود .. فهو كان يتذكر حالتها عندما كانت خائفه .. لا ينكر قلقه عليها ، اغمض عينيه و هو يتنفس بإضطراب في حين إنتابه ذلك الشعور الذي راوده و هي بين يديه ... فللحظة شعر انها طفلته الصغيرة التي تحتاج للأمان و الدفئ و الأحتواء . فتح عينيه و هو يتخلص من مشاعره المتضاربة و نهض بضيق و من ثم إتجه للسرير و استلقى في مكانه و اغمض عينيه و هو يتجنب النظر لها او الألتفات ، و بعد دقائق شعر بيدها على صدره ففتح عينيه و نظر لها فوجدها تنظر له بعيون ناعسه و هي ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة فعلم انها في مرحلة ما بين النوم و اليقظة ... فأعاد نظراته للهاوية فشعر برأسها التي تضعها على صدره فنظر لها من فوق فوجدها نائمه ، فتنهد بعمق و هو يشعر بالتخبط في مشاعره!
    *********************
    بدأت تستقيظ حيث فتحت عينيها ببطئ و هي تشم رائحته فرفعت رأسها فتقابلت اعينهما
    - انت ....
    قالتها بهدوء قبل ان تتوقف عن إكمالها حيث اتسعت مقلتيها بصدمة و ابتعدت عنه سريعا ، فأعتدل قليلا و هو ينظر لها بسخرية و قال
    - مالك؟!
    - انت كنت بتعمل اية؟
    قالتها ريحانة بتلعثم ، فإبتسم إبتسامة جانبية و قال بخبث
    - برأيك .. كنت بعمل اية
    نظرت له بفزع و من ثم نظرت لجسدها و قالت
    - انت عملت اية ؟
    و من ثم اعادت نظراتها له و قالت بحدة
    - انت استغلتني
    - استغليتك !
    قالها بتهكم ، و من ثم نهض و لاواها ظهره بينما اكملت بحزن
    - يعني عشان كنت خايفه و طلبت منك متسبنيش ... تستغلني!
    نظر لها من فوق بجمود ، بينما لمعت عينيها بالدموع و هي تكمل بقهر
    - انت حقير
    التفت و جذبها من ذراعها بقسوة و قال بحدة
    - لو عايز استغلك هستغلك في اي وقت انا عايزه ... فمش هستنى الوقت اللي هتبقي ضعيفه فيه
    اخفضت رأسها و هي تتألم من قبضته ، فوضعت يدها على يده و حاولت إفلات ذراعها من قبضته فسمح بذلك في حين تركها و نهض و إتجه للحمام و صفق الباب بقوة فأنتفضت بفزع .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    بعد ان خرج من الحمام لم يجدها في الجناح و لم يهتم حيث خرج من الجناح و نزل السلالم و إتجه لمكتبه
    ..........................................................
    دخلت ريحانة غرفة الطعام و جلست في مقعدها فتقدمت الخادمة و سألت
    - تحبي احط لحضرتك الفطور ؟
    نظرت لها ريحانة و اومأت برأسها فتقدمت الخادمة وقدمت لها الطعام و بعد ان انتهت سألتها ريحانة بتردد
    - هو الشيطان مش هيفطر؟
    - لا
    هزت رأسها و هي تنظر لطبقها و من ثم بدأت في تناول طعامها في حين عادت الخادمة للخلف و بعد دقائق دخلت عايدة لغرفة الطعام و جلست في احدى المقاعد المقابلة لريحانة
    - انسه عايدة!
    قالتها الخادمة بدهشه بينما رفعت ريحانة نظراتها و نظرت لعايدة بهدوء ، فقالت عايدة للخادمة
    - حطيلي افطر
    - بس....
    قاطعتها عايدة بحدة
    - قلت حطيلي افطر
    اخفضت الخادمة رأسها و تمتمت
    - حاضر
    و من ثم تقدمت الأخيرة و قدمت الطعام لعايدة و من ثم عادت للخلف فأتت احدى الخادمات و طلبتها فأستأذنت و غادرت ، فظلت عايدة و ريحانة بمفردهم .
    - كان اية شعورك قبل ما يموت الراجل اللي كان هيعترف عليكي و يفضحك؟
    قالتها عايدة بعد ان بلعت الطعام ، فنظرت لها ريحانة بينما اكملت عايدة وهي تنظر لها
    - اكيد كنتي خايفه زي الكتكوت
    تضايقت ريحانة من كلماتها و لكنها لم تظهر ذلك ، بينما اكملت عايدة
    - تعرفي ... انتي لازم تشكري جلال
    نظرت لها ريحانة بإستغراب و قالت
    - جلال!
    - ايوة ، هو اللي بعت المسلحين عشان يقتلوا الراجل اللي كان هيكشفك
    - و انتي عرفتي منين
    - مصادري الخاصة
    تنهدت ريحانة و هي تنظر لطبقها و من ثم عادت للأكل ، فساد الصمت لدقائق قبل ان تقطعه عايدة بسؤالها
    - انتي لسه بتحبي جلال؟
    نظرت لها ريحانة بإستغراب و قالت
    - لية بتسألي؟
    - هتجاوبي؟
    صمتت ريحانة ، فإبتسمت عايدة بسخرية وقالت بخبث
    - اممم ، ساكته لية؟ مش عارفه تجاوبي و لا اية؟
    نظرت لها ريحانة ببرود و قالت
    - بتسألي اسأله ملكيش فيها
    قهقهت عايدة و قالت
    - خلاص ، عرفت الجواب
    - الجواب !
    قالتها ريحانة بعدم فهم ، فوضعت عايدة قطعة الخبز في فمها و انتظرت حتى بلعتها و قالت
    - بس تعرفي ... جلال مش هيسكت
    - انا مش فهماكي ... اتكلمي بوضوح
    قالتها ريحانة بضيق ، فإبتسمت عايدة إبتسامة جانبية و قالت بغموض
    - عمرك ما هتفهمي طول ما انتي مغمضة عنيكي
    بعد ان انهت عايدة جملتها .. نهضت و غادرت و هي تاركه ريحانة في حيرة
    ..........................................................
    دخل الحارس و اخبر الشيطان ب
    - السيد عز الدين برة
    - دخله
    - حاضر يا سيدنا
    و بعد ثواني دخل عز الدين لمكتب الشيطان و جلس في الكرسي المقابل لمكتب الشيطان
    - سمعت عن اللي حصل ، انت كويس؟
    قالها عز الدين بلهفة ، فرد الشيطان بهدوء
    - كويس
    - عرفت مين اللي ورا دة؟
    - مفيش غيره ... جلال
    قالها الشيطان بسخرية ، فصمت عز الدين لبرهه قبل ان يقول بتردد
    - بما انك جبت سيره جلال .. في حاجة عايز اقولهالك عنه
    - قول
    بلع عز الدين ريقه بصعوبة و توتر قبل ان يقول بجزع
    - جلال عايز العقد
    - العقد!
    - عقد امك فيروز
    صمت الشيطان ، فأكمل عز الدين بآسى و هو مخفض الرأس
    - ابني ايمن سرق ورق الصفقة الأخيرة اللي حطيت فيها كل فلوسي و اداها لجلال و لما طلبت من جلال يرجعهالي ساومني و طلب مني العقد و...
    - هدهولك
    قاطعه الشيطان بقوله الذي فاجئ عز الدين حيث رفع رأسه و قال ببلاهه
    - هتدهولي!
    - ايوة.. هدهولك
    و من ثم اقترب و اسند كوعيه على مكتبه و اكمل بخبث
    - بس هيبقى ... عقد مزيف
    نظر له عز الدين بعدم فهم ، فإبتسم الشيطان بخبث .
    ..........................................................
    - اهي الفلوس
    قالها جلال و هو يفتح احدى الحقيبتين التي تمتلأ بالنقود ، فنظر له الآخر و إبتسم و قال
    - المليون و نص؟
    - ايوة.. لو مش مأمن اتأكد
    - هتأكد
    بعد ان تأكد الآخر من إكتمال عدد النقود ، قال
    - اتأكدت ... الفلوس كامله
    - اكيد .. دة انا جلال يا بيبرس ، يعني مش هضحك عليك
    - اكيد مش هتضحك عليا ، و صحيح لو عايز صفقة سلاح جديد انا تحت امرك
    - اكيد .. يا بيبرس
    قالها بمكر قبل ان يلتفت بوجهه و يبتسم بإنتصار
    ..........................................................
    خرج الشيطان من مكتبه مع عز الدين و سار في الممر في حين خرجت ريحانة من غرفة الطعام و سارت في الممر فتقابلوا فتوقفت و ظلت تنظر له بينما نظر لها الشيطان بطرف عينيه ببرود و اكمل طريقه ، فشعرت بالضيق و لكنها تخلصت من شعورها سريعا حيث صعدت للجناح و دخلته و جلست على الأريكة و شردت في اقوال عايدة التي سببت لها الحيرة
    ،،،،،،،،،،،،،،،
    بعد مرور الوقت
    دخلت زهرة للجناح بعد ان سمعت الأذن من ريحانة ، تقدمت منها و قالت
    - انسه ريحانة
    نظرت لها ريحانة ، فأكملت زهرة
    - الورق .. دورتي عليه؟
    تنهدت ريحانة و قالت
    - مدورتش على حاجة
    صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول
    - طب السيد جلال بيستعجلك عشان خلال يوم او يومين هيرجع
    - بدري كدة!
    قالتها ريحانة بإستغراب ، فأومأت زهرة برأسها وهي تقول
    - انا قلتلك انه هيغيب اسبوع او كام يوم بس
    هزت ريحانة رأسها و من ثم صمتت لبرهه قبل ان تقول
    - الشيطان رجع؟
    - لا
    - كويس ، انا هقوم ادور على الورق
    اومأت زهرة برأسها و قالت
    - بس حاسبي
    اومأت ريحانة برأسها و هي تنهض في حين غادرت زهرة .
    إتجهت ريحانة للخزانة و فتحت الدلفة الوسطى بسهولة و بدأت في البحث عن الأوراق المطلوبة .
    ..........................................................
    عاد الشيطان للقصر بعد ان انهى عدة امور مع عز الدين ، و من ثم إتجه لمكتبه و دخله ليأخذ بعض الأوراق و من ثم خرج و إتجه للسلالم و صعدها حتى وصل للطابق الذي يوجد به جناحه .
    كانت ريحانة تبحث عن الأوراق المطلوبة من بين اوراق آخرى كثيرة ، فأخذت مجموعة منهم و بدأت في البحث و لكنها لم تجد ما تريد من بينهم فأعادتهم و اخذت مجموعة آخرى و اصبحت تبحث ، فتوقفت عند احدى الورقات عندما قرأت اسم "جلال" في بدايتها و التي كانت تكشف عن الكثير من حقائق جلال ، فشعرت بالفضول لتقرأ ما في هذة الورقة و بدأت في القراءة ... فتغيرت ملامحها للصدمة مع كل حرف قرأته .
    انتفضت من مكانها بفزع و هي تنظر للباب الذي فتح . 

    الفصل الخامس عشر

    كانت زهرة تسير في الطابق الرئيسي للقصر و هي تحمل صينية و تتجه بها للسلم و من ثم صعدت الأخير حتى وصلت للطابق الثاني و قبل ان تكمل صعودها توقفت و التزمت الصمت لكي تتعرف على من الذي يصعد خلفها ... فنظرت خلفها فوجدت الشيطان يصعد و هو مازال في الطابق الأول ، فألتفتت و نظرت لإتجاه جناحه و إتسعت مقلتيها بفزع على ان تكشف ريحانة ، فأسرعت لجناحه و دخلته دون ان تطرق الباب و هذا ما سبب لريحانة الفزع .

    وصل الشيطان للطابق الثاني و إتجه لجناحه
    - شيطان
    قالتها عايدة و هي تقف على نهاية السلم ، فتوقف و التفت ببرود و نظر لها بينما تقدمت هي منه حتى وقفت امامه و قالت
    - معرفتش احصلك النهاردة ، كنت فين؟
    - ملكيش دعوة
    تخطت إحراجه لها و سألته
    - صحيح .. عرفت مين اللي ورا اللي حصل إمبارح ؟
    - انتي عارفه كويس هو مين اللي ورا اللي حصل
    - انا! .. دة انا معرفش حاجة
    قالتها بدهشة مصتنعة ، اضاق عينيه و هو يقول بتهكم
    - يعني مش عارفه ان اخوكي جلال هو اللي ورا اللي حصل
    - جلال! ... مستحيل
    قالتها بصدمة مصتنعة ، فنظر لها من طرف عليه ببرود و من ثم إلتفت و إتجه لجناحه ، فتأففت عايدة بغضب و هي تلتفت و تصعد السلم .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    اغلقت زهرة الخزانة بعد ان اعادت كل الأوراق لمكانها و من ثم التفتت و تقدمت من ريحانة و هي تتردد في حين كانت ريحانة جالسة على السرير و هي تنظر للأرض و الصدمة مازالت تتملكها
    - اسفة
    قالتها زهرة بأسف وهي مخفضة الرأس ، و من ثم رفعت رأسها و نظرت لريحانة فشعرت بالشفقة و الحزن بعد ان رأت دموعها التي تحبسها بين جفونها ، فأكملت زهرة بندم
    - مكنش لازم اقولك على الحقيقة بس انا اتضايقت عليكي و حسيت بالشفق....
    - مش عايزه اسمع حاجة ، سيبيني لوحدي يا زهرة
    قاطعتها ريحانة بصوت متحشرج و هي مازالت على وضعها ، فظلت زهرة تنظر لها لبرهه قبل ان تتراجع ببضع خطوات للخلف و تقول
    - حاضر ، عن اذنك
    و من ثم اخذت الصينية من على الكومود و إتجهت للباب .. و توقفت امامه و التفتت برأسها لريحانة و هي تشعر بالأسف عليها و من ثم نظرت امامها و وضعت كفها على مقبض الباب و قبل ان تبرمه و جدت احدهم يبرمه من الخارج .. ففتح الباب و ظهر الشيطان ، فأخفضت زهرة رأسها إحتراما له و هي تتراجع ببضع خطوات للخلف ، فنظر لها الشيطان بهدوء ، فقالت بخفوت
    - عن اذنك يا سيدنا
    اومأ برأسه فتخطته و غادرت ، فتقدم لداخل الجناح و هو يبحث عنها بعينيه فوجدها جالسة على السرير .
    - مالك؟
    قالها الشيطان بهدوء بعد ان لمح شحوب وجهها ، فرفعت نظراتها له و قال بخفوت متحشرج
    - مفيش حاجة
    انهت جملتها و لاوته ظهرها و هي تستلقي على السرير تحت انظاره التي تراقبها بعيون ضيقة ... فتقدم ببعض من التردد و امسك بالغطاء و وضعه على جسدها فأغمضت عينيها و سالت دموعها على وجنتيها فحدق بها لبرهه قبل ان يجلس على حافة السرير و يمد كفه على وجنتها ليمسح دموعها ففتحت عينيها ببطئ و نظرت له بعيون يكسنها الحزن و الخيبة ، فقال بهدوء مصتنع يخفي خلفه قلقه
    - لسه خايفة من اللي حصل؟
    نقلت نظراتها لكفه الذي يحتضن وجنتها و من ثم عادت و نظرت له و صمتت لبرهه قبل ان تبلع ريقها و تقول بهمس
    - ممكن تحضني
    ظل يحدق بها دون ان ينطق بكلمة ، فتراجعت للخلف و امسكت بكفه و جذبته بضعف ، فخلع حذائه و استلقى على السرير بجانبها .. فأقتربت منه و خبئت جسدها الصغير بين احضانه ، فحاوطها بذراعه و ربت على ظهرها ... فأصبحت تبكي بألم و هي تتذكر كل كلمة قالتها لها زهرة منذ دقائق
    *********************
    اعادت ريحانة نظراتها للأوراق في حين تقدمت زهرة بخطوات سريعة حتى توقفت لتضع الصينية على الكومود في حين كانت تقول من بين انفاسها اللاهثة
    - سيدنا الشيطان طالع ، لازم نشيل الورق بسرعة
    و من ثم التفتت و تقدمت من ريحانة التي تقف امام الخزانة و هي تكمل
    - لحسن حظنا ان الحارس اللي برة مش موجود
    انهت جملتها و هي تأخذ من ريحانة الأوراق لتعيديها مكانها و لكنها توقفت و نظرت للأوراق بصدمة فنقلت نظراتها سريعا لريحانة التي تغيرت ملامحها للصدمة و هي تقوت
    - الكلام اللي مكتوب عن جلال ... حقيقي؟
    ظلت زهرة تحدق بها بحيرة ،، فماذا ستجيب؟ اتقول الحقيقة ام ماذا؟! ، أعادت ريحانة سؤالها
    - زهرة .. قوليلي الحقيقة ، الكلام اللي مكتوب دة ... حقيقي؟
    ظلت زهرة صامتة ، فمدت ريحانة كفها و امسكت بذقن زهرة بحدة و رفعته و قالت
    - الكلام دة كله غلط .. صح ... قوليلي انه كذب
    نظرت لها زهرة بنظرات زائغة ، فتراجعت ريحانة للخلف و هي تهز رأسها نفيا في حين تقول بإستنكار و عدم تصديق
    - جلال مش كدة ، جلال عمره ما يبيع سلاح او يقتل حد او ينصب ، جلال عمره ما عمل اي حاجة من دي ، انا عارفاه و متأكدة ان.....
    قاطعتها زهرة بصوتها المرتفع نسبيا
    - لا السيد جلال كدة .. السيد جلال بيبيع السلاح و بيقتل الناس و بينصب و بيعمل علاقات مع عشيقاته و بيخدع و بيشتري البنات ، زي ما اشتراكي
    اتسعت مقلتي ريحانة في صدمة ، في حين تنهدت زهرة و هي تنظر لريحانة بشفقة و تقول بهدوء
    - السيد جلال مش ملاك زي ما انتي شايفاه ، دة العن من الشيطان نفسه
    تراجعت ريحانة و هي تشعر بالصدمة و جلست على السرير بإهمال في حين التفتت زهرة و جمعت الأوراق و اعادتهم مكانهم
    *********************
    قبضت على قميصه و هي تغمض عينيها بقوة في حين تزداد في بكائها و هذا ما سبب له القلق و ظهر عليه حين قال
    - ريحانة ... مالك؟ انتي تعبانة ؟
    - ايوة .. انا تعبانة اوي
    قالتها بصوت يكاد يسمع من بين شهقاتها ، فأبعدها قليلا و قال
    - اية اللي واجعك
    اقتربت و دفنت وجهها في صدره و هي تقول ببكاء
    - مش جسمي اللي واجعني
    ظهرت الحيرة على ملامح وجهه بينما اكملت بتعب
    - انا تعبانة .. عايزه انام
    و من ثم اصبحت تبكي في صمت
    ..........................................................
    القى جلال بجسده على السرير و هو يتنهد بتعب و من ثم نظر للهاوية و شرد ، فقطع شروده صوت رنين هاتفه ، فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة و إبتسم بمكر و هو يرد
    - ازيك يا خال
    - الحمدالله ، امتى هترجع القرية
    - امممم ... بعد يومين
    - طب اول ما توصل القرية تعلالي
    اعتدل جلال إلى وضع الجلوس و هو يقول بإستنكار
    - اجيلك! .. لا انت اللي تجيلي
    - انت اللي عايز العقد ... يبقى تيجي و تاخده بنفسك و لو مش عايز تيجي يبقى العقد راح عليك
    قالها عز الدين بغضب قبل ان يغلق الخط ، فألقى جلال بهاتفه على السرير بغيظ و نهض
    ..........................................................
    ساد الظلام و الهدوء في القرية

    فتحت عينيها بصعوبة و نظرت له و من ثم مررت نظراتها الزائغة حولها و هي تتذكر ما حدث ، فأعادت نظراتها له و حدقت به لبرهه قبل ان تبعد ذراعيه عنها بحظر و تنهض و تتجه لخارج الجناح بهدوء .
    ،،،،،،،،،،،
    في مطبخ القصر
    جلست زهرة على الكرسي و هي تتنهد بآسى ، فهي منذ ان قالت لريحانة عن الحقيقة ... لم يكف عقلها عن التفكير ، هي تشعر بالندم و الشفقة على ريحانة . اخفضت رأسها و هي تمسح جبينها بكفها .. و فجأة توقفت عن حركتها و هي ترفع نظراتها بإستغراب لريحانة التي تقف في بداية المطبخ ، فنهضت زهرة سريعا و هي تقول
    - انسه ريحانة! ... محتاجة حاجة؟
    تقدمت ريحانة و جلست على الكرسي المقابل لكرسي زهرة و من ثم نظرت للأخيرة بثبات و قالت بهدوء مصتنع
    - اقعدي يا زهرة ... عايزه اتكلم معاكي
    جلست زهرة على كرسيها و نظراتها معلقه بريحانة التي اكملت
    - عايزاكي تقوليلي كل حاجة عن جلال ، عايزه اعرف الحقيقة
    ظلت زهرة صامته و هي تشعر بالحيرة ... اتخبرها ام لا ، فلمحت ريحانة حيرتها ، فنظرت لها برجاء ، فتنهدت زهرة و قالت
    - عايزه تعرفي اية بظبط ؟
    - كل حاجة ، و اولهم ... ازاي جلال اشتراني
    تنهدت زهرة بعمق وهي تقول
    - مدام عايزه تعرفي ازاي السيد جلال اشتراكي ... فأنا هحكيلك اللي حصل من الأول
    اومأت ريحانة برأسها و هي تعلم ان بعد ما ستسمعه عن جلال ستصاب بالإنهيار ولكنها ستتماسك في حينها ... فهي تريد ان تعرف الحقيقة حتى لو هذه الحقيقة ستجعلها تتخلى عن حبها .
    نظرت زهرة للأرض و بدأت في سرد ما حدث منذ سنتين
    - فاكره الراجل اللي وصلك لقصر السيد جلال
    اومأت ريحانة برأسها ، فأكملت زهرة
    - الراجل دة وداكي عند السيد جلال و عرضك عليه مقابل فلوس " صمتت لبرهه قبل ان تكمل و هي تخفض رأسها بحرج " دة كان ابويا
    تغيرت ملامح ريحانة للشحوب و ساد الصمت لدقائق قبل ان تقول الأخيرة
    - كملي
    - في وقتها السيد جلال وافق على عرض ابويا و شغلك في قصره كخدامة عادية و بعد فترة شغلك كخدامة خاصة ليه ، و اللي سمعته عن السيد جلال انه مش بيعين اي خدامة خاصة إلا لسبب معين
    قضبت ريحانة جبينها بإستغراب و هي تقول
    - سبب معين!
    اومأت زهرة برأسها و هي تقول
    - هتعرفي السبب و هتفهمي كل حاجة بعد ما اكملك
    نظرت لها ريحانة بتركيز حيث اكملت زهرة
    - في الفترة اللي كنتي بتشتغلي فيها كخدامة خاصة كان السيد جلال بيشتري ادوية مهدئة و كان بيحطهالك في اي حاجة سايلة بتشربيها قبل ما تنامي
    حدقت بها ريحانة بذهول و قالت
    - نعم! .. ادوية مهدئة ؟
    اومأت زهرة برأسها و هي ترفع نظراتها لريحانة و تقول
    - السيد جلال عرف ان عندك عقده من صغرك و انك بتخافي و بتجيلك اعراض لم...
    قاطعتها ريحانة
    - وهو عرف ازاي و انا مقلتلهوش إلا بعد ما إتجوزنا
    هزت زهرة رأسها و قالت
    - مش عارفه ، انا بحكيلك اللي إتقال و اللي سمعته من ابويا
    هزت ريحانة رأسها بخفه و هي تنقل نظراتها للهاوية ، بينما اكملت زهرة
    - كان بيديكي المهدأت قبل ما يعترف بحبه ليكي و تتفقوا على الجواز ، و قبل موعد عقد الجواز العرفي بيومين حطلك دوا منوم و ........
    توقفت زهرة عن إكمال جملتها و هي تشعر بالخجل مما ستقوله ، في حين نقلت ريحانة نظراتها لزهرة و قالت بقلق
    - و اية ؟ ....... كملي
    بلعت زهرة ريقها بصعوبة و هي تنظر حولها بتشتت ، في حين هتفت ريحانة بحدة بسبب شعورها بالقلق و الخوف مما ستسمعه
    - بقولك كملي يا زهرة ... كملي
    اخفضت زهرة رأسها و هي تكمل بخفوت و حرج
    - بعد ما عمل الدوا مفعوله و نمتي ، دخل اوضتك و " صمتت لبرهه قبل ان تكمل بصعوبة " نام معاكي و سرق برائتك
    إتسعت مقلتي ريحانة بصدمة و من ثم هزت رأسها بعدم تصديق و إستنكار لما قالته زهرة ، في حين قالت
    - مستحيل ... مش مصدقه اللي بتقوليه ، كلامك مش منطقي .. يعني ازاي انا محستش بحاجة في وقتها ! ... و ازاي انا ملاحظتش دة في يوم جوازنا ؟!
    نظرت زهرة لريحانة بشفقة و من ثم قالت بأسف
    - عارفه ان اللي قلته صعب تصدقيه بس انا بقولك الحقيقة زي ما طلبتي مني
    لمعت عيني ريحانة بالدموع و هي تقول بإنكسار
    - يعني جلال بجد عمل فيا كدة؟!
    اومأت زهرة برأسها ، و من ثم ساد الصمت الذي قطعته زهرة بقولها
    - اكملك ؟
    - هو لسه في كمان !
    قالتها ريحانة بمرارة و آسى ، فقالت زهرة
    - لسه في حاجة اخيرة ، بعد جوازكم .. انتي اكيد فاكره حملك الأول .. لما حملتي بالبيبي لمدة شهر و بعدها مات
    ظهر الحزن في عيني ريحانة و هي تومأ برأسها ، فأكملت زهرة
    - كان السيد جلال هو السبب في موت ابنك ، الإبر اللي كان بيدهالك على انها مقوية للمناعة و للطفل دي كانت إبر بضر حملك و كمان كان بيديكي دوا للأجهاض على اساس انها فيتامينات ، فمات الطفل .. فأدى رشوة للحكيم عشان يقولك انك مش هتقدري تحملي تاني مع ان كان ممكن تحملي ، هو كان بيديكي حبوب لمنع الحمل لغاية اللحظة دي .. بس انا مقدرتش اكمل اللي كان بيعمله فوقفتها بدون ما السيد جلال يعرف
    سالت دموع ريحانة كالشلالات على وجنتيها ، في حين انهت زهرة حديثها
    - و في حاجة متعرفهاش ... انك مش الوحيدة اللي اتجوزها السيد جلال عرفي ، هو اتجوز كتير قبلك بس انتي الوحيدة اللي احتفظ بيكي للمدة الطويلة دي .
    تنهدت زهرة و هي تقول بأسف
    - انا اسفه ... اسفه عشان خبيت عليكي و معرفتكيش الحقيقة من الأول ، اسفه لأني سببتلك الصدمة دي .. اسفه لأني كنت طرف في اللي حصل و اسفه لأني خيبتلك املك ، بس انتي كدة كدة كنتي هتعرفي الحقيقة في يوم من الايام ، و الأحسن ليكي انك عرفتيها دلوقتي عشان تفوقي من الوهم اللي انتي كنتي عايشه فيه و تلحقي نفسك قبل ما تهربي مع السيد جلال لأنك لو هربتي معاه مكنتيس هتقدري تهربي منه ابدا ، عارفه ان اللي سمعتيه صعب عليكي جدا و ممكن يسببلك انهيار و اكتئاب بس صدقيني انتي هتنسي بسرعة و هتندمي لأنك حبيتي واحد زيه و....
    قاطعتها ريحانة بإنفعال و هي تبكي
    - ازاي هنسى و انا مش مصدقه اللي سمعته؟ ...صعب عليا اني اصدق اللي سمعته و اللي عرفته عن الشخص الوحيد اللي حبيته ، جلال كان بالنسبالي كل حاجة .. عمري ماكنت اتوقع انه يأذيني او يعمل فيا اي حاجة من اللي قلتيها .. عمري ما اتخيلت انه وحش للدرجة دي ، تصرفاته معايا و حنيته مكنتش سمحالي اني افكر ازعل منه لو عاملني وحش او زعلني .. دة انا حتى سامحته بعد ما اجبرني على اني اجي هنا و انفذله طلباته ، و ازاي اصدق ان نظراته اللي كانت بتبينلي حبه ليا كدب!؟ .. قوليلي ازاي يا زهرة قوليلي .
    سالت دمعة من عين زهرة و هي تستمع لما تقوله ريحانة ، حقا تشعر بالألم و الآسى من اجلها ، فوضعت كفيها على كفي و قالت بألم
    - والله عارفه انه صعب عليكي... و عارفه قد ايه انتي بتحبيه و بتثقي فيه و دة باين من طريقه كلامك عنه ... بس هو ميستحقش حبك ولا يستحق ثقتك و لا يستحقك انتي كمان ، هو خدعك من البداية و انتي عشان بتحبيه كنتي زي العاميه مش شايفه حقيقته .
    اطلقت ريحانة تنهيدة تمتلأ بكل الوجع و الألم الموجود بداخلها و هي تطبق جفونها فتنهمر دموعها الحارقة على وجنتيها ، فهي تعلم ان زهرة تقول الحقيقة و انها محقه في قولها الأخير ، ولكن بداخلها صوت يرفض تصديق ما قيل . فأصبحت تشعر بالضياع و التخبط .
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    في جناح الشيطان

    فتح عينيه بتثاقل و نظر بجانبه فلم يجدها فأعتدل و نظر حوله و من ثم ناداها
    - ريحانة... ريحانة
    نهض ببطئ و إتجه للحمام و طرق الباب فلم يسمع اي استجابة من الداخل ، فوضع كفه على قبضه الباب و فتحه و نقل نظراته في ارجاء الحمام الذي كان خالي ، فألتفت و إتجه لباب الجناح و فتحه و هو ينوي ان يسأل الحارس عليها ولكنه لم يجده ، فألتفت مرة آخرى و عاد للسرير و جلس على حافته و من ثم مال قيليلا و سند مرفقيه على فخذية و هو ينظر امامه بجمود و عيون ضيقة في حين كان يفكر إلى اين ذهبت؟ ... هل من الممكن ان تكون هربت! ،إبتسم بسخرية على اعتقاده و من ثم تلاشت ببطئ وهو يحدث نفسه
    - مستحيل تهرب مني .. من الشيطان ، مش بالبساطة دي هتخرج من قصري ، دة انا حتى مش هسمحلها تهرب
    نهض بحدة و خرج من الجناح و هو يخفي قلقه امام نفسه !
    ،،،،،،،،،،،،،،،،
    خرجت زهرة من المطبخ و إتجهت لغرف الخدم بعد ان امرتها ريحانة بالمغادرة ، في حين كانت الأخيرة جالسه على الكرسي و هي تنظر امامها بتغيب ، فهي كانت في عالم الذكريات .. ذكرياتها مع جلال ، فكانت مع كل ذكرى تتذكرها يعتصر فيها قلبها من الألم . فطبقت جفونها بقوة فسالت دموعها على وجنتيها ببطئ و من ثم فتحتهم و نهضت و سارت بخطوات غير منتظمة لإتجاة الباب في حين ظلت بعض الصور والمشاهد من ذكرياتها مع جلال تترائى امام عينيها كما لو كانت شريط سينمائي ، خرجت من المطبخ و سارت في الممر و فجأة توقفت و تسقطت على الأرض -في وضع الجلوس- و هي تبكي بقهر و ألم ، فوضعت كفيها على وجهها و هي تزداد في بكائها فما تشعر به من ألم يذبحها .

