لم يتم العثور على أي نتائج

    دقات محرمة (13)


    "دقات محرمة – الفصل التاسع والعشرون- كان يتخبط أمامها بفقدان سيطرة تامة، يضرب رأسه في الحائط تارة وتارة أخرى يشد شعره وكأنه سيقتلعه, عينيه تدور في كل مكان بغير تصديق يردد بجنون: ""لقد نجا !، كيف نجا؟، مازال على قيد الحياة لقد حرصت أن اؤجر أخطر المجرمين للعبث في سيارته وأكد لي إنه من المستحيل أن يخرج منها حياً"" صرخ بغل وهو يضرب على صدره يراقب عينيها تبرق بشراسة وحقد مثله: ""لقد خسرت كل شيء، كل ما عشت أعتقد إني أسيطر عليه، ضاع والسبب من؟، الحقير ابن أخي""، اقترب منها يمسك عضديها بشراسة لأول مرة في تاريخه الطويل معها يهدر بها ويهزها بعنف: ""وأنت, أنتِ السبب من البداية، كيف كنت غافلا عن أنكِ سبب مصابي، أن قذارتك الصغيرة ستكون أخر هلاكي والسبب في هلاك ابني"" رفعت يديها تزيحه عنها بعنف مماثل له وهي تحاول أن تفلت من حصاره لها، لم يعاملها من قبل قط هكذا دائماً يعمل لها ألف حساب تخلصت منه بصعوبة تصرخ بجنون: ""هل جننت وفقدت عقلك؟، تتجرأ عليّ بدل أن تنعي خيبتك وفشلك حتى أمر بسيط كهذا لم تستطع أن تنجح فيه"" اقتربت هي منه هذه المرة تمسكه من تلابيبه لتكمل صراخها: ""لم تستمع إلى نصيحتي فتصرفت بعشوائية قاصدًا أن تنهي حياته قبل أن يثبت زواجه منها"" عينيها بحمرتها المميزة عند الغضب كانت تشتعل بغل وكره له , لم تحبه يوماً حاولت ولكنها لم تستطع لم يعطيها ما تريد، كان ضعيفا، شبه رجل لم يمنحها الدفء الرجولي الذي كانت تحتاجه يوماً، كان هشا ضعيفا إن صح القول ""كلب مطيع"" وعندما انتفض لنفسه لغرض له بعد أن جرده ابن أخيه من كل شيء تحجج كذباً بأنه يريد الانتقام لأولاده منه ,كلبها المطيع وزوجها أراد أن يقتل إيهاب قبل أن يتزوج ابنتها رسمياً للانتقام منها هي الأخرى فريال بعد أن علم منها بحمل مريم بتوأمين ورفضها القاطع بإجهاض طفليها ؛ بدون لحظة تردد بتقزز واشمئزاز منه رفعت يدها وصفعته وكأنها تنتقم لأنوثتها التي دفنتها معه، ارتضت به انتقاماً من الجميع وربما من نفسها , من ياسر الذي لم تحسبها معه جيداً ليرميها كأي رخيصة عند أول مواجهة ويختر الأخرى , بحقد ونار يتقد في صدرها ليتها تستطيع أن تدخل كل بيت مستقر وتدمره ليصبح الجميع متساوي معها ولا أحد يحصل على السعادة يوماً مثلها , الصفعة كان رد فعلها منه صفعة مماثلة، أخرى وأخرى كأنه لم يكتفِ .. غل في نفسه كيف أحبها؟، كان معمي البصيرة بعد أن عشقها بقيدها الذي لم يتخلص منه صرخت وهي تقاومه بقامتها القصيرة كانت تحاول الإفلات من بين يديه وتبادله كل صفعة بأخرى. صاح بوحشية وهو يحاول السيطرة عليها: ""إن فشلت في قتله سأقتلك أنت وعاهرتكِ الصغيرة لن أيأس ولن أتراجع لحظة، لن تحصلي على شيء فريال سوف استعيد كل أموالي منك"" عندما إزاحته مرة أخرى، استسلم لعنف يديها ليتراجع يجلس على الأريكة بإنهاك لم تتزحزح هي مثله عيناها ولا مرة منذ عشرون عام كانت تذرف الدموع ببطء , إهانة ما حدث إهانة لكبريائهم الذي لم يشفى أبداً لقد ظنت أنها ربحت وداوت كبريائها الأنثوي عندما باع كل شيء واختارها هي لكن الحقيقة وبدون مواربة لقد خسرت, لم يكن التعويض الجيد لم يشفي كرامتها المهدورة بل كان أشبه بلعبة بيديها. لقد خسرت رغم حربها الطويلة التي لم تهدأ. فعادت ابنتها لياسر وتنادي غريمتها أمي وجعلها من كانت تضمر له كل شر دائماً مماثلة لها، أخبرت لنفسها وهى تغمض عينيها، لا لم يجعلها مثلها لقد أحبها ودافع عنها وتمسك بها حتى ابنتها وجدت من يمنحها من عطفه ويحيطها بفيض رجولي , الجميع إلا هي... ! الطرق العنيف على المنزل جعل كل منهما تتيقظ كل حواسه. لم يقم أحدهما من مكانه عندما فاجأهم دخول الخادمة المتوترة من باب الغرفة وخلفها رجال الشرطة بزيهم الأسود المميز. خاطبهما أحدهم: ""السيد حسين زيدان؟"" عم الصمت والرعب ليتمكن منه فيحاول جاهداً ألا يبديه؛ سيتمسك بإنكار أنه يعرف لماذا هم هنا؟. نطق بصوت حاول أن يجعله هادئا بعد ما تبادله هو وفريال ولا يجعل الجزع يتمكن منه حتى لا يكتشفه الشرطي : ""نعم، أنا هو، ماذا هناك وكيف تقتحم بيتي هكذا ؟"" اقترب الشرطي سريعاً يشده ليستقيم، ليديره سريعاً وهو يأخذ ذراعيه الى وراء ظهره وهو يقول بعملية: ""السيد حسين زيدان، أنت متهم بمحاولة قتل السيد إيهاب فواز زيدان"" أعقبه بأن تلا عليه القانون ببرود تام وهو يزيحه أمامه لخارج المنزل: ""بحسب ما تنص عليه قوانين الولايات المتحدة الأمريكية لك الحق في الصمت والحديث أمام محاميك الخاص، كل كلمة سوف تتحدث بها سوف تسجل وتتخذ ضدك"" حاول أن يتملص منه و يدافع عن نفسه ليردف الضابط له بصرامة: ""أي مقاومة وعنف منك سوف نقابله بالمثل ونفتح عليك الرصاص بدون تردد"" وقفت فريال مبهوتة ترقب بصمت ما يحدث بعدم تصديق. لم يستغرق الأمر لحظات ليأتي أحد الضباط من شعبة أخرى يخبرها وهو يكبل يديها وهى مستسلمة لما يفعل، يخبرها بالمثل: ""السيدة فريال زيدان حسب الأدلة والمستندات المقدمة ضدك أنت متهمة بالتهرب الضريبي والتلاعب بأوراق عملك الخاص وتقديم أوراق مزورة لكل أرباحك ورصيدك البنكي"" لم تتفوه بكلمة وهي ترى كل ما سعت له خلال سنوات ينهار بلحظة، بتهور واحد وخطوة غير محسوبة وافقت حسين عليها ليضيع منها كل شيء في لمح البصر. ************** أغلق حاسوبه بيد ثابتة بعد أن تحدث مع محاميه والمحقق الذي يتابع قضيته المرفوعة ضد عمه، لقد تم إلقاء القبض عليه منذ ثلاثة أيام وتم التحقيق في الأوراق التي كان يمسكها على فريال وتدينها للتهرب الضريبي، يعلم أن أكثر ما تكرهه الحكومة الأمريكية الكذب وسرقه الأموال من الدولة بدون حق؛ هذا سيكلف فريال كل شيء تملكه , كان يشعر بالإنتشاء رغماً عنه يشعر بنصر لنفسه وللضحايا الذي خلفهم عمه من وراء أفعاله على مدار سنوات رغم الشعور الصغير المقيت المكره بداخله بأنه عمه وكان يجب أن يمنحه الغفران والمسامحة ولكن هل كان سوف يعطيها له حسّين أو يتراجع عن أذيته؟ كان يجب أن يحمي عائلته منهم يعلم جيداً أن عمه طالما أقدم على محاولة قتله لن يتورع للحظة أن يفعلها مرة أخرى ويؤذيه في عائلته الصغيرة زوجته وطفليه , طرقٌ متردد على باب غرفته أنبأه بوصول زائرة، بهدوء وهو يتخلص من كل شعور صغير بالندم إليه. أزاح الستارة جانباً ليعتدل في جلسته التي استطاع الآن أن يحصل عليها بدون مساعدة من أحد جرحه كان يبرأ ببطء قليلاً ولكنه استعاد بعض من قواه على مدار الأيام السابقة مرت العشرة أيام التي اخبرهم بها الطبيب ولكنه لم يُسمح له بالمغادرة بعد. سمح للطارق بالدخول، ليفتح الباب ويطل منه آخر وجه يتوقعه, لم تزره مرة واحدة حتى بعد أن أخبروه أنها من تبرعت له بالدماء وما قالته له مريم عن وقوفها بجانبها في مرضه واحتوائها لها بل وطلب الغفران منها ربما فاجأه الأمر قليلاً ولكنه لم يستغربه مثلهم كان يعلم دائماً أن بداخل إسراء معدن جيد وروح طيبة مثل والدتها الراحلة ولكن أفعالها التي كانت تبديها كانت تجبره أن يفكر أنها مثلهما فريال وأمه ؛ ضحية أخرى من ضحاياه ربما لم يؤذيها كما آذته ولكنه ظلمها فقط لو كان يعلم بحب مراد لها، بعشقه الذي عرف عذابه وجربه بنفسه عندما كاد أن يفقد حبيبته من بين يديه لما كان أقدم على الزواج منها ولا الاقتراب ربما كان ساعدها أن تفهم نفسها وساعد زوجها الغبي للاقتراب من إسراء حينها, فهي لم تكن يوماً له ولم يقدم على الزواج منها إلا لحمايتها من أي زلة قد تقع بها ولعدم تفكك العائلة , مع ترقبه لترددها في الدخول ومازالت تقف على باب الغرفه وعينيها التي تنظر لكل مكان ما عداه. أمرها بحزم: ""ادخلي إسراء "" بنفس وتيرة ترددها دخلت بصمت اقتربت من المقعد القريب من فراشه دقائق مرت لم تنطق بكلمة واحدة. ليتولى هو مخاطبتها بعتاب قاصدًا به أن يزيح كل توتر بينهما فيما مضى لقد تسامح داخلياً مع نفسه ومع من كانوا في رعايته، هو إسراء ومريم طفلتيه اللتان لم ينجبهما ولكن يعلم جيداً أنه لولا وجوده لكانتا تاهتا وضاعتا للأبد، كم أخطأ في حق الاثنتين، أكثر من تجنى عليهما، مريم وإسراء؛ ربما إسراء أنقذت نفسها ووجدت طريقها وما فعلته بدون قصد في الماضي جعله ساخطا عليها ولكن الآن مع ضعفها البادي لا يشعر نحوها إلا بالشفقة. جرحها القديم له لن يتخلص منه يوماً طعنة رجولته منها لم تكن سهلة ولكنه قرر منحها السلام إن كان هذا ما تسعى إليه: ""هل تذكرتني الآن؟، توقعت قدومكِ في وقت أبكر قليلاً"" احمر وجهها وكأنها تحاول كبت بكاء على وشك أن تنهار به و تمتمت بخفوت: ""الحمد لله على سلامتك، آسفة لتأخري ولكن لم أستطع مواجهتك مريم ومراد كانوا يخبرونني بتحسنك "" هز رأسه بتفهم لها وهو يقول: ""لا عليكِ وأشكركِ للوقوف بجانبي وبجانب مريم اني ممتن لكِ"" لقد علمت بأن ما حدث، تسبب به والدها بعد أن تحدثت معها صديقتها (شايا) تستفسر منها عن حقيقة ما يحدث، لقد نشر الأمر في مدينتهم (رالي) بسرعة البرق رجل الأعمال العربي الذي حاول أن يقتل ابن أخيه طمعاً في أمواله، أغمضت عينيها تسمح لدموعها بالانفجار لولا وجود أحضان مراد المفتوحه لها دائماً لكانت ماتت كمداً , ما يحدث كثير على استيعابها, على تحملها لم كل هذا الحقد والغل والشر بينهم؟ القتل .. وصلت بِه للقتل؟ تحرك من استلقائه يجلس على طرف السرير يضع يديه بجانبه يواجهها لقد اخبره مراد صباحاً أنها علمت بما فعله أباها وانهيارها الذي استطاع أن يسيطر عليه ناداها بهدوء: ""إسراء لما البكاء؟ أنا لا ألومك"" خرج صوتها بألم وذنب: ""لقد حاول قتلك كل ما حدث لنا لم يُعلمه الدرس إيهاب بل زاد من......"" تصلب جسدها ولسانها لا يطيعها أن تنعت أبوها بلفظ سيء مازال والدها تكره, تمقته دمرها ودمر أمها وأخيها ولكنه والدها. بهدوء غريب جاوبها إيهاب وهو ينظر للأرض من تحت قدميه: ""لقد فعل ما فعل ظناً منه أنه ينتقم لممدوح هو أخبرني بهذا لقد تطوع بنفسه قبل الحادث بلحظات وهو يخبرني بلقائي لحتفي"" ضاق صدرها بكل ما فيه لتنفجر باكية تتأوه بعذاب وصوتها يخرج غاضبًا ساخطاً على والدها : ""لم يتسبب أحد فيما حدث لأخي غيره هو السبب من البداية هو من تسبب في تشوه روحه , جميعنا كنا سبب لم يمنعه أحد عن جنونه ولم يتصدى له"" تذكر مشاهدته للحقير وهو يعتدي على مريم لتحرقه و وتعذب رجولته تجلده بسياط من نار تذكره أنه كان غافلا عما يجري لفتاة في حمايته عن شعور بالعجز يتسلل رغماً عنه لحمايته لزوجته هذا ما كان ممدوح يحاول اثباته وسبب من أسبابه حاول حجب غضبه عنها وهو يقول بلا اهتمام حقيقي: ""ربما هو محق إسراء وأنا سبب من الأسباب فيما حدث لأخيك وأنا غير أسف لأخباركِ بأني غير نادم للحظة وإن لم يتسبب والدكِ في أفلاته مني ربما كنت فعلت به أسوأ مما حدث"" لم تكن فتحت عينيها المغمضة بعد وبكائها لم يتوقف لحظة، لتقول بهدوء غريب وهي تفتح عينيها ببطء تنظر له: ""ربما هو يستحق أيهاب ما فعله في حق زوجتك لا يغتفر خاصة أني علمت أنه كان يعرف بزواجك منها"" هز رأسه موافقة وهو يؤكد لها: ""لقد حضر العقد بنفسه إسراء ولم تكن المرة الأولى التي حاول فيها الاعتداء عليها"" شهقت بغصة وهي تضع يدها على صدرها تكبح ألمها: ""أعرف إيهاب وأعلم لقد أخبرتني مريم بنفسها، لقد تمزق قلبي بما قالت، ما فعله بشع لا يغتفر""هزت رأسها بعجز وقلة حيلة وهي تردف: ""ولكنه أخي لا أستطيع كرهه بل أنا, أدعو ليل نهار لشفائه"" تراجع متحكما في أعصابه حتى لا يصرخ بها يخبرها أنه لو طاله مرة أخرى سوف يمزقه بين يديه بدون تردد أو ذرة ندم واحدة ليقول مراعياً لها مدعي التفهم: ""أعرف أنه أخوك وهذا شعور طبيعي"" راقب وجهها الحزين وكأنها تنعي نفسها وحالهم وهى تقول: "" أنا أعتذر و أطلب مسامحتك لا أجد ما أخبرك به ولا أعلم بأي وجه أطلب منك أن تغفر لي خطئي في حقك"" ابتسم لها ابتسامة صادقة وهو يقول بعفوية : "" أنتِ أختي إسراء و أنا لن أحاسبكِ على أفعال شخص آخر كل منا مسئول عن أفعاله"" رفرفت بأهدابها بعدم تصديق لقد منحها ما تسعى إليه ببساطة بدون أن تطلب حتى أعطاها ما تريد سلامها النفسي أن تجد الهدوء بداخلها كما تسعى وتريد. أكد لها وهو يقترب يربت على يديها المعقودة في حجرها وهو يقول بحنو: ""صفحة و أُغلقت جميعنا أخطأنا ودفعنا الثمن يكفي أنكِ حاولتي الإصلاح وقفتكِ بجانبي أقدرها جيداً وأثبتت أنه مهما حدث ستبقي أختي وابنة عمي"" نهته بقوة: ""لا تذكره سوف أكتفي بأني أخت لك"" بحزن وطعنة مماثلة لها لم يستطع التخلص منها بعد رده قائلاً: "" للأسف لن نستطيع إنكار أنه والدكِ وعمي هذه هي الحقيقة التي لن نستطيع التخلص منها يوماً"" مسحت دموعها بيد واحدة ويدها الأخرى مازال هو يربت عليها. لتقول محاولة الهدوء: "" لديك حق في كل ما تقول كل ما أريده منك أن تسامحني عن أي خطأ سابق في حقكَ وأن تصدق أني لم أكن خائنة يوماً"" : "" أصدقكِ إسراء، لا أحد يمتلك سلطاناً على القلوب لا أنا ولا أنتِ استطعنا التفهم أو حتى أن يحب أحدنا الآخر كزوجين"" أخفضت رأسها حرجاً وهى تقول: ""نعم هذا حقيقي"" بتردد أردفت "" و أيضاً عندما عدت واعتقدت أني طليقة مراد وأردت أن تعلم أني حاولت...."" نهاها سريعاً بحزم: "" إسراء انتهى الأمر أياً كان ما حدث أنا أتفهم أسبابكِ و إن لم تقوليها أغلقي تلك الصفحة إلى الأبد ولا تأتي بذكرها مرة أخرى"" أومأت له بامتنان حقيقي وهي تحاول أن تنهي المقابلة تخبره: ""أشكركَ إيهاب على كل شئ ولا أريد منك إلا الوفاء بوعدك أن تكون بجانبي تدعمني عند الحاجة لم يتبقى لي عائلة الآن"" بصوت أجش رد قائلاً : ""لك مراد أنا لن أرفض طلبكِ ولكن أحاول أن أذكركِ "" برقت عينيها بحب حقيقي تكنه له فخر أنها زوجة لرجل رائع مثل مراد لترد بتأكيد: ""بالطبع هو كل دنياي وليس عائلتي فقط ولكن ما أطالبكَ به عائلة أتواصل معها عند الحاجة أن يكون للطفلتين جذور وعائلة طبيعية ولا يخرجن مثلي منبوذات"" : ""لكِ ما تريدين وما تطلبين تذكري دائماً أني سوف أكون في ظهركِ وأحميكِ عندما تجلئين لي إن وافق زوجك"" ابتسمت ابتسامة ساحرة وهى تذكره: ""لا تقلق سوف أقنعه بهذا "" وقفت وهى تمد يدها تصافحه بقوة، لتغادر بعدها من باب الغرفة المفتوح. راقب وقوف مراد أمامه بملامح مغلقة فور خروجها وراقب إلقائها لنفسها بين ذراعيه اللاتي فتحهما لها وكأنه يعرف ما تريد، أغلق الباب وآخر مشهد لها ومراد يقبل قمة رأسها وهى تضم نفسها إليه. وقف قليلاً يضغط جرحه بيده يقف أمام نافذة الغرفة مكان صغيرته المفضل. لقد ارتاح من ناحية إسراء وربما في المستقبل القريب سوف يستطيع مسامحة طعن مراد له، الآن قد علم لم يغدر به ولكنه طعنه ربما لم يخنه ولكنه خيب آماله فيه. أغمض عينيه يعبئ من الهواء العليل يملأ به صدره ربما تطفئ من بعض نيران صراعه التي مازالت تعتمر بداخله. شعر بتلك اليدين الناعمتين تتسلل لخصره تتشبث به ورأسها يستند على ظهره ملأ صدره بنفس آخر وهو يستمتع بالتصاقها بت. حرك يده ليمسك يديها يفك تشابك يديها ليرفع يدها يفردها ويلثم باطنها قائلاً: "" اشتقت لكِ لقد غبتِ ساعتين كاملتين، ألم أخبرك أن لا تبتعدي عني ؟ "" يدها التي مازالت بين يديه يلثمها سحبتها منه برفق لتلامس برفق بها صدره الصلب حيث موضع قلبه لتقول بصوت هامس: ""مازالت رائحتك تسكرني كنت اشتهيها بشدة و أنتَ بعيد عني"" حرر يدها المحيطة بخصره ليسحبها أمامه برفق يلامس ذقنها بأنامله ليجعلها تنظر إليه يتأمل وجهها الصبوح ملامحها الناعمة بعشق شعرها المتطاير بتناقضه الغريب بين غجريته الملحوظة ونعومته الجذابة ليحني رأسه أمام شفتيها يتمتم بهمس: ""و أنتِ كلكِ تسكرينني"" أطبق على شفتيها بقبلة ضارية متطلبة يريد بثها فيها افتقاده لها عشقه الذي أنكرته وتشككت فيه بلهفة ويأس منها وإليها عند تذكره الوجع الذي ضربت معاقل روحه به وهي تخبره كيف ترى بشاعة علاقتهم في السابق. كان ضائعا ما بين مشاعره التي توسلها الغفران وبين كسرها لرجولته وغفرانه لها أحاطت عنقه بذراعيها تضمه إليها تبادله قبلته بضياع توسل لحبه افتقادها له ترجيه عبر ما تتبادله معه أن يمنحها النسيان وأن يتخطوا الماضي سوياً كما وعدها. أحست بجذعه يرتعد تحت يديها وجسده الملصَق بها انفصل عنها بأنفاس مضطربة وهو ينظر لوجهها المتورد وعينيها اللاتي تتوسلان استمرار تواصله معها. تلمس وجنتيها الناعمتين المحمرتين وأنفاسها مازالت لم تهدأ بعد وذراعه الأخرى تحيط خصرها تشدها إليه. ابتسم لها وهو يراقب ملامحها التي بدأ يعلوها الضيق وكأنها ترفض إنهاءه لتلك القبلة بدون أن تتكلم ضمها إليه يدفن رأسها فى نحره ليقول لها مازحاً بتفكه يرد على سؤالها التي لم تنطق البت: ""هل تعلمين وضعنا الآن حبيبتي نحن في المشفى و أنت على وشك الولادة و أنا مصاب بجرح غائر"" بصوت خافت هاديء وهى تتشمم في راحته كقطة شقية : ""وهل سألتك أنا شيء أنتَ من بدأت والآن تريد التهرب من واجباتك نحوي "" ضحك بصوت مكتوم على اتهامها المستتر تريد استفزازه !!! ماذا تتوقع أن يطرحها الغرام هنا عقب ما قالته. أبعدها عنه وهو يقول بصوت حاول أن يخرجه جدي : "" أنا لا أتهرب وكم أتوق لما تتطلبين ولكن أخشى على صغيري وبالتأكيد لن أفعل هذا هنا"" مطت شفتيها بامتعاض وهى تذكره: ""عندما وجدتني من شهر أذكر أنك لم تخشى على الصغير ولم تهتم لشيء غير وصالي "" انمحت ابتسامته فجأة وشحب وجهه ترك خصرها ليبتعد عنها يتراجع ليجلس على طرف السرير ليقول باقتضاب: ""نعم أنتِ محقة لم أكن مراعي كنت أشبه بحيوانٍ ولهذا لن أكررها"" أدار وجهه عنها يسحب الحاسوب الذي ألقاه بعيداً عندما أتت إسراء ليدعي أنه انشغل عنها في شيء ما. ما قالته ذكره بما فعله معها وجعلته رغماً عنه يتذكر هاتفها في وجهه أراد أن يحجب عنها نفسه لا يعلم لما شيطانه يجبره على تذكر كل كلمة أخبرتها به ومثل كل مرة يتذكر بقوة. الوقت هو الكفيل بكل شيء لن يهدر فرصته معها سينسى مرغماً نفسه أنيرى عذابها هي وصغر سنها هي لم تقصد يعلم جيداً أنها عند الغضب تكون خارج السيطرة على نفسها وربما لديها الحق فمرراتها وما كانت تكتمه كان لابد له من انفجار مدوي يحطم الجميع. عندما رفع وجهه وهي تناديه بصوت متألم يراقب وقفتها المرتعشة وملامحها المعذبة اللاتي تستجديه التوضيح، أن يدلها ما الذي حدث ما الخطأ ليبتعد عنها: ""إيهاب ما بك ؟ "" أجبر نفسه بقوة على الابتسام لها مرة أخرى مدعيا أنه لا يسمع ذلك الهسيس البشع فى اتهامها له في رجولته. خرجت ابتسامته صادقة قلقة عليها لم يعرضها مرة أخرى وهو يفتح لها ذراعه قائلاً: ""تعالي إلي !"" اقتربت منه بجسد مرتعش هل تدعي الجهل ربما ملامحه المغلقة لم تعبر عنه بشيء ولكنها شبه متأكدة أنه تذكر وكيف لا يتذكر وقد استغلت هذا القاء في مواجهته له ضده وفى اتهامه هل هي غبية من بين ذكرياتهم لم تجد إلا هذا اللقاء المؤلم. أهديت تحت ذراعه التي تحاوطها سريعاً تلف يدها حول جذعه رفع وجهه إليها بطرف إصبعه آمراً إياها بحزم: ""كفي عن الارتعاش والخوف عند كل شيء يحدث"" بصوت خرج هامساً باهتاً صريحاً قالت: "" أنتَ لم تستطع النسيان بعد إيهاب ولا مسامحتي"" بنفس ابتسامته رد بهدوء: ""و أنتِ لم تنسي أفعالي السيئة ضدكِ ولكننا نريد حبي لكِ وحبكِ لي كفيل حبيبتي أن ينسينا ولا انا أسامحكِ ولكني لا أسامح نفسي "" أومأت له بهدوء وهي تريح رأسها على صدره، تمتمت بخفوت: "" أنا أحبكَ إيهاب"" رفع وجهها يمرر طرف إصبعه على شفتيها قائلاً: ""وأنا أعشق كل ما بكِ يا ناعمة.."" ضمها إليه بقوة يدفنها هناك في مكانها الدائم الذي أعلنت بقوة عن تملكها له؛ ليقول بصوت أجش عميق يخرج من قلبه مباشرة:""تحملي قليلاً معي حبيبتي إلى أن نتخطى كل أحزاننا, ووجعنا.."" ليردف بتملك صادق حقيقي, وهو يأخذ أنفاسه بعمق:"" أنت ابنتي يا مريم, ولست زوجة فقط, ابنتي وحدي.."" تعلقت به بتشدد، تؤكد على تملكه, تردد ما يخبرها إياه:"" أنا ابنتك, وأنت كل شيء إيهاب, دنياي ولا أريد لها بديل, ولا أريد في حياتي سواك.."" بعد صمت طويل بينهم مدت يدها تعبث بالحاسب الذي مازال بينهما على ساقيه, وهي تقول:"" ألم يأتي وقت أن تريني ما يحتويه الملف بعد, لِمَ تؤجل الأمر؟.."" رد بصوت رتيب:"" أنا لا أؤجل حبيبتي, ولكن كل ما هناك أني راجعت نفسي أن أريه لكِ هنا, ربما من الأفضل عند عودتنا للمنزل.."" أطرقت رأسها بهدوء وهى تتلمس جرحها كالعادة, وكأنها تريد التأكد دائمًا عبر هذا الفعل البسيط منها, أنه يشفى ويلتئم.. لتقول:""متى يسمح لك الطبيب بالخروج من هنا؟..أنا لا أفضل هذا المكان ولا أريد العودة وحدي للمنزل.."" : ""قريبًا حبيبتي ربما في الغد.."" مد يده في حركة لا يكف عنها يتلمس بطنها بخفة, قائلاً ووجهه الفرِح عند تواصله مع طفليه يخبرها بالكثير يتحرر من أي رزانة معها, ويصبح مكشوفا لعينيها واللهفة تطل منه؛ عندما يضم بطنها بكلتا يديه كأنه يضم طفليه بالفعل, ولا يحجبه عنهما شيء:""هل ذهبتِ لطبيبتكِ, ورأيتهما كيف حالهما؟.."" ليكمل عاتبًا:"" لا أعلم رفضك لرؤيتهما هنا, هل أفهم من هذا قصدك تعذيبي؟.."" ضحكت بحلاوة وهي تحاوط وجهه بيديها, تخبره بشقاوة:""نعم أعذبك عذابا صغير للغاية, لأهدافي الخاصة.."" : ""وما هي أهدافكِ الخاصة معذبتي؟.."" ردت بصدق:"" أريدك أن تأتي معي عند طبيبتي, أريد أن تتعرف على المرأة التي ساعدتني لأفهم حبي لصغيري, أريدها أن تراك, وترى حبك لي, ولهفتك لهما.."" بدون أن تخبره المزيد فهم طبيبتها فريدة, من كانت تعتقد أنها سوف تساعدها في الإجهاض كما أخبره جاسر عندما سحب الإعتراف من مي بالقوة, لم يخبر مريم أنه علم بكل ما جرى, سوف يحتفظ بهذا لنفسه, خطأه كل ما جرى ذنبه وحده.. صغيرته تريد التخلص من أي شعور سابق بالدونية, والعار تستخدم حقها الطبيعي في إعلان أنها تنتمي إليه,أنها زوجة.. بوعد قاطع, وهو يقبل بطنها:""أعدكِ غداً أول شيء سنفعله نذهب سوياً؛ لأطمئن بنفسي عَلَيْكِ أنتِ قبلهما.."" رفع وجهه عن بطنها وهو عاقد حاجبيه من دخولها عليهم بدون إستئذان بإرادة من حديد, وهو يسيطر على أي رفض قد يبديه للتي أمامه, وصوتها البارد المغلول يصل لمسامعه لساخراً:"" آخر شيء كنت أتوقعه أن أراك فاقدا لعقلك, ومكانتك.. وتلك تجبرك.. تفعل هذه السذاجة.. !"" بهدوء غريب وبرود مماثل رد:""مرحباً أمي.. ولكن أليس في قاموس مظاهرك الإجتماعية التي تهتمين لها, هناك شيء يدعى طرق الباب قبل الدخول.."" تقدمت بمشيتها المعرفة الأنيقة, بغرور وكأنها لا ترى أحد غيرها تدعي عدم وجود مريم,أو الإهتمام لها:"" أنت ابني هل نسيت؟!.. أدخل عندما أريد وبالطريقة التي أراها أنا مناسبة.."" بادلها السخرية وهو يضم مريم تحت ذراعه, يؤكد لها بدون كلام بتشبثه بها؛أنه سيعيد لها كل إهانة تعرضت لها, ويعيد إليها كرامتها المهدورة:""ابنك وهل تذكرتني الآن منذ إفاقتي, لم أراكِ إلا مرة واحدة؟..ألم يكن من المفترض أن تجاوريني في محنتي؟.."" ردت بملل:""وهي تقول هذا على أساس..إن ابنة أمها تعطي أحدا الفرصة, كما أني لا أحتمل وجودها, ولا أعلم سر تشبثك بها,ألم يأتي الوقت بعد للتخلص منها؟.."" نهى بحزم, وصوت قوي:""توقفي عن برودكِ, لم يطلب أحد رأيكِ الذي لن أهتم به من الأساس.."" أردفت ببرود وبدون اهتمام للتي تتشبث به, ووجها يتغضن بالألم تستمر في جرحها بالقول:"" أنت ابني ويجب نصحك,إن كان يربطك الطفل تستطيع أخذه منها, وتبحث عن إمرأه حقيقة, تليق بإسمك وسنك.."" بهدوء غريب كان رد فعله أن يرفع يد مريم إليه يقبلها, وهو يقول:""الأصح الهام أن تسألي تلك الفتاة المبهرة, هل أنا أليق بها؟.. تشكريها على تقبلها لي في حياتها, ومنحي حياة افتقدتها, لقد كان كرم منها أن تتقبلني بعيوبي.."" أفلت منها شرر وغضب, وصوتها يخرج مكتوم بصراخه:""إيهاب ما الذي تقوله؟.. هل جننت ألم ترى حقيقتها بعد هي س......."" بشراسة هدر بها:"" اخرسي حذرتكِ سابقاً من الاقتراب منها,أو نعتها بما تعلمين جيداً انه ليس فيها, تحاولين إسقاط عيوبكم عليها.. اسمعي الهام هانم وللمرة الأخيرة ابتعدي عنا..