لم يتم العثور على أي نتائج

    مواجهة الأسد,(الجزء الثاني) \قصص مصرية



    الفصل السادس عشـر :

    صرخت شهد بفزع وهي تضع يدها علي وجهها بخوف .. 
    _ لاا لاااااااا

    توقفت السيارة فجأة ولم يكن بينهم سوى بعض السنتيميترات القليلة ، تنفست شهد بصعوبة وهي تبعد يدها عن وجهها لترى سيدة ما تترجل من السيارة ترتدى جيبة قصيرة جداً قبل الركبة وتيشيرت دون اكمام وتضع مساحيق تجميل مبالغ فيها ، نظرت لشهد بهلع ثم هتفت بتساؤل ..

    _ انتي كويسة يا أنسة ؟!

    اومأت شهد رأسهم ومازال الخوف مسيطر عليها اثر الصدمة ، فحصت السيدة شهد بعينيها لتجدها بخير ، هنا تابعت بتوبيخ ..

    _ انتي ازاى تمشي علي الطريق السريع لأ وسرحانة كمان

    لم ترد شهد عليها وانما حدقت بها بصدمة ، فهي من كانت ستموت منذ قليل والآن هي التي توبخ ، قالت شهد بأندفاع ..

    _ انتي مش ملاحظة إني انا الي كنت هأموت وحضرتك كنتي هتبقي السبب

    مطت السيدة شفتيها ثم قالت بأمتغاض ..

    _ وهو في حد بيمشي سرحان كدة وبقالي ساعة بديكي كلاكس ، بنات اخر زمن صحيح

    اغتاظت شهد بشدة ونظرت لها بغضب واصبحت نبرتها اكثر حدة ..

    _ لأ بقا ، كدة كتير بجد سيبيني في حالي الله لا يسيئك انا مُش ناقصة

    عقدت السيدة حاجبيها وهي تقول بتساؤل ..

    _ مالك يا اوختشي قوليلي يمكن أساعدك

    زفرت شهد بضيق اكثر واصبحت تفكر للحظات ، علها يكن الله اوقعها في طريق هذه السيدة لتساعدها ، نظرت لها بحيرة ثم اردفت بقلق ..

    _ انا عاوزة اشتغل ومش لاقية شغل

    هزت السيدة رأسها ثم وضعت يدها علي طرف ذقنها بتفكير وهي تقول ..

    _ عايزة تشتغلي اى حاجة ؟!

    هزت شهد رأسها موافقة ثم تابعت بلهفة ظهرت في صوتها ..

    _ أيوة أى حاجة المهم اشتغل

    ابتسمت السيدة ثم قالت بخبث ..
    _ عندى شغل ومكان كمان ، مستعدة

    اومأت شهد رأسها بأبتسامة صافية بينما تابعت السيدة بلؤم ..

    _ جميل ، يلا تعالي معايا اوديكي

    سألتها شهد بحسن نية : هو الشغل فين ؟

    استدارت السيدة واتجهت لسيارتها وهي تقول : انا هأوديكي ماتقلقيش

    اتكأت شهد وحملت الكيس الذى يحمل ملابسها وسارت خلف تلك السيدة واشارت لها ان تركب من الباب الاخر ، ركبت شهد السيارة الفاخرة وينتابها القلق ، حاولت السيدة فتح اى مجال للحديث فنظرت لشهد مرددة بهدوء ..

    _ إلا قوليلي بقا انتي اسمك اية ؟

    نظرت شهد لها ثم اجابتها بخفوت قائلة ..
    _ أسمي شهد

    استطردت السيدة بتساؤل وفضول ..
    _ منين يا شهد ، كلميني عن نفسك عايزة اعرفك شوية

    تابعت شهد بنفس الهدوء بشوبه التوتر بذكر بلدتها : عادى يعني اسمي شهد من آآ من هنا وعندى 23 سنة وبس

    اومأت السيدة بأبتسامة تخفي الكثير ونظرت امامها وهي تفكر بينما شهد تتنهد بضيق وهي تلوم نفسها لثقتها بهذه السيدة بسرعة ..

    ______________________

    في الفندق ،،،

    بث مصطفي خطته الدنيئة علي مسامع هؤلاء الرجال الذين كانوا يسمعونه بأنصات ، انتهي ثم تنهد بأرتياح وهو يقول بحماس ..

    _ يلا بقاا يا رجالة ننزل عشان نلحق ننفذ

    اومأوا برأسهم بجدية في حين فكر مصطفي قليلاً واكمل بهدوء ..

    _ بس اسبقوني انتوا هأعمل حاجة وهأحصلكم ، اركبوا عرابيتكم واستعدوا

    هتف احدهم وهو يهز رأسه : تمام يلا بينا يا رجالة

    استداروا ببطئ وخرجوا من الغرفة واغلقوا الباب خلفهم ، خرجوا من الفندق بأكمله وركبوا سياراتهم بهدوء ، في نفس الوقت جلس مصطفي علي الفراش وهو يفكر بخبث ليقرر شيئ ما ، فجأة وجد الباب يدق بقوة ، فزع ثم نهض وفتح الباب والغضب يظهر علي وجهه ولكن في لمح البصر أختفي حين رأى رجال الشرطة امامه ، تنحنح متسائلاً بخوف ..

    _ احم نعم حضراتكوا عايزين اية ؟

    اجابه الضابط بجدية وحدة : بوليس ياروح أمك ، خدووه

    فزع مصطفي وحدق بهم بصدمة ، كان علي علم ان هذا المكان مشبوه ولكنه اعتقد أنه أمن ولكن تأتي الشرطة له ابداً ، قال بخوف بدى علي جميع ملامحه ..

    _ نعم ، انا عملت اية

    امسك به رجال الشرطة في حين اكمل هو صريخه وهو يقول بتساؤل ..

    _ فهمني الأول ياحضرت الظابط انا عملت اييية .. انا واحد قاعد في فندق عادى

    استدار الضابط وهو يقول بحدة ..
    _ لما نروح هناك هاتعرف كل حاجة ، يلااا

    نظر للشرطي وهو يسأله بجدية : فتشتوا الأوضة يابني ؟

    اجابه بجدية مماثلة قائلاً : ايوة ياباشا ومفيش اى حاجة ومفيش اى حد غيره

    اومأ الضابط برأسه ثم اكمل سيره متجهاً للأسفل ، يتبعه الشرطي ومصطفي ، وصلوا للأسفل لتكن الصدمة لمصطفي عندما يرى الشرطة تحاصر المكان وبعض الأشخاص لا يرتدون سوى ملابسهم الداخلية ، علم ان الأمر انكشف وخبط جبينه برفق ثم اخذ يحدث نفسه بغلب ..

    _ غبي غبي انا غبي مش لاقي غير الفندق دة ، اوووف اوووف بجد

    سار معهم ليركب سيارة الشرطة تحت انظار باقي الناس التي تقف بعيدة ومن ضمنهم رجال عبدالله ، الذين كانوا يشاهدوا ما يحدث من داخل سياراتهم وهم ينظرون لبعض بحيرة ، هل يذهبوا لتقبض عليهم الشرطة هم ايضا ام يظلوا هكذا ويتم القبض علي مصطفي !! .. ولكن الشيئ المؤكد والمحتوم انهم لن يتخلوا عن انفسهم من اجل اى شخص ..

    رحل مصطفي مع رجال الشرطة والضيق مسيطر عليه ، كان يمسح علي شعره بضيق وغضب وهو يتأفف
    بينما اخرج احد الرجال الهاتف وأتصل بعبدالله ليجيبه عبدالله بعد ثواني قائلاً بصوت أجش ..

    _ الووو نعم يابني
    _ عبدالله بيه إلحقنا
    _ خير في اييية حصل حاجة ؟
    _ البوليس جه في الأوتيل الي مصطفي كان قاعد فيه وقبض عليه
    _ اممم طب وأنا مالي !!
    _ هآآه ، أنا آآ قولت لازم أقول لحضرتك
    _ استنوا شوية ولو مجاش أمشوا
    _ تمام يا باشا امرك
    _ ابقي عرفني اية الي حصل اول بأول
    _ حاضر سلام يا باشا
    _ سلام

    اغلق عبدالله مع الرجل ثم ابتسم بشر وهو يقول بشماته ..

    _ والله ووقعت فــ شر أعمالك يا مصطفي ......... !!

    ____________________

    انتهي عمر من جلسته امام البحر بعدما اخرج كل الهموم قدر ما يستطيع ، ألقي عليه نظره اخيرة كأنه يودعه قبل مغادرته ثم تنهد وهو يمسح علي شعره بضيق ثم استدار واتجه لسيارته ، فتح الباب وركب بهدوء شديد علي عكس موقفه عندما أتي ، ادار المقود متجهاً لمنزله ..

    بعد قليل وصل امام المنزل وترجل من سيارته بهدوء ورزانة معتادة ، اخرج المفتاح من جيب بنطاله الأسود ثم فتح الباب ، وزع انظاره في ارجاء المنزل ولكن لم يرى شهد ، زفر بضيق وتأكد من شكه ، إتجه للأعلي ليرى ان كانت موجودة عله يكون خاطئ ولكنه تأكد ان شكه صحيح حينما رأى جميع الغرف فارغة ، هبط للأسفل وجلس علي الأريكة ثم اخرج من سترته سيجاره الفاخر واخرج المشعلة وبدأ يدخن بشراهه وهو ينظر للفراغ ...

    __________________

    في منزل رضوى ،،،،

    كانت رضوى حبيسة في غرفتها منذ ان دخلتها ، تجلس علي فراشها وتضم ركبتيها إلي صدرها وفي عيونها الدموع ، فبرغم أرتياحها بعض الشيئ لعبدالرحمن إلا انها ابداً لم تتمني ان تتزوج هكذا عنوة عنها ، تفكر في مصيرها مع عبدالرحمن وتحاول ان تهدئ نفسها قليلاً ، دلفت مها ثم نظرت لها ببرود ولم تحدثها بل كانت تنظر لهاتفها ، اتصلت بـ حسن ووضعت الهاتف علي اذنها لتستمع ولكنه لا يرد ، زفرت بضيق وهي تقول لنفسها بغضب ...

    _ ما ترد بقاا يا حسن الله ، والله اما اشوفك انا هعرفك مين هي مها

    في نفس الوقت رن الهاتف الخاص برضوى معلناً عن اتصال ، نظرت مها لرضوى ولكن رضوى كانت في عالم اخر ، لا تشعر بأى شيئ حولها ، فقط تفكر في مصيرها المحتوم ، نهضت مها وامسكت بالهاتف لتجد رقم غير مسجل ، عقدت حاجبيها ثم نظرت لرضوى مرة اخرى وهي تقول بعفوية ..

    _ بصي دة رقم غريب بيرن عليكي

    لم تنتبه لها رضوى حتي ، اقتربت من رضوى ثم وضعت الهاتف علي الفراش وهي تلوح بيدها لتلفت انتباهها ، افاقت رضوى اخيراً وهي تقول بشرود ..

    _ اييية يا مها اييية عايزة اية

    مطت مها شفتيها بضيق ثم اردفت قائلة ..
    _ موبايلك عمال يرن ردى شوفي مين

    تأففت رضوى ثم امسكت الهاتف وضغطت علي الزر ثم وضعته علي اذنها ، اتاها صوت رجل وهو يقول بجدية ..

    _ الووو سلام عليكم

    اجابته رضوى بجدية مماثلة بل اشد ..
    _ الوو مين حضرتك ؟
    _ انا عبدالرحمن منعم يا رضوى

    تنحنحت رضوى بحرج قائلة : احم ايوة يا آآ عبدالرحمن ، خير
    _ الأول ازيك ؟!
    _ الحمدلله تمام وانت ؟
    _ بخير ، كنت عايز أقولك حاجة كدة
    _ اتفضل خير
    _ كنت عاوز اشوفك بكرا ان شاء الله
    _ اممم مش عارفة بصراحة
    _ ضرورى لإني عاوز اتكلم معاكي في حاجات كتيير قبل اى حاجة ماتتحدد بخصوصنا
    _ طيب ما تنورنا في البيت
    _ لا معلش عشان اتكلم براحتي ، بكرا العصر في كافيه ( ...... ) الي علي النيل
    _ تمام ، مع السلامة
    _ سلام

    اغلقت الهاتف وتركته بحيرة ، حكت ذقنها بأصابعها وهي تتسائل في نفسها ماذا ينتظرها في الغد ، تنهدت ومازال الضيق سيد الموقف ثم اندثرت تحت غطاؤها وغطت في نوم عميق ...

    __________________

    وصلت شهد مع تلك السيدة امام احدى البنايات ، كانت شهد تتفقدها ببصرها ببطئ لتجد الشارع توجد به اشخاص قليلة ، هادئ ، نظيف ، كانت تطمأن نفسها بأنها لن يحدث لها شيئ وأنها ستعمل فقط ، قطع تفكيرها صوت تلك السيدة وهي تقول بجدية ..

    _ يلا إنزلي وصلنا يا شهد

    اومأت شهد ثم نزلت من السيارة واغلقت الباب ومازالت معلقة بصرها بتلك البناية ، ترجلت السيدة من سيارتها ثم نظرت لشهد واكملت بنفس الجدية ..

    _ علي فكرة أنا أسمي مدام عفاف

    لم تتفوه شهد بكلمة وانما اكتفت بأن تومأ برأسها مع ابتسامة صفراء لازمتها منذ ان رأت تلك السيدة ، اتجهوا للبناية سوياً ولكن سرعت عفاف من خطواتها ودلفت تتفقد المدخل ، اتجهت للأعلي وشهد خلفها ، وصلوا الي احدى المنازل ، طرقت عفاف الباب برفق لتفتح لها فتاة ترتدى ملابس مشابهه لملابس عفاف بل اسوء ، نظرت لشهد بتساؤل ولعفاف مرة ، دلفت عفاف بأبتسامة واسعة ثم هتفت موجهه نظرها لشهد التي كانت تقف بعيد تتابعهم بعيونها ..

    _ تعالي يا شهد خشي يا حبيبتي برجلك اليمين يلا

    كان التوتر مُسيطر علي شهد واصبحت تفرك اصابعها كعادتها عندما تتوتر ، سارت ببطئ لتدلف وما ان دلفت حتي اغلقت الفتاة الباب ودلفت وهي تتمايل ببرود ، لحقتها عفاف دون ان تتحدث لشهد كلمة اخرى ، تعجبت شهد ولكن لم تعلق ، جلست علي كرسي ونظرت للأرضية وهي تفكر ، بعد قليل نظرت شهد للمنزل كله تتفحصه بعيونها " كان منزل ليس فاخراً ولكنه فوق المتوسط ، اثاثه حديث ، وقليل ايضاً وواسع جداً ..
    اندهشت شهد للغاية عندما وجدت رجل يخرج من الغرف المجاورة وهو يضع يده علي خصر احدى الفتايات ويضحكوا بأصوات عالية ، كانت الفتاة تقريباً ترتدى قميص للنوم ، نظر الرجل لشهد نظرات لم تفهمها بسبب طيبتها الزائدة ثم اردف بخبث قائلاً ..

    _ اية يا موزة ماتيجي شوية يلا

    هبت شهد واقفة وهي تحدق به بصدمة ودب الرعب اوصالها ، اصبحت دقات قلبها سريعة وهنا صاحت بخوف قائلة ..

    _ عفاااااف يا عفااااف

    أتت عفاف مسرعة الي حداً ما وهي تنظر لهم ثم قالت بتساؤل ..

    _ اييية اييية في اية ؟

    اشارت شهد علي ذلك الرجل وهي تتابع حديثها بصعوبة ..

    _ دة آآ دة بيقولي آآ

    قاطعتها عفاف بضحكة خبيثة وخليعة ، ثم نظرت للرجل وعاودت النظر لشهد التي كانت تقف مثل القطة وسط أسود مفترسة ، استطردت بتهكم قائلة ..

    _ أيوة شقة مفروشة في شارع الهرم ، امال كنتي مفكراني هأجيبك تحفظي هنا قرآن للأطفال ................................... !!



    الفصل السابــع عشـر :

    كانت شهد في موقف لا تحسد عليه ، هربت من منزل قاتل لتقع في منزل مشبوه ، ظلت محدقة بهم وعقلها لا يستوعب ما سمعته للتو ، كانت تتنفس بصعوبة شديدة ، ابتلعت ريقها بخوف ثم هتفت قائلة بتشنج ..

    _ هآآ لأ لأ انا عايزة امشي من هنا

    نظرت لها عفاف شرزاً ثم ردت بتهكم ..

    _ هو انتي مفكرة دخول الحمام زى خروجه ولا اية يا حلوة

    ظلت شهد تهز رأسها نافية بخوف واصبحت الدموع في عيونها ، حاولت اخراج الكلمات بصعوبة قائلة ..

    _ يعني اييية ، يعني انا هأشتغل هنا بالعافية ولا اية !

    كانت الفتاة والرجل يتابعونها بعيونهم وهم يبتسمون بشماته وحقد ، مطت عفاف شفتيها ثم قالت ببرود ..

    _ انا عرضت عليكي الشغل وانتي وافقتي ، يبقي خلاص وانا كرماً مني هأسيبك فترة براحتك لحد ما تاخدى علي الجوو ، لكن بعد كدة هاتشتغلي زيك زيهم

    صاحت شهد بأستنكار : عرضتي عليا ووافقت !! ، ايوة انا وافقت علي شغل بس ماعرفش إنه كدة

    بدأت في البكاء ثم نظرت لها بخوف واردفت بتوسل قائلة ..

    _ أرجوكي سيبيني أمشي وأوعدك مش هأقول لحد أى حاجة عنكوا

    هزت عفاف رأسها نافية وهي تنظر لها بسخرية ثم تابعت بنفس البرود بــ :

    _ الكلام إنتهي وياريت ماتتعبيش نفسك

    استدارت لتذهب بخطوات باردة ودلال ، خلفها تلك الفتاة والرجل ، ليدلفوا هم الغرفة بضحكات خليعة وتستدير عفاف لشهد التي كانت تبكي بغلب قائلة بتحذير ..

    _ وصحيح ، ماتحاوليش تهربي لإني مأمنة كل حاجة ومش هاتعرفي ، انا بأحذرك اهو من البداية !!

    ذهبت عفاف لإحدى الغرف تاركة شهد تبكي بأنهيار وهي تلعن حظها الذى دائما يوقعها في المصائب ، اخذت تتذكر عمر وبدأت تحدث نفسها وتلوم نفسها علي تركها لعمر ، فهناك كانت علي الأقل في مكان أمن لا يستطيع اى شخص التعرض لها ولكن هنا ، ستصبح فتاة ليل وبأرادتها ! ..
    حاولت تهدأة نفسها وبدأت في ترديد بعض الآيات القرآنية والأدعية وهي مغمضة العينين وقالت بهدوء يشوبه الحزن ..

    _ اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه ، يااارب نجيني يارب

    _______________________

    في منزل رضوى ،،،،

    استيقظت رضوى بتثاقل ونهضت ثم دلفت للمرحاض وتوضأت وخرجت وبدأت ترتدى إسدال الصلاة بعد ان جففت شعرها البني ، ادت فريضتها بخشوع وهي تدعو الله ان يوفقها في الخير ، ارتدت رضوى ملابسها التي كانت عبارة عن بلوزة طويلة من اللون الأصفر وجيبة جينز طويلة وطرحة من اللون الاصفر والابيض ، ولم تضع اى من مساحيق التجميل فهي لم تحتاج من الأساس ، اخذت حقيبة صغيرة وهاتفها ومن ثم خرجت من الغرفة ، نظر في ارجاء المنزل ولم تجد والدتها ، علمت انها ذهبت لجارتها ، اتجهت للخارج وخرجت من المنزل بهدوء ، واستقلت احدى سيارات الأجرة متوجها للكافيه ..

    بينما استمعت مها صوت الباب فعلمت ان رضوى ذهبت ، نهضت بأبتسامة محدثة نفسها بأرتياح ..

    _ رضوى نزلت ، يادوب الحق اروح أشوف حسن واعرف في اية قبل ما تيجي !

    ارتدت ملابسها بعجلة وألقت نظرة علي طفلها بتردد من أمرها ، تأخذه معها ام تتركه ، قررت ثم هزت رأسها وهي تقول لنفسها " اخده فين ماينفعش طبعاً انا هأسيبه وكدة كدة مش هتأخر " ، طبعت قبلة حانية علي جبينه ثم اطفأت الأضاءة وخرجت من الغرفة بهدوء ثم من المنزل بأكمله واتجهت لمنزل حسن ......

    ____________________

    في قسم الشرطة ،،،،

    كان مصطفي يجلس في " الحبس " ، ينظر بأشمئزاز للرجال الذين كانوا بجواره وهو يتأفف بخنقة ، كما لم تختلف نظرات الدهشة والاشمئزاز في اعين هؤلاء الرجال لمصطفي ، كان يمسح علي شعره بضيق شديد واخذ يتسائل في نفسه اين رجال عبدالله ، اخذ نفساً عميقاً واخرجه وهو يتوعد لهم ، فُتح الباب ودلف الشرطي وهو ينادى ..

    _ مصطفي محمد ، تعااالي

    هب مصطفي واقفاً بسرعة وهو يقول بلهفة واضحة ..

    _ أيوة أيوة انا اهوو يا شاويش

    اتجه له بسرعة ، ثم خرجوا سوياً من الحبس واغلق الشرطي الباب مرة اخرى ، ثم كبل يدى مصطفي مع يده وساروا متجهين لمكتب الضابط ، وصلوا امام المكتب وطرق الشرطي الباب ثم دلف وألقي التحية العسكرية مرددًا بجدية ..

    _ مصطفي محمد اهو يا باشا

    اومأ الضابط رأسه ثم نظر له قائلاً بجدية :
    _ روح انت ولما احتاجك هأناديك

    ألقي الشرطي التحية مرة اخرى ثم التفت وغادر بهدوء ، بينما نظر الضابط لمصطفي قائلاً بتساؤل ..

    _ قولي بقا يا مصطفي ، كنت بتعمل اية في فندق ( ...... ) ساعة ما تم القبض عليك
    بلغ التوتر ذروته عند مصطفي ، وفكر بسرعة ثم هتف بأرتباك حاول اخفاؤه قائلاً ..
    _ انا آآ انا مكنتش أعرف أنه فندق مشبوه يا حضرت الضابط

    صمت لبرهه ثم استطرد بثبات مصطنع قائلاً : ثم إني مكنش معايا واحدة يعني ، انا في السليم وممعاكوش دليل ضدى

    اومأ الضابط رأسه بسخرية ثم تابع بتذمر ..
    _ امممم وماله بس وجودك في المكان نفسه يشبهك يا حضرت

    جز مصطفي علي أسنانه ليتمالك اعصابه ثم اردف بتفكير قائلاً ..

    _ انا من حقي أعمل مكالمة عشان اقول للمحامي بتاعي

    الضابط بجدية : تمام أتفضل

    مد مصطفي يده وامسك بالهاتف ثم اتصل بعبدالله ووضعه علي اذنه هو منتظراً الرد ، اجابه عبدالله ببرود قائلاً ..

    _ الووو يا مصطفي
    _ عبدالله انا في القسم محتاح محامي ضرورى جداً
    _ امممم حاضر يا مصطفي
    _ بسرعة يا عبدالله
    _ ماشي بس قسم اية ؟
    _ قسم ( ...... ) ، هستني
    _ ماشي ، سلامات
    _ سلام

    اغلق الهاتف ونظر للضابط ثم زفر بصدر ضائق وهو يتذكر حديث والده ولكنه بالطبع لن يخبره بما حدث حتي لا يثبت له ان كلامه كان صحيح .. !

    _____________________

    في منزل عمر ،،،

    كان عمر يفكر ، شارد تائه حزين .. ولكن لماذا ! ، لماذا لا يريدها ان تبتعد عنه ، لماذا يشعر بالضيق عندما لا تكون بجانبه ، لماذا يجتاحه الشعور بالذنب لمعاملتها بقسوة ، اخرج عمر الهاتف من جيب بنطاله ثم أتصل برقم ما وهو يتنهد بهدوء ، اجاب الرجل قائلاً بجدية ..

    _ عمر بيه
    _ ايوة يا عمار ، انت فين وفي جديد ولا ؟
    _ هي فوق طلعت شقة مع واحدة وانا قاعد تحت منتظر
    _ اييية ، شقة اية وفين ؟
    _ شقة في الهرم هنا بس بعيد شوية
    _ عايزك تعرفلي موضوع الشقة دة وتكلمني تعرفني كل حاجة بسرعة
    _ حاضر حاضر يا عمر بيه امرك
    _ سلام
    _ سلام

    اغلق عمار الهاتف ووضعه في سترته ثم ترجل من سيارته بخطوات سريعة تجاه تلك البناية ، نظر بتفحص ليجد الحارس يجلس ، اقترب منه ثم تنحنح قائلاً بهدوء ..
    _ احم سلام عليكم يا عم الحاج

    نهض الرجل الذى كان يرتدى جلباب من اللون الرصاصي ويضع عمه علي رأسه ، ملامحه هادئة ، نظر لعمر ثم اجابه بهدوء ..
    _ وعليكم السلام ، خير يا حضرت ؟

    عقد عمار ساعديه وهو يقول بتساؤل . .
    _ ممكن اعرف المدام والأنسة الي طلعوا دول راحوا أنهي شقة ؟

    عقد الحارس حاجبيه ثم اردف بتعجب ..

    _ نعم ! ، يهمك في اية يا باشا

    تنهد عمار بحنق وأتت له فكرة سريعة فقال بضيق مصطنع ..

    _ اصلي بدور علي بنت عمي وبشبه علي الأنسة الي طلعت من شوية

    نظر الحارس حوله ليفكر ثم رد بفتور بــ :

    _ دى مدام عفاف والانسة دى اول مرة اشوفها و.. آآ

    صمت للحظة ثم تابع بهمس وتحذير ..
    _ وطلعوا شقة مشبوهه ، لو تهمك بنت عمك اطلع الحقها بسرعة

    حدق به عمار بصدمة ثم استدار وسار بسرعة دون نطق كلمة اخرى مما زاد دهشة الحارس فكيف يترك ابنه عمه بعد ما قاله له .. !

    إنطلق عمار الي سيارته بسرعة واخرج هاتفه واتصل بعمر ليجيبه عمر بعد ثواني قائلاً بهدوء ..

    _ عمار حصل ايية قول
    _ الحقنا يا عمر بيه
    _ في اية انطق بسرعة انا علي اعصابي
    _ سألت بواب العمارة وقالي إن الشقة الي طلعوها دى شقة مشبوهه و...
    _ ايييييية ، شهد لأ .. لااا
    _ وقالي لو تهمك اطلع الحقها بسرعة و..

    لم يستمع له عمر لإنه اغلق الخط بسرعة بينما تعجب عمار وزفر بضيق وهو يضع الهاتف في جيبه مرة اخرى

    _____________________

    في حين في الأعلي شهد مازالت علي نفس وضعها في احدى الجوانب ، تبكي بصمت وهي تردد الادعية والآيات القرأنية وتضم ركبتيها الي صدرها بخوف ، كانت مثل القطة التي حُبست في عرين الأسد ، تجلس منتظرة قدرها المحتوم، خرجت لها عفاف ثم نظرت لها لتجدها هكذا ، تنهدت ثم زمجرت فيها بغضب قائلة ..

    _ يووووه احنا مش هانخلص بقاا

    لم ترد شهد او تنظر لها حتي ، حاولت تجاهلها تماماً او بالأحرى لم تكن بوضع يسمح لها بالمجادلة مع سيدة هكذا ، ايقنت شهد انها لا تستطيع التفريق بين الناس ، فعندما رأت عفاف اعتقدها سيدة خدومة ودودة ولكن اتضح انها تخفي الكثير خلف هذا الوجه البشوش ..

    تابعت عفاف قائلة وهي تجز علي اسنانها بغيظ ..

    _ طفح الكيل منك ، بقالك ساعة والوقت الي حددته خلص ، دلوقتي لازم تبدأى شغلك

    ابتسمت بخبث واكملت حديثها القاتل بالنسبة لشهد التي كانت لا تقوى علي سماع اكثر وهي تشير علي احدى الرجال قائلة بدلع ..

    _ لأ وعشان تعرفي انك غالية كمان هايبقي اول زبون ليكي اغلي واحد عندنا
    نظر لها الرجل وابتسم بخبث ثم نظر لشهد وهو يتفحصها من رأسها حتي امحص قدميها وانصرفت عفاف تاركة الذئب حتي يستطيع الانقاض علي فريسته ، ثم بدأ الرجل في الاقتراب من شهد التي كانت ترتجف بخوف و...................... 

    الفصل الثامــن عشــر :

    سيطرت حالة من الذعر والفزع علي شهد واصبحت ترتجف من كثرة الخوف ، دقات قلبها في قفصها الصدرى تتزايد بشكل ملحوظ معلنة عن رفضها التام لما يحدث ، دب الرعب اوصالها واصبحت تهز رأسها بهيستريا اكثر عندما وجدته يقترب وهو يرمقها بنظرات شهوانية ثم بدأ صوتها يعلو بالصراخ ..

    _ لأ لأ ابعد عني أوعي تقرب أوعي

    جثي الرجل علي ركبتيه ببرود تام كأن شهد غير موجودة ، ثم رفع ناظريه لها ليحدجها بنظرات صارمة ، هتف بصوت أجش قائلاً ..

    _ ما تهدى بقاا في ايية لدة كله !

    حاولت شهد النهوض ولكنها شعرت بتثاقل شديد في جسدها النحيف ، بدأت في هز رأسها بقوة كأنها تنهر نفسها علي عدم قدرتها عن الدفاع عن نفسها ، ثم نظرت له قبل ان تنهض بسرعة قائلة ..