    وصل للطابق الرئيسي و توقفت لبرهه بعد ان سمع صوت في الأسفل ، فنظر من بين الدرابزين بترقب و من ثم نزل للطابق الأخير و الذي يوجد فيه مطبخ القصر و غرف الخدم . توقف في نهاية السلم و نظر للممر المظلم نسبيا و من ثم تقدم بخطواته الثابتة لنحوه و هو ينظر بعيون ضيقة لذلك الظل المنعكس على الحائط .
    - ريحانة
    قالها الشيطان بلهفة ممزوجة بالقلق وهو يتقدم منها بخطوات سريعة بعد ان رأها بحالتها تلك ، و جثى على ركبتيه و هو ينظر لها بقلق و من ثم مد كفيه ليبعد كفيها من على وجهها .. فكانت عينيها حمراوتين من كثرة البكاء ، فمسح عينيها من الدموع بأنامله و من ثم مسح وجنتيها فرفعت نظراتها له ببطئ ، فتبادلوا النظرات لثوان قبل ان ترتمي بين ذراعيه حيث طوقت رقبته بذراعيها بقوة و اكملت بكائها ، ذهل في البداية من حركتها المفاجئة و لكنه تخلص من ذهوله سريعا و هو يضع ذراعيه على ظهرها بتردد و من ثم قال بخفوت حاني
    - خلاص اهدي .. متعيطيش
    بعد ان انهى جملته اصبح يربت على ظهرها بحنان مما جعلها تبدأ بالإسترخاء و التوقف عن البكاء تدريجيا ، فأتى ان يبعدها عنه ولكنها لم تسمح له بذلك حيث كانت متمسكه به و بقوة .
    - سيبني كدة
    قالتها بضعف ، فنظر لها من طرف عينيه و إبتسم بصدق و قال
    - ماشي
    وقف على قدميه و هو ممسكها من خصرها و من ثم حملها بين ذراعيه ، فأرخت ذراعيها قليلا و هي تسند رأسها على صدره و تتنهد ببعض من الراحة ، فنظر لها من فوق و هو يتجه للسلم .. فصعده حتى وصل للطابق الثاني ومن ثم إتجه لجناحه و دخله ، و اقترب من السرير و اجلسها عليه و جلس بجانبها و ظل صامتا و هو يحدق بها ، فقالت برجاء
    - ممكن متسألنيش مالك
    حدق بها لبرهه قبل ان يومأ برأسه ، فإبتسمت ببهوت و هي تهمس له
    - شكرا
    إرتسمت إبتسامة حانية على شفتيه ، فعندما رأت ذلك مدت ذراعها و وضعت اناملها على شفتيه و هي تقول بإعجاب
    - إبتسامتك حلوة
    لا تعلم ماذا حدث لها ولكنها شعرت للحظة انها تناست حزنها امام إبتسامته تلك ! ، نظر لها لبرهه و من ثم ضحك بخفة و هو ينهض و يقول
    - مش هتنامي؟
    اومأت برأسها و قالت
    - هنام بس محتاجة حاجة
    - اممم
    ظلت تنظر له و هي تشعر بالتردد و الخجل مما تريد ان تطلبه منه ، فهي تريده .. تريد ان تشعر بدفئ صدره و ان تشم رائحته فهذا يشعرها بالراحة و الأطمئنان و في حين آخر هذا يشعرها بالغرابة و الخوف ! ، تنهدت بآسى و نظرت له و قالت
    - خلاص انسى
    و من ثم ابعدت الغطاء و استلقت في مكانها و وضعت الأخير عليها ، بينما هو إبتسم بخبث ... فهو يعلم ما الذي تريده ، فألتف حول السرير حتى توقف امام الأخير من ناحية نومه و اغلق الأضواء و من ثم استلقى في مكانه ، في حين وضعت ريحانة كفيها اسفل رأسها و هي تفكر في ما الذي ستفعله او ما الذي يجب ان تفعله ! .
    - ريحانة
    قالها بهدوء ، فإلتفتت له برأسها فقابلت وجهه حيث شعرت بأنفاسه ، فبدأ قلبها يدق بسرعة و هو يقول
    - تعالي انيمك
    - نعم!
    قالتها بعدم إستيعاب و هي تنظر له ببلاهه ، فإبتسم إبتسامة جانبية و هو يرى تعبير وجهها تحت ضوء القمر الخافت و من ثم مد ذراعه و قرابها منه و ادراها في مواجهة له و ضمها لصدرة .. و فور استنشاقها لرائحته استرخت و شعرت بالراحة ، في حين همس في اذنها
    - و كدة هتعرفي تنامي و ترتاحي
    - عرفت ازاي؟
    - انتي عرفتيني
    - انا!
    - نامي
    رفعت رأسها و نظرت له و من ثم اعادت رأسها لوضعها السابق و هي تتنهد بعمق قبل ان تغمض عينيها و تستسلم للنوم سريعا ، في حين ظل هو مستيقظا بسبب مشاعرة المختلطة التي تشعره بالتخبط في الفترة الأخيرة .
    ..........................................................
    أشرقت شمس يوم جديد

    فتحت ريحانة عينيها ..فوقعت نظراتها عليه ، فحدقت به لبرهه و هي ترسم إبتسامة صغيرة على شفتيها دون سبب ، و من ثم أبتعدت عنه و نهضت و إتجهت للخزانة و فتحتها و اخرجت ملابس لترتديها و من ثم اغلقتها و إتجهت للحمام .
    ..........................................................
    - اللي حصل غصبن عني يا بابا
    قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف ، فهتف والدها بغضب
    - يعني اية غصبن عنك ... أنتي خربتي بيتنا يا زهرة ..... السيد جلال مش هيسبنا في حالنا
    - متخفش يا بابا ان...
    قاطعها
    - مخفش اية بس .. دة لو السيد جلال عرف هيموتني و هيفضحك
    - مش هيقدر يعملنا حاجة
    قالتها زهرة بثقة ، و اكملت
    - و اصلا مش انا اللي عرفت الانسه ريحانة على حقيقته هي اللي اكتشفت بنفسها و بعد كدة جت سألتي فقلتلها
    - و انتي تجاوبيها لية هاا .. انتي كنتي عايزه تعرفيها من الأول يا زهرة ، انتي اللي مخطته لكل دة .. أنتي عايزه تنهي على ابوكي يا زهرة !
    قالها الأخيرة بمرارة و حزن ، فقالت زهرة بسرعة
    - صدقني يا بابا اللي عملته و اللي هعمله كله لمصلحتنا
    - لمصلحتنا ازاي يا زهرة ! ، انا حاسس انك مخبية عني حاجات ، قوليلي يا بنتي الحقيقة ، انتي بتخطتي لأية ؟
    صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول
    - انا هقفل يا بابا عشان ورايا شغل .. سلام
    اغلقت زهرة سريعا دون ان تنتظر رد والدها ، و من ثم نهضت و إتجهت للمطبخ .
    - اعملوا الفطور و طلعوه لجناح سيدنا
    قالتها رئيسة الخدم ، فقالت زهرة
    - لية لجناحه ؟
    نظرت لها رئيسة الخدم و قالت
    - سيدنا هو اللي امرنا بكدة
    اومأت زهرة برأسها و لم تهتم كثيرا حيث تقدمت لتبدأ في عملها
    ..........................................................
    خرجت ريحانة من الحمام و من ثم توقفت و هي تنظر حولها ، لا تجده ... أين ذهب؟ ، تقدمت بهدوء و هي مازالت تنقل نظراتها في ارجاء الغرفة بحثا عنه ، توقفت امام المرآة و نظرت لصورتها المنعكسة لبرهه و من ثم اخذت المشط و بدأت في تمشيط شعرها ، و بعد ثوان طرق احدهم على الباب
    - ادخل
    دخلت زهرة و هي تحمل صينية بها طعام ، و تقدمت و وضعت الأخير على الطاولة و هي تقول
    - صباح الخير يا انسه ريحانة... اتفضلي الفطور
    نظرت لها ريحانة بإستغراب و قالت
    - جايبينه هنا لية؟
    - سيدنا امرنا بكدة
    قضبت ريحانة جبينها بحيرة و هي تقول بتساؤل
    - لية؟
    - معرفش
    - طب هو فين؟
    هزت زهرة كتفيها بعدم المعرفة ، فحدثت ريحانة نفسها و هي تعود و تمشط شعرها
    - طب هو راح فين؟
    - انسه ريحانة... ممكن اسألك سؤال
    قالتها زهرة بتردد ، فنظرت ريحانة‎ ‎لصورة زهرة المنعكسة على المرآة و قالت
    - اسألي
    - انتي كويسة؟
    التفتت ريحانة و نظرت لها ، في حين اكملت زهرة
    - يعني بقيتي احسن من إمبارح خاصا بعد اللي سمعتيه مني ؟
    هزت ريحانة رأسها و قد فهمت ما تقصده زهرة بسؤالها ، فتنهدت و قالت بآسى
    - انتي اية رأيك ؟
    - انا شايفاكي عادي .. يعني احسن من إمبارح
    - ممكن اكون احسن من إمبارح !
    قالت ريحانة الأخيرة في حين لمعت عينيها بالدموع ، فإبتسمت زهرة بحنان و قالت
    - لا ... انتي اكيد احسن من إمبارح
    نظرت لها ريحانة بعدم فهم ، في حين اكملت زهرة
    - حاولي تبيني انك احسن قدام نفسك .. ان الموضوع مش فارق معاكي ، ايوة في البداية انتي اتصدمت و عيطي كتير بس دلوقتي وقفي كل دة ، متعيطيش عليه .. متعيطيش على اللي اذاكي خلي دة مبدأ عندك ، حاربي دموعك و متخلهاش تنزل ، خليكي قوية ، انتي إنهارتي في يوم بس بقية الأيام هتبقي قوية .
    ساد الصمت بعد ان انهت زهرة قولها ،فظلت ريحانة تفكر في ما قالته زهرة ... هي محقة بما قالته .
    - كلامك صح و انا معاكي .. بس هياخد وقت عشان انفذه
    - اكيد بس حاولي
    اومأت ريحانة برأسها قبل ان تلتفت و تلتقط ربطة شعر لتربط شعرها و من ثم إتجهت لباب الجناح ، فقالت زهرة سريعا
    - مش هتفطري ؟
    - هفطر تحت مع الشيطان
    - الشيطان!
    قالتها زهرة بإستغراب و شك ، في حين خرجت ريحانة من الجناح ، فألتفتت زهرة سريعا و حملت الصينية و لحقت بريحانة .
    ..........................................................
    خرجت عايده من جناحها و إتجهت لغرفة عبد الخالق ، و دخلتها دون ان تطرق الباب ، فرمقها عبد الخالق بضيق فلم تهتم حيث جلست و نظرت له ببرود و هي تقول
    - ازيك يا جدو
    - مش كويس بعد ما شفتك
    - طب اجبلك الدوا عشان تبقى كويس!
    - جايه لية يا عايدة؟
    - مفيش ، جيت اطمن عليك
    - مش اطمنتي خلاص ... امشي بقى
    - اممم ، انت عايز تخلص مني لية ؟
    قالتها بحزن مصتنع ، فقال بقسوة
    - عشان كل ما بشوفك بفتكر ابوكي الندل و بفتكر اللي عمله في بنتي
    قهقهت عايدة بطريقة مستفزة و هي تقول
    - ابوكي الندل! ، ماشي .. هعدي شتيمتك بمزاجي .
    - امشي يا عايدة
    - مش همشي إلا لما تقلي .. عملت اية في الموضوع؟
    - موضوع اية؟
    - العقد بتاع فيروز هانم
    نظر لها بإستحقار وقال بحدة
    - لو عايزه العقد روحي اطلبيه من الشيطان ، قلتلك الكلام دة قبل كدة
    - امممم انت مصر برضك على موقفك!
    - ايوة مصر
    - اممم ماشي ... انا هعرف اجيبه لوحدي
    و من ثم نهضت و إقتربت منه و امسكت ذراعه و ضغطت عليها بقسوة و هي تقول بإستمتاع شرس في حين كانت عينيها تلمع بالشر
    - نهايتك قربت يا جدو ... صدقني
    و من ثم تركت ذراعه و إبتعدت و غادرت الغرفة ، فقال بكرة
    - امتى هنخلص منك ... امتى!
    ..........................................................
    كانت ريحانة جالسة في غرفة الطعام و كانت تنتظره ولكنه تأخر ولم يأتي ، فنهضت بضيق و إتجهت للخارج ولكنها تراجعت و جلست في مقعدها مرة آخرى عندما وجدته يتلف للغرفة ، بينما تقدم الشيطان وجلس في مقعده بهدوء و من ثم ساد الصمت قبل ان ينظر لها و يقول بهدوء
    - مكلتيش فوق لية؟
    - عادي ... كنت عايزه اكل هنا
    اومأ برأسه متفهما و هو ينقل نظراته امامه و من ثم اشار للخادمة بأن تقدم الطعام ، ففعلت .
    - بقيتي احسن من إمبارح؟
    رفعت نظرتها له و اومأت برأسها و هي تقول بخفوت
    - ايوة ... شكرا
    لم يرد و بدأ في تناول طعامه ، بينما ظلت هي تتابعه فلاحظ ذلك ... و قال
    - بتبصيلي لية؟ في حاجة عايزه تقوليها !
    إرتبكت قليلا في البداية و من ثم استرجعت هدوئها و هي تقول بفضول
    - معندكش فضول تعرف اني لية كنت بعيط إمبارح؟
    - لا
    قالها بهدوء و من ثم رفع نظراته لها و اكمل
    - انتي طلبتي مني اني مسألكيش و انا بحترم طلبك
    حدقت به لبرهه قبل ان ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة و هي تقول
    - متوقعتش منك الرد دة
    نقل نظراته لطبقه و عاد لتناول طعامه بهدوء في حين اكملت هي
    - تعرف ... انا اكتشفت حاجة فيك ، اكتشفت انك مش وحش للدرجاتي ، احيانا بحس انك دافي جدا من جواك برغم القسوة اللي بتبينها للناس و ليا ، انت بجد مش بالسوء دة ... في ناس اسوء منك بكتير و.....
    قاطعها بقهقهته الساخرة ، فنظرت له بإستغراب ، في حين قال بتهكم
    - هو عشان عاملتك كويس إمبارح يبقى خلاص بقيت ملاك و مش وحش للدرجة دي و الكلام اللي قلتيه!
    - لا ... مش عشان عاملتني إمبارح كويس ، أنا بقالي فترة حاسه بكدة
    لمعت عينيه بخبث و هو ينظر لها و يقول
    - حاسه بأية؟
    لمحت خبثه في طريقته ، فإرتبكت و زاغت بنظراتها بعيدا عنه و هي تقول
    - و لا حاجة
    و من ثم نظرت لطبقها و بدأت في تناول طعامها ، فإبتسم إبتسامة جانبية قبل ان يمسك بكوب الماء و يحتسي منه القليل .
    ..........................................................
    - الفلوس دي مزورة
    قالها الرجل بغضب ، فأبتلع جلال ريقة بصعوبة و من ثم قال بذهول مصتنع
    - مزورة؟ ... أزاي مزروة ؟
    - اسأل نفسك
    - قصدك اية!؟
    نهض الرجل بحدة و اقترب من جلال و انهضه بقوة و امسكه من ياقة قميصة بقسوة و قال من بين اسنانة
    - انت فاكرني عبيط يا جلال! ... دة انا سالم يا جلال ... سالم اللي محدش يقدر يلعب بديله معاه ، عشان هقطعهوله
    ابعد جلال يد سالم من عليه و قال بثبات اتقنه
    - انا اديتك المليون و نص فمش مشكلتي ان حد بدلها من عندك عشان يلبسها فيا
    و من ثم تقدم منه و اكمل بخفوت
    - ممكن يكون في جاسوس هنا و لا هنا ، اتأكد من رجالتك ليكونوا خاينين
    - جلال
    هتف بها سالم بغضب جامح و اكمل بهدوء مخيف
    - انت لعبت بديلك معايا ... و هدفعك التمن
    - هدفعني التمن على اي اساس!
    قالها جلال بحدة حقيقية ، في حين التفت سالم و جلس في مقعده و وضع قدم على اخرى و من ثم اشار لحراسه فتقدموا في إتجاه جلال و تجمعوا حوله ، فنقل جلال نظراته حولهم ببعض من القلق و قال بصوت مرتفع
    - انا مزورتش اي فلوس
    - لسه بتكدب ! ... أضربوه
    تقدم حراس سالم و بدأوا في ضرب جلال بقسوة ، فأمسك سالم بهاتفه و ارسل رسالة للشيطان و كتب فيها " المهمة تمت " و من ثم وضع الهاتف بجانبة و إبتسم بإنتصار
    ..........................................................
    بعد ان انهى طعامه نهض ، فأبتعلت ما في فمها من طعام سريعا و نهضت ، فنظر لطبقها و من ثم لها و قال
    - شبعتي كدة ؟!
    اومأت برأسها ، فقال امرا اياها
    - اقعدي كلمي اكلك كله .. أنتي مكلتيش
    نظرت لطبقها الممتلأ بالطعام فهي لم تأكل الكثير ، و قالت
    - شبعانه
    نظر لها نظرة عابرة قبل ان يلتفت و يتجه للخارج ، فلحقته و لكنها توقفت على باب الغرفة عندما وجدت عايدة تتقدم منه و تعوق طريقه .
    - ابعدي
    قالها الشيطان بجمود لعايدة ، فإبتسمت عايدة و قالت
    - وحشتني
    - عايدة مش فاضيلك
    - لو مش فاضيلي انا هتكون فاضي لمين؟!
    قالتها بدلع ، فرمقها بحدة و هو يتخطاها فأسرعت و اعاقت طريقه مرة آخرى و قالت
    - استنى ... عايزه اقولك حاجة
    نظر لها بنفاذ صبر فقالت بجرأة
    - امتى هنتجوز بقى ؟
    حدق بها لبرهه قبل ان يقهقه بسخرية و يقول
    - نتجوز!
    - ايوة نتجوز .. أنا بحبك من زمان و اكتر من مرة قلتلك اني بحبك و اني عايزه اتجوزك و...
    قاطعها بصوته الأجش الحاد
    - عايدة .. أمشي من وشي دلوقتي
    - انت رافضني لية؟ ... رافضني عشان بنت بهجت و لا عشان في واحدة في قلبك!
    قالت الأخيرة بخبث ، فإبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و قال ببرود
    - ايوة ... رافضك عشان في واحدة في قلبي
    نظرت له بغضب و قالت
    - وانا مش هسمح بكدة
    - بجد!
    قالها بتهكم ، فهتفت بغضب
    - مين هي؟
    كانت ريحانة تتابع ما يحدث من بعيد فلم تسمع حديثهم بوضوح .. و هذا اشعرها بالضيق بجانب شعورها بالغيرة ! .
    ظل ينظر لها ببرود و إستمتاع مما زاد عايدة غضبا ، فأقتربت منه و امسكته من ياقة قميصه و قالت بغضب جامح
    - مش هسمحلك تكون لغيري مهما حصل .. أنت ليا و كل حاجة ليك ليا ، فاهم؟!
    بعد ان انهت جملتها لمحت ريحانة التي تقف امام بابا غرفة الطعام ، فقالت له و هي تنظر لريحانة
    - اللي في قلبك ريحانة؟
    نقلت نظراتها له و قالت بحزم
    - صدقني مش هسمح بدة ابدا
    و من ثم اقتربت منه و وضعت شفتيها على شفتيه دون تردد او إحراج ، فصدمت ريحانة مما فعلته عايدة و ظلت تحدق بهم و هي تشعر بالغيرة و الغضب! ، فأخفضت رأسها لكي لا ترى ما يحدث و لكنها لم تستطيع حيث رفعت نظراتها مرة آخرى لهم و بدون ان تشعر تقدمت منهم بخطوات غاضبة ، لا تعرف ما سبب غضبها و لكنها غاضبه ، توقفت قبل ان تصل لهم و إرتسمت على شفتيها إبتسامة شامتة و هي ترى الشيطان يدفع عايدة بعيدا عنه بقسوة فأصطدم ظهر عايدة بالحائط بقوة و قسوة مما سبب لها الألم . 

    الفصل السادس عشر

    نظر الشيطان لعايدة بطرف عينيه بجمود و من ثم نقل نظراته امامه فرأى صورة ريحانة المنعكسة على المرأة فشعر بالضيق لرؤيتها و لكنه لم يظهر شيء حيث اكمل طريقه لمكتبه و دخله ، بينما التفتت ريحانة و إتجهت إلى غرفة الطعام و دخلتها و جلست على احدى مقاعد السفرة في حين لم تفارق شفتيها تلك الإبتسامة الشامتة السعيدة لما حدث لعايدة ، سندت مرفقيها على الطاولة بعد ان تلاشت إبتسامتها و هي تفكر ، لماذا شعرت بالضيق و الغيرة عليه ! ، هي لا تكن اي مشاعر بداخلها له لكي تشعر بذلك الشعور . اغمضت عينيها و هي تكرر لحظة إقتراب عايدة منه ... فشعرت بالضيق لتذكرها للأمر ، ففتحت عينيها و هي تهز رأسها بعنف و تعود بظهرها للخلف و هي تقول لتبرر ضيقها
    - انا مش مضايقه .. هضايق لية اصلا!؟ ، اصلا لو اي حد في مكاني و شاف حاجة زي دي مكنش هيعجبه حاجة زي دي تحصل قدامه ، يعني لو كانوا لوحدهم ماشي و...
    توقفت عن إكمال جملتها في حين كانت تعيد جملتها الأخيرة بضيق
    - لو كانوا لوحدهم ماشي! ، ولا حتى لوحدهم ... اية قله الأدب دي
    بعد ان انهت جملتها نهضت بحدة و خرجت من غرفة الطعام فتوقفت عندما وجدت عايدة مازالت على حالتها ، فرمقتها بإستحقار قبل ان ترسم على شفتيها إبتسامة شامتة باردة و هي تتقدم من الأخيرة و تقف امامها ، فرفعت عايدة نظراتها لريحانة فرأت تلك النظرة الشامتة التي تتراقص في حدقتي الأخيرة و هذا اشعرها بالغضب ، فقالت ببرود مصتنع
    - جاية لية!
    - كنت معديه من هنا فلقيتك واقعه على الأرض ... قلت اساعدك
    قالتها ريحانة بخبث و من ثم مالت قليلا و هي تمد يدها لعايدة ، فنظرت عايدة ليد ريحانة بغيظ و قالت
    - مش محتاجة مساعدة واحدة لعوبة زيك
    - انا !
    قالتها ريحانة بذهول مصتنع ، فرمقتها عايدة ب كرة و هي تنهض بصعوبة بسبب الآم ظهرها ، وقفت على قدميها و هي تتألم و التفتت و إتجهت للسلم و لكن ريحانة اوقفتها بقولها
    - على فكرة انا بشفق عليكي اوي
    نظرت لها عايدة من فوق كتفها و هي تلويها ظهرها ، بينما اكملت ريحانة
    - مش بيصعب عليكي نفسك لما تتذلي و تعرضي نفسك على واحد مش عايزك!
    التفتت عايدة قليلا و نظرت لريحانة ببرود مصتنع و قالت
    - حاجة متخصكيش
    - لا ... دي حاجة تخصني
    التفتت عايدة و اصبحت مقابلة لريحانة ، فحدقت بها لبرهه قبل ان تقول عايدة بتهكم
    - هو الشيطان دلوقتي بقى يخصك !
    صمتت ريحانة لبرهه قبل ان تقول بثبات
    - ايوة ... مش انا عشيقته
    إبتسمت عايدة بسخرية و قالت بإستخفاف
    - و يعني اية عشيقته مثلا! .. محسساني انها علاقة مقدسة مثلا ، دة يومين .. اسبوعين .. شهر و هيرميكي
    إبتسمت ريحانة بطريقة مستفزة و قالت بثقة اتقنتها
    - اليومين والأسبوعين والشهر دة مع واحده تانية مش معايا ، انا هفضل معاه .. لا مش انا اللي هفضل هو اللي هيكون متمسك بيا
    - و لية هيفضل معاكي مثلا! .. بيحبك؟
    قالتها عايدة بإستخفاف قبل ان تقهقه و تكمل
    - متخليش افكارك توديكي على ان الشيطان ممكن يحبك او يحب عامة ، هو مش عشان بيعاملك بلطف شوية يبقى خلاص بدأتي توقعيه ، لا دة انتي لازم تخافي منه .. دة الشيطان و مش سهل يا قطة
    - و انا مش سهله برضه .. انتي متعرفنيش لسه ، لو عايزه اوقعه في حبي هوقعه
    نظرت لها عايدة بطرف عينيها و هي تلتفت
    - ثقتك في نفسك هتوقعك على الأرض و هتكسر رقبتك ، فحاسبي من كسر رقبتك و مني .. لأني مش هسمح للشيطان انه يكون لوحده غيري
    - قصدك مش هتسمحي ان كل الثروة دي تروح لغيرك
    قالتها ريحانة بإستحقار ، فقالت عايدة ببرود و هي تصعد السلم
    - بظبط
    اختفت عايدة من امام عيني ريحانة فألتفتت الأخيرة و هي تشعر بالضيق و الندم لما قالته ، لم يكن يجدر بها ان تقول ذلك الهراء لعايدة .. فبقولها اظهرت انها تهتم بالشيطان ، هزت رأسها بعنف و هي تضرب شفتيها بكفيها و تلعن نفسها مئة مرة .
    ..........................................................
    في مكتب الشيطان
    كان جالس على كرسي مكتبه و هو ينظر امامه بشرود فهو كان يتذكر سؤال عايدة " اللي في قلبك ريحانة؟ " ، هو يبحث عن إجابة لهذا السؤال الصعب .. نعم انه لسؤالا صعب عليه ، فهو شخص قاسي بنى حياته على اساس الكرة و القسوة و كرسها كلها لشيء واحد و هو الإنتقام فمن الصعب إستيعاب دخول الحب لبابه بعد ان قتل ذلك الجانب منذ زمن طويل ، اعاد رأسه للخلف و هو يغمض عينه ليسترخي و لكن صورة ريحانة قفزت في مخيلته فجأة و بدون سبب ، ففتح عينيه بضيق و نهض من على كرسي مكتبه و إتجه للحائط في الجانب الأيمن و وقف امامه و من ثم مد يده و ابعد السيتارة فظهر باب ، ففتحه و دخل .
    ..........................................................
    زحف جلال على الأرض حتى وصل للحائط فسند جسده عليه و هو يخرج تأوهات تظهر مدى آلمه في حين كان وجهه ينزف و قميصه الأبيض تغير لونه للون الأحمر بسبب الدماء ، نظر جلال ل سالم بنظرات مشتته فقد كانت رؤيته مشوشة و متداخله .
    - اية رأيك في الدرس دة ... عجبك!
    قالها سالم بتهكم و هو ينظر لجلال ببرود و على وجهه إبتسامة جانبية ، فقال جلال بتوعد و حدة رغم صوته الضعيف الذي يمتلأ بالألم
    - هتندم على اللي عملته يا سالم .. هندمك
    قهقه سالم بسخرية و قال بإستخفاف
    - و هو انا هخاف منك لما تقولي الكلمتين دول
    بعد ان انهى جملته .. نهض و سار بخطوات هادئة لإتجاه جلال و وقف امامه و نزل لمستواه و قال
    - انت ضعيف جدا يا جلال .. انت بدوني و بدون الناس اللي بيسندوك تبقي ولا حاجة ، فجاي دلوقتي و تقول انك هتندمني! "قهقه بخفة و اكمل" ها قولي هتندمني ازاي و انت لوحدك ضعيف
    - انا مش لوحدي
    - بجد! ، طب قول مين معاك ؟ ... ايمن اللي في السجن .. و لا فريد اللي فلس و لا عصام اللي اداك فكرة انك تزور الفلوس دي و تجبهالي
    نظر جلال لسالم بدهشة و قال
    - عرفت منين؟
    نهض سالم و قال بهدوء
    - مفيش حاجة بتتخبى عليا
    التفت و لاواه ظهره و هو يسير بخطوات باردة و هو يقول
    - اقولك حاجة ، انت وقعت في فخ الشيطان
    - المليون و نص اللي طلبتهم منك معايا اضعافهم ، اكيد هتستغرب لما اقولك ان الشيطان عرض عليا اني اخونك مقابل الفلوس و انا وافقت ، و كذلك نفس الموضوع حصل مع عصام .
    بدأ جلال يفقد الوعي ، فتوقف سالم و التفت و نظر له و قال قبل ان يفقد جلال الوعي كليا
    - احسنلك انك تتراجع عن اللي كنت مخطته بخصوص الشيطان عشان اللعب مع الشيطان مش سهل ، نصيحه من واحد خانك ، خدوه .
    قال الأخيرة لحراسه ، فتقدم حراس سالم و امسكوا بجلال من ذراعيه و جروه خلفهم .
    ..........................................................
    وقفت ريحانة امام مكتب الشيطان و طرقت على الباب بتردد و انتظرت سماع الأذن منه ولكنها لم تسمع اي صوت من الداخل فطرقت مرة آخرى قبل ان تضع كفها على قبضة الباب و تبرمها ببطئ ، ففتح الباب و تقدمت للداخل بخطوات حذرة في حين كانت نظراتها تتجول في ارجاء المكتب حتى توقفت عند تلك اللوحة المعلقة بجانب الباب فاقتربت و هي تدقق النظر في حين كانت تحاول ان تتذكر اين رأت مثل هذة اللوحة في مكان آخر ... نعم لقد تذكرت فهي قد رأت مثل هذة اللوحة عند جلال ، إبتسمت لأنها تذكرت و من ثم التفتت و إتجهت لمكتب الشيطان و التفت من حوله حتى وقفت خلف كرسي مكتبه و هي تنظر للأشياء الموضوعة على مكتبه فلفتت إنتباهها تلك الساعة الذهبية .. فمدت يدها و امسكت بالساعة و هي تنظر لها بإنبهار فكل انش في هذة الساعة فيه ذهب ، حركت يدها الممسكه بالساعة لتنظر لكل جوانب الأخير فلاحظت ذلك الأسم المنقوش على باطن الساعة ، فقرأتها بتمعن .
    - العاشقان ...فيروز و فخر الدين
    و من ثم نظرت امامها و هي تردد الأسمين بتفكير ، من يكونوا اصحاب هذة الأسماء ؟ والديه ؟! ، قاطع تفكيرها صوت صرير باب خافت فرفعت نظراتها و مررتها حولها بإستغراب و من ثم اعادت نظراتها للساعة ولكنها سمعت الصوت مرة آخرى فبدأ الخوف بتملكها ، فوضعت الساعة على المكتب و من ثم التفت حول المكتب و هي تسير بخطوات حذرة في الإتجاة الأيمن بعد ان دققت في إتجاة مصدر الصوت ,‎ ‎‏توقفت امام الحائط و هي تنظر له بإستغراب و تقول لنفسها
    - الصوت جي من هنا بس ازاي؟
    مدت يدها للحائط فلامست اناملها الأخير في حين قضبت حاجبيها بحيرة ، هناك شيء غريب .. هذا ليس ملمس الحائط و صلابته ، ابعتدت يدها من على الحائط ببطئ و هي تشعر بالحيرة و عدم الإرتياح ، فألتفتت و هي تنوي المغاردة .. و قبل ان تخطوا خطوة واحدة شعرت بيد تمسكها من رسغها و تجذبها إلى غرفة مظلمة من خلف الجدار فصرخت بفزع ، نظرت للشخص الذي يقف امامها و هو ممسك بذراعها .. لم تستطيع رؤية ملامحة بسبب الظلام و لكن رائحته تعرفها جيدا ، فقالت بهمس مرتجف
    - بيجاد!
    كان صدرها يعلو و يهبط من سرعة تنفسها ويدها ترتجف قليلا من الخوف ، لم تسمع اي رد من الطرف الآخر في حين شعرت بيده تترك ذراعها ، فنظرت حولها بخوف و هي تسمع صوت تنفسه ، فقالت و هي تحاول ان تصتنع الثبات
    - مين هنا؟ ... انت بيجاد! ، انا مش خايفه على ف...
    شهقت بخوف وفزع عندما جذبها من خصرها بطريقة مفاجأة و سريعة في حين اشتعلت شمعة صغيرة من على الرف الموجود بجانب رأسها ، فنظرت للشمعة في حين مد يده و امسك بالشمعة و وضعها امام وجهها ، فنقلت نظراتها له فرأت وجهه .. و تبادله النظرات فسرحت بعينيه التي لاحظت ان لونهما هو البني القاتم فشبهتهما بالقهوة القاتمة التي برغم مرارتها و لونها القاتم تجبرك على عشقها .. نعم هي تعشق جمال عينيه برغم القسوة التي تكمن فيهما ، لا تعرف منذ متى بدأت في عشقهم .. و لكن ما تعرفه الآن ان جمال عينيه تفقدها عقلها .. فجأة! ، أخفضت رأسها و هي تشعر بدقات قلبها الذي ينبض كالمجنون عندما تكون بجانبه و وضعت يدها على يده الملتفة حول خصرها و حاولت إبعادها و لكنه لم يسمح بذلك حيث القى بالشمعة على الأرض فأنطفأت و من ثم امسك بيدها التي تضعها على يده و وضعها خلف ظهرها و الصقها به ، فرفعت نظراتها له بجزع و قالت بتلعثم
    - في اية؟ .. ناوي على اية ها ، ابعد ...
    كانت تحاول تخليص يدها من قبضته و هي تكمل
    - انا عايزه اخرج من هنا
    - لية؟ ... خايفة كالعادة !
    قالها بطريقة مستفزة ، فقالت بإنفعال مفاجئ
    - انت مش هتقدر تعملي حاجة
    إبتسم إبتسامة ماكرة شيطانية اظهرت مخالبه و هو يقول بهمس
    - هنشوف .. هقدر ولا لا زي ما بتقولي
    بلعت ريقها بصعوبة و هي تقول بثبات فشلت في إتقانة
    - مش هتقدر ، مش هسمحل...
    لم يسمح لها بإكمال جملتها حيث طبق شفتيه على شفتيها بهدوء مما سبب لها الصدمة في البداية قبل ان تستجيب له و لقبلته الحانية ..الناعمة .. فبادلته القبلة ، فأدرك انها استجابت له فحرك ذراعها الذي كان يضعها خلف ظهرها و وضعها على كتفه و بدورها رفعت ذراعها الآخرى و طوقته من رقبته و هي ترفع جسدها قليلا ، لا تعلم ماذا حدث لها و لماذا استجابت له و لماذا تشعر بأنها ترغب به! .. هي تريد ان تبتعد و لكن رغبتها تمنعها ، تنهدت من بين قبلتهما و هي تغمض عينيها في حين شعرت ان مشاعرها إتجاهه بدأت توضح امامها ، و الآن ستعترف .. هي معجبه به و تنجذب له بطريقة خطيرة فهل هذا معناه انها احبته؟! ، لم تهتم كثيرا بالتفكير في هذا السؤال فهي تريد الإستمتاع بهذه اللحظة .. معه! .
    سار بها للخلف حتى اصطدم ظهرها بالحائط فتأوهت بخفه في حين رفع كفيه و مررهم على رقبتها و من ثم احضتن وجهها بكفيه فابتعدت عنه قليلا لتلتقط انفاسها ، فأبتعد هو عنها اكثر حيث تركها و تراجع للخلف و هو يشعر بشعور يزعجه ، مسح وجهه بكفه و هو يخلص نفسه من ذلك الشعور ولكنه لم يستطع فرفع نظراته لها و من ثم سار لناحيتها وتخطاها و فتح الباب و نظر لها مرة آخرى و قال بهدوء اصطنعه امام نفسه ، رغم بعثرة مشاعره بداخله
    - اخرجي
    التفتت و نظرت له بدهشة من موقفه ، فنظر امامه بنفاذ صبر و تقدم منها و امسكها من ذراعها و اخرجها و قال قبل ان يغلق الباب
    - مش عايز اشوفك في مكتبي .. اخرجي
    و من ثم اغلق الباب بينما ظلت هي واقفة في مكانها تستوعب ما حدث .
    ..........................................................
    - الحقي ابوكي يا زهرة .. الحقيه
    قالتها والدة زهرة و هي تبكي عبرالهاتف ، فقالت زهرة بقلق
    - بابا ماله ؟
    - تعبان اوي .. تعالي البيت يا زهرة ، هو عايز يشوفك
    - هستأذن و هاجي
    - متتأخريش يا بنتي
    انهت زهرة المكالمة و هي تشعر بالقلق و الخوف على والدها ، فنهضت سريعا و خرجت من غرفتها و في طريقها للمطبخ قابلت رئيسة الخدم فأوقفتها و قصت عليها ما حدث و استأذنتها بأن تغادر فوافقت الأخيرة
    - شكرا جدا .. شكرا
    قالتها زهرة بإمتنان قبل ان تغادر
    ..........................................................
    في جناح عايدة
    كانت عايدة مستلقية على الأريكة و على وجهها إبتسامة جانبية في حين كانت تنظر للهاوية بشرود ، كانت تتذكر اقوال ريحانة عن الشيطان و عن تحديها لها بأنه سيصبح لها ، قهقهت فجأة بإستخفاف و هي تحرك رأسها و تقول
    - الغبية فاكره انها هتقدر تغير الشيطان و تخليه يحبها بعد السنين دي كلها ، هي عارفه انه شيطان ، بس اللي متعرفوش انها لازم تعمل معجزة عشان تغير الشيطان دة لإنسان يحب ... بس صعب .. صعب جدا تغيرة
    اعتدلت عايدة إلى وضع الجلوس بصعوبة و هي تكمل ببرود في حين متجاهله ألمها
    - بس يلا خليها تجرب و هتفشل و مع فشلها هتبقى نهايتها .. و نهايتها قربت
    انهت جملتها و نهضت و سارت بخطوات بطيئة لإتجاة السرير و القت بجسدها عليه و اغمضت عينيها و هي تبتسم و تقول بلهجة حالمة
    - امتى هيجي اليوم اللي هشوف فيه ريحانة و هي بتولع كدة على الخشبة قدام الناس
    ..........................................................
    سارت ريحانة بخطوات بطيئة لإتجاة الباب و هي في حالة ذهول ، ماذا حدث له؟ ، وضعت يدها على مقبض الباب و برمته و خرجت و من ثم توقفت و التفتت و نظرت لباب مكتبه الذي اغلقته و بدأت تدرك الأمر ، لقد طردها بعد ما حدث ، فهذه إهانة لها .. صحيح؟! ، إتسعت مقلتيها بصدمة و تمتمت لنفسها
    - دة اهاني !
    و من ثم اخذت تضرب رأسها بضيق و هي تتمتم و تلعن نفسها
    - انا غلطانه .. أنا غبيه ... أنا اية اللي خلناني استسلم ليه! ، حقيره يا ريحانة حقيره
    اخذت تبعثر خصلات شعرها بغضب و ضيق من نفسها و من ثم هتفت بصوت مسموع غاضب و متوعد
    - حقير .. هوريك
    و من ثم التفتت و سارت في الممر و هي مازالت تلعن و تسب نفسها على إستسلامها له .. كيف استسلمت له؟ .. كيف ضعفت امامه؟ ، اين ذهب عقلها! ... هل سلبة منها بهذة السهولة ام هي التي اوقفت عمله!؟ .