لن تأتي على ذكر زوجتي بأي طريقة على لسانكِ, لم أتصرف معكِ على فعلتكِ الشنيعة معها, والتي وصلتني كاملة لم تراعي حتى مرضي, وأنتِ تتهميها وتكشفى سَتري قبلها.."" حاولت نهيه, وهى تتصنع العذاب:""بني حبيبي..أنا أخاف عليك,أريد أن تعود لأحضان أمك.."" باستنكار رد :"" افيقي الهام.. أي أحضان أنا رحل شارف على الأربعين من عمره,إن كنت تخافي على كرامتي, راعي سنكِ الذي وصلتِ إليه, وتصرفي كإمرأة شارفت على الستين من عمرها.."" حاولت الرد لينهي الحديث قائلاً:"" أنا لن أتناقش معكِ, لا فائدة منكِ سأراعيكِ كأم, وأؤدي واجبي نحوكِ, البيت الكبير كله لكِ, افعلي ما تشائين بِه سيصلكِ شهرياً ما يلزمكِ من مال كما تحبين, وتريدين.. غير هذا لا أريد أي علاقة أو تواصل معكِ حتى تكفي عن مهاجمتها, وتمنحكِ هي المسامحة التي لا تستحقيها.."" بصدمة مما يقول خرج صوتها ذاهلاً:""إيهاب تبيع أمك من أجلها!.."" تمتم ببرود:""أنا لا أبيع أحد؛ ولكن اشتري نفسي أنا بشر, ولست آلة, تريدون منها التنفيذ, تمنحكم ما تحتاجونه بأنانية غير مفكرين بما أحتاجه, اشتري سعادتي وأخبركِ أنتِ مرحب بكِ عندما تتخلي عن جحودكِ, وقسوته في حقكِ.."" وجهت عينيها الشرسة لمريم بصوت حاقد:""فعلتيها يا ابنة فريال كما فعلتها أمكِ من قبل.."" لم تتحدث أو ترد يكفي إلى هنا, وكفى لن تواجه أحد لقد تعبت لن تحزن,أو تغضب لن يكفو يوماً عنها, ستبقي ابنتها مهما حاولت أن تتخلص من أي تشبيه لها بفريال,تشبثت به تضع رأسها على صدره تثبت ملكيتها له,إن كان هذا يثير جنون التي أمامها,إذا فلتتركها تتلظى بنيران حقدها, إيهاب ملكها واختارها هي إذاً, وبكل أنانية فلتعلم إلهام بهذا ولتحترق, ولزيادة إغاظتها, أخرجت صوتها رقيق مهذب هادئ:"" آسفة ماما الهام ولكنه اختارني, ما باليد حيلة, كيف تريدين مني ترك كل هذا الحنان؟.. يجب أن أفعل كل ما أستطيع لربطه, خاصةً وهو مغرم بي كما ترين.."" جحظت عيناه بصدمة حقيقة, وهو ينظر لقطته الشقية, وهي تتمسح به بنعومة يريد الضحك, وربما تعنيفها؛ ولكن أيدعها تأخذ حقها بنفسها!.. ربما هذا يرضيها ولو قليلاً صرخت وهي تخرج عن إتزانها:"" أنا لست أمكِ أنسيتِ ما أنتِ؟..أنتِ مجرد لقيطة.."" بعنف وجسده ينتفض أولاً هو الرد:""اخرجى حالاً واحتفظي بالجزء القليل الرحيم في قلبي إتجاهكِ يا أمى.."" : ""إيهاب بني.."" : ""اخرجى يا أمي.. ما قلتيه لن أغفره, ومن المستحيل أن انسي يوماً فعلتكِ مع من تعرفيه.."" بطواعية غريبة, وبهدوء وكبرياء ذليل خرجت تجر أذيال الخيبة, لن تكف عن محاولة أن يعود إليها؛ ولكن ربما تتبع أسلوب آخر. مازال الغضب متمكنا منه. لم يستطع ذكر اسم ممدوح أمام مريم, مازالت تجفل وربما يشعر أنها تنهارخوفاً عند ذكره اسمه, جسدها يقشعر بنفور عندما تصارح معها, وهو يخبرها عن ما فعله معه, عندما استفسرت ما جري له قائلاً..أن إسراء رفضت أن تحكي لها ما فعله هو معه.. أصابها الغثيان عند التذكر,وكالعادة انكمشت على نفسها يومين متتاليين؛ بل كانت تنفر من أي ملامسة له, هو معها حتى وإن كانت غير حميمة,ما كان يحدث معها يعلم أنها لم تنسى, ولن تنسى؛ ولكن فليتجنب أي حديث عنه, يستغل شجاعتها وإجبارها لنفسها أن تنسى.. أتاه صوتها يخرجه من غضبه هادئ عاقل بإتزان غريب:""اهدأ.. ما حدث لم يكن المرة الأولى, ولن تكون الأخيرة, فلا تجعله ينغص علينا أي سعادة, وهدوء نحاول اقتناصهم.."" حررت ذراعه من إحاطتها, لتلثم يده برقة وهي تقول:""أشكرك لدفاعك عني.."" سحب يده من يدها، ليحيط ذراعيها: ""بل أنا الأسف في تأخري، ولأني لم أقف بحسم في وجهها من قبل"" هزت كتفيها باستسلام: ""لا تعطي للأمر أهمية، هل تذكر ما كنت تطلبه مني قبل قليل، لذا تناسى واجعلني أنسى، ساعدني"" للتنقل سريعاً في الحديث: "" إذاً إيهاب، ماذا كنا نقول قبل أن تأتي حماتي العزيزة"" ضحك رغماً عنه وهو يتذكر إغاظتها لها: ""تقصدين أمك العزيزة"" ضحكت قائلة: "" نعم أمي، هل رأيت كم استشاطت غضبا وهي تسمع اللقب مني، اعتبره انتقاما صغيرا لست بآسفة لأني تعمدته"" تنهدت وهي تقول: "" أتعلم !، أنا تعلمت درسا مهما منها "" باهتمام سألها : "" ما هو؟؟"" : ""لا شيء خطأ يبقى سراً، مهما حاولنا مداراته، لقد كانت تعرف كل ما يحدث بيننا منذ البداية كما أخبرتك"" زمجر ينهيها: ""علاقتنا لم تكن خطأ، كنتِ زوجتي أيضاً وقتها"" وافقته، لتقول: ""ربما لم يكن حراما إيهاب، لكن سريته ما كانت تجعل منه خطئا، كنت تفعل كل شيء ليبقى اجتماعنا مستترا عنهم ولكنه رغماً عن كل ذلك كان معلوما لديهم جميعا "" لتكمل مازحة تحاول أن محو شعور الذنب الذي يرتسم على وجهه: ""أو ربما جنونك بي جعل حرصنا يفلت منا قليلاً "" عندما لم يبدي أي رد فعل للتجاوب معها، أكملت مزاحها وهي تقترب من وجهه قائلة: ""امّم، أتعلم لقد قالت شيئا لم أفهمه"" بهدوء استفسر وهو ينظر لشفتيها الناعمتين في دعوة صريحة لحثه على فعل ما تريد، رفرفت بأهدابها مدعية البراءة: ""لقد قالت أنك كنت تبادلني قبلات محمومة، كيف هذا؟؟"" حني رأسه يقابل شفتيها هامساً بحرارة: ""هل تريدين أن أفسر لك، لكن الموضوع يتطلب التطبيق لكي يصلك المعنى واضحا، أتقبلين؟"" أومأت له وقلبها يخفق بعنف تأثراً بنبرته: ""نعم، أرجوك !"" بدون تردد انحنى لشفتيها وهو يستفيض في الشرح قائلاً بهمس: "" فقط قبلة، تذكري"" طوقت عنقه بذراعيها قائلة بعشق: ""سوف اكتفي الآن بقبلة، إلى أن نحررك من خوفك على الصغيرين"" **************** عصر اليوم التالي، في عيادة الدكتورة فريدة، كانت مستلقية على سرير الفحص بالغرفة الخاصة، بينما يقف هو بجانبها، يمسك بيديها بتشدد. ولكنه لم يكن معها، بل عينيه المبهورة وانتباهه الكامل كان مشدوها بما يراه أمام عينيه، معجزة كبيرة تتجلى لناظريه، أمامه على الجهاز عالي الجودة بصورة ثلاثية الأبعاد، كانت واضحة أمامه؛ طفلين صغيري الحجم، كما أخبرته الطبيبة يتقوقعاًن على نفسيهما أيديهما وأقدامهما الصغيرة للغاية تتحرك بوتيرة بطيئة داخل رحم أمهما، كان متجاورين حد الالتصاق، وكأنهما يعدان منذ اللحظة على تشبثهما بعضهما البعض، اقترب من الجهاز أكثر يرفع يده ويمررها بهدوء على كل جزء ظاهر منهما. انشداهه وردة فعله جعلت دموعها تسيل بحب، لقد حققت له شيئا واحدا على الأقل كان يتمناه، شعور بالثقة والفخر كان يمدها به في هذه اللحظة، التي سوف تسجل في تاريخهما الطويل الحافل، لم يطرق في عقلها إلا شعور بالرضا بنفسها، بحبه لها وعشقها له بروحه وروحها التي اختلطت لتنتج ثمرة عشقهما. سمعت صوته المبهور يقول بعاطفة أبوية فياضة وكأنه غير مصدق بعد: ""طفلاي يا مريم !؟"" تعلقت بيده التي تضغط عليها تخبره بصوت مبحوح: ""طفليك حبيبي، ألم أخبرك أنهما جميلين جدا"" هز رأسه بنفي يقول: ""بل مبهرين"" ترك يدها ليتحرك قبل أن تدرك ما يفعله يخرج عن أي تحفظ أو رزانة يبديها أمام أحد غريب، دائماً أفعاله المنطلقة يخصها بها على إنفراد، تحرر إيهاب في التعبير عن مشاعره معها وكم كان هذا يسعدها. لتجده في لحظة يحتضنها ويد الطبيبة التي تمسك بالجهاز الذي يظهر الجنينين مازالت على بطنها، تنظر لهما مبتسمة برضا على محياها، تمنحهما الخلوة المناسبة بالصمت وتقدر ما يمران به كليهما في بهجة خالصة. رفع جسدها قليلا وهو يضمها إليه يردد في أذانها بقوة: ""أشكرك على حمايتهما وعلى منحك لي إياهما"" عينيها فاضت بدموعها وهي تقول: ""بل أشكرك أنت لإعطائي عالما صغير خاص بي، حياة أبنيها وحدي لأجلك وامنحها من قلبي كل مشاعري"" تركها ليمسك رأسها يبتسم بحبور وارتياح عينيه يشع منهما الرضا والابتهاج والانشراح: ""أخبريني كيف أحبك أكثر، لم يعد في استطاعتي حقاً أن أجد المنتهى لحبك"" همس أمام عينيها التي تبادله السرور باعتراف مستسلم: ""أنا امنع بكائي الآن بصعوبة، لا أشعر إلا أن أريد البكاء مثلك"" ضحكت بجذل وهي تقول: ""لا أرجوك وفرها لوقت الولادة، الدكتورة فريدة تقابلك أول مرة فلا تدعها ترى دموعك، ماذا ستقول عنك؟؟؟"" : ""محروم يا مريم، ميت وأنت ومعجزتك النابضة بالحياة أعدتماه للحياة"" *********** غادرت عيادة طبيبها النفسي مرتاحة واثقة أكثر، عادت لقوتها وأناقتها المعتادة، الهدوء بينها وبين مراد يمنحها التوازن المطلوب، تحاول بثه بكل ما تستطيع من قوة حبها وثقتها ومتابعتها مع الطبيب المستمرة تكشف لها نفسها بوضوح أكبر، لقد أصبحت منطلقة، متسامحة وللغرابة فعلة حسين لم تهزمها أو تجعل تقدمها في العلاج يتباطأ بل أعطتها دفعة قوية لتحمي نفسها من أي وجع أو انحدار مرة أخرى وتتقدم في إيجاد نفسها والتحرر من مخاوفها. صعدت لسيارتها وهي تعقد العزم على أنها سوف تذهب للشركة التي أنشأها مراد لمتابعة عمله هنا، لقد اتفقا على عدم العودة إلى هناك، إلا في بعض الإجازات القصيرة وهو وافقها الرأي؛ تريد أن تنشأ الطفلتين هنا في البلاد، لا تريد لهما التيه والتخبط بين الثقافات المختلفة التي عانت هي منها، تفهمها مراد ووافقها على الفور قاصدا أن يطويا صفحة أليمة واجهتهما هناك وأن يبدءا هنا من جديد، بهدوء وحب وتفهم يحيط عائلتهم الصغيرة. انشراح داخل صدرها وعينيها تبرق سعادة، سوف تخبره بسرها الذي اكتشفته منذ أسبوع مضى، ترى ماذا سوف يفعل حينها؟. أكدت لنفسها سوف يجن كالعادة ويثير الصخب أمام الملأ. أو ربما جولة عشق منه يقابلها بها، لذا ربما كان من الأفضل أن لا تخبره في عمله، وتؤجل الأمر إلى أن تختلي به وحدهما في المنزل، حتى لا يثير فضيحة ما في عمله الذي بدأ في إرسائه حديثا. وصلت للمبنى الذي كان أخبرها عنه، نظرت حولها وهي تخطو للمبنى الأنيق برسوماته الهندسية الغريبة ولمسات مراد الواضحة في الديكور، تعرف عمله جيداً من بين أي عمل حتى لو مميز له لمسته الخاصة التي تجمع بين شرقيته التي يعتز بها وبين الفكر الغربي. خطت إلى داخل المبني لتسأل أحد الموظفين عن طريق مكتبه، ليخبرها أنه مكتب منفرد في الدور الثاني. صعدت بالمصعد وهى تتوجه بعدها إلى باب المكتب الذي علق عليه اسمه، راقبت غرفة تجاوره خمنت أنها لسكرتيرته، لقد أخبرها أنه قام بتوظيف بعض الموظفين، مدت يدها تفتح الباب بدون تردد، لينمحي كل شعور لديها بالسعادة وهى تنظر لما ترى أمامها. مراد على مكتبه يستدير بكرسيه يواجه امرأة حمراء الشعر، هذا كل ما استطاعت أن تستوعبه حمراء تقترب منه حد الالتصاق، تميل عليه بنصف جسدها، يدها على أحد ذراعي كرسيه واليد الأخرى على مكتبه، كانت تحيطه تماما؟؟؟؟. عينيها تلتهمه بجشع واضح، نظرات تعرفها جيداً، رأتها الكثير من المرات موجهة له. انتفضت المرأة عند رؤيتها لتهتف تخاطبها بكل وقاحة وجرأة: ""هل جننت؟، كيف تقتحمين المكان بدون استئذان؟؟"" أما مراد لم يتحرك من مكانه، ربما فوجئ بوجودها لحظة فقط ليستكين بعدها سريعاً، وهو يقول بهدوء ونظرة غريبة يتأملها بوقفتها المتحفزة: ""مرحباً إسراء، لم تخبريني أنك سوف تأتين اليوم"" التفت إلى حمراء الشعر يخبرها ببرود: ""إسراء زوجتي وأم بناتي، كم حظنا سيء لقد ضبطنا بالجرم المشهود"" أغمضت عينيها بوجع ضرب قلبها تنفي لنفسها بشدة؛ لا، لن تعود للصفر، هل كل ما أقنعها به كان كذباً. انتهى قراءة سعيدة." "الفصل الثلاثون والاخير كانت تبذل جهداً مضاعفاً لتستطيع الاستمرار في الوقوف على قدميها، عند باب غرفة مكتبه المفتوح، وقد كان الألم موجعا؛ طعنة قوية وجهت إلى قلبها مباشرة، فبعثرت كيانها مرة واحدة بل إن ذات الطعنة تصر على هدم كل ما بنته هي وبجهد كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، رغماً عنها كانت نظراتها موجهة بتيه إلى مصدر الطعنة –مراد-، تقاوم بكل ما استطاعت أن تجده من قوة متبقية لديها كي لا تنهار أمام عينيه التي لم تحد النظر عن عينيها، كانت نظرته تحمل نفس البرود، نفس التحكم والهدوء كأنها لم تضبطه في نفس الوضع المخزي سابقا والتهمة خائن...حبيبها مع غيرها ... لا تستطيع أن تصدق...بل لا تقبل أن تصدق ...لكن عيناها كانتا تغرقانها في المتاهة ومازال المنظر أمامها ماثلا. جسدها كان ينكمش بعجز بينما يراقبها هو بصمت؛ تطعنه نظرة الشك الذي تقاومه وتفضحه عينيها،تحت غطاء التحكم الذي فرضه على نفسه ...منتظرا! كان يقتله اهتزاز حدقتيها، فجعلت اليأس يتسلل إليه ببطء، وذلك البطء في انتظار ردة فعلها جعل الثواني أطول زمنا، عندما لاحظ بداية تحركها، سأل نفسه مشككا، هل سوف تغادر؟، هكذا ببساطة ستعيد الكرة مجددا.؟ ! خرج من البرود الذي يحتل عينيه ليستجديها بصمت ألا تخذله، تثبت أن الحب الذي جمعهما اخر فترة والعلاج الذي تتغني به يستحقان التضحية، فحقه منها وعليهاأن يطمئن. التقطت استجداءه الصامت على الفور، حركت عينيها لتنظر لحمراء الشعر التي ابتعدت عنه خطوات، تقف بسكون تراقب صمتهما المشحون برسائل عدة، وتكتفي بتأملها مرتبكة، لكنها تحاول إيهامها بالقوة. بينما عاد عقل إسراءيومض بعده مشاهد متلاحقة... (أنا احبك إسراء، لم أخنك ولن أستطيع حتى و أن أردت ) صراخه (متى تصدقين؟ لم اقترب من امرأة قط إلاأنت) صوت الطبيب وهو يؤكد لها في نهاية كل لقاء(الحب والثقة طرفين متساويان متعادلان منجذبين لن تستطيعي منحه أحدهما دون الأخر وإلا فشلت معادلتك) ) أعطيه ما يحتاجه إسراء ( عادت بنظرات إليه وهو يتأمل وقفتها. مازال وجهه غير مقروء، ملامحه مغلقة، يده فقط من تعلن عن توتره وهو يطرق بأنامله بتوتر ملحوظ على سطح مكتبه وعينيه تفضحه؛ رسالته كانت مختصره وتصلها بدون كلا لا تخذليني!!!!!!! اتخذت قرارها وهي تخطو داخل الغرفة بعزم، وجهها الشاحب احتلته ابتسامة ساحرةوقد اتخذت قرارها بتحدي لنفسها قبله، وتمنت أن يصله الرد واضحا؛ بل لن اخذل نفسي.. ! عندما وصلت إلى جلسته التي لم يتحرك منها، بهدوء اتجهت الى الجهة الأخرى ووقفت على الطرف الأخر من المكتب الخشبي، ثم مالت على سطحه بليونة، استدار إليها مفاجئا، عندها استغلت الفرصة لتحوط عنقه بأحد ذراعيها ويدها الأخرى مازالت على سطح مكتبه. بصوت خافت واضح لمسامع الأخرى وابتسامتها الساحرة الهادئة مازلت تزين محياها، أجابته على سؤاله المعلق قبل أن يعقبه بتعليقه البارد: ""اشتقت إليك فلم أتردد أن أتى لأراك، أردت أن أفاجئك فلم أخبرك بقدومي..فما رأيك في مفاجأتي حبيبي!"" أعقبت سؤالها الممطوط بأن قبلته على وجنته بحرارة لتبتعد قليلاً، تنظر إلى وجهه المصدوم الذي لم يستوعب فعلتها بعد، استقامت على الفور تبتعد عنه خطوة واحدةتنظر للأخرى باستخفاف مهين وهي تسأل: ""إذا حبيبي !، من الواضح أني ضبطتك بالجرم المشهود، لا تقل إنك عدت للعبث مع الحمراوات"" ثقتها التي تسلحت بها كلماتها بهدوء تام؛ جعلته ذاهلا للحظة بينما يعقد حاجبيه وهو يتأمل وقفتها الصلبة، لم يكن يبدو عليها أي من تذبذبها الواضح لعينيه عما كانت عليه منذ دقائق، عينيها التي تحتلها الشراسة بدل الألم، الثقة بدل الاهتزاز، ثم اخرها الدفاع! إسراء كانت تدافع عن حقها فيه،أخيرا كانت تتحداه هو لا الأخرى! صاد صمت متوتر بينهم أعقب تعليق إسراء الصريح، ليقطع هو بهدوء غريب بعد أن استطاع أن يستعيد اتزانه من فعلتها، قائلاً: ""كما رأيت ِ بعينيكِ حبيبتي، أعتقد أنرؤيا العين لا تحتاج لمزيد من الشرح"" ببرود ردت وهي تلتفت إليه: ""أعرف ما رأته عيناي مراد ولكن أنا أسألك ما الذي كان يحدث وإلى أي نقطة وصلت فعلتك مع الحمراء؟؟"" بتلاعب رد وببطء مستسلم: ""أصدِقْكِ القول الأمر لم يكن من جهتي كما رأيت إنا كنت أجلس أتابع عملي وهي من كانت تحاول إغوائي""بهتت الأخرى من تصريحه الفج لكن أحدهما لم يبال بها فيما نظرت إليهإسراء استنكار ورده أثار فيها رغبة متناقضة بين الضحك أو ربما ضربه حتى يستفيق من هلوساته، ماذا هل يعتقد نفسه طفلا صغير وأحد الأشرار يحاول استدراجه. التفت إسراء مرة أخرى عندما نطقت الأخرى ببرود به بعض الغضب وهي تقول بوقاحة: ""الرجال عزيزتي عندما يتم ضبطهم متلبسين يحاولون رمي الأمر على المرأة كالعادة، فهي من تغوي وهم أبرياء تماما، تعلمين أن هذا غير معقول وأنا لم أكن لأقترب منه إن لم أجد التشجيع والإلحاح"" ابتسمت !، هل تبتسم؟، هزت رأسها لعينيه المراقبة وهي تقول باستهانة: ""نعم أعلم جيداً هذا ولكن لن تنجر لاستدراجه وتقف أمامه طائعة تغويه كالساقطات إلا امرأة عديمة الأخلاق، مثلك عزيزتي!"" تراجع في كرسيه ينظر للمشهد أمامهبالكاد يجرأ أن يفعل بعدم تصديق، ما يراه منها كان أخر شيء توقعه، ولا يدري حتى كيف يستطيع أن يحافظ على برود أعصابه وهدوئه مكتفيا بذلك،بل زاد عليه أن رفع يديه ليضعهما خلف رأسه ينتظرإلىحين ينتهي هذا المشهد، فهو لا يصدق أن الامر مع إسراء سيكون هادئا الى النهاية، بينما عادت الأخرى لتجيبها وقد ظهر الحنق عليها من الاتهام الصريح: ""وهل هو طفل كان ينتظرك للدفاع عنه؟،أعتقد أنكلو تأخرت قليلاً فقط، كنت سوف ترينه في مشهد أكثرحميمية"" لم ترد إذ كل تركيزها معه هو.. هو من يعنيها، تأكد لنفسها أن تلك المتبجحة لا تعنيه، ثقتها الوليدة بمراد وأنه لن يؤذيها، مستحيل أن يفعلها وهي مازلت في أول الطريق معه. عندما نطقت باستجداء اسمه وكأنها فقدت أخر ذرة صبر وتجلد تحاول أن تتسلح بهما، اختار التدخل لينهي الأمر،لن يضغط عليها أكثر، يكفي أنها لم تثور كالسابق، لم تتهمهعلى الفور ولم تفر هاربة. استقام من مجلسه يقترب من وقفةإسراءالمتصلبة التي تحارب بشجاعة انهيارها ليقول بحزم: ""اخرجي نادين"" حاولت نادين التماسكوهي ترد: ""هل تطردني مراد؟ !"" ارتفعا حاجبه مراد يدعي الاستغراب،لينظر إليها يتأملها بتمهل ثم يرد بقسوة: ""اسمي المهندس مراد بالنسبة لك،وظفتك هنا من أجل العمل لا اغوائي، هل كنت من الغباء أن تعتقدي أن رجلا عاش حياته في دولة غربية سينجر لحركات إغوائك الفاشلة"" تلعثمت وبدى عليها الارتباك وهي ترد: ""أنا لم افتعل شيئا مما تقول،أنت كنت تشجع تحركاتي نحوك ولم تصدها بل كنت تتجاوب معي والآن فقط وبعد وصول زوجتك تحاول الإنكار !"" ببرود أردف: ""تعلمين أنك كاذبة وفاشلة تجابهيني وأمامي، من تظنين نفسك، ربما نسيتِ أنني عندما وظفتك أخبرتكأنك في فترة تجربة رغم أنك كمهندسة مساعدة جيدة ولكن شخصيا أنت لا تصلحين للعمل في مؤسستي، لست المثال المناسب"" لذا صمت للحظة وهو يردف ببساطة: ""أنتمطرودة"" لم تستطع المجادلة أكثر وهو يهين كرامتها بكلام مستتر وعلانية بدون تردد أطرقت رأسها وغادرت. التفت لإسراء ينظر لوقفتها رغم ضعفها البادي واستجداءها به ولكن كانت تتحدى أن يفعل معها مثلما فعل مع الأخرى، هي ليست ضعيفة بعد الأن ويحتاج لأكثر من إبداء رأي لإقناعها، لذا استمرت وقفتها شامخة لم تنهار، تحدي،غضب وحيرة أما هو فكانت نظراته تحمل الانتصار والعنفوان، هل تستشعر الفخر كذلك؟ مطت شفتيها قائلة: ""إذا هل هناك تفسير لما رأيت؟؟""،بنفس وتيرتها رد: ""سوف تصدقيني إن جاوبتك إسراء؟"" : ""وهل تعتقد مراد أنه لو عنديالنية في عدم تصديقك كنت مازلت أقف أمامك الآن واستفسر منك مباشرة؟"" ادعى التفكير للحظات ثم أجابها ببساطة: ""إذا الحقيقة الكاملة، هي مجرد مهندسة تقدمت للعمل منذ أسابيع قليلة ومنذ بدأت العمل تلاحقني، وتبدي إعجابا صريح، لم رد أن أظلمها وادعيت عدم الانتباه حتى لا أتسرع واتسبب في طردها ولكن اليوم ولأول مرة أتفاجأ من تصرفها الفج في إغوائيوالذي صادف وصولك تماما وكما رأيت بنفسك أناحتى أتذكر اسمها بصعوبة"" بغضب توجهت إليه ترفع قبضتيها تضربه على صدره: ""أيها النذل بل إنها نوعك المفضل مراد، الحمراوات لطالما كنت تحب مصاحبتهم حتى قبل زواجك مني"" أمسك معصميها بين يديه وهو يشدها يستمتع بغيرتها ويشعر بالانتصارلأنها لم تهرب بل تقف تتحداه وتجابه فتزيد من غروره ونشوة الأمل فيما يعنيه ذلك له، لها لحياتهما معا! أمالرأسه يساوي وجهها الغاضب ليقول لها: ""كذب !،أنا لا أفضلالحمراوات بل أفضل شرقيات الملامح وإلا ما كنت وقعت في أسركأنت"" حاولت التملص منه وهي تهدر بغضب: ""أيها الكاذب إن كنت تستشعر إغوائها وتعتبره فجا لما كنت مستسلما له، لم كنت معها في هذا المشهد ولم لم يبدو عليك الرفض، ها أخبرني لم !"" كان مستمتعا ويبدو لعينيها استرخاء ملامحه وهو يقولً بهدوء: ""إن انتظرت دقيقة واحدة كنت رأيت ما تطلبينه يحدث فعلا وكنت قمت بطردها بلا رجعة ولكن مفاجأتك عندما أتيت هي من أخرت تصرفي قليلا، كأن القدر يساعدني إسراء فيما أريد وقد تحقق لي فعلا"" أنفاسها العالية مازلت تلفح وجهه، الغضب والغيرة تمكنت منها ما كانت فيه اللحظة كان غيرة وليس شك، بل امرأة تغار بجنون، لتقف وتدافع عن رجلها. صرخت به: "" وما الذي تريده بحق الله؟، ما الذي قد تريده من إيلامي؟، هل هذا مخطط فاشل منك مرة أخرى؟،تضعني قيد الاختبار إن كنت سأنجح أم أفشل وأتبت رأيك البائس في؟ ألم تكتفي بعد؟،أيها المنحط ...أنت ...أنت منحط سمحت لها بأن تحيطك.. كانت سوف تقبلك وأنت.. أنت لا تبدي أي ردة فعل؟؟"" رفع حاجبيه بإغاظة، يكتم تأثره بما تعنيه كلماتها تلك ولم تكن تدري ما تفعله به، قائلاً: ""أنت من قلتِ، هي من كانت ستقبلني لا أنا"" قاومته بعنف وهي تهدر بجنون: ""يا بارد الأعصاب ..يا لبرودك !، سوف أقتلك إن اعتقدت أني سوف أهرب بجبن مرة أخرى، اترك الساحة لهن ولك لتكرر أفعالك تلك فأنت واهم"" لتهدر بجنون وهي تحاول الفكاك منه قائلة بانفلات: ""أنت ملكِ لي أنا وحدي مراد، لن تقترب منك امرأة سواي أنا ولن ترغبك أخرى غيري.. أتسمع ؟!"" كان مستمتعا بجنونها،هدرها، بل كان راضيا تماماً عما يحدث، فأخيرا هناك فعل تملك مجنون منها لطالما تمناه. أحكم طوقه حولها ليقيدها بجسده، حاشرا يديها التي تحاول الوصول إلى وجهه بينهما وهو يقول: ""اسرائي وفتاتي تغار، تقف وتواجه وتعلن تملكها لي هل أنا أحلم أم ماذا؟"" ظلت تتلوى وهي تصرخ: ""اتركني لأستطيع تحطيم وجهك مراد، بل ربما جسدك كله"" ضحك بخشونة وهو يقول باستمتاع: ""كيف حبيبتي وأنت لا تستطيعين حتى الإفلات مني"" لم تهدأ ولم تكف عن محاولة التحرر من أحضانه المتملكة، حررتإحدى يديها تحاول دفعه من كتفه عندما مال إليها يهمس في تجويف عنقها: ""أنت لم تهربي،وقفتِ، قاومتِ، تقاتلين لأجلي وتدافعي عن حقك في رجلك، في أنا!"" أحست بالضعف يدب في أوصالها من اقترابه الحميمي هكذا، لتهتف به، تقاوم وتدعي الغضب: "" ابتعد مراد !،إلى أن تفهمني ما الذي كان يحدث هنا"" لم يبال بما تفعل ولا بغضبها وهو يطبع قبلات متفرقة في نحرها وينزل بها لجيدها يهمس بحرارة: ""ترددت للحظات في التدخل بينكما ولكن اغفر لك لم تخيبي ظني بك"" أبعدت رأسها وهي تدفعه من صدره بكلتا يديها تبتعد بنصف جسدها العلوي عن مرمى هجوم قبلاته لتقول بصوت متوتر: ""ابتعد مراد، لقد رأيتك في وضع مخل للتو"" رفع رأسه عندما ابتعد عنها، ينظر إليها وهو يحرك إحدى يديه يقرب رأسها منه مرة أخرى: ""كنت سوف أطردها ولكن عندما رأيتك أردت أن أرى رد فعلك، حبك الذي تحاولينأن تقنعيني به،أردتك أن توقفيها بنفسك"" بتحدي وعينيها تناظره بغضب: ""وقد فعلت سيد مراد ولكن إن لم أتِماذا كنت ستفعل؟"" بغموض سألها: "" وماذا تعقدين كنت سأفعل؟"" بدون تردد قالت: "" كنت سوف تطردها!"" بصوت خافت وجل أخبرها: ""انت تثقين بي؟ !"" ضربته على صدره باهتياج مرة أخرى وهي تقول: "" بل أحبك أيها الغبي ولم يعد لدي استعداد للمجازفة بك أو خسارتك ولكن سوف تدفع ثمن الرعب الذي عشته عند باب مكتبك"" حاول أن يتفادى ضربتها وكان رد فعله الضحك يستمتع باهتياجها الواضح وهو يقول: ""اسرائي تغار أم البنات نجحت في أخر امتحان"" عندما ناظرته بغل واهتياجها أخذ في الازدياد ضمها سريعاً اليه وهو يقول: ""أقسم أنه لم يكن اختبارا مقصودا ولكن وليد الموقف فقط استغللت الوضع"" بهدوء غريب أردف: ""أنا أحبك وأنت فقط نوعي المفضل، بل أنت الزوجة والحبيبة المفضلة...أنت كل وصف أنثوي تتبعه كلمة مفضلة.. هل ترضين الآن !،أنا لا أريد التسبب لك في الأذى إسراء وتعلمت درسي جيداً لم أكن لأجازف مرة أخرى وأفعل ذلك المسلسل الفاشل"" بغيظ هتفت: ""ولكنك فعلته الآن"" رد باستسلام: ""أخبرتك استغللت الوضع فقط"" استفسرت وجسدها يستكين بين ذراعيه ولكن أنفاسها مازالت تلهث: ""لما حاولت إيهامي بذلك التعليق السخيف؟"" أجابها وهو يقترب بوجهه منها يغمرها بأنفاسه: ""تفاجأت بوجودك عندما فتحتِ الباب، عندما احتلت ملامح وجهك نفس الصدمة القديمة، عدم ثقتك أثارت غضبي، فأخذت قراري على الفور أن أستغل الوضع لأعلم هل تعلمتِ درسك مثلي أم لا؟"" عقلها استرجع ذكرياتها على الفور، الذكرى القديمة التي كان يعاقبها بها والذكرى القريبة والأخرى تحاوطه بين ذراعيها. لتجهش بالبكاء على صدره فجأة قائلة: ""لقد كانت تحيطك، كانت تغويك، كيف استطعت أن تجعل عقلي يطوف بأفكار بشعة؟ كيف قدرت أن تطعن قلبي مرة أخرى؟"" أفلتها قليلا ليميل ليدها التي تضغط على قلبها في حركة متلازمة معها، يعلم جيدا أنها تفعلها بدون إرادة منهاوكأنها تحمي قلبها من الألم. مال إلى يدها الموضوعة على قلبها ليقبلها برقة هامسا لها ببساطة: ""أنا آسف"" أزاح يدها ليطبع قبلة مباشرة فوق دقات قلبها الهادرة يتمتم بخفوت: ""أنا آسف لأني استغللت الوضع ولكني غير نادم، ماذا عنيإسراء وعقلي أيضاً يطرف بِه فكرة واحدة، متى تثقين بي، متى تدافعين عن حقك في امتلاكي،ماذا عن قلبي اسراء؟ الذي تصرين بأفعالك أن دقاته محرمة عليك"" يدها ارتفعت تغرز أصابعها في شعره الكثيف تشده إلى قلبها بقوة وشهقاتها تعلو تعلن عن انهيار وشيك. رفع وجهه ببطء ويدها ما زلتمتعلقة به ليلف يده حول خصرها يرفعها عن الأرضويلاصقها به، ليضعها على سطح المكتب، دموعها مازلت تغرقه، لم ترد فقط تشده إليها وهو يغرق جانب وجهها نزولالنحرها بقبلاتمتلهفة ناريةكانت تذوب بين يديه مع كل لمسةمحترقة منه يوجهها إليها،ابتعد عنها قليلاً ويديه ما زلت تطوقها،ليسألهاوالخوف يطرق قلبه من الإجابةالمنتظرة: ""لم لم تهربي وتتهميني مباشرة إسراء؟ لم لم تشكي في ما أخبرك به؟"" تهدج صوتها وهي تختنق بالإجابة: ""لأنيأحبك، أثق بك،لأني لا أريد خسارتك، سوف أحارب أيأنثى تحاول الاقتراب منك"" عاد إليها وهو يقبل خديها حلاوته تختلط بملوحة دموعها، ليقول بصوت هادر: ""إذاً لما الدموع الآن هل هي ثورة لكرامتك أم ليأنا؟"" أجابته بحرقة: ""لا لأني أغار مراد،هذا حقي أنا أغار عليك لأني شعرت بالاحتراق عندما رأيتها بالقرب منك،أبكي لأني أردت قتلها وانتزاع رأسها عن سائر جسدها لأنها أحاطتك بيديها تلك....."" لا تعلم متى ألقىجسدها على سطح المكتب، يفك أزرار بلوزتها بتسارع قائلاً بصوت حار: ""تغارين علي،تحبينني وتثقين في، كل هذا لي أنا؟، متى إسراء؟ متى؟"" حاولت مقاومة الطوافان الذي يجرها إليه،تقاومه وصوتها يتهدج من عاطفته: ""مراد ابتعد ما الذي تفعله؟ نحن في المكتب"" رد بعنف عاطفي: ""أنا مرادك الوحيد"" ردت بصوت مبحوح تؤكد: ""أنت مرادي ونهاية سعي لا أريد سواك رجلا، ولم أحبك غيرك ولا أثق بأحد من عالم الرجال إلا أنت"" عندما هم ليكمل ما يفعل وكل عقله مغيب مع إجابتها وتأكيد حبها له، فتح باب المكتب عليهما لتطل منه سكرتيرته. شهقتها الخجولة مما ترى جعلته يتراجع معتدلا في مكانه بسرعة بينما أنفاسه ما زلت تهدر، يشد إسراء يحاول مداراة جسدها الظاهر من تحت بلوزتها بجسده لكن لم يستطع أن يسيطر على نفسه وهو يصرخ بغضب في السكرتيرة التي مازالت تقف متسمرة بعينين متوسعة بصدمة، قائلاً: ""ماذا هناك؟ كيف تقتحمين المكتب هكذا دون استئذان؟"" ردت الأخرى بارتباك وهي تزيح عينيها عنهما بخجل: ""آسفة لقد طرقت الباب ولم أسمع الرد...لدي بعض الأوراق تحتاج توقيعك على وجهالسرعة"" لم يرد وهو يشير لها برأسه ان تخرج، وهي نفذت دون إبطاء، ليسمع صوت اقفل الباب السريع خلفها واضحا. ليعود لإسراءالمرتبكة تنفصل عنه وهي تضحك بارتعاش وخجل، قائلة: ""عندما أتيت لأخبرك أمرا ما كنت متأكدة من افتعالك فضيحة"" جذبها وهو يوقفها على قدميها يساعدها بتعجل لتغلق أزرار بلوزتهافيشدها من يدها بعنف وهي تتعثر في خطواتها ليغادرا مكتبه بينما تبدي اعتراضها: ""مراد، ما الذي تفعله؟"" التفت إليها برأسه يخاطبها بشراسة قائلاً: ""اخرسي !،إلى أن نصل لمنزلنا وإلا أعدتك للمكتب غير عائب بشيء"" صمتت وهي تبتسم بقلة حيلةلتنظر لتلك الفتاه التي تراقب خروجهما وهي مازالت غارقة في الخجل مما رأته منهما منذ ثوان. لتهمس لها إسراء قبل أن يختفيا عن أنظارها: ""آسفة لما رأيت"" ************ بعد وقت قصير، وصلا إلى منزلهما لم يتبادل معها أي حديث وجسده الضخم يجاورها بتوتر ينظر لها بتأملوكأنهعلى وشك الانفجار. عند دخولهما حديقة المنزل، راقبت بعين الخيال طفلتيها ومربيتهم سحر تلاعبهما ويبدوا الثلاثة في غفلة عن دخولهما السريع، سحب يديها مرةأخرىإلى داخل المنزل متوجهاإلى غرفتهمامباشرة، أوقفها في منتصف الغرفة ليعود ويغلق الباب بالمفتاح. ليقترب منها مرة أخرى وهو يتخلص من ملابسه أمام عينيها المراقبة له، يقترب منها ببطء متمهل كأسد يقترب لينقض على فريسته، يخاطبها بتمهل: ""إذاً اسرائي سوف تعيدين كل كلمة قلتيها عندما قاطعتنا تلك الغبية"" ابتعدت عنه خطوات للوراء عند كل اقتراب منه وهي تحذره بدلال: ""ابتعد مراد سحر والطفلتين بالمنزل"" اقترب منها إلىأن ألصقها به يتلاعب بملابسها وهو يقول ببطء: "" هن دائماً في المنزل ما الجديد؟"" عندها عادت لنطق اسمه بميوعة،عندما سمعها منها، تنطقها ببطء وهي ترفع يديها تحيط عنقه: ""موووارد، مورادي، أحبك وأثق بك ولن أسمح لك وإن أردت حتى أن تقترب من امرأة غيري سأحاربك بكل قوتي"" كان رده أن يعبث بجيدها الذي يأسره بين ذراعيه بجنون، انفلات، هوس وعنف عاطفي، حاولت التحرر من طوفانه وعقلها المغيب بعاطفة كان يتبقى منه جزء أكثر يقظة لتحاول دفعه تنبهه وتنطق اسمه بعاطفة لم تستطع مقاومتها: ""موووووراد البنات"" تمتم بشراسة من وسط قبلاته يؤكد لها: ""لا أهتم"" لا تعلم متى حملها بعقل مغيب إلى فراشهماليضعها هناك وينضم إليها،حاولت الاعتدال والاعتراض لينضم إليها سريعاً ويعود لسحب استسلامها منها بسهولة لترفع رايات استسلامها وهي تهمس له بحرارة تكتسبها منه: ""موووراد أريد أن أخبرك سرا"" رفع وجههعن جيدها وهو يلهث وبعينيه رغبته الواضحة بحبها، لتتأمل مظهره المشعث بفعل يديها بنصرعليها، لتقرب شفتيها من أذنه هامسة بدلال: ""احترس من اجل الطفل لأني سوف أقوم بقتلك إن أصابه ضرر"" توسعت عينيه بذهول ليسألها: ""هل أنت حامل؟؟"" دفنت أصابعها في شعره مرة أخرى لتهمس أمام شفتيه بثقة وحب نابعة منه إليها تحاول أن تبثها له كما زرعهم فيها، لتقول مازحة: ""وهل أنت غبي لم تستوعب كلامي ما الغريب ونحن لدينا...."" لم تستطع أن تكمل كلامها عندما عاد لضمها بعنف وصوته يهدر بصراخ عال، عندها فقط أدركت حجم الفضيحة التي سوف تنتقل لمسامع سحر في الحديقةالخلفية للمنزل. **************** كانت تقف على باب المنزل المفتوح، تواجهه عندما خرج من المصعد. يقابلها جسد شاب يافع يعطي بظهره ناحيته ويبدو أنهما منهمكين في الحديث.الغضب تسلل له وهو ينتبه أنها مندمجة في الحديث مع ذلك الشاب الذي استطاع أن يتعرف عليه -نزار-. أخذ أنفاسه بضيق وهو يستمع لهزارهما بينما يقترب والآخر يخبرها: ""لقد نفذت بصعوبة من تشكك بدور عندما رأتني أخرج من وراء سور المنزل"" لترد عليه صغيرته بعتاب ترشده بتعقل: ""أنت جننت نزار سوف تقتلك بدور بدون تردد إن علمت أنك تحاصر شيماء"" تنهد بهيام يعبر بانطلاق عن مشاعره المراهقة الوليدة وهو يخبرها: ""لم أستطع ألا أراها منذ أن توقفت عن زيارتك هنا، كان يجب أن أراها لأستطيع أن أملي عيني منها"" بسخرية ردت عليه: ""سوف يقتلك ياسر حي وتمزقك بدور إلى أشلاء إن علمت بما تفعله فشيماء بالنسبة لها خط أحمر"" عندها تدخل إيهاب وهو يمسك ياقة قميص نزار من الخلف، قائلاً بصوت مرعب: ""أو أقتله أنا حبيبتي وأتخلص من سخافته"" ليردف بصوت حاول أن يجعله شريرا وعيناه تبرق بالغضب: ""ألم أخبرك يا ولد ألا تأتي إلى هنا وأنا غير موجود"" استدار نزار إليه برأسه بلا اهتمام وهو يقول: ""وكيف أعلم أنك موجود أم لا في المنزل، كما أني كما ترى أقف على باب المنزل ولم أتخطى عتبته كي لا تغضب حضرتك كأني أتسول منها"" : ""ما الذي أتى بك من الأساس؟"" رفع علبة في يده قائلاً ببرود: ""بدور أعطتني هذه العلبة وقالت أن آتي بها لمريم عندما رأتني صدفة لأنها ليس لديها وقت فاستغلت رؤيتي"" عندها ضحكت الأخرى بتوتر قائلة: ""إيهاب اتركه من أجلي"" تركه على الفور ليخطو داخل المنزل يسحبها من يدها ويهم بغلق الباب ليمط نزار شفتيه بامتعاض قائلاً وهو يحشر العلبة في الباب: ""انتظر، يا حج ! قبل أن تحجب الأميرة التي تخاف أن تخطف وخذ علبتها، لا تضيع مشواري سدى"" همس إيهاب لمريم قائلاً: ""هل تصرين أنك تخافين من غضب هناء لأني أريد أن أضربه"" ابتسمت له، لتهمس: ""حبيبي أعلم أنه مستفز ويستحق الضرب ولكن من أجل هناء، اتركه !"" بملل نبهه نزار من الحديث المكرر كل مرة يتصادف مروره مع رؤيته قائلا: ""يا حج خذ هذه العلبة ودعني أذهب.."" : ""يقول لي ..حج !"" رد نزار باستفزاز: ""وماذا أقًول لك وأنت في عمر جدي"" عندها تولت مريم الرد وهي تخطف منه العلبة تحاول منع توجه إيهاب إليه قائلة بسرعة تدعي الحزم لتنهي الحوار المشحون: ""اذهب من هنا يا ولد وإلا سوف أخبر أمك"" بامتعاض وهو يهرب من الأخر الذي يحاول الوصول إليه: ""قدر ووجد غطائه !، أنا ولد يا بؤساء؟ !"" عندما أغلقت مريم الباب توجهت إليه تحاول رسم ابتسامة باهتة، تخاف من رد فعله إذ نبهها ألا تفتح الباب لأي إنسان إذا صادف قدومه مع غيابه وعدم تواجده، تعلم أنه مازال لم يتحرر من خوفه عليها. لتقترب منه، ترتفع على أطراف أصابعها بصعوبة من ثقلها لتلثم خده.... برفق أمسك ذراعيها وهو يعيدها لتقف بشكل صحيح ليقول: "" لا تحاولِي فعلها مرة أخرى الأمر قد يجهدك وقدميك متورمة بالفعل"" تنهدت بضيق لتقاطعه: ""أنت غاضب؟"" هز رأسه بنفي وهو يتحرك إلى غرفة المعيشة يأمرها برفق: "" تعالي !"" اقتربت بذنب تخبره سريعاً: ""إنه نزار وأنا أثق به وأيضاً هو لم يدخل إلى هنا فعلا، واحترم حدوده حتى بدون علمه بعدم وجودك "" عندما اقتربت، شد يدها برفق ليجلسها على ركبتيه قائلاً بصبر، يحاول كتم غضبه منها: ""الأمر ليس في من هو؟ ولا حتى في كونه يدخل المنزل أم لا؟، الأمر وما فيه أني مازلت أقلق عليك فينشغل بالي طوال الوقت حين أكون خارج المنزل بينما أنت ترفضين أي حراسة أو حتى وجود خادمة لمساعدتك"" هزت رأسها رافضا، وهي تقول: ""ربما عند ولادة الطفلين قد أوافق أن تأتي لي بأحدهم لمساعدتي ولكن الآن أريد المنزل فارغ لي ولَك وأيضاً أنت مازال جرحك لم يبرئ بعد وتركتني لتذهب لعملك وأنا أريدك أنت لتجالسني لا أحد أخر"" رد بهدوء: ""إذاً أنت تحاولين الضغط علي مريم"" أراحت رأسها على صدره لتقول بدون تردد : ""نعم"" مسد على رأسها بتفهم ليخبرها بدون مواربة وبهدوء: ""تعلمين أني أثق بك"" هزت رأسها تحت يديه بموافقة، فأكمل يوضح لها: ""مريم عندما نبهتك سابقاً بخصوص صداقتك مع نزار كان التنبيه حبيبتي لأن وضعنا هنا يختلف، نظرة المجتمع تختلف وأعتقد أننا جربنا الأمر بأنفسنا وانظري النتيجة الأحكام يطلقها المجتمع ويتهم كما يحب جزافاً"" أطرقت برأسها وحقيقة ما يقوله تؤرقها، ألم تكن الأحكام المسبقة سبب عذابها طوال الفترة الماضية، لترد بجمود: ""أعرف إيهاب"" بهدوء أردف وهو يضمها ليقول: ""حاولي أن تفهميني، أنا لا أمانع في أن يكون لك كيان مستقل، أصدقاء تثقين في وجودهم من حولك، لكن هذا يجب أن يتم في حدود المعقول وما يسمح به المجتمع الذي تعيشين فيه، لن أطالبك أن تنهي حديثك معه إذ أعلم جيداً أنه كان مساندا لك في وقت سابق ولكن في وجودي أو أحد من العائلة، استمعي له كما تحبين وساعديه، لكن بدون صداقة قوية اتفقنا"" هزت رأسها بموافقة بدون مناقشته لتوضح:"" ولكنه أتى لأن بدور أرسلته ""، رد وهو يبتسم لها يقول: ""وأيضاً ليخبرك بتسلله لرؤية أختك الصغرى، هو يشاركك أسراره ويعتمد عليك في حفظها، وربما لتؤثري عليها أيضا"" ضحكت بجذل وهي تتذكر حماسة نزار في التكلم عن أختها، لتهدر على الفور بانطلاق قائلة: ""نعم يبدو أنه معجب بشيماء وهي أيضاً تبادله شعوره، ويبدو أنه يتسلل لرؤيتها من وقت لأخر، سوف يقتل حتماً إن اكتشفوا أمرهما"" مسد على شعرها الذي يغطي وجهها ليقول: ""نعم سوف يسبب لها ولنفسه مشكلة كبيرة، سوف أحاول التحدث معه ليقلل من اندفاع مشاعره المراهقة"" بهتت ملامحها فجأة وهي تخبره بصوت جامد: ""نعم إيهاب إندفاع مشاعر المراهقة يتسبب في كوارث كبيرة ولن تؤذى إلا شيماء، في النهاية نزار رجل لن يحمله أحد العواقب، بينما هي الأنثى التي تخطأ دائما"" تصلب هو الأخر في جلسته، يفهم مغزى كلامها وما تشير له، ليحركها برفق، يريد الهرب منها لا الخوض في الحديث مجددا ومتجنبا المزيد من العتاب، يحاول بكل قوته، أخبرها بصوت مكتوم وهو يدعي عدم الانتباه لتغيرها: "" العمل كان متراكما مريم وأرهقني قليلاً، أحتاج لَقسط من الراحة""، تركها وتحرك على الفور ناحية غرفتهما، راقبته وهي تقف على قدميها بيأس. مازال عند كل حديث بينهما يغلق على نفسه، تعلم أنها تهدر بغباء أحياناً وجعها من نفسها وألمها السابق لم يذهب عنها بعد. منذ خروجه من المستشفى منذ قرابة الشهر، لم يقربها بأي طريقة حميمة، رغم محاولاتها معه، يتحجج دائما بجرحه أو خوفه على حملها مع اقتراب موعد ولادتها، ليستغل أي فرصة يتطرقان فيها إلى الماضي ويبتعد بمشاعره، فيثير ما يحدث جنونها، والحنق حين يتسلل الخوف لها، هل توقف عن حبها ورغبته فيها كامرأة؟، ربما قد يكون عاد لسابق عهده معها؛ يحيطها بحنانه ورفقه، حتى أنه يقوم في كثير من الأحيان بتحضير الطعام بنفسه حتى لا يرهقها ولكنه مازال بعيدا عنها، تعلم أن ما يمنعه ليس الحجج التي يخبرها إياها ولكن عند أي مبادرة منها للاقتراب يبعدها عنه على الفور وترى في عينيه الألم الذي يحتله وذكرى اتهامها له في رجولته تطوف في عينيه، فيخبرها عقلها أنه ربما كره قربها لهذه الأسباب. تنهدت بيأس وهي تلحقه لتقف على باب غرفته تراه يحدق في سقف الغرفة، بينما يستلقي على السرير بعد أن استبدل ملابسه ليبقى ببنطال قطني فقط، يترك صدره عاريا وجرحه مازال ببشاعته لم يختفي، التئم بالفعل ولكن مازال الشق الطويل يظهر بوضوح ليذكرها بوجع فقدانه، قلبها خفق بعنف وهي تقترب منه بوجل لتجلس على طرف السرير تمد يدها الباردة كسائر جسدها تتلمس جرحه برفق جفل للحظة من ملامستها له ليمسك يدها يقبض عليها وهو يقول بقلق: ""لم هذه البرودة حبيبتي؟؟"" هزت كتفيها وهي تقول باستسلام: ""ما زلت كلما أرى هذا الجرح أعود لتذكر الحادث وأرتعب خوفاً من فقدانك مجددا "" طوَّق خصرها بيديه ليشدها برفق يمددها بجانبه يلصقها بصدره وهو يريح رأسها على قلبه ويميل ليضع قبلة فوق شعرها قائلاً بهدوء: ""لن أذهب لأي مكان، أنا بجانبك دائماً، أريدك أن ترتاحي مريم من أفكارك وأن تنسي هذا الحادث حبيبتي"" غمرها في أحضانها يبثها ما تحتاج من دفء وهو يستشعر برودة سائر جسدها بين يديه تنهيدة ندت من قلبها وهي تستشعر الراحة بين ذراعيه، جسده المتوتر الملتصق بها يخبرها أنه يكبح رغبته في حبها بصعوبة، ومثل كل مرة في الأيام السابقة حاولت معه وهي تغمغم له بنعومة قائلة بتعليق مغري: ""تستطيع أن تدفئني بطريقة أخرى وتنسيني ما حدث"" تنهد بكبت؛ نفس محاولتها التي لم تهدأ ألا تعلم أنه يستدعي كل قوة لديه ليقاوم نفسه عنها، ليست بحاجة لبدل مجهود لإغرائه، فيكافح نفسه ومحاولاتها ليمتنع عنها، الغبية لا تعلم حجم معاناته وخيالاته التي تعذبه وأنه يستدعي كل ضبط نفس تعلمه سابقاً وأفلت معها هي في الماضي حتى لا ينجر إلى تحقيق ما تريد، ربما ما يخبرها بِه صحيح، خوفه وقلقه عليها لكنه ما يمنعه عنها عند كل تلامس بينهما ذلك الوجع الكامن في صده فيؤرقه، عند تذكره ألمها منه، ما حدث بينهما مازال ذكرى ألمه حيا يسكنه، كم يريد التحرر منه ولكنه مازال يحاربه بقوة لينسى. بحزم أمرها يتلبس فظاظة النبرات، ليدعي البرود وعدم تأثيرها عليه بينما مازالت يدها تتلمس صدره بإغواء: ""نامي مريم واتركيني أرتاح، حاولي أن تجدي بعض الخجل ليمنعك عما تطالبيني به بإلحاح"" دفنت رأسها في صدره وهي تقول بسخط متبرم: ""أنت لا تطاق ولا أعرف لما أتحملك حتى الآن؟"" ضحك بصوت مكتوم وهو يخبرها بتأكيد: ""لأنك لن تستطيعي البعد عن أحضاني بالتأكيد"" باستلام هزت رأسها بتأكيد وصمتت بعد وقت قصير كان قد ذهب في النوم كما أخبرها وعلامات الإرهاق ترتسم على وجهه بوضوح، تأملته في نومته، لترتفع قليلاً تتحرر من تأملها لملامحه فتخبره: ""نعم إيهاب لأني لا أستطيع البعد عنك حتى دقيقة واحدة، أنا سامحت فمتى تتحرر أنت من سجنك وتنسى مثلي، تطالب بإلحاح أن أنسى وأنت الذي لم ينسى بعد، مازلت هناك إيهاب تحبس نفسك في ذلك اليوم ومع تلك الذكرى حتى هذه اللحظة، وهذا يؤرقني حبيبي، أرجوك إنسى."" *************** بعد ساعات استيقظ من نومه وهو يستشعر فراغا بجانبه، نهض ببطء من الفراش يبحث عنها في أرجاء المنزل ليستمع إلى صوت صادر من ناحية المطبخ، اقترب ببطء ليقف على بابه يراقب ما تفعل باستمتاع مماثل لها، كانت تغمض عينيها بانتشاء، تتذوق حلوى شرقية مكسوة بالشوكولا، تتناولها بنهم من تلك العلبة التي كان قد أتى بها نزار سابقا. تصدر صوتا نهما مغريا لرجل جائع فيتابع بنهم هو الآخر همهمتها المتكررة عند تناولها كل قضمة منها. حاول تصنع الجدية يكابد ليتحرر من إغوائها، لكن رغما عنه كانت النار قد تمكنت من جسده لتسري فيه مع مراقبتها، أعصابه تحترق لوعة واشتياق كغر لم يرى النساء من قبل. مرر عيناه يتأمل وقفتها بقميص قطني أبيض يفصل جسدها الممتلئ بإغراء حتى بطنها المنتفخ يجذب النظر ليسرح على جسدها الناعم مثلها بنظرات انسيابية وصولا لذراعيها وعنقها الأبيض المكشوفين من قميصها، مغرية أنت ناعمتي إن قصدت أم لم تقصدي ! ابتلع ريقه بتوتر، ليقاطع استمتاعها مع استنفاد قدرته، يدعى التماسك وهو يقول بصوت أجش مختنق بعاطفته رغماً عنه: ""ما الذي تفعلينه ألم تحذرك الطبيبة من عدم تناول السكريات"" شهقت من المفاجأة وهي تفتح عينيها بارتباك وفمها مازال مملوءا بقطعة الحلوى لتقول مرتبكة بصوت محمل بالذنب: ""كنت جائعة"" عقد ما بين حاجبيه وهو يكتف ذراعيه على صدره وكأنه يخبرها بأنها كاذبة فاشلة، لتهز كتفيها باستسلام قائلة: ""حسناً أنا لا أستطيع مقاومة طعم تلك الحلويات وأحتاجه بشدة وبدور ترسله لي من وقت لأخر"" رفع حاجبا وحدا وهو يقول: "" وإذن !!؟؟"" ابتسمت له ببهوت طفلة مذنبة قائلة: ""إنها لذيذة ولا أستطع مقاومتها أنت لن تمنعني عنها لقد اقترب موعد الولادة على كل حال القليل منها لن يضر"" اقترب منها بهدوء وقلبها يخفق بعنف عند التقاطه إحدى الحبات يقربها من فمه وعينيه تراقب وجهها المتوتر يتناولها مدعيا الاستمتاع مثلها يغمغم بلذة مغرية وهو يقول: ""حلوى بلح الشام إختيار موفق يا مخادعة"" ابتسمت بحبور وهي تقترب منه تبتسم بخبث وقد عزمت أخرها أنها لن تترك فرصتها، محاولة أخرى لن تضرر بعد أن التقطت محاولته هو الأخر لمجاراتها لتضع إحدى يديها على صدره العاري الدافئ وباليد الأخرى تلتقط حبة من بلح الشام، لتضعها ببطء أمام عينيه المراقبة تهمس له وتقول: ""أخبرتك أنها لا تقاوم"" وضعتها في فمها لترتفع على أطراف أصابعها تلامس طرف فمه بها في دعوة صريحة منها ليتناولها معها، رعشة استجابته اكتسحتها بينما انحنى ببطء يراقب عينيها بعاطفتها التي تتألق لأجله تحدثه عن اشتياقها وما تسعى إليه، التقط طرف القطعة المقدمة له بتمهل فيمضغها ببطء ليصل إلى شفتيها يلمسها بإثارة وهو يمضغ باقي القطعة من بينهما فيغمغم من بين قضمة وأخرى باستمتاع لملامسة شفتيها: ""لذيذة"" تجرأت أكثر وهي تلتصق به تقول بصوت أجش: ""ما هو إيهاب؟؟"" التقط شفتيها يقبلها برقة يأخذ طعم العسل من شفتيها المخالط لطعم الحلوى ليخبرها وهو يغمغم لها وقبلته تنزل إلى طرف فمها يلتقط بقايا الحلوى بلمس خفيف مثير: ""أنت وحلاك المتسللة يا مخادعة لم أتذوق من قبل أجمل منهما"" يديه ازدادت جرأة وهو يرفعها عن الأرض قليلاً، بحرص ينثر قبلته على ما يطوله من وجهها وعنقها نزولاً إلى جسدها عندما قابلت جرأته بلهفة وحرائق مماثلة حاول أن يجعل عقله يتوقف عله يجبر جسده أن لا ينهار معها. بصعوبة وجهد ابتعد عنها يتبادلان نظرة ملئ بالمشاعر الجياشة أنفاسهما الساخنة تلفح أحدهما الأخر لتقاطعه بصوت لهث وهي تقترب منه مرة أخرى تتلمس صدره بنعومة وهي تهمس بتردد وبخجل حقيقي تمكن منها: ""أنا اشتقت لعاطفتك نحوي، هل هذا فعل عديم الحياء مني أريد ألا تتركني إيهاب هذه المرة أكمل ما بدأت..."" اقترب منها يتلمس فكها بحميمة قائلاً بصوت خشن: ""لا هذا حقك في تستطيع المطالبة بها عندما تريدين"" كبح رعدة جسده بقوة عندما التصق جسديهما مرة أخرى باقتراب مهلك وناقوس الخطر يدق في عقله يخبره بالابتعاد لا تكرر خطئك مرة أخرى واستمع لصوت العقل يجب أن تفهم قبل أن تكرر فعلتك معها كان يجاريها في التصاقها الحميم بت، يقبلها وينثر قبلاته بتفرق على طول وجهها متذبذبا بين نداء رغباته وصوت عقله، وأخيرا استطاع عقله أن ينتصر بصعوبة لينفصل عنها بكبت أمام أعاصير شوقه الذي يحاربه ويكاد يفتك بكليهما إن سمح له. بتشوش وجسدها الهش كان يوشك على الانهيار بين ذراعيه، فتحت عينيها ترفرف بأهدابها وكأنها تسأله عما حدث، بصوت مرتعش قالت: ""لما توقفت أخبرتني أن هذا حقي"" بتوتر وأنفاسه الثائرة لم تهدأ بعد أخبرها: ""مريم يجب أن تعلمي أنا لا أرفضك بل أقاوم رغبتي بسهولة فهي تفوق أي محاولة منك لوصالي... ولكن قبلها يجب أن نتحدث"" بيأس أخبرته: ""نتحدث في ماذا أنت ترفضني، لم تعد تحبني، هل تعلم ما الشعور المقيت الذي يتمكن مني عند كل مرة وكل رفض منك لي"" ضمها بهدوء وجسده الصلب لم يهدأ بعد يحاول بثها الاطمئنان: ""أخبرتك أنا لا أرفضك لمجرد الرفض مريم، أنا أحافظ عليك صغيرتي وعلى الطفلين، دعينا نتحدث أولاً حبيبتي"" بتشوش وقلق سألته: ""نتحدث، فيما سنتحدث إيهاب "" أبعدها عنه قليلاً وهو يبتسم بارتعاش متوتر قائلاً: ""توضيح بعض الأمور "" بعد قليل كان يجلس ويجلسها بين ركبتيه المفرودة يحيط بجسدها، يضم ظهرها إليه ويريحها على صدره في الشرفة المطلة على النهر، مسترخيا على بعض الوسائد المنثورة على الأرض كان أحضرها خصيصاً لها منذ أسبوعين عندما لاحظ ارتياحها للجلوس على أرضية الغرف أكثر من الأرائك. كان الصمت يسود جلستهما بعد أن استطاع بصعوبة أن يهدئ انفعالاتها