    _ نجوم السما اقربلك من انك تمس شعرة مني ، يا قذر انت الي زيك ملعونين

    لم تعرف من اين اتت لها هذه القوة فجأة ولكنها شعرت بطاقة ايجابية تخترق جسدها لتحثها علي النهوض والدفاع عن نفسها امام ذلك الذئب ..
    كان الرجل يحدق بها بنظرات نارية ، نهض ثم اقترب منها مرة اخرى ببطئ وحذر متعمداً اثارة توترها وذعرها ، ثبت يده علي ساعديها ثم اقترب من اذنها وهمس بنبرات اشبه لفحيح الأفعي ..

    _ تؤ تؤ تؤ ، انا هاخد كل الي انا عاوزه منك وهأوريكي القذر دة هايعمل فيكي اية يا .. يا أنسة

    ركضت شهد بسرعة حتي اقتربت من الباب ، اصبحت دموعها تهطل كالمطر ، حاولت فتح الباب ولكنه مغلق ، تنهدت وشعرت ان قلبها يتمزق ، صرخت بكل ما اوتيت من قوة ..

    _ ياااااارب ، عمررر انت فين انا تعبت

    بدأ الرجل يقترب منها مرة اخرى ، نظراتها الخائفة والكارهه له مقابل نظراته الشهوانية الراغبة في الانقاض عليها ، سرع من خطواته فجأة وجذبها من شعرها الذهبي لتصرخ هي استنجاد بأى شخص ، في الداخل تسمعها عفاف وتبتسم كأن صراخ شهد الحاد يزيد من طاقتها ، اوقعها علي الأرض وبدأ يحاول تدميرها ، لم تستسلم شهد بسهولة وظلت تركل برجلها وهي تدفعه عنها بقوة ولكنه أقوى بالطبع ، كانت متلذذ برؤيتها هكذا ومقاومتها الضعيفة تزيده رغبة فيها اكثر ، فجأة وجدوا الباب يطرق بقوة حتي كاد يخلع ، كُسر الباب بعد ثواني ودلف عمر ليجد الرجل وهو يحاول الاعتداء علي شهد ، لا يعرف ما الذى اصابه عند رؤيتها هكذا وبدأ يضرب الرجل بحدة ويلكمه والاخر يحاول تسديد بعض اللكمات له ولكن لا يقدر علي الدفاع عن نفسه ، اصبح يصرخ من شدة ألمه حتي شعر ان نهايته حتماً ستكون علي يد عمر ، كانت شهد تبكي في ركن بحدة وهي تضع يدها علي اذنيها لتمنع صوت الرجل من الوصول اليها ..
    نظرت لعمر ثم هتفت بضعف من بين شهقاتها قائلة ..

    _ عمر هايموت في ايدك كفاية سيبه

    ابتعد عنه وهو يزفر بغضب عارم ، نظر لها بحنو بالغ ، نظرات اطمئنان وحنان بينما رمقته هي بنظرات استنجاد ، اقترب منها ببطئ وهو يتفحصها بعيناه كأن عيناه تتلهف لرؤيتها والاطمئنان عليها ، جثي لمستواها ثم اخذها في احضانه بحنان ، ارتعش جسدها من لمسته ولكنه ضغط بيده علي كتفيها لتهدأ ، اخذ يربت علي شعرها برفق وهو يقول بهدوء وحنان ..

    _ أهدى خلاص انتي في أمان طول ما أنتي معايا يا شهد

    استكانت في أحضانه وتشبست به معلنة عن خضوعها التام له ، التفت يدها حول ظهره وبدأ صوت بكاؤها يعلو مرة أخرى ، لم تكن بوضع يسمح لها بالحديث ، اكتفت فقط بأن تومأ برأسها وتشدد من قبضتها عليها قائلة بصوت متحشرج ..

    _ أوعي تبعد عني تاني يا عمر ، أوعي

    أبتسم عمر رغماً عنه بهدوء ، لا يعلم لماذا ولكنه يعلم ان قلبه كان يرقص فرحاً من تلك الكلمة ، إصرارها علي الفرار منه تحول لإصرار علي البقاء معه ..
    مرت عيناه علي جثه ذلك البغيض وهو مَلقي علي الأرض فاقد للوعي ، او ربما فاقد للحياة بأكملها ، فضربات عمر لم تكن سهلة ابداً ، أبعد شهد بهدوء ثم نهض ونظر علي الغرف ، فكر لثواني ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأتصل بالشرطة وبعد ثواني رد بجدية قائلاً ..

    _ ألووو بوليس الاداب لو سمحت انا عايز ابلغ عن شقة مفروشة والعنوان ( ...... ) ومحاولة اغتصاب
    _ اسمي عمر مالك سعد

    اغلق بعد ثواني وشهد كما هي علي نفس جلستها ودموعها لم تكف عن الهطول ، نظر لها عمر بهدوء ثم هتف بجدية قائلاً ..

    _ يلا يا شهد قومي وظبطي نفسك عشان البوليس زمانه جاى دلوقتي

    اومأت برأسها وحاولت النهوض بصعوبة شديدة ، اقترب منها عمر قليلاً وعاونها علي النهوض ، كانت بالداخل عفاف تنام ولا تشعر بما يحدث بالخارج ، لا تعلم انها ستنام في السجن بعد ذلك .. !

    _____________________

    في أحدى الكافيهات علي النيل ،،،

    وصلت رضوى للكافيه الذى اخبرها عبدالرحمن ان تنتظره فيه ، كانت تجلس علي احدى الطاولات المطلة علي النيل ، تدقق النظر بلونه الأزرق وعلي وجهها ابتسامة رقيقة ، تخرج كل ما في قلبها من احاديث ، لا يسمعها سواها والنيل !! ، تمنت لو انها اخرجتها لوالدتها ولكن .. ما باليد حيلة كما يُقال ..
    اقترب منها عبد الرحمن ورأى مدى سرحانها في النيل ، جلس علي الكرسي ثم تنحنح قائلاً بصوت أجش ..

    _ احم ، رضوى ازيك عاملة اية ؟

    باغتته رضوى بأبتسامة هادئة ثم اجابته بلطف قائلة ..

    _ الحمدلله بخير ، وانت اية اخبارك ؟

    ابتسم بهدوء واكمل بفتور قائلاً : الحمدلله
    نظرت رضوى للنيل مرة اخرى ، كانت تتسائل في نفسها عن هذا الموضوع ، أكمل عبدالرحمن حديثه بتوتر حاول اخفاؤه ..

    _ رضوى انتي في حاجة لازم تعرفيها قبل ما نتمم كل حاجة وليكي حرية الأختيار

    اومأت رضوى بهدوء وهي تنظر له وتحاول ان تستشف ما يريد ان يقوله من عيناه ولكن عبدالرحمن بطبيعته شخص غامض لا يمكنك التنبؤ بما يدور داخله ..
    هز عبدالرحمن رأسه لينفض الأفكار التي تطارده ان لا يخبرها ، اغمض عيناه بحركة مباغته ليحمس نفسه علي الحديث ، اردف بثباب قائلاً ..

    _ رضوى انا عندى شيزوفرينيا ( إنفصام في الشخصية ) ......................... !

    _________________

    في قسم الشرطـــة ،،،

    وصل المحامي إلي القسم وكان مصطفي في الأنتظار في مكتب الضابط ، يهز رجله بتوتر شديد وهو ينظر للأرضية بينما يتابعه الضابط بعيناه ، سأل العسكرى عن مكتب الضابط فأخبره ثم اتجه للمكتب وطرق الباب بهدوء ليأذن له الضابط بالدخول ، نظر لمصطفي ثم للضابط واخرج الكارنية الخاص به ثم قدمه للضابط وهتف بجدية قائلاً ..

    _ إسلام المحامي ، المسؤل عن أستاذ مصطفي محمد

    اومأ الضابط برأسه وهو يتفحص الكارنية ، ثم نظر له وقال ببعض من الهدوء ..
    _ أتفضل يا متر اقعد

    المحامي بصوت قاتم : اولاً انا بأطلب من حضرتك إني اقعد مع موكلي شوية

    نهض الضابط وهو ينظر لهم ثم تابع قائلاً بجدية : تمام بس سريعاً

    استدار وخرج من المكتب تاركاً إياهم بمفردهم ، فتنحنح المحامي قائلاً ..

    _ انا من طرف عبدالله بيه اكيد عارف

    تنهد مصطفي وهو يهز رأسه ثم اردف وهو ينظر للمحامي بتحذير ..

    _ أنا لازم أخرج من هنا في أقرب وقت

    اومأ المحامي ثم تابع بتساؤل ..
    _ أحكي لي كل حاجة بالتفصيل الممل عشان أقدر أساعدك

    بدأ مصطفي يقص عليه كل شيئ منذ تواجده فى ذلك الفندق ، تعجب المحامي بشدة من معرفة مصطفي أنه مشبوه ومع ذلك لم يتركه ولكن لم يعلق ، انتهي مصطفي ليزفر المحامي بقوة ثم استطرد قائلاً بتفكير ..

    _ القضية سهلة عشان مفيش دليل اصلاً

    نادى علي الضابط ليأتيه ويبدأ المحامي في الدفاع عن مصطفي ويقنع الضابط أنه لم يكن يعلم انه كذلك ولم يكن مع اى سيدة فقد كان بمفرده ..
    بعد حديث طويل تنهد الضابط ثم قال للشاب الذى يدون خلفه ..

    _ أكتب عندك يابني ، قررنا نحن وكيل النيابة ( ...... ) الأفراج عن المتهم مصطفي محمد وذلك بضمان محل إقامته

    تهللت أسارير مصطفي عند سماعه ذلك وظهرت الأبتسامة علي ثغره وشعر أنه استرد روحه مرة اخرى ، تنهد بقوة وهو يمسح علي شعره ، خرج مع المحامي وبدأ في اعداد اوراق الخروج ، بعد فترة ليست بطويلة خرجوا من القسم سوياً ، نظر مصطفي للمحامي ثم هتف بأمتنان قائلاً ..
    _ شكراً يا متر تعبتك معايا

    ابتسم المحامي بهدوء ثم اجابه بفخر بـ ..
    _ ولا يهمك يا استاذ مصطفي ، احنا ف الخدمة

    استدار ليغادر تاركاً مصطفي ليسيطر عليه شيطانه مرة اخرى ويعاود التفكير في كيفية اعادة شهد له مرة اخرى ، نظر للفراغ بحدة كأنه تذكر شيئ ما ، تحولت حدقتي عيناه الي جمرتين من النيران ثم عقد ساعديه مرددًا بأصرار غريب ..

    _ قربت اجيلك يا شهد اوى بس لازم اعمل حاجة الأول ومش هتأخر ....

    ___________________

    عنــد منزل عفــــاف ،،،،

    وصلت الشرطة إلي البناية وتعجب الحارس من مجيئهم المفاجئ ، استشف سبب مجيئهم وتنهد وهو ينظر لهم بهدوء قائلاً بهمس ..

    _ ربنا يستر علي ولايااانا

    وصلت الشرطة امام المنزل الذى يقطنوا به ثم طرقوا الباب بقوة ، تقدم عمر وفتح الباب بهدوء لتدلف الشرطة ، نظر الضابط لعمر ثم سأله بجدية ..

    _ انت عمر مالك سعد ؟!

    اومأ عمر بهدوء وهو ينظر له بينما وجه الضابط نظره لجثه الرجل المُلقاة علي الأرض ثم عاود النظر للعساكر قائلاً بصوت آمر : فتشوا المكان وهاتوا كل الي جوة

    استداروا متجهين للداخل بسرعة بيتما اتكأ الضابط بجذعه قليلاً ليعرف إن كان حياً ام لا ليجده مازال يتنفس ، اخرج الهاتف وأتصل بالأسعاف ..
    نظر لشهد بهدوء ثم هتف بصوت خشن قائلاً ..
    _ أنتي الي حاول يعتدى عليكي ؟

    تذكرت شهد وسرعان ما بدأت في البكاء مرة اخرى كأنه فتح ابواب دموعها سامحاً لها بالهطول ، حاولت ان تتحدث ولكن شعرت ان حلقها جف ولسانها مقيد ، نظر الضابط لعمر ثم كرر سؤاله مرة اخرى ليرد عليه عمر بأقتضاب قائلاً ..

    _ ايوة هي يا حضرت الظابط

    خرج العساكر في نفس الوقت ومعهم عفاف التي كانت تصرخ بذعر ، وشهقت بفزع اكثر عندما رأت الرجل علي الارض جثة هامدة مغرق بدمائه ، نظرت لشهد بحدة ثم اردفت بتوعد شرس ..

    _ منك لله ، انتي السبب بس وحياتك ما هاسيبك تتهني ابداً

    جز عمر علي اسنانه بغيظ كنوع من تنفيث الغضب لوجود الضابط ، نظر لها الضابط بغضب ثم زمجر فيها قائلاً ..

    _ احترمي نفسك يا ست انتي ، انتي الي مش هاتخرجي من السجن ، دة انتي رايحة اداب يا مدام

    مطت عفاف شفتيها بعدم رضا وجاء كل من كان يقطن في ذلك المنزل لتنصدم شهد من مناظرهم وتدير بوجهها للناحية الأخرى بشهقة ، في حين اقترب منها عمر قليلاً واخذ يربت علي كتفيها برفق لتهدأ هي الي حداً ما كأنه الدرع الحامي لها والذى يسيطر عليها بأسرع وقت ..
    وجه الضابط نظرع لعمر ثم قال بدبلوماسية قائلاً ..

    _ حضراتكوا مضطرين تيجوا معانا عشان المحضر في القسم

    رد عمر بهدوء قائلاً : ماشي تمام

    استداروا جميعاً وهبطوا من المنزل ومن ثم من البناية كلها وجاءت سيارة الأسعاف وتم نقل الرجل لأقرب مستشفي قريبة ، وسط نظرات حارس العمارة التي تحمل جميع معاني الشماته وخرجوا من البناية مع الشرطة متوجهين للقسم ..
    وصلوا القسم وتم القيام بالمحضر وتسجيل محاولة الاعتداء علي شهد وبالطبع لم يدان عمر لانها كانت محاولة دفاع عن النفس ، وكانت شهد لا تتفوه بكلمة قط ، كانت تومأ برأسها او تصمت ، انتهوا ثم خرجت من القسم مع عمر في سيارته وركبت بهدوء وعمر يراقبها بنظراته ، ادار المقود ثم اتجهوا لمنزله ..
    وصلوا امام المنزل ثم ترجلوا من السيارة ، تقدم عمر اولاً ثم اخرج مفتاحه من جيب بنطاله ودلفوا سوياً ..
    جلست شهد بهمدان علي الأريكة ثم وضعت رأسها بين راحتي يدها ، يدور بعقلها كل ما حدث ذلك اليوم ، تشعر ان كل ما مر كان حلم لا ليس حلم إنما كابوس مفزع ، نظر لها عمر ثم هتف بهدوء ..

    _ شهد ، ماعدش ينفع نستني أكتر من كدة ، انا رايح أجيب المأذون

    اتسعت مقلتاها ونظرت له بصدمة ممزوجة بالدهشة ، لم تنطق وٱنما عادت كما كانت كأنها كانت متوقعة ان ذلك ما سيحدث ، اخذ عمر نفساً ثم زفره ببطئ ، ومسح علي شعره بقوة ، فــ بعمره لم يجبر ان يفعل اى شيئ ، ولكن .. ولكنه يشعر انه من يريد ذلك الي حداً ما ..
    استدار وخرج متجهاً ليجلب المأذون وركب سيارته وادار المقود متجهاً الي حيث المكان ..
    بينما ظلت شهد تفكر بهدوء ولكن فرت دمعه هاربة منها ، كم تمنت ان تتزوج بعمر ويصبح شريك حياتها وأب لأطفالها ولكن ليس اضطرارياً وإنما برغبته ، هزت رأسها برفق كأنها تقنع نفسها ان هذا هو الشيئ الصحيح لحمايتها ، نهضت وتقدمت امام المرآة واصبحت تهندم نفسها قليلاً وهي شاردة ..
    مر بعض الوقت وطرق الباب فعلمت أنه عمر ، اتجهت للباب ثم فتحته لتجد عمر مع رجلان والمأذون ، ابتعدت ليدلفوا ، جلسوا جميعهم وجلست شهد بجانب عمر ، بدأ المأذون بكتب الكتاب ثم وجه نظره لشهد قائلاً بتساؤل ..

    _ موافقة يا بنتي ؟

    تنهدت شهد بقوة ثم اغمضت عيناها وردت بصوت قاتم ..

    _ اه موافقة

    كرر نفس السؤال لعمر فرد بنفس الرد بهدوء ليكمل مراسم كتب الكتاب بشهادة احد اصدقاء عمر المقربين ، ظلت ناظرة لعمر شاردة تائهه حزينة ، لا تعرف ما يجب ان تفعله ، انتبهت علي صوت الشيخ وهو يقول بأبتسامة عذباء ..

    _ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخييير

    هنا تنهد عمر بأرتياح كأن جبلاً ثقيلاً انزاح من صدره ليتركه حر يتنفس بحرية ، نظر اصدقاء عمر لشهد بهدوء ثم هتفوا بسعادة ..

    _ مبرووك يا أنسة ، مبروك يا عمر

    تمتمت شهد بأمتغاض : الله يبارك فيكوا

    انتهي الشيخ ثم نهض وغادر بأبتسامة مع اصدقاء عمر تاركين شهد وعمر منفردين كلا منهم يفكر بشيئ علي عكس الاخر ، شهد تفكر بحزن ان عمر مجبر عليها فقط وتفكر في مصيرها القادم معه بينما عمر يشعر ان انزاح هماً وهذا من اجل حمايتها من اى شخص يحاول ايذاؤها فقط ..

    _ مش كنتي تعزمـينــي يا عروسة

    هتف مصطفي بتلك الجملة وهو يدلف للمنزل بأبتسامة شيطانية رسمها علي ثغره بأحتراف ، ويحدجهم بنظرات حادة متوعدة و............................... !!

    الفصل التاســع عشــر :

    علمت شهد علي الفور بصاحب هذا الصوت فهي تعلمه جيدًا ، هذا الصوت الذى يجعلها ترتعد من مجرد سماعه ، إلتفتت بخوف وحذر لتجد يقف وهو ينظر لهم بحدة وتوعد ، إستشف عمر من نظراتها المرعوبة انه أبن عمها لأنه رَأى أخيها سابقاً ، نهض بكل هدوء ثم نظر لمصطفي ببرود وقال بهدوء حَذِر ..

    _ أمممم مين حضرتك يا أستاذ ؟

    اصبَحت نظراته اكثر حِدة وجز علي أسنانه بغيظ شديد ثم هتف بصوت أجش قائلاً :
    _ انا ابن عمها ، وجاى عشان أخد بنت عمي وأمشي من هنا

    أقْتَرب عمر ببطئ من مصطفي واضعاً يده في جَيب بنطالُه الكحلي ، ثم نظر لمصطفي وتابع ببرود أتقَنهُ ..

    _ لأ ، مراتي مش هاتروح مع حد من هنا

    ضغط مصطفي بيديه بقوة من برود عمر الغير مُتناهي ، لم يعرف ماذا يجب ان يفعل ولكنه فكر سريعاً بعقله الشيطاني الذى سيوديه حتماً الي المصائب ، ثم اخذ نفساً عميقاً واخرجه ببطئ ثم تابع بخبث قائلاً ..

    _ شهد مش هاتبقي مراتك ولا عمرها هاتكون لحد غيرى ، فاهم ، وإبعد عن طريقي عشان ماعملش حاجة مش هاتعجبك ابداً

    نظر له عمر مباشرة وحك ذقنه بطرف إصبعه الأسمر ثم باغته بلكمة مفاجأة ، و تحول بروده فجأة إلي غضب شديد ، كأن جملته اشعلت النيران بداخل قلبه الذى بدا يشع نيران الحب المتلهفة لشهد ..
    اصبحت شهد ترتجف مكانها بخوف ووضعت يدها علي فاهها بشهقة وحسمت الأمر بعقلها وان حتماً احدهم سيموت .. !
    اصابت مصطفي حالة من الجنون من تجرأ عمر عليه بهذه الطريقة وخصوصاً امام شهد التي يجب ان يبدو امامها اقوى رجل ، مسح فمه ليجده ينزف ، نظر لعمر بحدة وهو يتشدق بــ :

    _ انا هاعرفك أنا مين يا ****** ، يا زبالة

    ثم إقترب منه بسرعة محاولاً تسديد اللكمة له ولكن تفاداها عمر بمهارة ، ثم سدد له الضرب مرة أخرى ، علم ان مصطفي لن يستسلم بسهولة ابداً ، أخرج المسدس الذى كان في ظهر بنطاله ليرفعه بوجه مصطفي ، حدق به مصطفي بصدمة وصدرت منه شهقة مكتومة ، بصق عمر في وجهه ثم تابع بصوت صلب ..

    _ برة ، غوور برة ، هأقتلك وهاطلب البوليس وأقول بيتعدى علي حرمة بيتي وعايز ياخد مراتي بدون إرادتي وكان دفاع عن النفس ، يعني خلصانه يا باشا .. !

    شعر مصطفي بإهانة كبيرة له ولكرامته كرجل شرقي ، وأراد لو يستطيع قتل عمر في هذه اللحظة ، ولكنه فكر وهو ينظر له نظرات متوعدة ويحدث نفسه فكان عمر كلامه صحيحاً حقاً ، فلو نفذ ما يقوله حقاً سيخرج منها بسهولة ويذهب مصطفي هدر ..
    نظر لشهد التي كانت تنظر لعمر متلهفة وإزداد إرتجافها وهي ترى نظراته وتعلم معناها جيداً ونواياه الدنيئة تجاهها ..
    اكمل بعدما اعاد نظره لعمر بشراسة قائلاً ..
    _ انا ماشي بس قسماً بربي يا شهد ما هاسيبك غير وأنتي مراتي ، ولو مابقتيش مراتي هاخد منك الي انا عاوزه ووريني البيه هايبص في وشك ازاى بعد كدة

    لم يتحمل عمر اكثر وأقترب منه ببطئ متعمداً ان يثير توتره ثم فجأة اطلق الرصاص لتصيب مصطفي في ذراعه ، صرخ مصفي بألم ووقع أرضاً وهو يتآوه ، بدأت شهد في البكاء وازداد خوفاً كثيراً حتي شعرت إنها لن تستطيع التحمل اكثر من ذلك وان قلبها سيتوقف حتماً من كثرة خوفه وحالة الهلع المسيطرة عليه ..
    هتف بصوت صارم قائلاً : دى عشان تفتكرني كويس بعد كدة وماتجبش سيرة مراتي علي لسانك يا حيوان

    حاول مصطفي النهوض وهو يتحامل علي نفسه لينقذ نفسه فهي الأهم من أى شيئ ، كان يتآوه من الألم الشديد ، سار بخطوات متعرجة متجهاً للخارج وهو ممسك بذراعه ..
    نظر عمر لشهد بهدوء ليجدها مثل التي اصبحت في حالة هيستريا او جنون مؤقت ، تهز رأسها بسرعة ودموعها تنزل بغزارة وتحيط نفسها بذراعيها ، اقترب عمر منها ثم مسح علي شعرها بهدوء لتهتف هي بتشنج قائلة ..

    _ كفاية بقا هو آآ عايز مني اية تاني ، حرام خليه يبعد عني انا تعبت

    إزداد حزنها واكملت بضعف قائلة ..
    _ خلاني ابعد عن أهلي وأهرب وابقي جايبلهم العار وآآ وزمانهم بيكرهوني ، وبردو جاى ورايااااا

    لم تعد تقوى علي البكاء والنحيب اكثر وحاولت كتم شهقاتها التي كانت ترفض الهدوء ، شعر عمر بقلبه يتمزق علي حالتها تلك ، ود لو يستطيع ان يمحو كل الماضي المؤسف ذلك من ذاكرتها ويعيش معها حياة سعيدة دون وجود أى عقبات ..
    قلبه يدق .. يدق بسرعة رهيبة وهو مقترب منها ، ماذا حدث لماذا يدق في حين اقترابه منها ، هل .. هل احبها حـقــاً !
    فجأة احتضنها وبقوة ، لا يعلم هل يحضتنها ليهدأها ام يهدأ قلبه هو الذى كان يدق بسرعة كأنه يطلب منه قربها ، لم تعترض هي حتي ولفت ذراعيها حول ظهره ثم تابعت بإهتياج قائلة ..

    _ عمر عشان خاطرى ماتبعدش عني

    ابتسم بهدوء وشدد قبضته قليلاً كأنه يؤكد كلامها ثم رد بحنان قائلاً ..

    _ وحياة رعشة جسمك في حضني ما هسيبك ابداً

    _____________________

    في الكـافــيه ،،،،

    وقعت كلمته كالصاعقة الكهربائية عليها و حدقت به رضوى بصدمة بينما ظل هو معلق نظره بها بهدوء حذر ، وضعت وجهها بين راحتي يدها ثم زفرت بضيق شديد بدى علي جميع ملامحها ، نظرت له مرة اخرى دون ظهور اى رد فعل وهتفت بصوت قاتـــم قائلة ..

    _ يعني أية ولييية ؟!

    تنهد عبدالرحمن بأختناق وظهر الحزن علي نبرة صوته وهو يقـول ..

    _ كنت بأحب واحدة ، بحبها اوى بس خذلتني وبعدت عني من غير اى مقدمات ، انا ماتقبلتش دة وآآ

    صمت لبرهه كأنه لا يريد ان يتذكر ما مضي واخذ نفساً عميقاً ثم اخرجه ببطئ واكمل بإختناق اكثر قائلاً ..

    _ وبقت شخصية مش متقبلة إنها مابقتش في حياتي وشخصية كرهاها علي قد ما حبيتهاا لأنها جرحتني اوى

    كانت رضوى تتابعه بنظرها بهدوء وهي عاقدة ساعديها ، لتعطيه الفرصة لأخراج كل مل بداخله حتي تتمكن من اتخاذ قرارها ، نظر علي النيل وتابع حديثه بهدوء حذر خوفاً من رد فعل رضوى عند معرفتها قائلاً ..

    _ واحياناً لما الشخصية التاني بتسيطر عليا ممكن اعمل اى حاجة ، يعني كنت هأضرب والدى قبل كدة

    شهقت رضوى بصوت مكتوم ثم تسائلت بخوف قائلة ..

    _ طب ومش بتتعالج لية ؟

    نظر لها مرة اخرى بإنكسار واردف بألم واضــح قائلاً ..

    _ انا ماعنديش نقص يا رضوى ، انا انسان طبيعي ومش محتاج علاج ، دى بتحصلي قليل

    هزت رضوى رأسها نافية وهي تفكر ، هل تتركه وتتعايش مع خبث مها ومعاملتهم الجافة والقاسية ام تتزوجه وتتحمل معاناة مع مرض زوجها النفسي ..
    ابتلعت ريقها واستطردت بتفكير قائلة :

    _ ممكن تسيبني أفكر يا عبدالرحمن ، دة موضوع مش سهل ابداً

    ______________________

    امام احدى البنــايــات ،،،،

    وصلت مها امام العمارة التي يقطن بها حسن ، وترجلت من التاكسي ثم اخرجت بعض المال واعطتها له ليذهب هو وتنظر هي علي البناية وتتجه لها ، دلفت بهدوء لتجد الحارس يجلس وهو يدخن ، ما ان رآها حتي هب واقفاً بسرعة ثم تنحنح قائلاً بحرج ..

    _ احم ، حضرتك طالعة لمين ؟!

    اجابته مها بإيجاز : استاذ حسن

    اومأ الحارس برأسه ثم هتف بصوت أجش قائلاً ..

    _ بس آآ هو آآ

    قاطعته مها بحركة بيدها ثم اكملت سيرها بخطوات واثقة ، زم شفتيه بإعتراض وهو ينظر لها بغيظ ثم همس بنبرة غليظة قائلاً ..

    _ احسن ، استلقي الي جاي بقاا

    وصلت مها الي الشـقـة التي يسكن بها حسن ثم هندمت نفسها بسرعة ورسمت علي وجهها أبتسامة هادئة ثم طرقت الباب ، لم تجد استجابة فطرقته مرة اخرى ولكن بقوة اكثر قليلاً ، فتح حسن الباب وعلامات الغضب علي وجهه وهو يصيح قائلاً ..

    _ اييييية ياللي علي الباب ما تصبر

    ضحكت مها بخفة علي جملته في حين تحولت ملامحه للصدمة والأرتباك ، حاول ان يبدو طبيعياً واخذ يتلفت للداخل وهو يقول بتوتر ..

    _ مــ مهــا !!

    اومأت مها برأسها مؤكدة ورفعت حاجبها الأيسر ثم ردت بتعجب قائلةً ..

    _ أيوة مها ولا كنت مستني حد تاني

    قال حسن مسرعاً بأبتسامة زائفة ..
    _ لأ لأ طبعاً هاكون مستني مين يعني ، ثواني وهألبس واجي معاكي

    دفعته مها قليلاً لتدلف للداخل وهي تقول بدهشة ممزوجة بالمزاح ..

    _ ولية ننزل لما عش الزوجية موجود

    امسكها حسن بسرعة من ذراعيها واصبح وجهه لونه أصفر من التوتر ثم تابع بإصرار ..
    _ لا والله انا آآ انا قولت لازم ننزل عشان انا زهقت من قعدة البيت

    نظرت له مها بتعجب وريبة معاً ثم وزعت نظرها بالداخل بشك ، ولكنها هزت رأسها بهدوء لتنفض الشك من رأسها ثم استأنفت حديثها بهدوء حذر قائلة ..

    _ طب يلا بسرعة مستنياك هنا

    اومأ حسن بهدوء واستدار ودلف للداخل وهو يتنفس الصعداء ووضع يده علي صدره بخوف وهو يقول بغيظ ..

    _ اووف منك يا مها يعني كان لازم تيجي الوقتي بقااا

    من إن انهي جملته حتي سمع صوت صراخ مها والمرآه التي كانت معه بالداخل ، ركض بسرعة للخارج ليجد مها تشتبك مع الفتاة وهي تسبها وتلعنها ، ممسكة بخصلات شعرها بقوة ، خبط حسن علي رأسه وهو يقول بحسرة ..