    ،،،،،،،،،،،، في الناحية الآخرى

    جلس على الكرسي و مال قليلا ليسند مرفقيه على فخذيه و فجأة اظلمت عينيه من بين ذلك الظلام الدامس الذي يعم حوله ، كان يحاول القضاء على شعوره الذي صنعته هي له ، فهو مؤخرا اصبح يشعر بان هناك مشاعر جديدة تكمن بداخله و خاصا لناحيتها ، هي المرأة الأولى الذي شعر بإتجاهه بالإنجذاب و الرغبة! .. فلكونة الشيطان هو لم يكن يشعر بأي من تلك المشاعر سابقا و لذلك تغيره هذا يضايقه و يغضبه ، نهض بضيق و ضرب الحائط بقبضته و من ثم قال من بين أنفاسه الغاضبة
    - انا الشيطان .. عمر ما اي واحده هتغيرني او هترجعني لهيئة إنسان ليه قلب عشان يحس بيه ، انا معنديش قلب .. انا شيطان و بس
    ..........................................................
    مر الوقت حتى حان موعد الغداء ،،

    دخلت ريحانة لغرفة الطعام فرأته جالس في مقعده و قد بدأ في تناول الطعام ، فرمقته بضيق و هي تقترب و تجلس في مقعدها ، فتقدمت الخادمة بدورها و قدمت لها الطعام و من ثم عادت للخلف ، فأمسكت ريحانة بالملعقة بهدوء و وضعتها في طبق الحساء و هي تقول
    - مش من الذوق انك تستناني
    نظر لها بطرف عينيه ببرود بينما اكملت
    - مدام انا عايشه هنا كفرد في القصر
    - شكلك خدتي عليا اوي .. صح!
    قالها بهدوء و هو ينظر لها بنظرات خالية من اي تعبير ، فإبتسمت إبتسامة جانبية ساخرة و قالت
    - طبيعي اخد عليك لأني عايشه معاك
    اعاد نظراته لطعامه بهدوء بينما ظلت هي تنظر له في حين كانت تفكر و تخطط ، تريد ان تنتقم منه لفعلته و لإهانته لها ، إرتسمت على شفتيها إبتسامة ماكرة بعد ان ادرك ما ستفله ، نظرت لطعامها و بدأت في الأكل و هي تحدث نفسها
    - هنتقم منه بطريقتي ، الخطوة الأولى ... اضايقه
    بلعت الطعام الموجود في فمها و من ثم رفعت نظراتها الماكرة لناحيته ببطئ فوجدته يمد يده ليأخذ رغيف من الخبز فمدت يدها سريعا و اخذت الرغيف الذي كان سيأخذه ، لم يهتم و هم ليأخذ رغيف آخر و لكنه وجدها تأخذها ، فرفع نظراته لها بجمود و هو يمسك برغيق آخر فوجدها تمسكها ، فنقل نظراته ليدها و من ثم لها ، فقالت بهدوء
    - انا عايزه اكل الرغيف دة
    تركه و امسك بآخر فوجدها امسكته ، فرمقها بحدة ، فقالت ببرائة خبيثة
    - معلش سبهولي .. اصل عايزاه
    - هتاكلي كل دة؟!
    قالها بضيق ، فإبتسمت بطريقة مستفزة وهي تومأ برأسها ، فتركه و امسك بملعقته و اخذ يحتسي الحساء ، بينما كانت الإبتسامة الماكرة اللعوبة تتراقص على شفتيها و هي تحدث نفسها
    - الخطوة التانيه ... اغيظه و اعصبه
    - اقولك حاجة
    قالتها بهدوء قبل ان تضع قطعة من الخبز في فمها ، بينما تجاهلها ، فرفعت نظراتها له و قالت بضيق
    - مش بكلمك!
    هز رأسه بلا ، فأغتاظت من رده و لكنها قالت بهدوء اصطنعته
    - لا بكلمك على فكرة
    تجاهلها مرة آخرى و هذا اغاظها اكثر و اغضبها ، فرمقته بغضب و قالت
    - انت مش بترد لية ! .. أنا بكلمك .. على الأقل بصلي عشان اقول اللي عايزاه
    تجاهلها ايضا ، فزفرت بضيق و هي تشيح بوجهها للناحية الآخرى و حدثت نفسها بضيق
    - فشلت في الخطوة التانية ، اوووف ، اعمل اي....
    لم تكمل حديثها لنفسها حيث ضاقت عينيها وهي تخطط لما تفعله الآن و قد قررت ، فإرتسمت على شفتيها إبتسامة شيطانية و هي تلتفت برأسها و تنظر له بنظرات حانية مزيفة ، فقالت بصوت ناعم
    - اصبلك شاي؟
    - مش عايز
    لم تهتم لرده حيث امسكت بإبريق الشاي و ملأت الفنجان بالشاي و من ثم مدت ذراعها له و قالت
    - إتفضل
    نظر لها و قال
    - قلت مش عايز
    اعادت الفنجان امامها و قالت و هي تمسك بعبوة السكر
    - عايز كام معلقة سكر؟
    بلع الطعام الموجود في فمه و نظر لها بنفاذ صبر و قال
    - عايزة اية يا ريحانة؟
    نظرت له بعد ان وضعت معلقة واحدة من السكر في الفنجان و قالت بهدوء
    - و انا هبقى عايزه منك اية!
    انهت جملتها و حملت الفنجان و قدمته له فرمقها بنفاذ صبر و قال
    - مش بتفهمي!
    - ايوة مش بفهم
    قالتها من بين اسنانها و هي تسكب الشاي عليه ، فنهض سريعا و تقدمت الخادمة بفزع و هي تقول
    - سيدنا
    نظر الشيطان لريحانة بغضب بينما كانت الأحيرة تضحك بإستمتاع و شماتة ، فمد ذراعه و امسك ريحانة من شعرها فحل محل ضحكاتها تأوهاتها من قبضته .
    - اخرجي برة
    قالها للخادمة بصوت مرتفع يمتلأ بالغضب ، فخافت الخادمة و غادرت سريعا فظلت ريحانة معه وحدة .
    - حسابك تقل
    قالها بهدوء مخيف مما جعلها تخاف و لكنها حاولت إخفاء ذلك بقولها الهادئ الذي اتقنته نسبيا
    - كنت بهزر معاك ... بس
    - شكلي اتساهلت معاكي زيادة عن اللزوم
    - سيب شعري
    قالتها و هي تضع يدها على قبضته الممسكه بشعرها ، فجذبها له بقسوة و قال
    - شكلك مش خايفه
    بلعت ريقها و قالت بثبات
    - لا .. مش خايفه
    - هعاقبك على اللي عملتيه
    إبتسمت بلامبالاة و قالت ببرود و هي تبعد نظراتها عنه
    - عارفه عقابك و مش خايفة منك ، عارف لية! ... لأنك هتسبني كالعادة
    تعجبت ريحانة مما قالته .. من اين اتت بهذة الثقة و البرود المفاجئ ! ، اعادت نظراتها له فأرتجفت قليلا و هي ترى احمرار وجهه و قسوة نظراته المظلمة عليها ، فهمهمت بخفوت و قالت و هي تبتسم إبتسامة مضربة
    - بتبصلي كدة لية؟ ... أنا مش هخا....
    قاطعها بصفعته القوية التي اطاحت بها ارضا ، فوضعت يدها على وجهها بصدمة و من ثم رفعت نظراتها الدامعة له فوجدته يقترب منها حتى انقض عليها ضربا ، لا يعلم لما كان يضربها ، ولكن ما يعلمه انه غاضب منها جدا .. فتصرفاتها معه و تصرفاته معها في السابق جعلها تتوهم انه اصبح ضعيف! ، هذا اعتقاده ، ابتعد عنها بعد ان شعر بأنها تتراخى تحت يده و نهض و نظر لها من فوق و قال بتحذير من بين انفاسه الاهثة
    - خافي مني يا ريحانة ... خافي
    و من ثم التفت و غادر ، فظلت ريحانة ملقاة على الأرض و هي تبكي و تتألم ، مررت نظراتها حولها بعجز و من ثم أعتدلت بصعوبة إلى وضع الجلوس و لامست وجهها بأناملها و ابعدتهم لترى الدماء تملأهم فوضعت كفيها على وجهها و هي تبكي بصوت مرتفع ، فهي تتألم.
    ..........................................................
    اخرج جلال تنهيدة تمتلأ بالألم بعد ان القى بجسده على السرير فهو قد تلقى اليوم الكثير من الضرب ، مرر انامله من بين خصلات شعره بضيق و هو يحدث نفسه بصوت مسموع
    - كل خطتي بتفشل و كل اللي حوليا بيسوبوني و كل اللي عملته بينهار ... لية حظي كدة لية!
    قال الأخيرة بغضب و من ثم اغمض عينيه و فتحها و امسك بهاتفه و ضغط على الزر الأوسط فأنارت شاشة الهاتف فدخل لخانة الصور و فتحها و بحث عن صورتها فوجدها و ضغط عليها فظهرت صورة ل ريحانة ، ظل ينظر لصورتها بصمت و من ثم حدث صورتها
    - هرجعك لحياتي يا ريحانة و هنكمل حياتنا زي ما كانت ، انتي اللي فاضله ليا دلوقتي .. اصل الكل خاني و سابني و راحوا لصف الشيطان ، بس انتي مش هتسيبيني انا عارف و متأكد لأنك بتحبيني بطريقة عامية و دة احلى ما فيكي ، ياريت الكل كان زيك كان زمان حققت هدفي من زمان
    وضع بالهاتف بجانبه و هو ينظر للهاوية بشرود فأثناء شروده تذكر شيء فأمسك بهاتفه و فتح "التقويم" و نظر للتواريخ و من ثم رفع رأسه و إبتسم و قال
    - بكرة اليوم الموعود
    ..........................................................
    بعد ان خرج من غرفة الطعام إتجه لحديقة القصر خاصا للإسطبل ، اخرج جواده الأسود و اعتلاه و من ثم خلع قميصه المتسخ و القاه على الأرض قبل ان يمسك باللجام ليضرب الجواد بخفة فيبدأ بالركض
    ..........................................................
    - ها يا حكيم ... بابا كويس؟
    قالتها زهرة بقلق ، فرد الحكيم
    - متلقليش هو كويس بس لازم يرتاح و يبعد عن اي حاجة تعصبه او تتعبه
    - ماشي يا حكيم ... شكرا ، تعبناك
    - دة واجبي
    نهضت زهرة و اوصلته للباب و من ثم عادت لوالدها و جلست بجانبه و امسكت بيده وقالت بعتاب
    - ماشي يا بابا ماشي ... كدة تخوفنا عليك
    نظر لها والدها بضيق فقالت
    - بتبصلي كدة لية يا بابا؟
    - كل حاجة بتحصلي و اللي هتحصلي بسببك يا بنتي
    تنهدت و قالت
    - لية بتقول كدة؟
    نظر لها نظرة تعرفها جيدا ، فإبتسمت و قالت
    - انت مش بتثق فيا و في قراراتي؟
    - لا
    ضحكت و قالت
    - لا انت بتثق و انا عارفه
    - قوليلي يا زهرة ... اية اللي مخبياه عني؟
    تنهدت زهرة وقالت
    - لو قلتلك مش عارفه هتبقى رده فعلك اية
    - قولي يا زهرة ، عملتي اية من ورايا .. قولي يا جلابه المصايب
    ضحكت على كلماته الأخيرة و قالت
    - ماشي .. هقولك
    تنهدت بعمق قبل ان تبدأ في قول ما فعلته بدون علم والدها
    ..........................................................
    في الطابق الثالث .. تحديدا غرفة "عبد الخالق"

    - مين اللي عمل فيكي كدة؟
    قالها عبد الخالق بصدمة بعد ان تلفت ريحانة لغرفته و جلست على الكرسي المقابل لسريره ، فردت ريحانة بصوتها المتحشرج من البكاء
    - الشيطان
    نظر لها بشفقة و اسف و قال
    - عملتي اية عشان يعمل فيكي كدة
    صمتت ريحانة و ظلت تنظر للأرض و دموعها تسيل على وجنتيها ، فتنهد بآسى و ساد الصمت في الغرفة
    - تقدر تحميني منه؟
    قالتها ريحانة فجأة و بدون سبب بعد صمت طويل ، فنظر لها في حين نظرت له و اكملت
    - تقدر تحميني منه لما يكتشف اني جاسوسة لجلال ؟ 

    الفصل السابع عشر

    ساد الصمت في الغرفة بعد قول ريحانة الذي صدم عبد الخالق ، لم يخطر في خاطره ابدا ان ريحانة قد تكون خائنه ! ، اخفضت ريحانة رأسها و هي تتنهد بحزن و تقول بآسى
    - ايوة ... انا جاسوسة لجلال ، هو باعتني لهنا عشان اجمعله معلومات عن الشيطان و اقتله
    تنحنح عبد الخالق و هو يبعد نظراته عن ريحانة في حين كان يستدرك ما قالته الأخيرة منذ ثوان ، فرمش بعينيه و هو يقول بحزن
    - مكنتش اتوقع دة منك
    بلعت ريقها و هي تخفض رأسها و تقول
    - غصب عني عملت كدة ، لأن جلال اجبرني اني انفذله كل اوامره و اني اجي هنا و ابقى جاسوسه ، عارفه ان كان المفروض اني ارفض و فعلا انا رفضت في الأول و كنت عايزه اهرب و منفذش اي حاجة بس ... بسبب حبي ليه رجعت عن قراري و نفذتله طلباته ، ايوة ... انا سرقت اوراق مهمه من الشيطان و اديتها لجلال و حاولت اقتل الشيطان نفسه لما طلب مني جلال اني اقتله
    صمتت لبرهه قبل ان تكمل
    - انا عارفه اني غلطانه و انا ندمانه لأني فضلت في القصر دة و نفذت اوامر جلال لو بأيدي اني ارجع بالزمن شوية لورا كنت هنفذ قراري و ههرب من كل اللي انا فيه دة حتى لو كنت هتخلى عن حبي لجلال ... الحب اللي طلع عبارة عن وهم
    قالت الأخيرة بإنكسار ، فقال عبد الخالق بهدوء
    - الزمن مش هيرجع
    - عارفه
    قالتها بخفوت من بين دموعها فتنهد عبد الخالق و قال
    - جايه تقوليلي حقيقتك لية يا ريحانة؟
    ضمت كفيها لبعضهما و ردت
    - عشان حاسه اني ضعيفه .. انا خايفه منه ، انا عارفه اني لوحدي و ان محدش هيحميني من الشيطان و من اللي هيعمله فيا لما يعرف حقيقتي .
    - طب مش خايفه اقول للشيطان عن حقيقتك
    - معتقدش انك هتعمل فيا كدة
    - لية؟!
    لم ترد حيث اكتفت بهز كتفيها بعدم المعرفة ، فقال بجمود
    - انا مش هقدر احميكي
    رفعت رأسها و نظرت له بحزن فأكمل
    - عشان انتي جاسوسة ل جلال .. عارفه لو كنتي جاسوسة لحد غيره و جيتي طلبتي مني اساعدك كان ممكن اساعدك بس اي حد تابع لجلال يستاهل اللي يحصله من الشيطان ، و غير كدة جايه تطلبني مني لية اني احميكي ما تخلي اللي باعتك لهنا يحميكي .. ولا مش هيقدر !
    قال الأخيرة بتهكم ، فردت
    - لا .. جلال مخطت انه هيهربني اول ما يرجع من سفريته بس انا مش عايزه اهرب معاه و مش عايزه ارجع ليه ابدا
    - لية بتقولي عليه كدة؟ .. مش انتي حبيتيه من الأول و عملتي كل دة عشانه !
    - ايوة، انا حبيته و عملت كل دة عشانه بس ... " و هنا طغى البكاء عليها و اعاقها لبرهه عن الاستمرار في كلامها " ازاي هرجع لواحد خدعني لمدة سنتين و اذاني و استغل ضعفي و جهلي لمصلحته الحيوانية !
    اضاق عبد الخالق عينيه و قال بترقب
    - انتي حكايتك اية بظبط !
    مسحت دموعها بكفيها و قالت
    - هحكيلك بس هتصدقني!
    - هصدقك
    اومأت برأسها و هي تتنفس الهواء بعمق قبل ان تبدأ في سرد قصتها من بداية دخولها للقرية حتى لحظة اكتشافها لحقيقة جلال في حين لم تتوقف دموعها عن الإنهمار .
    ..........................................................
    انتفض والد زهرة من فراشه بفزع بعد سماعه لكلمات زهرة و اصبح يقول بصوت مرتفع غاضب
    - انتي عايزه تجيبي نهايتي و نهاية العيلة يا زهرة .. انتي عايزه تخربيها علينا ، إحنا مش ناقصين مصايب حرام عليكي ، بتعملي كل حاجة من دماغك......
    دخلت والدة زهرة على صوت زوجها المرتفع و قالت بخضة
    - في اية؟ ... مالك يا حج؟
    نظر لها وقال
    - تعالي شوفي و اسمعي بنتك عملت اية .. بنتك عايزه تجيبني الأرض ، بنتك عايزه تموتني
    نقلت والدة زهرة نظراتها لزهرة بإستغراب و تساؤل و قالت
    - عملتي اية يا زهرة تاني؟ ... ابوكي بيقول كدة لية
    نظرت لها زهرة و قالت بهدوء
    - معملتش حاجة غلط يا ماما ، تعالي اقعدي و هحكيلك
    - مش غلط! .. دة انتي كل عمايلك غلط ، انتي مش بتسمعي كلامي و بتنفذي اللي في دماغك على اساس انه صح ، انتي تفكيرك كله غلط و بتفكيرك دة هنضيع كلنا
    - صدقني مش هنضيع ... دة لمصلحتنا ، دة احنا كدة في امان
    جذبته من يده و اجلسته امامها بصعوبة و من ثم نظرت لوالدتها و قالت
    - تعالي يا ماما اقعدي معانا و اسمعي كلامي و افهميه عشان تفهمي بابا ان اللي عملته لمصلحتنا
    تقدمت والدتها و جلست بجانبهم و قالت
    - ماشي قولي
    اعادت زهرة ما قالته لوالدها ... لوالدتها ، في حين كان ينظر والدها لها بحدة و هو يتنفس بغضب
    ..........................................................
    بعد إنتهاء ريحانة من سرد قصتها اخفضت رأسها و هي تمسح دموعها التي لا تريد التوقف عن الإنهمار في حين كان عبد الخالق ينظر لها ببعض من اللين فبعد ما سمعه منها لان قلبه و عاد كما كان ، فما تعرضت له ريحانة من جلال ليس بالهين بالإضافة إلى انها ضحية لذلك الوغد الحقير .
    - هتحميني ؟!
    قالتها ريحانة بخفوت من بين شهقاتها ، فقال
    - مش هقدر احميكي بما فيه الكفاية لحالتي دي ... بس انتي ممكن تحمي نفسك بنفسك
    نظرت له بتساؤل فأكمل
    - انا قلتلك الكلام دة قبل كدة .. خلي الشيطان يحبك
    - صعب اخليه يحبني
    - انتي جربتي؟
    هزت رأسها بلا فقال
    - طيب جربي ... صدقيني هتحمي نفسك و هتبعدي عن شر الشيطان حتى لو لنسبة صغيرة
    مسحت دموعها و توقفت عن البكاء و صمتت حيث كانت تفكر بما قاله عبد الخالق و بعد ان شعرت بأن كلامه منطقي قالت
    - ازاي اخليه يحبني؟
    - هقولك ، بس اول حاجة لازم تعمليها ان تكون شخصيتك قوية قدامه بس حنينه في نفس الوقت .. فهماني !
    نظرت له و قالت
    - صعب ابقى قوية قدامه
    - لية؟
    - اصل انا جربت و انت شايف اللي عمله
    قالت الأخيرة و هي تشير لوجهها ، فنظر لها بشفقة و قال
    - ممكن تجربي بطرق تانية مختلفة ، بس اياكي تتحديه او تستفزيه لأنه بيتهور بسرعة
    - مجربه
    قالتها بمرارة في حين إرتسمت على شفتيها إبتسامة جانبية ، فإبتسم بدوره .. فقالت
    - طب انا هعرف اتعامل معاه بالطريقة الصح ازاي و انا معرفش عنه حاجة
    - اية اللي متعرفهوش عنه؟
    - كل حاجة عنه ، ماضيه.. حاضره.. علاقاته.. حياته
    - فهمت .. بصي حاليا هقولك تعملي اية و تتصرفي معاه ازاي
    اومأت برأسها ، فبدأ في قول ما يجب عليها فعله فكانت بدورها تستمع له بإنصات .