ويسيطر على نفسه لوقت طويل قطعه هو، يحاول أن يبدأ الحديث بشكل ودي مريح، ليذكرها بماضيهما البعيد قبل أن يتزوج منها: ""لقد أتيت لك برباط شعر على هيئة قطتين"" التفت تنظر له لتقول بغيظ: ""حقاً يا لفرحتي، لقد تحررت من دور الزوج لتعود لدور الأب"" ضحك بقوة وهو يلف رأسها للإمام مرة أخرى، ليعبث بشعرها يقسمه إلى جزئيين متساويين ويخرج ما أخبرها ليربط لها شعرها على هيئة قطتين أدارها إليه يتأمل وجهها بملامحها الناعمة الغاضبة بسخط عليه، يحتويها ويجمع شعرها بعقدتيه لتذكره بطفولتها البعيدة القريبة عندما كانت تجبره أن يسرح لها شعرها بنفسه، ابتسم وهو يرفع يديه يحاوط وجهها ليقول بصوت أجش: ""كما الماضي لقد عادت قطتي وطفلتي"" نظرت إليه بسخط لتخبره بامتعاض: ""في الحقيقة سيد إيهاب أنا لست طفلتك بل زوجتك وتذكر أيضا أني لم أعد قطتك""، لتعقد حاجبيها مدعية التفكير لتنطق ببطء: ""أو ربما أنا بالفعل قطتك الأليفة بالنهاية القطط تأتي بتوأمين ويصادف أني أحملهما، إذاً أنت لم تخطئ"" عادت ضحكاته تترد بقوة وصخب في أرجاء الشرفة. نظرت له بغيظ وهي تهتف: ""هذا ليس مضحكا البتة، ماذا أفعل حبيبي للحق أنت أجدت التشبيه وأنا وضحت الأمر فقط"" عندما انتهى من ضحكته، عاد ليحاول ضمها بينما أبعدت ذراعيه من حولها بحدة وهي تفرد جسدها تتمدد وتضع رأسها على إحدى ساقيه. عدل وجهها لتواجهه وهو يطل عليها من علو ليقول محاولا ترضيتها: ""لا تغضبي ولكن أنا أجدت التشبيه كما قلت، وأنت أجدت التوضيح"" أغمضت عينيها وكأنها تخبره أنها مازالت غاضبة ساخطة بسبب تفكهه على حسابها. عاد لهدوئه وهو يعقد عزمه على أن ينهي الأمر مازالت تربط أمر علاقته معها بالحب، تأخذه محور حياتهما وهو المخطئ عندما كان يثبت لها، دائماً إنها الشيء الوحيد بينهما كزوجين مرر يده على وجنتها، ليقول بصوت أجش خافت: ""اسمعيني حبيبيتي، بدايتنا كانت خطأ، سوف أجيبك على كل أسئلتك الغير منطوقة والتي تشوش تفكيرك الواضح، أعلم أن ممارستنا للحب لم تكن لشغفك بها فقط بل كنت توافقين عليها وتلجئين إليها لأنها في اعتقادك التعبير الوحيد عن الحب واثبات نجاح علاقتنا"" فتحت عينيها ببطء تنظر لوجهه الهادئ الملامح لتنفي بتردد: ""لا أنا كنت أبادلك عاطفتك لم...."" وضع يده برفق ليقول بصوت رتيب: ""لا تقاطعيني، ربما لم أنتبه في السابق لهذا حبيبتي ولكن ما حدث جعل عقلي لا يتوقف وأنا أراجع كل ردة فعل منك عند كل لقاء حميمي بيننا مواجهتك لي وأنت تصفين علاقتنا كيف كنت ترينها"" هزت رأسها ببطء تتمتم من تحت يديه قائلة: ""لا ما أخبرتك به كان تنفيسا فقط في لحظة غضب لا أنكر أن معظمه كنت أشعر به وقتها ومقتنعة بأنه الحقيقة الثابتة لذا كان صحيحا حينها ولكن"" لم تُمحى ابتسامته وهو يقول: ""أنا لا تهمك بشيء ولا أريد ذكر ما حدث ولكن أريد أن أوضح لك بضع نقاط لنبني حياتنا سوياً على أساس جيد "" أخد نفسا عميق وهو يحرك يده ليمسد على شعرها برفق، ليقول: ""مريم العاطفة الجسدية شيء مهم وأساسي في العلاقة الزوجية ولكنها ليست محور الزواج وقد كان ظلما مني لك وأنا اثبت لك مرة تلو الأخرى أن علاقة الأزواج تعتمد على هذا فقط، هناك أشياء أخرى يا قلب إيهاب أهم، رعايتي لك، اهتمامي لمشاعرك، حمايتك، تفهمك، المودة والرحمة المتبادلة بيننا ثم السعي لجعلك أفضل وأن تبني نفسك لأجل نفسك ولعائلتنا الصغيرة أيضا، هذا هو الحب الحقيقي حبيبتي، المعاشرة الزوجية فقط ليست دليلا لإثبات حبي لك بل هو التوازن لعلاقتنا ولأجل السعادة المتبادلة بيننا، التفاهم والمصارحة يا مريم، أساس لا تستقيم دونه أي علاقة فما بالك بالزواج..الزواج حياة مريم فكيف ستمضي بيننا إن لم يصرح أحدنا للآخر بكل ما يشعر به، الوضوح والاهتمام والحرص عليك، كل ما حدث حبيبتي سابقا لأني قصرت في ذلك وعلاقتنا اعتمدت على الحب فقط"" كانت تتابع ابتسامته وهدوئه وهو يحدثها برفق، تتفهم كل كلمة تخرج منه، تشعر بالتيه نعم، هذا ما كانت تريده ولم تستطع أن تطالبه به في السابق أو حتى كانت تجهل معناه، كانت تعلم أن علاقتهما ليست سوية و ينقصها العديد من الأشياء ولكنها كانت متخبطة ولا تعلم طريقها ولا ما ينقص فعليا. لم ترد وهي تخرج تنهيدة مكبوتة كل لحظة وأخرى تتأمله كما يتأملها. ثم برفق مال عليها، يقبل شفتيها الرقيقة بهدوء ليعتدل مرة أخرى وهو يخرج حاسوبه من تحت إحدى الوسائد عندما يئس من ردها وملامحها التي لا توضح أنها فهمًت ما يحاول أن يخبرها به، ويشرحه لها باستسلام وكأنه يريد أن يفضي كل ما كان يخفيه عنها ليبدأ هو بالمصارحة التي شرحها هو الآن ليقول: "" حسناً مريم أريد أن أريك شيئا ما "" اعتدلت ببطء وعينيها تبرق بفضول منذ أن تحدث عنه في المستشفى وهي تشعر بالفضول بينما يؤجل هو الأمر كل مرة ويزيد فضولها عند كل تردد منه يبديه. راقب عينيها اللامعة باهتمام، ابتسم ابتسامة جانبية وهو يجذبها ليعدل جلستها بين ذراعيه يضم جانبها إلى صدره حتى يستطيع أن يراقبا الحاسوب سوياً وهو يضعه أمامها قائلاً: ""أيا كان ما سوف أريه لك الآن لن يؤثر على علاقتنا مريم، سواء أرضاك أم لا، فهذه هي الحقيقة الوحيدة أنت زوجتي وحبيبتي"" نطقت أخيراً بتوجس وهذا الغموض والتردد منه يجعل عقلها يخاف رغماً عنها: ""لم ماذا به الحاسوب؟"" فتح الحاسب وهو يضمها بأحد ذراعيه ويده الحرة تعبث بالأزرار لتفتح ملفهم السابق ذو الرموز. مرت أمامها صورهما الخاصة بتعجل وهو يميل يلثم جانب وجهها المواجهة له عندما امتدت يدها توقفه وهي تقول: ""انتظر أريد أن أرى صورنا مرة أخرى"" تمتم لها من فوق وجنتها: ""سوف ترينها كما تحبين لاحقا فقط اصبري حتى أتخلص من هذا الحمل الذي يطبق على صدري وأريك ما كنت أسعى إليه"" كان أول مستند فتحه أمام عينيها باللغة العربية والإنجليزية على حد سواء، كان اعترافا منه بزواجهما ومرفق به عقد الزواج أشار إليها بصمت لتنظر إلى تاريخ ورقة الاعتراف وهو يتأمل باهتمام ردود أفعالها. نظرت إليه مصدومة كانت الأوراق بتاريخ يتبع تاريخ عودتهما من إسبانيا بأسبوع واحد فقط، هذا يعني أن الأمر لم يكن ابدا كما رسمته وتخيلت، لم يكن ....أبدا لتكون معاناتها بذلك الحجم لو علمت! همس لها بهدوء وهو يقول: ""عندما أتمتت زواجي منك انتابني الخوف والقلق المحمل بالذنب، سألت نفسي كثيرا عما قد يحدث لك إن أصابني مكروه، كيف ستستطيعين متابعة حياتك وشرح موقفك للجميع"" التفت إليه تناديه بصوت مبحوح يفضح تعجبها: ""إيهاب!""" "تكمله الفصل الثلاثون والاخير أعاد رأسها برفق على كتفه وهو يقول بهدوء: "" انتظري يا روح إيهاب ! "" قلب الملف سريعاً أمام أعينها قائلاً: ""وهنا أردت أن أؤمنك لأني أعلم أنك لن تجدي سندا بعدي، فنقلت بعض الممتلكات باسمك"" كانت ترتعش وهي تنظر مذهولة للتواريخ وما يخبرها بت، ليصل إلى بعض الأوراق يأمرها برفق: ""هل ترين التواريخ هنا، عندما بدأت ثورتك قبل اكتشافي لحملك كنت أسعى جاهداً أن أثبت حقك أو على الأقل أجد طريقة أخرى أي طريقة كانت المهم إثبات زواجك مني حتى لو تنازلت عن جنسيتي الأمريكية ولكن كان هذا سيكون صعبا أيضاً ولم أجد ثغرة في القانون تساعدني لتحقيق رغبتي هذه"" أدارها إليه وهو يحرك الحاسوب جانبا، يبعده عنها. أخذ أنفاسه بعمق يراقب تشوش أفكاها من ملامحها، معترفا وصوته رغما عنه ينضج بالألم من اتهام الجميع له ليقول: ""لم أتحرك من أجل الطفل فقط، ربما هو كان سببا رئيسيا لأكثف محاولاتي في الإسراع والبحث عن ياسر واستسلامي لمخاطبته لأنه كان أقصر الطرق، لن أكذب عليك أنا كنت أرفض أي مبادرة لمكالمته حتى لا يتعرف عليك، أنا أخبرك الآن وأبسط الحقائق أمامك لأني أردت أن تعلمي أني كنت أحاول من قبل اكتشافي لحملك، لأني كنت أخشى عليك أنت، حاولت أن أحميك وأرجع لك حقك الذي أهدر على يدي، أنا أخطأت مريم وبشدة، أهنتك حبيبتي ولكني حاولت الإصلاح....أنا"" توتر وهو يراقب وجهها، يجاهد بينما يخفي المرارة وهي تقول: ""هذا رائع إيهاب، مؤثر جدا، أنا أشعر بالخجل حاليا، لا أدري ما أقول؟، أنت كنت تحميني بينما أنا اتهمك ولكن ماذا فعلت تلك الحماية لي، لما لم تصارحني، لما كنت تشعرني بإحساس العار وتوصم حبنا بالذل عند كل لقاء يجمعنا كنت تحجب عني كل سعيك هذا، تأخذ ما تريد وترحل فتوهمني أنك لا تهتم....ليتك أخبرتني إيهاب...ليتك ...وليتني..."" الحقيقة فيما تقول صدمته، مع بشاعتها لم يستطع نكرنها، ليقول بجمود وإقرار يحاول أن يجعلها تتفهمه: ""مريم هل تدركين حقاً كيف أراك بعيني ! أنت طفلتي التي ولدت على يدي، كبرت بين ذراعي، ثماني عشر عاماً أخذ عنك كل قراراتك بدون الرجوع إليك لأني أعتقد أن هذا الأفضل لمصلحتك"" صمت لبرهة وهو يضمها أكثر إليه يحجب عنها تألمه الواضح التي تفضحه عينيها يحجب عنها تلك النيران الذي يتلظى بها، عند كل ذكرى تطوف في عقله لتألمها. ليردف بخفوت يداري ضعفه البادي من كلماته: ""عندما تم زواجنا مريم، اتهمتك أنك من بدأتِ، ربما كان هذا صحيحا ولكن غفلت أن أخبرك أني كنت أحترق بنيران أشواقي التي تهفو لوصال واحد منك، كنت أكاد أجن للمسك فقط، لمسك ليعود عقلي يخبرني بجنوني، كل حين كان ينقر دون توقف هذه طفلتك، ابنتك، كيف تفكر فيها كامرأة !، ضميري كان يتعذب، يجلدني بسياط الحقيقة المرة فارق العمر بيننا، استحالة العلاقة وعوائقها، أنك أمانة بين يدي يفترض أن أحميك من الجميع فكيف أكون أنا الجاني الأول والوحيد !، كيف؟؟"" أغمض عينيه بقوة وهو يسحب أنفاسه لداخل صدره المشتعل بقوة، يضم جسدها الذي يرتعش بين يديه يكبله وكأنه عاجز عن تركها ليكمل حديثه يسترسل في اعترافه: ""وانهارت مقاومتي، رفعت رايتي، صغيرتي الخاصة عشيقة سرية أطيب بها أوجاعي وأبحث فيها عن راحتي لأجد سعادة حرمت منها منذ حداثة سني بين ذراعيها"" عندما حاولت الفكاك منه وجسدها يهتز بين يديه أبعدها عنه برفق ليجد عينيها تناظره بوجع مهلك، لم تبقى فقط عينيها تجلده بذنب بصمت. أكمل اعترافه باستسلام وهو يواجهها: ""لم أكن أعلم أنا ألمك ولم أقصد أن أجعل وضعك مهين""، صمت لبرهة ليكمل الحقيقة المرة قائلاً: ""أنا كنت غافلا يا مريم، لاهيا فيما أنهله منك وأطيب جروحي الخاصة، كنت أبرر أنانيا، جبانا كليا وأنا أبرر لنفسي...أتصدقين !، أبرر لها بأن أحدا لن يحبك ويفهمك مثلي، أن ما أفعله لأحميك، فلجأت لبضع أوراق اثبت حقي فيك وتناسيت أساس العلاقة الزوجية، نسيت الحب، المصارحة، نسيت أن أفهمك، كنت اكتفي بأن طفلتي بين يدي ولن تفهم ما أفعله أو لن تهتم بتفسيره يكفيني فقط هي تتقبل ما أقدمه لها في الوقت الذي أحب وبالطريقة التي أريد بامتنان...أخرس"" أسبل أهدابه لدقيقة كاملة مكتفيا بالصمت، كأنه يحجب عنها نفسه لينطق بعدها قائلاً: ""لن أحاول الإنكار وادعي البطولة وإن كنت أفعل وأحاول أن أبرر خطئي في حقك"" بإقرار أردف: ""لأني لو لم أكن أنانيا ما كنت ارتضيت لك الوضع السابق"" نظرت له بحدقات مهتزة كسائر جسدها وهي تتنهد بقلب مثقل بصوت خافت لائم رغماً عنها قالت: ""جيد أنك تعرف، لن أنكر أن ما رأيته الآن ربما أسعدني ولو قليلاً جعلتني أعلم أنك بالنهاية كنت تهتم وأن لدي قيمة عندك، قيمة ترضيني بقلبك وعقلك ولكنك اعترفت بنفسك أنك كنت تعاملني كعشيقة حتى لو كنت تثبت حقي فيك كعادتك في السر مستترا ولكنك حاولت وهذا ربما يغفر لك عندي ويجعلني أتقبل الماضي بشكل أسرع"" كانت تتأمل وجهه الذي بدا عليه الألم وكأنه يحمل هموم العالم فوق كتفيه لينتقل إليها ألمه رغماً عن كل ما حدث ويحدث بينهما، هي لا تطيق رؤيته يتألم أو يعاني، يكفيها الألم الذي تسببت فيه له، لقد أخذت بحقها من الجميع ومنه هو أولهم. لتنطق بهدوء وهى ترفع يديها تحيط وجهه بينهما لتقول: ""إذاً أنت أخطأت وأنا أخطأت ألن ننتهي لقد وعدتني في المستشفى أنك لن تؤلمني مرة أخرى وأنا أخبرك أنا أتألم إيهاب من ابتعادك عني هذا يقتلني، الوجع يتسلل لي ببطء عندما أرى في عينيك أنك ما زلت هناك محبوسا في تلك الليلة التي أهنتك فيها، محبوسا في ماضينا الأسود القريب، فمتى تتحرر لما تصبح كالحلم عندما أقترب وأظن أني حصلت عليك وربحت سعادتي وهدوئي، تفلت من بين يدي هارباً وتأخذ سعادتي معك"" عندها أجهشت في البكاء مرة أخرى وهي تقول بحرقة: ""أنت قلت أن أخر دموع لي هناك على فراش مرضك، أنهيتها على صدرك إذاً لما تصر أن تجعلها تفارق عيني"" عندها احتواها مرة أخرى، بقلب وجل خائف عليها، يهددها بين يديه يراضيها وهو يقول: ""أنا آسف، أخبرتك سوف أظل أعتذر منك كل ليلة وكل يوم إلى أخر يوم في حياتي"" ضربته على صدره بعنف وهي تشهق بغصة بكاء قائلة بسخط: ""أنا لا أريد اعتذارك تباً لك فقط توقف عن إيلامي وتذكيري بالأمر، أحب أن أخبرك كل ما قلته لا يعنيني ولا أريده"" شدد من احتضانها، يضم يديها التي تخبطه على صدره بعنف ليمددها بعدها برفق على الوسائد المحيطة بهما ويتمدد بجانبها ليقول برفق: ""حسناً لا تنفعلي سوف أتوقف، كنت أحتاج لإيضاح بعض الأمور، لتغلق تلك الصفحة بشكل نهائي أعدك ألا أتحدث في الأمر مرة أخرى"" هدأت سريعاً وهي تدفن رأسها على كتفه ليتحول بكائها إلى شهقات متفرقة لتقول بهمس: ""أنا لا أريد وعودك فأنت تخلفها معي كل مرة، أنا بالذات من بين البشر"" ضحك بخفوت وهو يسحب إحدى الوسائد ليضعها بينهما أسفل بطنها مباشرة برفق. رفعت وجهها إليه تهمس من بين شهقاتها التي تهدأ باستغراب من فعلته البسيطة: "" أنت تذكر !"" أجابها هامساً: ""ومتى نسيت شيئا يخصك؟ أعلم أن تلك الوسادة تريح من ثقل حملك قليلاً أثناء النوم"" بعيون دامعة مترجية وهي تنظر إليه نطقت: ""أنا لا أريد الوسادة ولا أريد حنانك الذي تحيطيني به لا أريد عاطفة الأبوة الجافة التي أصبحت تغلف سلوكك معي"" عقد حاجبيه باستفهام سائلاً: ""إذا ماذا تريد أم أطفالي !؟"" علت شهقتها مرة أخرى وهو تقول بسخط: ""أنا أريد أن أكل المانجو بطريقتك الخاصة"" **************** بعد يومين من حديثهما استمرت معاملته لها كما في الأيام السابقة، يحنو عليها، يعاملها برفق ولا يذكر الماضي بأي طريقة ولكنه مازال يبتعد عنها، لم يقربها بأي طريقة حتى، القبلات المسروقة منه منعها عنها تماماً، وهي توقفت، اكتفت، لم تعد تطالبه بشيء، بل تتقبل ما يمنحها إياه بصمت، تسايره في مزاحه وهزاره وانطلاقة تصرفاته معها، فقط تستمتع بتلك الشخصية التي اكتشفتها فيه بتمهل، إيهاب أخر غير هذا الجدي، الوقور والعاقل. كان يشاكسها بصبيانية طول الوقت، يمازحها وهو يحذرها أن تأتي له بفتاة وإلا سوف تعاقب، عندما استنكرت وكيف تفعل ذلك رد لا أهتم. بغيظ منه وهي تراقب وقفته على حوض المطبخ يقوم بغسل بعض الأطباق بنفسه دعت الله أن يكون ما تحمله صبيين حتى تستمع بإزعاجه فقط كما يثير حنقها. وقفت ببطء وهي تخبره بجفاء: ""أنا سوف أنام"" نظر إليها بطرف عينيه، وقفتها الجامدة مازالت ساخطة وغاضبة، لم تتفهم خوفه عليها، ربما سوف يجاريها، ففي النهاية هي ليست المرة الأولى التي تحمل وبالتأكيد ليس هناك رجل يمنع نفسه عن زوجته ولكن يريد بداية جديدة مميزة لهما وربما يستطيع اليوم مفاجأتها بما طلبت ليقول بهدوء: ""ألا تحبينني، ابقي معي قليلاً"" بنفس نبراتها الجافة ردت: ""لا، إن كنت أنت تريد قربي فتعال أنا لن أمنعك"" ابتسم في أثرها بمشاكسة يستمتع بغضبها المستتر، لن تتغير طفلته الساخطة إن أرادت شيء يجب أن تحصل عليه دون إدراك العواقب، تنهد بقوة وهو يؤكد نعم طفلة وإلا ما كانت نست بسهولة كل ما حدث بينهما وتتصرف بعناد متزمت طوال الوقت. بعد ساعة،، رن جرس المنزل ليتوجه إلى الباب على الفور حتى لا يوقظها، بعد أن ذهب للاطمئنان عليها وجدها تغط في النوم بالفعل، يبدو أنه كلما اقترب موعد الولادة زادت ساعات نومها، فتح الباب ليجد مساعده الشخصي في وجهه، ابتسم عندما لمح حافظة الأطعمة الضخمة التي يحملها ليتناولها منه على الفور وهو يسأله بتأكيد: ""من نفس العنوان الذي أعطيته لك؟"" ردت مساعده باستغراب من الطلب الغريب لصاحب عمله، أرسله إلى خارج البلاد خصيصاً ليأتي فقط ببضع........ قاطع تفكيره إيهاب وهو يسأله بجدية: ""أين ذهبت أكرم؟ هل هي من نفس المكان أجبني؟"" رد الآخر بعملية وهو يقول: "" نعم نفس العنوان سيد إيهاب، وتأكدت من الشخص الذي وصفته لي، أتيت لك بها بنفس الطريقة التي تريدها ولم يصبني إلا الإرهاق من هذا الجنون !، هل كان يجب أن أذهب لبلد أخر فقط من أجل بضع شرائح من ...."" ببرود رد عليه إيهاب قائلاً: ""اذهب أكرم، لا أحد طلب شرحك ورأيك العاقل، ولا أريد سردا لمعاناتك، لذا هيا من هنا "" أغلق الباب في وجهه بدون سلام !. ليهبط المساعد يضرب يدا على الأخرى وهو يقول: ""لا حول ولا قوة إلا بالله، كنت عاقلا قبل زواجك سيد إيهاب، رحم الله عقلك الذي كان يزن بلدا بأكمله ..."" أما الأخر كان ينظر لما بين يديه بانتصار. كان قلبه يرتجف إثارة وترقب من ردة فعلها، عندما ترى ما بين يديه، توجه مسرعاً إلى الغرفة وهو يعقد العزم على أنه حان وقت مراضاتها وربما مراضاة نفسه فيها، لن ينكر أنه يحترق ولا يستطيع إلا تخيلها بين ذراعيه يحرقها طوفان أشواقه. وضع العلبة جانباً، ليجلس بجانبها على السرير يكاد يلتهمها بنظرات عينيه الجائعة وهو يوقظها بتعجل، فتحت عينيها بتشوش قلقل تنظر لعينيه اللامعة. اعتدلت على يديها نصف اعتدال وهي تسأل بعدم فهم: ""ماذا هناك؟؟"" أمسك كتفيها يضمها إليه باختناق عاطفي ربما يستطيع أن يوصل لها حدة مشاعره ويجعلها تفيق سريعاً. تأملته عاقدة حاجبيها وهى تزيح عنها أثار النوم قائلة بتعجب: ""ماذا إيهاب ما بك؟؟"" أبعدها قليلاً وهو ينظر إليها بعبث قائلاً بإثارة: ""أريد أن أكل المانجو يا قلب إيهاب"" تأملته بترقب وهو يقترب منها كانت تريد أن تستفهم ما الذي يحدث معه ولكنه لم يعطها حتى الفرصة وهو يميل عليها ليغيب عقلها معه في قبلة عاصفة جائعة شغوفة. بادلته قبلته بتعطش، رفعت يديها تضمه إليها بلهفة تستقبلها كتائه في صحراء ووجدت قطرات ماء. أما هو فكان يتحرر بها من كل قيد فرضه عليها وعليه في الشهور الماضية ،كان يتحرر من كل ألم مر عليهما يستسقي منها كل حرمان في بعدها عنه كان يأخذ بلهفة يبتلع دون شبع ولكنها كانت مختلفة فقد كان يمنحها دون أنانية كما يأخذ منها. انفصل عنها مرة أخرى ليضع جبهتها على جبهته وأنفاسه الثائرة لم تهدأ. لتقول هي بمشاكسة وأنفاسها هي الأخرى لم تهدأ: ""لا تقل أنك أتيت توقظني لتقبلني كالعادة وتعطيني إحدى محاضرتك في عدم أهمية العلاقة الزوجية بيننا"" ضحك بأنفاس متقطعة وهو يمد يده يأخذ حافظ الطعام يدسه بينهما قائلاً بشيطنة صبيانية يجاريها: "" لا بل أيقظتك لأشرح لك أهمية تلك العلاقة وأنا سوف أذبح فعلا إن رفضتِ"" نظرت لما بين يديه وهي تقول: ""هذا يتوقف على معرفة ما بين يديك لأني ربما وفقاً لغيظي منك قد أفعلها"" مال إليها مرة أخرى يقبل عنقها بقبل نارية يتمتم من بينها: ""هل أهون عليك؟؟"" تمسكت بكتفيه ومازال الحافظ بينهما لتقول وما يفعله يذهب بعقلها: ""لا لا أستطيع"" ابتعد مرة أخرى يبتسم بانتصار خبيث وهو يفتح الحافظة قائلاً: ""كنت تريدين أكل المانجو على طريقتي وأنا كنت أريد من يومها أن أطعمك إياه قطعة..قطعة في كل لحظة بيننا ولكن آثرت الانتظار""أردف يوضح وهو يمد يديه يحرر إحدى الأطباق المتراصة بداخل الحافظة ليلتقط إحدى القطع بيديه يقربها من فمها وهو يقول بعبث يرقب تألق عينيها اللمعة بعشقها الذي لا ينتهي إليه: ""لقد أرسلت لك في طلبها من نفس المكان رأساً وهذا ما جعلني أتأخر في تلبية طلبك"" وراقب كيفية مضغها وتقلب شفتيها مع كل قطعة ببطء، تلطخ بتعمد جانب فمها. أبعد الحافظ بإهمال محتفظا بإحدى الأطباق بينهما ليدسه سريعاً بين ذراعيها فيسحبها لجسده وكله مشدودا، ملهوفا لوصالها، ليهمس لها بضراوة: ""سوف أطعمها لك بطريقة جديدة مبتكرة غير الطريقة الأولى"" عندها ارتفعت ضحكتها وهي تضم الطبق بينهم تهمس له بهمسها القديم: ""حبيبتك بين يديك ولم يمنع أحد عنك تعليمها ما تريد وبالطريقة التي تحب"" انقض مرة أخرى على شفتيها ينهل منها بشغف و بجوع ضار إليها يستشعر طعم المانجو من بين شفتيها. قال باختناق وبعاطفة واضحة وهو يضمها إليه يرجعها إلى الوراء برفق: ""اشتقت لك وافقي عقلك وامسحي كل ما فات، الليلة يا مريم هي بدايتنا، لن تتألمي من قربي، لن استشعر الذنب وأنت لن تتحملي بالعار سوف تتحررين يا مريم لن تتذكري شيئا إلا أنا وأن، أنا زوجك أمام الجميع وأنت امرأتي، ذوبي في يا مريم وتلاشي بعاطفتي تذكري دائماً أنك قلبي وروحي يا ناعمة"" أنهى طلبه وهو يغمرها بين أحضانه يغوص في نعومتها بشغف يعوضها عن كل فعل سابق منه بقصد أو دونه يحررها ويتحرر من خوف كان يلازمه عند كل اجتماع بينهما. وهي كانت تذوب بدون تحفظ تتلاشى بدون خوف تعطيه بدون ترقب..فقط تتحرر ! بعد وقت،، كان يضمها إليه بتشدد ويده تلتمسها باجتياح لم يهدأ ويدها هي تتشبث بِه كالغريق ووجد منقذه، كانت تدفن رأسها في صدره. بينما اكتفى كليهما بالصمت عقب كل مشاعرهما المتفجرة بدون تحفظ التي تبادلاها لم تجد ما تقوله وأنفاسه المشتعلة لم تهدأ بعد. حاولت التحرر من تشبثه بها ليرفض وهو يثبط محاولتها بسهولة لتقول بصوت خافت ووجهها يتورد: ""أريد الاستحمام بقية المانجو ملتصقة بي وتزعجني"" هز رأسه برفض وهو يتأملها يبدو أنها وأخيراً تحلت ببعض الحياء و الخجل بعد أن حقق لها ما تريد. ضمها وهو يعيدها لنومها قائلاً: ""آسف حبيبتي ربما بعد بعض الوقت لأن هناك عهد أخذته على نفسي بأني لن أتركك لوقت طويل بعد أي شيء يحدث بيننا، هل هذا مفهوم !"" استسلمت ليديه بصمت وهي تعود لتغوص بين ذراعيه بطواعية. ليلاً فتحت عينيها وهي تستشعر ألما يضرب أسفل بطنها ويتردد صداه في ظهرها، اعتدلت قليلاً تبتعد من بين ذراعيه وهي تستشعر أن هذا الألم مختلف، هذا ما نبهتها الطبيبة وحدثتها عنه. تأملت أنفاسه المنتظمة بجانبها، مترددة في إيقاظه، كان قد خلد للنوم مباشرة بعد استحمام كليهما وعندما خرجت هي بعد حمامها الطويل بالماء الدافئ وجدته غير فراش السرير بنفسه ليسحبها برفق يضمها إليه مرة أخرى، يأمرها بهدوء أن تلجئ للنوم. نظرت للساعة بجانبها فوجدت أنها لم تصل لمنتصف الليل بعد، لم يستغرقوا الكثير من الوقت في النوم، عادت من أفكارها الشاردة وضربة جديدة تنبهها وتأكد لها أن الميعاد قد آن وولادتها بالتأكيد قريبة. أخذت قرارها لإيقاظه على الفور. أنفاسها المتلاحقة ويدها الرقيقة التي ربتت على كتفه توقظه من النوم نبهته أن هناك خطب ما بها، اعتدل على الفور ينظر لها يتفحص وجهها الذي يتغضن بالألم قليلاً سألها متلهفا بقلق تمكن منه:""ما بكِ حبيبتي؟"" ، اغتصبت ابتسامة حتى لا تجزعه ويديها تضغط على بطنها: ""أعتقد أنه حان موعد الولادة"" . أغمضت عينيها بيأس منه وهي تراه يقفز من الفراش يتخبط في ظلام الغرفة يبحث عن ملابسه ويشرع في ارتدائها بعجل.. استطاعت أن تناديه بهدوء عندما ذهبت أول نوبة انتابتها من المخاض تعلن عن بداية ولادتها فقد أخبرتها الطبيبة ونبهتها ألا تتسرع عند أول نوبة ألم تأتيها لأن الأمر قد يستغرق ساعات:""إيهاب اهدأ"" اقترب منها سريعاً يحاول حملها بدون حتى أن يهتم بالرد عقدت حاجبيها وهي تزيح يده الممتدة لجسدها باعتراض:""ماذا تفعل؟! أخبرتك .. ."" كزّ على أسنانه وهو يقول: "" وماذا تعتقدين أني أفعل؟ أنتِ تلدين وكل ما تفعليه الآن الاعتراض"".. كان ردها الضحك على منظره غير المهندم لتخبره عندما رأت غضبه الذي بدأ في التصاعد:""لا تغضب لكن عندما تخيلت ردة فعلك، أنت ميؤوس منك حبيبي"" ، نبهها باعتراض وهو يحاول حملها مرة أخرى قائلا:""لا وقت لتعليقاتك السخيفة"" احتل بعض الذنب صوته وهو يحملها بين يديه ليقول:""أخبرتك أنه يجب ألا أقترب منك، بالتأكيد ما حدث بيننا عجّل في ولادتك"" عندها ارتفعت ضحكاتها وهي تتعلق بعنقه أردف بغيظ:""أنتِ معدومة الإحساس،,يا حمقاء معاد ولادتك لم يتبقى عليه سوى أسبوع"" ليكمل بعدها وهو يتأمل وجهها ويتحرك لباب الغرفة:""هل ستصبح هذه عادة لدينا؟! كلما أقترب منك تحدث كارثة! "" لم ترد وهي تستمتع بقلقه البادي وتخبطه وهو يحملها ليكمل بصوت قاطع: "" أنا لن أقترب منك مرة أخرى"" ضحكت بدلال وهي تقترب تلمس جانب فكه لتبتعد تضغط على حروفها بثقة نابعة من مشاعره التي يحيطها دئماً بها وهي تنظر لعينيه:""كاذب لن تستطيع أن تقاوم قربي يوماً"" توقف وهو ينظر لمظهرها الصاخب بفعل عبث يديه منذ ساعات.. يتأمل عينيها اللتين تخلصتا أخيراً من نظرة العار والذنب عند كل علاقة حميمية تحدث بينهما ثقة في حبه لها ليقول:""بالتأكيد أستسلم، أعرف أني كاذب ومهما ابتعدت سوف أسلّم كل حصوني بين يديكِ يا قلب إيهاب"" الصمت الذي تبادلاه مع العينين واثقتي النظرات كانت تكفي عن أي كلام آخر.. الحب والتحرر من أي اتهام لهما والمصارحة هذا ما كان يحتاجانه، عندما تغضّن وجهها مرة أخرى وأنفاسها ارتفعت لاهثة عاد لقلقه مرة أخرى ليتحرك سريعاً ناحية باب الشقة يهم بالخروج لتوقفه:""إيهاب توقف أرجوك وأنزلني، هناك وقت طويل قبل الولادة"" اعترض:""هل جننتِ؟ انظري لنفسك"" بتبرم ردت:""إيهاب أنا أتألم ولا ينقصني جنونك الآن، أعلم أنك قلق ولكن اسمعني انزلني الآن وتوجه للهاتف واخبر فريدة بما يحدث"" رد ببرود يحاول مداراة خوفه:""أنا لن أستمع إلى جنونك بل سأخرج من باب الشقة وأتوجه بكِ لأقرب مشفى"" لتصرخ به:""إيهاب سوف تستمع بما أخبرك أن تفعله، الأمر قد يستغرق ساعات طويلة أنا أعرف ما أفعل، لن تتم الولادة الآن.. اتصل بفريدة الآن واتركني "" حاول الاعتراض:""لكن..."" بحزم ردت: ""لا لكن، أنا من أتألم وأنا من سأنجب لك طفليك وإلى أن يتم الأمر سوف تستمع لي "" باستسلام لا يريد أن يزيد من ألمها أنزلها برفق ليمددها على الأريكة الواسعة مال إليها بعدها يضع جبهته على جبهتها قائلا بخفوت:""حسناً يا أم أطفالي سوف أكون طوع يديك اليوم فقط ولكن بعد الولادة انتظري العقاب "" تركها علي الفور ليتحرك إلى الهاتف..تحدث مع الطبيبة باختصار ووضّح لها رفض الأخرى لتوجهه للمشفى لتؤكد عليه أن رأي مريم هو السليم وربما يستغرق الأمر ساعات طويلة فمن الأفضل ألا تتحرك إلى هناك إلا عندما يتكرر ألم المخاض بشكل متسارع ليخبرها إيهاب بعدم اقتناع:""ولكنها تتألم ألا يجب أن تذهب لتعطوها أي مسكن أنا أعلم أن الأمرسوف يزداد سوءا""..ردت فريدة بهدوء:""هذا طبيعي إيهاب فلا تقلق وساعدها على الاسترخاء قلقك ربما يأثر عليها سلباً"" :""وكيف أفعل هذا؟"" بعملية أخبرته:""اهدأ أنت وشتت انتباهها عن الألم في الساعات القادمة"".. أغلق الهاتف وهو غير مقتنع بما قالته الطبيبة أو ما تصر عليه هي ..توجه إليها ليجد أن نوبة المخاض قد هدأت وتنظر له ببراءة مفتعلة تحسد عليها وهي تقول:""أخبرتك لا داعٍ لتثير ضجة منذ الآن "" جلس القرفصاء يجاور الأريكة يمسّد على يديها قائلا:""أنا خائف عليكِ لِمِ ترفضين؟ دعينا نتوجه من الآن سأكون أكثر اطمئنانا"" ارتفعت يداها تحاوط يده بين كفيها لتبتسم قائلة:""وأنا حرمت من الكثير أثناء حملي، كنت دائماً أحلم بمجاورتك لي يوماً بيوم"" لتردف برجاء:""لذا أرجوك حبيبي أريد أن أخوض الأمر كاملاً أنا وأنت فقط إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة"" ابتسم بدفء يتفهم طلبها وحقها في التعويض الذي لم تكف عن المطالبة به منذ أن عادا سوياً..أنزل يدها المحيطة بوجه ليقف وهو يشدها معه يضمها إليه ويقبّل قمة رأسها ليقول بصوت هادئ يحجب عنها خوفه الذي قد يصل لحد الذعر قائلا:""إذا دعينا نشتت انتباهك وانتباهي"" ""وكيف ستفعل؟!"" سحبها برفق ناحية الشرفة الواسعة وهو يخبرها: ""أتذكرين مرحنا تحت المطر في أسبانياً؟ "" ابتسمت وعينيها تخبرانه بكل ذكرى سعيدة مازالت عند ذكرها تبهجها لترد بدلال يرافقها:""وهل نسيت يوماً؟"" أوقفها في منتصف الشرفة ليوجهها وهو يميل يلثم وجنتها قائلاً بصوت مفعم بالعاطفة:""إذاً سوف أراقصك تحت المطر إلى أن يقترب الوقت المناسب ولن أتنازل عن هذه الرقصة صغيرتي الشقية"" باستغراب سألته:""ومن أين ستأتي بالمطر؟! يبدو أن اقتراب الولادة جعلتك فاقد الإدراك"".. لثم جانب ثغرها بخفة وهو يؤكد لها:""سوف تعاقبي على كل كلمة يا ناعمه فاحترسي للسانك رفعت يدها ضاحكة تكتم فمها وراقبت ابتسامته التي ارتسمت من رد فعلها وهو يترك يفتح لوحة مفاتيح جانبية يعبث بها أنزلت يدها ببطء وهي تنظر لأعلى سقف الشرفة بانبهار وقطرات الماء تغرقها..اغرورقت عيناها بالدموع تأثراً، نادته بصوت خافت متأثر بفعلته:""إيهااااب!"" اقترب منها وهو يضمها عندما صدحت أغنيه (لمجده الرومي) (كلمات) في أرجاء الشرفة.. أمسك يديها ليحاوط بهما عنقه لتتسلل يداه يحاوط خصرها المنتفخ يهمس لها وهو يقبل كل جزء من وجهها بهدوء:""المطر كان شاهدا على كل لحظة سعادة أعيشها أول مرة على يديكِ فأردته أن يشاركنا دوماً لحظاتنا الخاصة عندما نريد"" همست له بارتعاش وعقلها يتناسى الألم الذي يأتيها خفيفا على فترات متفرقة: "" لم تخبرني!"" : "" كنت أنتظر وقتا مميزا يا ناعمتي"" ألصقت جسدها به بتملك تشده إليها همست بنعومة:""أحبك "" ابتسم وهو يدفن رأسه في طيات شعرها:""وأنا أخبرك كلمات الحب التي أعرفها لن تستطيع أن تصف لكِ كم أعشقك حتى النخاع يا روح الروح رقصه الهادئ معها وهو يحركها مستسلمة بين ذراعيه، يرفع ذراعها بحرص وهو يلفها حول نفسها بالتوافق مع النغمات الهادئة لتكمل دورتها حول نفسها ويعود ليدفنها بين أحضانه مرة أخرى بحنو برفق وتمهل أصبح ملازما لتعامله معها..كل كلمة كانت تصل لمسامعها كانت تصف حالتها معه رددت له وهي تهمس وعينيها تبرقان سعادة وعشقا (يحملـني معـهُ يحملـني لمسـاءٍ ورديِ الشُـرفـات وأنا كالطفلـةِ في يـدهِ كالريشةِ تحملها النسمـات يحمـلُ لي سبعـةَ أقمـارٍ بيديـهِ وحُزمـةَ أغنيـات يهديني شمسـاً يهـديني صيفاً وقطيـعَ سنونوَّات يخـبرني أني تحفتـهُ وأساوي آلافَ النجمات و بأنـي كنـزٌ وبأني أجملُ ما شاهدَ من لوحات) قبّل طارف أنفها وهو يخبرها بصوت يماثل همسها:""طفلتي وملكتي وسيدة قلبي الوحيدة هو أنتِ "" استمر رقصهما الهادئ بعض الوقت وألمها تزداد وثيرته بين كل وقت وآخر بتسارع متقارب تركت يديها من محاوطته وهى تميل تمسك أسفل بطنها، تطلق تأوها خافت. اقترب منها بقلب خافق مشفقا عليها، انحنى يوازي انحناؤها ليضع إحدى يديه أسفل بطنها ويده الأخرى تمسد على ظهرها يمنحها القوة والمساندة عندما أطلقت تأوها عال هذه المرة. كان إعلانا صريح منها أنه حان الوقت للتحرك. *********** بعد وقت، في المستشفى كانت تبكي بنحيب متألم، تصرخ بدون قدرة على التوقف، تتمسك بيديه وهى تستنجد به من ألمها. لقد رفض المغادرة لقناعته ألا يتركها لوحدها في غرفة الولادة. كان مصرا على أنها لن تخوض ألم المخاض وحدها ومع تعلقها هي الأخرى به لم تكرر طبيبتها محاولتها لإخراجه. ضمها إليه بتلهف قلق، الخوف والرعب تمكنا منه بينما يكتمهما وصراخها الحاد في كتفه، فيأخذها بين أضلعه بقلب وجل يكاد يفقد أنفاسه مع كل صرخة متألمة ومتوجعة تخرج منها تمسكت بكتفيه وكأنه نجدتها، تهدر من بين صراخها ودموع الألم لا تتوقف: ""أنا أموت إيهاب افعل شيئا ما جسدي يتمزق اااااااه""، مع كل آه صارخة تخرج منها كان هو الأخر يزأر بآه متألمة بدون تحفظ كأنه يمر بنفس الألم الذي تمر به فيمزق قلبه المرتعب لأشلاء. هدرت الطبيبة به: ""أنت هنا لتساعدنا لا تزود رعبها وألمها"" بدون أن يلتفت إليها كان يرد باستسلام وقلبه يخفق بعنف ووجهها المعذب وأنفاسها المتلاحقة تقتله: ""لا أستطيع، أنا أشعر بها"" حاولت أن ترشده وترشدها بهدوء وسيطرة: ""مريم حبيبتي تذكري كل ما كنت أخبرك به وجهي ألمك وتركيزك لخلاصك وخلاص طفليك تشجعي حبيبيتي لقد قاربنا على الانتهاء"" ضمها إليه وهو يحتضن جسدها العلوي قائلاً بتلهف: ""أفرغي ألمك بي أنا تشجعي حبيبتي أسمعت لقد اقترب الأمر دقائق قليلة وتحملين طفلينا بين يديك"" كان ردها بصراخ متألم وأنفاسها المتلاحقة لا تساعدها وهى تخبره بشهقات متوجعة وعينيها تفز بوجع: ""لا أستطيع الأمر فوق طاقتي"" خرجت آه أخرى منها تدفنها به رغماً عنها، كانت تعصر ذراعيه تنخر لحمها بأظافرها وكأنها تبثه ألمها ليشاركه به لم يبالي بالألم المنتشر على طول ذراعيه وإحدى أظافرها تنبشه لتطول ذراعه الذي مازال متضرر ولم يلتئم جرحه بعد كانت أظافرها التي تنبشه فيه تسيل دمائه المترافق مع صرخاتها المنسابة ودمها المرافق للولادة لتشعره أنه يشاركها رحلة وجعها لإنجاب طفليه ولو بشيء ضئيل كان يعاني مثلها خوف وألم وترقب لم يكن يعنيها رؤية طفليه في هذه اللحظة كانت كل دعواته الصامتة وابتهاله الخالص لله أن يخلصها هي من هذا الوجع سريعاً وتعود له سالمة معافاة. خرجت صرخة منها أكثر قوة تحمل من الألم ما لا يوصف مع كتمها في ذراعه تنهشه بأسنانها بدون سيطرة لتخرج صرخة مترجية منه هو: ""يا رب "" تترافق مع صراخه خروج أول أطفاله للحياة. لم يتزحزح عنها وألمها مازالت إماراتها جلية على ملامحها فتعلن عما تعانيه، لم تترك ذراعه ولم يبعدها والطبيبة تعاني معها لإخراج الأخر، ولم تمر دقيقة أخرى إلا وكانت تخرج للنور معلنة عن قدومها بصرخات طفلة، تعلن عن إنتهاء الأمر أخيرا. هدأت أنفاسها فجأة وتراخت يديها التي كانت تتشبث به لتعود فتستلقي على سريرها بإنهاك وتغمض عينيها بإرهاق. فقط أنفاسها المتلاحقة وصدرها الذي كان مازال يهبط ويعلو بانفعال كانت من تطمئنه أنها مازالت هنا معه. اقترب منها بلهفة يناديها بمعاناة حقيقية نابعة من قلبه المحترق: ""مريم حبيبتي؟ حدثيني مريم؟ أنت بخير؟"" فتحت عينيها ببطء ووجها المحمر من البكاء والانفعال يغطيه العرق ويلتصق شعرها بجبينها ووجهها. لتجيبه بإنهاك وصوتها الضائع من أثر الصراخ يأتيه مبحوحا: ""لقد فعلتها أتيت لك بطفلين، معجزتنا الصغيرة"" دفن وجهه في عنقها المتعرق يؤكد لها بصوت يماثل صوتها يردد كلامه لها: ""حبيبتي القوية لقد فعلتها... فعلتها واجتزت الأمر يا ناعمة"" لفهم الصمت وهي تضم رأسه في نحرها بكلتا يديها بتعب، أنفاسها المتلاحقة كأنفاسه تعود للهدوء ببطء. لم يعلم أحدهما كم مر على الأمر ولم يلتفت أحدهما للطفلين ولو مرة واحدة. الرعب المتمكن منها والجزع لم يكن يمهله للتفكير في أحد ما عداها هي، أن تكون سليمة معافاة تضمه كأنه طفلها، تبثه الراحة أخيراً وتحرره من الذنب عند رؤيتها تعاني بسببه مرة أخرى. قاطعه هز الطبية لكتفه، فرفع وجهه إليها وعينيه التائهة النظرات لا تسعفه إدراك بغيتها من تنبيهاتها المتكررة، فأمرته برفق: ""ابتعد لتضم طفليها"" راقب بعينيه حلمه أمامه يتحقق، بين ذراعي الطبيبة التي تضمهما إلى صدرها برفق وتنقلهما إلى صدر مريم مباشرة، قائلة بفخر: ""هل تعلمين أني أنا التي كانت تعاني رغم أني قمت بهذا الأمر ألاف المرات من قبل ولكن هذه أول مرة استشعر أن الأمر يخصني وحرصي على حياتك وحياة طفليك كانت ترعبني لذلك أردت أن احتضنهما وأعطيهما لك بنفسي"" ضمت طفليها إلى صدرها ودموع الفرحة وهي تلتهم ملامحهما الصغيرة بعدم تصديق، تغرق وجهها المتعرق وتنزل على صدرها شلالات متدفقة كبحور ، راقبت وجهه المذهول مما يرى، هل هو في حلم؟ طفلته سليمة أمامه، تضم طفلين يحملان دماءه، جزئين منه. اقترب بوجل تخالطه اللهفة لينحني يضم ثلاثتهم بلهفة واشتياق. قلبه الذي يدق بعنف ورهبة يكاد يقفز من بين أضلعه بدوي هادر، يكاد يقسم أن دقاته تفضحه فيسمعه كل من في الغرفة. وأجهش بنشيج عال في البكاء بدون تحفظ، دموعه تخالط دمعها، دموع كان يكتمها منذ أشهر، منذ تهديدها له بقتلهما، كان يكتمها بكبرياء وقد حان وقت خروجها بدون خجل أو تحفظ من أجل معجزته التي بين ذراعيه، ومن يلومه أو يستهين بدموعه، فهو قد صار أب! تمت – الخاتمة- في المستشفى، بعد عدة ساعات من وقت الولادة. كان ينظر إليها بعد أن ذهبت في غفوة، تمكنت منها لترتاح ولو قليلا وأجبرتها على تركه وترك الطفلين اللذان كانت تتمسك بهما رافضة أي مبادرة من الطبيبة أو الممرضة لأخذهما منها حتى تستطيع أن ترتاح. حتى عندما تم نقلها من غرفة الولادة لغرفة عادية رفضت الأمر بعناد أن تحررهما من أحضانها؛ استطاع أن يقنعها بصعوبة عندما كان النعاس يداعب جفونها، ليتمكن منها في النهاية، بينما كانت ترفض بإلحاح أن يأخذهما بنفسه ليكون رجائها حتى بع نومها أن يتركهما ولا يحركهما من جانبها. بحاجة ملحة للاطمئنان عليها، اقترب من وجهها الشاحب البادي الإرهاق، يقبل جبينها نزولا إلى شفتيها بتهور الساعات القليلة الماضية، مازالت ذكرى الولادة والذعر الذي تلبسه كليا، تحطمه وهو يراها أمامه تعاني، عاجز عن فعل ما يخفف عنها، ألمها. ابتعد عنها عندما تململت باعتراض واهن على قبلته، ابتعد لاهثا يتمتم باعتذار خجول لم يصل مسامعها عندما عادت لغفوتها مرة أخرى. عندها سمع بداية بكاء أحد الطفلين بصوت كمواء قطة حديثة الولادة. اقترب برهبة من السرير الصغير المجاور لسرير مريم، يتأمل كليهما؛ ملامح صغيرة ناعمة، براءة ونقاء يحرران روحه من الأثقال التي تكبله، يتأمل كليهما دون شبع، نهما لمرآهما وكأنه لم يصدق بعد وجودهما أمام عينيه. مال بنصف جسده العلوي يحيط كليهما بحنو، لم يستطع أن يحمل أحدهما، مازالت الرهبة والخوف متمكنان منه، لقد عانى عندما أخذهما بحرص الواحد تلو الأخر من أحضانها، ليضعهما على سريرهما، يستشعر الخطوات القليلة بين الفراشين أميال عدة. عاد صوت البكاء الخافت يعلو مجدداً يعلن عن اعتراض صغيرته الأخرى لصمته، كأنها تطالبه بوصالها مثلما فعل مع توأمها. ابتسم بحبور وعينيه تحمل الفرحة الخالصة، يوجه كل تركيزه مع تلك اللفة البيضاء بخيوط وردية ملامح ناعمته الصغيرة الأخرى، ضربته في صميم قلبه وهو يتذكر مشهد أخر وصغيرة أخرى حملها حديثة الولادة بلفافة مماثلة. ارتفع مواء طفلته باعتراض، تفتح عينيها لأول مرة منذ ولادتها على وجهه هو، لم يستطع إلا أن يمد يديه المرتعشة يحتويها بحرص ويضمها إلى صدره، يتأملها بشغف يراقب تلك العينين تعلن عن عيني متمردة أخرى في حياته ولكنها لمفاجئته تحمل لون عينيه الرمادي. أخذ يدها الصغيرة بين يده وذراعه الأخرى ترفعها قليلاً إلى صدره ليقرب تلك اليد الصغيرة إلى فمه يقبلها بحنان أبوي. يتمتم لها بصوت خافت: ""مرحباً يا شبيهة أمك، شقية متمردة أخرى ومعترضة ناقمة"" كان مازال بكائها مستمرا، ليهددها بين ذراعيه يحاول أن يهدئها، فينظر لذلك الصغير الساكن رغماً عنه يتأمله ولكن صغيره كان يبدو غافلا عنه، مستمرا في نومه مثل أمه. عاد للأخرى التي تصر على تركيزه حين تستشعر توقف هدهداته، كأنها منذ البداية تعلن تملكها له وألا ينظر لغيرها. جلس على ذلك السرير بحرص يبتعد عن صغيره الهادئ، فيربع ساقيه ورغماً عنه يضحك من نفسه وهو يعود للمعترضة ليكمل تهدئتها وهو يحدثها كأنها تستمع لكلماته وتفهم حواره الأحادي. : ""من الجيد أنك أخذتِ لون عيناي، لا تخبري أمك بهذا حتى لا تغضب"" هدر لها وكأنه يعوض سنين حرمانه، يرى صغيرته كأنها تفهم حقاً حديثه، عندما استطاع جذب نظراتها وهي تفتح عينيها فيه تتأمله وتبدأ في الهدوء: ""أتعلمين !، منذ ما يقارب العشرين سنة، عشت نفس الحدث، فعلتها أمك من قبلك أول من فتحت عينيها على وجهه كان أنا وأول من منحته الاهتمام"" وهدأ بكائها بين يديه بينما يكمل: ""يومها اعتقدت أني ربطتها بي لكنِ لم أكن أعلم يا صغيرة أنها من قيدتني وختمت قلبي بصك عشقها إلى الأبد"" مسد على رأسها بحنو، مشاعر أبوية فياضة لم يستطع حتى أن يصفها أو يحدد ماهيتها، مشاعر مختلطة عدة كانت تضربه وتلك العينين الواسعتين برماد حدقتيهما تتأملانه باهتمام وكأنهما تعرفانه. قربها منه يرفعها بين ذراعيه يلثم رأسها بشعرها الغزير بلونه العسلي المناسب مع طفلة حديثة الولادة. أبعدها عنه وعينيه رغماً عنه تدمع مرة أخرى ليخبرها بصوت أجش: ""هل تعلمين كم انتظرتك وحلمت بك وكم كنت فاقد الأمل بوجودك حتى ولكن رغم عني صغيرتي لم استطع إلا أن أحلم بعطية الله وحكمته، وبعد أن كاد اليأس يتملكني منحني أنت وأخاك من ناعمتي الخاصة وابنتي قبلكما"" هبطت دموعه وهو ينظر لصغيرته بعينها المتوسعة تناظره، رفع يده يمسح دموعه سريعاً ليستمر في هدره بصوت أمر: ""هذا سرناً الصغير لن تخبري أحدا أني بكيت بسببك أنت مرة أخرى، أنا أعتمد عليك يا حبيبة أباك"" حركت شفتيها مرة أخرى كأنها توشك على البكاء، يديها التي يمسكها بين يديه تتحرك وكأنها تبحث عن شيء ما، بصوت متلهف سألها: ""ما بك صغيرتي؟، لا تبكي حبيبتي طالما أنا على قيد الحياة"" أتاه صوت أمها المرهق على الفور تضحك بصوت وهن، همسا: ""حبيبي هل تعتقد حقاً أنها سوف تجيبك ؟""ً التفت نحوها على الفور يبتسم لها، بوجه عاشق: ""مرحباً بعودتك كبيرتي"" عقدت حاجبيها بعدم فهم ليقف على قدميه بحرص يقترب منها، ويميل ومازال يحمل الصغيرة المعترضة على ما يبدو بين ذراعيه، ليلثم جبهتها بحنو يخبرها: ""أنت سوف تظلين أول معرفتي بمعنى الأبوة ابنتي قبلهما يا روح إيهاب"" همست قائلة: "" قربها مني واقترب أنت أيضا لأقبلك، أحتاج لهذا"" ضحك بصوت أجش وهو يقترب منها يقبل خديها بنفسه ويلثم شفتيها مدت يدها لأخذ الصغيرة فابتعد معترضا، ليخبرها بمشاكسة محببة: ""آسف يا ناعمة هذه ابنة أبيها، لديك البديل النائم هناك أما صغيرتي المعترضة فهي لي أنا"" عقدت حاجبيها باستنكار رافض وهي تقول: "" هل تمزح إيهاب؟ !"" لكنها عندما لاحظت إصراره ببساطة، أضافت: ""هل بدأنا لا يعقل ما تقوله، أعطني ابنتي ولا ترهقني إيهاب"" هز رأسه برفض وهو يتأمل ابنته بين يديه وحركة يديها المرافقة لرجفة شفتيها لم تهدأ، عادت مريم تقول بتعب: ""إيهاب أرجوك لن استطيع مجادلتك الآن، أريد أن أراها لا تكن أنانياً"" على مضض، اقترب منها يضع الصغيرة بين يديها اللتان رفعتهما لتتلقفها بهما، تضمها إليها وترفعها لتلثم خدها برقة، لكن الصغيرة على غير توقعها بكت بين ذراعيها مرة أخرى ويدها الصغيرة تتحرك بتخبط تائه، اقترب منها مشفقا، عندما رأى جهلها الواضح في التعامل وحيرتها.، تحاول تهدئتها دون جدوى فتحاول مخاطبتها كما كان يفعل هو منذ قليل: ""ما بك؟، ماذا تريدين؟، لا تبكي أرجوك سأبكي مثلك"" مد يديه يحرك جسدها ليجلس وراء ظهرها، يضمهما معا، يسند ظهر مريم إليه وهو يرشدها بهدوء: ""اهدئي أنت أولاً وتعاملي معها بحرص حبيبتي"" التفت له تخبره: ""أنا لا افهم كانت جيدة معك؟"" بهدوء وهو يرفع الصغيرة التي بين ذراعي أمها إلى صدرها ويضمها قائلاً: ""لا كانت تبكي في البداية واستطعت إلهائها قليلاً يبدو أنها جائعة وما تفعله للمطالبة بطعامها"" نظرت له بحيرة تسأله: ""وماذا نفعل الآن ؟ !"" عقد حاجبيه باستنكار مستغرب: ""مريم هل تقولين أنك لا تعلمين كيف تطعمينها؟ !"" : ""لا ! أنا أعلم، كانت هناء قد حدثتني عن الأمر سابقاً"" : ""إذاً افعليها حبيبتي لأنها لن تصمت تشبهك"" بخجل أخبرته: ""إيهاب أعلم الطريقة لكن لا أعلم كيف يتم الأمر"" بصوت مشفق وهو يتولى إمساك الصغيرة التي مازالت تبكي، أمرها برفق: ""ابدئي حبيبتي الآن وأنا سوف أساعدك"" بهدوء شرعت فيما أمرها بت، عانت قليلاً وهي تتخبط وهو يحمل الصغيرة معها يرشدها برفق بعد دقائق من التيه نجحت في مسعاها والصغيرة ترضع طعامها بنهم، أراحت رأسها إلى كتفه وهى تضحك بجذل ودموعها تسيل رغماً عنها تخبره بنصر: ""لقد نجحت وهدأت صغيرتك"" بدالها الابتسامة وهو يقول بهمس يراقب صغيرته: ""تبدو عنيدة مثلك، نهمة تسعى بإصرار لما تريد وتأسر خفقات قلبي رغماً عني"" غمغمت له بتعب وهي تقول معترضة: ""لن يأسر قلبك غيري أنا، فاحذر منذ الآن حتى لا أشن حرب عليها لاحقا"" ضحك بقوة يجيبها: ""هي تأسرني لأنها منك شبيهتك وكأن العمر عاد عشرون عام ليكرر المشهد عندما ضممتها شعرت أني أضمك أنت""، بإقرار أردف يطمئنها بتصريح: "" لن أكذب عليك سوف أعشقها يا ناعمة وربما تنافسك على دلالي ولكن تذكري فقط لأنها جزء منك"" لم يمهلها الصغير الآخر الرد عندما ارتفع بموائه المشابه لبكاء أخته، لتعترض مريم قائلة : ""لا !، يبدو أنه يطالب بحصته مثلها"" حركها من أحضانه وهو يقف من الفراش يقترب من صغيره ليحمله وينظر لوجهه وعينيه اللتان فتحهما ينظر للأعلى، ليخبرها وهو يقترب: ""لا تتمردي على نعمة الله منذ الآن يا ساحرة لقد بدأنا للتو"" باعتراض أخبرته: ""أنا لا أتمرد ولكن الأمر مرهق""، جلس بجانبها وهو يحمل الصغير قائلاً: ""أعلم هذا، لأنك مازلتِ لم تستردي قواك بعد، مازلت صغيرة حبيبتي، أنا آسف"" هزت رأسها برفض ويدها رغماً عنها تقترب من الصغير بقلب خافق تتأمله بين ذراعيه : ""أنا لست صغيرة، أحب كليهما، هما قطعتين مني ومنك، لا تقلق أبداً أنا أم جيدة سوف اثبت لك"" بثقة قال: "" أعرف، وسوف أساعدك بنفسي سنتعلم سوياً وسنحيطهما برعايتنا دائماً فاطمئني أنت"" فصلت صغيرتها عنها وهي تقول بحزم مضحك: ""خذ ابنتك وأعطني ابني أنا راضيه تماماً. عن تقسيمك السابق بيننا""، تبادلا الطفلين بينهما، لتقرب الصغير منها يأخذ حصته ويبدو أنها تمكنت من الأمر بدون مساعدة منه هذه المرة. تأملها مبتسما، كل انتباها مع طفله، أسترعى انتباهها وهو يقول في حوار حميمي بعد أن زال توتر الساعات الماضية وكأن وجود الطفلين بينهما حرره من كل خوفه ورهبته ليستشعر نعمة الله التي بين يديه، زوجته، امرأته التي أحب وطفلين كان حلمه الضائع لأعوام كثيرة غادرة: ""أتعلمين ما المضحك عند سماع بكائهما؟"" باهتمام رفعت رأسها إليه لتسأله: ""ماذا؟"" ضحك بقوه يخبرها بمشاكسة: ""تشبيهك السابق لهما، أنك قطة تحمل توأمين، لأن صوتهما يماثل صوت القطط حديثة الولادة حقاً"" ناظرته بامتعاض وهي تقول: ""لا أنا أجدت الشرح أنت من شبهتهما حبيبي"" مد يده يسحب يدها بعد أن غفت صغيرته بين يديه يجذب يد أمها يقبل أناملها وهو يخبرها : ""أحبك يا متمردة فترفقي بقلب عاشق أنت وعطياك"" *********** ليلاً كانت غرفتها يسودها الهرج، بعد أن أتى جاسر ومي يصطحبان معهما هناء وابنها ثقيل الظل على قلبه، وسط مباركات ولوم وعتاب منهم جميعا، لأنه لم يتصل بأحدهم لحظتها، عاجزا عن شرح الأمر وإصرار مريم المستميت في أن تخوض الأمر كله رفقته فقط . اقترب منه جاسر، يقفان بعيدا عن تجمع النساء المحيطات بمريم والصغيرين، يرتب على كتفه المصاب بفظاظة وعنفه الدائم وهو يقول: ""مبارك لك من سيقلبان حياتك جحيما و ليلك نهارا ويحرمانك طعم النوم"" ابتعد عنه وهو يقول: ""أنت تتعمد الأمر!