    _ يا لييييلة سووخة يا ولاد

    _______________________

    في منــزل عــمــر ،،،،

    لاحظت شهد تلك الوضعية التي هي عليها وتوردت وجنتاها خجلاً ثم حاولت ان تبتعد لتجد عمر الذى كان مغمض العينين يستنشق عبير عطرها الفواح الذى يسكر روحـه بمتعة كبيرة ، يضغط عليها بقوة الي حداً ما كالطفل الذى لا يريد التفريط بالدمية الخاصة به ويمسكها بقوة خوفاً من اى دخيل يحاول ابعادها عنه ..
    ابتسمت شهد وسط دموعها ثم هتفت بهمس قائلة ..

    _ عــمــر

    هز عمر رأسه وهو يقول بهدوء : هششش

    صمتت شهد واستمتعت بهذه الدقائق علها لن تُعاد مرة اخرى وتكون اللحظات الاخيرة ، اختفت الابتسامة من وجهها ليحل محلها الخوف والحزن وهي تتذكر كلام مصطفي القــاسـي ..
    بعد ثواني ابتعد عمر لينظر في عيونها مباشرة ويرى انعكاس صورته في عيناها البنية ، ابتسم ابتسامة عفوية ونظر لها نظرات لأول مرة تراها شهد في عيونه ، لنــقـل نظرات .. حب
    نظرت للأرض بسرعة من فرط خجلها وبدأت تفرك اصابعها كعادتها ، علم عمر بمدى خجلها في هذه اللحظة ، نظر علي شفتاها الحمراويتين الذين يعطوها مظهر جذاباً ، حاول تمالك نفسه ولكن لم يتمالك نفسه واقترب منها كثيراً وهو ممسك وجهها الصغير بكفي يده الخشنة ..
    ثم التهم شفتاها بشفتيه بنهم شديد ، حاولت شهد إبعاده في البداية قليلاً ولكن استسلمت لقبلاته الحانية ..
    بعد قليل ابعدت وجهها عنه بهدوء ، انفاث لاهثة مقابل انفاث تشعلها نيران الحب ، هتفت بهدوء حذر قائلة ..

    _ عمر انا آآ ...

    قاطعها عمر بقبلة اخر بحب جارف وابتعد مرة اخرى وهو يلهث ثم قال بحنان ..

    _ شــهــد .. انا بحبك .. انا عايــزك
    ___________________

    الفصل العشـــرون :

    صُدمت شهد للغاية وحدقت به بصدمة بينما ظل هو ممسك برأسها بين كفي يده وهو ينظر في عيناها بهدوء كأنه يحاول ان يستشف رد فعلها ، دقات قلبها تتزايد ، شعرت ان صوتها مسموع ، بردت أطرافها من كلماته بالرغم من انها تمنت ان يبادلها نفس الشعور ، مر امام اعين عمر مشهد موت هند وهي تلتقط انفاسها الأخيرة قائلة بوهـن ..

    _ أوعي تنساني يا عمــر ... !

    شهد اصبحت نفسها غير منتظم من كثرة التوتر ، في حين ابتعد عنها عمر فجأة ونهض ثم اولاها ظهره وهو شارد وبدى الضيق علي وجهه ، تعجبت شهد ونهضت هي الاخرى ببطئ ، بينما هتف عمر بجمــود قائلاً ..

    _ أنسي اى حاجة قولتهالك

    لتاني مرة يصدمها في نفس الوقت ، ظلت ناظرة له بذهول فهو منذ قليل من اعترف لها بحبه والان .. اكتشفت ايضًا ان في هذه الكلمة لم يكن صادق ..
    اخذت نفسًا عميقًا واخرجته ببطئ وهى تكبح دموعها التي تود الهطول بغزارة ولكنها عزمـت ولن تسمح لنفسها أن تكون ضعيفة معه مرة اخرى ، اصبحت نبرتها جادة للغاية وهي تقول بصوت عالٍ ..

    _ انا اصلا كنت هأرفض لإني استحالة اكون مرات واحد زيك فعليًا

    جز علي اسنانه بغيظ وحاول ان يتمالك اعصابه ، فالاول مرة يعترف انها لديها الحق تماما ، هو من تسرع واعترف لها وخان هند .. نعم فـهو صب تفكيره علي هند فقط ولن يحب غيرها مرة اخرى ... !

    التفت لها ولم يظهر اى رد فعل ثم اقترب منها ببطئ ، نجح في اثارة توترها وكان صدرها يعلو ويهبط من اقترابه منها بهذا الحد ، اغمض عيناه وهو يقترب منها ثم تابع بهــدوء حــذر ..

    _ أوعي تنسي تاخدى شاور عشان ريحة البرفان بتاعي فيــكـي .. !

    قضبت جبينها بدهشة ممزوجة بالغضب ثم اخفضت رأسها واخذت تشتم رائحتها وبالفعل وجدت رائحة عطره في ملابسها، في حين ابتعد هو واستدار ليغادر في الأعلي وعلي وجهه ابتسامة خبيثة ..
    دبت علي الأرض برجليها بغضب طفولي فقد نجح في تغيير الموضوع بسرعة وكأنه نومها مغنطيسياً ، لامت نفسها علي ضعفها امامه هو فقط .. ثم اردفت بنبرة متذمرة قائلة ..

    _ انت مــستفـز اووى علي فكرة ......

    ___________________

    في منزل رضـوى ،،،،

    كانت رضوى تجلس علي فراشها والأوراق الخاصة بعملها متناثرة حولها في كل مكان وترتدى النظارة الخاصة بها وخصلات شعرها علي وجهها ، كانت تعمل ولكن بدون تركيز ، كان كل تركيزها في أمـر عبدالرحمن ، شعرت انها مشتتة كثيراً ، اخذت تسأل نفسها عدة مرات هل توافق ويمكن ان لا يُشفـي وتعيش باقي العمر هكذا ، ام ترفض وتعيش مع مهـا وكرهها اللانهائى ، شعرت ان عقلها سينفجر حقا من كثرة التفكير ..
    كانت دائما تلجأ الي الله والان ايضاً ستلجأ الي الله ، ابعدت الورق ولملمته ببطئ ثم نهضت واتجهت للمرحاض في غرفتها ، توضأت وتجففت ثم ارتدت الأسدال الخاص بها وشرعت في الصلاة لتستخير الله ..
    بعد قليل انتهت وتنهدت بإرتياح ، ظلت تفكر لدقائق ولكنها حسمت قرارها وستتحمل عواقبه مهما كانت ..

    بينما في منزل عبدالرحمن منذ ان عاد وهو جالس في غرفته ينظر للفراغ ويفكر ، لم يحبها ولكنها فتاة اى شخص يتمناها ، لأول مرة يشعر ان لديه نقص بالفعل ، ظهر التقززق والكره علي وجهه وهو يتذكر حبيبته السابقة ، جعلته يعاني حتي بعد ان تركتـه ، زفـر بضيق شديد ومسح علي شعره الأسود ببطئ ..
    فجأة وجد والدته تدلف للغرفة دون ان تطرق الباب ويبدو انها غاضبة ، صاحت فيه بغضب قائلة ..

    _ بردو عملت الي في دماغك وقولتلها يا عبدالرحمن

    اغمض عبدالرحمن عيناه بضيق وهو يتنهد ثم رد بصوت رخيم قائلاً ..

    _ ايوة يا امي مكنش ينفع اخبي عليها ولما نتجوز لو الحالة جاتلي تكتشف فجأة كنت هبقي خدعتها

    ثم صمت وهو يبتلع غصة مريرة في حلقه واكمـل بــ ..

    _ وانا مجرب يعني اية خداع ومش عايزها تشرب من نفس الكاس خالص

    جلست والدته بجانبه وجزت علي اسنانها بغيظ وادركـت ان الغضب لن يفيد مع عبدالرحمن ولابد من استخدام اللين معه واقناعــه ..
    استطردت بهدوء مصطنع قائلة :
    _ يا حبيبي انا عايزة مصلحتك ، رضوى بنت محترمة وكويسة وكل الصفات الحلوة فيها ولو عرفت هترفض ومحدش هيوافق عليك تاني دة احنا ما صدقنا انهم وافقوا ، تقوم انت بكل بساطة تقولها

    مطت شفتيها بإعتراض ثم اكملت بخبث قائلة : يعني بتقولها ابعدى عني ، انما لو كنت ماقولتلهاش كان زمانكوا عايشين احلي حياة وانت اصلا معندكش نقص !

    هز عبدالرحمن رأسه نافياً وهو يقنـع نفسه ان ما يريده الله فقط هو الذى سيحدث وأنه فعل الشيئ الصحيح ..
    هز رأسه مرة اخرى كأنه ينفض كلام والدته الغير معقول من رأسـه ثم ابتسم ابتسامة هادئة راضية ..

    _________________________

    في منزل عمــر ،،،

    كانت شهد تسير ذهاباً وإياباً وتقضم اظافرها وهي تفكـر في عمر ، كانت مغتاظة منه بشـدة ، تذكـرت وصوله إليها في الوقت المناسب في تلك الشـقـة ..
    قررت ان تصعد وتسأله عن كل هذا الغموض في حياته والأشياء التي لم تفهمها ابداً في تصرفاته ، تنهدت بعزم ثم اتجهت للأعلي لغرفته بخطوات ثابتة ووصلت امام باب غرفتـه وزفرت ثم طرقت الباب بهـدوء ..
    كان عمر مستلقي علي فراشه بهـدوء مغمض العينين ولكنه لم يـنـام أو لم يستطع ان ينام ، نهض عندما سمع طرق الباب بهدوء ثم فتح الباب فجأة لتشهق شهد من المفاجأة ، وضعت يدها علي صدرها وهي تتنفس بسرعة قائلة بهدوء ..
    _ حد بيفتح الباب فجأة كدة خضـتـنـي

    رفـع عمر حاجبه الأيسـر ثم ثم هتف بصوت أجـش قائلاً ..

    _ في اية يا شهد عايزة اية ؟!

    ارتبكت شهد علي الفور بالرغم من انها كانت مستعدة لتلك المواجهه .. مواجهه الأســد .. الحرب التي تباح الخسائر فيها ..
    حاولت جمع شتات نفسها وارجعت خصلات شعرها الذهبي خلف اذنـهـا مرددة بإرتباك واضـح ..

    _ عـمر لو سمحت عايزة أتكلم معاك في موضوع كدة

    نظر لها عمر بهدوء وصمت ثم خرج من صمته قائلاً بصــوت صــلـب ..

    _ أنزلي وانا جاى وراكي

    اومأت برأسها بسرعة واستدارت لتغادر كأنها كانت في قفص وصاحبه فتحه لها وسمح لها بالخروج ..
    نزلت للأسفل وهي تحدث نفسها بغيظ ..

    _ يووه يا شهد هو انتي كل ما تكلميه هتتوترى كدة ولا اية

    _ انتي بتكلمي نفسك ولا اية !

    هتف عمر بتلك الجملة وهو يقترب منها واضعاً يده في جيب بنطاله يحدجها بنظرات هادئة ، تلك التي تشبه هدوء ما قبل العاصفة ، رأها وهي تهز رأسها وتنظر امامها كأنها تحدث نفسها ..
    اجابته بتلعثم قائلة : اكيد آآ لا طبعا

    اومأ برأسه وهو يجلس علي الأريـكـة ويقول بـهـدوء حــذر ..

    _ قولي كنتى عايزة تقولي ايـة بـقــا ؟

    تنـهدت وهي تحمس نفسها للحديث ثم استطـردت بثبــات قائلة ..

    _ انا عايزة أفهم كل حاجـة يا عـمـر

    كانت نظراته مُركزة عليها وكانت كفيلة أن تثير توترها مرة اخرى ، فركت اصابعها بتوتر ثم نظرت له مرة اخرى وهي تقول بصـوت قــاتــم ..

    _ يعني عايزة أفهم ازاى وصلتلي في الوقت المناسب لما لحقتني ولية ودتني الكوخ ولية جيتلي تاني

    لمس طـرف أنفـه بأصبعه الأسمر ولم يندهش ولو قليلاً حتي كأنه كان متـوقع أنها ستتحدث عن هذا المـوضوع ..
    ولأول مرة يجيبها بهـدوء وتوضيح قائلاً ..

    _ انا هشرحلك كل حاجة يا شهد

    فلاش باك

    بعد حديثه مع شهد تلك المرة خرج من المنزل وهو يفكر كيف يمكن ان يجعلها تظل ولا تحاول الهرب الي اى مكان ، بحكم خبرته ومعرفته لشخصية شهد هي لن تظل ابدًا وحتمًا ستحاول ان تذهب ، ولكنها ايضًا شخصية عنيدة لا يريد ان يُجبرها علي اى شيئ ..
    خطـرت له فكرة لن تعرفها ولكنه سيكون مطمئن ، اخرج هاتفه من جيب بنطاله واتصل بأحدى رجاله وصديقه في الوقت نفسه ووضعه علي اذنه ليأتيه صوت عمار قائلاً بهــدوء ..

    _ الووو عمـر باشا
    _ الوو يا عمار ، اسمع كويس الي هقولهولك ، انا عايزك تيجي عند بيتي الوقتي حالاً وتمشي ورا واحدة من غير ما تحسسها ولا تعرف اى حاجة وتقولي هتروح فين وهاتعمل اية
    _ مممم تمام تمام
    _ يلا بسرعة ماتتأخرش
    _ حاضر مسافة السكة اهوو

    اغلق معه وتنهد بإرتياح ، ستكون تحت عيناه ويطمئن ألا يصيبها مكروه ولن يضايقها ايضًا ..
    كان عمار يقطن في منزل قريب من منزل عمر وأتي علي الفور بسيارته الخاصة وذهب خلف شهد وهو يخبر عمر بما يحدث اول بأول حتي وصلت الي تلك الشقـة وقد حدث ما حدث ...

    بــــاك

    نظرت له شهد نظرات هادئة يشوبها بعض الغضب ، حاولت التفكير بعقلها وليس بعواطفها فهذا هو الطريق الصحيح ..
    اردفت بتساؤل قائلة : وبالنسبة لساعة الكوخ بقا يا عمر ؟

    نهض عن الأريكة موجه نظره للأعلي ثم تنهد وهو يقــول بغـموض يشوبه التهكم ..

    _ انتي عايزة تعرفي كل حاجة ف وقت واحد ، قولتلك كل حاجة بوقتها وماتستعجلييش خالص دورك جاى ... !

    ______________________

    في منــزل حــســن ،،،،

    اقترب حسن منهم بسرعة وهو يحاول ان يبعدهم عن بعضهم ولكن مها كانت غاضبة وبشدة ، شعر حسن ان شعر تلك الفتاة سوف يختلع في يد مها من شدة غيظها ..
    وبعدة محاولات مريرة ابعد مها عن الفتاة بصعوبة كبيرة وهو يتنهد بتعب ، نظر له بتعجب ثم هتف بسخرية قائلاً ..

    _ اية يا مها انتي بتاكلي اية حرام عليكي

    نظرت له مها نظرات حادة قاتلة والغضب يسيطر علي ملامح وجهها ليعطيها مظهر جامد ، من يراها يشعر انه بركان سينفجر ..
    ردت بتـوعــد شـرس قائلة ..

    _ بقااا انا بتخوني يا حسن ، عشان كدة مابتردش علي تليفوناتي الفترة دى انا هوريك انا ميين

    ثم نظرت لتلك الفتاة التي احمر وجهها الأبيض من الألم الذى اصابها من ضربات مها الشديدة واصبحت تفرك خصلات شعرها حتي تخفف الألم قليلاً وتآوهت وخصلات شعرها تتساقط في يدها ..
    حدجــتها مـهـا بغضب جامح ثم اكملت بغيظ قائلة ..

    _ وانتي هأطلبلك بوليس الاداب يا حيوانة

    شهقت الفتاة بخوف وهي تضع يدها علي فاهها بصدمة ثم نظرت لحسن لتجده حاله لا يختلف عنها كثيراً ، كان حسن يعتقد انها ضعيفة وحتي إن اكتشفته لن تستطيع فعل اى شيئ ، ولكنه لم يعمل بالمقولة التي تقول " أتقي شر الحليم اذا غضب "
    حاول تهدأة الوضع بخبث معتاد وهو يقول ..

    _ امشي يلا انتي يا مريهان حالاً

    اومأت الفتاة بسرعة ولم تعترض حتي واتجهت للغرفة بالداخل وارتدت باقي ملابسها بهلع ثم خرجت وذهبت من امامهم دون اى كلمة اخرى وتتابعها نظرات مها المفترسة ..

    _____________________

    في منـزل عــمـر ،،،

    استكانت شهد وهي ممدة علي الأريكة بهمدان ، كانت تتنهد وهي تفكر وكلام عمر يتردد في اذنيها ، كان محق فيما فعل بالطبع ، ولكن لماذا يفعل ذلك إن كان لا يحبها ! .. لما يقلق عليها اذا كانت لا تهمه ، ظهر شبح ابتسامة علي وجهها وقد وصلت لها الفكـرة ، نعم .. هو يحبها وإلا لما كان يفعل ذلك ابداً ..
    لمحت عمر وهو يسير متجهاً للأسفل وواضع الهاتف علي اذنه ويتحدث ، اغمضت عيناها علي الفور وادعت انها نائمة بمهـارة فهي تفعل هذه الحركة منذ الصغر ولا يكشفها اى شخص ..
    وصل عمر امامها وألقي عليها نظرة سريعة وهو مستمر في الحديث ثم اتجه للمطبخ بهدوء ، اتسعت مقلتاها بصدمة وفتحت عيناها وهي محدقة ونظراتها مسلطة عليها عندما سـمعـته يقول ..

    _ تمام اوى ، انا هأسلمهالك النهاردة بليل
    _ ............................
    _ لا لا مين دى الي احبها انت مجنون
    _ .............................
    _ انا اتجوزتها بس عشان تطمن بس
    _ ......................
    _ ههههه ماشي تعالي النهاردة بليل وهأطلقها وخدها دة انت هتريحنـي منها ........ !!


    الفصل الـحـادى والعــشـرون :

    ظلت محدقة به بصدمة غير مصدقة لما سمعته اذنيها ، اغمضت عيناها وامتلأت عيناها بالدموع ، اخذت نفساً عميقاً واخرجته ببطئ وهي تضع يدها علي صدرها لتهدأ نفـسها .. اخذت تتسائل هل كان سيتخلي عنها ويبيعهـا !! ، ألهذه الدرجة يمقتها ، هل فسرت ما حدث خطأ !! .. 
    بدأت دموعها بالهطول بغزارة وهي تتذكر كلماته التي كانت تطعنها كالسكين الحاد في حين انتهي عمر من مكالمته وأعد له كوبـاً من الشاى ، واتجه للخارج بهدوء ، نظر علي شهد ودقق النظر في وجهها ، كان ينظر لها بتمعن شديد ، كانت تحاول ان تظهر ان نائمة ولكنها كانت ترمش ودموعها تسقط لا اراديـًا ، اقترب منها عمر ومد يده ليمسح لها دموعها ولكن تراجع باللحظة الاخيرة وابتعد وغادر لغرفته ..
    كان لا يعرف سبب بكاؤها ولكنه يعرف أنه تأثر بدموعها ولو قليلاً
    وصل الي الأعلي والقي نظرة اخيرة عليها ثم دلف الي غرفته وهو يفكر ..
    فتحت هي عيناها وظلت تشهق بصوت مكتوم ، والألم يغزو قلبها مما سمعته ، حاولت كتم شهقاتها وظلت تتنفس ببطئ وتحاول ان تهدأ نفسها ..
    ولكن تساءلت اين ستذهب وماذا ستفعل ! ليس لها مأوى هنا ابدًا ، تمنت لو انها ذهبت مع مصطفي علي الأقل ستكون بين اناس تعرفهم ، ظلت تفكر لدقائق ماذا ستفعل وقررت ان تتجه وتطلب منه الحل الوحيد وهو .. الطــلاق
    نهضت ومسحت دموعها وهي تنظر للفراغ بتحدى كأنها تنظر له ، نظرت للأعلي واتجهت بخطوات واثـقــة ..
    وصلت امام غرفته ثم طرقت الباب ، لم تجد اجابة ، مدت يدها للمقبض وفتحته ودلفت بهدوء وحذر ، نظرت لتجده مسطح علي فراشه ونائم ، اقتربت منه ببطئ وتأملت هيئته تلك ، كان هادئ جذاب كالملاك ، هزت رأسها لتنفض تلك الافكار وكادت تبتعد إلا انها وجدته فجأة يفتح عيناه ويمسك شهد من معصمها ليجذبها علي الفراش وهو فوقـها ..
    توردت وجنتاها خجلًا وتوترت علي الفور ، اصبحت دقات قلبها وأنفاسها مضطربة وهي محدق بها بعيونه التي تشبه عيون الصقر ، كانت أنفاسه تلفح في وجهها ، اغمضت عيناها وحاولت اخراج الكلمات بصعوبة قائلة ..

    _ آآ ابعد ابعد عني لو سمحت

    دقق في عيونها وأقترب منها ، اغمضت هي عيونها بسرعة في حين ابتسم عمر ابتسامة عفوية علي خجلها ثم هتف بصوت أجش قائلاً ..

    _ كنتي عاوزة حاجة ولا اية ؟

    ردت بأرتباك وهي مازالت مغمضة العينين ..
    _ آآ اه قصدى لأ ، اه عايزة عايزة بس آآ اوعي عشان اعرف اتكلم

    ثبت يده علي ساعديها علي حافة الفراش ثم اكمل بخبث قائلاً ..

    _ وهو حد قالك تيجي تبصي عليا وانا نايم اصلا ، انتي الي جبتيه لنفسك

    زادت دقات قلبها بسرعة شديدة واصبحت تخرج انفاسها ببطئ ، لم تتفوه بكلمة قط ، اقترب منها اكثر ونظر لشفتاها الحمراء وقبلها بنهم ، حاولت هي ابعاده بقبضة يدها ولكنه كان أقوى منها ، ابتعد عنها بعد ثواني وهو يقول بلؤم ..

    _ دة عقابك عشان متعمليش كدة تاني

    ابعد يده عن يدها فدفعته بقوة ونهضت بسرعة ، تعجب قليلاً ولكن لم يعلق ، نظر لها بهدوء ثم اردف بصوت قـاتــم قائلاً ..

    _ خير كنتي عايزة اية ؟

    صمتت لثوانٍ معدودة وفجأة غيرت مسار حديثها واجابته بــ ..

    _ انا آآ انا عايزة اشتغل يا عمر

    اندهشت من نفسها ولم تعرف لما خانها لسانها ، هي قررت وحسمت قرارها وكانت ستطلب منه ولكن لما توقفت ولم تخبره ، هل وافقت علي بيعه لها واستسلمت بهذه السهولة !! ..
    عقد حاجبيه وهو يحدجها بنظرات هادئة ثم استطرد بنـزق قائلاً ..

    _ اية ، تشتغلي ودة لية ان شاء الله ، وماتنسيش انك بقيتي مراتي يعني مسؤلة مني

    ظهر شبح ابتسامة علي وجهها عند سماعها لكلمته * مراتي * ، اخفتها بسرعة ولامت ذلك القلب الذى يستسلم له بسهولة وينسي اى شيئ ..
    تابعت بجدية قائلة : ايوة بس انا عايزة اشتغل مليش دعوة

    وجدته ينظر لها بحدة ، فكرت بسرعة وادركت انه لن يوافق إلا بتقديم مبرر مقنع له ، ظلت تنظر حولها وهي تفكر ثم اردفت برجــاء قائلة ..

    _ معلش يا عمر أنا زهقانة صدقني

    هز عمر رأسه نافيًا وهو يرمقها بنظرات صارمة اعتادتها منه ، زفرت بضيق شديد ونظرت له وهي تهتف بغضب طفولي ..

    _ يوه ، كل حاجة لأ لأ ، انت رخم اوى

    استدارت لتغادر بسرعة وهي تضع يدها علي فمها ، استدركت نفسها والكلمة التي قالتها فخرجت بسرعة لتفادى ذلك البركان الذى يمكن ان ينفجر بوجهها ..
    توقفت عند سماع عمر وهو يقول بجمود ..
    _ بليل في ضيوف جايين ، جهزى نفسك

    شحب وجهها فجأة وتوقفت ، في تلك اللحظات نسيت تماماً ذلك الأمر الذى يؤلمها ، يؤلمها وبشدة شعورها انها سلعة تُشترى وتُبـاع !! ، ولكن هي من فعلت ذلك ، هي من لجأت لشخص لا تعرفه ، شعور بالعجز والحزن تملكها وكأن ارجلها قُيدت ولا تتحرك ، سارت بصعوبة شديد وبطئ وكلماته تترد فـي اذنــها ... !

    ______________________

    في منــزل حــســن ،،،،

    كانت مها تقف عاقدة ساعديها تنظر لحسن بحدة وغضب وصرامة ، كل هذا تجمع في مها كالبركان الســائر ، تنهد حسن ثم نسح علي شعره الخفيف برفق وفكر سريعـًا ، خرجت مريهان واغلقت الباب خلفها ، هنا تنحنح حسن بحـرج قائلاً ..

    _ مها ممكن نقعد عشان نعرف نتكلم

    جزت مها علي اسنانها بغيظ شديد وحاولت تمالك نفسها ، سارت معه بترقب حتي وصلوا للصالون وجلسوا وجلس حسن ملاصقاً لها لا يفصلهم سوى بعض السنتيمترات ، نظرت مها امامها ولم تنظر له ، اردف هو بخـبث قائلاً ..

    _ معلش يا مها متزعليش مني

    رمقـته بنظرات حادة ليستدرك نفسه قائلاً ..
    _ صدقيني دى كانت لحظة شيطان لكن انتي عارفة إن مفيش في قلبي غيرك

    نهض عن الأريـكة وهو يبتسم بلؤم وقرر ان يأخـذ هذا الموقـف لصالحه ، حاول إظهار الحزن في نبـرة صوتـه وهو يقول ..

    _ ثـم إنك يا مها مابترضيش تيجي تقابليني كتير ، وانا آآ وانا راجل وليا احتياجات يا مها

    كأنه نجـح في إطفـاء بعض من الحريـق الذى كان يشتـعل بداخلها ، نظرت له بتفكير وهي تحاول إقـناع نفسها ، هي شخصيـا لا تريد الإبتعاد عنه وتختلق الأعــذار دائـما له ..
    هتفــت بنبـرة متـذمـرة قائلة : ما انت عارف انه غصب عني يا حسن

    نهضـت ثم تقدمت منه حتي اصبحت امامه ومدت يدها وجعلته يستدير لها ثم ابتسمت ابتسامة هادئـة وقالـت ..

    _ خلاص يا حسن ، متزعلش وأنسي وانا صدقني هأحاول أجيلك كتيـر

    ابتسم ابتسامة شيطانية خبيثـة وقد نجح في مخططه ، مد يده وقربها منه واحتضنها بحنـان زائــف ، ضمته هي بشدة وهي مبتسمة ، لم يخطر لها أنها فريسـة وقد وقعـت في المصـيــدة .. !

    ______________________

    في الصعـيد ( منـزل والد شهـد ) ،،،

    كان والد شهد يجلس علي فراشـه ويبدو التعـب علي معالم وجهه ، يسند ظهره علي خدادية صغيرة ويجلس بجواره محسن الذى كان ينظر له بحزن ، هتف والده بـتعب شديد ..

    _ يا محسن انت لية ماعايزش تريحني يا ولدى بجـي ( بقـي )

    تنهد محسن ونظر للجهه الأخرى ، لم يخبر والده بما حدث ولم يخبره أنه وجد شهد بالفعل ولكنه ذهـب بـإرادته ، فضل أن يخفي عليه حتي لا يرهقـه اكثـر ..
    نظر له بهدوء وهتـف بصوت أجش قائلاً ..

    _ اريحك كيف طب يابوى ، جولتلك ( قولتلك) إني مالاجيتهاش ، وإن مصطفي جالي أنه هيدور عليها ويجيبها

    في هذه ايضـًا كذب ، هو لم يلتقي بمصطفي ولم يتحدث معه حتي منذ لقاؤه بعمه اخر مرة وادرك أن مصطفي لن يترك شهد بسهولة ابــدًا ، هتف والـده بحنـان قائلاً ..

    _ وحشتني جوى ( اوى ) يا ولدى ، نفسي اشوفها جبل ( قبل ) ما أموت

    محسن مسرعـاً : بعيد الشر يابوى ربنا يطول في عمرك

    وضع والده يده علي قلبه وهو يشعر بالألم ثم اصدر أنينــاً خافتـاً وهو يقول بحزن ..

    _ آآآه يا شهـد ، آآآه يابتي لو اعرف ان كل دة هايحصل مكنتش غصبتك خالص

    زفـر محسن بضيق وود لو يقـل له ، حـُسم الأمر وانتهـي ، لن يفيد هذا الكلام ، مصطفي وضع الهـدف الأول والأخير في حياته .. أن تصبح شهـد له ..

    ___________________

    في منزل رضــوى ،،،،

    كانت رضوى تقـف في الشــرفـة بهـدوء تضع طرحة صغيرة رقيقة لتدارى شعـرها الأســود النـاعـم ، وفي يدها هاتـفها ، كانت مترددة وبشدة من إتخـاذها لهذا القـرار ، اخذت نفسـاً عميقـا واخرجته ببطئ ، كانت تنظر من الشرفه علي الشارع بهدوء ، تستنشق بعض الهواء النقـي لعله يفيدها ، ودت لو استطاعت أن تتحدث معه لتقنـعه برأيهـا او يقنعـها هو بالرأى المعـاكس ..
    فتحت الهاتف وبحثت عن رقم عبدالرحمن واطلقت تنهيدة حـارة وضغطت زر أتصــال ..
    فجأة سقط الهاتف من يدها في الأرضية وحدقت في الأسفل بصدمة غير مصدقه لما تراه عيناها ، وضعت يدها علي فاهها بصدمة شديدة وتجمدت ملامحها ..
    اخذت تهز رأسها نافية بهيستريا وهي تقول بصـدمة ..