    بعد انتهائه نهضت و قالت بتساؤل قبل ان تغادر
    - نظرتك ليا اتغيرت؟
    - مكنتش اتوقع انك تكوني تابعه لجلال . بس متخفيش ، انتي حفيدتي زي ما اتفقنا
    قال الأخيرة و هو يبتسم بسماحة ، فإبتسمت براحة و قالت
    - شكرا
    اغمض عينيه و فتحها فألتفتت و إتجهت للباب و وضعت يدها على قبضة الباب وقبل ان تبرمها قال
    - انتي قلتي لجلال عني؟
    التفتت و نظرت له و هزت رأسها بلا ، فقال
    - لة مقلتلهوش؟
    - مش عارفه .. بس حسيت ان مش لازم اقله
    - ماشي
    التفتت و برمت قبضة الباب و خرجت من الغرفة و من ثم إتجهت لجناح الشيطان .
    ..........................................................
    ترجل من على ظهر جواده و اشار للسائس بإشارة يعرفها الأخير فتقدم و اخذ الجواد للأسطبل في حين سار الشيطان بخطواته الثابتة لإتجاه القصر و قد كان هادئا جدا و باردا ! . دخل القصر و إتجه للسلم و صعده بهدوء حتى وصل للطابق الثاني و من ثم إتجه لجناحه و دخله في حين كانت عينيه تتجول في المكان حتى استقرت عليها ، كانت ريحانة جالسه على السرير و هي تضم قدميها لصدرها و تسند ذقنها على ركبتهيا و كانت شارده ، ابعد نظراته عنها حيث لوالها ظهره و هو يتجه للأريكة ليجلس عليها .. وجلس و اعاد نظراته لها و قال بصوته الأجش
    - تعالي
    استيقظت من شرودها حيث رفعت رأسها و نظرت له بهدوء غريب ، فأشار لها بأصبعه بأن تأتي ، فتحركت من مكانها و نهضت و إتجهت لناحيته حتى توقفت امامه بينما كان يتفحصها بعيون ضيقة من رأسها حتى اخمص قدميها .
    - ادخلي ظبطيلي المية عشان ادخل استحمة بس قبلها هاتيلي لبس ليا من الدولاب
    التفت دون ان تومأ برأسها او تخرج حرف واحد من بين شفتيها و إتجهت للخزانة و اخرجت ملابس ليرتديها و من ثم إتجهت للحمام و فعلت ما طلبه منها و خرجت و قالت بهدوء
    - عملت اللي طلبته
    نظر لها بطرف عينيه و نهض و سار لإتجاه الحمام و لكنه توقف قبل ان يصل للأخير حيث توقف امامها و ظل يحدق بها بتدقيق .. فشعر بالذنب لوهلة خاصا عندما رأى ذراعها الملتفه بالضماد و وجهها المتورم بعض الشيء و الجرح البسيط الذي يكون اسفل شفتيها ، ولكنه تخلص من شعوره سريعا في حين قال ببرود و هو يمسك بذراعها الملتفه بقسوة و يجذبها له فرفعت نظراتها له بألم و حزن
    - بتتعلمي بسرعة ، شاطرة
    لم ترد عليه فلا يوجد لديها رد على قوله الذي لا داعي له ، بينما قال
    - من هنا ورايح كل حاجة ليها حسابها .. يعني فوري
    لم ترد ايضا ، فشعر بالضيق ولكنه لم يظهر حيث قال بتهكم
    - مالك؟ ... ضربي اثر على لسانك !
    - لا .. ممكن تسيب دراعي
    قالتها بهدوء خافت و هي تبعد نظراتها عنه ، بينما نظر لها بجمود و قال بطريقة مستفزة
    - لية؟ .. بوجعك !
    اومأت برأسها فإبتسم إبتسامة جانبية شرسة و قال بهدوء خشن بعد الشيء
    - انتي لسه مشفتيش حاجة مني
    رفعت نظراتها له و قالت
    - وانا عملتلك اية عشان تعمل فيا كدة؟
    - بدون سبب
    قالها ببرود ، فتنهدت بآسى و هي تضع يدها على قبضته الممسكه بذراعها و حاولت إبعادها ، فتركها و تخطاها و دخل الحمام .
    ..........................................................
    مساءا
    كانت جالسة ريحانة على احدى الكراسي الموجودة في الشرفة و كانت تنظر للسماء و هي شارده ، بينما دخل الشيطان جناحه بعد ان انهى بعض الأعمال في الخارج فهو بعد اخذه للحمام الساخن .. غادر القصر بأكمله ، إتجه للخزانة و فتحها و وضع بعض الأرواق بداخلها و من ثم اغلقها و إتجه للشرفة و هو يخرج سيجارة من جيبه و دخل الأخيرة و لكنه توقف لبرهه بعد اول خطوة و من ثم اكمل طريقه للداخل حيث جلس على الكرسي المجاور لها بهدوء ، فشعرت به و التفتت برأسها و نظرت له و من ثم عادت كما كانت.. و كان الصمت سيد المكان .
    - امتى هبقى حره زي النجوم دي ؟!
    قالتها بآسى و هي تحدث نفسها بصوت مسموع دون ان تشعر ، فنظر لها بطرف عينيه و هو ينفث دخان سيجارته بهدوء ، بينما اكملت
    - لية الطيور و النجوم و الكواكب و الحيوانات و الناس ماخدين حريتهم! ، كلهم بيستمتعوا بحريتهم إلا انا ... دايما بيبقى في قيود و اسوار حواليا ، هو انا مش إنسانه زي بقيه الناس؟ .. هو انا مستحقش اني اعيش حياة طبيعية !
    - لا .. متستحقيش
    قالها بهدوء و هو ينظر امامه بجمود ، فألتفتت و نظرت له بشرود و قالت و هي تؤيد كلامه
    - و انا بقول كدة برضوا .. مستحقش
    بعد ان انهت جملتها ابرزت شفتها السفلى بتلقائية و بشكل طفولي ، بينما قال بجدية
    - مفيش حد على وجه الأرض ميستحقش انه ينعم بالحرية
    نظرت له لبرهه قبل ان تبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و هي تقول
    - انت بتقول كدة! ... طيب فين حريتي؟
    التفت و نظر لها و قال
    - عايزه حريتك مني؟
    اومأت برأسها و قالت
    - ايوة .. هتدهاني !؟
    نظر امامه و قال بعد ثوان
    - قريب جدا هدهالك
    تنهدت بعمق و هي تعيد نظراتها للسماء ، بينما هو وضع سيجارته بين شفتيه ببرود .
    ..........................................................
    في الطابق الثالث .. تحديدا غرفة "عبد الخالق"

    مسحت الخادمة فم عبد الخالق بعد ان اطعمته و من ثم حملت الصينية و قالت
    - انا هنزل ارجع الصينية للمطبخ و هرجعلك ، محتاج حاجة من تحت؟
    - لا .. شكرا
    اومأت برأسها و التفتت و غادرت بينما اغمض عبد الخالق عينيه و هو يحاول ان يسترخي فهو منذ ان غادرت ريحانة في الصباح من غرفته لم يتوقف عقله عن التفكير في هل ما فعله صحيح بأن يجعل الشيطان يقع في حبها؟ .. هو يريده ان يعود كما كان سابقا و لكنه يعلم ان الشيطان لن يعود إلا بالحب .. لأنه سيغيره ، يعتقد ... ان هذا هو الحل الوحيد فهل سينجح؟! او هل ستنجح هي بهذا؟ .. ليس متأكد .
    تنهد و هو يفتح عينيه و يجول بها حوله بتفكير فقال محدثا نفسه
    - بس صعب ريحانة تتعامل معاه بالطريقة الصح مادام متعرفش ماضيه و اللي مر بيه ، كدة هتفشل
    صمت و هو يفكر بفعل شيء سيسهل كل شيء ولكنه متردد .
    ..........................................................
    اليوم التالي

    داعبت اشعة الشمس وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج و اعتدلت إلى وضع الجلوس و هي تمرر نظراتها حولها ، مدت ذراعها في الهواء لتطرد ذلك الخمول الذي يستوحيها و من ثم ابعدت الغطاء من على جسدها و نهضت و هي تحدث نفسها بضجر بعد ان ادركت انه غادر الجناح
    - زي كل يوم .. بصحى و مش بلاقيه
    تأففت و إتجهت للحمام و دخلته
    ،،،،،،،،،،،،،
    في مكتب الشيطان

    - عشاني المرة دي ...خرجه
    قالها عز الدين برجاء للشيطان الذي رد عليه بقسوة
    - و لا عشانك ولا عشان غيرك .. الكل عندي متساويين ، ايمن غلط و بيتعاقب
    اتى عز الدين ان يقول شيء و لكن الشيطان سبقه بقوله الحازم
    - الكلام في الموضوع دة منتهي
    تنهد عز الدين بآسى و قال
    - ماشي
    ساد الصمت لدقائق قبل ان يقول عز الدين
    - جلال هيرجع النهاردة
    - عارف
    - هتعمل معاه اية؟
    نظر له الشيطان و قال بهدوء
    - و لا حاجة
    - طيب ، هتروح النهاردة تلعب قمار ؟
    اومأ برأسه و قال
    - اكيد ... اص اللعب مش هيكمل بدوني
    - هتكسب زي العادة
    إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية واثقة و اومأ برأسه ، فنهض عز الدين و قال
    - انا همشي دلوقتي
    اومأ الشيطان برأسه فألتفت عز الدين حيث لاواه ظهره و إتجة للباب ، فأوقفه الشيطان بقوله
    - عارف انك زعلان لأني منفذتلكش طلبك
    التفت عز الدين و قال بهدوء
    - لا .. مش زعلان لأنك انت صح ، انا غلطت لأني جيت و طلبت منك طلب سخيف زي دة
    - طلبك مش سخيف ...لأنك اب بتحب ابنك فمش عايزه يتأذي حتى لو انت عارف انه وحش
    إبتسم عز الدين بسماحة و قال
    - شكرا لأنك متفهم ، سلام
    و من ثم التفت و غادر ، فظل الشيطان جالسا في مقعده لدقائق معدودة قبل ان ينهض و يغادر هو ايضا
    ..........................................................
    اغلق جلال الحقيبة و من ثم حملها فشعر ببعض من الألم و لكنه تجاهل الأمر ، إتجه لخارج الجناح فأقترب احدى العمال و قال
    - حضرتك محتاج مساعدة؟
    - شيل الشنظة
    اومأ العامل برأسه و حمل حقيبة جلال و سار خلف الأخير .
    صعد جلال سيارة الأجرة بعد ان تأكد من وضع العامل لحقيبته في السيارة ، بدأت السيارة في الحركة في إتجاه القرية .. قرية الشيطان.
    ..........................................................
    سارت ريحانة في الممر حتى توقفت امام غرفة الطعام و هي تمرر نظراتها في الغرفة فقد كانت خالية تماما ، تقدمت منها الخادمة و قالت
    - اتفضلي
    نظرت لها ريحانة و سألتها
    - فين الشيطان؟
    - سيدنا مش هيفطر
    هزت ريحانة رأسها و من ثم قالت
    - فين زهرة؟
    - زهرة والدها تعب فراحت تزوره
    - هترجع امتى؟
    - هي راحت إمبارح فإحتمال تيجي النهاردة
    اومأت ريحانة برأسها و التفتت ، فأسرعت الخادمة و قالت
    - مش هتفطري؟
    - لا
    ..........................................................
    - متتصرفيش تاني من دماغك يا زهرة ، تبقي تيجي ليا او لأبوكي و تستشرينا
    قالتها والده زهرة بلطف لأبنتها ، فأومأت زهرة برأسها و قالت
    - عنيا
    و من ثم نظرت لوالدها الذي كان يلويها ظهره ، فقالت بصوت مرتفع قصدا
    - انا ماشيه
    لم يهتم ، فأعادت قولها فنظر لها من فوق كتفه و هو مازال يلويها ظهره ، فتنهدت بآسى و هي تقول لوالدتها
    - تبقي تحننيه عليا
    - ماشي يا بنتي .. يلى امشي عشان متتأخريش
    اومأت زهرة برأسها و اقتربت من والدتها و احضتنتها و هي تقبلها و من ثم غادرت .
    ..........................................................
    بعد مرور بعض الوقت

    خرجت زهرة من غرفتها بعد ان اراحت جسدها قليلا ، إتجهت للمبطخ و دخلته و هي تحيهم
    - صباح الخير
    نظر لها بقيه الخدم و حيوها و من ثم قالت احدهم
    - باباكي عامل اية دلوقتي يا زهرة؟
    - حالته احسن دلوقتي
    - حمدالله على سلامته
    - الله يسلمك
    تقدمت زهرة للداخل و قالت
    - محتاجين اية عشان اعمله
    - ارتاحيلك النهاردة يا زهرة
    قالتها رئيسة الخدم ، فأتت زهرة ان ترد ولكن سبقتها احدى الخادمات بقولها
    - صحيح ... الانسه ريحانة سألت عليكي
    التفتت لها زهرة و قالت
    - طيب .. هطلعلها
    و من ثم نظرت لرئيسة الخدم و قالت
    - عن اذنكم .. هروح للأنسه ريحانة
    اومأت رئيسة الخدم برأسها ... فإتجهت لخارج المطبخ و هي تنوي الذهاب لجناح الشيطان حيث ستكون ريحانة هناك .
    ..........................................................
    كانت ريحانة جالسة على الأريكة و هي تتأفف بضجر ، فهي تشعر بالملل ، نهضت من على الأريكة بحدة و هي تحدث نفسها بصوت مسموع غاضب
    - هو انا هفضل قاعدة كدة وشي في وش الحيط كتير! ، زهرة مش موجوده و الشيطان في شغله .. يعني حتى مش هعرف انفذ اللي قالي عليه جدو
    بعثرت شعرها بضيق و هي تكمل
    - يوووه ... اعمل اية ، هطق
    صمتت بعد قولها الأخير في حين كانت تنظر للشرفة ، و فجأة إرتسمت إبتسامة صغيرة على شفتيها و هي تحدث نفسها بخفوت
    - الحصان .. ايوة ، عايزه اركب حصان الشيطان
    اعدلت خصلات شعرها و إتجهت للباب و فتحته ، فوجدت زهرة تقف امامها حيث كانت على وشك ان تطرق على الباب ، فقالت ريحانة بإشتياق
    - زهرة
    و من ثم تقدمت منها و احضنتها فجأة مما سبب الدهشة لزهرة ، ابتعدت ريحانة عن زهرة و قالت
    - ادخلي
    دخلت زهرة و جلست على الأريكة بجانب ريحانة التي قالت فور جلوسها
    - ها باباكي عامل اية؟
    - حالته احسن من إمبارح
    - كويس ، يلا عقبال ما يخف
    - يارب
    ساد الصمت لبرهة قبل ان تقطعة ريحانة بقولها
    - بس انا زعلانه منك
    - لية؟
    - مقولتليش انك رايحة
    - اسفة بس الموضوع جه فجأة ، سامحيني
    اومأت ريحانة برأسها بتفهم و قالت
    - مش ملاحظة حاجة ؟!
    نظرت لها زهرة بإستغراب و قالت
    - لا
    رفعت ريحانة ذراعها الملتفة بالضمادات ، فشهقت زهرة بخفة و قالت
    - اية دة؟ .. اتكسرتي؟
    ضحكت ريحانة على رد فعل زهرة وقالت
    - إتكسرت اية بس ، دة انا اضربت بس
    - اضرتبي! .. مين اللي ضربك؟
    - الشيطان
    قالتها ريحانة بحزن ، فقالت زهرة
    - و لية ضربك؟
    - استفزيته و عصبته و قلتله اني مش بخاف منه ، و من الكلمة دي اتجنن
    نظرت لها زهرة بشفقة و قالت
    - ضربه غبي صح!
    - اكيد .. هو دة سؤال!
    ضحكت زهرة بخفة و من ثم ساد الصمت الذي قطعتة ريحانة مرة آخرى بقولها
    - انا زهقت من القعدة هنا
    - حقك الصراحة
    و من ثم صمتت لبرهة قبل ان تقول بعد ان تذكرت شيء
    - النهاردة بليل في لعب قمار في الساحة ، هتيجي؟
    - بجد!
    - ايوة ، و السيد جلال هيلعب و الشيطان
    - جلال! .. هو رجع؟
    - على وشك وصول للقرية
    ظهر الإضطراب في عيني ريحانة ، فقالت زهرة
    - مالك؟ .. مش عايزاه يرجع؟
    - لا مش عايزه ، عشان خايفه
    - خايفة !
    - و متوترة من مقابلته
    - مش فهماكي
    تنهدت ريحانة و قالت بضياع
    - يعني لما بفكر في رجوع جلال و اشوفه ، المفروض يبقى رد فعلي ازاي؟! ، ارجع زي الأول و كأن ولا حاجة حصلت .. صعب عليا اعمل كدة ، و لا اواجهه باللي عرفته عنه ، مفيش عندي غير الخيارين دول
    صمتت زهرة لتفكر و من ثم قالت
    - عندي سؤال ، سواء انتي اخترتي انك تواجهية او تخبي عليه .. هترجعيله؟ ، يعني هتهربي معاه لما يقولك تهربي ؟
    - لا
    قالتها ريحانة بسرعة ، و اكملت
    - مش هرجعله و مش ههرب معاه
    - تماام .. كدة الخيار التاني هو اللي هتعمليه
    - اني اواجهه؟
    - ايوة .. عشان اللي باين عليكي انك مش هتقدري تتعاملي معاه زي الأول ، حتى لو حاولتي هتفشلي
    - فعلا .. انا مش هقدر
    - خلاص .. واجهيه في الوقت المناسب ليكي ، الوقت اللي هتكوني حاسة فيه انك متماسكة و انك مش هتنهاري قدامه .. يعني تمثلي القوة
    هزت ريحانة رأسها بشرود ، فقالت زهرة
    - هتيجي الساحة؟
    نظرت لها ريحانة و قالت
    - مش عارفه
    اومأت زهرة برأسها و هي تنهض في حين كانت تقول
    - انا هنزل بقى عشان ورايا شغل .. محتاجة حاجة مني؟
    - لا .. شكرا
    - عن اذنك
    و من ثم التفتت و غادرت ، بينما ظلت ريحانة جالسة و هي شارده .
    ..........................................................
    موعد الغداء ،
    نزلت ريحانة و دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها و بدأت في تناول طعامها بشراهه فقد كانت جائعة جدا .. لم تهتم ولم تسأل عنه إلا بعد ان انهت طعامها حيث نظرت للخادمة و سألتها
    - الشيطان مش هيتغدا صح؟
    رفعت الخادمة حاجبيها و قالت بتلقائية
    - لسه بدري على سؤالك
    و من ثم ادركت ما قالته ، فأعتذرت و قالت بإحترام
    - لا .. سيدنا مرجعش اصلا
    اومأت ريحانة برأسها و هي تنهض و تغادر الغرفة
    ..........................................................
    كان يسير بخطواته الواثقة في ارجاء القرية ، حيث كان ذاهب لوجهة معينة ، توقف امام احدى المنازل الخشبية و نظر لبابه القديم لبرهة قبل ان يركله بقدمه فينكسر و يظهر من خلفه رجل ينظر للشيطان بخوف و رعب ، بينما إبتسم الشيطان بشراسة و هو يقول بهدوء مخيف
    - و لقيتك يا بكري باشا
    بلع بكري ريقة بصعوبة بالغة و قال بصوت مرتجف
    - لقيتني ازاي؟
    - هو دة سؤال تسأله للشيطان!
    قالها الشيطان بتهكم ، و من ثم اكمل و هو يقترب من بكري
    - انت فاكر انك كنت هتقدر تهرب مني اكتر؟ .. هو انت هربت اصلا!
    قهقه بخفة و اكمل و هو ينزل لمستوى بكري و اكمل
    - انا كنت عارف مكانك ، بس مكنتش فاضيلك .. بس اهو فضيتلك على الآخر
    - ا...انا ا ا...س...ف، سامحن...ي ي..ا شيط..ان
    - اسامحك! ، " قهقه و قال بغضب مكبوت " اسامح واحد ساهم في قتل امي و قتلي !
    - دة كان زمان
    قالها بكري بسرعة ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال بجمود
    - و انا لسه عايش في اللي كان زمان ، خدوه
    نهض الشيطان فتقدم رجاله و امسكوا بكري من ذراعه و جروه ، بينما كان الأخير يهتف بخوف و رجاء
    - سامحني .. متعاقبنيش ، انا اسف .. مش عايز اموت
    اختفى صوته فجأة ، خرج الشيطان من ذلك المنزل و توقف و هو ينظر للناس الذين ينظرون له .. بكرة .. بغضب .. بإستحقار و خوف ، لم يهتم لنظراتهم الذي اعتاد عليها حيث بادلهم بنظرات باردة و هو يسير من بينهم بعد ما اتاح حراسه الطريق و صعد سيارته و غادر .

    ..........................................................
    ترجل جلال من السيارة و من ثم سار بخطواته الهادئة لداخل قصره ، دخل من البوابة و توقف لبرهه و هو يمرر نظراته حوله قبل ان يتنهد براحة و هو يحدث نفسه
    - القصر وحشني بجد
    تحرك و صعد السلم حتى وصل للطابق الذي يوجد فيه جناحه ، و دخله و سريعا ما القى بجسده على السرير فخرجت تنهيدة تمتلأ بالراحة منه ، فهو قد اشتاق لقصره و لسريره و لحياته ، مال قليلا لينظر للساعة فوجدها الرابعة و النصف مساءا ، فأغمض عينيه و هو يقول
    - هناملي ساعة و بعدها ابقى اقوم و اجهز نفسي
    و سريعا غض في نوم عميق
    ..........................................................
    توقفت ريحانة في الطابق الثالث و من ثم إتجهت لغرفة عبد الخالق بحذر و دخلتها بعد ان سمعت الأذن منه ، في حين كانت عايدة تخرج من جناحها فرأت ريحانةو هي تتلف لغرفة عبد الخالق ، فقضبت حاجبيها بإستغراب و هي تقول بتساؤل
    - اية اللي دخل ريحانة اوضة جدو؟
    حكت رأسها و اكملت
    - هي تعرفه ؟ .. جاتله قبل كدة؟
    اجابت على اسألته ب
    -
    تقدمت بخطوات هادئة لإتجاة الغرفة و وقفت امام بابها و من ثم اقترب اكثر حتى وضعت اذنها على الأخير لكي تسمع ما يقولونه ، ولكنها لم تستطيع .. فتراجعت للخلف و هي تفكر في فعل شيء ولكنها تراجعت عن ما كانت تنوي فعله ، حيث التفتت و عادت لجناحها .
    في غرفة "عبد الخالق"

    بعد ان اطمأنت ريحانة على صحة عبد الخالق ، ساد الصمت في الغرفة لمدة قاربت العشر دقائق .
    - عايزه تعرفي ماضي الشيطان؟
    قالها عبد الخالق بعد تردد كبير ، فنظرت له و قالت بهدوء
    - لو قلتلك اة .. هتقولي؟!
    - ايوة هقولك
    نظرت له بحماس و هي تنتظر ان يبدا في السرد
    - الشيطان عانى كتير من صغره .. هو مكنش قي الصورة اللي انتي شايفاها عليه حاليا بس اللي عاشه في صغره و اللي عاناه من ظلم و قسوة.. غيره ، انا فاكر لما كان صغير كان هادي جدا و مسالم ..مكنش حد يتوقع انه يتغير للدرجة دي ، بس هو اتغير .. خاصا بعد ما ابوه مات ، اصل بعد موت فخر الدين بدأ يشيل المسؤلية ... مسؤليته و مسؤلية امه فيروز ، كان بيشتغل بالإيجبار ليل نهار و في شغله اتعرض لذل كتير و اضرب اكتر بس استحمل عشان امه ، و في الآخر جت فيروز و اتجوزت اللي ظلم ابنها .. ابو جلال ..بهجت ، و من هنا بدأ الشيطان يظهر .. يعني بقى عدواني جدا و شرير و عينه اختفى منها البرائ ، بعد فترة من جواز فيروز و بهجت .. فيروز ولدت و جابت جلال و مع جيه جلال اتغيرت معاملتها مع بيجاد .. بقت تعامله زي بهجت بقسوة و بكرة فجأة و دة موته .
    صمت لبرهة قبل ان ينظر لها و يقول
    - انا مش عارف اوصلك معاناته ، بس انتي كأنسانه هتحسي بالشفقة على طفل كل اللي حواليه بيعامله بقسوة ، حتى اقرب واحده ليه .. و اللي هي امه
    تنهد و اغمض عينيه ليمنع دموعه من الظهور فيهمها و من ثم فتحهم و قال بآسى
    - كل دة بقلهولك بالملخص عشان حكاية الشيطان كبيرة اوي و صعبة
    فجأة صمت و إبتسم بسخرية فنظرت له و قالت بإستغراب
    - مالك؟
    تجاهل سؤالها و اكمل السرد
    - تعرفي .. بنتي كانت انانية جدا ، هي اتجوزت بهجت لغرض و لهدف هي مقالتليش عليه ، بس انا عارفه ... هي كانت عايزه توصل للحكم بعد موت فخر الدين بس بهجت جه و سرق منها الحكم اللي كانت خلاص خطوة و هتوصله ، مش هقولك على محاولتها الكتير لقتل بهجت ، بس اللي هقولهولك على آخر محاولة و اللي ادت لموتها
    نظرت ريحانة له بترقب و إنصات ، فأكمل
    - اتفقت مع اقرب شخص لبهجت على انه يقتله مقابل اي حاجة عايزها ، بس الشخص دة كان اخلص واحد لبهجت و من غبائها هي اختارته ، و اللي اكيد كان هيعمله اي شخص بيخلص لحد هيروح و يقوله .. و فعلا الشخص دة راح و قال لبهجت كل حاجة و...
    قاطعته ريحانة بتخمينها
    - راح ضربها اكيد .. صح!
    - فعلا .. ضربها بس مأرتحش بضربها بس
    قضبت جبينها و هي تفكر و لكن عبد الخالق لم يتيح لها الفرصة للتخمين او التفكير حيث اكمل و هو يتذكر ما حدث في حين كان ينازع دموعه
    *********************
    ترجل بهجت من السيارة بعد ان فتح له حراسه الباب ، التف حول السيارة و فتح الباب و جذب فيروز من شعرها بقوة و قسوة ، فصرخت بألم و هي تضع يدها على يده التي تقبض على شعرها ، جرها للميدان و صعد بها للمنصة ، فأقترب رجاله و امسكوها من ذراعيها و ساروا بها للخلف حتى توقفوا امام تلك الخشبتين الكبيرتين و بدأو في ربط ذراعيها بهما ، فكانت تبكي و تترجاهم بأن يتركوها ، فتجمعت الناس و بدأوا يتهامسون ، في حين وصلت سيارة عبد الخالق و ترجل سريعا و بلهفة و سار من بين الناس حتى توقف امام المنصة و هو ينظر لأبنته ، فهتف بغضب
    - بتعمل اية يا بهجت
    التفت له بهجت و نظر له من فوق و إبتسم و قال
    - كويس انك جيت يا .. عبد الخالق ، عشان تشوف نهاية بنتك الخاينة
    - انت بتقول اية .. انت اتجننت ، هي عملت اية؟
    قهقه و قال
    - الصراحة ... مش فاضي اشرح
    و من ثم التفت و امسك بزجاجة جاز و من ثم بدأ يسكبها على جسدها ، فأصبحت تترجاه و هي تبكي بخوف و قهر
    - بهجت متقتلنيش .. سامحني .. انا اسفة مش هعملها تاني .. حد يساعدني ارجوكم
    إبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول بتهكم
    - انتي اكيد مش هتعمليها تاني عشان هتبقي بح .. ميته
    زادت في بكائها و هي تترجاه ، في حين وقف ذلك الشخص الذي اتفقت معه فيروز لقتل بهجت بجانب عبد الخالق و قال
    - تعرف بيعمل كدة لية
    التفت و نظر له عبد الخالق ، فقص عليه الآخر ما حدث .
    صرخت فيروز و هي ترى بهجت يخرج قداحته و يضغط على زنادها فأخرجت النار ، فألتفت عبد الخالق سريعا و إتجه للمنصة ولكن رجال بهجت اوقفوه ، فهتف بصوت مرتفع و هو يترجاه بأن يتوقف ، ولكن بهجت لم يبالي برجائه حيث القى القداحه على فيروز .. فأشعلتها و اصبحت النيران تنهشها ، فأمتلأ المكان بصوت صرخاتها المخيفة .
    و كان ذلك الفتى الصغير يرى مقتل والدته من بعيد و يسمع صوت صرخاتها التي اخترقت اذنه و قلبه حتى شقتهم ، ظل ينظر لها من بعيد و كانه صنم فهو لا يصدق ما يراه الآن ، هز رأسه بعنف و هو يحرك شفتيه ب
    - لا .. لا .. لا
    فجأة أمتلأت حدقتيه بالدموع و هو يهتف بصوت مرتفع باكي
    - ماما
    *********************
    نزلت دمعة حارة من حدقتي ريحانة فمسحتها و هي تخفض رأسها ، بينما كانت دموع عبد الخالق تنهمر على وجنتيه ، ف لمجرد ان يتذكر الأمر .. يحزن و يتألم .
    - عرفتي ليه الشيطان بقى كدة؟!
    قالها عبد الخالق بخفوت ، فرفعت رأسها و نظرت له وهي تومأ برأسها ، و من ثم ساد الصمت في الغرفة ، فقطعه عبد الخالق بقوله
    - عايزك تعوضيه عن كل اللي عاناه الشيطان ، صدقيني هو محتاجك .. محتاج الحب ، محتاج حد يمسك بأيده و يخرجه من الحفرة اللي هو واقع فيها ، محتاج يحس بالأمان .. ميغركيش قسوته اللي بيبينها قدام الناس كلها ، انا عارفه.. هو لسه بيموت من جواه "صمت ليبلع ريقه و من ثم اكمل برجاء" عالجي جرحه .. عشاني ، رجعي الشيطان لبيجاد .
    نزلت دموعها على وجنتيها دون إرادة منها ، و قالت بصوت متحجرج
    - هرجعلك الشيطان لبيجاد ، وعد
    إبتسم عبد الخالق من بين دموعه و همس
    - شكرا يا بنتي
    تنهدت بقوة و هي تمسح دموعها و تتمتم بخفوت
    - العفو
    و من ثم نهضت و غادرت دون اي كلمة آخرى
    ،،،،،،،،،،،،،،
    تلفت للجناح و هي تنظر للأرض فقد كانت شارده ، توقفت في منتصف الجناح بعد ان لمحته ، فرفعت نظراتها له ببطئ ، بينما نهض الشيطان و خطى بخطواته الثابتة لإتجاهها حتى توقف امامها ، فلمح نظرات الحزن تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت اجفانها ، تجاهل ما لمح بصعوبة و قال بهدوء
    - لسه عايزه حريتك؟
    ظلت تنظر له و لم ترد ، فأكمل
    - النهارده هديهالك .. بعد ما ارجع من الساحة
    - مش عايزاها
    قالتها بخفوت و هي تنظر لعينيه مباشرا ، فتبادلوا النظرات لثواني معدودة و كأنها ساعات بالنسبة لها ، كانت تتذكر ما قاله لها عبد الخالق .. فشعرت بألم في فؤادها ، نعم هي تتألم لأجله فهو قد عانى الكثير ، نزلت دمعة من حدقتيها و هي تشعر برغبة في احضتانه ، لا تعلم ما سبب رغبتها و لكنها تشعر ان هذا واجب عليها ، فأنصاعت لرغبتها و اقتربت منه و مررت ذراعيها اسفل ذراعيه و احضتنته بحنان و هي تدفن رأسها في صدره لتستنشق رائحته ، فسالت دموعها على وجنتيها و هي تقول
    - انا عايزه ابقى معاك ، خليني جمبك 