، تعلم أن ذراعي لم تشفى بعد"" أجابه جاسر: ""بالتأكيد انتقم منك على الرعب الذي لن أنساه منك ما حييت"" هز رأسه بيأس: ""حسناً لا فائدة، ولكن هل هذه مباركة منك أم محاولة لتجعلني أقلق "" بلامبالاة أخبره جاسر: "" لا أنا أخبرك واقعا سوف تراه بعينك لن أغشك، لن تنام الليل ونهارك سوف يتحول لحرب طاحنة غير الجنون الذي سوف تراه من زوجتك، لن تطيق حتى رؤية وجهك عند كل بكاء من أحد أطفالك فما بالك بطفلين"" ابتسم ابتسامة واسعة وهو يخبره بانتصار لا يعلم سببه: ""سوف تكره اليوم الذي رأت فيه وجهك صدقني"" بدا على ملامح إيهاب الرفض التام للفكرة وهو يخبره بثقة: ""أنت تهذي ليس لهذا معنى، ولو أنه لا يبدو أن زوجتك قامت بالأمر لأنها إن فعلت حينها فقط سأفكر أنه ربما مريم أيضا قد تفعلها"" قاطعه جاسر بملل يقول بتأكيد:""سوف نرى"" تركه لهزاره المجنون، ليتأمل صغيرته الفرحة وهي تضم طفليها ترفض بإصرار اقتراب أحد منهما، لكنها سمحت لهناء فقط بحمل إحداهما. هناء المرأة التي منحتها حنانا أمومي بدون أسباب، فتعلقت بها بدون أن تشعر، فيجد نفسه اليوم يحبها ويحترمها لشخصها وعطائها معها هو الآخر من أجل حبها لمريم الغير مشروط ورعايتها السابقة، لها يعلم جيداً أنها أعطت مريم الكثير لتصل للهدوء والمسامحة مع نفسها التي وصلت لها الآن، كانت الجندي المجهول الذي ساعد في استقرار حياتهما الآن، وبالطبع لن ينسى فضل زوجة أبيها منى وأختها الكبرى بدور والتي تبدو أنها لا تتقبله بعد. على ذكرهما، طرق الباب، ليدلف منه مباشرة منى القاضي تتبعها بدور بثقتها المعتادة وأناقتها المتكاملة التي لا تتنازل عنها وفى يدها تمسك برفق وحنان لم يره منذ معرفته بهما إلا رفقة مريم وتلك الصغيرة شيماء، التي يشفق عليها رغماً عنه ولكن لم يظهر ذلك الآن. رفع عينيه مباشرة ينظر لذلك الأبله الذي يفضح نفسه بأفعاله وهو يفتعل صخبا على ما يبدو ليعلم الأخرى أنه هنا، قائلاً: ""اشتقت إليك يا بدور، مرحباً، كم أشكرك لأنك أتيت وأرحتِ قلبي المشتاق الذي يهفو لرؤيتك"" عقدت بدور حاجبيها باستغراب وهي تتوجه لفراش مريم مباشرة تتبع أمها قائلة: ""هل تقصدني أنا يا فتى؟"" صك على أسنانه ويبدو أنها جرحت رجولته الوليدة أمام من يحاول إثارة إعجابها: ""أنا لست فتى، اسمي نزار وعندما يخبرك أحد أنه اشتاق لرؤيتك بادليه أدبا ولو مجاملة بعضا من اشتياقه"" رفعت بدور حاجبا واحدا وهي تقول ويبدو أنها أدركت الأمر مؤخراً ومن يقصد وهي تستشعر توتر الأخرى بين يديها ووجهها الذي تورد لتقول ببطء: ""ما رأيك أن أتي وأقبلك"" تنهد بهيام وهو يقول: ""يا ليت متى تفعلينها، قبلة واحدة فقط تشبع شوق قلبي سوف أكون ممتنا""" "تكمله الفصل الثلاثون والاخير مال إيهاب على جاسر قائلا: ""هل سوف تضربه أنت أم أضربه أنا؟"" أشار جاسر له وهو يرى اقتراب هناء التي لكزته في معدته بقوة ليقول: ""لن نحتاج الآن هناء كفيلة بالأمر ولكن أعدك في وقت قريب أن نضربه كلانا فهو لن يتوقف عن حماقاته"" اندمج جميعهم في حديث شيق يعطونها تعليمات متفرقة وكل واحدة منهم تنصحها بطريقة مختلفة، بينما كانت هي تسترق النظر إليه من وقت لأخر كأنها تخبره أنها تريده قريبا منها. ابتسم بدفء يرفع ذراعيه بقلة حيلة، لن يمنع عنها كل هذا الدفء والحنان العائلي الذي اكتسبته، يجب أن تحصل على مساعدة الجميع ومشاركتها فرحتها، يخبرها بصمت لولا حرصه على شعورها هي ومراعاته من ساندوهما وكانوا نعم العون لهما لكان اختطفها هي وطفليه لمكان بعيد يستأثر بهم لنفسه فقط ولا يشارك فيهم أحدا. واستمر التدفق القادمين ليعلن طرق الباب عن قدوم مراد يحمل الصغيرة تالا وتأتي من خلفه إسراء تمسك ميرا من يدها والتي اندفعت مباشرة فور رؤيته. تجري نحوه وهي تفتح ذراعيها، مال عليها بجسده يتلقفها على الفور بين ذراعيه، يضمها بشوق ويقبل خديها وعندما هدرت به لائمة عاتبة: ""اشتقت إليك عمي، لم لم تأتي لزيارة غرفتي عند بابا لقد انتظرتك"" رد بحنو: ""وأنا اشتقت إليك يا أميرة ميرا اعتذر منك حبيبتي هذا خطئي"" تبرمت منه قائلة يستشعر إسراء في نبراتها المتكلفة: ""لن اقبل اعتذارك إلا إن عوضتني"" ضحك منها وهو يجاريها: "" وماذا تريدين تعويض؟"" أخبرته وعينيها تلمع بنصر: ""ماما قالت لي أن لديك أنت ومريم نونو صغير، أريد أن أراه واحمله لأنها أخبرتني أيضاً بأنك لن تسمح لي بحمله"" ضمها برفق على كتفه وهو يقول بهدوء: ""سوف أحقق لك رغبتك الأولى وترينهما لكن اعتذر أميرتي ما أخبرتك به ماما صحيح"" اقترب بهدوء من مريم وهو يحتضن ميرا ويستمر في حديثه معها وهي تنظر لهما بعيون لامعة: ""لن تستطيعي حملهما حبيبتي مازالا صغيرين للغاية"" بإحباط ردت وصوت طفولي : ""حسناً ولكن اقبلهما قبلة صغيرة"" ادعى التفكير لحظة وهو ينحني معها ليقول: ""أوافق سوف نقبل أنا وأنت تلك المشاغبة مثلك، ما رأيك؟"" هزت رأسها بموافقة سعيدة وهي تقترب تقلد إيهاب في قبلته المرافقة لابنته. انزلها بعد ذلك لتجاور مريم، تتعلق بها وهي تهدر معها بالحديث ومريم تندمج معها في حديثها. عاد مرة أخرى ليبتسم مرحباً لمراد وإسراء التي تراقبهم بارتباك، هز رأسه بتفهم ومراد يمد يده أولا: ""مبارك لك لقد علمنا الأمر من جاسر"" بهدوء بادله السلام: ""أشكرك لقدومك مراد ووقوفك السابق بجانبي"" اقترب يأخذ تاليا من بين ذراعيه: ""هل تسمح لي"" للحظه فقط بان الرفض في عيني مراد مازال هذا الحاجز بينهما ومن يلومه، يتفهمه تماماً ربما شعور كل منهم بالرفض مختلف ولكنه سيحيى دائماً بينهما حتى وان حاولا التغلب عليه أعطاه تاليا التي قربها منه يخبرها بلقبها الذي كان يطلقها عليها: ""مرحباً يا صاحبة حمرة الخدين، هل تذكريني؟"" طوقت عنقه بذراعيها ليضمها للحظات ليقبلها بعدها لتعود الصغيرة تشير لمراد: ""بابا "" : ""لقد تحدثت؟ !"" رد مراد شارحاً: ""نعم تتحدث بضعة كلمات منذ فترة لقد ذهبت بها لطبيب تخاطب لا يوجد ما يعوقها ولكنها تفضل الصمت والهدوء سوف تأخذ بعض الوقت ولكن بالنهاية سوف تتحدث"" أعادها له برفق وهو يؤيد على كلامه، تقدمت إسراء منه ويبدو أنها حصلت على التشجيع قائلة وهي تبتسم بثقة وفرحة حقيقية: ""مبارك إيهاب لن أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي من أجلك ومن أجلها "" بدالها ابتسامتها وهو يضع يديه في جيب بنطاله يومأ بهدوء وهو يؤكد على كل كلمة : ""أعلم إسراء حتى وإن لم تخبريني""، أكمل وهو ينظر لمراد يردف بهدوء: "" لا توجد أخت لن تسعد من أجل أخاها أما عن مريم تستطيعين إخبارها بنفسك "" تقدمت من الفراش وهي تقول: "" هذا إن سمح لي الجمع حولها"" اقتربت من مريم بعد أن فسحت لها هناء المجال، بدون تردد عانقتها على الفور تخبرها بسعادة: ""مبارك حبيبتي سلامتك وسلامة الصغيرين"" لم تستطع مريم أن ترفع يديها إذ كان الصغير مازال في أحضانها اكتفت بأن تدفن رأسها بقوة في صدر إسراء تعتاد عناقها ومشاعرها الوليدة في قربها، احتياج وجود إسراء وتقبل إحداهما للأخرى كان احتياج لها، ذكرى من الماضي، إثبات أن الخطأ لم يكن فيها. الرفض لم يكن لشخصها بل لأخرى ودليل هذا عندما وضحت الحقائق، إسراء من سعت لها بنفسها. أجابتها وفرحتها بمن يهتمون لأجلها ويطوقونها باهتمام تتزاحم في صدرها بشعور تعجز عن وصفه أو فهمه من السعادة: ""شكراً إسراء"" رفعت الصغير بين يديها تخبرها وملامحها تهلل بانشراح: ""هل رأيتهما؟، صغيرين للغاية وجميلين "" حررتها إسراء من احتضانها وهي تمد يدها تأخذ الصغير منها تتأمله بملامحه التي مازالت لم تفسر قائلة: "" نعم حبيبتي جميلين مثلك"" هزت رأسها برفض وهي تكمل هدرها، تشير للصغيرة التي بيد هناء قائلة: ""لا، إنهما يشبهان إيهاب لا أنا، يملكان عيناه لقد رأيتهما قبل أن يعودا للنوم "" ضمت إسراء الصغير ببهجة حقيقية، ارتياح ضمير من ناحية الاثنان على حد سواء وهي تمد يدها الأخرى تلمس خد الصغيرة وتتأمل ملامحها لتوافقها كأنها تهادن طفلة رغم عدم اقتناعها قائلة : ""نعم حبيبتي يشبهانه"" بحالمية وهي تتأمل وقفته الرجولية الجذابة لعينيها ويبدو إنه اندمج مع مراد وجاسر في حديث جانبي قالت: ""أعرف أنهما يحملان جاذبيته وسحر عينيه"" تبادلت النساء النظرات بامتعاض صامت حتى بدور التي تعتز بنفسها، رافضات ما يسمعن وقد زاد هدرها عن مدا وسامته وأن الطفلين يشبهانه عن الحد لم تستطع مَي مقاومته نفسها وهى تقول ممتعضة: ""أتعلمين مريم أحياناً أريد خنقك أو قتلك أي وسامة بالله ارحمي الطفلين سوف أخبرك الحقيقة كاملة ربما يحملان عينيه للأسف لكن الطفلين لم تفسر ملامحهما بعد وإن كان مما أرى فهما يشبهانك أنت"" ببرود ردت مريم: ""اخرسي مَي لم يطلب أحد رأيك يكفي أني أراهما مثله لا أهتم برأيك"" عندما همت مَي بالهجوم عليها أوقفتها بدور قائلة: ""يكفي مَي لا أعلم لما دائماً عندما أراك معها أجدك في وضع هجوم للفتك بها"" أجابت مَي: ""أنريد الحقيقة لأن أختك لا تطاق وهذا الحب الذي تبدينه يجعلني أشعر بالغثيان أنه زاد عن الحد"" تمتمت بدور بصوت خافت: "" ليس وحدك صدقيني"" بلا تعبير تركتهم مريم يمرحون على حسابها التفت لهناء التي ناولتها ابنتها وهى تقول: ""سوف أحضر لك بعض الملابس، أنت وصغيريك ربما أرافقك أنا الليلة لمساعدتك "" شكرتها بهدوء وهي تعتذر بخجل: ""لا إيهاب سوف يرافقني إنه يجيد التعامل مع الطفلين"" نظرت للعيون المراقبة لتميل تهمس لهناء في أذنها من الأسماع المتلصصة، وهي تقول: ""لقد ساعدني في إطعامهما بنفسه وأخبرني أنه قرأ في الأمر ولديه بعض الخبرة في التعامل مع الأطفال لا تقلقي"" ابتسمت هناء بحبور وهي تربت عليها بحنان أمومي : "" أنا سعيدة من أجلك حبيبتي لا أصدق أنك وصلت لبداية طريقك بأمان "" "" ولا أنا هناء ولا أنا "" أخبرتها نبهتها اسراء برفق وهي تتجاذب الحديث معها مرة أخرى تعطيها بعض الإرشادات ولكنها كانت تراقب في عينيها سؤالاً غير منطوق منذ أسابيع مضت لتسألها إسراء مباشرة : "" لا تخشي شيئاً واسألي ما تريدين "" بجمود وهى تقرب الطفلة إلى صدرها رغماً عنها قالت: "" ماذا حدث لها ؟؟ إيهاب يرفض الحديث في الأمر منذ أخبرته عن كابوسي "" عقدت إسراء ما بين حاجبيها وهي تقول : "" أيّ كابوس ؟؟ "" تنهدت مريم لترد : "" لا يهم إسراء فقط أخبريني ليطمئن قلبي "" جمدت نظرات الأخرى ووجع يعود يتسلل ببطء لعين إليها وهي تقول : ""حسين مازالت محاكمته قائمة , تعلمين أن الأمر قد يستغرق شهور عدة ولكن التهمة مؤكدة , وهي ... "" أكملت إسراء تحاول أن تنحي الحقد الذي خلعته من قلبها جانباً وهى تقول : "" هي شعبة الضرائب أخذوا منها كل شيء تملكه وأطلقوا سراحها , تعلمين لا سجن طالما سددت المال ولكن تركوها مجردة من كل شيء , أما تهمة الاشتراك في محاولة قتل زوجك لم تثبت عليها بعد لقد رفعت قضية على حسين للطلاق "" بسخرية مريرة أردفت وهى تمسك يد الصغير الذي بين يديها تقول : "" وأيضاً قدمت للشرطة طلب شاهد إثبات لتتعاون معهم على إثبات التهمة على حسين وهم يبعدونها عن القضية "" قبضة أمسكت قلبها بخوف وهى تتذكر حلمها , فريال حرة برودة سرت في جسدها وهي تقول بارتعاش تضم ابنتها وتمسك يد صغيرها الذي تحتضنه إسراء : "" هي حرة إسراء مرة أخرى لماذا ؟؟ "" ربتت عليها اسراء قائلة : "" لا تخافي حبيبتي هي حرة هناك , ولكن لن تستطيع مغادرة أمريكا مهما حدث القانون يمنعها لأنها مدانة في نظره , هي فقط أطلق سراحها ولكنها سوف تظل في سجن كبير وستبدأ معدمة فقيرة كما فعلت في أناس عدة , لعلها تستشعر الأذى الذي تسببت به للجميع"" ردت مريم بمرارة مرافقة عند ذكر أمها : "" هل تعتقدين أن من مثلها حقاً يشعر إسراء "" "" لا يهم مريم ركزي في حياتك وانسيها لن تقترب منك , وإيهاب يأخذ احتياطه صدقيني لن تجرؤ أن تذكرك حتى بعد ما فعله زوجك بها وتعلم جيداً أنه كان مثل تحذير صغير للغاية لها منه لا تفكري إلا به وبطفليك "" ابتسمت لها غير قادرة على الحديث عنها أكثر تريد التهرب ونسيان ذكرها لفتت نظرهم بدور مرة أخرى وهى تسأل باهتمام : "" اذاً ماذا سوف تسمي الصغيرين أم سوف نظل نقول الصغيرين ؟؟ أريد أن أعلم أسماهم قبل أن أغادر ؟؟ "" وكأن ما تبادلته هي وإسراء لم يكن , وساعدتها مع طفليها تحررها من أي هم وتعب لتقول : "" ابني حبيبي سيكون مهاب مشتق من اسم والده , وابنتي اممم ربما مهيبة "" هزت إسراء رأسها بيأس , أما بدور نظرت لها بتعجب وبترفع معتاد لم ترد لتهتف مَي : "" أقسم بالله ما من أحد سوف يتهبب إلا أنت , هل جننتِ ؟؟ ما الذي جنته الطفلة لتحصل على هذا الاسم الجريمة ؟؟ "" تنحنح جاسر من ورائها وهو يقول بابتسامة واسعة : "" لا حبيبتي ما تقوله مريم بالنسبة لزوجة يعتبر اعجازا , انتظري لتعلمي ماذا يريد إيهاب تسميتها ؟؟ "" التفت الجميع له لينظر إيهاب بثقة ويتكلم بوقار وجدية يخاطب حبيبته التي تثق بِه ولن تخذله قائلاً : "" لقد اخترت لهم اسما تيمناً بولدي الراحل "" هتفت مَي بانتصار قائلة : "" زيدان يبدو جيداً والفتاة ماذا قد تسميها ؟؟ "" تتمتم إسراء ومريم بخوف واستنكار في صوت واحد : "" أنت لن تفعل هذا !!!!!!! "" هز رأسه بتأكيد وهو ينظر لهن بهدوء : "" بل سوف أفعل يستحق أبي أن يخلد اسمه بأحفاده "" تمتمت مريم وهي تهز رأسها : "" إن فعلتها بابني سوف أقوم بقتلك !! "" نظر لها بتحذير وصوت جدي: "" مريم انتبهي "" لتقول بشراسة : "" لا لن أصمت لن تفعل بابني هذا !! "" عندها تدخل مراد مبتسماً بود يريد فقط رؤيته يعاني من صغيرة قد تجن ويشمتوا به إن علمت ما ينتويه ليخاطب مريم الذاهلة قائلاً : "" مبارك مريم آسف لم أخبرك عندما أتيت مباشرة "" لينظر لإيهاب قائلاً : "" أم أقول مبارك يا أم فوزية وفوزي كما أخبرني زوجك "" هتفت اسراء به : "" يا الهي ما الذي فعل هذان الصغيران لتعاقبهم هكذا ؟؟ هل تنتقم من شيء ما ؟؟ لن تفعل هذا سوف أبلغ عنك حقوق الانسان !! "" علت الهمهمات في الغرفة لتغمض منى عينيها بيأس وسط الجدال والاقتراحات المقدمة اقتربت مَي بهدوء تقول لمريم : "" هل أقتله أنا أم تتراجعي أنت عن فكرتك البشعة في الأسماء التي قلتيها وتقتليه بنفسك"" هزت مريم رأسها وهي تقول : "" تعلمين اني احبه ؟؟"" أكدت مَي وهي تقول وترفع عينيها للسماء وكان صبرها قد نفذ لتقول وهي تكز على أسنانها : "" أعلم أنك واقعة على عينك ولا ترين غيره حب زاد عن الحد يثير الامتعاض "" لم ترد مريم وهي تؤكد لها : "" رغم حبي له ولكن سوف أقوم بقتله بنفسي إن فعل بصغيري هذا , اذا ً سوف أتوجه إليه وانضم للجمع المعترض اعتمدي علي "" اقتربت منى تستغل الفرصة التي لم تتح لها تلفت نظرها : "" مريم لا تحتاجين حبيبتي أن أذكرك أنني دائماً بجانبك في أي وقت , لا تتردي للحظة أن تحدثيني , أسامحك على ما حدث أثناء ولادتك ولكني كنت غاضبة ... كنت أريد الوقوف بجانبك "" ابتسمت لها باعتذار وهى تقول : "" آسفة أخبرتك أني كنت أريد الخوض معه تعلمين كيف أجبرتنا الظروف ان نبتعد في أهم وقت يحتاجني وأحتاجه فيه "" ربتت على كتفها تدعمها وهى تقبل أعلى رأسها بأمومة فياضة : "" أعلم حبيبتي ولكن كما أخبرتك أنا دائماً بجوارك "" استغل نزار النقاش المشتعل والتهاء مريم مع منى ليحمل الصغير الذي كانت تحمله اسراء بعد أن أعطته له ليقترب من شيمائه يجلس بجانبها والجمع ملته يتهرب من عيني بدور الهادئة المراقبة ليتحجج بالطفل قائلاً : "" لقد أتيت لك به من أمه , تستطيعين أن تريه بطريقتك بدون أن يراقبك أحد "" ردت بخجل وهي تلتفت لمصدر الصوت قائلة : "" لا قد يراني أحد تعلم أني لا أحب فعل ذلك أمام أي كان "" أكد عليها و هو يقول بإلحاح يقرب الصغير من يديها "" اخبرتك جميعهم لاهين لا أحد ينظر لنا الا بدور و انت لا تخجلين منها انت تثقين بي صحيح ؟"" بقلب فتاة لم يعرف من الحياة شيء و لم يجرب حتى نورها او معرفة البشر ردت عليه "" نعم اثق بك "" أمسك يدها المرتعشة بمشاعر مراهقة مرتبكة على الفور يقربها من الصغير و هو يقول "" هيا ابدئي "" استسلمت ليده و هي تلمس الصغير بخفة حتى لا تزعجه و الفرحة ترتسم على وجهها قائلة بسرور "" انه صغير للغاية رفعه نزار فجأة و هو يقول "" احمليه كنت تخبريني انك متشوقة لحمله "" هزت راسها رافضة "" لا لن استطيع "" بإلحاح كرر طلبه "" هيا يا صاحبة البحرين احمليه و لا تضيعي سرقتي سدا "" بخوف أخذت الصغير منه و هي تقربه منها بارتباك تميل اليه تحاول ان تتلمس طريقها لوجهه لثمته بخفة و رهبة حرصاً عليه لتقول بصوت ملح "" ها قد حملته خذه منى ارجوك "" تناوله منها لتخبره بصوت خافت مرتبك "" أشكرك نزار لاهتمامك وتذكري "" رد باندفاع فتيّ يخبرها بانطلاق "" بل الشكر لك يا صاحبة البحرين التي ترسي على شطهم أشواقي "" ليكمل مازحاً مع وجهها المتورد "" أرأيت انا اجيد الشعر"" ليكمل بحيرة ""ولكني لا اعلم لما دائماً أرسب باللغة العربية "" أعاد الصغير بجانب امه على الفور عندما لاحظ اقتراب بدور منه عندما احتد الجدال بينهم كانت اقتربت ان تصل لحافة الانهيار من التعب و الإرهاق و المجادلة التي تسمعها نادته مترجية بصوت هادئ "" إيهاب "" لم يسمع لترفع صوتها قليلاً "" إيهاب "" جذبه صوتها ليتحرك سريعاً ناحيتها قائلاً باهتمام قلق "" ما بك حبيبتي "" ردت بإرهاق "" انا تعبت ما تفعلونه كثير على تحملي "" احتل الذنب وجهه وهو يتناسى جداله معهم و يتناسى وجودهم من الأساس ليقترب منها يأخذ الصغيرة المستيقظة تنظر له بتلك العينين الواسعتين و كأنها تعرفه ليحملها برفق قائلاً "" سوف اتفرغ إليك لدينا الكثير من الاحاديث بيننا لكن بعد ن ارى حبيبتي الاولى ام ربما انت ستصبح الأولى قبلها يا رمادية العينين "" كانت الصغيرة تتأمله وتأمل هدره و عينيه لم ترف عنه حتى لثم جبهتها و خديها و كان لا يستطيع التوقف لتعود مريم تناديه بالإلحاح "" إيهاب "" وضع الصغيرة بجانب أخاها و هو يعتذر منها ليعود سريعاً لمريم و بدون حتى مراعاة المتواجدين معهم جلس خلفها يضمها اليه دفنت رأسها و هي تستدير له بخجل و لكن إرهاقها جعلها تتخلى عنه تمتمت له انا متعبة ربت عليها بهدوء "" اذاً ارتاحي حبيبتي "" بصوت مرهق نادته بإلحاح "" انت لن تسميهم هذه الاسماء البشعة "" لمها بهدوء "" انه اسم ابي مريم تقولين عنه بشع "" اخبرته برجاء ناعم مثلها ""ارجوك حبيبي إنه جيد لوالدك لا للطفلين سوف احزن إن فعلت هذا "" "" لا اقدر على حزنك صغيرتي لك ما تريدين"" نطقت مَي بامتعاض "" الرحمة يا رب"" اقتربت من جاسر على الفور تخبره بانطلاق فرح بصوت خافت "" انا سعيدة من اجلها لا اصدق أن الأمر انتهى"" دمدم لها بخفوت"" اذا لما لا تخبريها بهذا و كل ما تفعلينه الاعتراض "" رفعت كتفيها باستسلام "" هذه انا تعرف هذا لا احب ان أظهر مشاعري لاحد الا انت "" ابتسم لها و هو يراقب هذا الطابع فوق شفتيها الذي ستثير جنونه قائلاً ""ربما من الأفضل الا تعبري الآن انتظري حتى نخرج من هنا "" ليميل يعدها يخبرها بصوت ناري واعد "" تذكري طلبك القديم انك تريدين توأمين ربما نحاول جدياً اليوم في تحقيق طلبك "" وافقته وابتسامة متلاعبة تتراقص على شفتيها و هي تهمس ""اذاً ليكن الامر في بيت الصحراء "" ضحك بخفوت وهو يعدها ان لها ما تريد بينما تقدمت اسراء بثقة بدون تردد تلصق ظهرها بمراد و تسند ظهرها عليه وهو يطوق خصرها من الخلف لتقول "" أخبرتكم لا داعي للجدال كلمة منها و ينهار على الفور "" ضحك و هو يشدد من احتضانها ""كنت اعرف صدقيني "" بينما اسراء تحمد الله في سرها ان أعادت تواصلهم و لو سطحياً و لكن في النهاية اصبح مراد يتقبل وجود إيهاب في حياتهم بدون ثورت او شك بدأ الجمع في الخروج واحداً تلو الآخر لتبقى منى و بدور آخر الخارجين التفت له بدور بعد ان أدركت سكون جسد الأخرى بين يديه قائله "" انت تعلم اني لم أتقبلك ربما لأني رايتها في وضع مرير و ضعيف بسببك لكن اعتقد اني ربما اغير نظرتي بك "" بتفهم رجولي لما تبديه رد ""اعلم والامر لا يزعجني "" هزت كتفيها بأناقة قائلة "" جيد اعتقد ربما يصبح بيننا تواصل جيد في النهاية هدفنا واحد الحرص عليها رد يتنهد براحه و هو يزيح شعر مريم الذي يخطي وجهها يحاول جمعه وهو يقول "" أوافقك تماماً بدور و ربما لهذا اتقبل رد فعلك بالنهاية لا يهمني الا راحتها وان كانت تحب وجودكم فمرحباً بك وبرأيك لتقول بدور لي طلب واحد لديك "" ""تفضلي"" "" الفتاه سمها (ليبرتا) تعني الحرية إيهاب "" ************* بعد اربع أشهر تسلل من جانبها بهدوء كعادته يذهب لغرفة طفليه توجه لطفله (أياس ) الهادئ دائماً لا يثير الصخب والإزعاج مثل صغيرته (ليبرتا) التي سمتها خالتها و وفقت مريم على الفور بعد ان استحسنت الامر ليكون اختياره هو الاخر اسم ابنه الذي يصف حالته بعد ان بحث عن معناه (التعويض والعطية) و لم تعترض ضحك بخفوت و هو يتأمل طفله النائم بسلام يبدو ان امهم وجدت الفرصة لتهرب من الاسماء الذي اقترحها هو في السابق انحنى قليلا , يقبل جبهة طفله و يديه يتأمل ملامحه التي وضحت قليلاً يشبهه في لون عينيه و ملامحه قطعة صغيرة منه ما عدا شعره بلونه البني المتدخل قليلاً بخصلات عسليه تشبه اخته و والدته تركه وهو يدثره جيداً حتى لا يزعجه ليقترب من ناعمته الصغيرة يحملها على الفور و هو يبتسم بجذل وكأنه في موعد غرامي و حبيبته تنظره حملها ليجلس على كرسي , يتوسط سريري الصغيرين ليخبرها ""ها قد تخلصت منها و اخيك نام و أتيت في موعدي هل تأخرت على صغيرتي "" ندت عنها ابتسامة ملأت وجهها و هو يستمر في مخاطبتها كفتاة ناضجة تفهمه "" كنت تنتظريني يا قرت عين أباك اعلم و لكنك فتاة جيدة لم تثيري الضجة كعادتك و انا وفيت بعهدي لك "" توسعت ابتسامتها و هي تحرك ذراعيها تحاول مسك فمه بيديها و هي تناغيه بهمهمة طفولية قربها منه يلثم عينيها ليرفعها من تحت كتفيها للعلو يداعبها بلعب أطفال حنان أبوي متدفق كان يكتمه لسنوات يعوّضه يومياً في طفليه ولكن ربما كما تخبره مريم هو ينحاز لتلك الصغيرة وتأثره وتجذبه أكثر من أخاها تمتم لها باعتراف وهو مستمر في دغدغت بطنها بوجهه "" امك محقة ولكن ماذا افعل اسرتني بغرامك صغيرتي منذ فتحتي عينيك قبل أخاك و لتزيدين من جنوني بك اخذتي ملامح متملكتي الاولى"" ارتفع ضحك الصغيرة وهي مستمرة في مناغاته تمد يديها تحاول ان تصل لشعره انزلها بحرص وهو يضمها لصدره ينهيها ""لا يا مشاغبة لا تحاولي لقد اعتدتي على الامر و ترهقين أخاك عندما تكرري الامر معه "" تغضنت ملامحها وهي توشك على البكاء ليرضيها سريعاً و هو يميل اليها برأسه يضعه بين يديها تشده و تعبث به ضحك وهو يقول ""متزمتة تشبينها عندما تصر على شيء لقد ضيعتي هيبتي بأفعالك"" "" لوليتا "" أتاه صوت مريم من الباب ناعس و هي تفرك عينيها تهتف باعتراض وملامح تعلوها الغيرة ""هل تركتني لتأتي اليها وايضاً تجعلها تعبث معك "" ضحك بصخب وهو يحرر صغيرته يخاطبها من بين ضحكاته قهقهت الصغيرة مثله على اثرها قائلاً لقد أمسكت بنا مثل كل ليله متلبسين لوليتا أرأيت امك تغارك منا "" اقتربت منه تنظر لصغيرتها التي سرقت اهتمام إيهاب منها لتقول بتبرم ""لقد اتفقنا إيهاب ليلاً هو لي انا و بالنهار افعل ما تريد مع تلك السارقة"" عادت ضحكاته تجلجل بصخب لتنبه بهدوء "" أياس سوف توقظه يكفيني لوليتا التي لا تهدأ ليل او نهار "" استقام من جلسته يتوجه لفراش الصغيرة يضعها برفق وهو يخبرها ""يكفي حبيبة أباك اخلدي للنوم لنرى تلك الغاضبة حتى لا تنقلب علينا "" "" التفت لمريم التي اقتربت منه تأمره بحزم : ""اريد أن تلاعبني مثلها"" ادعى التفكير للحظات وهو يقيمها بقميص نومها الحريري الوردى الطويل، يغطي جميع جسدها ويكشف عن ذراعيها فقط. طبيعتها لم تتغير مهما حاول معها تفضل دائماً الأشياء ثابتة، من حولها حتى طريقة ملبسها وكأنها تخشى أي تغيير قد يطرق عليها ويفقدها أي شيء مما حصلت عليه الآن وأهمها استقرارها وهدوئها الذي حصلا عليه اخيراً. اقترب منها مداعباً وهو يلامس خدها قائلاً : ""هل تريدين أن الاعبك مثل فتاة عمرها أربعة أشهر"" أومات له بتأكيد وهي تخبره:"" نعم لقد سلبتني معظم حقوقي بك حتى أنك أصبحت تناديها يا ناعمة هذا لقبي أنا"" انزل يديه يطوق خصرها يرفعها عن الأرض مثلما كان يفعل مع صغيرتها، ضحكت بسعادة وهي تقول:"" أنزلني أنا كنت امزح"" رفع وجه يبتسم لها بحنان قائلاً: ""لقد وعدتك أن أنفذ لك أي شيء تطلبينه حبييتي"" كانت تنظر له من علو، شعرها يتهدل حولها يغطيه وذلك السلسال يتأرجح من عنقها أمام نظراته فتذكره بكل شيء سابق رغماً عنه ربما تنتابه بعض السعاده والاطمئنان لتمسكها به حتى عندما اتى لها بخاتم زواج لم تهتم به بقدر ما تعتز بذلك السلسال الذي يحتوي على الملاك من الذهب الأبيض الذي يضم قلبين من الزمرد الأحمر. راقبت نظراته التي تطالعها لتخبره وشعرها مازال يحاوط وجه فيكون ستار يحجزهما عن العالم الخارجي في تلك اللحظة. أخبرته همسا: "" قلبي وقلبك لن أستطيع خلعه يوماً أو التوقف عن حراسته"" أنزلها ببطء من رفعه لها ليضعها على الأرض يمسك وجهها بين كفيه يخبرها بصوت أجش: "" أعلم، واثق في هذا، كما أني أعلم ما نحن فيه الآن من سعادة هو بفضلك أنت وحدك"" غمرت خدها بين يديه المحيطه وهي تغمض عينيها:"" بفضلك كلينا إيهاب وبفضل الله الذي منحنا فرصة العيش من جديد"" فتحت عينيها تفاجئا له وهي تمسك السلسال، تخبره باستفهام: ""صحيح كل هذه الفترة لم تخبرني ماذا تعني تلك العصفورة؟"" داعب خديها وهو يقول:"" ابنتك، عندما علمت بحملك قمت باختيار تصميمها بنفسي وصنعت لك خصيصاً لتلحق بالقلبين"" التفت لابنه في نومه الهادئ قائلاً:"" لم اعلم أنك تحملين لي صقرا ايضاً"" ضحكت بخفة قاءلة: "" تشبهك غير موفق ، أيأس هو الحمامة وتلك المخادعة هي الصقر"" بادلته الضحك وهو يتلاعب بطوقها يتلمس جيدها معه بحرارة ليهمس لها: "" سوف أقوم بتصميم صقر صغير ليحرس عصفورتي"" ضحكت تخبره: ""وهل هناك صقر يحرص عصفورة؟"" ضم خصرها يخبرها: ""أتنكرين!