    _ لأ لأ مستحييييل

    _______________________

    في منــزل عـمـر ،،،،

    جالس في الأسفل علي الأريكة امام التلفـاز يفترض انه يشاهد فيلم أجنبـي ولكنه غير منتبه له بالمرة ، كانت يتنهد كثيراً وهو يفكر ، تجلس شهد بجانبه ولكنها بعيدة إلي حداً ما ، شاردة .. تائهـه .. حزينـة ، نظرت لعمر بشـرود لم تبالي انه كان منتبه لنظراتها بل ينظر لها نظرات لم تفهمها ، هتف بهـدوء علي عكس حالتها قائلة ..

    _ انا اللبس الي عندى طقمين ، مش هاينفع مع ضيوفك ف هاقعد فوق وانت خليك براحتك مع ضيوف

    هز رأسه نافيـاً ثم قـال بإستنكــار ..

    _ تقعدى فوق !! ، لأ طبعا مش هايحصل

    رفع نفسه قليلاً واخرج الكريديت كــارت الخاص به من جيب بنطاله ، وامسكه في يده وهو يشير لشهد قائلاً بصوت قـاتم ..

    _ خدى الكريديت كارت بتاعي وروحي اشترى ليكي هـدوم وواحد هيوديكي

    زفرت شهد بضيق حقيقي وأدركت أنه لا مفــر من هــذه المواجهه ، نهضت وتقدمت منه ببطئ ثم مدت يدها واخذت الكارت ليخرج عمر هاتفه من سترته ويتصل بـعمار ويرد عليه عمار فيخبره عمر ان يأتي للمنزل ليصل شهد لإحدى الاسواق ، وافق عمار واخبره انه سيأتي في خلال دقائق ، بالفعل في خلال عشر دقائق وجدوا الباب يدق ، ذهبت شهد لتفتح وعمر مازال جالس مكانه ، فتحت ونظرت للجهه الاخرى لتتحاشي النظر لعمار ، دلف عمار ثم تنحنح بحرج قائلاً ..

    _ ازيك يا مدام شــهــد

    اومأت شهد دون ان ترد وحاولت رسم ابتسامة صفـراء علي وجهها ، ليدلف عمار ويصل امام عمر ، نظر له عمر بهدوء واردف بجدية قائلاً ..

    _ عمار معلش عايزك تودى شهد محل من المحلات الشيك عشان تشترى طقم

    اومأ عمـار وهو يـرد بتـرحاب قائـلاً ..

    _ تمام اتفضلي يا مدام شهــد

    استدارت شهد لتذهب وخلفها عمار ، سمع عمر وهو يقول بهمس وتحذيـر ..

    _ خلي بـالك منها يا عـمـار

    _ ماتقلقش خــالــص يابووس

    قالها عمار وهو يسير خلف شهد متوجهـاً للخارج بهدوء ، وصلوا معا امام السيارة وتقدم عمار وفتح باب السيارة الخلفي وهو يقول لشهد بـرسمية ..

    _ اتفضــلي

    ركبت شهد بهدوء واستدار عمار واستقل سيارته واتجهوا لأحدى المـول التجـارى ..

    ________________

    في المــــول ،،،،

    وصلوا ثم ترجلوا من السيارة سويـا ، يسيروا معا ، دلفوا للمول وشهد تنظر حولها لتتفقد المول في كل مكان ، هي كانت تخرج في بلدها وتشترى وتذهب لمحلات فاخمة ولكن ليس كهذا ، نظرت للأسفل وسارت هادئة حتي لا يلاحظها احد ، وصلوا لمحل لملابس السيدات ودلفت وخلفها عمار ، ظلت شهد تتفقد الملابس وتبحث عن طقم جذاب جميل ، علي الرغم من انها تعرف انها ترتديه لشاريها الا انها كانت تنتقي بهدوء ..
    اختارت فستان سواريه من اللون الاحمر ، مطرز برقّة ، دون اكمام ، ضيق من الاعلي لينزل علي واسع ، له حزام عند الصدر ، اختارت معه ( بلرو ) من اللون الاحمر المُشجر ، جلبت بعض مساحيق التجميل ايضا ، لم تعرف لما تفعل ذلك ولكنها .. تفعله ، تنهدت بإرتياح ودفعت بالكارت الخاص بعمر وانتهوا ثم خرجوا كما اتـوا ..

    وصلوا امام المنزل وترجلت شهد من السيارة في يدها الفستان ولم تنتظر عمار ، طرقت الباب وفتح لها عمر ، دلفت واتجهت للأعلي دون نطق اى كلمة ولم تنظر له حتي ، تعجب عمر ومط شفتيه بعدم رضا ثم هتف بجدية ..

    _ الساعة 7 تكونى لابسة

    لم ترد واكملت سيرها ، اتي عمار وتحدث مع عمر قليلاً ثم ذهـب بعد فترة ليست بكبيرة

    اسـدل الليل ستـائـره ، كانت شهد حبيسة في غرفة تود البكاء ولكنها تمنع نفسها بصعوبة شديدة ، نظرت للساعة لتجدها السادسة ، نهضت واخرجت الفستان وبدأت ترتديه ، بعد قليل انتهت من ارتدائه ونظرت لنفسها في المرآة ، كانت شهد جذابة من دون اى مساحيق تجميل ، صففت شعرها الذهبي بهدوء شديد وبدأت بوضع بعض مساحيق التجميل الرقيقة والخفيفة ، نظرت لنفسها قد كانت جميلة بالفعل ، ابتسمت بحزن ، دقت الساعة السابعة تنهدت شهد وكأنها تعلن سجنها الابـدى او اعدامها ..
    اتجهت للأسفل بخطوات واثقة ، وصلت للأسفل لتجد عمر يجلس مع شخص ، من يراه يعطيه ثلاثون سنة ، يرتدى حلة رسمية ، شعره خفيف ملامحه هادئة ، لفت انتباهه شهد التي كانت امامهم ، نظر الرجل لها بإعجاب شديد ولمعت عيناه ، في حين نظر لها عمر بدهشة واعجاب وحـب .. !
    افاق علي صوت الرجل وهو يقول بأعجاب صريـح ..

    _ مـووووزة موزة يعني

    نظرت شهد للأرض بخجل من كلمته ولم تعلق في حين احتقن وجه عمر ونظر له بغضب ، لم يتحمل ان يبدى اعجابه حتي بها ، اذا ماذا سيفعل عندما تصبح لغيره .. !
    تنحنح الرجل قائلاً بحمـاس : يلا يا عمر عشان نمشي احنا

    اغمض عمر عيناه ليهدأ نفسه وتنهد ثم قال بجمـود ..

    _ ماشي يا فارس ، روحى معاه يا شهد وورقتك هتوصلك ع بيتــه

    حدقت شهد به بصدمة ، كانت تتوقع ان يتمسك بها ولو قليلاً ، كان صدرها يعلو ويهبط من التوتر والخوف من نظرات ذاك الرجل الذى كان يأكلها بعينـاه ..
    اقترب منها فارس وامسك يدها برقة مصطنعة ، ارادت شهد ابعاد يدها ولكنه ضغط عليها بقوة وابتسامة زائفة مرسومة علي وجهه ، زفر عمر ولم يبدى اى رد فعل ، في حين سار فارس وهو ممسك بيد شهد متجه للخـارج و......................

    الفصـل الثـانـي والـعشــرون :

    كانت شهد تلتفت له كل ثانية والدموع في عيناها ، تحدقه بحزن كأنها تترجـاه ان لا يتخـلي عنـها ، وكان فارس يسير وهو ممسك بيدها جيدًا كأنه يجـرها معه ، حاول عمـر ان يتحاشـي النظر لها ونظر للجهه الأخرى ، كانت دقـات قلبه في قفصه تتسـارع بشكل ملحوظ كأنها تعلن رفضهـا للبعد عنها ، تذكـرها وهي تبكي وتقول له ان لا يتركها ووعده لها بعدم تركها ، كادوا يخـرجوا من المنزل بأكمله ألا انه لم يتحمل اكثر من ذلك ، نظر لهم ثم صـاح بسـرعة قائلاً ..

    _ شــــهـــد

    توقفت عن السير بسرعة والتفتت مرة اخرى ثم ابعدت يد فارس عنها وركضت للداخل مرة اخرى ، اندهش فارس وظهر الغضب علي معالم وجهه جليـًا ، وصلت شهد امام عمر وظلت تنظر له نظرات لوم وعتاب ، في حين اقترب هو منها ثم احتضنها بحنان ، حاولت ابعاده عنها في البداية ولكنه ضمـها بقوة ، اخذ يشتم رائحتها وهو مغمض العينين ثم قـال بهمـس ..

    _ حاولت بس مش عارف ، انتي عملتي فيا اية

    شرعت شهد في البكاء وضمته بقوة وهي تبكي ، لا تعرف دموع الفرحة لأنه لم يفعل ما كان يود فعله ، ام دموع الحزن لأنه كان يريد ان يتخلي عنها ..
    في نفس اللحظات كان فارس يتابعهم بنظرات غاضبة .. حاقدة .. تشع منها النيران ، حاول السيطرة علي غضبه ثم اقترب منهم اكثر ونظر لعمر ثم هتف بصوت أجـش قائلاً ..

    _ عمر ، اية الي بيحصل دة

    ابتعد عمر عن شهد وجعلها تقف خلفه ، بمجرد ان رأت شهد فارس والخوف دب اوصالها من ان يقتنع عمر بكلام فارس ويتركها ، نظر عمر لفارس بهدوء ثم أردف بصــرامـة قائلاً ..

    _ الي انت شايفه ، مراتي وبحضنها !

    جـز فـارس علي اسنانه بغيظ ونظر له بحدة ثم تـابــع بنبـرة غليـظة قائلاً ..

    _ بس احنا اتفقنا والمفروض نمشي

    اقترب عمر منه حتي اصبح امامه تمامًا ثم امسك بـ لياقـة قميصه وعدلها وهو يهمـس في اذنـه ببـرود قائـلاً ..

    _ لأ منا ماقولتلكش ، مش انا رجعت في الاتفاق دة وشهد هاتفضل مراتي ومش هاتروح مع اى حد

    كانت شهد كالسجين الذى ينتظر الحكم عليه امام قاضيـه ، كانت تنظر لعمر نظرات رجـاء وخـوف ولفارس نظرات كارهه غاضبـة ، في حين نظر فارس لعمر وعيناه السوداويتين يشع منهما الغضب وهتف بحـدة قائلاً ..

    _ بس هاتدفـع تمن دة كتير اوى يا عمر ومتعرفش الريس هايعمل اية لما يعرف

    نظر له عمر نظرات اشمئزاز وبرود ، ابتعد قليلاً ثم وضع يداه في جيب بنطالـه الجينـز ، وأكمـل بنفس البـرود بل اكثر ..

    _ طـززز ، ويلا ورينـي عرض اكتافك

    تملك الغضب من فارس واخذ يتوعد لعمر في نفسه ونظر لشهد بحدة وشهوة ، لاحظ عمر نظراته لشهد وارتجاف شهد وخوفها ، اقترب من فارس بسرعة ومسك فكه وضغط عليه بقوة وهو يقول بشراسـة ..

    _ انا لحد دلوقتي ماسك نفسي بالعافية بس اقسم بالله لو ما مشيت دلوقتي هارتكب جريمة وانت اكتر واحد تعرف إني مابخافش خالص

    تملك بعض الخـوف والقلق من فارس ، فهو علي حق ويعرف عمر جيدًا لا يأبـه بشيئ وليس بشيئ جديد عليه ان يقتـل .. !

    استدار فارس وأولاهم ظهـره ثم غادر وبداخله يتوعد لهم وبالأخـص لعمر ، في حين وجه عمر نظره لشهـد ونظر لها بهدوء ، وجدها مثل الكتـكوت المبلل ، تنظر بخوف والدموع تملأ عيناها ، اقترب منها ثم هتف بهـدوء حـذر ..

    _ شهد انا عارف إن آآ ..

    قاطعته شهد بحركة بيدها وهي تنظر له بحدة ثم مسحت دموعها بطرف اصبعها وتابعت بصرامة قائلة ..

    _ انت عارف ان اية ، عارف ان انت كنت هاتبيعني ، عارف ان انت كنت هتودى مراتك مع واحد غريب يا استاذ يا محترم ، عارف ان انت نزلت من نظرى اوى ، عارف ان انا بلعن اليوم الي حبيتك فيه

    صمتت للحظات وهي تنظر له بينما كان يحدجها هو بنظرات هادئة ، لنقل انه هدوء ما قبل العاصفة ، نزلت دموعها رغم محاولاتها ان تبدو صامدة قوية امامه ، ثم اكملت بحـزن قائلة ..

    _ طب كنت سبتني اروح مع ابن عمي ، ع الاقل كان هايتجوزنى وهايصونى حتي لو بأكره ، عمره ما كان هايفرط فيا بسهولة

    قاطعها عمر بعصبية جليـة علي وجهه وظهرت عروقـه في رقبته بــ ..

    _ بس مافرطتش يا شهد ما فرطتش فيكي ، كنت عايز ابعد عنك بأى طريقة ، مش عايزك تبقي ادام عيني دايما عشان بضعف معاكي ، كان فارس هايتجوزك وهايعاملك احسن معاملة ، بس ماقدرتش ، ماقدرتش اعمل كدة

    ثم اشار علي قلبه وزاد صوته حدة وغضب وهو يقول ..

    _ بس دة هو الي ماخلانيش اعمل كدة ، رفض .. رفض رفض نهائى وما طاوعنيش

    اقترب منها وامسك ذراعيها وضغط عليهم واكمل بحنان يشوبه الـألم قائلاً ..

    _ عارفة لية كل دة ، كل دة عشان ... عشان ....

    توقف عن إكمـال جملته في حين ظلت شهد ناظرة له ودموعها تهطـل بغزارة ، هتفت بكلمات متقطعـة قائلة ..

    _ لـ لية لية يا عمر ، لية ليية رد عليا لية

    ابتعد عمر عنها بسرعة واولاها ظهـره ثم تنهد تنهيدة تحمل الكثيـر واغمض عيناه ليفكر لثواني ثم اخذ يحدث نفسه ..

    _ لأ لأ مأقدرش اخون هند ابـدًا ، انا وعدتها إني مش هأنساها واستحالة غيرها يدخل قلبي مهما حصل

    التفت لشهد مرة اخـرى ونظر لها ببرود ثم أردف بجمـود قائـلاً ..

    _ أطلعي الاوضة نامي يا شهد وماتفكريش كتير ، انا مش هأحب تاني خالص مهما حصل

    تعجبت شهد من تغيره بهذه السىرعة ، فهو منذ ثوان فقط كان سيعترف لها بحبه ، كيف تحول فجأة هكذا وكأنه شخص لا تعرفه ، زفـرت بضيق شديد ثم استدارت دون نطق اى كلمة اخرى واتجهت للأعلي

    _____________________

    في منـزل رضـوى ،،،،

    جلست رضوى علي فراشها وقد عاودتها كل الذكريات الماضية القديمة ، نعم .. لقد رأت حبيبها السابق شهاب ، كان يسير بهدوء ويرتدى بدلـة رسمية سوداء ، ملامحه كما هي ، لم يتغير كثيـرًا ، شعرت كأنه تجسد في ماضيها ليطاردها ، ظهر الآن ليخرب عليها حياتها مرة اخرى ، شعرت انها ربما تتخيل من كثرة التفكير او ربما تحلم ، قرصـت نفسها برفق لعلها تفيق من هذا الحلم ولكن دون جدوى ، ماذا ستفعل الان ، كانت حياتها ستسير كحياة اى فتاة طبيعية ولكنه يبدو انه يظهر في الاوقات الخاطئة ليخبرها ان قلبها له ، له فقط ولا تستطيع إكمال حياتها مع شخص اخر ..
    وضعت يدها علي رأسها وضغطت عليها كأنها تريد ايقافها عن التفكير ، تكونت الدموع في عيونها وهي تتذكر ذاك اليوم ولكنها لن تسمح ان تكون ضعيفة امامه مرة اخرى ابـدًا ، رفعت رأسها وتنهدت ثم اتكأت بجذعها قليلًا لتمسك بهاتفها ، ضربت علي رأسها بخفـة وهي تتذكر مكالمتها لــ عبدالرحمن ، وجدت هاتفها مغلق ، فتحته ووضعته علي الفراش ثم نهضت لتخرج من الغرفـة ..
    خرجت لتجد والدتها ممدة علي الأريكة مغطـاة بـغطاء ويبدو عليها التعب ، اقتربت رضوى منها ثم سألتها بلهفة ..

    _ مالك يا أمي خير تعبتي اكتر ؟

    اومأت والدتها رأسها بتعب واضح ثم اجابتها بهـدوء غير معتـاد منها مع رضوى ..
    _ اه شكل البرد تقل عليا

    هزت رضوى رأسها نافية ثم مطت شفتيها بأعتراض وتابـعـت بلوم ..

    _ يا أمي قولت لك تعالي اوديكي للدكتور

    _ لأ انا هابقي كويسة بس معلش يا رضوى تطلعي الزبالة برة عشان الزبال يبقي ياخدها

    اومأت رضوى بهدوء ثم نهضت واتجهت لغرفتها واخرجت من دولابـها طرحة صغيرة وضعتها علي شعرها لتداريه بأكمله ثم خرجت متوجهه للمطبخ وجلبت السلة وفتحت الباب لتضع القمامة امام الباب ، فجأة وجدته يفتح الباب الذى امامهم ، صدمت وشحب وجهها وحدقت به ، كانت تعلم ان المنزل الذى امامهم سيُأجر ولكنها لم تتوقع ان يكون هو المُستأجر ، كما انها غير مستعدة ابدًا لهذه المواجهه الان ، افاقت بسرعة علي نظراته التي كانت تحمل الصدمة ايضـًا ثم استدارت بسرعة لتدلف واغلقت الباب ، سمعته وهو ينادى عليها بهدوء قائلاً ..

    _ رضوى استني

    وقفت خلف الباب واصبح نفسها مضطرب ، وضعت يدها علي صدرها الذى كان يعلو ويهبط اثر التوتر وهي تتنفس الصعداء ، جف حلقها وهي تتذكره ، ابتلعت ريقهـا ثم سارت بصعوبة متجهه لغرفتهـا مرة اخرى ....

    _____________________

    في منــزل حــسـن ،،،،

    كان حسن في المرحـاض يأخذ حمام سخـن بأستمتاع ، في حين مها في الغرفة ممدة علي الفراش بدون ملابس مغطاه بغطاء خفيف ، تنظر للحائط بسرحان ، بعد ثوانى افاقت من سرحانها علي صوت حسن الذى كان يدندن في المرحاض ، ابتسمت ابتسامة صغيرة ، ثم اعتدلت وجلست ، امسكـت بحقيبتها السوداء واخرجت منها دواء ( منع الحمل ) واخرجت منه قرص واخذت كوب الماء لتشربه ، ولكن توقفت فجأة وهي تفكر ، ابعدت الكوب عن فمها ثم قالت بهمس ..

    _ ولــيــة لأ

    وضعت الكوب علي الكمدين بجانبها ووضعت الدواء علي الحقيبة وفكرت ، ماذا سيحدث ان لم تأخذه ، لن يحدث شيئ ، بالنهاية حسن يحبها ..
    هذا ما كانت تعتقده هي ، ولكنها لا تعلم ان حسن شيطان مجسد علي هيئة بشر ، يسلي وقته بها فقـط ..
    سمعت صوت الماء تغلق وحسن يخرج من المرحاض ، رمت القرص بسرعة في سلة القمامة وحاولت ان تبدو طبيعية ، لمحها حسن وهي ترمي شيئ ، نظر لها بربية ثم سألها بهدوء قائلاً ..

    _ اية يا مهـا مالك

    اجابته مها بتلعثم قائلة : ما آآ مفيش يا حسن ، هايكون في اية يعني

    رفع حاجبه الأيسـر ثم قال بتهكم ..

    _ مفيش يا حسن ، امال مالك متوترة كدة لية لما هو مفيش

    ابتسمت ابتسامة صفراء لتخفي توترها ثم ملست علي وجهه برقـة وهمست بخبث قائلة ..

    _ في اية يا حبيبي هو تحقيق

    ابتسم هو وقد فهم مقصدها ثم نظر في عيناها واقترب منها ثم قبل جبينها وهو يقول بهـدوء حـذر ..

    _ بتاخدى برشام منع الحمل يا مها صح ؟

    ابتلعت ريقها بصعوبة وردت بــتوتر ..

    _ آآ اه اه طبعا باخد

    اومأ بموافقـة وارتياح ، وفي الوقت نفسه كانت مها تفكر في رد فعلـه عندما يعرف ، هل سيتركها ، لا لا حسن مستحيل ان يتركها ، اقنعت نفسها انه سيسعد كثيرًا عندما يعلم انه سيصبح أب بالتأكيد ..

    ____________________

    في مــــنــزل عــمــر ،،،،

    شهد في الغرفة تجلس علي الأريكة الصغيرة المجاورة للفـراش ، تستند بساعديها وترجع ظهرها للخلف موجهها نظرها للأعلي ، تفكـر في عمر ، لن تسمح له ان يبعيها وقت ما يشاء ويشريها وقت ما يشاء ، ولكنه لم يفعل ذلك ولم يتحمل ، ولكنه ايضـًا كان سيفعل ، يجب ان تبتعد عنه وللأبد وتحقق له رغبته ، ولكنها لن تستطيع الابتعاد عنه فهو اصبح ركن اساسي في حياتها ، يا الله ساعدني ..
    هكذا كانت شهد تحدث نفسها وافكار متضاربة تدور في عقلها ، العقل يحاول اقناعها انها يجب ان تترك عمر والقلب يحاول اقناعها ان لا تتركه ..
    اخذت نفسـًا عميقـًا واخرجته ببطئ ، وفكرت للمرة الاخيرة .. وقررت
    هزت رأسها كأنها تشجع نفسها ان ما اختارته هو الشيئ الصحيح ..
    نهضت عن الأريكة وفتحت باب الغرفة واتجهت للأسفل لعمر الذى كان حاله لا يختلف عن حالها كثيرًا ، تنحنحت بهدوء قائلة ..

    _ احم عمر

    نهض هو ببرود مستفـز ونظر لها بنفس البرود ثم هتف بتسـاؤل قائلاً ..

    _ امممم خير

    كأنه اشعل النيران بداخلها اكثـر ، جزت علي اسنانها بغيظ لتكبت غضبها وتمنع النيران من الخروج بوجه هذا العمر المستفـز بدرجة كبيرة ..
    ظهر الهدوء او البرود علي وجهها وعقدت ساعديها ببرود مماثل ثم اردفت بجمود قائلة ..

    _ عمـر طلـــقــنــي .......................... !!


    الفصل الثـالــث والعشـرون :

    حدق بها عمر بصدمة وهو فاغراً شفتيه ، كيف لها ان تطلب مثل هذا الطلب ، عي تحبه لا بل تعشقه ولا يمكن ان تبتعد عنه حتي لو لم يعترف لها بحبه ، لن تصبح لغيره مهما حدث ، هو وعدها ووعد نفسه مسبقـًا ،، في حين ظلت شهد كما هي علي وضعها تنظر له بجمود اتقنتـه ، اخذ نفسـًا عميقـــًا واخرجـه ببطئ ثم هتف بصوت قاتـم ..

    _ نعم ، انتي فاهمة انتِ بتقولي اية !

    اومأت شهـد ببرود متعمدة ان تستفـزة ثم اردفت بصوت حـاد قائلة ..

    _ منا مش هافضل مع واحد يبيع ويشترى فيا بمزاجه يا استاذ

    حاول تمالك اعصابه حتي لا يقوم بفعل اى شيئ احمق ، ثم نظر لها بهدوء و هتف بصرامـة قائـلاً ..

    _ وانا مش هاطلق يا شهد ، مش هاطلقك

    نظرت له شهد بغضب ، لم تنكر انها شعرت بسعادة داخلية الي حداً ما عندما رفض الابتعاد عنها ولو مرة ولكنها سرعان ما تذكرت ما حدث منذ قليل وافاقت وهي تتابع بنبرة غليظة قائلة ..

    _ اه عشان تبيع فيا براحتك صح

    رفـع يده ليضربها ، اغمضت عيناها بسرعة من الخوف ولكنه توقف وضم يده وضغط عليها بقـوة لينفث غضبه بها ، لام نفسه علي فعلته وعصبيته وجز علي اسنانه بغيظ ثم قال وهو يضغط علي كل حرف بدقـة ..

    _ شهد ماتنرفزنيش ، قولتلك انا مابعتكيش ولا عمرى هابيعك

    فتحت عيونها ونظرت له بقلق ثم ابتلعت ريقـها بصعّوبة واستطردت بخـوف ..

    _ عمر انت لية قاصد تعمل كدة ، لية كل ما بقرب منك بتخوفني منك اكتر من الاول

    اغمض عيناه وتنهـد بضيق ، علت قسمات وجه الحـزن والألم والغضب معـًا ..
    حاول تهدأة نفسه وتجسـد ماضيه كله امامه ، كل من قتلهم أطفال كبار صغار ، شعر بالألم المعتاد بالنسبة له يغزو قلبه مرة اخرى ، هتف بألـم واضـح قائلاً ..

    _ عشان ماينفعش تقربي مني يا شهد ، ماينفعش البراءة تتلوث بالوساخة .. !

    نظرت شهد له بحزن وتمعنت عيناه وهي تحاول ان تستشف ما يدور بداخله ولكن بالطبع فشلت فــ عمر شخصية غامضة بدرجة كبيرة يصعب التوقع بما سيفعله ..
    تسائلـت بفضول يشوبه اللهفة قائلة ..

    _ لية يا عمر احكيلي لية ، صدقني انا اكتر واحدة ممكن تساعدك وتتمنالك الخير ، حتي يمكن اكتر من نفسها

    هـز رأسه نافيـًا ثم تابع بصوت أجش قائلاً ..
    _ ماينفعش ، ماينفعش ترمي نفسك بنفسك في الدوامة دى ، دى مابتنتهيش يا شهد صدقيني

    نظرت له شهد بعدم فهم ، ماذا يقصد من " الدوامـة " ، هل هو نفسـه في دوامة ، تشعر كل يوم ان حمل فك هذه الشفرة في حياته يزداد يومـًا بعد يوم ، اخذت تتسائل هكذا وهي تنظر له بحيرة في حين استدار هو ليذهب ، كأنه جلبها علي اول الطريق وتركها بمفردها بعد ذلك ...

    ________________________

    في منـزل رضوى ،،،،

    جلست رضوى في غرفتها علي الفراش الخاص بها تضم ركبتيها الي صدرها تنظر للأسفل وهي شاردة ، شاردة في الماضي الذى دمـر حياتهـا بالكامل ، الماضي الذى جعلها تكره كل الرجـال ، خرج منها انينـاً هادئـا يظهر فيه القهـر والألم ، عادت للخلف بظهـرها وكأنها عادت بالزمن للخلف ، يوم تعرفهـا علي شهـاب ، كم كان شـابـًا لطيفـاً طيبـًا معها ، كيف يستطيع بعض الناس ارتداء قنـاع هكذا .. !

    سمعت صوت طفـل مهـا وهو يبكي ، نهضت عن الفراش وخرجت من غرفتها متجهه لغرفـة مها ، وجدت " سيف " يبكي ويصرخ ، اقتربت منه ببطئ ثم جلست بجانبه علي الفراش وهتفت بصوت حانـي قائلاً ..

    _ مالك يا حبيبي بتعيط لية ؟

    حاول سيف ان يكـــف عن البكاء وقال من بين شهقاته ..
    _ ماما سابتني وفكرت انى لوحدى وكنت خايف اوى

    احتضنته رضوى بحنان واخذت تربت علي شعره برفق لتهدأه ، تذكرت ما كانت تفعله مها مع زوجها لتنفصل عنه ، كيف كانت تعامله معاملة جافة وسيئة وغالبـًا ما كانت لا تعطيه حقوقه الزوجيـة !! ..
    منذ علم رضوى ما يحدث من مها قبل انفصالهم وهي توبخها وحاولت ان تعيدها لرشدها ولكن من دون جدوى ، تأففت ثم حدثت نفسهـا بغضب قائلـة ..

    _ استغفر الله العظيم ، مها دى ماينفعش تكون ام اصلا ، سايبة ابنها كدة ومش سائلة فيه كأنه عنده 20 سنة !

    سمعت صوت الباب يغلق فـعلمت انها مها ، تركت سيف بعدما نام واغلقت النور وتوجهت للخارج ، نظرت لتجد مها تدلف والسعادة باديـة علي وجهها ، نظرت لها بأشمئزاز وبداخلها تتوعد لها ، نظرت مها لرضوى ببرود وحاولت دخول الغرفة ولكن كانت يد رضوى تمنعها ، قالت بـأستفزاز ..

    _ عديني يا رضوى عايزة أدخل اوضتي

    نظرت لها رضوى بغضب شديد ثم امسكتها من ذراعها بحدة الي حدًا ما وسارت للخارج لغرفة رضوى ، حاولت مها التملص من قبضتها ولكن دون جدوى حيث كانت رضوى ممسكة بها بقوة ، دلفوا الي الغرفة واغلقت رضوى الباب ثم نظرت لمها نظرات اخافتهـا من رد فعلها ، هنا صاحت مها بضيق قائلة ..

    _ اية يا رضوى جيباني هنا لييية

    جزت رضوى علي اسنانها بغيظ شديد ثم اردفـت بتوبيـخ ..

    _ انتي اية ناوية تعقلي امتي ، سايبة ابنك الي عنده 6 سنين لوحده دايما مع ان الفترة دى المفروض تكوني اقرب واحدة له ولا انتي طلاقك جننك !!

    زمـت مها شفتيها بضيق واضح ثم تابعـت بنبـرة غليظـة ..