    الفصل الثامن عشر

    تشعر بدقات قلبه التي اضطربت فجأة بسبب شعوره إتجاهها و شعوره من هذا الحنان الذي يتدفق من هذا الحضن .. الحضن الذي ذكره بحنان والدته ، هي ذكرته به.
    كور قبضته بقوة و هو جامد في مكانه ، كانت عينيه تظهر مدى اثر ذلك الحضن عليه ..فأغمضهما بقوة و فتحهما فتحولت نظراته للجمود ، وضع كفيه على ذراعيها بقوة و ابعدها عنه بهدوء ، فنظرت له من بين دموعها بينما بادلها بنظراته المظلمة و هو يقول بهدوء اصطنعه امام نفسه ، رغم بعثرة مشاعره بداخله
    - غيرتي رأيك فجأة! .. مش انتي بنفسك اللي طلبتي حريتك مني
    اخفضت رأسها بينما اكمل
    - أنا بدوري بنفذلك طلبك
    مسحت دموعها و رفعت رأسها و نظرت له وقالت بصوتها المتحجرج من البكاء
    - من امتى و انت بتنفذلي اي طلب بطلبه منك ؟
    - انتي عمرك ما طلبتي مني قبل كدة عشان تقولي من امتى
    تنهدت و قالت
    - ماشي .. انا دلوقتي بسحب كلامي ، انا مش عايزه حريتي منك
    - و انا عايز ادهالك
    قالها ببرود و هو يضع يديه في جيوب بنطاله بعد ان ترك ذراعيها ، فقالت بتعمد بعد ان توقفت عن البكاء
    - لية عايز تمشيني؟ ... خايف لتحبني؟!
    تجمدت ملامح وجهه لوهله قبل ان يبتسم بسخرية ، في حين اكملت
    - انت خايف لتقع في حبي ، لكونك شيطان الحب عندك شيء ملغي
    - انتي قلتيها .. ملغي
    قال الأخيرة ببطئ و جمود ، فإبتسمت و قالت
    - بس بالنسبالي الحب شيء متاح
    ساد الصمت لدقائق و هم يتبادلوا النظرات ،
    تعمقت في النظر اليه حتى شعرت بتلك النظرة التي يحاول يخفيها .. نظرة جزع و اضطراب ، فشعرت ببعض من السعادة .. فهي تأثر به و لو حتى لدرجة صغيرة .
    - الصراحة .. في مشاعر جوايا ليك ، انت
    قالتها بخفوت و هي تنظر له بنظرات حانية ، كانت تشعر بالتردد من قول تلك الكلمات فهي مازالت في صراع بسبب مشاعرها المتخبطة .
    - انتي مش اول واحده و لا اخر واحده تقولي الكلمتين دول
    قالها ببرود ممزوج بنبرة متهكمة ، مما سبب لها الذهول .. الضيق .. الغيرة ، فهي تعلم ما يقصده ب"اول واحده" .. انه يقصد عشيقاته الذين سبقوها ، خلصت نفسها من مشاعرها تلك و هي تقول بثقة اتقنتها
    - برضوا .. انا غير
    نظر لها بتمعن متفحصا جسدها و مفاتنه من رأسها حتى اخمص قدميها و هو يقول بخبث
    - غير! .. من اي ناحية بقى!؟
    نظرت له بشراسة ممزوجة بالضيق و هي تقول بتلقائية
    - مش بالجسم و لا بالشكل على فكرة
    - ماشي
    قالها بلامبالاة و هو يتخطاها ، فألتفتت بسرعة و قالت
    - ما تيجي نتفق على اتفاق
    توقف و نظر لها من فوق كتفه وهو يلويها ظهره ، فأكملت
    - انا هفضل عايشه هنا معاك و...
    قاطعها قبل ان تكمل جملتها ب
    - لا
    - هو انا كملت لسه ؟!
    - رافض اي إتفاق معاكي
    بعد ان انهى جملته نظر امامه و خطى خطوتين فقط حيث اوقفته مرة آخرى بقولها الهادئ الخبيث
    - ماشي ، براحتك .. متبقاش تيجي و تلومني على تصرفاتي بقى
    لم يهتم بقولها حيث سار بإتجاة الباب و غادر بهدوء ، فجلست هي على طرف السرير و مالت قليلا حيث اسندت مرفقيها على فخذيها و وضعت وجهها بين كفيها و هي تتنهد .
    ..........................................................
    وقف جلال امام المرآة و هو يعدل بدلته و من ثم امسك بزجاجة العطر و وضع منها على بدلته الرمادية و اعادها مكانها و نظر لنفسه في المرآة برضا و ثقة ، و من ثم التفت و غادر جناحه .. و قصره .
    كان ينظر من خلف زجاج نافذة السيارة و هو شارد في حين كان يحدث نفسه
    - النهاردة الفرصة الأخيرة ليا ، انا خسرت كتير قدام الشيطان و المرة دي لو خسرت .. هنسحب عشان مخسرش اللي باقيلي ، و هرجع ريحانة ليا .. و هكتفي باللي معايا
    ..........................................................
    توقفت سيارة الشيطان ، فترجل السائق سريعا و التف حول السيارة حتى توقف امام الباب الخلفي و فتحه لسيده ، ترجل الشيطان بهدوء من السيارة و نظر امامه بجمود من خلف نظراته الأنيقة و خطى خطواته الواثقة لداخل الساحة حتى وصل لمنتصفها ، فجلس في مقعده الرئيسي و وضع قدم على آخرى .
    ..........................................................
    دخلت زهرة لجناح الشيطان بعد ان طرقت على الباب ، تقدمت من ريحانة التي مازالت جالسه على طرف السرير حتى توقفت امامها و هي تنظر لها و تقول
    - انسه ريحانة
    ابعدت ريحانة كفيها من على وجهها و نظرت لزهرة التي اكملت
    - مش هتروحي الساحة؟
    ظلت ريحانة تنظر لها بعدم إنتباه ، فأعادت زهرة قولها بصوت مرتفع قليلا فأنتبهت ريحانة و قالت ببعض من التشتت
    - مش عارفه
    - طيب انا هروح ، تيجي معايا؟
    نظرت لها ريحانة بتفكير و من ثم قالت و هي تنهض
    - ماشي ، هاجي .. بس هغير لبسي
    - ماشي ، هستناكي تحت
    اومأت ريحانة برأسها و إتجهت للخزانة في حين التفتت زهرة و غادرت الجناح
    ،،،،،،،،،
    بعد مرور خمسة عشر دقيقة

    انتهت ريحانة من ارتداء ملابسها و من ثم نزلت للطابق الرئيسي حيث كانت زهرة تنتظرها هناك
    - يلا؟
    قالتها ريحانة لزهرة التي اومأت برأسها و سارت لخارج القصر و ريحانة بجانبها .
    ..........................................................
    جميع اللاعبين -السدة- جالسين في مقاعدهم ماعدا جلال ، فهو لم يصل بعد ، فنظر الشيطان للاعبين بجمود و قال
    - هنبدأ
    فرد عليه احد الاعبين
    - هنبدأ بدون السيد جلال !
    - ايوة
    قالها الشيطان و هو ينظر لذلك الاعب بطرف عينيه .
    - مين قال انكم هتلعبوا بدوني !
    قالها جلال و هو يقف على بعد اربعة امتار منهم ، فألتفت اللاعبين لينظرون له ماعدا الشيطان ، تقدم جلال منهم و جلس في مقعده و هو يلقي التحية عليهم
    بدأت اللعبة ، تم توزيع " الشدة " و اخرج كل شخص منهم مبلغا كبيرا من المال و وضعة على الطاولة و بدء كل شخص في رمي النرد " طاولة الزهر " في دوره .
    ،،،،،،،،،،
    وصل كلا من زهرة و ريحانة امام الساحة فدخلوها و صعدوا السلالم المؤدية لمقاعد المتفرجين ، جلسوا في المقاعد الأقرب للساحة بعد عناء ، مررت ريحانة نظراتها بين الاعبين حتى توقفت عند جلال الذي فور رؤيتها له شعرت بالبغض و النفور ، فأبعدت نظراتها عنه فوقعت نظراتها على الشيطان الذي كان يلعب بهدوء و ثقة و ظلت تتابعه بهدوء .
    فجأة تعالى صوت المتفرجين بحماس فقد خسر ثلاث لاعبين .. فتبقى جلال و الشيطان و لاعب آخر ، فتابعوا اللعب .. فلم تكمل عشر دقائق حتى خسر الاعب الآخر فتبقى جلال و الشيطان .. فقط
    - كالعادة .. انا و انت في النهاية
    قالها جلال بهدوء و هو ينظر للشيطان بنظرات متحدية ، بينما كانت نظرات الشيطان باردة و هو يرد بثقة
    - و كالعادة النهاية محسومة
    - معتقدش
    قالها جلال ببعض من الثقة و هو يضع الكثير من المال على الطاولة ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و لم يرد ، حيث اكتفى باللعب .
    كانت ريحانة تتابع ما يحدث بإهتمام و انفاس مضطربة لإنتظارها إعلان فوز .. الشيطان ، نعم هي تريده ان يفوز امام جلال .. فهي تعلم مدى كرة جلال لخسارته خاصا امام الشيطان ، ستعتبر هذا إنتقام منها له بما انها لن تستطيع ان تنتقم منه لما فعله معها .
    قد حان ان يكشف كلا من الشيطان و جلال عن اوراقه ، فتعالت اصوات اهل القرية للحظة الختام .... و عم الصمت فجأة ، نعم لقد خسر جلال .. كالعادة ، و فاز الشيطان .
    نهض جلال بضيق و غضب في حين نهض الشيطان بهدوء و ببطئ و هو يبتسم بطريقة مستفزة ، تقدم من جلال و وقف امامه و قال بطريقة مستفزة اغاظت جلال
    - متزعلش .. دي مش اول مرة تخسر
    كور جلال قبضته بحنق و غيظ و هو يأخذ نفسا عميا ليقول بعدها بهدوء اصتنعه
    - مبروك عليك الفوز
    اومأ الشيطان برأسه و مازالت إبتسامته المستفزة مرسومة على شفتيه ، التفت الأخير و سار و ما لبث ان توقف عندما قال جلال
    - تعالى نتفق على اتفاق
    نظر له الشيطان من فوق كتفه وهو يلويه ظهره ، فقال جلال بدون مقدمات
    - اية رأيك نرجع .. اخوات
    ألتفت الشيطان بجسده و نظر لجلال بجمود و قال
    - لية جاي دلوقتي عشان تطلب اننا نرجع اخوات؟
    تنهد جلال و قال
    - عشان عارف اني دايما هفضل اخسر قدامك ، فأنا مش عايز اخسر اكتر من كدة
    - قصدك عشان عرفت انك ضعيف قدامي
    قالها الشيطان بنبرة قاسية بعض الشيء ، فتحمل جلال غضبة و غيظة حيث لم يرد في حين اكمل الشيطان
    - بس لا .. انا و انت عمرنا ما كنا اخوات و لا هنكون
    - يعني...
    قاطعة الشيطان ب
    - يعني انا رافض إتفاقك دة
    انهى جملته و التفت ببرود و قبل ان يخطو خطوة واحدة قال
    - كويس انك اتسحبت بنفسك ، كدة سهلتلي امور كتير
    و من ثم خطى خطواته لبوابة الساحة ، بينما كانت ريحانة تتابع ما يدور بينهم بلهفة ، فهي تريد ان تعرف عن ماذا يتحدثون؟ ، نهضت ريحانة و خلفها زهرة و من ثم نزلوا السلالم بصعوبة بسبب الأجواء المزدحمة.. فالناس يستعدون للمغادرة ، توقفت ريحانة عند البوابة ، فسألتها زهرة
    - وقفتي لية؟
    - مستنياه
    - مين؟ .. السيد جلال!
    قالت الأخيرة بإستنكار ، فألتفتت و نظرت لها ريحانة بهدوء و قالت
    - لا طبعا .. مستنيه الشيطان
    هزت زهرة رأسها و هي ترمق ريحانة بنظرات غريبة ، فسألتها ريحانة
    - مالك؟ .. بتبصيلي كدة لية؟
    - انتي لية الأيام دي غريبة؟
    - نعم!.. غريبة ازاي؟
    قالتها ريحانة بعدم فهم ، فقالت زهرة
    - مش عارفه بس حاسة ب....
    قاطعها صوت الحراس الذين يبعدون الناس عن البوابة ليمر سيدهم ، فأتى احدى الحراس امام ريحانة و دفعها بدون قصد فسقطت على الأرض فتأوهت ، فأسرعت زهرة و جثت على كبتيها و سألتها بلهفة
    - انتي كويسة؟
    نظرت لها ريحانة و من ثم نظرت للحارس الذي لاواهم ظهره و كأنه لم يفعل شيء ، و هتفت بغضب
    - انت اتعميت؟ .. مش شايفني
    التفت لها الحارس برأسه و نظر لها ببرود و قال بطريقة مستفزة
    - لا
    - نعم!
    قالتها بذهول من رده ، فنظر لها بعدم إكتراث قبل ان يلتفت برأسه وينظر امامه ، فظلت تنظر له بذهول حتى ادركت ما قاله و تجاهله لها فشعرت بالغضب ، فنهضت بمساعدة زهرة التي بدأت في تنظيف ملابس ريحانة من التراب بينما هتفت ريحانة به بغضب و صوت مرتفع
    - انت قليل الذوق و مش محترم
    التفت لها الحارس مرة آخرى ببرود و لم يرد بينما اكملت
    - بدل ما تبصلي لازم تتأسف ل..
    قاطعها بإستخفاف
    - اتأسفلك !
    - ايوة تتأسفلي و ت....
    قاطعها صوت تعرفه جيدا
    - في اية؟
    كان الشيطان هو صاحب هذا القول ، قالها و هو ينظر للحارس قبل ان ينقل نظراته لها ، فأخفض الحارس رأسه بإحترام و قال
    - مفيش حاجة يا سيدنا
    - يعني اية مفيش حاجة !
    قالتها بحدة و هي تبعد خصلات شعرها من على وجهها في حين كانت تنقل نظراتها له و هي تقول بإنفعال
    - الحارس بتاع حضرتك وقعني و المفروض لما حد يوقع حد يساعده على الأقل او يتأسفله بس حراسك يا ما شاء الله .. زيك ، باردين و متكبرين ....
    كان ينظر لها و هو شارد بها و بكل حركة تفعلها من إنفعالها ، كانت هيئتها بالنسبة له ساحرة فقد كانت خصلات شعرها المجعد متناثرة على وجهها بتمرد و التراب الذي يزين وجنتيها بسبب اناملها التي وضعتها على وجنتيها لتزيل خصلاتها ، ايقظته من شروده عندما قالت بحدة
    - هو انا مش بكلمك!
    نظر لها بهدوء و قال لريحانة
    - مين اللي قالك تيجي الساحة؟ .. استأذنتيني؟!
    - دة اللي هامك !
    - ايوة .. ردي
    - انا كنت عايزه اجي فجيت
    نظر لها بترقب و من ثم نقل نظراته لزهرة و من ثم للحارس و قال للأخير بهدوء مخيف
    - حسابك معايا بعدين
    و من ثم مد ذراعه و امسك بريحانة من رسغها و جذبها له و هو يقول
    - تعالي
    و من ثم سار بها للسيارة تحت انظار سكان اهل القرية و زهرة و جلال الذي يتابع ما يحدث من بعيد بحنق و غيرة .
    اصعدها السيارة و صعد بجانبها بهدوء و من ثم امر السائق بالتحرك .. ففعل ، كانت ريحانة تحدق به بدون سبب فرأها من المرآة الداخلية ، فقال بهدوء و هو ينظر امامه
    - عاجبك!
    انتبهت لقوله و نظرت له و قالت ببلاهه
    - نعم!
    نظر لها بطرف عينيه ببرود و قال
    - بتبصيلي من اول ما دخلنا العربية
    بلعت ريقها و قالت بكذب
    - لا مكنتش ببصلك بس كنت سرحانة شوية
    نقل نظراته امامه بجمود و لم يرد ، و ساد الصمت لبرهه قبل ان تقطعة بإنفعالها المفاجئ
    - انت لية مخدليش حقي ، يعني حارسك وقعني و اسلوبه كان بارد .. زيك " قالتها بهمس و اكملت " و قليل الذوق و الأحترام .. دة حتى مقالش اسف ، هو انت بتعملهم مبادئك و بتعديهم بطباعك و لا اية!
    ألتفت برأسه و نظر لها بحدة و قال
    - قصدك اية؟
    - مقصديش
    قالتها بطريقة مستفزة و هي تنقل نظراتها امامها ببرود ، بينما ظل الشيطان ينظر لها بنظرات غريبة و من ثم مد ذراعه و وضع كفه على وجنتها ، فنظرت له بطرف عينيها و من ثم اعدلت وجهها لتصبح مقابلة له و قالت بإضطراب
    - بتعمل اية؟
    لم يجيبها حيث بدأ في تمرير اناملها على وجنتها ليمسح ذلك التراب ، فنظرت لكفه الموضوع على وجنتها و رفعت يدها و امسكت بذراعه لتبعدها ، فقال بصرامة
    - استني
    ازال التراب فأصبح وجهها نظيف ، فنظر لها و قال بهدوء و هو مازال يتلمس وجنتيها
    - التراب كان مالي وشك فمسحتهولك
    نظرت له بتعمق قبل ان تومأ برأسها و تقول بخفوت و بعض من الخجل
    - ماشي .. شكرا
    ابعد كفه من على وجنتيها و وضعه بجانبه في حين التفت و نظر امامة و قال بهدوء و صعوبة بعض الشيء
    - العفو
    إبتسمت ريحانة و هي تنظر له بنظرات حانية ، و من ثم ابعدت نظراتها عنه و نظرت من خلف زجاج النافذة و هي تتنهد بهدوء .
    ..........................................................
    بعد مرور ساعات

    بعد ان وصل جلال لقصره ، إتجه لمكتبه و دخله و هو يتأرجح بخطواته ، القى بجسده على الأريكة بإهمال فتأوه ، اعاد رأسه للخلف و هو يخرج انفاسه الخشنة من بين شفتيه ، مد كفه و امسك بزجاجة الخمر الموضوعة على الطاولة الصغيرة و فتحها و بدأ في الشرب بطريقة مقززة عشوائية ، و فجأة اصبح يضحك كالمجنون و هو يتمتم ب
    - انا ضعيف .. قال انا ضعيف ، دة انا اقوى منه و من امثاله
    مسح جبينه بظهر كفه و تمتم بآخر
    - ريحانة .. انا هرجعك ، انا قوي مش ضعيف .. انا هقدر ارجعك ليا بقوتي
    شرب زجاجة الخمر بأكملها بأقل من خمسة دقائق ، فألقاها على الأرض بإهمال بعد ان ادرك انه شربها كلها و من ثم اعتدل لوضع الجلوس و هو يحدث نفسه بصوت عالي
    - ريحانة ليا .. هو ازاي يمسكها كدة! ، لا و قدام عنيا ، و هي ... هي مقاومتش
    بلع ريقة و نهض و إتجه لمكتبه في حين كان يكمل
    - انا قلتلها قبل ما ابعتهالوا انها ليا .. فاكر ، ايوة انا فاكر ، بس...
    لم يكمل جملته حيث جلس على كرسي مكتبه و بدأ في فتح ادراج المكتب و هو يبحث عن شيء ما خطر في خاطره فجأة
    - هو فين .. فين؟ ، انا فاكر اني حطيته هنا
    ظل يبحث عن الشيء و لكنه لم يجده فنهض بحدة و قال بعدم تصديق
    - ورقه جوازي انا و ريحانة ، اختفت!
    بعد ان انهى جملته التف حول مكتبه بخطواته المتأرجحة و خرج من مكتبه و إتجه للسلم و صعده و اثناء صعوده تعثر و سقط ، لم يتأذى و لكنه فقد الوعي .
    ..........................................................
    في جناح الشيطان ،،

    تحت ضوء القمر الخافت ، كانت ريحانة مستلقية على السرير .. بجانبه ، كانت تحدق به بشرود فقد كانت تفكر في انها .. كيف ستتصرف معه! ، هي قد فكرت بأكثر من شيء لفعله و لكن كل ما فكرت فيه و خططت له يحتاج الكثير من الجرأة و القوة ، و هذا سيكون صعب عليها بعض الشيء ولكنها ستحاول ، تنهدت و هي تبعد نظراتها عنه في حين ذلك السؤال الذي يحيرها من بداية اليوم مازال يطرح نفسه ، و السؤال هو .. هل هي تفعل ذلك لشعورها بالشفقة عليه ام لمشاعرها التي تكنها له؟! ، لا تستطيع تحديد إجابة محددة و لكنها تيقن ان ما تفعله بدافع جانبها الإنساني و من ثم مشاعرها .. و القليل من الشفقة او عدمها ، اعادت نظراتها له و ههمست له
    - هعمل كل اللي هقدر عليه عشان اغيرك و ارجعك لبيجاد ، انا عايزه انسيك كل ماضيك ، عايزه اعوضك عن القسوة اللي شفتها في طفولتك ، انا هعوضك صدقني ، بس اديني الفرصة .. اصل انا عارفه انك مش هتسمحلي اني اقرب منك عشان اعوضك بس " صمتت لبرهه قبل ان تبتسم بهدوء و تكمل بعزم " انا هقرب منك و هخلي مشاعرك ناحيتي تغيرك من غير ما تحس .
    بعد ان انهت جملتها اقتربت منه و دفنت وجهها في عنقه لتشم رائحته التي تعشقها .. فتنهدت براحة و إستمتاع قبل ان تطبق جفونها لتنام .
    ..........................................................
    أشرقت شمس يوم جديد

    فتح الشيطان عينيه بإنزعاج على اثر اناملها التي تمررها على ذقنه
    - صباح الخير
    قالتها بهدوء و هي تنظر له بنظرات ساحرة ، ابعد كفها من على وجهه بحدة و اعتدل ، في حين اكملت بصوت ناعم
    - مالك ؟
    نظر لها بطرف عينيه قبل ان يمسح وجهه بكفيه ، فقالت
    - انت مش بترد عليا لية؟ .. عموما ، يلا قوم اغسل وشك عشان ننزل نفطر .. سوا
    ابعد كفيه من على وجهه و نظر له بعيون ضيقة فقالت
    - مالك؟
    - انتي اللي مالك؟
    - انا كويسة اهو
    - بتخطتي لأية؟
    قالها و هو يراقبها بنظراته ، فأبتسمت ببراءة و قالت بخفوت
    - مش بخطط لحاجة
    هز رأسه و قال بإستخفاف
    - صدقت
    انهى جملته و نهض و إتجه للخزانة فأسرعت و سبقته حيث فتحت الخزانة و اخرجت ملابس له و من ثم التفتت فوجدته يقف مقابلا لها ، فقالت برقة
    - البس دة
    تجاهلها و مد ذراعه من جانبها لداخل الضلفة ، فنظرت له بخبث و قالت بطريقة طفولية و هي تبرز شفتيها بشكل طفولي
    - مش هتلبس دة يعني ؟!
    نظر لها من فوق و من ثم قام بحركة سريعة حيث جذبها له من خصرها مما افزعها في البداية ، و قال
    - عايزه توصلي ل اية يا ... ريحانة!
    بلعت ريقها بصوت و من ثم قالت بصوت متلعثم قليلا
    - مش عايزه حاجة
    و من ثم صمتت لبرهه قبل ان تقول بثبات
    - اه عايزه .. البس دة
    و رفعت ذراعها الممسكة بملابسه ، فنظر للأخير و التقطه من قبضتها و تركها و إتجه للحمام ، فإبتسمت هي بإنتصار و قالت بصوت مرتفع
    - شكرا
    لم يرد حيث صفق الباب بحدة ، فضحكت .
    ..........................................................
    فتح جلال عينيه بتثاقل و تعب ،و مرر نظراته الزائغة حوله و من ثم اعتدل لوضع الجلوس بصعوبة و وضع يده على رأسه و اصبح يدلكها بقسوة بسبب الصداع
    - يا اللي برة
    هتف بها بصوت مرتفع ، فدخلت احدى الخادمات سريعا ، فقال بحدة
    - اعملولي قهوة .. بسرعة
    اومأت الخادمة برأسها و غادرت سريعا لتنفذ ما طلبه .
    ..........................................................
    في غرفة الطعام ،،
    كان جالس الشيطان في مقعده الدائم و هي ايضا ، فأقتربت الخادمة لتقدم الطعام ، فنهضت ريحانة فجأة و اخذت من الخادمة الطعام و قالت لها
    - انا هقدمله الأكل .. امشي انتي
    نظر الشيطان لريحانة بطرف عينيه و من ثم للخادمة التي كانت تنظر له بحيرة ، فأومأ لها برأسه... فغادرت ، في حين بدأت ريحانة في تقديم الطعام و اثناء تقديمها امسك برسغها بقوة فنظرت له بألم فرفع نظراته لها و قال
    - تصرفاتك مش عجباني
    - انا! ... لية؟
    - حاسس ان....
    قاطعته بمزاح
    - حاسس مش متأكد
    رمقها بحدة فصمتت ، فتركها و اخذ منها الطبق و وضعه على الطاولة فأتت ان تقول شيء ولكنه سبقها بقوله الصارم
    - اقعدي و كلي ، و مش عايز اسمع صوتك
    جلست في مقعدها و هي تنظر له بضيق ، بينما بدأ هو في تناول طعامه ، فتنهدت و بدأت هي ايضا في تناول طعامها .
    ،،،،،،،،
    بعد ان انهى الشيطان تناول طعامه نهض ، فنهضت هي ايضا فنظر لها بطرف عينيه بنفاذ صبر قبل ان يسير لخارج غرفة الطعام و هي خلفه ، دخل مكتبه فدخلت خلفه و سبقته و جلست على احدى الكراسي ، فتوقف و نظر لها بحدة و قال بنفاذ صبر
    - اخرجي .. انا مش فاضيلك
    - عايزه اركب الحصان بتاعك .. تعالى ركبني
    قالتها بعد ان تجاهلت قوله و هذا اغضبه ، فأقترب منها و امسك بذراعها و انهضها و سار بها لإتجاة الباب و هو يقول
    - صدقيني لو فضلتي على اسلوبك الجديد بتاع النهاردة دة هتندمي
    - هتندمني ازاي؟
    قالتها بطريقة استفزته ، فتوقف و التفت و نظر لها بقسوة و اتى ان يرد و لكنها سبقته
    - اها انا عارفه ، لهتضربني لهتقرب مني غصب ... المهم " اكملت برجاء " عايزه اركب الحصان ، خدني و ركبهولي
    - قلتلك مش فاضي .. و غير كدة مش كنتي بتخافي منه؟
    - كان زمان .. دلوقتي مبقتش اخاف ، دلوقتي بحبه
    قالت الأخيرة بطريقة غريبة ، لم يهتم كثيرا ، حيث التفت و وضع كفه على قبضته و برمه و اخرجها و اتى ان يغلق الباب و لكنها وضعت قدمها و قالت برجاء
    - يلا بقى .. عايزه اركبه
    - قلتلك مش فاضي
    - هما عشر دقايق .. يلا
    - قلت لا ، و ابعدي رجلك و إلا هقفلك عليها
    - مش هبعدها
    قالتها بعناد ، فهز رأسه ببرود و قال
    - براحتك
    و اتى ان يغلق الباب و لكنه توقف عندما هتفت برجاء طفولي
    - بيجاد .. يلا بقى
    نظر لها بضجر قبل ان يتقدم منها و يمسكها من ذراعها و يتجه بها لحديقة القصر و هو يقول
    - شكل ايام الطفولة وحشتك عشان كدة قلبتي طفلة فجأة
    - خلاص مش عايزه اروح في حتة
    قالتها بضيق و هي توقفه ، فألتفت و نظر لها و قال بهدوء
    - احسن
    و ترك ذراعها و تخطاها ، فأسرعت و امسكت يده و قالت
    - بهزر ، يلا نروح
    انهت جملتها و سحبته خلفها و هي تشعر بالإستمتاع لما تفعله .
    ..........................................................
    جلس جلال على كرسي مكتبه و فور جلوسه طرق احدهم الباب فأذن للطارق بالدخول
    - السيد عز الدين برة
    - دخله
    دخل عز الدين لمكتب جلال و جلس في احدى المقعدين المقابلين لجلال ، فقال الأخير بنبرة ساخرة
    - السيد عز الدين جايلي بنفسه عشان يشوفني!
    - اه جايلك بنفسي ، بس اكيد مش عشان اشوفك ، عايز الورق يا جلال
    - اهاا عشان الورق ، ماشي
    فتح جلال احدى ادراج مكتبه و اخرج منها ملف و من ثم قدمه له ، فمد عز الدين يده ليأخذه ولكن جلال سحب الملف له و قال بإستخفاف
    - هو انا هدهولك كدة بدون ما تديني اللي اتفقنا عليه!
    - اللي اتفقنا عليه معايا
    إبتسم جلال إبتسامة جانبية و قال
    - طيب سلم و إستلم
    نظر له عز الدين بإستحقار قبل ان يخرج صندون صغير من حقيبته و يضعه امام جلال ، كان الأخير يتابعه بنظرات مترقبة
    - اهو العقد .. يلا هات الملف
    قالها عز الدين بجمود ، فمد جلال يده و اخذ الصندوق و فتحه فلمعت عينيه بالجشع ، فقال عز الدين
    - هات الملف .. يلا
    نظر له جلال و من ثم اعطاه الملف ، فأخذه عز الدين و تأكد من ان هذا الورق هو الذي يريده و بعد ان تأكد نهض و قال
    - كدة خلصنا انا و انت ، سلام
    لم ينتظر رد جلال حيث التفت بعد ان التقط حقيبته و غادر ، بينما كان جلال يخرج العقد من الصندوق و يتأمله ، و فجأة بدأ يحدث نفسه
    - هنقذ قراري بما ان العقد بقى معايا دلوقتي ، بس في الأول هرجع ريحانة و بعدها هنهي كل حاجة على خير .
    ..........................................................
    اخرج الشيطان جواده الأسود من الأسطبل و إتجه به لها ، فتراجعت للخلف بتلقائية و هي تهتف
    - اوقف
    رفع الشيطان حاجبه بإستغراب في حين لم يتوقف ، فقالت
    - متقربهوش اوي مني ، عشان لسه بخاف منه
    - مش قلتي انك بتحبيه و انك مش بتخافي ؟
    - اه بحبه بس بخاف منه شوية ، شوية مش اوي
    توقف و قال بهدوء
    - طيب تعالي
    - لية؟
    - تعالي
    قالها بصرامة ، فخضعت له و تقدمت منه حتى توقفت بجانبه و نظرت له ، فمد يده و امسك بكفها و قربه من رأس الجواد
    - لا
    قالتها و هي تحاول سحب يدها ، ولكنه ضغط على كفها وهو ينظر لها بحدة ، فبلعت ريقها و هي ترى كفها يقترب من رأس الجواد حتى لمسته ، فأرتجف جسدها بخفة في البداية و قد شعر الشيطان بذلك فقال
    - لو عايزه تبقي صاحبته لازم تعامليه بحنان و هدوء و بدون خوف
    نظرت له ، فأكمل و هو يلف ذراعه حول خصرها ليجذبها و يوقفها امامه و ظهرها يقابل صدره
    - جربي تكوني صحبته .. يلا
    نظرت له من فوق كتفها و من ثم نظرت للجواد و بلعت ريقها مرة آخرى و هي تمرر كفها على صفحة رقبته بيد مرتجفه نوعا ما ، فوضع الشيطان كفه فوق كفها فنظرت له بطرف عينيها ، بينما قال
    - حاولي تخلي ايدك ثابته ، يعني مترتجفيش
    - مش بأيدي
    نظر لها ، فأكملت
    - انا كدة من صغري لما بخاف او بتوتر ايدي بترتجف لوحدها
    بعد ان انهت جملتها ابعدت كفها و قالت بحماس
    - يلا نركبه
    التفتت بسرعة فأصطدمت بخفة في صدر الشيطان ، فنظر لها و ابتعد قليلا بينما دلكت هي جبينها و هي تسير بخطوات بطيئة لإتجاه جسد الجواد و توقفت امامه و اتت ان ترفع قدمها لتضعها على الركاب و لكنها وجدت احدهم يرفعها من خصرها فجأة، فشهقت بفزع و نظرت له من فوق كتفها و قالت
    - خضتني
    - اركبي .. خلصي
    قالها بهدوء ، فرمقته بضيق قبل ان تعتلي الجواد
    - هتسبني لوحدي؟
    قالتها بعد ان رأته يتقدم و يمسك باللجام ، فقال
    - لا
    - طيب اركب
    نظر لها بطرف عينيه و تجاهلها حيث بدأ في السير فسار الجواد ، فخافت و قالت و هي تمسك الجواد من شعر رقبته بدون قصد
    - هقع
    ترك الشيطان اللجام و توقف و نظر لها و إبتسم بينما بادلته نظراته بنظراتها الفزعة و هي تقول
    - والله هقع .. وقفه
    قبضت على شعر الجواد اكثر بسبب خوفها فتعالى صوت صهيل الجواد و هو يرتفع بجسده ، فصرخت بفزع قبل ان تسقط على الأرض ، فاسرع الشيطان بعد ان رأى سقوطها و جثى على ركبتيه و وضع كفه اسفل رقبتها و قال بقلق
    - انتي كويسة؟
    اخرجت تأوهات تظهر فيها المها و هي تفتح عينيها ببطئ و تتمتم
    - طهري
    قالتها و بعدها اصبحت تبكي بألم ، فأسرع و مرر احدى ذراعه اسفل ظهرها و الآخرى اسفل فخذيها و حملها بحذر ، فتأوهات اكثر ، فنظر لها بقلق ظاهر و سار بها لإتجاة القصر ، و اثناء سيره قالت من بين بكائها
    - كل دة بسببك ، ااه طهري
    بلع ريقة و قال بأسف
    - اسف
    نظرت له من بين دموعها فلمحت نظراته النادمة ، فإبتسمت بتعب و هي تسند رأسها على صدره فسمعت دقات قلبه المضطربة .
    ..........................................................
    امسكت عايدة بهاتفها و ضغطت على عدة ارقام و من ثم وضعته على اذنها و هي تنتظر رد الطرف الأخر
    - الو
    قالتها بعد ان رد الطرف الأخر و الذي كان .. جلال
    - نعم يا عايدة
    - نعم يا عايدة! .. مفيش ازيك و لا حاجة
    - لا
    - طيب تصدق انا غلطانه لأني فكرت اتصل بيك و اسأل عليك
    - ايوى .. أنتي غلطانة
    كورت قبضتها بغضب و غيظ ، بينما اكمل
    - سلام
    - استنى
    - نعم
    - كنت عايزه اسألك عن حاجة
    - اية؟
    - امتى هتاخد ريحانة من هنا؟
    - ريحانة! ... لية بتسألي؟
    - عشان انا شاكه في حاجة
    - بخصوص؟
    - بخصوصها هي و الشيطان
    - مالهم ؟
    - انا حاسه ان الشيطان حبها ، و هي كمان
    قهقه جلال بعد سماع قولها و قال بإستخفاف
    - ريحانة تحب الشيطان؟ ... أنتي اتهبلتي صح؟ ، بصي .. أحب اقولك ان احساسك غلط
    - لا مش غلط
    قالتها بحدة و اكملت
    - انا معايا ادله كتير و اولها تصرفاتهم ، عموما .. انا حبيت اقولك عشان تلحق نفسك
    تغيرت ملامح جلال للغضب و القسوة و هو يقول بحزم
    - انا مش هسمح بحاجة زي دي تحصل ، انا هرجع ريحانة النهاردة
    - ايوة .. رجعها ليك
    ..........................................................
    وضعها على السرير برفق و من ثم نظر لها و قال
    - هجبلك الحكيم
    - لا .. مش مستاهله
    قالتها بتعب ، و اكملت
    - ناديلي زهرة
    اومأ برأسه و نهض و إتجه للباب و فتحه و امر الحارس بأن يجلب له زهرة ، فأومأ الحارس برأسه و غادر ليجلب زهرة ، و بعد دقائق عاد الحارس و طرق على باب الجناح ، ففتح الشيطان فقال الحارس
    - زهرة مش موجودة
    - يعني اية مش موجودة؟
    قالها الشيطان بحدة ، فأخفض الحارس رأسه و قال
    - لما سألتهم عليها قالولي انهم بعتوها تجيب حاجات للقصر
    التفت الشيطان و اغلق الباب في وجه الحارس بغضب و إتجة للسرير و توقف امامه و قال
    - زهرة مش موجودة
    نظرت له و قالت
    - ممكن طلب
    اومأ برأسه ، فقالت
    - ساعدني ، عايزه اقعد
    اقترب منها و جلس على طرف السرير و ساعدها لتجلس ، فنظرت له و قالت
    - شكرا
    و من ثم مالت قليلا و هي تمد يدها للدرج فأمسك ذراعها و قال
    - عايزه اية؟
    - علبة الإسعافات ، فيها كريم للكدمات و لوجع الطهر ، قبل كدة شفته
    اومأ برأسه و فتح الدرج و اخرج منه صندوق الإسعافات الأولية و اعطاها اياه ، ففتحتها و اخرجت عبوة الكريم الخاص للكدمات و من ثم وضعته بجانبها و بدأت في رفع سترتها و ما لبثت ان انزلتها سريعا عندما ادركت انه معها ، فرفعت نظراتها له و قالت
    - ممكن تخرج
    - لا
    قالها بهدوء قبل ان ينهض ليقترب و يجلس خلفها ، و من ثم مد يده و اخذ العبوة من امامها فقالت بتساؤل
    - هتعمل اية؟
    - هدهنلك
    قالها و هو يرفع سترتها من الخلف ، فشهقت بفزع و قالت بخجل و إحراج
    - لا .. انا هعمل لنفسي
    - مش هتعرفي
    - هعرف
    قالتها و هي تبعد يده ، فأعاد يده مرة آخرى و قال بصوت دافئ ليطمأنها
    - متخفيش .. مش هعملك حاجة
    نظرت له من فوق كتفها وهي تلويه ظهرها ، في حين بدأ هو في رفع سترتها من الخلف بأحدى يديه ، و باليد الأخرى فتح العبوة ، نظر لنصف ظهرها العاري و الذي كان لونه يميل للزرقة بسبب اثر سقوطها ، فشعر بالذنب فهو من تركها و تسبب لها بهذا ، تنهد بهدوء قبل ان يضع انامله المغطاة بالكريم على ظهرها ، فتسارعت انفاسها و هي تشعر بأنامله تتحرك على ظهرها ، اغمضت عينيها بقوة لتتحمل الألم و الرغبة!
    ..........................................................
    بعد ان انهى جلال مكالمته مع عايدة ، نهض و اصبح يجوب الغرفة ذهابا و ايابا و هو يفكر في قول عايدة الذي جعله يستشيط من الغضب ، كيف لريحانة ان تحب الشيطان ؟ كيف و هي تعلم انها ملكه .. ملكه وحده ، هو لن يقبل بأن يشاركه احدا بها . توقف امام مكتبه و اخذ هاتفه و اتصل بوالد زهرة ، فرد الأخير
    - الو يا سيد جلال
    - تعلالي حالا
    - انا تعبان يا سيدنا ومش....
    - قلت تعالى
    قالها بحدة ، فتمتم الآخر
    - ماشي يا سيدنا ، جي
    - خمس دقايق و تبقى هنا
    قالها جلال امرا قبل ان ينهي المكالمة و يتجه للأريكة و يجلس عليها .
    ..........................................................
    ارتدى والد زهرة ملابسه و اتى ان يخرج من منزله و لكن اوقفته زوجته بقولها
    - رايح فين يا حج؟
    التفت و نظر لها و قال
    - رايح للسيد جلال
    - ازاي هتروحله و انت لسه تعبان ! ، كلمه و قله انك تعبان
    - قلتله اني تعبان بس مهتمش و اتعصب و اصر اني اروحله
    - دة راجل معندهوش قلب
    قالتها زوجته بحزن ، فتنهد الآخر و قال
    - انا همشي بقى عشان قالي متأخرش
    - يارب يخلصنا منه و من جبروته قريب
    نظر لها زوجها و قال و هو يبتسم بأمل
    - هيحصل
    و من ثم غادر
    ..........................................................
    بعد مرور خمسة عشر دقيقة ،،
    داخل مكتب جلال ،،