، لقد حماك من قبل وانت عصفورة"" ببطء تلككت على حروفها، أخبرته مازحة: ""تقصد حرسها وبالنهاية التهمها"" لم تعد كلماتها تغضبه بل يحجب عنها أي ألم بجدارة يعلم أنها لا تقصده ولكن رغماً. عنه هناك صوت خافت يجاهد لقتله يذكره. ابتسم بتفكه وهو يميل يلثم خديها يغمغم لها: "" نعم التهماها بالكامل وكانت أفضل ما تذوق وربما يكرر الأمر الآن"" قاطعته ليبرتا المراقبه لهما ياعتراض وهي توشك على البكاء تطالب به. انفصلت عنه مريم وهي تقترب منها تخطفها من مهدها وهي تقبلها. قاءلة له: "" سوف اجعلها تنام"" إشارت الصغيرة بكلتا يديها له هو. اقترب منها يخطفها من إحضان مريم بانتصار، ليضمها اليه سريعاً فتهدأ على الفور، أخبرته مريم بصوت يحمل اليأس ""انت لن تفعلها"" انصرف بهدوء من الغرفة وهو يقول"" هاتي الصغير و تعالي تعلمي ان الامر سوف ينتهي كل ليله هكذا "" باستسلام حملت صغيرها النائم لتأخذه هكذا يبدأ الامر تسحره و تكبله ابنتها ليأخذها الى غرفة نومهم و تجلب هي المسكين النائم وراء مدللات ابيها لتنتهي الليلة ان يقضوها و الطفلين بينهم ربما احتياجه هو لا الصغيرة تتفهمه وتتفهم لهفته لكل دقيقة يقضيها وهو يتأمل الصغيرين ويحتضنهم بينهما ذهبت خلفه لتجده في دقائق يمسد على شعر الصغيرة و تبدو في الاخفاء تمددت بجواره وهي تضع الصغير بجوار أخته في أحضان والدها بينهم همس لها ""اعتقد انها تحب راحتى لا تحتاج لطعام لتغفو "" ابتسمت مريم وهي تهمس وقلبها يخفق بدوي مجنون عاشق وهي تقول ""اعلم ما تشعر به ومن يستطيع ان يقاوم دفئك حبيبي"" ابتسم لعينيها يتمتم بهدوء ""احبك "" تبرمت تدعي الحنق والغضب ""لا انا من تحبك وانت تحب تلك المدعية التي اختطفتك مني"" كتم ضحكه مع غيرتها المتكررة أراح جسد الصغيرة التي ذهبت في النوم ليتركها وهو يتحرك للجانب الأخر يلصق نفسه بأمها يضم ثلاثتهم برفق أزاح شعرها وهو يدفن وجهه في عنقها يتشمم رائحتها باستمتاع وهو يهمهم برضا ""لا داعي لغيرتك يا ناعمة تبقين الحب الأول اخبرتك يوم مولدها اني سوف أتعلق بها لأنها قطعه منك "" هزت راسها رافضة ""لا انت تحبها أكثر مني "" اقترب بحرارة يلثم عنقها بقبلات حارة يذيب ثباتها الذي تدعيه وهو يقول بهمس مداعب خافت ""لا احب احد الا انت يا ناعمة يا قلب إيهاب وروحه"" تنهدت بعذوبه و هي تحرر الصغير النائم بين ذراعيها برفق لتجذب الغطاء عليه وعلى اخته تدثره بحرص التفت بعدها تواجهه وهو ينتظرها و يستمتع بمشاعر الأمومة الفياضة وحرصها الذي لا يهدأ على صغيريه ليلتقط شفتيها على الفور لتتعلق بعنقه تجذبه اليها تبادله عاطفته المتدفقة التي لا تهدأ اليها انفصل عنها يضع جبهته على جبهتها يهمس وهو يغمض عينيه ""احبك لم كل شيء معك له طعم خاص متى يهدأ قلبي الهادر بين يديك يا صغيرة تختطفي نبضاتي و تهفو اليك لتأتي لي بقطعه مماثله منك تتلاعب على أوتار قلبي ضعت انا بينكم حبيبتي "" همست بعذوبه وهي ترفع يديها تعبث بشعره مثل صغيرتها قائلة "" لم تضع بل وجدنا الطريق يا مالكي منذ يوم مولدي مغرمه بك انا بل متيمة بكل ما يخصك و يجب ان تكون قطعتي تشبهني حتى في مشاعري نحوك من سوف تجد ليستحق حبها ابي انت وصديقي واخي وحبيبي و رجلي اختصرت بك العالم وسلمت لك صك امتلاكي حتى وان حرم الجميع حبي لك حتي وان اصروا ومازلت ارى في اعين البعض منهم ان قلبي دقاته محرمة "" لم تشعر وهو يفتح عينيه يطبق على شفتيها يبتلع حتى أنفاسها بقبلة عنيفة منفلتة جشعة كعادته يتحرر بها من كل شيء بين ذراعيها هي وهي فقط انفصل عنها ليقول هادراً ""لا يعنيك بشر بل انا اخبرك انت من قيدتِ قلبي بصك امتلاكك والوصف الصحيح يا ناعمه إيهاب منذ طفولتك ( دقات قلبك لغيرك محرمة ) تمت بحمد الله كانت رحله سعيده وتجربه مثيره بتشجيعكم بنات بشكر كل من شجعني وكل من ساعدني بنصيحه او إعطاء معرفه وخبره منه الشكر خالص لادمن ليلي مصطفى الجندي المجهول لخروج الروايه بشكل لائق وادمن بدور السلامي صديقتي وأختي التي كانت تستمع بأفكاري المجنونه وتحاولي ان تعدلنى عن شروري وكل الادمن بالطبع لوقوفهم معايا في اول رحلتي وتشجيعهم المستمر اعذروني لو أخفقت في نقطه ما الروايه كانت صدقاً مهلكه كفكره وكاول تجربه ليا وبالتاكيد ليس هناك احد كامل بذلت جهدي ان تكون بشكل جيد ولكن بالتأكيد هناك أخطاء كثير" "– الخاتمة- في المستشفى، بعد عدة ساعات من وقت الولادة. كان ينظر إليها بعد أن ذهبت في غفوة، تمكنت منها لترتاح ولو قليلا وأجبرتها على تركه وترك الطفلين اللذان كانت تتمسك بهما رافضة أي مبادرة من الطبيبة أو الممرضة لأخذهما منها حتى تستطيع أن ترتاح. حتى عندما تم نقلها من غرفة الولادة لغرفة عادية رفضت الأمر بعناد أن تحررهما من أحضانها؛ استطاع أن يقنعها بصعوبة عندما كان النعاس يداعب جفونها، ليتمكن منها في النهاية، بينما كانت ترفض بإلحاح أن يأخذهما بنفسه ليكون رجائها حتى بع نومها أن يتركهما ولا يحركهما من جانبها. بحاجة ملحة للاطمئنان عليها، اقترب من وجهها الشاحب البادي الإرهاق، يقبل جبينها نزولا إلى شفتيها بتهور الساعات القليلة الماضية، مازالت ذكرى الولادة والذعر الذي تلبسه كليا، تحطمه وهو يراها أمامه تعاني، عاجز عن فعل ما يخفف عنها، ألمها. ابتعد عنها عندما تململت باعتراض واهن على قبلته، ابتعد لاهثا يتمتم باعتذار خجول لم يصل مسامعها عندما عادت لغفوتها مرة أخرى. عندها سمع بداية بكاء أحد الطفلين بصوت كمواء قطة حديثة الولادة. اقترب برهبة من السرير الصغير المجاور لسرير مريم، يتأمل كليهما؛ ملامح صغيرة ناعمة، براءة ونقاء يحرران روحه من الأثقال التي تكبله، يتأمل كليهما دون شبع، نهما لمرآهما وكأنه لم يصدق بعد وجودهما أمام عينيه. مال بنصف جسده العلوي يحيط كليهما بحنو، لم يستطع أن يحمل أحدهما، مازالت الرهبة والخوف متمكنان منه، لقد عانى عندما أخذهما بحرص الواحد تلو الأخر من أحضانها، ليضعهما على سريرهما، يستشعر الخطوات القليلة بين الفراشين أميال عدة. عاد صوت البكاء الخافت يعلو مجدداً يعلن عن اعتراض صغيرته الأخرى لصمته، كأنها تطالبه بوصالها مثلما فعل مع توأمها. ابتسم بحبور وعينيه تحمل الفرحة الخالصة، يوجه كل تركيزه مع تلك اللفة البيضاء بخيوط وردية ملامح ناعمته الصغيرة الأخرى، ضربته في صميم قلبه وهو يتذكر مشهد أخر وصغيرة أخرى حملها حديثة الولادة بلفافة مماثلة. ارتفع مواء طفلته باعتراض، تفتح عينيها لأول مرة منذ ولادتها على وجهه هو، لم يستطع إلا أن يمد يديه المرتعشة يحتويها بحرص ويضمها إلى صدره، يتأملها بشغف يراقب تلك العينين تعلن عن عيني متمردة أخرى في حياته ولكنها لمفاجئته تحمل لون عينيه الرمادي. أخذ يدها الصغيرة بين يده وذراعه الأخرى ترفعها قليلاً إلى صدره ليقرب تلك اليد الصغيرة إلى فمه يقبلها بحنان أبوي. يتمتم لها بصوت خافت: ""مرحباً يا شبيهة أمك، شقية متمردة أخرى ومعترضة ناقمة"" كان مازال بكائها مستمرا، ليهددها بين ذراعيه يحاول أن يهدئها، فينظر لذلك الصغير الساكن رغماً عنه يتأمله ولكن صغيره كان يبدو غافلا عنه، مستمرا في نومه مثل أمه. عاد للأخرى التي تصر على تركيزه حين تستشعر توقف هدهداته، كأنها منذ البداية تعلن تملكها له وألا ينظر لغيرها. جلس على ذلك السرير بحرص يبتعد عن صغيره الهادئ، فيربع ساقيه ورغماً عنه يضحك من نفسه وهو يعود للمعترضة ليكمل تهدئتها وهو يحدثها كأنها تستمع لكلماته وتفهم حواره الأحادي. : ""من الجيد أنك أخذتِ لون عيناي، لا تخبري أمك بهذا حتى لا تغضب"" هدر لها وكأنه يعوض سنين حرمانه، يرى صغيرته كأنها تفهم حقاً حديثه، عندما استطاع جذب نظراتها وهي تفتح عينيها فيه تتأمله وتبدأ في الهدوء: ""أتعلمين !، منذ ما يقارب العشرين سنة، عشت نفس الحدث، فعلتها أمك من قبلك أول من فتحت عينيها على وجهه كان أنا وأول من منحته الاهتمام"" وهدأ بكائها بين يديه بينما يكمل: ""يومها اعتقدت أني ربطتها بي لكنِ لم أكن أعلم يا صغيرة أنها من قيدتني وختمت قلبي بصك عشقها إلى الأبد"" مسد على رأسها بحنو، مشاعر أبوية فياضة لم يستطع حتى أن يصفها أو يحدد ماهيتها، مشاعر مختلطة عدة كانت تضربه وتلك العينين الواسعتين برماد حدقتيهما تتأملانه باهتمام وكأنهما تعرفانه. قربها منه يرفعها بين ذراعيه يلثم رأسها بشعرها الغزير بلونه العسلي المناسب مع طفلة حديثة الولادة. أبعدها عنه وعينيه رغماً عنه تدمع مرة أخرى ليخبرها بصوت أجش: ""هل تعلمين كم انتظرتك وحلمت بك وكم كنت فاقد الأمل بوجودك حتى ولكن رغم عني صغيرتي لم استطع إلا أن أحلم بعطية الله وحكمته، وبعد أن كاد اليأس يتملكني منحني أنت وأخاك من ناعمتي الخاصة وابنتي قبلكما"" هبطت دموعه وهو ينظر لصغيرته بعينها المتوسعة تناظره، رفع يده يمسح دموعه سريعاً ليستمر في هدره بصوت أمر: ""هذا سرناً الصغير لن تخبري أحدا أني بكيت بسببك أنت مرة أخرى، أنا أعتمد عليك يا حبيبة أباك"" حركت شفتيها مرة أخرى كأنها توشك على البكاء، يديها التي يمسكها بين يديه تتحرك وكأنها تبحث عن شيء ما، بصوت متلهف سألها: ""ما بك صغيرتي؟، لا تبكي حبيبتي طالما أنا على قيد الحياة"" أتاه صوت أمها المرهق على الفور تضحك بصوت وهن، همسا: ""حبيبي هل تعتقد حقاً أنها سوف تجيبك ؟""ً التفت نحوها على الفور يبتسم لها، بوجه عاشق: ""مرحباً بعودتك كبيرتي"" عقدت حاجبيها بعدم فهم ليقف على قدميه بحرص يقترب منها، ويميل ومازال يحمل الصغيرة المعترضة على ما يبدو بين ذراعيه، ليلثم جبهتها بحنو يخبرها: ""أنت سوف تظلين أول معرفتي بمعنى الأبوة ابنتي قبلهما يا روح إيهاب"" همست قائلة: "" قربها مني واقترب أنت أيضا لأقبلك، أحتاج لهذا"" ضحك بصوت أجش وهو يقترب منها يقبل خديها بنفسه ويلثم شفتيها مدت يدها لأخذ الصغيرة فابتعد معترضا، ليخبرها بمشاكسة محببة: ""آسف يا ناعمة هذه ابنة أبيها، لديك البديل النائم هناك أما صغيرتي المعترضة فهي لي أنا"" عقدت حاجبيها باستنكار رافض وهي تقول: "" هل تمزح إيهاب؟ !"" لكنها عندما لاحظت إصراره ببساطة، أضافت: ""هل بدأنا لا يعقل ما تقوله، أعطني ابنتي ولا ترهقني إيهاب"" هز رأسه برفض وهو يتأمل ابنته بين يديه وحركة يديها المرافقة لرجفة شفتيها لم تهدأ، عادت مريم تقول بتعب: ""إيهاب أرجوك لن استطيع مجادلتك الآن، أريد أن أراها لا تكن أنانياً"" على مضض، اقترب منها يضع الصغيرة بين يديها اللتان رفعتهما لتتلقفها بهما، تضمها إليها وترفعها لتلثم خدها برقة، لكن الصغيرة على غير توقعها بكت بين ذراعيها مرة أخرى ويدها الصغيرة تتحرك بتخبط تائه، اقترب منها مشفقا، عندما رأى جهلها الواضح في التعامل وحيرتها.، تحاول تهدئتها دون جدوى فتحاول مخاطبتها كما كان يفعل هو منذ قليل: ""ما بك؟، ماذا تريدين؟، لا تبكي أرجوك سأبكي مثلك"" مد يديه يحرك جسدها ليجلس وراء ظهرها، يضمهما معا، يسند ظهر مريم إليه وهو يرشدها بهدوء: ""اهدئي أنت أولاً وتعاملي معها بحرص حبيبتي"" التفت له تخبره: ""أنا لا افهم كانت جيدة معك؟"" بهدوء وهو يرفع الصغيرة التي بين ذراعي أمها إلى صدرها ويضمها قائلاً: ""لا كانت تبكي في البداية واستطعت إلهائها قليلاً يبدو أنها جائعة وما تفعله للمطالبة بطعامها"" نظرت له بحيرة تسأله: ""وماذا نفعل الآن ؟ !"" عقد حاجبيه باستنكار مستغرب: ""مريم هل تقولين أنك لا تعلمين كيف تطعمينها؟ !"" : ""لا ! أنا أعلم، كانت هناء قد حدثتني عن الأمر سابقاً"" : ""إذاً افعليها حبيبتي لأنها لن تصمت تشبهك"" بخجل أخبرته: ""إيهاب أعلم الطريقة لكن لا أعلم كيف يتم الأمر"" بصوت مشفق وهو يتولى إمساك الصغيرة التي مازالت تبكي، أمرها برفق: ""ابدئي حبيبتي الآن وأنا سوف أساعدك"" بهدوء شرعت فيما أمرها بت، عانت قليلاً وهي تتخبط وهو يحمل الصغيرة معها يرشدها برفق بعد دقائق من التيه نجحت في مسعاها والصغيرة ترضع طعامها بنهم، أراحت رأسها إلى كتفه وهى تضحك بجذل ودموعها تسيل رغماً عنها تخبره بنصر: ""لقد نجحت وهدأت صغيرتك"" بدالها الابتسامة وهو يقول بهمس يراقب صغيرته: ""تبدو عنيدة مثلك، نهمة تسعى بإصرار لما تريد وتأسر خفقات قلبي رغماً عني"" غمغمت له بتعب وهي تقول معترضة: ""لن يأسر قلبك غيري أنا، فاحذر منذ الآن حتى لا أشن حرب عليها لاحقا"" ضحك بقوة يجيبها: ""هي تأسرني لأنها منك شبيهتك وكأن العمر عاد عشرون عام ليكرر المشهد عندما ضممتها شعرت أني أضمك أنت""، بإقرار أردف يطمئنها بتصريح: "" لن أكذب عليك سوف أعشقها يا ناعمة وربما تنافسك على دلالي ولكن تذكري فقط لأنها جزء منك"" لم يمهلها الصغير الآخر الرد عندما ارتفع بموائه المشابه لبكاء أخته، لتعترض مريم قائلة : ""لا !، يبدو أنه يطالب بحصته مثلها"" حركها من أحضانه وهو يقف من الفراش يقترب من صغيره ليحمله وينظر لوجهه وعينيه اللتان فتحهما ينظر للأعلى، ليخبرها وهو يقترب: ""لا تتمردي على نعمة الله منذ الآن يا ساحرة لقد بدأنا للتو"" باعتراض أخبرته: ""أنا لا أتمرد ولكن الأمر مرهق""، جلس بجانبها وهو يحمل الصغير قائلاً: ""أعلم هذا، لأنك مازلتِ لم تستردي قواك بعد، مازلت صغيرة حبيبتي، أنا آسف"" هزت رأسها برفض ويدها رغماً عنها تقترب من الصغير بقلب خافق تتأمله بين ذراعيه : ""أنا لست صغيرة، أحب كليهما، هما قطعتين مني ومنك، لا تقلق أبداً أنا أم جيدة سوف اثبت لك"" بثقة قال: "" أعرف، وسوف أساعدك بنفسي سنتعلم سوياً وسنحيطهما برعايتنا دائماً فاطمئني أنت"" فصلت صغيرتها عنها وهي تقول بحزم مضحك: ""خذ ابنتك وأعطني ابني أنا راضيه تماماً. عن تقسيمك السابق بيننا""، تبادلا الطفلين بينهما، لتقرب الصغير منها يأخذ حصته ويبدو أنها تمكنت من الأمر بدون مساعدة منه هذه المرة. تأملها مبتسما، كل انتباها مع طفله، أسترعى انتباهها وهو يقول في حوار حميمي بعد أن زال توتر الساعات الماضية وكأن وجود الطفلين بينهما حرره من كل خوفه ورهبته ليستشعر نعمة الله التي بين يديه، زوجته، امرأته التي أحب وطفلين كان حلمه الضائع لأعوام كثيرة غادرة: ""أتعلمين ما المضحك عند سماع بكائهما؟"" باهتمام رفعت رأسها إليه لتسأله: ""ماذا؟"" ضحك بقوه يخبرها بمشاكسة: ""تشبيهك السابق لهما، أنك قطة تحمل توأمين، لأن صوتهما يماثل صوت القطط حديثة الولادة حقاً"" ناظرته بامتعاض وهي تقول: ""لا أنا أجدت الشرح أنت من شبهتهما حبيبي"" مد يده يسحب يدها بعد أن غفت صغيرته بين يديه يجذب يد أمها يقبل أناملها وهو يخبرها : ""أحبك يا متمردة فترفقي بقلب عاشق أنت وعطياك"" *********** ليلاً كانت غرفتها يسودها الهرج، بعد أن أتى جاسر ومي يصطحبان معهما هناء وابنها ثقيل الظل على قلبه، وسط مباركات ولوم وعتاب منهم جميعا، لأنه لم يتصل بأحدهم لحظتها، عاجزا عن شرح الأمر وإصرار مريم المستميت في أن تخوض الأمر كله رفقته فقط . اقترب منه جاسر، يقفان بعيدا عن تجمع النساء المحيطات بمريم والصغيرين، يرتب على كتفه المصاب بفظاظة وعنفه الدائم وهو يقول: ""مبارك لك من سيقلبان حياتك جحيما و ليلك نهارا ويحرمانك طعم النوم"" ابتعد عنه وهو يقول: ""أنت تتعمد الأمر!، تعلم أن ذراعي لم تشفى بعد"" أجابه جاسر: ""بالتأكيد انتقم منك على الرعب الذي لن أنساه منك ما حييت"" هز رأسه بيأس: ""حسناً لا فائدة، ولكن هل هذه مباركة منك أم محاولة لتجعلني أقلق "" بلامبالاة أخبره جاسر: "" لا أنا أخبرك واقعا سوف تراه بعينك لن أغشك، لن تنام الليل ونهارك سوف يتحول لحرب طاحنة غير الجنون الذي سوف تراه من زوجتك، لن تطيق حتى رؤية وجهك عند كل بكاء من أحد أطفالك فما بالك بطفلين"" ابتسم ابتسامة واسعة وهو يخبره بانتصار لا يعلم سببه: ""سوف تكره اليوم الذي رأت فيه وجهك صدقني"" بدا على ملامح إيهاب الرفض التام للفكرة وهو يخبره بثقة: ""أنت تهذي ليس لهذا معنى، ولو أنه لا يبدو أن زوجتك قامت بالأمر لأنها إن فعلت حينها فقط سأفكر أنه ربما مريم أيضا قد تفعلها"" قاطعه جاسر بملل يقول بتأكيد:""سوف نرى"" تركه لهزاره المجنون، ليتأمل صغيرته الفرحة وهي تضم طفليها ترفض بإصرار اقتراب أحد منهما، لكنها سمحت لهناء فقط بحمل إحداهما. هناء المرأة التي منحتها حنانا أمومي بدون أسباب، فتعلقت بها بدون أن تشعر، فيجد نفسه اليوم يحبها ويحترمها لشخصها وعطائها معها هو الآخر من أجل حبها لمريم الغير مشروط ورعايتها السابقة، لها يعلم جيداً أنها أعطت مريم الكثير لتصل للهدوء والمسامحة مع نفسها التي وصلت لها الآن، كانت الجندي المجهول الذي ساعد في استقرار حياتهما الآن، وبالطبع لن ينسى فضل زوجة أبيها منى وأختها الكبرى بدور والتي تبدو أنها لا تتقبله بعد. على ذكرهما، طرق الباب، ليدلف منه مباشرة منى القاضي تتبعها بدور بثقتها المعتادة وأناقتها المتكاملة التي لا تتنازل عنها وفى يدها تمسك برفق وحنان لم يره منذ معرفته بهما إلا رفقة مريم وتلك الصغيرة شيماء، التي يشفق عليها رغماً عنه ولكن لم يظهر ذلك الآن. رفع عينيه مباشرة ينظر لذلك الأبله الذي يفضح نفسه بأفعاله وهو يفتعل صخبا على ما يبدو ليعلم الأخرى أنه هنا، قائلاً: ""اشتقت إليك يا بدور، مرحباً، كم أشكرك لأنك أتيت وأرحتِ قلبي المشتاق الذي يهفو لرؤيتك"" عقدت بدور حاجبيها باستغراب وهي تتوجه لفراش مريم مباشرة تتبع أمها قائلة: ""هل تقصدني أنا يا فتى؟"" صك على أسنانه ويبدو أنها جرحت رجولته الوليدة أمام من يحاول إثارة إعجابها: ""أنا لست فتى، اسمي نزار وعندما يخبرك أحد أنه اشتاق لرؤيتك بادليه أدبا ولو مجاملة بعضا من اشتياقه"" رفعت بدور حاجبا واحدا وهي تقول ويبدو أنها أدركت الأمر مؤخراً ومن يقصد وهي تستشعر توتر الأخرى بين يديها ووجهها الذي تورد لتقول ببطء: ""ما رأيك أن أتي وأقبلك"" تنهد بهيام وهو يقول: ""يا ليت متى تفعلينها، قبلة واحدة فقط تشبع شوق قلبي سوف أكون ممتنا"" مال إيهاب على جاسر قائلا: ""هل سوف تضربه أنت أم أضربه أنا؟"" أشار جاسر له وهو يرى اقتراب هناء التي لكزته في معدته بقوة ليقول: ""لن نحتاج الآن هناء كفيلة بالأمر ولكن أعدك في وقت قريب أن نضربه كلانا فهو لن يتوقف عن حماقاته"" اندمج جميعهم في حديث شيق يعطونها تعليمات متفرقة وكل واحدة منهم تنصحها بطريقة مختلفة، بينما كانت هي تسترق النظر إليه من وقت لأخر كأنها تخبره أنها تريده قريبا منها. ابتسم بدفء يرفع ذراعيه بقلة حيلة، لن يمنع عنها كل هذا الدفء والحنان العائلي الذي اكتسبته، يجب أن تحصل على مساعدة الجميع ومشاركتها فرحتها، يخبرها بصمت لولا حرصه على شعورها هي ومراعاته من ساندوهما وكانوا نعم العون لهما لكان اختطفها هي وطفليه لمكان بعيد يستأثر بهم لنفسه فقط ولا يشارك فيهم أحدا. واستمر التدفق القادمين ليعلن طرق الباب عن قدوم مراد يحمل الصغيرة تالا وتأتي من خلفه إسراء تمسك ميرا من يدها والتي اندفعت مباشرة فور رؤيته. تجري نحوه وهي تفتح ذراعيها، مال عليها بجسده يتلقفها على الفور بين ذراعيه، يضمها بشوق ويقبل خديها وعندما هدرت به لائمة عاتبة: ""اشتقت إليك عمي، لم لم تأتي لزيارة غرفتي عند بابا لقد انتظرتك"" رد بحنو: ""وأنا اشتقت إليك يا أميرة ميرا اعتذر منك حبيبتي هذا خطئي"" تبرمت منه قائلة يستشعر إسراء في نبراتها المتكلفة: ""لن اقبل اعتذارك إلا إن عوضتني"" ضحك منها وهو يجاريها: "" وماذا تريدين تعويض؟"" أخبرته وعينيها تلمع بنصر: ""ماما قالت لي أن لديك أنت ومريم نونو صغير، أريد أن أراه واحمله لأنها أخبرتني أيضاً بأنك لن تسمح لي بحمله"" ضمها برفق على كتفه وهو يقول بهدوء: ""سوف أحقق لك رغبتك الأولى وترينهما لكن اعتذر أميرتي ما أخبرتك به ماما صحيح"" اقترب بهدوء من مريم وهو يحتضن ميرا ويستمر في حديثه معها وهي تنظر لهما بعيون لامعة: ""لن تستطيعي حملهما حبيبتي مازالا صغيرين للغاية"" بإحباط ردت وصوت طفولي : ""حسناً ولكن اقبلهما قبلة صغيرة"" ادعى التفكير لحظة وهو ينحني معها ليقول: ""أوافق سوف نقبل أنا وأنت تلك المشاغبة مثلك، ما رأيك؟"" هزت رأسها بموافقة سعيدة وهي تقترب تقلد إيهاب في قبلته المرافقة لابنته. انزلها بعد ذلك لتجاور مريم، تتعلق بها وهي تهدر معها بالحديث ومريم تندمج معها في حديثها. عاد مرة أخرى ليبتسم مرحباً لمراد وإسراء التي تراقبهم بارتباك، هز رأسه بتفهم ومراد يمد يده أولا: ""مبارك لك لقد علمنا الأمر من جاسر"" بهدوء بادله السلام: ""أشكرك لقدومك مراد ووقوفك السابق بجانبي"" اقترب يأخذ تاليا من بين ذراعيه: ""هل تسمح لي"" للحظه فقط بان الرفض في عيني مراد مازال هذا الحاجز بينهما ومن يلومه، يتفهمه تماماً ربما شعور كل منهم بالرفض مختلف ولكنه سيحيى دائماً بينهما حتى وان حاولا التغلب عليه أعطاه تاليا التي قربها منه يخبرها بلقبها الذي كان يطلقها عليها: ""مرحباً يا صاحبة حمرة الخدين، هل تذكريني؟"" طوقت عنقه بذراعيها ليضمها للحظات ليقبلها بعدها لتعود الصغيرة تشير لمراد: ""بابا "" : ""لقد تحدثت؟ !"" رد مراد شارحاً: ""نعم تتحدث بضعة كلمات منذ فترة لقد ذهبت بها لطبيب تخاطب لا يوجد ما يعوقها ولكنها تفضل الصمت والهدوء سوف تأخذ بعض الوقت ولكن بالنهاية سوف تتحدث"" أعادها له برفق وهو يؤيد على كلامه، تقدمت إسراء منه ويبدو أنها حصلت على التشجيع قائلة وهي تبتسم بثقة وفرحة حقيقية: ""مبارك إيهاب لن أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي من أجلك ومن أجلها "" بدالها ابتسامتها وهو يضع يديه في جيب بنطاله يومأ بهدوء وهو يؤكد على كل كلمة : ""أعلم إسراء حتى وإن لم تخبريني""، أكمل وهو ينظر لمراد يردف بهدوء: "" لا توجد أخت لن تسعد من أجل أخاها أما عن مريم تستطيعين إخبارها بنفسك "" تقدمت من الفراش وهي تقول: "" هذا إن سمح لي الجمع حولها"" اقتربت من مريم بعد أن فسحت لها هناء المجال، بدون تردد عانقتها على الفور تخبرها بسعادة: ""مبارك حبيبتي سلامتك وسلامة الصغيرين"" لم تستطع مريم أن ترفع يديها إذ كان الصغير مازال في أحضانها اكتفت بأن تدفن رأسها بقوة في صدر إسراء تعتاد عناقها ومشاعرها الوليدة في قربها، احتياج وجود إسراء وتقبل إحداهما للأخرى كان احتياج لها، ذكرى من الماضي، إثبات أن الخطأ لم يكن فيها. الرفض لم يكن لشخصها بل لأخرى ودليل هذا عندما وضحت الحقائق، إسراء من سعت لها بنفسها. أجابتها وفرحتها بمن يهتمون لأجلها ويطوقونها باهتمام تتزاحم في صدرها بشعور تعجز عن وصفه أو فهمه من السعادة: ""شكراً إسراء"" رفعت الصغير بين يديها تخبرها وملامحها تهلل بانشراح: ""هل رأيتهما؟