    _ وانتي مالك يا رضوى ، ابنك ولا ابني

    تنهـدت رضوى بغضب ثم استدارت لتخرج من الغرفة وهي تزمجر فيها قائلة ..

    _ ابنك بس لما يجراله حاجة مترجعيش تندمي ياست مها

    زفـرت مها بضيق وهي تفكـر في كلام رضوى ، فهي علي حق الى حدًا ما ، ولكنها لا تفعل شيئ خاطئ ولا تهمل ابنها ، هي ترعاه عندما تكون متفرغـة فـ في النهاية هو ابنهـا الوحيد ، اقنعت مها نفسها بهذا الكلام لتسكت ضميرهـا وهي تنظر للفـراغ ....

    _____________________

    في منـــزل عــمــر ،،،

    عمر في الأسفل يجلس امام التلفاز يشاهد احدى الافلام بتسليـة ، في حين شهد في الاعلي في غرفة خصصتها لها ، تفكر بضيق وغيظ ، تشعر ان عمر يعاني من مرض نفسي وغالبـًا إنفصام في الشخصية ، قررت ان تنزل وتتحدث معه مرة اخرى ولكن هذه المرة لن تصمت ابـدًا ..
    نهضت عن الفراش ثم هندمـت نفسها بسرعة وفتحت الباب واتجهت للأسفل ، رأت عمر وهو يجلس ليشاهد التلفاز والأبتسامة علي وجهه ، جزت علي اسنانها بغيظ فهي كانت في الاعلي تستشيط غضبـًا وهو يشاهد التلفاز براحـة ..
    اقتربت منه ببطئ وبخطـوات واثقـة ، رأهـا عمر ولكنه لم يبدى وكأنه لم يراها ، زاد اشتعال النيـران بداخلها ثم اقتربت اكثر وخبطت علي كتفـه بقـوة الي حدًا ما ..
    تآوه عمر بألـم من الضربـة المفاجئة علي مكان اصابتـه وامسك بكتفه في حين شهقت شهد وحدقت به بصدمة واضعة يدها علي فمها فقد نسيت تمامًا تلك الإصابة ..
    استدارت واقتربت منه بلهفة حقيقية ونظرت له بتسـاؤل وهتفت بلهفـة ..

    _ عمر انت كويس حصلك حاجة

    نظر لها عمر بهـدوء يتمعن النظر فيها وفي تلك اللهفة التي اظهرتها بوضوح ، تنهد بضيق ، لا يعلم لماذا ولكن ربما لأنه لا يستطيع ان يحبها مثلما تحبه هي ..
    اردف بهـدوء يشوبه بعض التعب قائلاً ..

    _ مفيش انا كويس ، هي وجعتني بس شوية

    قضبت شهد جبينها ونظرت له بحـزن وهي تتشـدق بــ ..

    _ اسفة مكنش قصدى نسيت خالص

    هـز عمر رأسه نافـيًا وهو يقول : عادى محصلش حاجة

    ابتلعت ريقـها بأرتياح ففي لحظة شعرت ان قلبها يكـاد يخرج من مكانه ، تألمـه ولو لشيئ بسيط يجعلها متلهفة غير قادرة علي رؤيتـه متألم ، ولكن لماذا .. لماذا تظل تحبه وهو لا يحبها ولا يراها سوى واحـدة عرفهـا صدفـة فقط ،، دق قلبها بقوة وهي تنظر له كأنه يعطيها الجـواب لسؤالها ، يخبرها انه لن يستطيع ان يدق لأى شخص اخـر ســواه ..
    نظرت له بهدوء ثم استطـردت بلوم قائلة ..
    _ الدكتور قالك تتصل وتتابع معاه عشان يبعتلك ممرضة يا عمر لية مكلمتوش

    رفـع عمر كتفيـه بهدوء وهو يقول بـلامبـالاه ..
    _ عادى ماجاش فـ بالي قولت هايخف لوحده يعني

    نظرت له شهد بغضب الي حدًا ما ، لوهلة شعر عمر انها والدتـه التي تغضب منه عندما يهمل نفسه وليس فتاة تحبه ، تابـعت شهـد بهدوء يشوبه الصرامة قائلة ..
    _ طب ممكن تتصل بيه يا عمر وتتابع

    كادت عمر ينطق بشيئ اخر ولكن قاطعته شهد بأشـارة بيدها وهي تقول برجـاء ..

    _ معلش يا عمر ، عشان خاطرى اتصل

    زفـر عمر واغمض عيناه بهدوء ثم اخـرج هاتفه من سترتـه وأتصل بالطبيب ، كان كالمغيب يفعل ما تقوله له والدته فقط ، كانت تتابعه نظرات شهد الهادئة وعلي وجهها ابتسامة هادئة ، لأول مرة يحقق لها رغـبة ، انتهي عمر من اتصالـه وهو يقول بهـدوء ..

    _ اهو يا ستي اتصلت وقالي بكرة هايجي

    اومأت شهد بأرتياح ونظرت للتلفـاز لتشاهـده ولكن ظلت نظرات عمر معلقـة بها ، التفتت بعد دقائق معدودة لتجده مازال يحدق بها ، احمـرت وجنتاها ونظرت للأسفل بخجل ، ابتسم عمر ابتسامة عفويـة عليهـا ...

    _____________________

    في مــنــزل شــهــاب ،،،،

    كان شهاب يجلس علي كرسـي يهـزه بهدوء وهو ينظر للأرضية ، يفكـر ويتذكـر ، بعد ابتعاده عن رضوى شعر بأرتياح ولكنه بعد فترة تعرض لضغط من أهله للزواج ، زفـر بضيق وهو يتذكـر جملة والدته " يوه يا شهاب انت بقا عندك 32 سنة يابني عايزين نفرح بيك قبل ما نموت "
    من وقتهـا وهو يفكـر برضوى ، لم يقابل فتاة بأخلاقهـا الكريمـة وشخصيتها الودودة المحبوبة ، قرر دخول حياتها مرة اخرى ، ولكن هذه المرة ليس كـ تسلية وقت وإنما لتصبح زوجـته امام المجتمع لتخـرص ألسـن كل من يعترض علي حياتـه الدنيـئة تلك ..
    كما ان شهـاب من الشخصيات الطامعـة ، لا تسمح بشيئ جيد ان يبتعد عنها ، ازداد تفكيره وهو يحدث نفسه ، كيف لفتاة مثلها تعد جوهرة ان تصبح لغيره !!
    لابد ان يصبح كل ما هو جيد له هو فقط ..
    نهض عن الكرسـي ليتركه يهتـز بفعل حركـة شهاب ثم إنطلق متجهـًا للخارج ، عدل من وضعية قميصه الأسود ثم فتح الباب ونظر لباب منزل رضوى بتردد ولكن حسم الأمر ، تقدم بثقـة وطـرق باب منزل رضوى والجدية مرسومة علي وجهه ...

    ____________________

    في منزل عمــر ،،،

    إتجـه عمر الي غرفته بوقـت ليس بكبيـر تاركـــــًا شهـد تشاهد الفيلم بمفردها ، شعور راوده أنه يريد ان يجلس بمفرده ليقرر أهم قرار يمكن ان يقرره بحياته ..
    كانت شهد تشاهد الفيلم ولكن شعرت بالضجـر الشديد ، نظرت علي النافذة التي تطل علي حديقة المنزل ثم نهضت بهدوء وهي تتأفف بضيق الي حدًا ما وإتجهت للخارج للحديقة لتستنشق عبير الزهـور الفـواح الذى يسكر روحّهـا ..
    اخذت تتلمس الورد وخاصـة الاحمر بيدها برقـة ، تتذكـر عمر .. اخيها .. والدتها .. ووالدهـا الذى كلما تذكرته شعرت برعشة تسير في جسـدها ..
    تجسد امامها مشاهد طفولتها الجميلة مع والدها واخيها ، ابتسم ابتسامة صغيرة وهي تتذكر والدها الذى تعشقه اكثر من روحهـا ، تنهدت وهي تتذكر ما فعله بأخـر مرة ، نظرت للزهور وهي تحرك رأسها كأنها تحدث والدها وتلومه ، تلومه علي التفريط فيها وليس لأى شخص وإنما مصطفي ، مصطفي الذى هو شيطان في نظرها ، كانت تسير شـاردة في الماضي
    بعد قليل كادت تتلفت لتعود للداخل مرة اخرى ولكن فجأة وجدت من يكـممهاا ويقيد حركتها من الخلف ..
    حاولت التملص منه والفرار ولكن بعد ثواني آثــر المخـدر عليها وسقطت مغشيـة عليها بين ذراعـيه ................ !!

    الفصل الرابــع والعشـرون :

    اتكأ بجذعـه قليلاً ثم مد يده تحت ركبتيها والاخرى تحت ظهرهـا وحملها برفـق ، كان يرتدى قنـاعـًا اسود اللون ، إتجـه لبوابة الخروج وهو يتلفت حوله ليتأكد من عدم رؤيـة اى شخص له .. 
    خرج من المنزل وكانت سيارة سوداء كبيرة تنتظره ، فتح شخص الباب الخلفي له ووضع شهد ثم اغلق الباب بالمفتاح وركب بجانب الشخص واغلق الباب ثم ذهبــوا الي حيث ارادوا ..
    بينما في الاعلي عمر يجلس علي الفراش في غرفتـه يفكـر قليلًا ، تنهد ثم نهض وإتجه للخروج وفتح الباب ونزل للأسفل وهو يوزع نظراته بحـثًا عن شهد ، لم يجدها فعقد حاجبيه وتعجب ولكن خمن انها ربمـا تكون في الحديقة المجاورة ، خرج من المنزل وتوجه للحديقة وظل يبحث بعيناه ثم اقترب وبحث ولكن لم يجدها ايضـًا ، بدأ القلق يتسـرب داخـله رويـدًا رويـدًا ، لم يجدها ابدًا ، تنهد بغضب ثم مسح علي شعره بيده ببطئ ، عاد للمنزل واصبح نفسـه مضطرب ، اتسعت عيناه ببريق خافت وصار يصيح بقلق حقيقي قائلاً ..
    : شهد يا شهههههد شههد

    ولكن لم يجد اى رد ، شعور بالعجز والقلق والخـوف والاضطراب معـًا سيطر عليه ، شعر كأنه طفل اضاع والده ، تبلد جسده بثبـات مكانه ثم اصبح يهـز رأسه بهيستيريا وهو يقول بصوت عالي ..

    _ لأ لأ شهد مستحيييل

    هوى علي اقرب اريكة وهو يحدج في الفراغ بصدمة ودقات قلبه في قفصه الصدرى تتسارع بشكل ملحوظ معلنة خوفهـا الجـاد علي تلك التي اقتحمت حياته ومن دون مقدمات ، اغمض عيناه وهو يتذكر حديثهم في الصباح البـاكـر عندما طلبت الانفصال ورفض ..
    حدث نفسه بتوتر وهو يفكر أيـعقل ان تكون تركـته وهربـت ، ابتعدت عنها من دون مقدمات كما اتت علي حياته !! .. لا لا هي لا تستطيع تركه هكذا الان ..
    نهض بسرعة وركض متجهـًا لسيارته بالخارج ليبحث عنها في كل مكان يستطيع ان يبحث به ، ولن يعود .. إلا معها

    _________________________

    امــام منــزل رضـوى ،،،،

    بعد ثوانٍ فتحت مها الباب لتجد امامها شهاب ، تذكرته علي الفور وخرجت منها شهقـة عالية غير مقصودة ، اتسعت مقلتـاها بصدمة وظلت محدقة به ، اغمضت عيناها بقـوة لعلها تكون تتخيله او انه شخص شبيهه ، ابتلعت ريقـها بصدمة ثم هتفـت بخفـوت قائلـة ..

    _ شهاب .. مش معقــوول .. !!

    ابتسم بسخـرية واضحـة ، هي صُدمت لهذه الدرجة إذا ماذا شعرت رضوى عندما رأتـه بعد هذه السنين ، علي الأغلب فقدت عقلها ، وضع يداه في جيب بنطاله بثبـات ثم اردف بتهكم قائلاً ..

    _ ايوة شهاب ، ازيك يا مها ؟!

    حاولت إستيعـاب نفسها ثم تمتمت بوهـن ..
    _ أنا بخير الحمدلله يا شهاب

    رسـم أبتسـامة صفـراء علي محـياه ثم اكمـل بثـبات أتـقـنه وقـرر المجازفـة ثم قال بتسـاؤل ..

    _ هي فين رضوى ممكن اشوفها

    عقـدت مها حاجبيها بتعجب ليلتقي حاجبيها السوداوين ، كادت تنطق بشيئ ما إلا ان قاطعهـا خروج رضـوى وهي مرتديـة زيـها الأسلامي ( جيب جينز طويلة وخمـار وتيشرت ) ، حدقت بصدمة عندما رأت شهاب هي الاخرى ، ابتلعت غصة في حلقها وهي تسمع جملته الاخيرة واخذت تـرمش بدهشة يشوبها الصدمة ، كيف أتـي الي منزلها ومن ادخله ، كيف يُسمح له ان يدلف بكل هذه البساطة .. !
    استدركت نفسها سريعـًا ورمقت مها بنظرات حادة غاضبة يشع منها شرار يحرق من امامها ، ارسلت لمها توعدها الشرس الواضح ثم سارت بسرعة متجهه للخارج ..
    كان شهاب يتابعها بعيناه بهدوء حتي وجدها تسير بسرعة لتخرج ..

    _ رضوى استني عايز اتكلم معاكي

    هتف شهاب بتلك الكلمات وهو يسير خلفها ليلحقها تاركـــــًا مهـا التي كانت حدقتيها متسعة بتعجب لا تفـقه شيــئًا ..

    استمر شهاب بالركض خلفها ورضوى لا تتوقف عن سيرها السريع تكاد تكون تجـرى ، استطاع شهاب اخيـرًا اللحاق بها ، باغتهـا بحركة عفوية مفاجئة وأمسكها من ذاعها بقـوة وهو يلهث من كثرة الركض ..
    رمقته رضوى بنظرات غاضبـة مقابل نظراته الباردة الهادئة ، حاولت ابعاد يده عنها ولكنه شدد علي قبضته اكثر وهو يقـول بحـزن مصطنـع أتقـن رسمـه ..

    _ رضوى ارجوكي تفهميني ، انا كنت مجبور انتي متعرفيش اى حاجة

    _ لا والله ، والمفروض إني اصدق الكلام دة ، تسيبني قبل جوازنا بحاجة بسيطة وتقولي مجبور ، لأ خالص كل الحكاية إنك واحد خاايـن بس

    كاد شهاب يكـمل حديثـه البـارد وأحاديثـه الكـاذبة بأسبابـه التافهـه ولكـن دوى صـوت عبدالرحمن العالي الذى اقترب منهم وعيناه تشع بشرارة غاضـبة واضحـة ووجهه بدى احمـر من كثـرة الغضب ، شهقت رضوى بخوف من مظهـره ، تذكـرت جملته وهو يقول " انا عندى شيزوفرينيا يا رضوى بسبب خيانة حبيبتي ومرة كنت هأضرب والدى "
    اصبحت تتنفس بصعوبة وخـوف خشيتـًا من ان يكون هذه الشخصية الأخرى التي تسيطر عليه الان .... !!

    _______________________

    في احدى الاماكن المهجورة ،،،،

    وصلت السيارة التي بها شهد والرجال وصفـوا السيارة جانبـًا ثم ترجلوا من السيارة والرجل الذى يرتدى القنـاع ترجل ثم اتكأ قليلاً ووضع يده اسفل ظهر شهد وقربها منه كثيـرًا ثم حملها برفق وإتجه للداخل بهدوء يتبـعه هؤلاء الرجال بثقـة ، وضع شهد علي الأرض وتنهد ثم نظر لأحدى الرجال ، كان المكان كبير جدا وواسع وخالي كأنه صحراء ، بها رجال كثيرة جدًا ، ذوى عضلات بارزة ، نظر لرجل ثم هتف بصـوت آمر قائلاً ..

    _ هات الحبل والقماشـة يلا

    اومـأ الرجـل ثم استدار بسرعة وذهب للسيارة وأخـرج الحبل وقطعة القماش ثم عاد له ، مد يده له بقطعة القمـاش ليأخذها الاخر ثم ربط يد شهد بدقـة وقدمـها ايضـًا ، وامسك بقطعة القماش وكمم فمها وربط القماش حتي لا تستطيع الصراخ عندما تبدأ بأستعادة وجههـا ..
    كان بجوارهم احدى الكراسي الخشبية ، نهض ثم جلس عليه بهدوء وهو ينظر لشهد بهدوء وسعادة داخلية ، فهي الان اصبحت له وامامه ولن يستطيع احد ابعادها عنه ، نهض بعد قليل ووجه نظره لذلك الشاب ثم قـال بصوت قـاتم ..

    _ لما تفـوق وتاكل ادوني خبر فوراً

    اومأ الرجل برأسه في حين استدار الاخر وإتجـه للسيارة وركب بهدوء وادار مقـوده متجهـًا لمكان ما ...

    _______________

    بعد ما يقرب من الساعة بدأت شهد تستعيد وعيها وهي تتآوه من الألم بخفـوت ، جلست بصعوبة وحاولت ان تحرك يدها ولكن ادرك انها مقـيدة ، ولا ترى شيئ سوى الظلام الدامس ، تلقلقت الدموع في عيناها بسرعة رهيبة وحاولت التملص من قبضة الحبـال التي كانت تشتد علي يدها ، نظر لها الرجل ثم تحرك وتقدم منها وابعد القماشة عن فمها لتتنفس هي براحـة ثم هتفت برعـب قائلة ..
    _ انتوا مين وعايزين مني ايية ؟!

    اجـابها صوت اجـش اخافهـا بشدة ..

    _ اما يجي الباشا هيعرفك بنفسه

    قال هو تلك الجملة قبل ان ينظر للرجل ويشير له برأسه ليجلب الطعام ، اومأ الاخر واستدار وذهب ليجلب الطعام ، بعد دقائق معدودة وصل وهو يحمل بعض السندويتشات المتوسطة ، كانت شهد اطرافهـا بـاردة ، تسير رجفـة في انحاء جسدها بمجرد ان تسمع صوت احدهم ، دموعها تهبط بغزارة بصوت مكتـوم ..
    اقترب منها الرجل وهو يحمل الطعام ثم قال بخشـونة ..

    _ يلا الاكل اهوو كلي

    هزت رأسهـا نافيـة بسرعة وهي تقول من بين بكـاءها الحـاد ..

    _ لأ لأ مش عاوزة ، وهاكل اصلا ازاى وانا مربوطة كدة ومش شايفة كدة !!

    كان الجوع يفترس معـدتها الصغيرة ولكنها بالطبع لا تقدر علي الأكـل منهم هكذا ، ولكنها وجدتـها فرصـة لترى وجههم علها تستطيع الهـرب وتخبر الشرطة لاحقـًا وتعرف من اراد خطفها ..
    اقترب الرجل منها وفك القماشة عن عيناها البنية التي اصبحت حمراء من البكـاء ، ثم فك يدها بهدوء ، اغراه مظهـرها الجذاب ونظر لها بجـراءة ولكنه تدارك نفسه ونهض سريعـًا ليتفـادى اى خطأ احمق يمكن ان يصدر منه ، لم تقترب شهد من الطعام وظلت تبكي بهدوء ..
    جـز الرجل علي اسنانه بغيظ ثم استطـرد بحـنـق قائلاً ..

    _ يلا كلي مبتكليش لييية ؟

    هزت شهد رأسها نافية بخوف وهي تتمتم برعـب واضح في نبـرة صوتـها ..

    _ لأ مش عايزة اكل انا عايزة ارجع ارجوك

    ابتعد الرجل وهو يتأفف بملل وحنق ، أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم اتصل بالخاطف ووضعه علي اذنه بهدوء ليأتيه صوته الصلب قائلاً ..

    _ ممممم نعم
    _ الووو يا ....... باشا هي فاقت وجيبنالها الاكل بس مش راضية تاكل خالص
    _ اية لييية يا غبي
    _ حضرتك قولت محدش يقرب منها ونحط لها الاكل بس وهي رافضة وعمالة تعيط بس

    زفـر بضيق ثم اجابه بنزق قائلاً ..

    _ خلاص سلام انا جاى مسافة السكة

    ما إن انهي جملته حتي اغلق الخط سريعًا وإتجه لذلك المكان المهجور وهو يفكـر بتخطيط في شـهـد وفيما سيفعله معها لاحقـــًا ...
    وصل بعد ما يقرب من النصف الساعة وترجل من سيارته السوداء بهدوء وإتجه للداخل وقد بدل تلك الملابس وارتدى بنطال ضيق اسود وتيشرت احمر عليه بعض الخطوط السوداء ويصفف شعره وغير مرتـدى ذلك القـنـاع ... !!

    _ اية يا حبيبتي مابتكلييش لية !!

    هتف هو بتلك الجملة وهو يقترب من شهد واضعـًا يده السمـراء في جيب بنطاله الأسود ، وتقـوس فمه بأبتسامة شيطانية خبيثـة ..
    حدقت شهد بصدمة لمصدر الصوت الذى تعـرفه ، فاغـرةً شفتيها ، لم تكن تتوقعه ابـدًا ، جمدت ملامحها وشحب وجهها الابيض واصبح لونـه اصفـر وهي تـراه يقترب منها اكثـر ............ !!

    الفصل الخـامـس والعـشرون :

    حدقت شهد بصدمة لمصدر الصوت الذى تعـرفه ، فاغـرةً شفتيها ، لم تكن تتوقعه ابـدًا ، جمدت ملامحها وشحب وجهها الابيض واصبح لونـه اصفـر وهي تـراه يقترب منها اكثـر .. نعم إنه مصـطفي !! 
    عرفته شهد من لهجتـه الغير متزنـة بعض الشيئ ، اصبح امامها تمامًا يتفرسـها بعيناه الحـادة ، رأت شهد في عيناه نظرات لطالما كرهتـها منه ، ابتلعت ريقهـا بصعوبة شديدة وجـف حلقها ، رمقـته بنظرات حادة تحمل كل معاني الكره رغم خـوفها وإنتفاضـة جسدها بمجرد ان رأتـه ..
    لوى فمه ثم أكمـل بسخريـة باتت معتادة منه قائلاً ..
    _ كلي يا حبيبتي عشان ماتتعبيش عشان الرحلة لسة مطولة اووى
    كان مصطفي يتحدث بشكل طبيعي في القاهـرة ويجيد تلك اللهجة بسبب مكوثـه لوقت طويل في القاهرة بينما شهد عاشت طوال حياتها في القاهرة بسبب دراستها سافرت لبلدها عندما اصبحت في الثاني والعشرون من عمرها ، حاولت جاهدة اخراج الكلمات بصعوبة وحدة قائلة ..
    _ انت عايز منى اية انت مابتحرمش
    جـز علي أسنـانه بغيظ وتذكـر فعلة عمر معه التي لطالما حاول نسيانها ، تجسد امامه اهانـة عمر التي اقسم علي ردها له الصاع صـاعين ..
    نظر لها بأعين حـادة للغايـة ثم أكمل بنبرة تشبه فحيح الأفعـي قائلاً ..
    _ لأ مانستش ومش هأسيب حقي يا شهد
    ثم صمت برهه من الزمـن وهو يتمعن قسمات وجههـا المـرتعدة منه كأنها ترى حيوان مـفتـرس يكاد يقتـلها ثم أردف بأصـرار واضـح قائلاً ..
    _ وأنتِ حـقي يـا شـهد
    كأن جملته اصابتها في صميم قلبها ، جملته التي تعمد إظهار التصميم والأصرار فيها ليثبت لها حق ملكيتـه الأبديـة فيها ، زادت الرعـب منه بداخلها ..
    ابتلعت ريقـها الذى جـف بصعوبة وحاولت جاهـدة ان تبدو ثابـتة قويـة حتي لا تظهـر له ضعفها وخوفها الذى يزيـده طاقـة إيجابيـة ، ثم حدقـت به بحـدة وأرسلت له رسالـة تحمل التحدى والكره وهي تتشـدق بــ :
    _ عمرى ما هكون حقك او ليك لأني بقيت متجوزة وكمان بحب جوزى يعني بقا عندى سببين غير كرهي ليك يابن عمي
    جـز علي أسنـانه بغيظ وأبتسم أبتسـامة شيطـانية خبيثـة عنـدما أدرك خـوفها الذى حاولت أخفـاؤه وهو يقتـرب منها والذى يعرفه جيـدًا وبسهولة ، ثم تابـع بخبـث قائـلاً ..
    _ هأخد منك الي انا عاوزة يا شهد وهاخليكي تتمني الموت وماتطوليهوش بس وانتي مراتي عشان تعرفي إني بحبك
    رمقـته بنظرات إزدراء وشـعرت بالتقـزز منه ثم قالـت متعمدة بأستفزاز ..
    _ انت مريـض ، دة مش حب دة مرض نفسي بس
    نـظر لها بتـوعد وغيـظ ثم أستطـرد بشـراسـة قائلاً ..
    _ هاتشوفي يا شهد وهاثبتلك دة قريب ، سلام بقا انا لازم أمشي عشان ورايا حاجات مهمة عشان فرحنا يا قلبي
    تمتمت شهد بخفـوت يشوبه الكـره قائلة ..
    _ جتك وجع ف قلبك ياشيخ
    في نفس اللحظـات أقتـرب منها الرجل مرة أخرى وشعرت بالخـوف الذى تملكها منذ وصولها ذاك المكان يسيطر عليها مجددًا واصبـحت انفاسهـا مضطربـة ثم صـاحت فيه قائلـة ..
    _ أنت عايـز منـي اييية !!
    لم تجـد رد منـه وإنما أتكـأ بجـذعه قليلاً للأسفل تجاههـا وربطـها بهدوء بالحبل لتـزفر هي بإرتيـاح وتنفض تلك الأفكـار من رأسهـا ليربط هو قطعة القماش علي فاهها مـرة أخـرى ليمنع صوتـها من الخروج مؤقتـًا ... !!
    ____________________

    أمــام مــنـزل رضــوى ،،،،
    اقترب عبدالرحمن منهم بدرجة كبيرة حتي اصبح امامهم ثم نظر لشهاب بغضب جامـح ، قلق شهاب من تلك النظـرة ، نظرات شهاب المتوجسـة ونظرات عبدالرحمن الحـارقـة ..
    في حين حاولت رضوى ضبط أنفاسهـا التي اصبحت غير ثابـتة ، أمسك عبدالرحمن شهاب من ذراعـه بقـوة وضغط عليه وهو يقول بغضـب وتسـاؤل ..
    _ أنت مييين وازاى تمسك ايدها كدة
    قطب شهاب جبينـه بضيق ثم حـرر يده بصعوبة من قبضة عبدالرحمن وأغمض عينـاه بقـوة كمحاولة لتهدأة نفسـه وقـال بـحدة ..
    _ وانت مال اهلك انت ميين !
    في لمـح البصر تلقـي لكمـة من عبدالرحمن الذى زاد احمـرار وجهه وظهـرت عروقـه من شدة الغضـب ، زادت جملة شهاب اشتعـال نيـران عبدالرحمن الغـاضبة ، مسح شهاب الدمـاء التي سالـت من فمه ورمق عبدالرحمـن بنظـرات متوعدة ، فكيف يجرؤ علي إهانته بهذه الطريقة وامام الجمـع هكذا ..!
    في حين كانت رضوى تتابـع الموقف بدهشـة وخوف وهي تضع يدها علي فاهها محاولة ان تسيطر علي انفعالاتها ..
    زمجـر عبدالرحمن بوجهه شهاب بغضب قائلاً ..
    _ انا خطيبها يا كــلــب
    صُعـق شهاب من جملة عبدالرحمن ونظر له بصـدمة بـادية علي قسمـات وجهه ثم وجه نظره لرضوى بقلق كأنه يترجاها بعيناه ان تنفي كلام عبدالرحمن ، الذى كان مثل العاصفة القزية وحطم كل آمـاله في لحظـة .. !
    في حين رضوى كانت تقف مصدومة هي الاخرى من كلمات عبدالرحمن فهي لم تبدى موافقتها حتي الان علي هذه الزيجة .. ! كيف يقرر هو هكذا !! ، هل هذا يعني انها اصبحت امام الامر الواقع ، هل ستوافق رغمـًا عنهـا .. !
    صاح شهاب بتحـدى قائلاً ..
    _ انت كداااب مش خطيبها
    زاد تجمـع الناس حولهم وهم ينظرون لهم بتساؤل ثم قال احد الرجال بصوت أجش ..
    _ خير في حاجة يابنتي ؟
    هـزت رضـوى رأسهـا نافـية بسرعة ، حتي لا يُفضح الأمر ، هي تعرفهم جيدًا ، إن عُرف الأمر ستصبح محـور الأحاديـث ..
    كادت تهتف بشيئ ما إلا ان امسكها عبدالرحمن من يدها بقوة ولأول مرة يمسكها من يدها وسحبها خلفه تاركًا شهاب يحاول الخروج من صدمته تلك ، حاولت رضوى التملص من قبضته ولكنها كانت اشد من ذلك ، لم تتحدث خوفــــًا من رد فعله ، فهي الان اصبحت علي يقين انها لا تقدر علي التعايش مع مرضـه النفسي هذا ..
    وصلوا امام باب المنزل ودق عبدالرحمن باب المنزل بقوة ، كانت دقات قلبها تدق بسرعة ملحوظة ، فتحت مها الباب وهي تنظر لهم بقلق من هيئتهم تلك ثم قالت بتسـاؤل ..
    _ في اية مالكوا !؟
    نظرت رضوى لعبدالرحمن بحـدة كأنها تخبره ان يترك يدها وبسرعة ، ولكن لم ينظر لها عبدالرحمن ولم يتفوه بكلمة ، هتفـت رضـوى بصوت قاتـم قائلة ..
    _ مفيش يا مها ، عبدالرحمن جه شوية بس
    لم تريـد رضوى أن يأخذ الموضوع اكبر من حجـمه وخاصة مع مها ، فهي لن تصمت إن علمت ومؤكـد انها ستقص كل شيئ علي والدتهم ، وهي لا تريد إرهاق الداتها في امر مفروغ منه ..
    زفـرت رضوى ببطئ ثم أفلتت يدها بصعوبة ودفعت مها برفق ثم دلفت دون ان تنتظر عبدالرحمن ..
    كانت مها تنظر لهم بدهشة لا تفقـه اى شيئ
    ..
    كأن عبدالرحمن افـاق في هذه اللحظة فقط غير مدرك لما كان يحدث للتو ، مسح علي شعره ببطئ وتوتر ثم استدار ليغادر بسرعة ، مطت مها شفتيها بعدم رضـا وهي تقول بتعجب ..