    - اتأخرت عشر دقايق
    قالها جلال بغضب ، فرد والد زهرة
    - الطريق يا سيدنا
    رمقة جلال بغضب و قال
    - المهم .. قولي اية اللي حصل في غيابي
    - معرفش
    - نعم؟ .. يعني اية متعرفش
    - كنت تعبان وم...
    - و بنتك فين؟ .. مقالتلكش حاجة
    - لا
    ضرب جلال المكتب بقبضته و من ثم تنفس بعمق و هو يحاول إمتصاص غضبه ، و قال بتوعد
    - حسابك معايا بعدين ، بس دلوقتي في حاجة عايزها منك
    نظر له الآخر ، فأكمل جلال بهدوء
    - انا ههرب ريحانة .. النهاردة
    - تهربها؟!
    - ايوة .. ههربها من قصر الشيطان و هرجعها ليا ، المهم ... قول لبنتك توصل لريحانة ، اني النهاردة ههربها من قصر الشيطان ، فتجهز نفسها
    - حاضر يا سيدنا ، هقولها ، بس ازاي هتهربها؟
    - هقولك .....
    ..........................................................
    عادت زهرة للقصر و هي تحمل الكثير من الأشياء ، وضعت تلك الأشياء على الأرض و هي تلعث و من ثم نادت على احدى الحراس ليحمل الأشياء ، فأتى احدهم و حملهم ، بينما سارت هي و نزلت السلالم و إتجهت للمطبخ
    - جبتي الحاجات يا زهرة؟
    قالتها رئيسة الخدم ، فأومأت زهرة برأسها و قالت من بين انفاسها اللاهثة
    - ايوة
    - المشوار متعب
    - جدا
    قالتها زهرة و هي تمسح وجهها من العرق ، فقالت رئيسة الخدم
    - روحي اوضتك و ارتاحيلك شوية
    أومأت زهرة برأسه و نهضت و خرجت من المطبخ و إتجهت لغرفتها و دخلتها .
    ..........................................................
    موعد الغداء ،،،

    بدأت الخادمة في تقديم الطعام لسيدها الذي كان جالس بمفردة ، انتهت من تقديم الطعام و تراجعت للخلف ، فأمسك الشيطان بالملعقة و بدأ في تحريك الطعام بدون ان يأكل منه ، فقد كان شاردا بها و بما حدث اليوم ، هو يشعر بالحيرة من مشاعره برغم ادراكه بها
    - حاسب
    قالتها ريحانة و هي تمسك يده الذي كاد ان يضع في الحساء الساخن ، فرفع نظراته لها بإستغراب و قال
    - نزلتي ازاي؟
    - برجليا
    قالتها بمزاح و هي تسير من خلفه لتجلس في مقعدها ، فحدق بها و قال
    - طهرك مش واجعك ؟
    قالها بلهفة ظاهرة في عينيه و هذا اسعدها ، فإبتسمت وقالت
    - واجعني بس الوجع ممكن اقدر استحمله
    اومأ برأسه و تغيرت ملامحه للجمود و هو ينظر لطعامه و يبدأ في تناوله ، بينما ظلت تتأمله لدقائق قبل ان تقول بحزن مصتنع
    - كنت هتاكل بدوني!
    نظر لها بطرف عينيه و قال بصرامة
    - بلاش ترجعي و تعملي تصرفاتك بتاعت الصبح
    ضحكت بخفة و قالت بطبيعتها
    - ماشي ، بس جاوب على سؤالي
    - اه
    - اية اللي اه ؟!
    قالتها بإستنكار و اكملت بطريقة مضحكة
    - يعني انت مش بتستفدن... لا قصدي مش بتفقدني .. لا قصدي تسف...
    نظر لها و قال و هو يبتسم بصدق
    - اسمها هتفتقدني
    إبتسمت و قالت
    - ايوة دي ، هكمل بقى .. مش هتفتقدني لما مكلش معاك؟
    - لا
    - لية؟
    - عايز اكل
    - ما تاكل هو انا مسكاك !
    قالتها بلامبالاة مصتنعة ، فنظر له بطرف عينيه و اكمل تناول طعامه بدون ان يرد عليها .
    - والله انت عسل
    قالتها فجأة و بدون سبب ، فرفع رأسه و نظر لها ، فضحكت و بدأت في تناول طعامها .
    ..........................................................
    بدأ الليل يسدل ستائره

    دخلت زهرة لجناح الشيطان بعد ان استأذنت و تقدمت من ريحانة التي كانت جالسه على الأريكة و قالت
    - انسه ريحانة
    نظرت لها ريحانة و قالت
    - زهرة .. كنتي فين الصبح؟
    - كنت بشتري شوية حاجات للقصر و بعد ما رجعت ارتحتلي شوية
    - امم ، ماشي
    - انسه ريحانة
    - امم
    - في حاجة عايزه اقولهالك
    - قولي
    - السيد جلال
    توترت ريحانة بعد سماع اسمه ، فقالت ببطئ
    - ماله؟
    - هيهربك النهاردة فجهزي نفسك
    - لا .. انا مش عايزه اهرب معاه .. مش عايزه ارجعله
    - ماشي ، على كدة قوليله على قرارك
    - اقوله؟
    - ايوة .. عشان انا مش هقدر اقوله انك مش موافقه انك تهربي معاه ، عموما ... هو هيستناكي قدام القصر بس من ورا ، فروحيله
    - ازاي هروحله؟ .. في حراس و...
    قاطعتها زهرة ب
    - السيد جلال هيتصرف بالحراس اللي بيحرسوا القصر من ورا
    صمتت ريحانة و هي تفكر و من ثم قالت
    - ماشي .. بس تعالي معايا
    اومأت زهرة برأسها و قالت
    - انا كدة كدة كنت هاجي معاكي ، عموما انا هروح اكمل شغلي
    - ماشي
    نهضت زهرة و قالت
    - عن اذنك
    - استني
    نظرت لها زهرة ، فقالت ريحانة
    - الشيطان مرجعش لسه؟
    - لسه
    اومأت ريحانة برأسه ، بينما غادرت زهرة
    ..........................................................
    مساءا

    سارت بخطواتها الخفيفة الحذرة من بين ذلك الظلام لخارج الجناح و سارت في الممر و هي تنظر حولها بترقب ، توقفت امام السلم و خلعت حذائها و امسكته و من ثم نزلت على السلم بهدوء و على اطراف اصابع قدميها ، وصلت للطابق الرئيسي و توقفت و هي تنظر حولها في حين حدثت نفسها
    - فين زهرة؟ .. قالتلي انها هتستناني هنا
    سارت بخطوات بطيئة في الممر الذي يؤدي إلى الباب الخلفي للقصر
    - رايحة فين؟
    سقط حذائها من يديها و هي تلتفت ببطئ و حذر
    - رايحة ل جلال!
    إتسعت مقل

    الفصل التاسع عشر

    تقدم منها الشيطان ببطئ و هو يقول بهدوء
    - رايحة ل جلال!
    إتسعت مقلتيها في صدمة و تجمدت الدماء في عروقها ، بدت كالموتى في هيئتها العامة ... اضطربت انفاسها و تسارعت دقات قلبها و هي تحرك شفتيها المرتجفتين لتخرج حروفها بصعوبة
    - بيجاد !
    توقف امامها مباشرا ، فرفعت رأسها و نظرت له و كانت الصدمة و الخوف ساكنين في حدقتيها العسليتين ، فإبتسم إبتسامة جانبية و هو يقول بجمود
    - لية مصدومة يا .. ريحانة جلال بهجت!
    تسارعت دقات قلبها اكثر و هي تتراجع للخلف بخطوات مرتجفة ، بينما اكمل
    - مش دة اسمك برضوا !
    - عرفت .. ازاي؟
    قالتها بصوت مرتجف و هي تنظر له من بين دموعها التي ملأت حدقتيها ، فأقترب منها و جذبها من ذراعها بقسوة و سار بها لمكتبه ، فصرخت بفزع و خوف ، ركل باب مكتبه بقدمه و دخل و من ثم دفعها بقوة فسقطت على الأرض بقسوة ، فبكت... رفعت رأسها قليلا فوقعت نظراتها على تلك الأوراق المتناثرة على الأرض من حولها
    - فاكره الورق دة
    قالها ببرود و هو يجلس على الأريكة و يضع قدم على آخرى ، فنظرت له من فوق كتفها و من ثم نظرت للأوراق و التقطت احدهم ، فأتسعت مقلتيها اكثر و هي ترى رسالة جلال الذي ارسلها لها في بداية مجيئها لهذا القصر بين يديها الآن ، نقلت نظراتها من بين الأوراق المتناثرة حولها بحيرة و عدم تصديق ، فألأوراق التي تراها الآن هي الأوراق التي تتذكر انها اعطتها لجلال ، فكيف هي مع الشيطان؟ ، وضعت كفها على الأرض و ساعدت نفسها على النهوض و هي تتمتم بتشتت و ضياع
    - الورق دة .. دة .. ازاي؟
    - حقك تقولي ازاي ، اصل انتي اكيد فاكره ان الورق دة اللي اديتيه لجلال بس لا
    قالها و هو يضع سيجار بين شفتيه و يشعلها ، فألتفتت و نظرت له ، فأبعد سيجارته من بين شفتيه و هو ينفث دخانها و يكمل
    - انا مش غبي عشان اسمحلك او اسمح لغيرك ياخد حاجة مني ، انا اديتك الورق بمزاجي .. و خليتك تديه لجلال بمزاجي و سمحتلك تفتحي دولابي و تفتشي في ورقي برضوا بمزاجي
    - يعني كنت عارف....
    قاطعها ب
    - ايوة .. كنت عارف انك جاسوسة لجلال
    سالت دموعها على وجنتيها و هي تقول ببطئ
    - و .. و عارف اني .. اني... مرا....
    - عارف
    قاطعها ببرود ، فصرخت به فجأة و هي تبكي
    - يعني عارف كل حاجة و كنت بتلعب بيا، اية هدفك من انك تعمل كدة ... لية مبينتش انك عارف من الأول ، لية خلتني عايشه في خوف الفترة دي كلها .
    قاطعها ببرود و هو ينهض و يتقدم منها
    - ايوة .. كنت عارف كل حاجة و خططت لكل حاجة ، و هدفي .. هدفي اني اوقع جلال في الفخ اللي كان فاكر انه هو اللي هيوقعهولي
    توقف امامها مباشرا و قال بقسوة
    - انتوا مش بتلعبوا مع واحد سهل ، انتوا بتعلبوا مع الشيطان .. و اللي بيحاول يلعب مع الشيطان بيبقى بيلعب في عداد عمره
    ظلت ريحانة تنظر له بلا حراك ، تحدق به فقط ، بينما التفت الشيطان و هو يضع سيجارته مرة آخرى بين شفتيه و من ثم يبعدها لينفث دخانها بهدوء و هو يقول بهدوء
    - انتي غبيه
    التفت و نظر لها و هو يقترب و يكمل
    - عارفه لية! ... لأنك وافقتي انك تدخلي في لعبة انتي مش قدها بالعلم ان جلال ضعيف قدامي و انه مش هيقدر يحميكي و لا يحمي نفسه
    - انا مدخلتش في اللعبة دي بمزاجي
    قالتها بخفوت و هي تنظر له بحزن ، فرد بجمود
    - بس كملتي فيها بمزاجك
    - ايوة .. كملت فيها بمزاجي لأني كنت بحبه و كنت مستعده اعمل اي حاجة عشانه
    - طيب مستعده تتحملي العواقب عشانه؟!
    - لا
    قالتها بثبات تلقائي ، فأبتسم بسخرية و قال بتهكم
    - ما تيجي على نفسك شوية كمان عشانه ... عشان حبيبك
    كانت تنظر له بحزن و مرارة قبل ان تخفض رأسها بإنكسار و تصمت .
    ..........................................................
    خرجت عايدة من جناحها و هي تفرك عينيها الناعستان ، نزلت السلم بتكاسل حتى وصلت للطابق الرئيسي و توقفت بعد ان لمحت ضوء فألتفتت برأسها لإتجاه مكتب الشيطان فوجدت اضواءه مشتعله ، فقضبت حاجبيها بتساؤل و هي تحدث نفسها
    - الشيطان لغاية دلوقتي صاحي!
    إتجهت بخطوات بطيئة لمكتبه حتى توقفت على بعد امتار من باب المكتب ، فسمعت ما يحدث بالداخل ، و اثناء إستماعها إرتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة و هي تحرك شفتيها بخفوت
    - واخيرا .. ريحانة اتكشفت
    بعد ان انهت جملتها إتجهت للسلم و صعدته سريعا حتى وصلت للطابق الثالث و إتجهت لجناحها و دخلته ، إتجهت للكومود و التقطت هاتفها سريعا لتتصل بجلال
    - الو
    قالتها عايدة بهدوء من عبر الهاتف و هي تجلس على السرير ، فقال جلال
    - خير .. متصله في الوقت دة لية؟
    - متصله اسأل عليك و على ريحانة .. هي جتلك؟
    - لا .. لسه
    - طيب .. احب اقولك انها مش هتيجي
    - مش هتيجي!
    - اها زي ما بقولك كدة ، اصل حبيبة قلبك اتقفشت من.... الشيطان
    - نعم
    هتف بها بحدة و اكمل بلهفة
    - ازاي اتقفشت ها ؟ .. انتي قلتيله صح .. اه يا بنت ال...
    قاطعته بطريقتها المستفزة
    - اخس عليك بتشتمني عشان قلتله! ، عموما انا مقلتلهوش حاجة ، انا صحيت فجأة و قلت انزلي تحت شوية ، فأكتشفت بالصدفة انه عرف و هي دلوقتي معاه
    - معاه !
    - ايوون ، و تبقى تقرأ الفاتحة على روحها قريب
    بعد ان انهت جملتها ابعدت الهاتف من على اذنها و اغلقته دون انتظار رده ، و من ثم تنهدت براحة و هي تريح ظهرها على السرير و تنظر للهاوية و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
    - كشف حقيقة ريحانة جه لمصلحتي ، فدلوقتي بقى هلعب في الساحة براحتي
    ..........................................................
    - ازاي اتكشفت ... ازاي؟ ، حد قاله؟ .. بس مين
    هتف بها جلال بعدم إستيعاب قبل ان يمرر انامله بين خصلات شعره و هو يلتفت حوله ، و يكمل بحدة
    - ماشي ، انا هعرف مين الخاين اللي عمل فينا كدة ، انا هتصرف
    انهى جملته بإلقاء هاتفة على الأرض بغضب و من ثم التفت و صعد سيارته و غادر سريعا و هو يسب و يلعن و يتوعد .
    ..........................................................
    ساد صمت طويل في الغرفة ، حيث كانت ريحانة صامته تنظر للهاوية بنصف عقل و هي متربسة في مكانها ، اما هو فقد كان جالس ببرود تام على الأريكة يتابعها بنظرات ضيقة مترقبة كالصقر
    - تعرف ..
    قالتها بهدوء و هي تنقل نظراتها التي تلمع بالدموع له ، و اكملت
    - انا قبل ما اجي لقصرك سمعت عنك كتير و كنت خايفه من اني اقابلك ... و قابلتك ، انا فاكره اول مرة قابلتك فيها في الساحة ...
    - و المقابلة دي كانت سبب في اني اشك فيكي بعد ما جيتيلي القصر
    قاطعها بهدوء ، فقضبت حاجبيها ، فأكمل
    - اصل جلال باعتلي واحده قابلتها في الساحة تتجسس عليا ، فطبيعي اشك فيها مدام شكلها مألوف عندي
    تذكرت لقائها به في الساحة سريعا ، فنظرت له و قالت
    - يعني انت كنت عارف اني جاسوسة لجلال من اول يوم جيت فيه القصر
    - لا
    قالها و هو يطفأ سيجارته في المنفضة الموضوعة على الكومود و يكمل
    - كنت شاكك بس... لغاية ما شفت الرسالة و...
    قاطعته بتساؤل
    - ازاي لقيت الرسالة؟
    - مش مهم ازاي
    - لا مهم عندي
    نظر لها نظرة عابرة قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنها و هو يقول شيء بعيدا عن الإجابة التي تريدها
    - في حاجة كمان غير الرسالة عرفتني كل حاجة
    - مش فاهمه
    قضبت حاجبيها و هي تقولها ، فنظر لها و قال
    - هتفهمي دلوقتي .. ادخلي
    قال الأخيرة و هو ينظر للباب ، فألتفتت ريحانة بدورها و نظرت للباب الذي ظهرت من خلفه زهرة و كانت مخفضة الرأس ، فهتفت ريحانة بإستغراب
    - زهرة !
    و من ثم تحولت نظراتها للفزع و هي تقول حروفها بعجلة
    - انت عارف انها معايا صح! ، بس هي ملهاش ذنب ، متأذيها....
    توقفت عن إكمال جملتها عندما قاطعها بقوله الذي يعتبر صفعة بالنسبة لها
    - زهرة قالتلي كل حاجة ، قالتلي حقيقتك من الأول
    اتسعت مقلتيها في صدمة و هي تنظر للشيطان و تهتف بخفوت
    - كداب ، انت كداب
    و من ثم نقلت نظراتها لزهرة و تقدمت منها بخطوات سريعة حتى توقفت امامها و قالت
    - انتي اللي قلتيله؟ .. هو بيكدب عليا صح؟
    ظلت زهرة مخفضة الرأس فهي ليست قادرة على رفع رأسها لتنظر لريحانة ، فمدت ريحانة اناملها لذقن زهرة و رفعته ، فتحاشت زهرة النظر لريحانة التي قالت
    - انتي مش عايزه تبصيلي لية؟
    - انا اسفه
    قالتها زهرة بصوت خافت به نبرة الإحراج ، فتراجعت ريحانة للخلف من اثر صدمتها بعد ان امتلأت حدقتيها بالدموع و هي تتمتم
    - لا .. مستحيل ، مش انتي يا زهرة .. لا
    سالت دمعة من عين زهرة و هي تسمع تمتمت ريحانة و اقوالها التي قالتها بإنكسار
    - انتي اللي وقفتي جمبي .. واللي كنت بعتبرك زي اختي ، تعملي فيا كدة ؟ .. تخوني ثقتي فيكي
    - دة لمصلحتك و لمصلحتي
    قالتها زهرة و هي تنقل نظراتها لريحانة ، هإبتسمت ريحانة بإستخفاف و هي تهتف بحدة
    - مصلحتي! انا مليش مصلحة في كل حاجة و اي حاجة ، انا دخلت في اللعبة دي كطرف زيادة ملهوش لازمة ، فأزاي لمصلحتي؟!
    فأخفضت زهرة رأسها بإحراج و قالت
    - عن اذنكم
    و سريعا التفتت و إتجهت للباب و غادرت و هي تشعر بالشفقة على ريحانة التي كانت تضحك بإستخفاف و تقول بتهكم
    - في الآخر كله بيبرأ نفسه و بيشوف مصلحته .. دلوقتي انا المذنبه الوحيدة صح! ، انا اللي شلت كل حاجة ، كلكم ظالمين .. كلكم خاينين ، انا بكرهكم كلكم ، بكرهكم
    قالت كلماتها الأخيرة بإنهيار و بكاء ، و اكملت بصوت مرتجف ولكن حاد و هي تنظر للشيطان بغضب من بين دموعها
    - كل دة بسببك ، انت دمرت حياتي و دمرتني ، انت لية ظهرت في حياتي ، انت لية بقيت عدو جلال، انت سبب كل حاجة ....
    نهض الشيطان من مقعده و اقترب منها بهدوء مخيف حتى توقف اماما ، بينما كانت تكمل
    - انت لو مكنتش سرقت حاجة غيرك مكنش كل دة حصل ، مكنتش أنا اتورطت في اللعبة دي ، م...آآآه
    لم تكمل جملتها حيث صرخت بفزع عندما قبض على ذقنها بكفه و هو يقول بقسوة
    - سرقت حاجة غيري! ، مش انا اللي سرقت ، دول هما اللي سرقوا كل حاجة ، سرقوني و سرقوا حياتي و سرقوا كل حاجة حلوة فيها ، فجاية انتي تقولي اني سرقت ، انتي متعرفيش حاجة
    قال الأخيرة و هو يدفعها بغضب ، فأرتدت للخلف على اثرها و سقطت على الأرض و هي تنظر له ، كانت نظراته حادة قاسية ، فأخفضت رأسها و هي تدرك ما قالته ، فشعرت بالندم ..فما قالته تعلم انه خاطئ .
    - و غير كدة انتي اللي ورطتي نفسك عشان حبيب القلب ، مش انتي مستعده تعملي اي حاجة عشانه ، خلاص اشربي بقى و متحطيش اللوم على حد
    - كنت بحبه
    قالتها بإنكسار و دموعها تسيل على وجنتيها ، فأقترب فجأة و نزل لمستواها و قال بغضب
    - خلي حبك ليه ينفعك ، حبك اللي ورطك في كل دة .. و اللي هينهي حياتك ، و متفتكريش انه هيجي و يحميكي مني دة بالعكس .. دة هيبيعك زي الكلبه و لا هيسأل عليكي
    - عارفه انه مش هيحميني و هيبعني
    قالتها بمرارة ، و من ثم نظرت لحدقتيه القاسيتين و هي تكمل بخفوت
    - بس في حد غيره هيحميني ، انا متأكدة
    إبتسم بتهكم و قال بثقة
    - محدش يقدر يحميكي مني
    - لا فيه
    قالتها بثقة قبل ان تتغير نظراتها لنظرات حانية و هي تهمس
    - انت .. انت اللي هتحميني
    حدق بها لبرهه قبل ان يقهقه بشراسة و يقول بجمود
    - شكلك ناسية انك جاسوسة ، و انا في قانوني الجواسيس اللي زيك نهايتهم بتبقى محسومة
    - يعني هتعاقبني زي ما بتعاقب الباقي؟
    - و اكتر
    - يعني هترتاح لما تشوفني بتعذب؟!
    - جدا
    - طيب ما تموتني علطول عشان ترتاح اكتر
    - لا
    قالها و هو يبتسم ليظهر انيابة و يكمل و هو يمرر كفه على رقبتها حتى يصل لشعرها و يجذبها منه بقوه فيظهر الألم في حدقتيها
    - حابب اتلذذ في تعذيبك شوية ، اشوف الوجع في عنيكي دول ، و اشوف الجروح اللي هتملى جسمك ، و اشوف دموعك دي على خدودك ، بالمعنى .. هموتك بس على البطىء
    لمعت عينيها بالدموع مرة آخرى و هي تنظر لحدقتيه المظلمتين الذي يظهر فيهما القسوة بوضوح ، فقالت بآسى خافت
    - كل دة لية؟ ، متوقعش ان سبب رغبتك في تعذيبي بسبب اني جاسوسة لجلال ، فاية السبب الحقيقي؟ .. هو عشان حاولت اخدعك ولا عشان تثبت لنفسك انك تقدر تقضي على حاجة ممكن تكون ميلت ليها في يوم
    فضحك بخشونة و هو ينظر لها بقسوة و يقول
    - اسبابك وهمية لسبب .. ان عمري ما ميلت لواحده و لا هميل .. خاصا لواحده مستعملة من قبل
    قال الأخيرة بقسوة و هو يقبض على شعرها اكثر ، فتأوهت بألم و هي ترمقه بإنكسار و نظرات اللوم تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت اجفانها .
    - وقت الكلام خلص
    قالها قبل ان ينهض و يجذبها من ذراعها بقوة و يتجه بها للباب حتى اخرجها من غرفة المكتب و القاها على الأرض و هو يقول للحارسيين
    - خدوها للسجن ، و الباقي معروف
    - حاضر
    قالها الحارسيين في نفس الوقت و من ثم تقدموا منها و امسكوها من ذراعيها فنهضت و هي تشعر بألم في انحاء جسدها خاصا ظهرها فأغمضت عينيها بألم و من ثم فتحتهم و التفتت برأسها و نظرت له بألم في حين كانوا يسيروا بها و هم متجهين للسلم
    ..........................................................
    رنين هاتف مزعج يقطع هدوء الليل و يسبب الفزع و القلق لأصحاب هذا المنزل
    - الو .. مين ؟
    قالها والد زهرة بقلق بعد ان وضع سماعة الهاتف على اذنه ، فرد الطرف الآخر
    - الو يا بابا ، دي انا... زهرة
    قالتها زهرة بصوتها الباكي ، مما زاد من قلق والدها الذي قال
    - زهرة؟ .. مالك يا بنتي؟ ، بتعيطي لية ؟
    - مين يا حج
    قالتها والدة زهرة و هي تقف خلف زوجها ، فنظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و يقول
    - دي زهرة
    - زهرة! ، بتتصل دلوقتي لية ؟
    - استني اعرف
    قالها بعجلة قبل ان يضع الهاتف على اذنه مرة آخرى و يقول
    - زهرة ، مالك يا بنتي؟
    - بابا ، الحقيقة اتكشفت خلاص
    - اتكشفت! ، بالسرعة دي
    قالها بذهول ، فردت زهرة
    - ايوة
    - طيب لية بتعيطي يا حبيبتي دلوقتي ؟ ، مش احنا خلاص برة الموضوع
    - اة ، بس حاسة بالندم يا بابا و الشفقة على الانسه ريحانة ، هي ملهاش ذنب في كل دة
    - عارف يا بنتي عارف ، بس مش بأيدينا حاجة نهملها
    صمتت زهرة و هي تبكي و من ثم قالت بخفوت
    - بابا
    - نعم يا بنتي
    - هو انا اللي عملته غلط ؟ ، لما رحت و قلت للشيطان على كل حاجة ، انا كدة انانية صح! ... عشان مفكرتش في الآنسه ريحانة اللي كانت بتثق فيا ، انا خنتها .. هي شايفاني خاينه يا بابا ، هي قالتلي كدة .
    قالت الأخيرة و هي تزيد في البكاء ، فهي تشعر بالألم و الندم على ريحانة التي تراها الآن .. خائنه ، فرد والدها بسماحة
    - هي بس عشان مصدومة قالت كدة ، و غير كدة دة حقها لأنها مكنتش تتوقع دة منك يا زهرة ، انتي اللي عملتيه مش غلط بالعكس صح .. بس الغلط اللي عليكي انك فكرتي في نفسك و فيا و في اهلك ف دي تعتبر انانية
    و من ثم تنهد و اكمل
    - بس تعرفي يا زهرة .. معرفة الشيطان لحقيقتها من الأول دة لمصلحتها هي كمان ، عشان غضب الشيطان دلوقتي اقل بكتير من غضبه لو كان اكتشف حقيقتها جديد ، فأنتي كدة خففتي عليها كتير
    توقفت زهرة عن البكاء و اخذت تفكر بقول والدها و من ثم قالت و هي تؤيده على حديثه
    - كلامك صح يا بابا ، لما فكرت دلوقتي عرفت ان دة لمصلحتها كمان