، صغيرين للغاية وجميلين "" حررتها إسراء من احتضانها وهي تمد يدها تأخذ الصغير منها تتأمله بملامحه التي مازالت لم تفسر قائلة: "" نعم حبيبتي جميلين مثلك"" هزت رأسها برفض وهي تكمل هدرها، تشير للصغيرة التي بيد هناء قائلة: ""لا، إنهما يشبهان إيهاب لا أنا، يملكان عيناه لقد رأيتهما قبل أن يعودا للنوم "" ضمت إسراء الصغير ببهجة حقيقية، ارتياح ضمير من ناحية الاثنان على حد سواء وهي تمد يدها الأخرى تلمس خد الصغيرة وتتأمل ملامحها لتوافقها كأنها تهادن طفلة رغم عدم اقتناعها قائلة : ""نعم حبيبتي يشبهانه"" بحالمية وهي تتأمل وقفته الرجولية الجذابة لعينيها ويبدو إنه اندمج مع مراد وجاسر في حديث جانبي قالت: ""أعرف أنهما يحملان جاذبيته وسحر عينيه"" تبادلت النساء النظرات بامتعاض صامت حتى بدور التي تعتز بنفسها، رافضات ما يسمعن وقد زاد هدرها عن مدا وسامته وأن الطفلين يشبهانه عن الحد لم تستطع مَي مقاومته نفسها وهى تقول ممتعضة: ""أتعلمين مريم أحياناً أريد خنقك أو قتلك أي وسامة بالله ارحمي الطفلين سوف أخبرك الحقيقة كاملة ربما يحملان عينيه للأسف لكن الطفلين لم تفسر ملامحهما بعد وإن كان مما أرى فهما يشبهانك أنت"" ببرود ردت مريم: ""اخرسي مَي لم يطلب أحد رأيك يكفي أني أراهما مثله لا أهتم برأيك"" عندما همت مَي بالهجوم عليها أوقفتها بدور قائلة: ""يكفي مَي لا أعلم لما دائماً عندما أراك معها أجدك في وضع هجوم للفتك بها"" أجابت مَي: ""أنريد الحقيقة لأن أختك لا تطاق وهذا الحب الذي تبدينه يجعلني أشعر بالغثيان أنه زاد عن الحد"" تمتمت بدور بصوت خافت: "" ليس وحدك صدقيني"" بلا تعبير تركتهم مريم يمرحون على حسابها التفت لهناء التي ناولتها ابنتها وهى تقول: ""سوف أحضر لك بعض الملابس، أنت وصغيريك ربما أرافقك أنا الليلة لمساعدتك "" شكرتها بهدوء وهي تعتذر بخجل: ""لا إيهاب سوف يرافقني إنه يجيد التعامل مع الطفلين"" نظرت للعيون المراقبة لتميل تهمس لهناء في أذنها من الأسماع المتلصصة، وهي تقول: ""لقد ساعدني في إطعامهما بنفسه وأخبرني أنه قرأ في الأمر ولديه بعض الخبرة في التعامل مع الأطفال لا تقلقي"" ابتسمت هناء بحبور وهي تربت عليها بحنان أمومي : "" أنا سعيدة من أجلك حبيبتي لا أصدق أنك وصلت لبداية طريقك بأمان "" "" ولا أنا هناء ولا أنا "" أخبرتها نبهتها اسراء برفق وهي تتجاذب الحديث معها مرة أخرى تعطيها بعض الإرشادات ولكنها كانت تراقب في عينيها سؤالاً غير منطوق منذ أسابيع مضت لتسألها إسراء مباشرة : "" لا تخشي شيئاً واسألي ما تريدين "" بجمود وهى تقرب الطفلة إلى صدرها رغماً عنها قالت: "" ماذا حدث لها ؟؟ إيهاب يرفض الحديث في الأمر منذ أخبرته عن كابوسي "" عقدت إسراء ما بين حاجبيها وهي تقول : "" أيّ كابوس ؟؟ "" تنهدت مريم لترد : "" لا يهم إسراء فقط أخبريني ليطمئن قلبي "" جمدت نظرات الأخرى ووجع يعود يتسلل ببطء لعين إليها وهي تقول : ""حسين مازالت محاكمته قائمة , تعلمين أن الأمر قد يستغرق شهور عدة ولكن التهمة مؤكدة , وهي ... "" أكملت إسراء تحاول أن تنحي الحقد الذي خلعته من قلبها جانباً وهى تقول : "" هي شعبة الضرائب أخذوا منها كل شيء تملكه وأطلقوا سراحها , تعلمين لا سجن طالما سددت المال ولكن تركوها مجردة من كل شيء , أما تهمة الاشتراك في محاولة قتل زوجك لم تثبت عليها بعد لقد رفعت قضية على حسين للطلاق "" بسخرية مريرة أردفت وهى تمسك يد الصغير الذي بين يديها تقول : "" وأيضاً قدمت للشرطة طلب شاهد إثبات لتتعاون معهم على إثبات التهمة على حسين وهم يبعدونها عن القضية "" قبضة أمسكت قلبها بخوف وهى تتذكر حلمها , فريال حرة برودة سرت في جسدها وهي تقول بارتعاش تضم ابنتها وتمسك يد صغيرها الذي تحتضنه إسراء : "" هي حرة إسراء مرة أخرى لماذا ؟؟ "" ربتت عليها اسراء قائلة : "" لا تخافي حبيبتي هي حرة هناك , ولكن لن تستطيع مغادرة أمريكا مهما حدث القانون يمنعها لأنها مدانة في نظره , هي فقط أطلق سراحها ولكنها سوف تظل في سجن كبير وستبدأ معدمة فقيرة كما فعلت في أناس عدة , لعلها تستشعر الأذى الذي تسببت به للجميع"" ردت مريم بمرارة مرافقة عند ذكر أمها : "" هل تعتقدين أن من مثلها حقاً يشعر إسراء "" "" لا يهم مريم ركزي في حياتك وانسيها لن تقترب منك , وإيهاب يأخذ احتياطه صدقيني لن تجرؤ أن تذكرك حتى بعد ما فعله زوجك بها وتعلم جيداً أنه كان مثل تحذير صغير للغاية لها منه لا تفكري إلا به وبطفليك "" ابتسمت لها غير قادرة على الحديث عنها أكثر تريد التهرب ونسيان ذكرها لفتت نظرهم بدور مرة أخرى وهى تسأل باهتمام : "" اذاً ماذا سوف تسمي الصغيرين أم سوف نظل نقول الصغيرين ؟؟ أريد أن أعلم أسماهم قبل أن أغادر ؟؟ "" وكأن ما تبادلته هي وإسراء لم يكن , وساعدتها مع طفليها تحررها من أي هم وتعب لتقول : "" ابني حبيبي سيكون مهاب مشتق من اسم والده , وابنتي اممم ربما مهيبة "" هزت إسراء رأسها بيأس , أما بدور نظرت لها بتعجب وبترفع معتاد لم ترد لتهتف مَي : "" أقسم بالله ما من أحد سوف يتهبب إلا أنت , هل جننتِ ؟؟ ما الذي جنته الطفلة لتحصل على هذا الاسم الجريمة ؟؟ "" تنحنح جاسر من ورائها وهو يقول بابتسامة واسعة : "" لا حبيبتي ما تقوله مريم بالنسبة لزوجة يعتبر اعجازا , انتظري لتعلمي ماذا يريد إيهاب تسميتها ؟؟ "" التفت الجميع له لينظر إيهاب بثقة ويتكلم بوقار وجدية يخاطب حبيبته التي تثق بِه ولن تخذله قائلاً : "" لقد اخترت لهم اسما تيمناً بولدي الراحل "" هتفت مَي بانتصار قائلة : "" زيدان يبدو جيداً والفتاة ماذا قد تسميها ؟؟ "" تتمتم إسراء ومريم بخوف واستنكار في صوت واحد : "" أنت لن تفعل هذا !!!!!!! "" هز رأسه بتأكيد وهو ينظر لهن بهدوء : "" بل سوف أفعل يستحق أبي أن يخلد اسمه بأحفاده "" تمتمت مريم وهي تهز رأسها : "" إن فعلتها بابني سوف أقوم بقتلك !! "" نظر لها بتحذير وصوت جدي: "" مريم انتبهي "" لتقول بشراسة : "" لا لن أصمت لن تفعل بابني هذا !! "" عندها تدخل مراد مبتسماً بود يريد فقط رؤيته يعاني من صغيرة قد تجن ويشمتوا به إن علمت ما ينتويه ليخاطب مريم الذاهلة قائلاً : "" مبارك مريم آسف لم أخبرك عندما أتيت مباشرة "" لينظر لإيهاب قائلاً : "" أم أقول مبارك يا أم فوزية وفوزي كما أخبرني زوجك "" هتفت اسراء به : "" يا الهي ما الذي فعل هذان الصغيران لتعاقبهم هكذا ؟؟ هل تنتقم من شيء ما ؟؟ لن تفعل هذا سوف أبلغ عنك حقوق الانسان !! "" علت الهمهمات في الغرفة لتغمض منى عينيها بيأس وسط الجدال والاقتراحات المقدمة اقتربت مَي بهدوء تقول لمريم : "" هل أقتله أنا أم تتراجعي أنت عن فكرتك البشعة في الأسماء التي قلتيها وتقتليه بنفسك"" هزت مريم رأسها وهي تقول : "" تعلمين اني احبه ؟؟"" أكدت مَي وهي تقول وترفع عينيها للسماء وكان صبرها قد نفذ لتقول وهي تكز على أسنانها : "" أعلم أنك واقعة على عينك ولا ترين غيره حب زاد عن الحد يثير الامتعاض "" لم ترد مريم وهي تؤكد لها : "" رغم حبي له ولكن سوف أقوم بقتله بنفسي إن فعل بصغيري هذا , اذا ً سوف أتوجه إليه وانضم للجمع المعترض اعتمدي علي "" اقتربت منى تستغل الفرصة التي لم تتح لها تلفت نظرها : "" مريم لا تحتاجين حبيبتي أن أذكرك أنني دائماً بجانبك في أي وقت , لا تتردي للحظة أن تحدثيني , أسامحك على ما حدث أثناء ولادتك ولكني كنت غاضبة ... كنت أريد الوقوف بجانبك "" ابتسمت لها باعتذار وهى تقول : "" آسفة أخبرتك أني كنت أريد الخوض معه تعلمين كيف أجبرتنا الظروف ان نبتعد في أهم وقت يحتاجني وأحتاجه فيه "" ربتت على كتفها تدعمها وهى تقبل أعلى رأسها بأمومة فياضة : "" أعلم حبيبتي ولكن كما أخبرتك أنا دائماً بجوارك "" استغل نزار النقاش المشتعل والتهاء مريم مع منى ليحمل الصغير الذي كانت تحمله اسراء بعد أن أعطته له ليقترب من شيمائه يجلس بجانبها والجمع ملته يتهرب من عيني بدور الهادئة المراقبة ليتحجج بالطفل قائلاً : "" لقد أتيت لك به من أمه , تستطيعين أن تريه بطريقتك بدون أن يراقبك أحد "" ردت بخجل وهي تلتفت لمصدر الصوت قائلة : "" لا قد يراني أحد تعلم أني لا أحب فعل ذلك أمام أي كان "" أكد عليها و هو يقول بإلحاح يقرب الصغير من يديها "" اخبرتك جميعهم لاهين لا أحد ينظر لنا الا بدور و انت لا تخجلين منها انت تثقين بي صحيح ؟"" بقلب فتاة لم يعرف من الحياة شيء و لم يجرب حتى نورها او معرفة البشر ردت عليه "" نعم اثق بك "" أمسك يدها المرتعشة بمشاعر مراهقة مرتبكة على الفور يقربها من الصغير و هو يقول "" هيا ابدئي "" استسلمت ليده و هي تلمس الصغير بخفة حتى لا تزعجه و الفرحة ترتسم على وجهها قائلة بسرور "" انه صغير للغاية رفعه نزار فجأة و هو يقول "" احمليه كنت تخبريني انك متشوقة لحمله "" هزت راسها رافضة "" لا لن استطيع "" بإلحاح كرر طلبه "" هيا يا صاحبة البحرين احمليه و لا تضيعي سرقتي سدا "" بخوف أخذت الصغير منه و هي تقربه منها بارتباك تميل اليه تحاول ان تتلمس طريقها لوجهه لثمته بخفة و رهبة حرصاً عليه لتقول بصوت ملح "" ها قد حملته خذه منى ارجوك "" تناوله منها لتخبره بصوت خافت مرتبك "" أشكرك نزار لاهتمامك وتذكري "" رد باندفاع فتيّ يخبرها بانطلاق "" بل الشكر لك يا صاحبة البحرين التي ترسي على شطهم أشواقي "" ليكمل مازحاً مع وجهها المتورد "" أرأيت انا اجيد الشعر"" ليكمل بحيرة ""ولكني لا اعلم لما دائماً أرسب باللغة العربية "" أعاد الصغير بجانب امه على الفور عندما لاحظ اقتراب بدور منه عندما احتد الجدال بينهم كانت اقتربت ان تصل لحافة الانهيار من التعب و الإرهاق و المجادلة التي تسمعها نادته مترجية بصوت هادئ "" إيهاب "" لم يسمع لترفع صوتها قليلاً "" إيهاب "" جذبه صوتها ليتحرك سريعاً ناحيتها قائلاً باهتمام قلق "" ما بك حبيبتي "" ردت بإرهاق "" انا تعبت ما تفعلونه كثير على تحملي "" احتل الذنب وجهه وهو يتناسى جداله معهم و يتناسى وجودهم من الأساس ليقترب منها يأخذ الصغيرة المستيقظة تنظر له بتلك العينين الواسعتين و كأنها تعرفه ليحملها برفق قائلاً "" سوف اتفرغ إليك لدينا الكثير من الاحاديث بيننا لكن بعد ن ارى حبيبتي الاولى ام ربما انت ستصبح الأولى قبلها يا رمادية العينين "" كانت الصغيرة تتأمله وتأمل هدره و عينيه لم ترف عنه حتى لثم جبهتها و خديها و كان لا يستطيع التوقف لتعود مريم تناديه بالإلحاح "" إيهاب "" وضع الصغيرة بجانب أخاها و هو يعتذر منها ليعود سريعاً لمريم و بدون حتى مراعاة المتواجدين معهم جلس خلفها يضمها اليه دفنت رأسها و هي تستدير له بخجل و لكن إرهاقها جعلها تتخلى عنه تمتمت له انا متعبة ربت عليها بهدوء "" اذاً ارتاحي حبيبتي "" بصوت مرهق نادته بإلحاح "" انت لن تسميهم هذه الاسماء البشعة "" لمها بهدوء "" انه اسم ابي مريم تقولين عنه بشع "" اخبرته برجاء ناعم مثلها ""ارجوك حبيبي إنه جيد لوالدك لا للطفلين سوف احزن إن فعلت هذا "" "" لا اقدر على حزنك صغيرتي لك ما تريدين"" نطقت مَي بامتعاض "" الرحمة يا رب"" اقتربت من جاسر على الفور تخبره بانطلاق فرح بصوت خافت "" انا سعيدة من اجلها لا اصدق أن الأمر انتهى"" دمدم لها بخفوت"" اذا لما لا تخبريها بهذا و كل ما تفعلينه الاعتراض "" رفعت كتفيها باستسلام "" هذه انا تعرف هذا لا احب ان أظهر مشاعري لاحد الا انت "" ابتسم لها و هو يراقب هذا الطابع فوق شفتيها الذي ستثير جنونه قائلاً ""ربما من الأفضل الا تعبري الآن انتظري حتى نخرج من هنا "" ليميل يعدها يخبرها بصوت ناري واعد "" تذكري طلبك القديم انك تريدين توأمين ربما نحاول جدياً اليوم في تحقيق طلبك "" وافقته وابتسامة متلاعبة تتراقص على شفتيها و هي تهمس ""اذاً ليكن الامر في بيت الصحراء "" ضحك بخفوت وهو يعدها ان لها ما تريد بينما تقدمت اسراء بثقة بدون تردد تلصق ظهرها بمراد و تسند ظهرها عليه وهو يطوق خصرها من الخلف لتقول "" أخبرتكم لا داعي للجدال كلمة منها و ينهار على الفور "" ضحك و هو يشدد من احتضانها ""كنت اعرف صدقيني "" بينما اسراء تحمد الله في سرها ان أعادت تواصلهم و لو سطحياً و لكن في النهاية اصبح مراد يتقبل وجود إيهاب في حياتهم بدون ثورت او شك بدأ الجمع في الخروج واحداً تلو الآخر لتبقى منى و بدور آخر الخارجين التفت له بدور بعد ان أدركت سكون جسد الأخرى بين يديه قائله "" انت تعلم اني لم أتقبلك ربما لأني رايتها في وضع مرير و ضعيف بسببك لكن اعتقد اني ربما اغير نظرتي بك "" بتفهم رجولي لما تبديه رد ""اعلم والامر لا يزعجني "" هزت كتفيها بأناقة قائلة "" جيد اعتقد ربما يصبح بيننا تواصل جيد في النهاية هدفنا واحد الحرص عليها رد يتنهد براحه و هو يزيح شعر مريم الذي يخطي وجهها يحاول جمعه وهو يقول "" أوافقك تماماً بدور و ربما لهذا اتقبل رد فعلك بالنهاية لا يهمني الا راحتها وان كانت تحب وجودكم فمرحباً بك وبرأيك لتقول بدور لي طلب واحد لديك "" ""تفضلي"" "" الفتاه سمها (ليبرتا) تعني الحرية إيهاب "" ************* بعد اربع أشهر تسلل من جانبها بهدوء كعادته يذهب لغرفة طفليه توجه لطفله (أياس ) الهادئ دائماً لا يثير الصخب والإزعاج مثل صغيرته (ليبرتا) التي سمتها خالتها و وفقت مريم على الفور بعد ان استحسنت الامر ليكون اختياره هو الاخر اسم ابنه الذي يصف حالته بعد ان بحث عن معناه (التعويض والعطية) و لم تعترض ضحك بخفوت و هو يتأمل طفله النائم بسلام يبدو ان امهم وجدت الفرصة لتهرب من الاسماء الذي اقترحها هو في السابق انحنى قليلا , يقبل جبهة طفله و يديه يتأمل ملامحه التي وضحت قليلاً يشبهه في لون عينيه و ملامحه قطعة صغيرة منه ما عدا شعره بلونه البني المتدخل قليلاً بخصلات عسليه تشبه اخته و والدته تركه وهو يدثره جيداً حتى لا يزعجه ليقترب من ناعمته الصغيرة يحملها على الفور و هو يبتسم بجذل وكأنه في موعد غرامي و حبيبته تنظره حملها ليجلس على كرسي , يتوسط سريري الصغيرين ليخبرها ""ها قد تخلصت منها و اخيك نام و أتيت في موعدي هل تأخرت على صغيرتي "" ندت عنها ابتسامة ملأت وجهها و هو يستمر في مخاطبتها كفتاة ناضجة تفهمه "" كنت تنتظريني يا قرت عين أباك اعلم و لكنك فتاة جيدة لم تثيري الضجة كعادتك و انا وفيت بعهدي لك "" توسعت ابتسامتها و هي تحرك ذراعيها تحاول مسك فمه بيديها و هي تناغيه بهمهمة طفولية قربها منه يلثم عينيها ليرفعها من تحت كتفيها للعلو يداعبها بلعب أطفال حنان أبوي متدفق كان يكتمه لسنوات يعوّضه يومياً في طفليه ولكن ربما كما تخبره مريم هو ينحاز لتلك الصغيرة وتأثره وتجذبه أكثر من أخاها تمتم لها باعتراف وهو مستمر في دغدغت بطنها بوجهه "" امك محقة ولكن ماذا افعل اسرتني بغرامك صغيرتي منذ فتحتي عينيك قبل أخاك و لتزيدين من جنوني بك اخذتي ملامح متملكتي الاولى"" ارتفع ضحك الصغيرة وهي مستمرة في مناغاته تمد يديها تحاول ان تصل لشعره انزلها بحرص وهو يضمها لصدره ينهيها ""لا يا مشاغبة لا تحاولي لقد اعتدتي على الامر و ترهقين أخاك عندما تكرري الامر معه "" تغضنت ملامحها وهي توشك على البكاء ليرضيها سريعاً و هو يميل اليها برأسه يضعه بين يديها تشده و تعبث به ضحك وهو يقول ""متزمتة تشبينها عندما تصر على شيء لقد ضيعتي هيبتي بأفعالك"" "" لوليتا "" أتاه صوت مريم من الباب ناعس و هي تفرك عينيها تهتف باعتراض وملامح تعلوها الغيرة ""هل تركتني لتأتي اليها وايضاً تجعلها تعبث معك "" ضحك بصخب وهو يحرر صغيرته يخاطبها من بين ضحكاته قهقهت الصغيرة مثله على اثرها قائلاً لقد أمسكت بنا مثل كل ليله متلبسين لوليتا أرأيت امك تغارك منا "" اقتربت منه تنظر لصغيرتها التي سرقت اهتمام إيهاب منها لتقول بتبرم ""لقد اتفقنا إيهاب ليلاً هو لي انا و بالنهار افعل ما تريد مع تلك السارقة"" عادت ضحكاته تجلجل بصخب لتنبه بهدوء "" أياس سوف توقظه يكفيني لوليتا التي لا تهدأ ليل او نهار "" استقام من جلسته يتوجه لفراش الصغيرة يضعها برفق وهو يخبرها ""يكفي حبيبة أباك اخلدي للنوم لنرى تلك الغاضبة حتى لا تنقلب علينا "" "" التفت لمريم التي اقتربت منه تأمره بحزم : ""اريد أن تلاعبني مثلها"" ادعى التفكير للحظات وهو يقيمها بقميص نومها الحريري الوردى الطويل، يغطي جميع جسدها ويكشف عن ذراعيها فقط. طبيعتها لم تتغير مهما حاول معها تفضل دائماً الأشياء ثابتة، من حولها حتى طريقة ملبسها وكأنها تخشى أي تغيير قد يطرق عليها ويفقدها أي شيء مما حصلت عليه الآن وأهمها استقرارها وهدوئها الذي حصلا عليه اخيراً. اقترب منها مداعباً وهو يلامس خدها قائلاً : ""هل تريدين أن الاعبك مثل فتاة عمرها أربعة أشهر"" أومات له بتأكيد وهي تخبره:"" نعم لقد سلبتني معظم حقوقي بك حتى أنك أصبحت تناديها يا ناعمة هذا لقبي أنا"" انزل يديه يطوق خصرها يرفعها عن الأرض مثلما كان يفعل مع صغيرتها، ضحكت بسعادة وهي تقول:"" أنزلني أنا كنت امزح"" رفع وجه يبتسم لها بحنان قائلاً: ""لقد وعدتك أن أنفذ لك أي شيء تطلبينه حبييتي"" كانت تنظر له من علو، شعرها يتهدل حولها يغطيه وذلك السلسال يتأرجح من عنقها أمام نظراته فتذكره بكل شيء سابق رغماً عنه ربما تنتابه بعض السعاده والاطمئنان لتمسكها به حتى عندما اتى لها بخاتم زواج لم تهتم به بقدر ما تعتز بذلك السلسال الذي يحتوي على الملاك من الذهب الأبيض الذي يضم قلبين من الزمرد الأحمر. راقبت نظراته التي تطالعها لتخبره وشعرها مازال يحاوط وجه فيكون ستار يحجزهما عن العالم الخارجي في تلك اللحظة. أخبرته همسا: "" قلبي وقلبك لن أستطيع خلعه يوماً أو التوقف عن حراسته"" أنزلها ببطء من رفعه لها ليضعها على الأرض يمسك وجهها بين كفيه يخبرها بصوت أجش: "" أعلم، واثق في هذا، كما أني أعلم ما نحن فيه الآن من سعادة هو بفضلك أنت وحدك"" غمرت خدها بين يديه المحيطه وهي تغمض عينيها:"" بفضلك كلينا إيهاب وبفضل الله الذي منحنا فرصة العيش من جديد"" فتحت عينيها تفاجئا له وهي تمسك السلسال، تخبره باستفهام: ""صحيح كل هذه الفترة لم تخبرني ماذا تعني تلك العصفورة؟"" داعب خديها وهو يقول:"" ابنتك، عندما علمت بحملك قمت باختيار تصميمها بنفسي وصنعت لك خصيصاً لتلحق بالقلبين"" التفت لابنه في نومه الهادئ قائلاً:"" لم اعلم أنك تحملين لي صقرا ايضاً"" ضحكت بخفة قاءلة: "" تشبهك غير موفق ، أيأس هو الحمامة وتلك المخادعة هي الصقر"" بادلته الضحك وهو يتلاعب بطوقها يتلمس جيدها معه بحرارة ليهمس لها: "" سوف أقوم بتصميم صقر صغير ليحرس عصفورتي"" ضحكت تخبره: ""وهل هناك صقر يحرص عصفورة؟"" ضم خصرها يخبرها: ""أتنكرين!، لقد حماك من قبل وانت عصفورة"" ببطء تلككت على حروفها، أخبرته مازحة: ""تقصد حرسها وبالنهاية التهمها"" لم تعد كلماتها تغضبه بل يحجب عنها أي ألم بجدارة يعلم أنها لا تقصده ولكن رغماً. عنه هناك صوت خافت يجاهد لقتله يذكره. ابتسم بتفكه وهو يميل يلثم خديها يغمغم لها: "" نعم التهماها بالكامل وكانت أفضل ما تذوق وربما يكرر الأمر الآن"" قاطعته ليبرتا المراقبه لهما ياعتراض وهي توشك على البكاء تطالب به. انفصلت عنه مريم وهي تقترب منها تخطفها من مهدها وهي تقبلها. قاءلة له: "" سوف اجعلها تنام"" إشارت الصغيرة بكلتا يديها له هو. اقترب منها يخطفها من إحضان مريم بانتصار، ليضمها اليه سريعاً فتهدأ على الفور، أخبرته مريم بصوت يحمل اليأس ""انت لن تفعلها"" انصرف بهدوء من الغرفة وهو يقول"" هاتي الصغير و تعالي تعلمي ان الامر سوف ينتهي كل ليله هكذا "" باستسلام حملت صغيرها النائم لتأخذه هكذا يبدأ الامر تسحره و تكبله ابنتها ليأخذها الى غرفة نومهم و تجلب هي المسكين النائم وراء مدللات ابيها لتنتهي الليلة ان يقضوها و الطفلين بينهم ربما احتياجه هو لا الصغيرة تتفهمه وتتفهم لهفته لكل دقيقة يقضيها وهو يتأمل الصغيرين ويحتضنهم بينهما ذهبت خلفه لتجده في دقائق يمسد على شعر الصغيرة و تبدو في الاخفاء تمددت بجواره وهي تضع الصغير بجوار أخته في أحضان والدها بينهم همس لها ""اعتقد انها تحب راحتى لا تحتاج لطعام لتغفو "" ابتسمت مريم وهي تهمس وقلبها يخفق بدوي مجنون عاشق وهي تقول ""اعلم ما تشعر به ومن يستطيع ان يقاوم دفئك حبيبي"" ابتسم لعينيها يتمتم بهدوء ""احبك "" تبرمت تدعي الحنق والغضب ""لا انا من تحبك وانت تحب تلك المدعية التي اختطفتك مني"" كتم ضحكه مع غيرتها المتكررة أراح جسد الصغيرة التي ذهبت في النوم ليتركها وهو يتحرك للجانب الأخر يلصق نفسه بأمها يضم ثلاثتهم برفق أزاح شعرها وهو يدفن وجهه في عنقها يتشمم رائحتها باستمتاع وهو يهمهم برضا ""لا داعي لغيرتك يا ناعمة تبقين الحب الأول اخبرتك يوم مولدها اني سوف أتعلق بها لأنها قطعه منك "" هزت راسها رافضة ""لا انت تحبها أكثر مني "" اقترب بحرارة يلثم عنقها بقبلات حارة يذيب ثباتها الذي تدعيه وهو يقول بهمس مداعب خافت ""لا احب احد الا انت يا ناعمة يا قلب إيهاب وروحه"" تنهدت بعذوبه و هي تحرر الصغير النائم بين ذراعيها برفق لتجذب الغطاء عليه وعلى اخته تدثره بحرص التفت بعدها تواجهه وهو ينتظرها و يستمتع بمشاعر الأمومة الفياضة وحرصها الذي لا يهدأ على صغيريه ليلتقط شفتيها على الفور لتتعلق بعنقه تجذبه اليها تبادله عاطفته المتدفقة التي لا تهدأ اليها انفصل عنها يضع جبهته على جبهتها يهمس وهو يغمض عينيه ""احبك لم كل شيء معك له طعم خاص متى يهدأ قلبي الهادر بين يديك يا صغيرة تختطفي نبضاتي و تهفو اليك لتأتي لي بقطعه مماثله منك تتلاعب على أوتار قلبي ضعت انا بينكم حبيبتي "" همست بعذوبه وهي ترفع يديها تعبث بشعره مثل صغيرتها قائلة "" لم تضع بل وجدنا الطريق يا مالكي منذ يوم مولدي مغرمه بك انا بل متيمة بكل ما يخصك و يجب ان تكون قطعتي تشبهني حتى في مشاعري نحوك من سوف تجد ليستحق حبها ابي انت وصديقي واخي وحبيبي و رجلي اختصرت بك العالم وسلمت لك صك امتلاكي حتى وان حرم الجميع حبي لك حتي وان اصروا ومازلت ارى في اعين البعض منهم ان قلبي دقاته محرمة "" لم تشعر وهو يفتح عينيه يطبق على شفتيها يبتلع حتى أنفاسها بقبلة عنيفة منفلتة جشعة كعادته يتحرر بها من كل شيء بين ذراعيها هي وهي فقط انفصل عنها ليقول هادراً ""لا يعنيك بشر بل انا اخبرك انت من قيدتِ قلبي بصك امتلاكك والوصف الصحيح يا ناعمه إيهاب منذ طفولتك ( دقات قلبك لغيرى محرمة ) تمت بحمد الله كانت رحله سعيده وتجربه مثيره بتشجيعكم بنات بشكر كل من شجعني وكل من ساعدني بنصيحه او إعطاء معرفه وخبره منه الشكر خالص الكاتبة ليلي مصطفى الجندي المجهول لخروج الروايه بشكل لائق وا بدور السالمى صديقتي وأختي التي كانت تستمع بأفكاري المجنونه وتحاولي ان تعدلنى عن شروري وتشجيعهم المستمر 😍😘😘 اعذروني لو أخفقت في نقطه ما الروايه كانت صدقاً مهلكه كفكره وكاول تجربه ليا وبالتاكيد ليس هناك احد كامل بذلت جهدي ان تكون بشكل جيد ولكن بالتأكيد هناك أخطاء كثير 🙈🙈🙈"

    إرسال تعليق

    أحدث أقدم

    نموذج الاتصال