    _ مجانين دول ولا اية !!
    ___________________

    في احدى المنازل ،،،
    تحديدًا في غرفـة اثاثـها من الطراز الحديث ، متوسطة الحجم ، عبارة عن فــراش صغير علي في الوجه وعلي الجانب ثلاجة وامامها مكتب صغير ، يجلس مصطفي علي الفراش وهو عاقد ساعديه وينظر للأسفـل وهو يفكـر ، يفكر في شهد التي اصبحت الموضوع الرئيسي الذى يفكر فيه اغلب الوقـت .. كان يخطط كيف له ان يتخلص من هذا الذى يسمي عمر !!
    كيف يجعلها تنفصـل عنه وبأرادتهم حتي لا يحاولوا ان يجتمعوا مرة اخرى ..
    كان الشيطان يبث له افكار كثيرة وخبيثـة ليساعد حليفـه في مشكلته ..
    ظهـرت الابتسامة علي وجهه وقد ادرك ما يجب ان يفعله ، امسك بالهاتف الذى كان موضوع بجانبـه ثم أتصل بشخص ما ووضع الهاتف علي اذنه منتظـرًا الرد ، بعد قليل اتـاه صوت الشخص قائلاً ..
    _ الووو ايوة يا مصطفي بيه
    _ ايوة يا عبدالله ، اسمعني كويس وركز عشان مش عايز غلطة يا عبدالله
    _ اتفضل قول متقلقش
    _ انا عايزك تجيب لي ورق طلاق ، وشريحة جديدة النهاردة
    _ اية دة هو حضرتك متجوز وهاتطلق !!
    _ لأ وماتسألش عن الي ملكش فيه
    _ احم دة فضول بس ، حاضر
    _ خلص وكلمني
    _ اوامرك يا باشا
    _ سلام
    _ مع السلامة
    اغلق مصطفي الهاتف وقد شعر براحـة كبيرة ، عاد بظهـره للخلف وهو يتنـهد بإرتياح ، وقد راوده الكثير من الأمـل بعدما كان يحمل الهم وهو يفكر في هذا الأمر ..
    تقـوس فمه بأبتسامة خبيثة وهو يتذكر كلمات شهد عن زوجـها ثم اصبحت ابتسامته ضحكات ساخـرة وهو يقول بتشـفي ..
    _ ابقي وريني بقا هايقدر ياخدك بأى حق
    ____________________

    كان عمر يبحث في كل مكان قريب من المنزل وبعيد الي حدًا ما ، أقل ما يُقال انه طفل يبحث عن والده الذى اضاعه بخوف ، كان كالمجنون يبحث بلهفـة ويسأل الناس عن فتـاة بمواصفاتها ، فقد الأمـل في ان يجدها ودب علي المقود بكل قوته واصبح يهـذى بحسرة قائلاً ..
    _ لأ مش هاسمحلك تسيبيني ابدًا ، لا ماينفعش خالص ماينفعش
    ادار المقـود ثم عاد متجهـًا للمنزل مرة اخرى لعلها تكون كانت في مكان ما وعادت ، وصل الي المنزل بعد فترة وترجل من سيارته بسرعة ودلف للمنزل بلهفة حتي انه لم يُغلق باب سيارته جيدًا ، وزع انظـاره في ارجاء المنزل بحثــًا عنها وعيناه تشع بريـق أمل خـافـت ولو صغير ثم هتف بصوت عـالي قائلاً ..
    _ شهد انتي هنا ، يا شههههد
    ولكن لم يجد اى رد ، جلس علي الاريكـة بهمدان وشعور بالعجـز والخـوف معـًا تملكه ، كـ من كان يملك شيئ ما ويحبه بشدة وفجـأة ابتعد عنه ومن دون اى مقدمات ، عبر امامه كل ذكرياتهم سويـًا وتلقلقت الدموع في عيونه ، تمكنت شهد من ان تجعل الدموع تعرف طريقها لأعين ذاك الرجل القـاسـي الذى اقسم ان لا يصبح ضعيف بعد الان ، الرجل الذى اصبح مؤخـرًا متحجـر القلب ، لا يملك مشاعر لأى شخص ولكنها حركت المشاعر التي ماتت بداخله ، لا يجب ان تبتعد الان ، هو لن يسمح لها من الاساس ..
    نظر للأعلي وهو يتنفـس الصعداء بصعوبـة ، تملك منه شعور انه لن يراها مرة اخرى مثل والدته .. وهنـد
    هز رأسه بقوة لينفض تلك الافكار السيئة من رأسه ، سيتحطم حتمًا ان تكرر ما حدث منذ سنوات ..
    وضع رأسـه بين راحتي يده ، ابتلـع ريقـه بصعوبة واخذ نفـسًا عميقًا ثم اخرجـه ببطئ ..
    فجأة نهض ونظر للأعلي وهو يصيح بـأمل ..
    _ ازاى ماخطرش فـ بالي من بدرى .......................................... !! 

    الفصل السـادس والعشرون :

    ركـض للأعلي بخطـوات يملؤهـا الأمـل ، وصل امام غرفـة مغلقة ومد يده علي المقبض وبداخله يتمني ان يجد حلاً لهذه المعضـلة العصيبـة ، فتح الباب ودلف كان يوجـد حاسوب علي مكتب صغير ، اقترب اكثر وجلب الكرسي ووضعه امام المكتب ثم جلس ببطئ و مد يده بتردد ليفتح الحاسوب ثم تنهد تنهيدة حـارة وفتحه لتكن صدمـة تامة له وهو يرى شخص ملثـم يقيد شهد من الخلف ويكممهـا ويحملها متجهـًا للخارج ، غلت الدمـاء في عروقـه وضرب المكتب بكل قوتـه لينـفث الغضب الذى يشتعل بداخله ، كان عمر يضع الكاميرات في جميع انحـاء منزله احتياطــًا لأى موقف لأنه يتعرض لمواقف كثيرة مثل هذه ، كور قبضة يده وضغط عليها بقوة ، من هذا وكيف يستطيع إبعادها عنه وبالرغم منها ! ، كيف يجرؤ علي فك السلاسل التي ربطها بها ومن دون سبب ، كيف يلمسهـا من الأساس ، هي حوريتـه .. حبيبته .. آسـرته التي أسرته وهدمت الاسوار التي بناها ليحصن قلبه من اى دخيل يحاول تحطيم اسواره ، هي له هو فقط ، لن يسمح لأى شخص كان أن يأخذها ويجعلها تبتعد عنه بعد ان اصبحت الهـواء الذى يتنفسـه ، سيعيدها له لمنزله .. لأحضـانه ومهمـا كان الثمـن ...
    كان ينظر للفراغ بتحـدى كأنه الشخص الذى اختطفها ، اصبحت افكاره تتخبط بداخله ، من فعلها ، فـارس ، ام مصطفي .. ام رئيسـه كما هدده فارس ..
    علي اى حال سيوديـه خلف الشمس وينـدمه علي فعلته تلك ، علي لمس جوهـرته الثميـنة ..
    نهض بعدما أغلق الحاسوب وإتجه للخارج وهو يفكر بما سيفعله وكيف سيستعيد حبيبته .. نعم الآن فقط اعترف وبشكل صريـح لنفسه أنه يعشقها حد الجنون ..
    نزل للأسفل بخطوات ثابتة ثم اخذ المفاتيح الخاصة به واغلق الباب وركب سيارته ، كان يتحرك كالآنسان الآلي ، الهدف وحيد وواضح أمامه .. إستعـادة شـهـد فقــط ... !!
    ___________________
    في منـزل عبدالرحمن ،،،،
    منذ وصوله الي المنزل دلف الي غرفته ودون ان يتحدث مع اى شخص ، وهو يجلس علي فراشـه شارد حزيـن وواجـم يفكر فيما يمكن ان يكون فعله ، هل ستتركه بعدما رأته في حالتـه الاخرى ، هل فعل اى شيئ احمق معها .. ! ، هو لا يتذكر اى شيئ ولكن بداخله يتمني ان لا تكون سيطرت عليه شخصيته الاخرى وجعلته يفعل شيئ ينـدم عليه بقيـة حياته ، كل ما يتذكرته هو انه رأهـا تقف مع شخص .. !
    شعر بالتوتر والحيرة ، هو لم يحبها بهذه السرعة ولكنه شعر بالإرتياح معها ، شعر انه يريدها زوجتـه وأم لأطفاله ، ولكن كيف سيحدث ذلك وهو في ثانية يمكن ان يتحول ويفقد السيطرة علي نفسـه .. !
    تملكه شعور بالعجـز الشديد ، غير قادر علي التحكم في هذه الشخصية المتسلطة التي اخترعهـا خيالـه او عقله الباطـن وفي الوقت نفسه غير قادر علي الذهاب لطبيب نفسي ، برأيه هو ليس مجنون ليذهب لطبيب نفسي ، هي حالة تأتي له احيانًا وسيحاول السيطرة عليها ...
    تنـهد بضيق وهو يشعر ان رأسه تكاد تنفجـر من كثـرة التفكير ، قرر ان يراها ويسألها عن رأيها وجهًا لوجه ، وسيتحمل ويحترم رأيها ايـًا كان ، نهض وهو يعزم علي الذهاب لمنزلها علي الفور ومن دون تردد ....
    نهض بهدوء وإتجه للخارج ثم فتح باب غرفته وخرج ، وجد والدته تجلس علي الكرسي تقرأ بعض المجلات ، ألقي السلام والتحية واكمل سيره ليذهب ولكن اوقفتـه والدتـه وهي تقول بتسـاؤل وقلق ..
    _ مالك يا عبدالرحمن ؟!
    توتر علي الفور من سؤالها المفاجئ وأستدار ببطئ ليواجـه نظراتها المتفحصة ، شعر انها ستكشفه حتمـًا ان ظل هكذا ، حاول الحفاظ علي ثباتـه قدر الإمكان وهتف بهـدوء حـذر قائلاً ..
    _ مالي يا أمي يعني منا كويس
    _ لأ انت مش كويس ، حصل اية مع رضوى يخليك كدة ، قولي دة انا أمك
    هتفت والدته بتلك الجملة قبل أن تترك المجلة علي المنضـدة المجاورة ثم نهضت وإتجهت لعبدالرحمن الذى كان يقف كالصنم ، أمسكته برفق من كتفيه ونظرت في عيناه بتسـاؤل لتستشف اى اجابـة تريحهـا منها ثم اردفت بحنان أمـوى ..
    _ يا حبيبي صدقني انا خايفة علي مصلحتك ، قولت لك كذة مرة تروح تتعالج وانت مُــصر بردو ، طب رضوى شافتك وانت بحالتك التانية ؟!
    أخـذ نفسـًا عميقـــًا وأخرجـه ببطئ شديد وعلم انه لا مفـر ، لن يستطيع الكذب عليها اكثر من ذلك ، نظر في عيناه بهدوء يبدو انه هدوء ما قبل العاصفة ، ثم استطـردت بإهتيـاج قائلاً ..
    _ ايوة يا امي اه شافتني وممكن اما اروح تنهي كل حاجة وتبعد اصلا ، ومش بعيد اكون مديت ايدى عليها وانا مش ف وعيي ، انا زهقت من الحياة دى
    خرجـت شهقـة منها مصدومة ، نظرت له بعدم تصديق وهي تهز رأسها وتنظر له برجـاء ليقل لها أنه كان يكذب ، لم تدرِ ان ولدها يعانـي لهذه الدرجة ، شعرت بصوتـه المتلجلج والقهـر الذى ظهر في نبرته ، اقتربت منه بهدوء ثم تابعـت بحـزن ..
    _ ياااه ، شايل كل دة ف قلبك يا عبدالرحمن ، للدرجة دى ؟
    مسح بطرف يده دمعـه هاربـة كادت تفـر منه ، ثم إبتلع غصـة مريرة في حلقه ، لطالما تألم وحـزن لطالما سمع إهانات منهم ومن غيرهم ، وصمت وتحملها وكبتها بداخله ، ومع ذلك لن يذهب لأى طبيب هو ليس بمجنون ليودى بنفسه للتهلكة .. !
    نظر للجهه الاخرة ثم سـار وهو يقول بقسـوة ..
    _ لسة فاكرة ، ع العموم انا هأمشي ، سلام
    إتجه الخارج تـاركًا اياه تتنـهد بعمق وحسـرة علي ولدها الوحيدة وفلذة كبدها ، كيف اصبحت معه هكذا وهي اقسمت منذ ولادتـه ان تكون أحن واقرب ام له ..
    آآه يا صغيرى ليتني قادرة علي مسح كل ذلك من ذاكرتك واعطاؤك حياة جديدة بدون قهر وألم او وجـع .. !
    ___________________
    وصل عمر امام المنزل الخاص بفارس ، ترجل من سيارته بخطوات غاضبة ولهيب الحقد والكره يشتعل في عيناه السوداء ، إتجه للداخل بسرعة رهيبة ونظر للحارس ثم هتـف بصوت قـاتم قائلاً ..
    _ فين فـارس
    اجابه الحـارس بجدية : فارس بيه مش هنا ، مشي من شوية
    اومأ عمر بهدوء ثم استدار مغادرًا منزله وركب سيارته وتوجه لمنزل ( البـوص ) وهو ينوى نيرة ليست خير ابدًا ، حاول تهدأة نفسه قليلاً حتي لا يذهب هـدر ولكنه لن يكن متسامحًا معه او مع غيره ابدًا ..
    وصل بعد ربع ساعة تقريبًا وترجل من سيارته وحالته لا تختلف كثيرًا ، تخطـي الحرس ومناداتهم وصياحهم وسار دون نطق اى كلمة وتركوه لأنهم علي معرفة مسبقة بعمر ، حتي وصل للحديقة وجد الرجل الكبير يجلس علي احدى الكراسي الخشبية ويرتدى حلة رسمية وبيده سيجارته الفارهه يضع قدم فوق الاخرى ، ينظر لفارس الذى كان يجلس امامه ويتحدث معه بهدوء خبيث ..
    حدق بهم عمر بنظرات نارية وبالأخص لفـارس ، لاحظوا وجوده ولكن لم يتفوهوا بحـرف منتظرين ان يروا رد فعلـه ..
    هتف عمـر بغضب بادى علي قسمات وجهه قائلاً ..
    _ فااااارس
    نظر له فارس ببرود مثل الثلـج ، كان تأثيره واضح علي عمر الثـائـر ، جعل الدمـاء تغلي بعروقه اكثر كأن اشعل النيران الملتهبة بداخله ، كانت نظراته كفيلة ان تجعلهخ يرتعبوا من فعلته ، أخرج عمر الحروف بدقة من فمه وهو يخرج السلاح الخاص به موجههـًا اياه بوجه فارس الذى نظر له بفزع قائلاً ..

    _ نهااايتك ع ايدى لو ماقولتش فين مراتي حالاً يا فارس
    ____________________

    في منزل مصطفي ،،،
    يقف مصطفي في الشـرفة يتطلع علي الأسفل بهدوء يستمتع بالنسيم والهواء الهادئ والمريـح ، أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأتصـل بعبدالله الذى رد عليه بعد ثواني من اتصاله قائلاً بترحـاب ..
    _ مصطفي فيه اؤمرني
    _ نفذت الي قولتلك عليه يا عبدالله
    _ طبعاً وكنت جاى لك اهوو
    _ تمام اووى
    _ انا ف الخدمة
    _ طب بص بقا عايزك تعمل حاجة مهمة جدا وممكن تكون خطيرة
    _ مافيش خطر بالنسبة لي
    _ تعجبني ، بص بقا انت هـاتـ...............
    وبث مصطفي خطتـه التاليـة الدنيـئة لتفرقة ذلك الحبيبين ليحصل علي ما ارادته نفسه الخبيثة وشيطانه القـوى الذى تجسد به ، ما إن انهي مكالمته حتي تنهد بأستمتاع في الهواء ، شعر انه يتخطي حاجر كبير كل يوم عن الاخر وسينجح قريبــًا .... !!
    _______________

    بينما شهد في المكان المهجـور تجلس وهي تضم ركبتيها الي صدرها وتضع رأسهـا علي ركبتها بحـزن وشـرود .. وخوف ، خوف من مصيـرها المحتوم الذى سيحدده مصطفي قريبـًا ، اعتقدت انها تخلصت من هذا الخوف من المستقبل ، لم تكن تعلم انه سراب يأتي خلفها ويلاحقـها اينما كانت ، كفر وجهها وجزت علي اسنانها بغيظ وهي تتذكر حديثه المبغوض بالنسبة لها ، تنـهدت تنهيدة حـارة تحمل بداخلها الكثير .. وأخيـراً تفكر في زوجها وحبيبهـا الذى لم تعشق غيره ، لم تسمح لقلبها ان يعلن الاستسلام ويخسر في حرب الخسائر مباحة فيه إلا معه ، اصدرت انينـًا خافتـًا وصوتـًا مبحوحـًا ليعبر عن كل مافي داخل قلبها ، ليعبر عن حنينـه لذلك القـاسي المتمـرد الذى لم تنهدم أسـوار قلبه لها حتي الان ..
    قطع شرودها صوت خطـوات مصطفي وهو يقترب منها ببـرود وثبـات في آنٍ واحد ، كلما يقرب خطوة اكثر تزداد ضربات قلبها بين ضلوعها اكثر ..
    اصبح امامها ثم نظر لها نظرات لم تفهمها ابدًا ثم هتـف بصوت أجـش قائلاً ..
    _ عاملة اية يا حبيبتي دلوقتي ، جايبلك اخبار هاتعجبك اووى
    نـظرت له شهد بتسـاؤل وإبتلعت ريقـها بخـوف ثم زفـرت ببطئ استعدادًا لما سيقوله ، في حين عقد مصطفي ساعديه ببرود شديد ثم استأنـف حديثـه المستفـز قائلاً ..
    _ البيه بتاعك مضي علي ورق الطلاق فاضل أمضتـك بس يا حبيبتي .... !! 

    الفصل السـابــع والعـشرون :

    حدقـت به شهد بصـدمة وإزدادت ضربـات قلبـها بين ضلوعـها ، لم تصدق أذنيـها ، مؤكـد أنها تحلم .. نعم ، لا يقـدر أن يتخلي عنها بهذ السهولة ، إبتلعت ريقـها بخوف وهي تفكّر ، هل حررها من قيوده وتركها بهذه السهولة !! ، هل قرر منع اى غازى ان يغـزو صميم قلبـه ويؤثـر فيه وبما فيهم هي !! ، كانت كأنـها أم ينقلـون لها خبـر وفـاة طفلها ، تلقلقت الدمـوع التي منعت نزولها امام هذا المتعجرف ببطئ لعيونهـا البنية لتعطيها خليط ومظهـر جذاب ، اصبحت تهـز رأسها نافيـة بهيستريا وهي تردد بداخلـها كلمة " لا " .. نجـح مصطفي في إلهـاب النار التي كانت مشتعلة بداخلها من الاساس ، كان قلبـها ينبض بقـوة وعنف كأنه يعلن عن عدم تصديقه لهذا الذى يدعي مصطفي ، عدم تخليه عن الشخص الذى دق له ولأول مرة ، لعدوه في حرب الـحب ، ليكن له الفـوز في حماية قلبه ولكن .. ولكنه لا يستطيع الإبتعاد ، هذا شيئ مؤكـد ، زادت هـز رأسها والتصميم يزداد بداخلها وتعهـدت أن لا تبتعد مهما كان الثـمن ..
    زادت كلمة لا في الارتفـاع وخرجـت من بين شفتـاها التي انتفخت من كثرة البكاء طيلة اليوم ونظرت لمصطفي بتحـدى وقـوة وهي تصـرخ قائلـة ..

    _ لا لا كداااااااب ، هو ميقدرش يعمل كدة استحالة اصلا يعمل كدة

    تعجـب من ردهـا مصطفي ، لقد ظـن انها لن تتحمل تخليه عنها وتقرر الإبتعـاد علي الفـور ، ولكنه أخفي بسرعة نظرات الاندهـاش ونجـح في رسـم إبتسامة مسـتفـزة علي ثـغـره وأردف ببرود ..

    _ بس عمل كدة ولو مش مصدقة شوفي ، كنت فاكرك عندك كرامة اكتر من كدة يا بت عمي بس طلعتي ..............

    قاطـعته شهـد بحركـة بيدهـا بمعني يكفـي ثم نظـرت له بحـدة .. نظراتها القويـة والتي يظهر فيها بريـق الإصرار وبشدة في مقابـل نظراتـه البـاردة المستفـزة ، أخـذت نفسـًا عميقًا واخرجته ببطئ وكأنها تبني الحصن لتمنـع ذاك العـدو من إيذاؤهم ثم هتفت بجمــود قائلـة ..

    _ والله حاجة متخصش حضرتك ، وانا موافقة أكون معنديش كرامة ، عارف لية عشان بحبه وبعشقه وهافضل مراته وام ولاده يا مصطفي

    أثــارت غضبـه الذى كان يكتمـه بداخله ورمقـها بنظرات غاضبـة حاقـدة وأقترب منها فجـأة واتكأ بجذعه ليصبح في مقابلها ثم مسك كفـها بيده وضغط عليه بقـوة وعينـاه السوداء تشـع نيران الغضب و ..

    _ لأ يا شهد لأ ، انتي ليا انا وبس ، وسواء رضيتي او مرضتيش مش هاتشوفي وشه تاني ودة وعد مني

    إبتعـد عنها مرة اخرى لتنظر هي له بتقـزز وكـره وهي تتشدق بــ ..

    _ متقدرش ، هيوصلي يا مصطفي

    نظر لها مصطفي بأستخفـاف واضح واصبح ينفض يده بطـرف إصبعـه وهو يقـول بخـبث ..

    _ لأ ماهو هايبعد عنك وبمزاجـه كمان

    لم تفهـم شهد مقصـده ولم تريد أن تفهـم لأن كل ما يهمها هي ثقتـها بحبيبها وزوجـها ، ثقتـها العمياء أنه لن يتخلي عنها إلا عند موتـه ، هزت رأسها برفـق كأنها تؤكـد ما قالتـه لنفسها .. ولكنها لا تعلم أن مصطفي لن يغمض له جفـن بأرتياح إلا بعد ان تصبـح له فقـط .. كأنه صـار مجنون .. شهد ............. !!

    ____________________

    _ ما تضيعـش نفسك يا عمر عشان حاجة تافهه زى دى

    هتـف فارس بتلك الجملة وهو ينـظر لعمر الذى كان يشير بمسدسه في وجه فارس بفـزع وخـوف رهيب بعدما نهض وهو يحرك يده بالنفي ويتـابع وقد سيطـرت عليه حالة من الهلـع قائلاً ..

    _ صدقني يا عمر انا ماعرفش فين مراتك

    كان عمر ينـظر له ببرود تام علي عكس ما يكمن بداخلـه من غضـب شديد من ذلك الأحمق الذى أبعـده عن رفيقـة روحـه ، كان ( البـوص ) يتابعهم بعيـناه بهدوء تام منتظرًا ان يرى ما سيحدث ، كان علي علم دقيق بعمر يعلم انه ليس بمتهور لهذه الدرجة ليقتل شخص من رجاله وفي منزله ! ، وعلي علم بشخصية ذاك المرتعـد وترك لعمر حريـة التصرف مشيـرًا لحراسـه بطرف إصبعه ان يبتعدوا ..
    نطـق عمر بجمـود أتقـنه قائلاً ..

    _ كداب ، انت هددت ونفذت تهديدك بس ورحمة أمي ما هسيبك لو ما قولتش هي فييين

    _ والله يا عمر ما اعرف عنها حاجة

    ثم وجـه نظره لرئيسهم الذى يجلس كأنه يشاهـد فيلم اجنبي أكشـن ثم قـال بأستنجـاد قائلاً ..

    _ ما تقول حاجة يا ريس ، انا اعرف فين مراته !؟

    واخيـرًا خرج عن صمته وهز رأسـه نافيـًا ثم أردف بصـوت صلب قائلاً ..

    _ فعلاً يا عمر هو ميعرفش اى حاجة وانا نفسي اتفاجأت الوقتي

    نـظر لهم عمر بشك ثم وجه نظره لفارس الذى كان يتنفس بصعوبة ونظر له بنصف عين وهو يستطرد بتـوعد شـرس ..

    _ نفدت المرة دى يا فارس بس قسمًا بالله لو اكتشفت انك لك يد فــ حاجة هايكون اخر يوم فــ عمرك صدقني

    تنفـس فارس الصعـداء كأن قاضيـه حكم عليه بالإفراج بعد الإعـدام ، ثم مسح علي شعره ببطئ ونظر لعمر ليجـده إستدار ليغـادر ، زفـر بضيق وبداخله يتوعد له ..
    رمق الرجل بنظرات لـوم وهو يقول بحنـق ..

    _ عاجبك كدة بردو يا بوص الي عمله

    _ تؤ تؤ تؤ معجبنيش خالص ، وعشان انت غالي عندى يا فارس ، عمر لازم له قرصـة ودن صغيـرة

    نظـر فارس له واقترب منه وبعينـاه السـوداء بريـق اللهفـة والغضـب اللامـع ثم تابـع بتسـاؤل يشوبه التشجيع قائلاً ..

    _ ايوة كدة يا ريس ، بس ازاى بقا ؟!

    إقتـرب الرجـل منه ببطـئ وهمـس بهـدوء حـذر يشوبـه الخبـث قائلاً ..

    _ بص يا سيدى احنا هانضغط علي نقطة ضغفه يعني هـ...............

    بــث خطته في أذن فارس الذى ظهرت الابتسامة العريضـة علي ثغـره بسرعة ، وها هو متحالفين جدد يخططوا ضد هؤلاء العصفوريـن لأيذاؤهـم ...... !!

    ______________________

    في منـزل رضـوى ،،،،

    رضوى في غرفتـها المغلقة عليها تجلس علي كرسـيها الخشبي الهزاز والمفضـل لديها امام مكتبها الصـغير ومن حولها الاوراق الخاصـة بعملها ، متناثـرة حولها بكثـرة ، أبعـدت خصلة ثــائرة من خصلات شعرها الغجـرى الأسـود عن عيناها ثم حاولت صب كل تركيـزها في عملها ولكن فشلـت ، عقلها مشتت فيما مضي ، في القرار الذى يجب عليها ان تتخذه لتتحمل نتائجه لباقي حياتها ، زفـرت ببطئ وبضيق شديد ونهضت عن الكرسي لتسير ذهابـًا وإيـابًا في الغرفة وهي تضع إصبعها برفق ، تفكـر بحيرة ، هل تتعايش معه ام تبتعد ، ولكنها شعرت بالخوف الشديد منه وهو في تلك الحالة ، شعرت ولأول مرة انها تخشي شخص هكذا، هل ستعيش باقي عمرها في خوف من تحول زوجها بين الحين والاخر ، بدلاً من ان يكون لها درع الأمان والحماية والاطمئنان ، شعرت انها في دائـرة مغلقة ستغلق عليها للأبـد وتظل هي في حيرتها وخنقتها تلك ، ظلت تفكـر وحاولت تهدأة نفسها ولكن قطع خلوتها بنفسها تلك صوت طرق الباب ، أذنت للطارق بالدلوف لتجد مها ، نظرت لها بهدوء ثم هتفت بتساؤل قائلة ..

    _ خير يا مها في حاجة ولا اية ؟

    _ اه ، عبدالرحمن برة وبيقول انه عايز يشوفك ضرورى

    إندهشت رضوى من زيارته المفاجئة وعاد التوتر لها مرة اخرى واصبحت تفرك اصابعها بأرتبـاك ، عقدت مها حاجبيها بتساؤل عن توترها من مجرد ذكر زيارة عبدالرحمن وما رأته في اخر زيارة .. تسائلت بداخلها ماذا يحدث بينهم يا ترى ؟! ولماذا هكذا بالتأكيد الأمر مريب ..
    افاقت علي صوت رضوى التي جاهدت ان تبدو ثابتـه لم تتأثـر قائلة ..

    _ تمام خلاص اطلعي انتي يا مها قدمي له حاجة يشربها عقبال ما ألبس هدومي وجاية

    اومأت مها برأسها متفهمة ثم استدار لتغادر واغلقت الباب خلفها تاركـة رضوى في حيرتها التي بدت لا نهائية ، اخذت رضوى نفسـًا طويلاً ثم اخرجـته ببطئ ، قررت المواجهه ، نعم لا مفـر ولا حل اخر ، يجب عليها وبأى طريقـة مواجهه الأسد ................ !!
    بعد قليل خرجت من غرفتها بهدوء بعدما ارتدت الإسدال الخاص بالصلاة بها والزيارات المفاجئة ، نظر لها عبدالرحمن بلهفة ثم نهض وهو يقول بسرعة ..

    _ الحمدلله انك مرفضتيش يا رضوى

    رسمـت رضوى إبتسامة صفراء زائفة علي محيـاها ثم جلست بعيدة عن المقعد الذى يجلس عليه عبدالرحمن واصبحت تفرك أصابعها بتوتر واضح ليتابــع عبدالرحمن بأعتذار قائلاً ..

    _ رضوى انا عارف ان انا ممكن اكون عملت حاجة وانا .. وانا يعني الشخصية التانية مسيطرة عليا بس صدقيني مش بإرادتي

    نظرت له رضوى بهدوء ثم فتحت فاهها وتكاد تنطـق بشيئ ما إلا ان قاطعها عبدالرحمن بتوضـيح يشوبه الألم قائلاً ..