    بعد ان انهى والد زهرة المكالمة ، قالت له والدة زهرة
    - ها يا حج ، في اية؟
    التفت و نظر لها و قال
    - تعالي جوة نتكلم
    انهى جملته و إتجه لغرفته ، فلحقته الآخرى .
    ..........................................................
    دخل جلال قصره بخطواته الغاضبة ، و إتجه لغرفة مكتبه و دخله و توقف في منتصفه و هو يمرر نظراته حوله بتشتت في حين كان يتمتم بأسمها ، و من ثم سار بخطوات بطيئة للأريكة و جلس عليها و هو يمرر انامله من بين خصلات شعره في حين حدث نفسه بصوت خافت
    - هعمل اية؟ .. ازاي هنقذها ، ريحانة .. ريحانة تحت ايد الشيطان ، انا مش هسمحله يأذيها .. مش هسمحله
    قال الأخيرة بحدة و من ثم مد ذراعه للطاولة و دفع كل ما عليها بقوة و غضب ، و اكمل
    - انا لازم اشوفلي حل ، لازم اساعدها ، بس .. بس ازاي؟
    اسند مرفقيه على فخذيه و مال قليلا ليضع وجهه بين كفيه ، و بدأ في التفكير .
    ..........................................................
    اشرقت شمس يوم جديد

    خرجت عايدة من جناحها و وجهها يشرق من كثرة سعادتها ، و سارت في الممر و نزلت السلالم بهدوء حتى وصلت للطابق الرئيسي و سارت في ممره و فجأةتوقفت و اوقفت احدى الخادمات و سألتها
    - الشيطان فين؟ .. في مكتبه؟
    - لا ، سيدنا مش موجود في القصر
    - ماشي
    قالتها عايدة و هي تتخطى الخادمة و تكمل سيرها لخارج القصر .
    ..........................................................
    في قصر عز الدين
    كان الشيطان جالس على الكرسي المقابل لمكتب عز الدين ، و كان يضع قدم على آخرى و هو ينظر لعز الدين من بين دخان سيجارته .
    - يعني عشيقتك الجديدة طلعت جاسوسة لجلال و انت كنت عارف! ، طيب لية خليتها حواليك مع علمك انها خطر عليك ؟
    قالها عز الدين بتساؤل ، فرد الشيطان ببرود
    - مكنتش خطر عليا
    - ازاي؟ .. هي اكيد كانت بتاخد ورق منك و معلومات و بتوديها لجلال و...
    - من الناحية دي متقلقش ، عشان كل الورق اللي كانت بتبعته لجلال كان بيجيلي اول و انا كنت ببدله بنسخه مزيفة و اخليها تتبعت لسي جلال
    قالها الشيطان و هو يبتسم بمكر ، فضحك عز الدين بخفة و قال و هو يغمز للشيطان
    - دة انت مطلعتش هين ابدا
    - ابدا
    قالها الشيطان بثقة قبل ان يضع سيجارته بين شفتيه ، فإبتسم عز الدين و هو يقول
    - احسن ما فيك ثقتك بنفسك
    فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية قبل ان يقول الآخر فجأة
    - صحيح ... ناوي تعمل معاها اية؟ ، نفس عقاب اي خاين؟
    ابعد الشيطان سيجارته من بين شفتيه و نفث دخانها و هو ينظر لعز الدين بجمود في حين لم يكن يظهر اي تعبير على ملامح وجهه ، بعد صمت دام لدقائق ، قال الشيطان بثبات
    - لا
    رفع عز الدين حاجبيه بإستغراب و قال
    - لا!
    نهض الشيطان و قال بهدوء
    - عقوبه ايمن خلصت ، ف هيخرج النهاردة
    بعد ان انهى جملته سار للباب و غادر الغرفة ... و القصر .
    ..........................................................
    - جاية اساعدك لترجع ريحانة ليك .. في طريقة واحدة بس ، و هي انك تساوم الشيطان على حاجة
    قالتها عايدة بهدوء و هي تنظر لجلال الذي كان يجلس امامها و هو ينظر لها بنظرات ضيقة مترقبة و هي تتحدث ، فقال بعد ان انهت قولها
    - اية سبب مساعدتك ليا؟ ، اكيد وراكي حاجة
    - هو انت دايما ظنك فيا وحش!
    قالتها بحزن مصتنع و اكملت
    - تصدق... أنا غلطانه لأني قلت لنفسي اني اساعدك انت و ريحانة
    بعد ان انهت جملتها نهضت و اتت ان تغادر و لكنه اوقفها بقوله السريع و الذي كان يحمل نبرة تردد
    - اساومة ازاي؟
    فإبتسمت بإنتصار قبل ان تلتفت له و تقول
    - هقولك
    جلست في مقعدها مرة آخرى و قالت ببطئ
    - تساومه بعبد الخالق
    - عبد الخالق!
    قالها بإستغراب و اكمل
    - دة مات من زمان
    - ممتش
    قضب جبينه بإستغراب و هو يهتف
    - نعم؟
    - الحقيقة اللي متعرفهاش ، عبد الخالق .. جدو ، لسه عايش
    حملق فجأة و اسكتته المفاجأة ، بينما اكملت
    - هو موجود في قصر الشيطان في اوضة منعزله عن الباقي ، انا ممكن اساعدك ف...
    قاطعها بقوله الحائر
    - ازاي؟ .. هو مات قدامي و...
    قاطعته ب
    - ممتش بعد ما انت ضربته بالنار ، هو كان على وشك الموت بس الشيطان انقذه ، هفهمك بعدين كل حاجة بس تعالى نتكلم في المهم دلوقتي ، انا هساعدك في انك تدخل القصر و تاخده و تساومه مع الشيطان ب انه يرجع ريحانة مقابل عبد الخالق فبالتالي هيرجعهالك بالغصب
    - اياكي تكوني بتلعبي بيا
    قالها جلال بتحذير ، فإبتسمت عايدة و قالت
    - متخفش ، عمري ما هلعب بيك
    بعد ان انهت جملتها نهضت و قالت
    - بص ، انا همشي دلوقتي عشان لازم ابقى في القصر قبل ما الشيطان يرجع ، بس انا و انت على اتصال عشان نكمل الخطة
    - ماشي ، بس امتى هنفذ ؟
    - في الوقت المناسب ... الوقت اللي انا هحدده
    اومأ جلال برأسه و قال
    - إتفقنا ، بس بسرعة
    اومأت برأسها قبل ان تلتفت عايدة و هي تبتسم بإنتصار و خبث و هي تحدث نفسها
    - شكرا يا جلال لأنك هتمشي ورا كلامي و خططي ، انت هتساعدني في اني اخلص منك و من ريحانة اللي هيفتكرها الشيطان انها هي اللي قايله ليك على عبد الخالق ، فهتبقى نهايتها و نهايتك في وقت واحد ، و انا ... هبقى قريبه من هدفي ، هيبقالي خطوتين و اوصله بعد ما ننفذ الخطة دي ، شكرا مقدما
    ..........................................................
    حول تلك القضبان الحديدية ملقاه هي على الأرض الصبلة ، تنظر امامها بجمود في حين دموعها تسيل على وجنتيها بهدوء فتختلط بالدماء التي تسيل من انفها ، كانت كلماته اللذعه تتردد في اذنها " عمري ما ميلت لواحده و لا هميل .. خاصا لواحده مستعملة من قبل " كلماته تلك اخترقت ضلوعها إلى حد اصبحت تتألم بداخلها بل تنزف فكلماته قاسية جدا عليها ، اغمضت عينيها بقوة في حين ارتفع صوت بكائها .
    - انسه ريحانة
    قالتها زهرة بحزن و هي تقف امام القضبان الحديدة و تنظر لريحانة بأسف ، ففتحت ريحانة عينيها و نظرت لزهرة ، فقالت زهرة
    - انتي كويسة؟
    فإبتسمت ريحانة بإستخفاف و قالت بصوت يكاد يسمع
    - كويسة اوي ، مش شايفه !
    أخفضت زهرة رأسها بإحراج و تمتمت
    - اسفه
    ابعدت ريحانة نظراتها عن زهرة و هي تضع كفيها على الأرض لتساند جسدها على النهوض و لكنها لم تستطع على النهوض بشكل كامل ، فجلست و زحفت حتى ساندت ظهرها على الحائط بجانب القضبان مباشرا ، فرفعت زهرة نظراتها لها و من ثم تقدمت و توقفت امام ريحانة و جثت على ركبتها و مدت يدها من بين القضبان بزجاجة ماء و قالت
    - اشربي شوية
    نظرت لها ريحانة بتعب و مدت يدها لتأخذها و قبل ان تصل للزجاجة صرخ الحارس ب
    - ممنوع تشرب ميه
    نظرت له زهرة من فوق كتفها و هي تلويه ظهرها و تقول
    - عارفه ، بس هي عطشانه ، فحرام
    - اسف ، مينفعش نخالف الأوامر
    تنهدت زهرة بآسى و هي تنقل نظراتها لريحانة التي اعادت وضع يدها بجانبها ، فقالت زهرة
    - كنت عايزه اساعدك بس ....
    قاطعتها ريحانة ب
    - عادي
    ..........................................................
    توقف الشيطان امام الشاحنة ، فتقدم احد رجاله و فتح الشاحنة و اخرج منها صندوق -من الكرتون- و وضعه امام الشيطان ، فمد الأخير كفه فوضع الحارس مشرط في كف الشيطان ، فبدأ الشيطان في فتح الصندوق بواسطة المشرط ، و بعد ان فتحه نظر لما يوجد بداخله ، فقال لسائق الشاحنة
    - الأسلحة دي يتولع فيها
    قضب السائق حاجبيه بإستغراب في حين هتف
    - يتولع فيهم؟
    - ايوة ، بس مش انت اللي هتولع فيهم
    قال الأخيرة و هو يشير لحراسه ليتقدموا ، فهتف السائق بحيرة
    - يا سيدنا مش دي اسلحتك ، هتولع فيها لية؟
    - مش هحتاجهم
    قضب السائق حاجبيه بإستغراب و من ثم التفت ليتصل بسيده ، و بعد ان اخبر سيده بما حدث اعطى الهاتف للشيطان
    - يعني يا سيدنا تخليني اشيلها عندي الفترة دي كلها و في الأخر تولع فيهم!
    قالها الآخر ، فرد الشيطان ببرود
    - بمزاجي ، و غير كدة هبقى اعوضك
    - مش موضوع تعويض بس حرام الفلوس اللي ضاعت في الأسلحة دي ، اية رأيك تبعهم ل...
    قاطعة الشيطان ب
    - شكلك خد عليا ، صح!
    - اية؟ .. مش قصدي يا سيدنا ، اسف
    ابعد الشيطان الهاتف من على اذنه و اعطاه للسائق و هو يقول لحراسه
    - خدوا الأسلحة دي و ولعوا فيها او ارموها من على الجبل
    بعد ان انهى جملته التفت و إتجه لسيارته و صعدها و غادر .
    ..........................................................
    دخلت عايدة القصر و سارت في الممر و من ثم توقفت و هي تسأل احدى الخادمات
    - الشيطان رجع؟
    - لا
    اومأت عايدة برأسها و هي تبتسم و تكمل سيرها حتى تصل للسلم و تصعده و كانت تحدث نفسها
    - كويس جدا ان الشيطان مش في القصر ، هستغل الفرصة
    وصلت للطابق الأخير و سارت في الممر و هي تنظر للأشخاص الذي يقفون خلف تلك القضبان فهي كانت تبحث عنها فوجدتها ، اقتربت من زنزانتها و توقفت امامها و هي تنظر لريحانة من فوق و تقول بطريقتها المستفزة
    - اووبس ، ريحانة!
    رفعت ريحانة رأسها بصعوبة و نظرت لعايدة بتعب ، بينما اكملت عايدة ببراءة مصتنعة
    - لما عرفت انك اتكشفتي زعلت عليكي ، قوليلي عامله اية؟ ، كويسة؟
    انزلت ريحانة رأسها و هي تتنهد بضيق ، فقالت عايدة
    - مالك؟ ، مضايقه من قعدت السجن! .. معلش معلش فترة و تعدي
    - مش نقصاكي يا عايدة ، امشي من هنا
    قالتها ريحانة بحدة ، فهتفت عايدة بحزن مصتنع
    - اخس عليكي ، انا جاية اطمن عليكي و اخفف عليكي و انتي....
    قاطعتها ريحانة
    - بطلي تمثيل .. انتي جاية تشمتي فيا
    ضحكت عايدة و نزلت لمستوى ريحانة و قالت بخفوت شرس
    - ايوة ، انا جاية اشمت فيكي ، الصراحة مش قادرة اقولك عن فرحتي لما عرفت انك خلاص اتكشفتي
    - عارفه انك فرحانه فيا ، بس صدقيني فرحتك مش هدوم
    - لا هدوم
    قالتها عايدة بثقة قبل ان تنهض و تلتفت للحراس و تقول له
    - في اوامر جديدة من الشيطان بيقولكم انقولها للسجن الفردي .. سجن التعذيب اللي في السطح
    - سجن التعذيب؟ ازاي و السجن دة بارد و خطير ، و سيدنا مش بيسجن فيه حد
    - لا ، المرادي هيسجن ، يلا نفذ اوامره
    نظر لها الحارس بتردد ، فقالت
    - لو مش متأكد روح و اسأل الشيطان
    فأومأ الحارس و التفت و هو ينوي على النزول ليسأل الشيطان ، فأسرعت عايدة بقولها
    - الشيطان ادى اوامر ان محدش يزعجه ، فلو رحتله دلوقتي و ازعجبته ... أنت عارف هيعمل فيك اية
    التفت الحارس لها و قال
    - طيب اعمل اية دلوقتي؟
    - نفذ اوامره
    اومأ برأسه و قال
    - حاضر
    و من ثم إتجه للزنزانة و فتح بابها و دخل هو و حارس آخر و تقدموا منها و امسكوها من ذراعيها ، فهتفت ريحانة بجزع
    - في اية؟
    لم يجيبوها حيث اصبحوا يجروها خلفهم ، فنظرت ريحانة لعايدة بشك قبل ان تختفي من امامها حيث إتجهوا بها لممر مظلم و صعدوا بها سلم ضيق حتى وصلوا امام غرفة صغيرة .. فتحوها ، فكانت مظلمة ، دخلوها و القوها بداخلها فنظرت حولها بفزع و خوف و هي تقول بصوت مرتجف
    - جبتوني هنا لية؟ .. ها
    نظرت لهم فوجدتهم يغادرون ، فهتفت بخوف
    - لا . متسبونيش هنا ، لا
    نهضت بصعوبة و اسرعت للباب لتلحقهم ولكنهم اغلقوه قبل ان تصل إليه ، فأصبحت تطرق على الباب و هي تصرخ ب
    - افتحولي ، انا خايفه
    مررت نظراتها حولها بحذر و خوف ، فأرتعش قلبها و هي ترى ذلك الظلام يعم المكان ، فأصبحت تطرق على الباب بكل قوتها و هي تبكي و تقول
    - افتحولي ، امانة عليكم ، انا خايفه ... أفتحولي ، متسوبنيش
    التفتت و اسندت ظهرها على الباب و هي تنظر حولها و تزيد في بكائها، ضمت كفيها المرتجفتين لبعضهما و هي تهمس برجاء
    - متسبونيش ، انا خايفه ... خايفه
    ارتفع صوت شهقاتها و هي تبتعد عن الباب بعد ان خاب املها في فتحهم للباب و سارت في إتجاة زاوية الغرفة و جلست و ضمت قدميها لصدرها و اصبحت ترتجف بقوة.. بسبب شعورها بالخوف و الرعب .
    ..........................................................
    وصل الشيطان للقصر و سار في الممر و هو ينوي ان يتجه لمكتبه و لكنه غير وجهته و صعد السلم حتى وصل للطابق الثالث و قبل ان يكمل صعوده اوقفته خادمة عبد الخالف بندائها
    - سيدنا الشيطان
    التفت و نظر لها ، فأكملت و هي مخفضة الرأس
    - السيد عبد الخالق عايزك
    نقل نظراته لغرفة عبد الخالق و من ثم سار في إتجاه الغرفة و دخلها .
    - كنت عايزني ؟
    قالها الشيطان و هو يجلس على الكرسي الموضوع بجانب سرير عبد الخالق ، فرد الأخير بعتاب
    - اه عايزك ، مش بتسأل عليا و لا بتيجي تشوفني لية ؟ ، هو انا مش جدك ؟
    إبتسم الشيطان و قال بإعتذار
    - اسف ، انشغلت شوية
    رمقة عبد الخالق بضيق قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنه ، فتنهد الشيطان و امسك بيد عبد الخالق و قال
    - معلش بقى انشغلت شوية ، قلبك كبير
    نظر له عبد الخالق و قال
    - لا .. قلبي صغير
    إبتسم الشيطان بصدق ، فأردف عبد الخالق بمرح
    - حلوة الإبتسامة دي
    تلاشت إبتسامته ، فقال عبد الخالق
    - يا رخم
    - صحتك عاملة اية؟
    - كويسة ، انت
    - كويسة
    - باين عليك
    قالها عبد الخالق بغموض ، فقضب الشيطان جبينه و قال
    - قصدك؟
    - مش قصدي
    قالها عبد الخالق و هو يبتسم بخبث ، فنظر له الشيطان بعيون ضيقة و قال
    - عليا!
    - الساعة كام ؟
    قالها عبد الخالق ، فنظر الشيطان في ساعته و هو يقول
    - غير الموضوع ، الساعة اربعة
    - طيب اخرج بقى ، عايز ارتحلي شوية
    - بتطردني؟
    - ايوة ، يلا
    نهض الشيطان و قال
    - ماشي ، بس مقلتليش .. كنت عايز اية مني؟
    - مكنتش عايز حاجة، بس حبيت افكرك ان عندك جد تسأل عليه
    اقترب منه الشيطان و مال حتى وصل لرأسه و قبل جبينه و قال
    - طبعا فاكرك ، عشان انت اللي باقيلي
    إبتسم عبد الخالق بسماحة ، فأبتعد الشيطان و ابتسم له و من ثم غادر الغرفة و إتجه للسلالم و قبل ان يصعدها اتاه اتصال ، فرد
    - سيدنا الشيطان ، رجالة الصفقة الجديدة وصلوا القرية و احنا اهو في الطريق لقصرك يا سيدنا
    قالها الطرف الآخر ، فرد الشيطان
    - ماشي ، مستنيكم
    انهى المكالمة سريعا و نظر للسلالم العلوية لبرهه قبل ان ينزل السلالم ليصل للطابق الرئيسي و يتجه لمكتبه و يدخله .
    ..........................................................
    الساعة السابعة مساءا

    خرج الشيطان من مكتبه بعد ان انهى مقابلته مع رجال الصفقة الجديدة ، و إتجه للسلم و صعده حتى وصل للطابق الأخير و سار من بين الزنزانات حتى توقف امام زنزانة ايمن الذي كان يستعد للخروج
    - شكرا لأنك خرجتني
    قالها ايمن و هو يخرج خارج الزنزانة ، فنظر لها الشيطان بجمود و قال
    - ياريت تتوب عن عمايلك ، و تبعد عن جلال
    - هبعد ، صدقني
    اومأ الشيطان برأسه ، فقال ايمن
    - تقبل اكون واحد من رجالك؟
    - هجربك
    اومأ ايمن برأسه و هو يبتسم و يغادر ، بينما التفت الشيطان و سار بخطوات ثابتة إتجاة زنزانتها و توقف امام الأخيرة و قضب جبينه بإستغراب و هو يقول للحارس
    - فينها؟
    - نقلناها لسجن التعذيب
    التفت الشيطان بسرعة و هتف بحدة
    - نعم؟
    - نفذنا اوامرك يا سيدنا
    - انت مين امرك تعلم كدة
    قالها بصراخ غاضب ، فخاف الحارس و قال بتلعثم
    - انت يا سيدنا ، انت اللي امر...
    قاطعه الشيطان بلكمة قوية وجهها لوجه الحارس الذي سقط على الأرض على اثر اللكمة .
    - حسابك بعدين
    قالها الشيطان بتوعد من بين انفاسه الغاضب و هو يتراجع للخلف و من ثم التفت و ركض في الممر المظلم و صعد السلم الضيق بسرعة و عجلة حتى وصل امام الغرفة الصغيرة ، و مد يده و فك المغلاق الحديدي.. ففُتح الباب و ظهرت هي .
    كانت مستلقيه على الأرض ، تضم قدميها لصدرها و هي ترتجف من البرد و الخوف ، كان وجهها شاحب و عينيها حمراوتين و شفتيها مائله للزرقة و اطراف اصابعها متجمده ، فإتسعت مقلتيه و تقدم منها بخطوات سريعة و جثى على ركبته و هو يهتف بأسمها بقلق
    - ريحانة
    مد كفه لوجهها البارد و ضمه و قال
    - ريحانة .. اصحي ، ريحانة
    لم يجد اي إستجابة منها ، فشعر بالخوف عليها ، فأسرع و حملها بين ذراعيه و نهض بها و سار بها لخارج الغرفة و ما لبث ان توقف و هو ينظر لها بعد ان سمعها تتمتم بشيء لا يفهمه ، حاول ان يفهم ما تقوله ففهم ، فهي كانت تتمتم ب
    - بابا ... ساعدني ،بابا ، انا خايفه
    شعر بالحزن لأجلها و الذنب ، فقربها له اكثر و همس في اذنها بندم
    - انا معاكي .. متخفيش
    ففتحت عينيها بصعوبة بعد قوله و نظرت له و إبتسمت إبتسامة باهتة متعبة و هي تخرج صوتها بصعوبة
    - انت جيت ... يا بيجاد
    بعد ان انهت جملتها المتقطعة سندت رأسها على صدره و اغمضت عينيها و استسلمت لإغمائها . 


    الفصل العشرين 

    بعد ان وضعها على السرير برفق و حذر ، امسك الغطاء و دثر جسدها تحته بعناية و من ثم ابتعد بخطواته المتعجلة و سار للباب و فتحه و قال بعجلة و غضب
    - اتصل بالحكيم و خليه يجي... بسرعة
    انهى جملته و هو في بداية صعوده للسلالم ، وصل للطابق الأخير و سار في ممره بغضب حتى وصل للحارس و امسكه من ياقته بقسوة و هو يهتف بخشونة
    - انت ازاي تتصرف بمزاجك ها ، ازاي تاخدها لسجن التعذيب و انت عارف اني مش بسجن فيه حد ، ازاي
    صرخ بالأخيرة بغضب جامح قبل ان ينقض على الحارس بلكمات قاسية في وجهه و هو يهتف من بينهم
    - كنت هتموتها يا غبي ، كنت هتموتها
    تراخى جسد الحارس و سقط على الأرض و الدماء تسيل من وجهه بغزارة ، فهرع الحارس الآخر و قال بسرعة لينقذ صديقه قبل ان ينقض عليه سيده من جديد
    - السيده عايدة هي اللي قالتلنا اننا ننقلها لهناك ، قالت ان دي اوامرك ، فمش ذنبنا يا سيدنا
    - عايدة! ، عايدة
    قال الأخيرة و هو يكور قبضته بغضب و يضغط عليها بحنق و غضب ، التفت و نزل السلم حتى وصل للطابق الثالث و اتجه لجناح عايده و اقتحمه ، فأنتفضت الأخيرة بفزع من على السرير و هي تهتف بحدة
    - في اية؟ .. دي طريقة حد يدخل فيها على حد !
    انهت جملتها بصرخة ألم عندما جذبها من شعرها بقسوة و هو يقول
    - تعالي هنا يا بنت ال***
    - شعري لا
    قالتها و هي تنظر له برجاء ، فقبض على شعرها بقسوة ، فتأوهت بينما قال بصوت مرتفع غاضب
    - مين اللي قالك انك تأمري حراسي بأنهم ينقلو ريحانة لسجن التعذيب .. ها
    نظرت له بإرتباك بعد قوله و لم ترد ، فهتف بحدة
    - بتتصرفي من نفسك لية ، و بتتصرفي بأسمي لية
    فتحت شفتيها لتجيبه و لكنها لم تستطع إخراج حروفها ، فهتف بنفاذ صبر و غضب جامح
    - ما تردي
    ظلت تنظر له .. لحدقتيه التي تشع غضبا و قسوة ، و من ثم قالت بحنق و إنفعال
    - مالك؟ .. متعصب اوي كدة لية عشان عملت فيها كدة؟ ، مش انت كنت عايز تعذبها فأنا ساعد.....
    قاطعها بصوت مرتفع
    - انا اللي اعذبها مش انتي ، و غير كدة مطلبتش مساعدتك
    نظرت له بغيظ و قالت بصوت مرتفع حانق
    - مطلبتش بس انا من نفسي ساعدتك ، و غير كدة انا مرتكبتش جريمة عشان تزعقلي و تعالمني بالطريقة القاسية دي و عشان مين .. عشانها
    قالت الأخيرة بغضب و حقد و من ثم وضعت يدها على يده الممسكه بشعرها و حاولت تخليص شعرها من قبضته ، و فعلت بعد ان سمح بذلك حيث ترك شعرها و اعاد يده بجانبه ، فعدلت خصلات شعرها و هي ترمقة بغضب و قالت بغضب ممزوج باللوم
    - انت بتعاملني الفترة دي وحش اوي و...
    قاطعها ب
    - و هتشوفي مني اوحش لو مبطلتيش تصرفاتك
    - انا حذرتك
    قالها و هو يرفع سبابته امام وجهها بحذر ، و من ثم إلتفت و غادر ، فجلست على السرير بحنق في حين كانت نظراتها مركزه على الباب قبل ان تلتفت و تمسك بالوسادة و تليقيها في إتجاة الباب و هي تصرخ بغضب و غيظ .
    ..........................................................
    مستلقي جلال على الأريكة و هو ينظر للهاوية بشرود ، كان شارد في قول عايدة عن عبد الخالق ، فهل هو حقا حي؟ .. ولكن كيف ؟ ، هذا الأمر يحيره جدا .. فكيف انقذه الشيطان من الموت .. كيف؟ ، اغمض عينيه و هو يتذكر ما حدث منذ اعوام
    *********************
    هرع جلال لوالده "بهجت" المستلقي على الأرض بين دمائه ، و جثى على ركبتيه و امسك بوجه والده و هو يقول بفزع و خوف على والده
    - بابا .. متروحش ، انا محتاجك
    فتح بهجت عينيه ببطئ و نظر لجلال و قال بصعوبة
    - جلال .. ابني
    - بابا
    - جلال .. اسمعني كويس ، اياك تضيع كل اللي عملته ، عايزك تبقى انا .. عايزك تملك كل حاجة ، القصر و الورث و كل حاجة
    قال بهجت كلماته بتقطع و هو يلتقط انفاسه بصعوبه و بعد ان انهى جملته اصبح يسعل ، فهتف جلال بخوف
    - مش هبقى مكانك لأنك هتعيش
    - لا .. خلاص انا خلصت مهمتي في الحياة دي ، عايزك تكمل مكاني يا ....
    لم يستطع اكمال جملته بسبب سعاله ، فقال جلال بسرعة
    - قولي مين .. مين اللي عمل فيك كدة؟ ، حد قريب منك ؟ .. قولي
    اومأ بهجت برأسه ، و حاول ان يخرج حروفه
    - ع ... ع
    - حرف العين...عبد الخالق؟ .. جدو؟
    نظر له بهجت و قبل ان يجيب على جلال تجصعت عينيه و صعدت روحه للسماء ، فهتف جلال ببكاء
    - لا ، استنى .. قولي مين موتك عشان اخدلك حقك ، قول
    انهى جملته بإحتضان والده و هو يبكي ويقبل رأسه و من ثم مرر اصابعه على وجهه حتى وصل لعينيه و اغلقهما ، و فجأة توقف عن البكاء و تحولت نظراته للغضب و القسوة ، ترك والده و نهض و إتجه لمكتب الأخير و دخله و من ثم تقدم بخطوات سريعة غاضبة حتى وصل للمكتب و فتح احدى ادراجه و اخرج سلاح والده و من ثم إتجه للخارج و هو يحدث نفسه بصوت مرتفع متوعد
    - هموتك يا عبد الخالق هموتك
    ،،،،،،،،،،،،،،،
    وصل جلال لقصر عبد الخالق و اقتحمه بعد ان ضرب الحراس ، و هتف بصوت مرتفع غاضب
    - يا عبد الخالق .. تعلالي .. يا عبد الخالق
    نزل عبد الخالق على السلم و هو يهتف
    - في اية؟ .. اية الدو...
    قاطعه جلال بطلقته النارية من مسدسه في إتجاة عبد الخالق و لكنها لم تصيبه بل مرت بجانبه حتى استقرت في الحائط ، فألتفت عبد الخالق و نظر للحائط بصدمة و فزع و من ثم عاد و نظر لجلال الذي صعد السلم بثلاث خطوات فقط و وصل له ، فأمسكه جلال من سترته و جذبه بقسوة و قال بحدة
    - موته و ارتحت .. موته و خدت بتار بنتك ، موته
    قال الأخيرة بصراخ غاضب ، فهتف عبد الخالق بذهول
    - موته؟ ، موت مين؟
    - انت هتستهبل ، ابويا .. ابويا قتلته و هربت
    - نعم! ، بهجت مات؟
    - اه مات .. و انت موته
    - انت مجنون؟ .. اموته ازاي وان...
    - مش هصدقك
    قالها جلال بصراخ ، و اكمل
    - مفيش حد غيرك يا عبد الخالق يعمل كدة .. انت اللي ليك عداوه معاه
    بعد ان انهى جملته جذبه و اوقفه امامه و قال
    - و كمان .. هو قالي قبل ما يموت انك انت ... انت اللي موته
    قال الأخيرة بقهر و غضب ، و من ثم ركله بقدمه فتدحرج عبد الخالق على السلم حتى استقر جسده على الأرض ، فنزل جلال بعدها و نزل لمستواه و امسك بذقن عبد الخالق و قال بخفوت مخيف
    - انت خدت بتار بنتك ، وانا هاخد بتار ابويا يا عبد الخالق .. هاخده بموتك
    انهى جملته و نهض و تراجع للخلف بخطوتين و توقف و وجهه سباطه المسدس في إتجاهه و قال
    - سلام يا... عبد الخالق
    و ضغط على الزناد فأنتلقت الرصاصة و استقرت في صدر عبد الخالق ، فإبتسم جلال و غادر .
    *********************
    استيقظ من شروده على صوت رنين هاتفه ، التفت برأسه و نظر للهاتف و من ثم مد كفه و التقطه و نظر للشاشة فوجد المتصل عايدة ، فأعتدل سريعا و رد
    - ازاي عايش؟ ازاي انقذه الشيطان؟ ، لية اعلنوا انه مات ؟
    قالها بتساؤل و حيرة بعد ان وضع الهاتف على اذنه مباشرا ، فقالت عايدة بغضب
    - مش وقت اسألتك دلوقتي ، انا متصله بيك عشان اقولك اننا هنفذ الخطة
    - بالسرعة دي!
    - ايوة ، و التنفيذ هيبقى بكرة ، بكرة عايزه عبد الخالق يختفي من القصر
    - لسه مخططتش و مظب..
    قاطعته
    - انا مخططه لكل حاجة ، و هقولك هنعمل اية ، بس لللي عليك انك تظبط مع رجالتك
    - ماشي ، قولي
    - هقول بس قبل ما اقلك على الخطة اياك تدخلني في الموضوع .. ماشي؟
    - ماشي
    ..........................................................
    في جناح الشيطان