    _ رضوى هو انتي مفكرة دى حاجة سهلة وانا عايش حياتي طبيعي ، لا بالعكس انا عايش حياتي متألم تعبان حزين ، تخيلي كل يووم بأصحي اقول لأهلي هو انا عملت حاجة يا جماعة ،طب هو انا اذيت حد ، انا بجد اسف

    ضحـك ضحكة ساخـرة وهو يتذكر كل ما مر به طوال حياته منذ ان اصبح ذو شخصيتين ، تلقلقت بعض الدموع في عيونه ولكنه منعها من النزول بقوة ولمعت عيناه بحـزن عميق وهو يقول ..

    _ ولا هو انا يعني حابب إني كل لما اجي اعمل حاجة او اعترض علي عروسة امي جيباها لي وتقولي " اسكت مش كفاية إن في واحدة قبلت بيك بعيوبك دى " لا يا رضوى بس انا مش قادر اتحكم فيها ولا قادر اروح لدكتور ، هأروح لدكتور ازاى طب ، هأروح للمصحة النفسية برجلي يا رضوى ؟ .. انا مش مجنون بس هي السبب .. هي السبب في كل الي انا فيه دة ، انا قلبي بيوجعني اوى يا رضوى وانا شايف نظرات الشفقة في عيون اى حد بيعرف ، انا تعبان اوى ومحدش حاسس بيا والله حتي أمي ...

    اخرج كل ما بداخله من هموم وعبئ وألم لطالما خبئـه وتظـاهر بالقوة وعدم اللامبالاة واحيانــًا الجمود لينظر لرضوى بحزن ولهفة معًا ليستشف ما ستقوله ، بحث عن نظرات شفقة او عطف في عيونها ولكن لم يجـد ابدًا ..
    وجدها تتنـهد بهدوء وقوة وهي تقول بجـدية ....

    _ .....................................

    ___________________________

    بعد مرور وقت فـالمكـان المهجـور ،،،

    ذبلت عيناها من كثـرة البكــاء وزاد احمرار وجهها الابيض النقـي ، كانت تسير رعشـة في جسدها الهزيـل بمجرد ان تتخيـل انها ستصبح زوجـة مصطفي .. !
    كيف ، كيف تتحمله وتعيش معه الباقي من عمرها وهي تكرهه ، اهون لها ان تعيش باقي العمر وحدها ومشردة من ان تعيش بجوار هذا مصطفي الذى يدخل منزله بعد منتصف الليل وغالبـًا يكون في حالة سُــكر شديدة ، تنهدت تنهيدة طويلة وبطيئة تحمل في طياتها الكثير ، كأنها تخرج ولو بعض الحزن من داخلها لتستطيع التماسك امام هذا الكائن ...
    فجـأة دخل مصطفي وهو سـاكر ويسير بترنـج كأنه يثبت لها ما كانت تفكر فيه ، إبتلعت ريقـها بخوف ، في حين نظر مصطفي للحـرس وقـال بصوت متقـطع وآمــر ..

    _ إطلعوا .. اطـلـ... اطلعوا برةةة

    نظروا لبعضهم بتعجب وريبـة ولكن ما باليد حيلة ، إستداروا جميعهم واتجهـوا للخارج علي بُعد مسافات ليس بكبيرة ولكنها ليست بقليلة ايضـًا وانتظروا هناك ..
    اقترب مصطفي من شهد ببطئ وهو يتفرس جسـدها الصغير بعيناه كأنه يلتهمها في حين انتفضت هي في مكانها وحاولت ان تزحـف للخلف بخوف ورعب ، هي تعرف نظراتـه الخبيثة الشيطانية هذه جيدًا ، ليست المرة الاولي له ..
    دقــات قلبها تزاد بسرعة رهيبـة في ضلوعها .. أطرافـها بـردت من الخـوف ، وجهها الاحمر اصبح اصفـر مرتعـد يظهر عليه الهلـع كأنها ترى ثعبان كبير يقترب منها ليدلغـها ..
    اصبح مصطفي امامها تمامًا ومد يده ليلمس وجهها وهي تحاول إبعاده بكل الطرق ولكنها مكبلة وفجـأة حدث ما لم يكن متوقع و............................ 

    الفصل الثـامـن والعـشرون :

    فجـأة حدث ما لم يكن متوقع بالنسبة لمصطفي ووجد من يضـربه بشيئ حـاد علي يده بقـوة .. نعم لقد كان عمـر ، شعرت شهد بسعادة تغمـرها وسيطر عليها الشعور بالأمـان والاطمئنان لمجرد وجوده في نفس المكان ، تراقـص قلبها فرحـًا وظلت تحمد الله في سـرها والابتسامة لم تختفي من علي وجهها ، تحولت نظراتها المذعورة الي نظرات حادة لمصطفي الذى كان يمسك بيده من شدة الألم ، في حين كان عمر ينظر لشهد بلهفة كأنه يسألها بعيناه عن حالها ، لم يمهل مصطفي الفرصة ولكمه بقوة جعلته ينزف ، حاول مصطفي تسديد اللكمات له ولكنه كان مجروح وواقـع علي الأرض ، استمر عمر في ضربه بغـل وكره حتي شعر انه سيموت بيده حتمًا إن لم يتركـه ، كان مصطفي قد اغشي عليه ، كانت شهد تتابعهم بنظرات شماته وأنتصـار ، لم تشعر بالعطف عليه ولو للحظة ، لقد كان منذ ثوانٍ فقط سيدمر حياتها ويقتل براءتها ويذبحـها دون اى رحمة ، نظرت لعمر بهدوء في حين اقترب عمر منها بسرعة وفك الحبال وامسك بيدها وإتجهـوا للخارج بسرعة ، كان الحظ حليفهم لأن مصطفي طلب من الحراس الخروج والإبتعـاد ليدمر شهد .. وها هو طريح علي الارض جثة هامدة فاقد الوعي وغير قادر علي الحراك ..
    خـرجوا بأعجـوبه وركبوا سيارة عمر وإتجهـوا الي منزل عمر ، لم يتفوه بكلمة ، فقط اكتفي ان يطمأن عليها بنظرات هادئة ليطمئن قلبـه الذى كان ينبض بقوة بسبب وأخيـرًا اقترابـه منها ..
    لم تتحدث شهد ايضـًا ، يكفيها ان تكن بجانبه وهي مطمئنـة ..
    تنـهد بإرتياح لم يـذقه منذ يومـان ، وصلوا امام المنزل وترجـل عمر من سيارته بهدوء تتبعه شهد وهي تحسس علي يدها مكان الحبال بألم ..
    دلفـوا إلي المنزل سويـًا وأغلق عمر الباب ثم وجهه نظـره لشهد ، في البداية لم تفهم شهد نظراته ولكن سرعـان ما أصبحت عيناه السوداء حمـراء من الغضب ، لمعت عيناه ببريـق خافـت وظهر الغضب جليـًا علي معالم وجهه الأسمر وهو يقتـرب منها حتي اصبح امامها تمـامًا ، ظنت شهد انه سيضربها او يعنفـها وأغمضت عيناها بخـوف في حين اقترب عمر اكثر وفجـأة ضمـها بقـوة ، تفاجأت شهد ولكنها كانت بحاجة لهذا الحضـن ، ليشعرها بالأمان ، ليثبت لها انه خاصتـه هو فقط ..
    بينما عمر كان يشدد من قبضته عليها حتي شعر ان ضلوعها ستنكسر بين يداه ، تألمت شهد ولكن لم تظهـر ، هذا الألم اهـون واحلي من الم البقاء مع هذا الوحـش " مصطفي " ، اخذ عمر يشتم عبيرها ودفـن وجهه في شعرها عند رقبتها وأخذ يلمس علي شعرهـا برفـق وحنان ..
    اخذ يتساءل ماذا كان سيحدث له أن لم يجدها في الوقت مناسب .. الحمدلله
    قال عمر هكذا لنفسه قبل ان يبتعد عن شهد بهدوء وامسكها من كتفيها وهو يهزهـا برفق قائلاً بحنـق ..
    _ ازاى تطلعي ازاى ، بعدتي عني اد اييية ، انتِ عارفة كان اية هيحصلي لو ملاقتكيش
    نظرت شهد له بتعجب قاطـبة جبينها بضيق ، هل نسـي أنها كانت مختطفـة .. !
    لم تذهـب مع مصطفي بأرادتها بالتأكيد ، هي لا تحتمل رائحتـه وتتقـزز من رؤيته ، يترجف جسدها بخوف بمجرد ان يقترب منها للحديث حتي .. !
    نظرت له بضيق ثم قالت بإقتضاب ..
    _ علي فكرة انا كنت مخطوفة ماروحتش معاه بمزاجي و...
    قاطعها عمر وهو يرمقها بنظرات مخيفـة قائلاً بحــدة وهو يشير بإصبعه ..
    _ طلعتي من البيت ليية ، انتي عارفة كان اية هيحصل لك لو ماوصلتش في الوقت المناسب ، عارفة انا كنت هاعمل اية لو نفذ الي كان ناوى عليه ، كنت هاقتله واقتل نفسي وراه ، مكنتش هأتحمل تاني
    حاولـت شهد أن تتحدث مرة اخرى ولكن قاطعهـا عمر وتحولت نظراته من الغضب للحنـان والهـدوء وثبت نظراته علي عيناها مما أربكـها وبشدة ، هتف بشغف قائلاً ..
    _ انا مش قادر اخبي اكتر من كدة ، انا بحبك اووى يا شهد .. اوووى ، كنت كتير بحاول اقنع نفسي اني مش بحب غير هند بس فجأة لاقتني مش عارف اعيش من غيرك ، لاقتني بتنفسـك ، اوعي تبعدى عني تاني انا مقدرش اعيش من غيرك
    كانت شهد تحدقـه بنظرات مصدومة ، وإتسعـت حدقـة عيناها ، وأحمـر وجهها ببطئ ، كانت تتمني هذه اللحظة منذ ان احبتـه ولكنها لم تتوقعهـا الان .. كانت سعادتها في هذه اللحظات لا توصف ، شعرت ان قلبها يكاد يختلع من بين ضلوعها ليحتضن قلبه ويكونوا مزيجـًا رائعـًا ، تسللت الإبتسامة الواسعة لثغرها في ثواني ونظرت له بعشق وأردفـت بحنـان يشوبه الخجل قائلـة ..
    _ وانا مقدرش ابعد عنك لأن انا كمان بحبك اوى
    ضمـها عمر بحنان مرة اخرى وكأنه يتأكد انها اصبحت بين يداه الان ، لن تبتعد عنه مرة اخرى ، نجحت في تخطي كل الحصون التي بناها امام قلبه لمنع اى شخص من إختراقـه .. ولكن هذا يسـعده ..
    ابتعد عنها سنتيمتر واحد ونظر في عيناها البنيـة بتعمـق ، ليرى أنعكـاس صورتـه في عيناها ، اقترب منها ببطئ وهو موجهه نظـره علي شفتاها الحمراء ، توترت هي وشعرت بقلبها يدق بقوة وصوت ، شعرت انه يكاد يُسمع صوته ، التهم شفتيها بشفتـاه بشغف وحب ولأول مـرة ، لف يده حول خصرهـا وقربها منه بشدة لتلتصق به ، وضعت يدها حول رقبته وبادلته القبلات بحنان ..
    رفعها برفق وإتجـه لغرفتـه بالأعلي ، فتح الباب بقدمـه ودلف ثم وضعها علي الفراش بهدوء وهو فوقها ، انظاره الراغبـة والحانية ونظراتها الخجولة المرتبكة ..
    اقترب منها ليتذوق طعم شفتاها مرة اخرى ليمتزجوا سويـًا بشغف .. واستسلم امام إندافاعتها لدخول قلبه وخسـر في حرب الخسـائر مباحة فيها ،، واخيـرًا اصبحت زوجتـه وله شرعًا وقانونـــًا ..........................
    _______________________

    في منــزل رضـوى ،،،
    نـظر لرضوى بحزن ولهفة معًا ليستشف ما ستقوله ، بحث عن نظرات شفقة او عطف في عيونها ولكن لم يجـد ابدًا ..
    وجدها تتنـهد بهدوء وقوة وهي تقول بجـدية ..
    _ انا موافقـة يا عبدالرحمن ، موافقة عليك وموافقة إني اكمل حياتي معاك
    رمقـها بنظـرات صدمة .. سعادة .. ارتيـاح او لنقـل مزيـج من المشاعر المختلطة ، إبتسم بسعادة ولهفـة ثم اردف بتساؤل يشوبه بعض الخـوف قائلاً ..
    _ يعني مش هتتأثرى ف اى وقت وتقولي عايزة ابعد صح ؟!
    اومأت رضـوى برأسهـا بهدوء ثم تنهـدت كنوع من التشجيـع حتي لا تغيـر رأيهـا ثم تابعـت بصوت قـاتم قائلة ..
    _ طالما انا الي اختارت ، هكمل وهأتحمل نتيجة اختيارى للأخر
    ثم صمتت لبرهه من الزمـن ونظـرت له بدقـة ولأول مرة بالنسبة لها تلمح نظرات الحزن والإنكسـار في عيناه ، لم يسبق لها ان تمعنت عيناه السوداء من قبل ، نظرت للأرضية بتوتر عندما افاقـت لنفسها ووجدته يحدجها بنظرات غير مفهومة ولامـت نفسها علي نظراتها تلك ولإنها لم تغـض بصـرها ، ثم استطردت بأصرار قائلة ..
    _ بس عايزاك تتعالج يا عبدالرحمن ، مش عشان اى حد لأ عشان نفسك عشان عبدالرحمن ، عشان مايبقاش مكسور زى ما انا شايفاه دلوقتى ، هتتعالج وهتبقي طبيعي خالص وحياتنا مستقبلاً طبيعية
    فكـر في حديثها لثواني ولكنه هـز رأسه نافيـًا بسرعة وهو يقول بلهفـة ..
    _ يا رضوى انا مش عايز أدخل مصحة ، انا مش مجنووون مش مجنوون والله
    عضـت رضوى علي شفتها السفلية بلوم وشعـرت بالحـزن يتسلل لداخلها .. لقلبها ومن أجله هو ، شعرت انها هي من تعاني وليس هو فقط ، نظرت له بهدوء مرددة بتشـجيع ..
    _ صدقني يا عبدالرحمن مش هتدخل مصحات ، انت هتتعالج مع دكتور نفساني علي جلسات ، وكمان انت ربنا كارمك لإن الحالة مش بتيجي لك كتير ويمكن تتعالج بسرعة ، زى منا عايزة اساعدك ساعد نفسك يا عبدالرحمن بالله عليك
    ظـل ينظر علي المنزل كله بتوتر وهو يفكـر ، ولما لا ؟! ، ماذا سيحدث لن يحدث اى شيئ ولن ادلف لمصحات فقط سأتعالج واشفي وانظر لكل شخص اشفق عليّ بتحـدى وقـوة ، حدث عبدالرحمن نفسه هكذا وهـز رأسه بهدوء ليؤكد علي كلام رضوى وكلامـه ثم تابـع بأرادة قائلاً ..
    _ ماشي يا رضوى هأروح وهأتعالج عشان نفسي انا .. وعشانك
    ابتسمت رضوى ابتسامة صغيرة بــراحة .. وسعادة ، لأنها نجحت في إقناعه ، نظرت للداخل ثم هتفت بهـدوء قائلة ..
    _ معلش يا عبدالرحمن انا ورايا شغل كتير جدًا لسة ماخلصتوش
    ابتسم عبدالرحمن وهـز رأسه متفهمـًا وهو يقـول بأمتنـان ..
    _ ولا يهمك انا كدة كدة رايح ، وشكرًا لكل حاجة يا رضوى
    _ الشكـر لله
    لم تكن تريد إكمال عملها ولكنها كان لديها رغبة بالأنفراد بنفسها قليلاً لتفكر فيما قررتـه الان وفيما ستقـرره لاحقـــًا ..
    إستدار عبدالرحمن وإتجـه للخارج وفتح الباب ليخرج ثم ألقـي نظرة سريعة علي رضوى التي كانت شاردة مكانها وذهب ......................
    _________________
    دلف رجـال مصطفي وتعجبـوا من تـأخره بداخل لأكثـر من ساعتان ، إنتابهم القلق ثم توجهـوا للداخل بخطوات حـذرة ، جمـدت ملامحهم عندما وجدوا مصطفي ملقي علي الأرض فاقد الوعي وغارق في دمائـه ، ظلوا ينظـروا لبعض بتسـاؤل وحيـرة ، قطع احدهم الصمت قائلاً بصوت آمــر ..
    _ مستنين اية ، يلا شيلوه معايا نوديه علي اقرب مستشفي
    قـال شخص اخـر بقلق وهو يتراجع ..
    _ وافرض حد سألك وطلبوا البوليس عشان يعرفـوا !! ، لا يا عم اخاف اروح ف داهية
    هز الاخر رأسه نافيـًا بسرعة وهو يقول ..

    _ لا لا احنا هانحطـه ادام اى مستشفي
    ونمشي اما نتأكد ان حد دخله المستشفي عشان مايموتش انت مش شايفه
    نظروا لبعض مرة اخرى بحيـرة اكثـر وكأنهم يستشيرون بعضهم من خلال نظراتهم ثم بدأو برفع مصطفي ووضعوه داخل إحدى السيارات واغلق احدهم الباب وركب السيارة بسرعة وخلفه الباقي في السيارة الاخرى متوجههين لأقرب مستشفي .................
    _____________

    في احدى العيادات ،،،،
    كانت مها تجلس علي احدى الكراسي في ركن في العيادة لأحد الاطبـاء الذى اخبرتها عنه صديقـتها ، كانت تفكـر كثيرًا وهي تفـرك اصابعهـا ، تقلق لأنها توقفت عن اخذ دواء ( منع الحمل ) وخوفـــًا من رد فعل حسن وأنه ممكن ان يتركها ، ام تسعـد لانه يمكن ان يفـرح أنه سيصبح أب .. !
    افاقـت علي صـوت السكرتيرة وهي تنادى عليها بصـوت هادئ قائلة ..
    _ مدام مها جمال اتفضلي
    اومأت مها رأسها بتوتـر ونهضت بهدوء ثم دلفـت الي الغرفـة واغلقت الباب خلفها ، نظرت لها الطبيبة ثم هتفت بجدية قائلة ..
    _ اتفضلي اقعدى يا مدام مها خير ؟
    _ انا يعني بأحس بدوخـة وبتقيئ وبقـرف كتير من بعض الاكل وعايزة اكشف
    اماءت الطبيبة بهدوء وهي تشير لها بإتجـاه الفراش الصغير لتنهض مها وتتجه له وتتمدد عليه وهي تفرك إصابعها بقلق ، تقدمت الطبيبة وفحصتها وبعد دقائق انتهت ونهضت واتجهت لمكتبها وجلست علي كرسيها وهي تقول لمها بدبلوماسيـة ..
    _ خير متقلقيش
    تقدمت مها وجلست امامها وهي تنظر لها بتسـاؤل لتتأكد من شكوكها ، استأنفت الطبيبة حديثـها بأبتسامة قائلة ..
    _ كل الحكاية انك حــامـل ، مبروك يا مدام مهـا .................................. !!
    _______________

    في منــزل عمر ،،،،
    تحديدًا في غرفة عمر التي اصبحت لاحقـًا غرفتهم ، كانت شهد تنام بجوار عمر وفي احضانه ، تضع رأسها علي صدره والابتسامة الخجولة علي وجهها ، في حين كان عمر شـارد يفكـر ، هل خان وعده لهند انه لن يحب غيرها !! ، هل سينـدم علي حبه لشهد في يوم من الايام ! ، هل سيبتعد عنها من تأنيب ضميره ، لا لا بالتأكيد ، هو احبها بصدق واصبحت روحهم واحدة ولا يمكنه الإبتعاد عنها بعد الان ..
    نفض تلك الأفكـار من رأسـه ورفع بطرف اصبعه وجه شهد من ذقنها ونظر في عيناها واخذ يتمعنها وينظر لها بحب وعمق ، صبغت وجنتاها باللون الاحمر وحاولت النظر للجهه الاخرى ولكن مسكها عمر برفـق وهو يقول ..
    _ لسة مكسوفـة مني يا شهدى ؟!
    لاحظـت لقب " شهدى " الذى نادهـا به ، ثم نظرت له وعيناها تشـع بالفرحـة والسعـادة والعشـق ، حركـت شفتـاها لتقول بهمس ..
    _ شهدى ، حلو اوى الاسم دة جبته منين
    اخذ يعبث بخصلاتها الذهبيـة وظهرت الإبتسامة علي ثـغــره ، وشعر بالسعادة تغمره ولأول مرة منذ زمـن .. منذ وفـاة والدتـه ، كأن شهد هديـة لتعوضه عن كل هذا الحـزن السابق ، نظر لها مرة اخرى ثم اكمـل بتملك قـائلاً ..
    _ عشان انتِ شهـدى انا وبس ، بتاعتي انا
    ثم اقترب منها مرة اخرى ليقبلـها ليثبت لها ملكيته الأبديـة فيها إلا ان وجدوا طرقـات علي الباب بقوة في الاسفل تقاطـعهم ، زفـر عمر بضيق ثم استطـرد بحنق قائلاً ..
    _ ودة وقتـه دة اوف
    لم تقـدر شهد علي منع إبتسامتها من الظهور ، كان شكل عمر وهو غاضب ولأول مرة تشعر ان مظهـره في الغضب مضحك ، نظر لها عمر لتخفي ابتسامتها بسرعة ، أبتسم لها بهدوء ثم قـال وهو يغمـز لها بطرف عينـه ..
    _ جايلك تاني يا شهـدى
    نهض بهدوء وارتدى ملابسه علي عجالة ثم إتجه نحو الباب وفتح الباب وخرج ، نزل وإتجه للباب ليفتح ، بينما شهد سيطـر فضولها عليها ونهضت وارتدت ملابسها بسرعة وسارت بسرعة وبرفـق خلف عمر ، هبطت وهي توزع انظارها لتتسع حدقـة عيناها وهي تــرى ................................... !! 

    الفصل التـاسـع والعشرون :

    صُدمت شهد وإتسعت حدقـة عيناها وهي ترى فتاة ذات وجه ابيض وشعر اصفر وجسد ممشوق ترتدى فستـان أحمر قصير الي حد الركبـة وتضع مساحيق تجميل مبالغ فيها ، تقترب من عمر بدرجة كبيرة وتلف يدها حول عنقـه والإبتسامة الخبيثة علي شفتيها ، خرجـت شهقـة مكتومة من شهد ووضعت يدها علي فاهها بصدمة وغضب معًا ، كيف تتجرأ علي لمسه والاقتراب منه لهذه الدرجـة ! ، والاغرب كيف يسمح لها هو بهذا .. هو زوجها هي فقط وحبيبها هي فقط ، ودت في هذه اللحظة ان تقترب منها وتخنقـها بيدها بغـل ، بينما أبعد عمر يد الفتاة ونظر لها بغضب ثم صـاح فيها بحـدة قائلاً ..
    _ اية دة يا أنسة چودى مينفعش كدة .
    عبسـت وقضبت حاجبيها بضيق ثم نظـرت له نظرات ذات معني وهي تقول بخبث ..
    _ هو اية الي مينفعش ، انت نسيت احنا كنا ازاى يا عمورى ولا اية ؟!
    لم تتحمل شهد أكثر من ذلك ودوت كلمة " عمورى " في اذنيـها ، تملك الغضب منها وأحمر وجهها علي الفـور ، نزلت علي السلم بسرعة وهي تنظر لـ ( چودى ) بحقد بينما كان عمر يرمقهـا بنظـرات جامدة خالية من اى مشـاعر ثم أردف بصـوت صلب قائلاً ..
    _ اه نسيت وياريت انتِ كمان تنسي .
    كانت شهد تتابعهم بأعينها مثل الصقـر منتظرة ان ترى ماذا سيفعل عمر ، بينما وضعت چودى يدها في خصرها وهزت نفسهـا برفق قائلة بلوم ودلال ..
    _ نعـــم ، نسيت اية اخص عليك يا عمورى .
    ركضـت شهد علي السلم حتي كادت تقـع ولكن نزلت بأعجوبـة ثم أقتربـت من عمر الذى صُـدم من وجودهـا المفاجـئ وشبكت اصابعها في اصابعـه برفق ووجهت نظرها لچودى التي ظهر عليها الضيق ، بينما كانت شهد تـظهـر في عيناها نيران الغضب كأنه بركان سينفجر في وجهها تلك حتمًا ، إقتربت من عمر اكثر وهي تهتف بتسـاؤل يشوبه الدلال قائلة ..
    _ مين دى يا حبيبي ؟!
    إبتسـم عمر علي تصرفـها الحكيم ثم اجابـها بهـدوء حـذر قائلاً ..
    _ دى صديقة قديمة يا شهـدى .
    قطبت چودى حاجبيها البُـنيان ليتقابلوا سويـًا بضيق واضـح ثم قالـت بنبرة غليظة ..
    _ وخطيبـته كمان ولا اية يا عمورى .
    حك عمر ذقـنه بطرف يده ثم نظر لشهد ليستشف رد فعلها ثم رسـم الجمود علي محيـاه وقـال موجهًا نظره لچودى ..
    _ تؤ تؤ كانت هاتبقي خطيبتي .
    جـزت شهد علي اسنانها بغيظ ثم أردفت وهي تضغـط علي كل حـرف ..
    _ امممم وانا بقا مراتـه يا أنسة چودى .
    صُـدمت چـودى للغاية ونظرت لعمر بغضب كأنـها تسأله ان كان الحديث صحيح ام لا لتجده ينظر لشهد بتسلية والإبتسامة علي وجهه ، ظهر الغضب والضيق جليـًا علي وجههـا ثم زفـرت ببطئ وهي تقول بهدوء يعكـس ما بداخلها من عواصف غاضبة ..
    _ اية دة بجد ، مبروك يا عمـو... يا عمر .
    تبتت علي حقيبتها في يـدها وألقـت نظرة اخيـرة حانقـة علي شهد وعمر معًا ثم استدارت لتغادر دون اى كلمة اخـرى وهي تتوعـد لهم بداخلها اشـد تـوعد ..
    هنـا ابعدت شهد يدها عن يد عمر وقد بدى الغضب المكبوت بداخلها يظهـر بوضوح ثم صاحـت فيه بغضـب وتسـاؤل قائلة ..
    _ اية دة بقا مين دى وازاى تيجي كدة !؟
    إبتسـم عمـر وهو ينظـر علي جميـع أنحـاء المنـزل وفجـأة امسك شهد من خصـرها وقربـها له ثم غمـز بطرف عينـاه وهو يقول بإبتسامة لعـوب ..
    _ بتغيرى عليا يا شهـدى .
    ضغطـت علي شفتهـا السفلية بضيق وأحمرت وجنتاها من الخجـل واصبحت مثل حبـه الطماطم ، أخفت توترها وخجلها بصعوبة وحاولت أن تبدو ثابتـة وهي تقـول ببعض الجـدية ..
    _ طبعًا بأغير ، وبعدين أنا عايزة أعـرف بجد إية قصة البت دى شكلها مُش سهلة .
    أبـعد عمر يـده عن خصـرها ببطـئ وهو ينظـر للأرضيـة بضيق وقد بـدى وكأنه تذكـر ما حاول إخفـاؤه دومـًا ، شعـرت شهد أنه بهذه الحركـة يعبر عن تراجعـه ، نظرت له بتفحص ثم استطـردت بتوجـس ..
    _ عمر حبيبي مالك ، اتضايقت لية؟!
    إبتلع عمر ريقـه بإزدراء واغمـض عينـاه بحـزن وهو يقول ..
    _ دى مديرة اعمال واحد كان لازم أتقرب منها عشان اعرف كل تحركاته عشان الريس كان عايز يخلص منه .
    تبـلد جسـدها بصدمة وثبـات معًا ، كانت علي علم بأنه مُجـرم ولكن لما شعرت بالصدمة !! ، هل لأنها لم تتخيـل ان تكون كل حياتـه قتـل وجرائـم هكذا .. ام لأنـها لم تتخيل أن تتـزوج بمجـرم من الأصـل .. !!
    أفـاقـت من صدمتهـا وتظـاهرت بالثبـات رغم صدمتها ثم اقتربت منه ببطئ ووضعت يدها علي كتفـه وهي تقول بتسـاؤل وقلق ..
    _ عمر ، انت مش ناوى تبطـل الشغل دة ؟!
    هـز عمر رأسـه نافيـًا والحـزن بادى علي معالم وجهه بوضوح ثم أكمل بصوت قـاتم قائلاً ..
    _ الي بيشتغل الشغل دة مبيرجعش تاني ويبطله للأسف ، كأنه ادمـان .
    إتسـعت مقلتاها بصدمة اخرى وإبتلعت ريقها بصعـوبة واردفـت بأقناع قائلة ..
    _ يعني اية حرام يا عمر ، ربنا عمره ما هيباركلنا طول ما انت بتقتل ، دى من الكبائر ، عشان خاطرى لو بتحبني فعلاً سيب الشغل دة واشتغل اى حاجة حتي لو عامل نظافة وانا معاك لكن قتل ، لا لا مستحيييل .
    ألتفت عمر لها فجأة ونظـر لها بغضب وهو يجـز علي أسنانه بقـوة وامسكها من ذراعيها وضغط عليهم بقوة وهو يقول بغضب ..
    _ انتِ مفكراني حابب الشغلانة دى ، لا ، انا هأنتقم منهم وادمرهم وبعدين ابعد .
    تلقلقت الدمـوع في اعينـها من تعنفـه وغضبه معها ، كانت هي كالأم التي تنصح طفلها لمصلحته وهو كالطفل العاق ..
    أخـذ نفسًا عميقًا وزفـره ببطئ وتركها واستدار وهو يمسح علي جبينه بطرف يده ثم هتف بصوت أجـش ...
    _ صدقيني غصب عني مش بمزاجي .
    ألتفت لها مرة اخرى وأمسك بوجهها بين راحتي يـده وهو يقول بصوت حانِ ..
    _ أنا اسف يا شهدى ، متزعليش مني ، اوعدك اول ما انفذ انتقامي منهم هابعد ومش هارجع لهم تاني ابدًا .
    اومأت موافقـة علي مضض ، علمت أنه لا مجال للنقاش معه في هذا الأمر ، كانت مجبرة علي الموافقة ، شعـرت كأنه سجين يخيـروه بين المـاء والحريـة .. !
    _______________
    في منـزل عبدالرحمن ،،،،
    طُـرق باب المنزل وفُتح ودلف عبدالرحمن الي المنزل والإبتسامة تعلـو ثغـره وتظهـر السعادة علي ملامحـه الجذابـة ، كانت والدته تجلس علي الأريكة امام الباب ودُهشـت للغاية من هذه السعادة ، كانت تعتقد أن رضوى سترفض وسيأتي حزين وتجلس هي وتواسيـه ، قطبت حاجبيها لتظهـر رقم سبعة وهي تهتـف بتسـاؤل وأبتسامة قائلة ..
    _ عبدالرحمن ، دايمًا يا حبيبي السعادة ليك بس قولي حصل اية خلاك كدة ؟
    أقتـرب منها بهدوء وجلس بجوراهـا ثم تنحنح وهو يقـول بسـعادة واضحـة ..
    _ وافقت يا أمي ، وافقت ووعدتها إني هأروح لدكتور نفسي وهأتعالج ، انا مبسوط جدًا .
    مطـت والدته شفتيها بعـدم رضـا ثم اجابتـه قائلة بأمتغاض ..
    _ يعني رضوى ف شهر عملت الي كلنا عجزنا نعمله ف سنتين واكتر .
    رمقـها عبدالرحمن بنظـرات متعجبة ، لوهلة اعتقد انها ستأخـذه بالأحضـان وتسعد سعادة ابديـة ، ستدعوا له ولرضوى بالسعادة في حياتـهم المستقبلية ، ستفخـر بأن رضوى اختيارهـا هي ، ولكن .. لم تفعل تقـوس فمـه بأبتسامة صفراء وهو يقول بهدوء حـذر ..
    _ أيوة يا أمي ، ما دى اختيارك انتي .
    نظـرت والدتـه في أنحـاء المنزل هروبـًا من نظراتـه ، حاولت رسـم الإبتسامة ولكن فشلت ، نهضت من الأريكة وهي تقول بصوت قـاتـم ..
    _ مبروك يا حبيبي ، روح للدكتور واما تيجي ابقي طمني .
    تنـهد بضيق وإبتلـع غصـة مريرة في حلقـه ، وحاول أن يتجـاهل الامر ، ولكن يبدو أنه لن يمر مرور الكـرام ، مسـح علي شعـره بحنق وبعد ثوانٍ معدودة ، أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأتصل بأحد اصدقائه ، اتاه صوت صديقه قائلاً ..
    _ ألوو ازيك يا عبدالرحمن
    _ الحمدلله ، ازيك انت يا أدهم
    _ بخير الحمدلله
    _ عايز منك خدمة معلش يا أدهم
    _ قول طبعًا يا صديق
    _ عايز رقم الدكتور النفسي وعنوانه الي انت قولتلي عليه قبل كدة
    _ اية دة بجد قررت تتعالج ؟
    _ اه يا ادهم
    _ تمام بص هأقفل وهأبعتهم لك في رسالة _ تمام ، شكرًا جدًا
    _ العفوا ع اية ، احنا ف الخدمة
    _ تسلم ، مع السلامة
    _ مع السلامة يا صاحبي .
    أغلق الهاتف وهو يتنـهد بأرتياح ، لأول مرة يشعـر أن مرضـه هذا شيئ عادى يحدث ، ليس بمرض يستعـر ويخشي علم الناس به
    _________________
    في وقت لاحق ( منزل رضوى ) ،،،
    كانت رضوى تجلس بجانب والدته تقص عليها ما حدث وتعطيها الدواء الخاص بها ، كانت والدتها تكتفي بأيمائه بسيطة برأسها ، وكان يظهر عليها التعب والهلاك ، جسدها نحيف ، مثل التي اصبحت علي فراش .. الموت
    كأنـها اصبحت جسـد بلا روح ..
    رن هاتف رضوى بالداخل لتنهض بسرعة متجهه لغرفتها حتي لا تيقظ والدتها ، امسكت بهاتفها لتجـد المتصل عبدالرحمن ، دق قلبها بقـوة مع رن هاتفـها ، تنهدت وهي تضع يدها علي قلبها لتهدأ من دقـاته ثم ضغطت علي الـزر لتسمع صوته الهادئ وهو يقول ..
    _ السلام عليكم يا رضوى ازيك ؟
    _ الحمدلله يا عبدالرحمن ، ازيك انت ؟
    _ بخير الحمدلله
    _ رضوى ، احم يعني لو ممكن تيجي معايا للدكتور النفسي
    بعد صمت لثوانٍ ردت بعـزم ..
    _ تمام يا عبدالرحمن ، امتي بالظبط ؟
    _ انا اتصلت وحجزت ، علي بكرة الصبح
    _ اتفقنـا تمام
    _ كويس جدا ، هأتصل بيكي بكرة
    _ تمام ، سلام
    _ مع السلامة
    أغلق الهاتف وهو يقربـه بجـوار قلبه ليجـس نبضاته السريعة عندما يحدثـها او يكون قريب منها ، يبدو أنه سيدلف للقفص بقدميـه هو ، تنهد بشرود وهو يقول بصوت هـامس ..
    _ شكلك هتوقعيني علي جدور رقبتي .
    __________________

    أنطلقـت مها من عند الطبيبة الي منزل حسن علي الفـور ، كانت شـاردة .. تائـه تفكر بسعـادة وخـوف ، سعادة بمولودها الجديد وخوف من رد فعل حسن ، كانت كالطفل التائه وسط أنـاس ومكان لا يعرفـه ، هي من وضعت نفسها في هذا الموقف ، هي من ابتعـدت عن زوجها وحرمت طفلها من حنان الأب ، هي من إتجهـت للـزنـا .. !
    ولكنهـا .. حب حسن يسيطر عليها كأنه وباء او مرض يصعب الشفاء منه
    كادت تصطـدم اكثر من مرة بأحدى السيارات من شـرودهـا ..
    أوقفت احدى سيارات الأجـرة وركبتهـا وأخبـرته بعنوان حسن ، بعد نصف ساعة تقريبًا وصلت امام البناية التي يقطن بها حسن وترجلت من السيارة بهدوء وأعطت للسائق اجرتـه لينطلق هو الي حيث اراد وإتجهت هي الي البنايـة ..
    صعـدت بخطوات متوترة ومترددة ، وصلت امام شقتـه وحسمت امرها ثم طرقت الباب بهدوء ، بعد ثواني فتح لها حسن ، نظرت له نظرات مختلفة عن كل مرة بينما نظر هو لها بتعجب من قدومـها المفاجئ ، ثم تنحنح بحـرج قائلاً ..

    _ مها !! ، اية الي جابك احم قصدى اتفضلي بس اتفاجئت

    لم تعلق مها علي حديثـه وإنما كانت تنظر له فقـط ، كأنها تشبع رغبتها في التطلع فيه .. شعرت أنها ربمـا تكون اخر مرة تتطلع بوجهه كما ارادت ، ثم دلفـت بهدوء الي الداخل وهي توزع انظـارها في جميع أنحاء المنزل ثم هتفت بصوت أجش قائلة ..
    _ ازيك يا حسن ، عامل اية ؟

    أجابـها حسن علي الفور بفتـور ..

    _ الحمدلله كويس ، انتي عاملة اية ؟

    _ بخير طول ما انت بخير ، مش وحشتك يعني ولا سألت عليا بقالك فترة

    تقـوس فمه بأبتسامة خبيثة وقد فهم مقصدها المعتـاد ثم أقتـرب منها ببطئ وأحتضنها من الخلف وهو يستنشق عبيرهـا بمتعـة وهو يقول بخبث ..

    _ لأ طبعًا وحشتيني يا حبيبتي

    أبعـدت مها يده عنها بعنف وأستدارت ولأول مرة في حياتهما معًا رمقتـه بنظرات حـادة كالصقـر ، وعيناها يشـع منها الغضب ، كأنها تشتعل بداخلها وهو يقف امامها بكل بـرود ، دُهش حسن للغاية ، فـ بعمره لم يرى تلك النظرات في عيناها ابدًا ، كان دائمًا يرى نظرات هادئة .. حانية .. راغبـة
    نظـر لها بتفحص بينما زمجـرت هي فيه بغضب وهي تلوح بيدها في وجهه قائلة ..
    _ انت اية ، مابوحشكش ومابتحبنيش غير شهـوة وبس ، آلـه بتسلي بيها وقتك !!

    صُدم للغاية وإتسعت مقلتاه ، ظل مكانه وهو فاغرًا شفتيه بصدمة جليـة ، بينما أغمضت مها عيناها وهي تشعر بمشاعر مختلطة ، الخـوف .. الغضب .. وأهمها .. النــدم .. !
    أكمـلت بحنق بعد صمت وهدوء دوى لدقيقة او دقيقتان قائلة ..

    _ أنا حامل يا حسن ، وفي ابنك طبعًا

    خـرج من صدمـته علي هذه الجملة ليدخل في صدمة اكبـر ثم هـز رأسـه نافيًا وهو يضحك بسخريـة قائلاً ..

    _ لأ مستحيل يكون ابني ، إطلعي برة وشوفي هتقرطسي مين ف الواد دة .. !

    ______________________

    في منــزل عــمـــر ،،،،

    يجلس كلاً من عمر وشهد في الأسفـل امام التلفـاز علي الأريكة الخشبيـة وعمر يحـاوط شهد بذراعـه ، ليشاهدوا احد الأفلام الرومانسية بأستمتاع ، كانت تشعر بالأمان والدفـئ وتنظر له بحنان وحب .. كأنها تشاهده هو وليس الفيلم ..
    نظر لها بطرف عيناه ليجدها سارحة في ملامحـه وكل تفصيله فيه ..
    نظر لها فجـأة ، فنظرت للأسفل بخجـل وإبتلعت ريقها بإزدراء وقد أحمـرت وجنتاها كعادتها من الخجل ..
    أطلق عمر صفيرًا بتسلية وهو ينظر للأعلي ثم أقترب منها وطبع قبلة صغيرة علي وجنتيها ، شعر بسخونـة وجهها الأبيض ، أبتسم بخبث وهو يقول ..
    _ للدرجة دى بتتكسفي مني يا شهدى ، وبعدين ماتقعديش تبصي لي كدة عشان مراتي بتغير عليا .
    ضحكـت شهد بخفـة علي جملتـه ثم ضربتـه برفق بقبضـة يـدها ثم استطـردت بحـب قائلة ..
    _ حقها تغير ، عشان مرض الغيرة عشق ولو بطلته يبقي حبها راح .
    احتضنهـا عمر بقـوة والإبتسامة الحالمة تعلو ثغـره ، كأنها دلفـت لقلبه وتمكنت منه ومن ثم اغلقت علي نفسـها بمفتـاح متين وألقت به في البحر ، والآن تؤكـد بهذه الجملة علي ملكيتها لقلبه لها فقط .. !
    غيـرت مجـرى الحديث في لحظات بمهـارة وهي تقول بتسَاؤل ..
    _ عمر ، انا عايزة اعرف كل حاجة ، لية انت غامض اوى كدة ولية كانوا عايزين يقتلوك لما كنت ف المستشفي ومين هما ؟
    لم تعلم أنها بتغير مجـرى حديثها غيرت مزاجـه الجيد وفتحت الماضـي المؤلم الذى لطالما حاول اغلقائه للأبد واخفاؤه من حياته ، إبتلع غصة مريرة مؤلمة في حلقه وأبتعـد عنها برفق وحدج بالفراغ وهو يتذكر ليجيبها قائلاً ..
    _ دول حاجة زى منظمة كدة ، ليها اهدافها اى حد بيقف قصادها بتخلص منه ، وطبعًا كانت بتحتاج ناس تخلص منهم وتكون ايدهم اليمين ، البوص شافني ف موقف واعجب بيا وقرر اني اكون معاهم ، عرف كل حاجة عن حياتي حتي اني بروح فين وبأعمل اية وبحب مين ، عرض عليا إني اشتغل معاهم لكن انا رفضت ، قولت ازاى هابقي قاتل دة مستحيل حتي لو بكنوز الدنيا كلها ، لكن قرروا يضغطوا عليا ..
    قتلوا حبيبتي .. هند عشان يرحعوني ، منا خلاص دخلت دماغه وهانفعه ، اتجننت بعد موت هند وموت امي ، بقا كل همي في الحياة إني انتقم وبس ، وافقت علي الشغل معاهم بس عشان انتقم ، بقيت قاسي .. مجرم .. القتل خلاني معنديش اى مشاعر ، لحد ما دخلتي حياتي ، وانا بقيت بقالي فترة مابنفذش الطلبات ، عرفوا إنك بقيتي ف حياتي ، حبوا انك تدخلي الدايرة دى وتشتغلي معانا ، فتاة ليل .. عشان تنفعيهم ، وانتي هاتعملي كدة دلوقتي يا شهـد ........ !!

    الفصل الثـلاثـــون :

    ما لبث إن انتهـي من جملته حتي نهضت شهد بصـدمة وشهقت وهي فاغرةً شفتيها ، كأنه سكب عليها كوبًا من الثلـج ، كانت تحدقـه بنظرات مصدومة للغاية غير مصدقة لما سمعته أذنيـها ، ظهـر في عيناها البنيـة بريـق لامـع خافـت وحـاد ، ثم صـاحت فيه بغضب قائلة .. 
    _ انت عايزنى انفذ الي هما عايزينه ، عايزنى اشتغل فتاة ليل يا عمر انت مجنون ولا اييية !!
    جـز عمر علي أسنانه بغيظ مكبـوت ثم أمسكها من ذراعها وجذبـها لتجلس بجانبه ثم نظـر لها بحـدة وهو يقول بجـدية ..
    _ دة علي جثتي إن حد يجي جمبك ، سيبيلي فرصـة اكمل كلامي للأخر .
    تـأففت بضيق ونظرت للأمام وعقـدت ساعديـها ولم تـرد ، فهم عمر أن حركتها بمعني هيا أكمل ، زفـر بضيق هو الأخر وأستطرد حديثـه بتفكير قائلاً ..
    _ بس في اختلاف ، مش هاتشتغلي فتاة ليل ، انتي هاتروحي لهم ع اساس إني ماعرفش وإنك هاتشتغلي معاهم وهاتسلميني ليهم ، بس انتِ هاتعملي العكس هاتسلميهم ليا .
    هـزت رأسهـا بأعتراض شديد ، كانت كمن يخبروهـا أنها يجب أن تتخلي عن طفلها ، كيف ستفعل ذلك !! ، ماذا إن كشفوها ، بالطبـع سينتقمـوا منه هو .. !
    نـظرت له بهدوء أتقنتـه ليرى هو في عيناها الرفض والنفـور الشديد مما قاله ..
    هتفـت بأعتراض واضـح يشوبه الخوف قائلة ..
    _ مستحيل يا عمر ، انا كدة هابقي بسلمك ليهم فعلاً ، افرض اتكشفت انت هتروح هدر يا عمر ، مأقدرش خالـص .
    أمسك عمر كفيـها بين يديـه ليشعـر ببرودة يدهـا ، نظر لوجهها وجـد وجهها شاحب بعض الشيئ ، تمعـن النظر في تفاصيل وجهها الرقيق ثم قـال بهمس ..
    _ شهدى انتِ خايفة لية ، صدقيني انا مش هيجرالي حاجة ولا هيجرالك ، بس عمرى ما هاعيش مرتاح إلا لما أنتقـم .
    صمت لبرهـه ومازال مثبت ناظريـه في عيناها البنـية يتمعقها وهو يتشدق بـ ..
    _ ولا انتِ مش عايزاني اعيش مرتاح يا شهـدى
    هـزت رأسها نافيـة ولمعت الدموع في عيناها وكادت تنهمر ، شعر عمر بمدى خوفها وحزنـها فهي تعتبر نصفه الثاني ، تنهـد تنهيدة حارة تحمل بطياتـها الكثير ثم أقترب منها واحتضنها بحب وأخذ يربـت علي شعرهـا الذهبي الطويل وتابـع بحنان قائلاً ..
    _ خلاص يا شهـدى انتِ مش هاتدخلي الدايرة دى ابدًا ، انا هأنفذ انتقامي لوحدى من غير مساعدة اى شخص .
    رفعت رأسها لتقابل عيناه السـوداء وقد بدى فيها الغموض اكثر حتي هذه اللحظة ، كادت تتفـوه بشيئ ما ولكن عارضـها لسانها وتحدتهـا الحروف ولم تنطق بأى شيئ ، فقط كانت تنظر له وتتأمله ، لقد تمثـل لها في حياتها بالأب والأخ والزوج والأبن الذين افتقدتهم ، لم تشعر بحنان اى شخص لها سوى والدتها التي توفيت ..

    _________________
    في منـزل حــســن ،،،،
    حدقـت به مهـا بنظرات مصدومة ، ولكن ليس لعدم تقبله الطفل بل لأنه يتهمها أنه ابن رجـل اخر ، كيف هذا وهو يعلم بمدى عشقها له ، كيف وهي تركت زوجـها من أجله فقط ، كيف وهي سلمته نفسها من دون ان يتزوجوا حتي .. !
    اطلقت ضحكة طويلة وعالية ساخـرة وهي تخبط كف بكف ، سيطرت عليها حالة جنون ، كانت تضحك بسخرية فقط ، تعجب حسن من حالتها تلك ، توقـع أنها حتي يمكن ان يغشي عليها اثر الصدمة ، كأنها استوعبت الان ما قاله ، اقتربت منه بسرعة وأمسكت به من لياقة قميصه الأبيض وهي تزمجـر فيه بغضب قائلة ..
    _ انت مجنووون صح يعني ايية الكلام دة
    أبعـد يدها عنه بكل بـرود وتقـزز كأنها وبـاء ثم تقدمهـا بخطوات واثقـة وهو يقول بنبـرة غليظة ..
    _ يعني انا ايش عرفني إنه فعلاً ابني ، وبعدين انا مش بتاع جواز وأطفال ، انا عايز اعيش حياتي بالطول والعرض وبكل حرية بس .
    شعـرت كأنها تسمع مزحـة للمرة الثانية ، أستمرت بالضحك بصوت عالي ، ثم أشارت له بأصبعها واردفت بتوجـس ..
    _ انت بتهـزر صح ، قول يلا إنك بتهزر وانا هاعدي لك المقلب التقيل دة .
    عاود النظر لها مرة اخرى ووضع يده في جيب بنطاله ثم أكمل حديثـه الثقيـل لتستمع له مها وهي تبتلع غصة في حلقها بمرارة ..
    _ لأ مابهزرش ع فكرة ، ويلا بقا بعد اذنك عشان انا مش فاضي لك خالص
    أصبحـت مها في حالة لا تُحسـد عليها ، تجسـد امامها كل ذكرياتها مع هذا الذى يدعي حسن ، كل الأوقـات التي ابتعدت فيها عن طفلها من اجله ، إنفصالها عن زوجـها وهذا ايضًا من أجله ، تذكـرت كل عبارات الحب المزيفة التي كان يخبرها بها ، كيف أصبحت " زانيـة " من اجله ، أجهشت بالبكاء الحـاد واصبحت تصرخ بعلو صوتـها وتردد كلمة " لأ لأ " بهيستريا ، كان حسن يتابعها بنظراته وقد إنتابه القلق مما يحدث ، إن ظلت علي حالتها تلك وفي منزله ستتسبب له بالكثير من المشاكل ، اقترب منها ببطئ ليهتف بشيئ ما ولكنه وجدها فجأة تبتعد عنه وقد اصبحت عيناها حمراء وتشع بالغضب مثل جمـرة النـار التي تخشي أن تمسها ، تابـعت بتـوعد شـرس قائلة ..
    _ أقسم بالله هاوديك ف داهية يا حسن ، وهاعرفك إن الله حق ، وهاثبت إن الي فـ بطني ابنك انت مش ابن حد تاني .
    ما إن انتهت من جملتها حتي حملت حقيبتها ومسحت عبراتها والكحل الذى ساح تحت عيناها وإتجهت للخارج ، فتحت الباب وألقـت نظرة اخيرة علي حسن الذى كان يقف كما هو ببرود وينظر لها وهو يستمع حديثها اللاذع بلامبالاة ثم خرجـت وأغلقت الباب خلفها بقوة ...

    __________________
    في احدى عيادات الطبيب النفسي ،،،،
    في عيادة واسعـة وأنيقة ونظيفة ، يبدو أنها لأحد الأطباء المعروفيـن ، يجلس عبدالرحمن علي المقاعد وبجواره رضوى في العيادة الخاصة بالطبيب الذى اخبره به صديقه المقرب أدهم ، كان التوتر سيد الموقف ، وكان عبدالرحمن يهـز رجله بسرعة وقوة ليخرج التوتر الذى يكمن بداخله من تلك المقابلة ، كان يشعر أنه مثل الأرجـوز وكل من بالعيادة ينظر له كأنه مجـرم او ما شابه ذلك ، تنحنحت رضوى لتخفف من توتره بأى شيئ قائلة ..
    _ حاسس بأية دلوقتي ؟!
    اخـذ نفسـًا عميقـًا وطويلاً ثم زفـره ببطئ وفرك اصابعـه وهو يجيب بقلق قائلاً ..
    _ حاسس إن انا متوتر جدًا وإن الناس كلها بتبص عليا انا ، يلا نمشي احسن
    إتسعـت حدقة عيناها بصدمة وهي محدقة به ، هـزت رأسها نافية بشدة ولمعت عيناها بأصرار غريب ثم اردفـت بعـزم قائلة ..
    _ ابدًا ، مش هانمشي وهاتكمل مع الدكتور دة ، وبعدين محدش بيبص لك خالص ، دة انت الي حاسس كدة بسبب توترك بس
    علم أنه لا مفـر ويجب أن يواجه ذاك الشخص الذى كره كل النسـاء الوحشي بداخله ، تنهـد بقـوة وأرجـع رأسه للخلف ببطئ ، تابعته أعيـن رضوى بهدوء وهي تشعر تمامًا بما يعانيـه ، فهي كانت حالتها مثله تمامًا عندما تركهـا شهاب ..
    لاحظـت نظرات بعض الفتايات يجلسون بجانبهم وينظرون بإتجـاه عبدالرحمن ، سمعت همهماتهم وعباراتهم الخافتـة بالغزل في عبدالرحمن ، أجبـرتها أعينها علي النظر لهم لتجدهم ثلاث فتايات ، يرتدون ملابس خليعة مثل ضحكاتهم ويضعون مساحيق تجميل مبالغ فيها بشدة ، شعرت رضوى بالغضب الشديد ونظرت لهم بحـدة ، ثم نظرت لعبدالرحمن وهمست بحنق ومازال نظرها معلق بهم ..
    _ يلا نمشي صح يلا نمشي قوم
    نـظر لها عبدالرحمن بتعجب ورفـع حاجبه الأيسـر ، لوهلة شعر أنها هي من تعاني من إنفصام شخصية ايضًا ، ثم نظـر لما تنظر له ليجد هؤلاء الفتايات ، فهم ما ترمـي إليه وظهـرت أبتسامة خبيثـة علي ثغره ورد بـ ..
    _ لا والله ، اشمعنا دلوقتي !
    تداركـت نفسها علي الفور ونظرت للأرضية بخجل عندما رأتـه ينظر لهم ومؤكد انه فهم كل شيئ ، ثم هتفت بخفوت وإرتباك قائلة ..
    _ آآ قصدى آآ قوم نمشي نجيب مياة عشان انا عطشت فجأة .
    أبتسـم عبدالرحمن وشعـر بسعادة داخلية تغمره مما حدث ، هذا يعني أنها تغـار ، حقــــًا إنها تغـار ، أصبح ينظر لها والفرحـة أنارت وجهه وقد اختفي التوتر ليحل محله السعادة ، هذا يعني أنه تمكن من قلبها ووصل إليه بعد فـترة وجيـزة .. !
    أفـاق من شروده علي صوت السكرتيرة وهي تنـادى بصوت أجش قائلة ..
    _ أستاذ عبدالرحمن اتفضل
    تنهـد عبدالرحمن ونهض ورضوى معه تنظر لها بتشجيع كأنه تحسـه علي الإقـدام وإبعاد القلق عنه بنظراتها ، إبتسم لها بهدوء وإتجـه للداخل وهو يقـدم قدم ويؤخـر الأخـرى ، لتجلس رضوى مكانها مرة اخرى في إنتظـاره بأمل في الغد ... !
    ________________
    _ يعني ايييية الكلام دة يا دكتـور !!
    هتـف محسن بتلك الجملة بحـدة وتساؤل برعب وهو يقف بجانب الطبيب الذى كان يفحص والده المسطح علي الفراش بهمدان ، وجهه ذابـل وجسـده ضعيف ويبدو عليه التعب الشديد ، كان محسن ولأول مرة يشعر بالخوف ، الخوف من فقدان والده ، كيف سيواجه تلك الحياة القاسيـة بمفرده ، لقد كان والده في ظهره دائما وسند له ويكملوا بعضهم البعض ، كان والده يضع يده علي قلبه والألم بـادى بوضوح علي محيـاه ، أغلق الطبيب حقيبتـه الجلدية السوداء وخلـع نظارته الطبية ثم نظر لمحسن وهتف بجـدية قائلاً ..
    _ يعني والدك عنده القلب وفي حالة متأخرة جدًا ، اكيد كان بيحس فـ وجع ف قلبه ومش بيقول لحد ما الموضوع زاد
    إبتلـع محسن ريقـه بخوف وهز رأسه نافيًا بسرعة وهو يقـول بتوجـس ..
    _ طب مفيش علاج يعني يا دكتور
    اومأ الطبيب إيجابيًا وأكمل برسميـة ..
    _ طبعًا في ، احنا هانعمله عملية بس ماكذبش عليك نسبة نجاحها مش مضمونة وتكاد تكون معدومة
    ضم قبضـة يده وضغط عليها بقوة وهو يحملق بالطبيب بصدمـة والرعب يدب اوصاله ويزداد الخوف بداخله اكثر واكثـر ، محسن الذى لا يهاب شيئ ومستهتر ولا يؤثـر به اى شيئ ، الان يرتعب من فقدان والده ، فمهما كان هذا والـده الحنون ، كانت لديـه رغبة شديدة في البكـاء ليخفف مما يشعر به ، مد الطبيب يده بورقة وهو يكمل بتفاؤل قائلاً ..
    _ هات الأدوية المكتوبة ف الروشتة دى وتعالي لي في المستشفي ( ..... ) يوم .... عشان نحدد ميعاد العملية لأنها ممكن تكون فـ القاهرة مش هنا لأن امكانيات المستشفي هنا علي ادهـا
    اومأ محسن برأسه موافقـــًا واخذها منه هو يفكـر في شيئ اخر ، بينما إتجه الطبيب للخارج وغادر المنزل ، اخذ محسن يفكـر بـ .. شهد ، يجب ان يراها والدها وتراه ، لا يجب ان يحدث له اى شيئ وهي بعيدة عنه ، هو يعلم مدى حب والده لشهد
    هـز رأسه بإيجاب وقد عـزم علي تنفيذ ما في رأسـه وعاجلاً ........ !!

    _________________
    في منــزل عمــر ،،،،

    كان عمر يقف في الحديقـة الخاصة بمنزله ، وفي هذا الوقت كانت شهد تنام في الاعلي ، كان هو شـارد ويخطط لما سيفعله مع هذا الذى يسمي " حاتـم " ، يجب أن يسدد له الضربـة القاضية التي تمحيه من الوجود ، ولكن ايضًا هذا ليس بالهين ، هو علي علم بما يمكن ان يفعله حاتم وبنفـوذه وقوتـه ، تنهـد وهو يتذكر مشهد موت حبيبته الأولي " هنـد " ، كأن هذا المشهد جرعـة لتزيـد من نيران غضبـه ولهيب إنتقـامه وقد بدى الإصرار القوى في عيناه السوداوتين ، قطـع شروده صوت هاتفـه معلنًا عن إتصال من .. فــارس
    زفـر بضيق وهو يتذكر فارس ثم ضغط علي الزر وهتف بحنق قائلاً ..
    _ امممم نعم ارغي يا فارس
    _ في اية كدة اهدى عليا يا عم
    _ انجز يا فارس انا مش فاضيلك
    _ طب بص بقا انا عايزك تيجي الفيلا بتاعت البوص عشان في مفاجأة ليك
    _ مفاجأة ايية دى يا فارس
    _ بقولك مفاجأة ، يلا تعالي وانت هاتعرف
    _ اوف ، ماشي جاى لك
    _ اشطاات ، سلام
    _ سلام

    أغلق الهاتف وهو يفكر ويحاول التوقع بما يعده له فارس ، أبتسم بسخرية وهو يتذكر ما حدث ، ومن هذا اليوم وهو منتظر ما سيحاول فارس ان يفعله ردًا لكرامته ، ولكن ما علاقـة " حاتـم " بهذا الموضوع ، إذا لنذهب ونرى ..
    حدث عمر نفسـه هكذا قبل ان يسير متجهًا للخارج وركب سيارتـه بهدوء وإتجه لمنزل حاتم ولم يتوقف عن التفكير ..
    وصل بعد ربع ساعة تقريبًا وصل امام الڤيلا وترجل من سيارته وإتجه للداخل بخطوات واثقة ، بالطبع لم يتحدث معه الحرس فهم معتادون علي مجيئه ..
    دلف ووزع انظاره في المكان ليجـد فارس وحاتـم وشيئًا لم يتوقـعه ابدًا و ................ 










    إرسال تعليق

    أحدث أقدم

    نموذج الاتصال