    كان الشيطان يقف خلف الحكيم الذي كان يمزج بضع محاليل ببعضها و يضعها في فم ريحانة التي مازالت فاقده الوعي و رفع ذقنها قليلا لكي يساعدها على بلع المحلول ، بعد ان انهى ذلك نهض و التفت للشيطان و قال بهدوء
    - درجة حرارتها اقل من خمسة و تلاتين درجة مئوية و دة يعني ان درجة حرارتها منخفضة ، فأنا لازم الحقها قبل ما تنخفض اكتر ، فأنا اديتها دوة عشان يساعد على رفع درجة حرارة جسمها ، بس محتاج اعمل حاجة.. هتساعدها اكتر
    - قول
    - محتاجيين نغيرلها لبسها كله و بعدين نحطها تحت ميه دافيه لمدة عشر دقايق او ربع ساعة و بعد ما تلبسها تحطها على السرير و تغطيها كويس ، دة هيساعد على ان درجة حرارتها ترجع طبيعيه
    - ماشي ، انا هعمل كدة
    اومأ الحكيم برأسه و قال
    - ماشي .. تسمحلي امشي؟
    اومأ الشيطان برأسه سامحا للحكيم بالمغادرة ، فسار الأخير للباب و غادر ، بينما تقدم الشيطان و سار في إتجاة الحمام ليملأ حوض الأستحمام بالماء الدافئ ، و بعد ان فعل .. خرج و إتجة لها و جلس على السرير بجانبها و نظر لها بهدوء قبل ان يطوقها بذراعيه و يساندها ليرفع جسدها قليلا من على السرير ، و من ثم ترك احدى يديه خلف ظهرها ليسندها و الآخرى امسك بها طرف سترتها و لكنه لم يرفعه بل نظر لها لبرهه و هو يشعر بالتردد ، تنهد بعمق قبل ان ينقل نظراته ليده الممسكه بسترتها و يرفعها ببطئ ، ابعد نظراته عنها و اكمل خلع ملابسها بالكامل و من ثم حملها و نهض و إتجة بها للحمام و دخله حتى توقف امام حوض الإستحمام ، و نظر لوجهها الشاحب لبرهه قبل ان ينقل نظراته للحوض و هو يميل بجسدها و يضعها في الحوض بحذر ، و لكنه ابعدها سريعا عندما شعر بإرتعاش جسدها بين ذراعيه و نظر لها و همس بأسمها عندما رأى حركة جفونها
    - ريحانة
    فتحت عينيها ببطئ ، و نظرت له و لكنها لم تره بوضوح بسبب ان رؤيتها مشوشة ، فأغمضت عينيها مرة آخرى و ما لبثت ان فتحتها عندما شعرت بأن جسدها وضع في ماء دافئ ، فنظرت له و قد وضحت الرؤية لديها و قالت بصوت ضعيف يكاد يسمع
    - بتعمل اية؟
    نظر لها و قال بهدوء
    - بساعدك
    حركت رقبتها بصعوبة و هي تقول
    - اية اللي حص...
    توقفت عن إكمال جملتها حين رأت هيئتها تلك ، فشهقت بفزع و هي تهتف بصوتها الضعيف
    - اية دة .. لا ، لا
    قالت الأخيرة و هي تبدأ في البكاء في حين حاولت ابعاده عنها بحيث انها اصبحت تضربه بقبضتها الضعيفة على صدره بدون توقف ، فتركها رغما عنه فسقطت بداخل الحوض بالكامل ، فأسرع و مد ذراعيه لداخل الحوض و اخرج وجهها، فأصبحت تسعل و هي تلتقط انفاسها بصعوبة ، فهتف بها بحدة بسبب خوفه عليها
    - انتي غبية ، كدة هتأذي نفسك
    نظرت له و اصبحت تبكي اكثر و هي تقول بتقطع و صوت باكي
    - انت بتعمل فيا كدة لية ، حرام عليك ، حرام
    - مش هأذيكي ... صدقيني
    وضعت ذراعيها حولها لتغطي جسدها بقدر استطاعتها و هي تبكي و فجأة توقفت و نظرت له و قالت من بين انفاسها التي تستنشقها بصعوبة
    - ه .. هيغمى عل...يا
    انهت جملتها و فقدت الوعي ، فأمسكها بإحكام و ترك جسدها في الماء الدافئ لمدة قاربت العشر دقائق ، و من ثم حملها و خرج بها للجناح و وضعها على السرير و من ثم تركها و ركض للخزانة و اخرج منها منشفة كبيرة و ملابس لها و عاد لها و بدأ في تجفيف جسدها و إلباسها ملابسها ، بعد ان انهى ذلك .. حملها و التف حول السرير و وضعها في مكان نومه حيث كان جزئه من السرير جاف و ليس مبلل ، وضع الغطاء على جسدها بإحكام و جلس بجانبها و هو ينظر لها بعمق و نظرة غريبة تجتاح عينيه ، نظرة ألم .. ندم .. شفقة .. حنان ، ظل ينظر لها لوهلة قبل ان ينهض فجأة و يتجة للباب و يقف امامها لبرهه قبل ان يضربه بقبضته بغضب و هو يهتف لنفسه بضيق و ضياع
    - لية؟ .. لية حاسس بكدة لية
    التف حول نفسه و هو يمرر انامله بين خصلات شعره بحدة قبل ان يفتح باب الجناح و يغادر ، و اثناء سيره في الممر قابل زهرة و امرها بأن تعتني بريحانة عقب ما يعود .
    ..........................................................
    وصل ايمن لقصر والده " عز الدين " و دخله ، فأستقبله عز الدين مرحبا به حيث احتضنه بقوة و هو يقول
    - حمدالله على سلامتك يا ابني
    - الله يسلمك يا بابا
    - فرحان انك خرجت من السجن ، نورت القصر يا ايمن
    ابتعد ايمن عن حضن والده و قال
    - و انا فرحان يا بابا ، بابا
    قال الأخيرة و هو يمسك يد والده و يكمل
    - عايزك تسامحني على اللي عملته ، انا اسف
    - مسامحك ، بس متكررهاش تاني ، و تبعد عن طريق جلال
    - هبعد ، انا تبت خلاص .. انا دلوقتي بقيت من رجالة الشيطان
    إبتسم عز الدين برضا و قال
    - اخيرا بقيت في صف الشخص الصح ، دلوقتي لو مت هبقى مطمن
    - بعيد الشر عنك يا حج عز الدين
    - حج!
    قالها عز الدين بإستنكار ، و اكمل
    - انا مش حج يا ولد ، دة انا لسه في عز شبابي
    - باين
    قالها ايمن بمزاح ، فضربه عز الدين على كتفه بمزاح فتألم ايمن و قال
    - ايدك تقيله ، و جسمي مش مستحمل
    - تستاهل ، عشان تحرم تقول لأبوك حج
    - ماشي يا برنس ، دي حلوة؟
    - امشي يا ايمن ، امشي
    قالها عز الدين بحدة مصتنعة ، فإبتسم ايمن و قال و هو يتجه للسلم
    - انا اصلا كنت ماشي و طالع لأوضتي ، جسمي واجعني و محتاج ارتاح ، سلام يا حج
    قال جملته و فر هاربا لفوق ، فضحك عز الدين و إتجة لمكتبه و هو ينوي أن يتصل بالشيطان.
    ..........................................................
    دخل الشيطان مكتبه و سار في إتجاة الحائط -في الجانب الأيمن- و وقف امام السيتارة الذي ابعدها بيده ..فظهر الباب ، ففتحه و دخل و اغلق الباب خلفه ، تقدم للداخل من بين ذلك الظلام حتى جلس على السرير و مد يده للحائط و اشعل ضوء خافت بجانبه و من ثم مال قليلا و سند مرفقيه على فخذيه و اسند ذقنه على كفيه المتشابكيين و اصبح يفكر في كل شيء حدث منذ دخولها لحياته ، في البداية جلال ادخلها لحياته و من ثم هو الذي جعلها تبقى في حياته على خطة انه سينتقم من جلال بها و من ثم ظلت هي باقيه في حياته ، هو يعلم الآن انه اخطأ عندما جعلها تظل في قصره .. بجانبه ، فالعواقب اصبح يراها الآن ، عاد للخلف بظهره حتى اسنده على السرير و اصبح ينظر للهاوية و فجأة اظلمت عينيه عندما تذكر والدته و ماضيه فجأة و بدون سبب ، فقط قفزت في مخيلته صورتها عندما كانت تحترق ، و صوت صريخها يتعالى في اذنيه ، فأنتفض من مكانه و هو يضع كفيه على اذنه بقوة و يقول و هو يلهث
    - كفاية ، كفاية
    توقف الصوت عن التردد في اذنه فأبعد كفيه من عليها و هو ينظر حوله في حين جثى على ركبتيه و مد ذراعه و التقط صورة والدته و وضعها امامه و هو ممسك بها و اصبح يحدثها بحدة و عتاب و تأثر
    - بقيت شيطان بسببك ، مش قادر استمتع بحياتي ، مش قادر احب .. بقيت مربوط بالماضي و بالأنتقام ، دة مريحك! ....
    توقف لبرهة و هو يتذكر كلمات عبد الخالق الذي قالها له سابقا
    " - الغلط مش على امك بس و عليهم ، الغلط عليك انت كمان ، عشان هما غيروك و انت ساعدهم على كدة ، و كمان انت إنسان عندك قلب بس انت اللي موقفه عن انه يعمل شغله الطبيعي ، خليه يحس.. يميل .. و يحب ، متخليش الأنتقام و الماضي يمتلكك لآخر ذرة إنسانية فيك . "
    - هعمل اللي بتقول عليه بس مش دلوقتي ، هعمله بعد ما اخلص انتقامي .. و انتقامي هيخلص بآخر روح هاخدها و اللي فضلالي هي .. روح جلال
    قال الشيطان كلماته بإصرار و جمود ، و من ثم نهض و ترك صورة والدته على الأرض و سار بخطوات ثابتة للباب و خرج و إتجة لباب غرفة مكتبه و لكنه توقف في المنتصف عندما سمع صوت رنين هاتفه فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة فوجد المتصل " عز الدين " فأجاب .
    ،،،،،،،،،،،،،،
    بعد مرور بعض الوقت

    دخل الشيطان جناحه بهدوء فوجد زهرة جالسة مع ريحانة و هي تحاول إطعامها ، و لكن ريحانة لا تأكل ، فأقترب منهم و هو ينظر لريحانة الذي كان يبدو على ملامحها التعب و الضعف و الهزلان ، توقف بجانب السرير و هو يقول
    - مش عايزه تاكل؟
    التفتت زهرة و نهضت إحتراما له و قالت
    - كويس انك جيت يا سيدنا ، اصل الانسه ريحانة مش عايزة تاكل برغم محاولاتي بس هي رافضة ، هي محتاجة تاكل اكل فيه فيتامينات عشان تسترجع جزء من قوتها ،اصلها مش قادره تمسك معلقة حتى ، اعصابها سايبه خالص
    - خلاص ، انا هتصرف .. تقدري ترجعي لشغلك
    اومأت زهرة برأسها و غادرت ، بينما اقترب الشيطان من ريحانة و جلس بجانبها و هو يحمل الصينية ، فنظرت له بعيون متعبة و هي تقول بصوت ضعيف جدا
    - مش عايزه اكل .. لوسمحت
    - مش بمزاجك
    قالها و هو يضع الملعقة في الحساء ، فأشاحت وجهها للناحية الآخرى و هي تغمض عينيها بتعب ، فرفع نظراته لها و مد يده الممسكة بالملعقة و قربها من فمها حتى لمسه ، ففتحت عينيها بضيق و نظرت له بطرف عينيها ، فنظر لها بصرامة ، فتنهدت و فتحت فمها فأدخل الملعقة في فمها و اخرجها لتبلع الحساء ، و من ثم عاد و كرر ما فعله ، فنظرت له و قالت برجاء
    - مش قادره ، هرجع .. كفاية
    نظر لها و قال
    - بس انتي لازم تاكلي
    صمتت و هي تمسح فمها بظهر كفها في حين كانت تنظر له بتعمق قبل ان تقول بتساؤل
    - بتساعدني لية؟ ، مش انت عايز تنتقم مني و تعذبني ، سبني عيانه لغاية ما اموت
    - لسه .. انا ملحقتش اعذبك عشان تموتي بالسرعة دي
    نظرت له بحزن و ضعف و همست
    - كلامك كافي لتعذيبي
    تبادلوا النظرات لدقائق قبل ان ينقل نظراته للطبق و يكمل إطعامها .. عنوة .
    ..........................................................
    بعد منتصف الليل
    خرجت عايدة من جناحها و هي تسير على اطراف اصابعها بحذر و بطئ حتى وصلت لغرفة عبد الخالق ..و دخلتها ، توقفت امام سريره و نظرت له بشر قبل ان تتقدم منه و هي تخرج من جيبها إبرة ، توقفت بجانبة مباشرا و اقتربت من اذنه و همست
    - اسفة على الأزعاج بس محتاجاك ليومين كدة
    إبتسمت إبتسامة جانبية و هي تضع الإبرة في ذراعه و اكملت
    - نومة هنية يا عبد الخالق
    ابتعدت عنه و سارت في إتجاة باب الغرفة و خرجت و عادت لجناحها و فور دخولها للجناح ..التقطت هاتفها و اتصلت بجلال الذي اجاب سريعا
    - مهمتي تمت ، دروك
    قالت جملته و اغلقت الخط و من ثم القت بجسدها على السرير و هي تتنهد براحة و إستمتاع .
    ..........................................................
    اشرقت شمس يوم جديد

    فتحت ريحانة عينيها ببطئ و هي ترفع كفها لجبينها فتشعر بتلك القماشة الموضوعة على جبينها فأمستكها و نظرت لها و من ثم نقلت نظراتها حولها ، فوجدت الجناح هادئ ، فأعتدلت قليلا و نادت بصوت ضعيف نسبيا
    - بيجاد
    لا يجيب ، فنهضت و اتت ان تتجة للحمام و لكنها توقفت و إلتفتت لإتجاة باب الجناح عندما سمعت صوته العالي الغاضب ، فتقدمت و وقفت خلف الباب لبرهة و هي تستمع لما يقول .
    بينما في الناحية الآخرى.. كان الشيطان يصرخ بالحراس و الخادمة بسبب اختفاء عبد الخالق من القصر بأكمله
    - انتوا بهايم.. ازاي اختفى ؟ ، يعني كل الحراس اللي جايبهم نايميين على ودانهم ، مش حاسيين
    اخفض الحراس رؤسهم بإحراج و صمتوا ، بينما تقدم الشيطان من خادمة عبد الخالق الخاصة و قال بهدوء
    - مين آخر واحد دخله إمبارح ؟
    - محدش دخله من بعدك يا سيدنا
    - و انتي سايباه بليل لوحده لية؟ مش انتي الخادمة بتاعته يعني لازم تكون معاه اربعة و عشرين ساعة و لا اية
    قالها بحدة ، فقالت الخادمة بصوت مرتجف
    - ايوة انا خدامته بس السيد عبد الخالق مش بيحب حد يحرسه بليل و...
    قاطعها بصوته الأجش الغاضب و هو يلتفت للحلراس و يأمرهم ب
    - تدوروا عليه .. تجيبهولي من تحت الأرض ، لازم تلاقوه ... سليم
    بعد ان انهى جملته تعالى صوت رنين هاتفه ، فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة فوجد المتصل رقم بدون اسم ، فرد
    - الو
    قالها الشيطان من بين انفاسه الغاضبة ، فرد الطرف الآخر بطريقة مستفزة
    - مالك؟ ، بدور على عبد الخالق؟ ، مدورش عليه ، عشان هو معايا و مش هتلاقيه حتى لو شقيت الأرض
    - جلال يا ....
    قالها الشيطان بغضب مكبوت بعد ان تعرف على صوت الآخر ، فقاطعة جلال بطريقة مستفزة
    - متتعصبش بس ، العصبية مش هتوصلنا لإتفاق
    - عرفت منين انه عايش؟
    - مش مهم عرفت منين ، المهم .. عايز عبد الخالق؟ ، يبقى تديني ريحانة و اديك عبد الخالق
    - لا
    - مش بمزاجك
    قالها جلال بحدة و اكمل
    - ريحانة تخصني فأنت هترجعها و إلا .. قول مع السلامة لجدك الحبيب .. للنهاية لأني مش هسمح انك تنقذه تاني من الموت
    - صدقني لو حصله حاجة لهدفنك في مكانك
    قالها الشيطان بتوعد و غضب ، فرد جلال ببرود
    - انت اللي هتتحكم في دة ، ان هيحصله حاجة و لا لا
    - هستنى قرارك ... خلال يوم ، سلام
    قالها جلال قبل ان ينهي المكالمة ، فأبعد الشيطان الهاتف من على اذنه و هو يضغط عليه بقبضته بحنق و غضب في حين كان ينقل نظراته لإتجاة جناح عايدة و هو يصرخ بحراسه
    - روحوا دوروا عليه ، واقفين لية
    اسرع الحراس و غادروا لينفذوا اوامر سيدهم ، بينما إتجة الشيطان لجناح عايدة و اقتحمة ، فأنتفضت في مكانها بفزع
    - في اية؟
    قالتها بفزع مصتنع فهي كانت متأكدة انه سيأتي لها ، توقف امامها و قال بحدة
    - انتي اللي قلتي لجلال ان عبد الخالق عايش ، صح ؟
    - انا!
    قالتها بذهول مصتنع و من ثم صرخت عندما جذبها من شعرها و انهضها و هو يقول بغضب
    - مش عايزك تلعبيلي دور البريئة اللي معملتش حاجة ، قولي .. أنتي اللي عرفتيه ؟
    - لا
    - برضوا بتكدبي
    قالها و هو ينظر لها بغضب و شر ، فقالت بهدوء
    - لية شاكك فيا انا بذات؟
    - عشان انتي الوحيدة اللي تعرفي انه عايش و انتي اللي ليكي مصلحة في كدة
    - لا ، ظنك خاطئ ، مش انا اللي ليا مصلحة في دة ، دي عشيقتك اللي ليها مصلحة في دة
    - ريحانة!
    قالها بإستغراب ، فأكملت بخبث
    - ايوة .. ريحانة ، هي عارفه ان جدو عايش لأنها كانت بتيجي تقعد معاه بدون ما حد يحس بيها ، فأكيد راحت قالت لجلال انه عايش ، يعني هي اللي ورا اللي بيحصل
    ترك شعرها و ابتعد عنها و إتجة للباب و هو يقول بتوعد
    - صدقيني ، لو طلع كلامك كدب هيبقى اخر يوم ليكي في القصر دة ، و لو كنتي انتي اللي ورا اللي حصل و بتتهميها عشان تنقذي نفسك ... يبقى ودعي روحك
    انهى جملته و غادر الجناح ، فجلست عايدة على سريرها و هي تبتسم إبتسامة خبيثة منتصرة
    ،،،،،،،،،،،،،،،،
    كانت ريحانة جالسة على الأريكة شاردة قلقة خاصا بعد ان علمت بأن عبد الخالق اختطف و الذي خطفة .. جلال فمن المؤكد ان الشيطان سيشك بها ، مسحت وجهها بكفها و هي تحدث نفسها
    - لية عملت كدة يا جلال .. لية؟
    انتفضت ريحانة من مكانها عندما اقتحم الشيطان الجناح ، شعرت بالخوف و الرعب عندما رأته يتقدم منها بخطوات سريعة غاضبة و عينيه تشع شرا و غضبا بجانب ظلامهما ، فتمتمت بتقطع قبل ان يصل إليها
    - مش انا
    امسكها من ذراعها بقوة و قال
    - صحيح اللي سمعته ، انتي اللي عرفتي جلال ان...
    قاطعته بصدق
    - لا ، و الله مش انا .. أنا مقلتلهوش حاجة عن جدو عبد الخالق
    حدق في حدقتيها فشعر بصدقها ، فترك ذراعها و ظل صامتا و هو ينظر لها ، فقالت
    - حقك انك تشك فيا لأني كنت جاسوسة لجلال بس والله .. و الله انا مقلتش اي حاجة لجلال عنه و لا لمحتله عن جدو عبد الخالق ابدا
    انهت جملتها و صمتت و هي تنظر لحدقتيه فشعرت بتردده في تصديقها ، فتنهدت و قالت بهدوء
    - انا عمري ما هعمل كدة في جدو ، انا مش هعض ايد الشخص اللي مدهالي و اللي حسسني بالحنان ، انا كنت بعتبره زي ابويا .. فأزاي هأذية ؟
    - هحاول اصدقك
    - يعني انت مش مصدقني
    قالتها بحزن ، فنظر لها بجمود و قال
    - تعرفي لية جلال خطفه؟
    هزت رأسها بعدم المعرفة ، فقال
    - عشان عايزك ، عايز يرجعك ليه ، فخطفه عشان يساومني
    - يعني عمل كدة عشاني !
    قالتها بذهول ، فنظر لها بتعمق و قال بتهكم
    - مبسوطة؟
    - لا طبعا
    قالتها بنفور ، فقال بطريقة مستفزة
    - لية مش مبسوطه ، المفروض تكون طايرة من الفرح لأنك هترجعي لحبيبك
    - جلال مش حبيبي
    قالتها بجدية و ضيق ، فقال ببرود
    - جوزك
    - مش بعتبره كدة
    اتى ان يضيف شيء و لكنها سبقته بقولها الحاد
    - انا مش بعتبر جلال اي حاجة من اللي انت بتفكير فيها ، ماشي
    - يعني حاجة اعمق من كدة !
    - انت لغاية دلوقتي مش شايف ولا فاهم؟
    قالتها بتساؤل و خيبة ، فتقدم منها و قال
    - لا شايف و لا فاهم
    تقدمت منه بخطوة و قالت بخفوت
    - يعني عايزني افهمك ؟
    نظر له لبرهه قبل ان يتراجع للخلف بخطوتين و هو يقول
    - مش عايز
    و من ثم التفت و سار في إتجاة الباب و وقف قبل ان يصل للأخير و التفت و نظر لها بجمود و هو يقول
    - هشيلك انتي الذنب لو حصله حاجة يا ريحانة
    انهى جملته و غادر
    ..........................................................
    في احدى الأماكن المهجورة

    - ازيك يا جدو ، وحشتني
    قالها جلال بإبتسامة مصتنعة و هو ينظر لعبد الخالق الذي اجسوه على الأرض و اسندوا ظهره على الحائط ، فنظر له عبد الخالق بإستحقار ، فقال جلال
    - بقالنا سنين مشفناش بعض ، موحشتكش؟
    - لا
    قالها عبد الخالق ب كرة ، فقال جلال
    - بس انت وحشتني يا جدو ، دة انا مصدقتش لما سمعت انك عايش ، اصل انا مكنتش اتوقع انك هتكون عايش ل لحظة دي ، خاصا بعد اخر مقابلة بينا
    - اها و خاطفني دلوقتي عشان تاخد بتارك اللي متمش؟
    - تؤ تؤ ، بتاري خده ليا الزمان و القدر ، انت مش شايف حالتك؟
    قال الأخيرة بسخرية و شماتة ، فتجاهل عبد الخالق سخريته و قال
    - امال؟
    - هساومك
    - هتساومني
    - حبيبتي عند الشيطان في القصر ، فأنا عايز ارجعها فمش هعرف ارجعها ليا إلا بالطريقة دي
    - حبيبتك ريحانة ، صح؟
    - ايوة ، تعرفها؟
    - ايوة اعرفها ، و هي قالتلي على كل حاجة
    - قالتلك على كل حاجة! ، زي اية؟
    نظر له عبد الخالق بإستحقار ، فقال جلال بحدة
    - قالتلك اية؟
    - قالتلي على كل عمايلك السودة معاها و خداعك ليها و حقيقتك
    - نعم؟
    قالها جلال بصدمة و اكمل
    - خداعي؟ ، حقيقتي؟ ، قالتلك اية؟
    - انت استغليتها و استغليت ضعفها ، انت ازاي جالك قلب تخدعها بالطريقة دي و ازاي تموت ابنها و ابنك؟
    إتسعت مقلتي جلال بصدمة و هو يتمتم
    - ابني و ابنها؟ ، ريحانة عرف...
    قاطعه عبد الخالق
    - عرفت .. عرفت كل حاجة و احب اقولك انها كرهتك و اتخلت عن حبك ، انت خسرتها خلاص
    نظر له عبد الخالق بإستحقار وشفقة و هو يكمل
    - انت طلعت نسخة تانيه من بهجت ، زعلان عليك بجد
    نظر له جلال نظرة عابرة قبل ان يلتفت و يغادر الغرفة بسرعة و هو يكاد يفقد صوابه ، من اين علمت ريحانة بحقيقته؟ و منذ متى؟
    ..........................................................
    بدأ الظلام يسدل ستائره

    دخل الشيطان قصره و هو يشعر بالغضب و الإحباط في آن واحد ، سار في الممر و توقف عندما ناداه احدى حراسه
    - سيدنا
    فنظر له الشيطان ، فأكمل الحارس
    - السيدة ريحانة
    - مالها؟
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    وصل الشيطان للطابق الأخير و إتجة للزنزانة التي بداخلها ريحانة و توقف امام الزنزانة و قال بصوته الأجش
    - بتعملي اية هنا؟
    رفعت رأسها و نظرت له و قالت
    - دة مكاني
    رفع حاجبية و قال بعدم فهم
    - نعم !
    أقترب الحارس و فتح باب الزنزانة فدخل الشيطان للداخل ، بينما قالت
    - لقيته؟
    - لا
    اخفضت رأسها و قالت
    - اسفة
    نظر لها لبرهة قبل ان يبعد نظراته عنها و هو يقول
    - قومي
    - انا بجد اسفة ، لأن كل اللي حصل دة بسببي
    - قومي
    - سلمني ليه عشان يرجع جدو سليم
    التفت برأسه و نظر لها بحدة قبل ان ينزل لمستواها و يمسك ذقنها بقسوة و هو يقول بحدة
    - انتي عايزه توصلي لكدة صح؟ ، عايزاني ارجعك ليه .. بس انا مش هرجعك ليه يا ريحانة ، هعذبك و هخليكي جمبي
    نظرت له لبرهه قبل ان تقول بخفوت صادق
    - ايوة ، عذبني و خليني جمبك
    قضب حاجبيه و هو يحدق بها بإستغراب قبل ان ينهض و ينهضها معه من ذراعها و يسحبها خلفه لخارج الزنزانة و هو يقول
    - لو مبطلتيش حركاتك دي صدقيني هتزعلي
    نظرت لنصف وجهه و إبتسمت و قالت ببرائة مصتنعة
    - حركات اية؟
    توقف قبل ان ينزل السلم و التفت و نظر لها و قال
    - مش عارفه؟
    - لا
    قالتها بخبث ، فرمقها ببرود قبل ان يلتفت و ينزل السلالم و هو ممسك بكفها ، وصلوا للطابق الثاني و ساروا في ممره حتى وصلوا امام جناحه و دخلوه .
    - انت بجد مش فاهم و لا حاسس ؟
    قالتها و هي تقف و تسحب ذراعه معها ، فتوقف و التفت و نظر لها ، فأقتربت منه و هي مازلت ممسكه بكفه
    - شكل فهمك بطئ في الحاجات دي
    قالتها بمزاح و هي تبتسم ، و من ثم اقتربت منه اكثر و وقفت على اطراف اصابعها و همست امام شفتيه و هي تنظر لحدقتيه بحب
    - انا ... بحبك
     

    إرسال تعليق

    أحدث أقدم

    نموذج الاتصال